المرأة العربية... حضور غائب

 

شبكة النبأ: تفوقت نساء الشرق الأوسط في مقارعة أندادهن من الرجال في مجال التحصيل العملي، ويشكلن غالبية الدارسين في جامعات المنطقة، إلا أن حصصهن في مجال العمل تقل كثيرا عن تلك التي يحتكرها الذكور. وبحسب إحصائية للأمم المتحدة، يتجاوز أعداد الطالبات في الجامعات الرجال، في قرابة ثلثي دول المنطقة، وهو ما يتسق مع أهداف الألفية للأمم المتحدة بالقضاء على  التفاوت بين الجنسين في جميع مستويات التعليم بحلول عام 2015.

ويرى المدافعون عن حقوق المرأة أن هذا التقدم لا يترجم إلى واقع في مجالات المساواة في فرص العمل. وأوضحت ديما دبوس-سنغ، مديرة معهد الدراسات النسائية في العالم العربي بالجامعة اللبنانية الأمريكية: "لقد تم سد الفجوة بين الجنسين في مجال التعليم في العديد من البلدان العربية، وهذا انجاز كبير في السنوات الأخيرة." وأضافت: "حتى وقت قريب للغاية، لغاية فترة التسعينيات، كانت هناك فجوة كبيرة في التعليم.. وهناك مفارقة أن لدينا الكثير من النساء حصلن على قدرن عال من التعليم، ولكن لا يزلن غائبات على صعيدي العمل والسياسة." وأردفت: "الفكرة القائلة بأن التعليم هو المفتاح لارتقاء مزيد من النساء مناصب السلطة لم تتحقق."

ففي لبنان، على سبيل المثال، تشكل النساء 54 في المائة من مجموع طلاب الجامعات، فيما يمثلن 26 في المائة من إجمالي القوى العاملة، ويتدنى المعدل إلى 8 في المائة فقط لمن يحتكرن مناصب سياسية أو تنفيذية، وفقا للإحصائية أممية. وتعتبر قطر ثاني أعلى دولة عربية، من حيث عدد الطالبات بالجامعات ويشكلن نحو 63 في المائة من إجمالي عدد الطلاب، إلا أن المعدل يتدنى بحدة في مجالات العمل، إذ يمثلن 12 في المائة فقط من القوى العاملة بالدولة الخليجية.

ولا تختلف نسبة الحاصلات على مؤهلات جامعية بالشرق الأوسط عن الغرب، حيث تشكل النساء 60 في المائة من خريجي الجامعات بأمريكا والولايات المتحدة. وبحسب إحصائية لمنظمة العمل الدولية عام 2008، شكلت النساء أقل من نصف عدد القوى العاملة حول العالم، بنسبة بلغت 40.5 في المائة. وتختلف العوامل التي تدفع نساء المنطقة باتجاه التحصيل الجامعي وليس السعي لأجل الحصول على وظيفة،.

وتقول دبوس-سنسنغ: "أعتقد أنه في بعض الدول الخليجية تدخل الفتيات الجامعات للعثور على شريك حياة أفضل أو لتمضية الوقت قبل الزواج." واستطردت" عدم توفير الحماية للنساء في العمل والتحرش من ضمن العوامل التي تمنع النساء من اقتحام مجال العمل." وبرر آخرون ازدياد نسبة الجامعيات إلى مفاهيم ثقافية واجتماعية قد تدفع الرجل لاختصار مساره الأكاديمي ودخول سوق العمل لكسب الرزق من مبدأ "القوامة"، في وقت تعتبر فيه الجامعة "متنفساً" للمرأة التي يقيد المجتمع حريتها الشخصية.

وتشرح نوار الحسن غولي، الأستاذة المساعدة بالجامعة الأميركية في الشارقة: "يستمر الفتيان والفتيات في التواصل الاجتماعي بشكل مختلف جدا وبتوقعات مختلفة.. فالأولاد لديهم مساحة حرية شخصية أكثر للخروج في حين يقتصر التواصل الاجتماعي للفتيات داخل المنزل." وتابعت: ""لذلك، المدرسة للعديد من الفتيات هي الفرصة الوحيدة لاكتساب صداقات  والتعارف خارج نطاق الأسرة، وهو ما يتطلعن إليه." بحسب CNN.

أما بالنسبة للأولاد، قالت غولي: "لديهم الحرية خارج المدرسة التي ينظرون إليها باعتبارها مكان للانضباط لا لزوم له،  وهذا قد يجعلهم أكثر عرضة للتوقف عن الدراسة أكثر من الفتيات." واتفقت الأكاديميتان أنه برغم عدم ترجمة التفوق العلمي للفتيات إلى تكافؤ في مجالات العمل، إلا أنها خطوة  صحيحة في الاتجاه الصحيح.

ثورة في العلاقة بين الجنسين

في الغارديان يتساءل تقرير كتبه مارتين شولوف مراسل الصحيفة في بيروت وعبد الرحمن حسين مراسلها في القاهرة عما إذا كان الربيع العربي ستعقبه ثورة في العلاقة بين الرجل والمرأة في الشرق الاوسط. ويقول التقرير إن مقال للكاتبة المصرية منى الطحاوي في مجلة "السياسة الخارجية" الامريكية بعنوان "الرجال العرب يكرهون النساء" أشعل شرارة المطالبات بتغيير شامل في التعامل بين الجنسين في المنطقة.

وترى الغارديان إن الدعوة إلى ثورة في العلاقات بين الجنسين في العالم العربي، التي تقول الطحاوي إن رجاله "يكرهون" المرأة، ادت إلى احتدام الجدل حول "القهر الذي تتعرض له المرأة" في دول مثل مصر والمغرب والسعودية. وتقول الغارديان إن النساء منقسمات فيما يتعلق بالمقال الذي تقول فيه الطحاوي "ليست لدينا حريات لأنهم يكرهوننا.. أجل يكرهوننا، والحق يقال".

وتقول الغارديان إن "الطحاوي ليست وحيدة في رؤيتها أن الثورة جاءت ومضت دون أن تقدم شيئا للمرأة.  ولا يضم البرلمان المصري المكون من 500 مقعد سوى ثمان نساء، كما لا توجد أي امرأة بين مرشحي الرئاسة. ولا يزال العنف المنزلي والزواج القسري وتشويه الاعضاء التناسلية للمرأة امورا مقبولة ومنتشرة في المنطقة التي تضم اكثر من 20 دولة ويسكنها 350 مليون نسمة".

وتقتبس الغارديان مقطعا من مقال الطحاوي تقول فيه "حتى بعد هذه "الثورات" فان كل شيء على ما يرام طالما بقيت المرأة متحجبة ومحجوبة عن النظر وباقية في المنزل، محرومة من الحركة او التنقل بسيارتها، مجبرة على الحصول على موافقة الرجل للسفر، وممنوعة من الزواج دون موافقة ولي الأمر". وتقول الغارديان إنه على الرغم من موافقة الكثير من النساء على ما جاء في مقال الطحاوي، إلا ان "كثيرات غيرهن من شتى بقاع العالم العربي اعربن عن اعتراضهن عن تعميم الطحاوي لإدانتها للرجل".

وقالت داليا عبد الحميد الباحثة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية للغارديان "انه تبسيط زائد ان نقول إن الرجال العرب يكرهون النساء، ويصور المرأة العربية على انها في حاجة إلى من ينقذها. لا اريد ان انقذ لأني لست ضحية. لا يمكننا ان نضع كل النساء المصريات أو النساء العربيات في نفس التصنيف. مشاكلي ليست مشاكل المرأة الريفية في الصعيد".

وقالت الاكاديمية التونسية لينا بن مهني، التي كانت من المرشحين لجائزة نوبل للسلام العام الماضي، للغارديان "يبدو لي أن هذا المقال يضع كل الرجال في كتلة واحدة دون تحري الدقة. ومن منظور شخصي بحت، إذا كان ينظر إلى الآن كمدونة مناصرة لحقوق المرأة وغيرها من الجماعات، فإن هذا يعود إلى أن أبي يناصر حقوق المرأة اكثر مني".

وتقول الغارديان إن بعض النساء يرين أن النساء مجموعة من بين جماعات مضطهدة اخرى. وتقتبس الغارديان مقطعا من مقال لنسرين مالك نشر في الغارديان  في وقت سابق تقول فيه "نعم، في السعودية لا تسطيع النساء قيادة السيارة، ولكن الرجال لا يمكنهم انتخاب حكومتهم. في مصر تتعرص النساء لاختبارات العذرية، لكن الرجال يغتصبون في السجون. في السودان تجلد النساء لارتداء البنطال، ولكن الاقليات تتعرض لاضطهاد شديد".

الربيع العربي لم يغير من واقع المرأة

ترى ويدني براون، من منظمة العفو الدولية "أمنستي" إن واقع المرأة العربية بعد الربيع العربي لم يتغير كثيراً رغم وقوفها بالصفوف الأمامية في الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بطغاة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ورغم مساواتها بالرجل في الاعتقال والتعذيب والانتهاكات، ولكن بعد أن أحكمت الحكومات الجديدة سيطرتها لا تزال المرأة في دول الربيع العربي مواطناً من الدرجة الثانية. وخلال الانتفاضات كان للنساء صوتاً وحضوراً قويين، فقلد تصدين لذات المخاطر كالرجال عندما فضحن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل الدولة ودعون للمساءلة، ولم يستثنين من أسوأ أعمال العنف أثناء قيادتهن للدعوات بالتغيير أثناء تلك الاحتجاجات. وقد تعرضت العديد من المتظاهرات للاعتقال والضرب والتعذيب المتظاهرين وغيره من ضروب سوء المعاملة فقط لأنهن نساء يمارسن حقهم في المطالبة بحق حرية التعبير والتجمع.

 ففي مصر لم يجد دورها المحوري الذي لعبته أثناء الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق، حسني مبارك، ولم تشفع لها معاناتها من عدم المساواة وقلة الفرص الاقتصادية المتاحة للرجال، ومحاولات الجيش للحط من قدر المتظاهرات باعتقالهن وإخضاعهن لـ"اختبارات فحوص العذرية."

فعقب الانتخابات التي تلت أعواماً طويلة من الديكتاتورية، دعت منظمة العفو الدولية الأحزاب السياسية في مصر طلبت منظمة العفو الدولية من الأحزاب السياسية في مصر تقديم التزامات بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان: مبادئ مثل حرية التعبير والتجمع والحريات الدينية، وعدم التمييز والمساواة بين الجنسين.

وبحسب ما كتبت براون، وهي مديرة قسم السياسة والقانون الدولي بالأمانة الدولية للمنظمة الحقوقية، فأن 71 في المائة من البرلمان المصري الجديد لم يبد تجاوباً للالتزام بتعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين. وبالبحرين، شاركت الآلاف من النساء في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وتعرضت العشرات للاعتقال، بجانب مزاعم تعرضهن للتعذيب أو سوء المعاملة، وفقاً لبراون. وفي اليمن، تعرضت النساء اللائي وقفن إلى جانب الرجال في الاحتجاجات التي دعت لرحيل الرئيس السابق،  علي عبدالله صالح، وتعرضن للقتل والتحرش والاعتقال والضرب.

ورغم ذلك، فأن هناك بصيص أمل، فقد حازت الناشطة اليمنية، توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام من ثلاث رشحن للحصول على الجائزة الدولية، في اعتراف مهم، رغم تأخره، بالدور الذي لعبته المرأة في الاحتجاجات التي عرفت بالربيع العربي. بحسب CNN.

ويشار إلى أن احتجاجات النساء للمطالبة بحقوقهن ليست بأمر جديد على المنطقة ولم يقتصر على الانتفاضات الشعبية العام الماضي، ففي السعودية وبعد عشرين عاماً من جلوس النساء لأول مرة وراء مقود السيارة في تحد للحظر المفروض على قيادة النساء للسيارة، يظل الحظر سارياً، وكل من تجازف بتجاوزه تتعرض للاعتقال والهجوم على شخصها. وبحسب ما تقول براون، فكل مطالب النساء واضحة، فهن يسعين لأن يكون لهن صوتاً في صنع القرار والمساواة في حقوق المشاركة السياسة وصنع القرار، والمساواة بالقانون.

تقليص حقوق المرأة

فيما اتهمت رئيسة المجلس القومي للمرأة بمصر أنصار التيار الاسلامي في بلادها بالسعي لتقويض حقوق النساء في قضايا عدة مثل الطلاق وحضانة الأطفال وكذلك العمل لتقويض المجلس بالقول إنه من بقايا عهد الرئيس السابق حسني مبارك. وقالت ميرفت التلاوي "هم يحاولون سحب حقوق للنساء ضمنتها الشريعة الإسلامية." وأضافت أن الانتقادات التي توجه للمجلس هي محاولة للجور على حقوق النساء.

وتقول جماعة الإخوان المسلمين التي يهيمن حزبها -الحرية والعدالة- على البرلمان في بيان على موقعها على الإنترنت إن المجلس مؤسسة كانت "سلاحا للنظام السابق لتفتيت الأسرة والقضاء عليها." ويتسبب ارتباط المجلس القومي للمرأة بالرئيس المخلوع وقرينته سوزان في تعقيد الأمور أمام دعاة حقوق المرأة الذين يقاومون ما يقولون إنه خطر يمثله الإسلاميون الذين حققوا مكاسب انتخابية وسياسية غير مسبوقة.

واتهمت ميرفت التلاوي -التي عينت في المنصب بقرار من الحكومة المؤقتة المعينة من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة- حزب الحرية والعدالة بتشويه صورة المجلس بالقول إنه كان أداة لحكومة مبارك استعملت في خدمة أهداف أجنبية. وقالت "هم لا يريدون مؤسسة وطنية للنساء." وأضافت "قالوا إن هذه الاتفاقيات استعمارية وجزءا من أجندة أجنبية."

وتأسس المجلس بقرار جمهوري عام 2000 وأشرفت عليه زوجة الرئيس المخلوع إلى أن أطيح بمبارك في انتفاضة شعبية في فبراير شباط العام الماضي. ودور المجلس هو اقتراح السياسات التي تتصل بالمرأة وتطبيق الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مصر مثل اتفاق الأمم المتحدة بشأن إنهاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة الذي صدقت عليه مصر عام 1981.

وكانت جماعة الإخوان المسلمين محظورة في عهد مبارك لكنها برزت كقوة سياسية كبرى في مصر بعد إسقاط مبارك وشغل حزبها الحرية والعدالة أكثر من 40 في المئة من مقاعد مجلس الشعب ونحو 60 في المئة من مقاعد مجلس الشورى في الانتخابات التي أجريت بين نوفمبر تشرين الثاني العام الماضي ويناير كانون الثاني هذا العام. وجاء حزب النور السلفي تاليا للحرية والعدالة. ويتوق حزب الحرية والعدالة إلى شغل منصب رئيس الدولة في جولة الإعادة التي ستجرى يومي 16 و17 يونيو حزيران الحالي والتي سيخوضها رئيس الحزب محمد مرسي أمام أحمد شفيق آخر رئيس للوزراء في عهد مبارك. وتعهد مرسي بأنه إذا انتخب سيبقي للمرأة على حق العمل وارتداء ما تريد من ملابس.

وينص البرنامج المكتوب للحزب على "تمكين المرأة من كافة حقوقها بما لا يتعارض مع القيم الأساسية للمجتمع وبما يحقق التوازن بين واجبات وحقوق المرأة." ويخشى الليبراليون المصريون وكثيرون في الأقلية المسيحية من أن يكون الإخوان المسلمون يبيتون النية لكبت الحريات الفردية وفرض رؤيتهم الإسلامية المحافظة على المجتمع.

وقالت ميرفت التلاوي إنها خاضت معركة مع النواب الإسلاميين الذين يطالبون بإلغاء قوانين مثل قانون الخلع الذي يتيح للزوجة الحصول على الطلاق أمام المحكمة إذا ردت للزوج ما أعطاها من مال ومهر أو هبة. وقالت إن النواب لم يتراجعوا إلا بضغط منسق عليهم من المجلس الذي ترأسه هي ووزارة العدل والأزهر الشريف. وقالت إنها تدخلت ايضا ضد محاولات نواب لتعديل قانون الحضانة الذي سمح للنساء بحضانة أطفالهن حتى سن الخامسة عشرة. وقالت "بيني وبين البرلمان شجارات كثيرة." وقال المسؤولون في حزب الحرية والعدالة إنهم يؤيدون قانون الخلع وقوانين الحضانة.

لكن التلاوي تقول إن تفسير النصوص الدينية الذي يقدمه حزب الحرية والعدالة وجماعات إسلامية أخرى في مصر تمنع تقدم المرأة. واتهمت ميرفت التلاوي جماعة الإخوان المسلمين برفض الاعتراف بالمعاهدات التي وقعتها مصر بشان حقوق المرأة. وقالت "رسالتي للبرلمان: إذا كنتم تريدون مصر حديثة يجب أن تدفعوا في اتجاه تشريعات حديثة تضمن تمكين المرأة التي تمثل نصف موارد البلاد البشرية." وقالت إنها تحارب من أجل ضمان تمثيل مناسب للنساء في الجمعية التأسيسية التي ستكتب الدستور الجديد للبلاد.

وقضت محكمة في ابريل نيسان بحل جمعية تأسيسية انتخبها الأعضاء المنتخبون في البرلمان بعد دعاوى أقامها محامون ونشطون قالوا إن الإسلاميين هيمنوا أيضا على تشكيل الجمعية التي تتكون من مئة عضو وإنها لم تمثل التنوع القائم في مصر. وقالت ميرفت التلاوي "لا بد من تثبيت حقوق المرأة في الدستور حتى لا تكون هذه الحقوق مجرد منحة أو منة من الرئيس أو البرلمان كلما تركوا السلطة سحبوها." بحسب رويترز.

وقالت إن مصر تحتاج إلى العودة إلى نظام الحصة للمرأة في المجالس المنتخبة. وكانت مصر قررت حصة نسبتها 12 في المئة من مقاعد البرلمان لكن القانون ألغي ومثلت النساء لاحقا بأقل من ثلاثة في المئة من المقاعد. وقالت "تمثيلنا الفعلي في البرلمان لا يعكس الوضع الحقيقي للنساء في مصر وتاريخهن وكفاحهن وثقافتهن وتعليمهن." وأضافت "علينا أن نضغط من أجل حقوقنا. لا يمكن أن نسكت."

اسماء محفوظ

قضت محكمة مصرية بسجن الناشطة المصرية اسماء محفوظ عاما واحدا لاعتدائها على شاهد خلال محاكمة حول مواجهات دامية بين اقباط وجنود مصريين.

ومحفوظ هي احد ابرز وجوه ثورة 25 يناير التي اطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، وموجودة حاليا في الولايات المتحدة ولم تتمكن من حضور المحاكمة وفق محاميها. وحكم ايضا على الناشطة بدفع كفالة بقيمة الفي جنيه مصري وفق حكم سابق اصدرته محكمة اخرى في اذار/مارس الفائت وتم تأكيده وفق ما نقلت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية ومحامي محفوظ. بحسب فرنس برس.

وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط ان محفوظ ستستأنف الحكم بعدما دفعت الكفالة. واعتبرت الجمعية المصرية لحقوق الانسان ان هذا الحكم يشكل "عودة الى الاحكام السياسية بحق ناشطي المعارضة"، في اشارة الى حقبة مبارك. واوضحت الجمعية ان محفوظ متهمة ب"ضرب" شخص قرب مكتب المدعي في اطار محاكمة حول اعمال عنف بين اقباط وجنود، الامر الذي نفته. وبعد تنحي مبارك، لم توفر محفوظ المجلس العسكري الحاكم من انتقاداتها، ما دفع القضاء العسكري الى استجوابها في آب/اغسطس متهما اياها بإهانة المجلس العسكري عبر موقعي فيسبوك وتويتر، لكنه عاد وكف الملاحقات عنها.

مناضلات تونس ومصر وليبيا

وبتفاؤل حذر مصحوب بأيمان لا يتزعزع بالمستقبل بعزيمة لا تلين، قدمت نساء من تونس ومصر وسوريا  وليبيا تجاربهن الغنية والموجعة خلال الثورات العربية المستمرة ومخاضهن المترافق ومخاض المجتمعات في طريقها نحو رسم مستقبل اكثر ديمقراطية يكون فيه للمرأة حضورها ومشاركتها في صنع قرار البلاد. وجاءت المشاركات في اطار اليوم الاول من فعاليات "نحن وصندوق الاقتراع" الذي تنظمه وزارة الثقافة والمجتمع المدني في العاصمة الليبية. والمقصود بنحن، المرأة في ليبيا كما في بقية بلدان الربيع العربي.

وكانت البداية مع تونس السباقة الى الثورات مع سيدة بادرت الى الاستقالة من التعليم ثم من حزبها في تونس علما انه كان من اكثر الاحزاب التي ناوشت سلطة زين العابدين بن علي. وهي اشتهرت بكنيتها التي كانت تكتب بها: "ام زياد". وام زياد هي الناشطة نزيهة رجيبة. نضالها لم يبدأ في زمن الثورات وانما لها تاريخ طويل في التحرك. وهي قدمت مقاربتها الشخصية للثورة وبينت في مداخلتها كيف ان "الارث البورقيبي مهد للثورة التونسية بالتعليم وتحرير المرأة" وكيف ان "الثورة اتت ايضا كنتاج للإصلاحات والتيار الحداثي الذي قاده بورقيبة" مشيرة الى ان الضغط الشديد هو ما قاد في النهاية الى الانفجار. واعتبرت نزيهة رجيبة ان الرئيس المخلوع بن علي حين جاء الى السلطة "لغم ايجابيات بورقيبة وبنى قلاعا فارغة في الهواء مبنية على مفهوم +كرامة التوانسة+ وشعارات الديمقراطية والانتخابات".

وشرحت الناشطة كيف ان "الحكم تحول حقيقة الى مافيا تمتلك كل مقومات الجريمة المنظمة وخطرها انها امتلكت ادوات الدولة لتعزز مكانتها وتبسط نفوذها". وفي ردها على سؤال اعقب مداخلتها، قالت حول تجربة الانتخابات في تونس "لم تكن سليمة بسبب المال السياسي وتجييش المشاعر الدينية" كما اعتبرت ان "التحالف غير المتكافئ بين الإسلاميين وبين حزبين علمانيين في السلطة تحول الى غطاء لمحاولة اسلمة الدولة".

من ناحيتها قدمت الكاتبة المصرية منى برنس شهادة ساخرة لكن معبرة عن التحولات الحاصلة في مصر مؤكدة "شاركت المرأة المصرية في الثورة من اول يوم لكن مع الانتخابات وجدت المرأة نفسها وقد تهمشت فجأة". وتابعت فيما يخصها شخصيا "قبل الثورة كنت اعمل في الخزف بسبب من التبلد الفكري الذي كان حاصلا في مصر وتفاجأت بالثورة". مع ذلك فقد كانت من اول من نزل الى ميدان التحرير. بحسب فرنس برس.

غير ان منى برنس التي ترشحت للانتخابات الرئاسية في مصر رأت، فيما يمكن ان يعتبر درسا من دروس ما بعد الثورة "انسحابنا كمثقفين هو الذي ادى لان تسوء الاوضاع الى هذه الدرجة في مصر". وقالت ان ترشحها للانتخابات مع انها لا تمتلك خبرة سياسية، جاء "من باب اثارة الوعي" لكنها هوجمت بشدة. واشتكت برنس من الاقارب والاهل والاصدقاء الذين لم يساندوها كما رأت ان الاعلام في مصر لم يعر انتباها للمرشحين الذين هم مثلها، لكنها اكدت في مداخلتها انها تحضر بشكل جدي لانتخابات العام 2016 في مصر حيث "يمكن تدارك الاخطاء التي وقعنا فيها في الماضي". واكدت برنس ان هناك "تهميشا وحطا لشأن المرأة في مصر بعد الثورة" والقت باللائمة على بعض النائبات التابعات للتيار السلفي في مجلس الشعب حيث تنادي احداهن بزواج الفتيات في سن الرابعة عشرة.

الجمعية التاسيسية في ليبيا

كما كشفت مسودة قانون الانتخابات في ليبيا ان 10% من مقاعد الجمعية التأسيسية الليبية التي ستنتخب في حزيران/يونيو ستكون مخصصة للنساء، ما اثار استياء المدافعين عن حقوق المرأة. وجاء في المادة الاولى من النص الذي نشر على موقع لجنة الاعداد لعملية الانتخابات للانتخابات ان "المؤتمر الوطني العام (جمعية تأسيسية) سيتألف من 200 عضو يختارون بطريق الانتخاب الحر المباشر على ان يخصص للنساء عدد من المقاعد بنسبة عشرة بالمئة الا اذا لم يتقدم من المرشحات ما يستكمل هذه النسبة".

وبحسب هذه المسودة يجب ان تزيد اعمار المرشحين للانتخابات التي ستجري في حزيران/يونيو، عن 25 سنة والا يكونوا تولوا مناصب رسمية في عهد القذافي والا يكونوا استفادوا من النظام السابق بهدف الاثراء او الحصول على منافع. وحدد العمر الادنى للناخبين ب18 عاما. وعلى الفور رد ائتلاف منظمات ليبية غير حكومية اثر نشر المشروع بالقول ان نسبة تمثيل النساء "معيبة". وقال الائتلاف في بيان "تمثل النساء في ليبيا حاليا اكثر من 50% من السكان وفكرة الحد من تمثيلهن بعشرين مقعدا فقط (من اصل 200) معيبة جدا". وطالب بتعديل المادة الاولى ودعا المجلس الوطني الانتقالي الى التحقق من ان الانتخابات المقبلة "لا تهمش دور المرأة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/حزيران/2012 - 21/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م