المصريون يعيشون هذه الأيام عدة صدمات متتالية تكاد تعصف بمصر كلها
وتدخل البلاد في ثورة كبرى تحرق الأخضر واليابس بعد الحكم على مبارك
المخيب لأمال الشعب وفشل أغلب القوى الثورية في سباق الإنتخابات
الرئاسية وصعود نفس الأقطاب المعتادة في المشهد السياسي حتى من قبل
الثورة الحزب الوطني في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين ولكن هذه المرة
الظروف مختلفة ومصر كلها في حالة ثورية والمتابع للثورة المصرية بعد
عام ونصف يرى أن الثوار والقوى السياسية لم تتعلم من عدم إتحادها بل
على العكس تمزق الشعب المصري وكل تيار يشكك ويخون الأخر وكلنا خاسرون
في النهاية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسة على كل مصري ما نهاية هذه الحرب وهل
تهدأ البلد وتستقر في حال فوز رئيس أم ندخل في حالة من عدم القبول بما
اختاره الشعب كما يحدث الآن من بعض القوى التي تريد تشكيل مجلس رئاسي
مدني وعدم الإعتراف بنتائج الإنتخابات والتشكيك في القضاء ولكن السؤال
الأهم ماذا يحدث في المشهد السياسي المصري وكيف يمكن تفسيره وهل نحن
أمام رؤية واضحة أم سيناريوهات مختلفة وهنا لا نستطيع أن نجزم أننا
أمام سيناريو واحد محتمل ولكن أمامنا عدة سيناريوهات محتملة وهي :
السيناريو الأول الذي يجنب مصر ويلات كبرى ويخرجها من نفق مظلم وهو
أن تتعاون جماعة الاخوان المسلمين مع باقي القوى السياسية وتنهي لنا
أزمة تأسيسية الدستور وأسماء نواب رئيس الجمهورية ومن رئيس الحكومة
القادمة ووضع الأقباط وكافة الضمانات التي يريدها الثوار وهنا سيلتحم
كافة المصريين خلف محمد مرسي وسيتم دعمة للفوز برئاسة الجمهورية وهذا
السيناريو صعب تحقيقية لأداء الإخوان المسلمين الذي رفض أغلب وثائق
العهد التي قدمها الثوار ورفض إنهاء أزمة تأسيسية الدستور ويحاول الأن
إستغلال الغضب الشعبي من الحكم على مبارك ومحاولة عقد صفقات مع الثوار
وغيرهم ولكن الإخوان لايريدون التوافق الشعبي يريدون السيطرة على كل
شيء وهذا سبب تراجع شعبيتهم في الإنتخابات الرئاسية بنسبة كبرى والأن
يصعدون ضد المجلس العسكري ويتهمونه بدعم أحمد شفيق وتزوير الإنتخابات
وإعادة نظام مبارك مرة أخرى والمجلس العسكري يصمت حتى لاتشتعل مصر.
السيناريو الثاني وهو ما لا نتمناه وهو الأقرب للواقع نتيجة للتنازع
والإنقسام الكبير في المشهد السياسي المصري فمع كل أسف سقط الجميع في
الإختبار أغلب القوى السياسية والنشطاء السياسيين إتفقوا الا يتفقوا
فلم يظهروا إتحادهم على شيء حتى الأن حتى الخاسرون في إنتخابات الرئاسة
يطالبون بإلغاء الإنتخابات وبطلانها ويشككون في القضاء والشرطة والجيش
وكل شيء حتى شعر بعض المصريين أن الشعب أغلبه خونة وفي ظل هذا الإنقسام
ورغبة كل من مرسي وشفيق في الفوز بحكم مصر يصر المجلس العسكري على
تكملة الإنتخابات رغم دعاوى بطلانها وإيقافها وهنا المجلس العسكري يريد
إكمال الإنتخابات حتى لايتهمه أحد أنه يريد البقاء في السلطة ووفي نفس
الوقت يعاني من هجوم شديد من جماعة الإخوان المسلمين مما أدى لعدم
حضورهم جلسات المجلس العسكري الخاصة بالدستور وفي ظل حالة الإحتقان
وتراجع شعبية الإخوان سياسيا وظهور بلاغات وتصريحات من الفريق شفيق
والمهندس ممدوح حمزة بتورطهم في موقعة الجمل يزداد وضعهم تدهور وهنا
يزداد الفريق شفيق شعبيا وفرص فوزة بحكم مصر تزداد ولكن عند فوزة سيحرق
كل الخاسرون مصر بدعوى تزوير الإنتخابات أو التشكيك في القضاء وهذا خطر
لايمكن توقع عواقبه ومن المحتمل ظهور ميليشيات أو حرب شوارع أو غيرها.
السناريو الثالث والكارثي هو حكم المحكمة الدستورية يوم الخميس
القادم 14 يونيو بعدم دستورية قانون العزل وبطلان انتخابات مجلس الشعب
وهذه الأحكام متوقعة وإن حدثت فستدخل مصر كلها الكابوس الأعظم لأن
جماعة الإخوان المسلمين ستخسر كل شيء سيطرتها على السلطة التشريعية
وحقها في السلطة التنفيذية عبر تشكيل الحكومة وخروج محمد مرسي من سباق
الرئاسة وهو ما سيجعلها في حالة فوضى سياسية كبرى ولانعلم كيف ستتعامل
التيارات السلفية والجماعة الإسلامية والتيارات الثورية مع هذه الأحكام
وهل نرى صراع مسلح وميليشيات والأهم هو أن شفيق سيظل في سباق الرئاسة
وهل ستعاد الإنتخابات من جديد أم يدخل حمدين صباحي السباق مرة أخرى أم
تدخل مصر حالة الفوضى وغياب دولة القانون وترفع الأصوات وتحتل الميادين
أم ماذا ويتدخل المجلس العسكري ويعلن الاحكام العرفية وتطول الفترة
الإنتقالية وهنا محتمل تتعالى أصوات حتمية مجلس رئاسي مدني حتى نقوم
بكتابة دستور مصر ونجري إنتخابات نيابية ورئاسية حقيقية وكل الأمور
واردة في ظل حالة الضبابية التي نعيشها في مصر.
في النهاية الخروج من النفق المظلم الذي نعيشه متاح عبر توافق القوى
السياسية وأن تتعلم جماعة الإخوان المسلمين أن الشارع المصري هو القادر
على دفعهم للفوز بحكم مصر أن الجماعة وحدها لاتستطيع فعل شيء.
والجماعة هي الوحيدة الأن على العمل على حل هذه الأزمة وإما إذا ظلت
على كبريائها وغرورها وتلونها السياسي فستخسر كثيرآ والأهم هو ثقة
وإحترام المصريين وإما إذا حاولت بعض القوى الخروج على الشرعية
والتشكيك في كل المؤسسات مثل القضاء والشرطة والجيش وغيرها فإن الشعل
وقتها سيدخلهم مزبلة التاريخ وسجون الحرية.
* كاتب – باحث سياسي |