فلسطين... دولة ساقطة من القاموس

 

شبكة النبأ: بعد ان كانت اول واهم القضايا العربية اصبحت اليوم اخر كلمة في قاموس القادة العرب المدافعين عن الحرية والتحرر والداعمين لها بكل الاشكال والوسائل ابتداء من التصعيد الاعلامي الذي تجاهل معاناة الشعب الفلسطيني الاعزل وحتى التبرع بالسلاح الاجنبي لأجل اراقة الدماء العربية في بعض البلدان العربية، ويرى بعض المراقبين ان هذا الانشغال والصمت العالمي والعربي قد اسهم بشكل كبير بتغيب القضية الفلسطينية واعطى الفرصة لإسرائيل بان تكون صاحبة القرار الاول والاخير وتوسيع نفوذها وهيمنتها على الاراضي المحتلة هذا بالإضافة الى باقي المشاكل والازمات السياسية الداخلية التي اثرت على المواطن الفلسطيني ، وفي هذا الشأن فقد ذكرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو تعهد في رسالته التي ارسلها الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح للمرة الاولى في وثيقة رسمية اسرائيلية. ونقلت الصحيفة عن مصدر اطلع على الرسالة التي لم يكشف عن مضمونها، انها تتضمن تعهدا بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح الى جانب اسرائيل في اطار حل متفاوض عليه.

واشار الصحافي باراك رافيد الذي كتب المقال الى ان نتانياهو قدم هذا التعهد في خطاب في جامعة بار ايلان في حزيران/يونيو 2009 بالإضافة الى خطابه العام الماضي امام الكونغرس الاميركي، لكنها المرة الاولى التي يكتبه في وثيقة رسمية. من جهته اوضح مسؤول اسرائيلي ان "هذا الموقف تم الاعراب عنه في خطاب بار ايلان وفي مناسبات عديدة اخرى"، مشيرا الى اللقاء الذي عقد بين الرجلين في واشنطن في ايلول/سبتمبر 2010 وفي لقاءات عمان الاستكشافية اوائل العام الحالي.

واضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان "رئيس الوزراء قال مرار انه في حال توصلنا الى السلام مع الفلسطينيين، فان الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح". واكد مكتب نتانياهو تسليم الرسالة الى عباس السبت. وقال في بيان ان "اسرائيل والسلطة الفلسطينية تلتزمان التوصل الى السلام، وان الطرفين متوافقان على ان تبادل الرسائل بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء نتانياهو سيساهم في هذا الامر".

ونقل موقع صحيفة هآرتس الاسرائيلية على الانترنت عن مسؤول اسرائيلي قوله ان رسالة نتانياهو الى عباس تدعو الى استئناف فوري للمفاوضات "من دون شروط مسبقة"، اي دون اشتراط وقف الاستيطان كما يطالب الفلسطينيون، ولم تتضمن اي اقتراحات جديدة. وكان عباس حث الحكومة الاسرائيلية في رسالته على استئناف المفاوضات على اساس قيام دولة فلسطينية على حدود العام 1967 مع قيام تبادل بسيط للأراضي بين الطرفين، وعلى اساس تجميد الاستيطان في كامل الاراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية المحتلة. بحسب فرنس برس.

في السياق ذاته قال مسؤولون فلسطينيون إن الردود التي تضمنتها رسالة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا تشكل ارضية للعودة الى مفاوضات السلام. وقالت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية "الرسالة لم تحمل أي شيء يحتاج الى رد او تعامل لأنه لا يوجد فيها التزام بالمرجعية ووقف الاستيطان وحدود 67 واطلاق سراح الاسرى كل ما فيها أمور عامة تتحدث عن إعادة اطلاق حوار غير مشروط."

واضافت بعد اجتماع للجنة التنفيذية عقد في رام الله برئاسة عباس "لا توجد اي حاجة للتعامل على ان هناك تغييرا في المواقف او في استعداد للتعامل بجدية مع الرسالة التي قدمت له." واوضحت عشراوي ان الرسالة الاسرائيلية "حملت موقفا صريحا وهو لغاية الان ان هذه الحكومة الاسرائيلية ليست على استعداد للتعامل بجدية ومسؤولية مع متطلبات السلام."

وتوقفت محادثات السلام بين الجانبين في اواخر عام 2010 بعد ان رفضت اسرائيل تمديد تجميدها للنشاط الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة وهو الامر الذي طالب به الفلسطينيون.

ونقل واصل ابو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن عباس قوله خلال الاجتماع "الرسالة تتحدث عن حل الدولتين دولة يهودية ودولة فلسطينية قابلة للحياة." وقال ابو يوسف بعد اجتماع اللجنة "هذا كلام لا معنى له دون الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67 الفبول بحل الدولتين دون ذلك لا يعني شيئا."

ودعا بيان صادر عن اللجنة التنفيذية في ختام اجتماعها تلاه امين سرها ياسر عبد ربه "اللجنة الرباعية الدولية الى التدخل بفعالية لتصحيح مسار العملية السياسية وتكريس الالتزام بالأسس التي تستند اليها لتمكينها من الانطلاق ولإزالة العقبات التي لا تزال تعترض طريقها." واضاف "تعتبر اللجنة التنفيذية ان الرسالة الاسرائيلية لم تتضمن اجوبة واضحة حول القضايا المركزية التي تعطل استئناف عملية السلام وفي مقدمتها وقف الاستيطان الذي تصاعدت وتيرته مؤخرا وخاصة في القدس ومحيطها والاعتراف بحدود عام 67 والالتزام بإطلاق سراح الاسرى." بحسب رويترز.

وتعتبر معظم دول العالم الانشطة الاستيطانية غير قانونية وترفض اسرائيل ذلك وتقول إنها ستحتفظ بكتل استيطانية بموجب اي اتفاق سلام وفقا لتفاهمات توصلت اليها عام 2004 مع الرئيس الامريكي السابق جورج بوش. ويستعد الفلسطينيون لتنسيق مواقفهم مع الدول العربية وغيرها لضبط تحركاتهم خلال الفترة القادمة. وقالت عشراوي "نحن سوف نتابع مع لجنة المتابعة العربية ومع دول اوروبية ومع دول مختلفة على اساس تنسيق الخطوات المستقبلية للامم المتحدة وغيرها."

الدولة الواحدة بدل الدولتين

على صعيد متصل دعا مسؤول فلسطيني بارز لعب دورا كبيرا في في المفاوضات مع اسرائيل الى اعادة التفكير في طرح حل الدولة الواحدة للفلسطينيين والاسرائيليين بدلا من حل الدولتين بعد 21 سنة من انطلاق عملية السلام في مدريد. وقال احمد قريع (ابو علاء) عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية "قد يكون حل الدولة الواحدة رغم كل ما يستبطنه من مسائل خلافية واشكاليات لا حصر لها واحد من الحلول التي يحسن بنا اثراءه في اطار حوار داخلي رصين وعرضه من ثمة تحت ضوء النهار على رأي عام فلسطيني مترع بالإحباط قبل وضعه على المائدة كخيار ورميه على اسرائيل كجمرة من نار."

واضاف في مقال مطول نشره على صدر صحيفة القدس المحلية واسعة الانتشار "بعد مرور نحو ربع قرن على قرار المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988 في الجزائر بالإعلان عن خيار الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على خط الرابع من حزيران 1967 وعودة اللاجئين وبعد 21 عاما على مدريد و19 على أوسلو وبعد انقضاء عشر سنوات على أول اعتماد دولي لمصطلح دولتين لشعبين فلقد فقد هذا المشروع الذي لم ير النور بتاتا قوة اندفاعه الاولى وذوى تدريجيا."

ولكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس اعلن في اكثر من مناسبة انه ضد فكرة الدولة الواحدة اضافة الى رفضه الى فكرة الدولة ذات الحدود المؤقتة وقال انه يسعى الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية عبر المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي "كخيار اول وثاني وثالث." ويوضح ابو علاء في مقاله ان "الممارسات الاسرائيلية التي عملت على نحو منهجي منظم دون نقل مشروع حل الدولتين من الحيز النظري المجرد الى أرض الواقع العملي سواء أكان ذلك في عهد شارون أو في عهد خلفه ايهود أولمرت أو في أيام بنيامين نتنياهو (رؤساء وزراء الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة)."

ويضيف "فقد ظل حل الدولتين متداولا في السوق السياسي قبل أن تعمل الجرافات الاسرائيلية التي كانت تسابق الوقت لدفن هذا المشروع في تراب مشاريع الاستيطان الهائلة داخل مدينة القدس وفي محيطها الواسع وتقضي عليه الحفريات المتواصلة تحت أساسات المسجد الاقصى... وغير ذلك من الانتهاكات والمظاهر والشواهد الدالة بصورة لا تخطئها العين على تحلل اسرائيل تماما من مشروع حل الدولتين دون أن تعلن ذلك بالفم الملان."

وشهدت الاراضي الفلسطينية مؤخرا نشر عدد من الملصقات الكبيرة لمجموعة اطلقت على نفسها (تكامل) التي دعت الى قيام دولة واحدة ولكن سرعان ما تم ازالتها من المدن الفلسطينية. ويصف قريع "حل الدولتين في المحصلة الاخيرة وبعد كل هذه السلسلة الرهيبة من الانتهاكات الاسرائيلية أقرب ما يكون الى حرث في البحر ان لم أقل ملهاة سياسية طويلة." ويضيف "تمكنت اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال من قطع رأسه (حل الدولتين) في القدس قبل أن تشرع في تمزيق أوصاله في الضفة الغربية وفي ابقاء الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة."

ويتهم قريع في مقاله الغرب بالتراجع عن وعوده للفلسطينيين قائلا ان مرارة "أخذت تعقد حلوق الفلسطينيين اثر انكشاف مدى تأكل مشروع حل الدولتين واتضاح ضالة الخيارات المتاحة بعد التراجع الامريكي المشين عن الوعود والتعهدات المعلنة وزيادة الفتور الاوروبي واشتداد حالة الانشغال العربي عن القضية الفلسطينية. "نقول ازاء ذلك كله بدأت بعض القوى والشخصيات الفلسطينية تتحدث عن هذه الحقيقة المريرة 'فشل مشروع حل الدولتين' بصورة أكثر جدية بين أوساط رأي عام بدا أنه كان أعمق ادراكا من نخبته السياسية لمالات كل هذه التحولات الجارية داخل اسرائيل وفي المشهدين.. الاقليمي والدولي."

ويرى قريع ان فشل حل الدولتين يقود الى "اعادة طرح خيار الدولة الديمقراطية الواحدة لكل مواطنيها وهو الخيار الذي كان رائجا لعدة عقود ماضية قبل أن يجبه حل الدولتين." ويختلف قريع المفاوض السياسي على مدى عقدين من الزمن مع كثير من المحللين الذي يرون ان التحولات التي تشهدها بعض دول العالم العربي ستكون في صالح القضية الفلسطينية ويقول "المشهد الاقليمي بمتغيراته غير المواتية في المدى المنظور لا يبشر بحدوث تحولات وازنة لصالحنا الامر الذي يوجب علينا القيام بإعادة تقويم شاملة واجراء المراجعات النقدية المعمقة بما في ذلك نقد خيار حل الدولتين ذاته." ويرى ان الانقسام الفلسطيني المتمثل بوجود حكومتين واحدة في رام الله واخرى في غزة "زاد من بؤس المشهد القائم بؤسا مضاعفا اشتداد مظاهر الانقسام الداخلي العميق في الساحة الفلسطينية حيث فشلت كل المساعي المبذولة وكل الاعلانات المتلفزة في تحقيق المصالحة الوطنية." ويخلص قريع "وهكذا نجد أنفسنا اليوم بعد مرور كل هذا الوقت وقد وقعنا في حبائل سيناريو عقيم تطرح علينا مطالب تعجيزية.. نواجه انسدادات مضاعفة وتنخفض فيه التوقعات الى أدنى حدودها الدنيا ازاء امكانية الحل العادل والشامل." بحسب رويترز.

واتهم عباس اسرائيل بانها تعطل المفاوضات وقال للصحفيين بعد لقائه وفدا برلمانيا اردنيا في مكتبه في رام الله "الاسرائيليون أوقفوا كل المفاوضات بسبب أنهم لم يقدموا أي شيء ملموس لنتفاوض عليه ونحن نريد أن يوافقوا على الشرعية الدولية ونريد أن يوقفوا الاستيطان وعند ذلك مستعدون أن نجلس معهم." وأضاف "ولكن حتى الان لم يوافقوا على الشرعية الدولية ووقف الاستيطان وبالتالي هم الذين يعطلون المفاوضات."

استطلاع راي

في السياق ذاته ذكر استطلاع راي ان 49,5 بالمئة من الفلسطينيين يؤيدون تسوية سلمية واقامة دولة فلسطينية بجانب اسرائيل مقابل 25,9 مقابل يريدون اقامة دولة ثنائية القومية. واشار الاستطلاع الذي اجراه مركز القدس للأعلام والاتصالات الى تراجع في التأييد لحل الدولتين الذي يشكل اساس عملية السلام. وبحسب الاستطلاع السابق الذي اجراه المكتب نفسه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ايدت اغلبية ساحقة (52,3 بالمئة) خيار حل الدولتين مقابل 22,3 بالمئة ايدوا خيار الدولة الواحدة. وكشف هذا الاستطلاع عن تراجع في نسبة مؤيدي اقامة دولة فلسطينية التي سجلت في تحقيق اجري في حزيران/يونيو 2011 (54,3 بالمئة و23,8 بالمئة على التوالي).

وفي كل مرة كان السؤال نفسه يتكرر في الاستطلاع "البعض يعتقد ان صيغة الدولتين هي الحل المفضل للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني، بينما يعتقد البعض الاخر ان فلسطين التاريخية لا يمكن تقسيمها الي دولتين وبالتالي فان الحل الافضل هو دولة واحدة ثنائية القومية في كل فلسطين يتمتع فيها الفلسطينيون والاسرائيليون بتمثيل متساو وحقوق متساوية، اي من هذين الحلين تفضل؟". بحسب فرنس برس.

ويقول المفاوضون الفلسطينيون طوال الوقت بان تنمية المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية تهدد حل الدولتين. ووفقا لتقديرات ديمغرافية من المتوقع ان يتجاوز عدد السكان العرب (الفلسطينيون وعرب اسرائيل) عدد السكان اليهود بحلول 2014-2015. واجري هذا الاستطلاع وجها لوجه وشمل عينة تمثيلية مؤلفة من 1188 بالغا فلسطينيا بين 20 و26 من ايار/مايو في الضفة الغربية وقطاع غزة مع هامش خطأ بنسبة 3%.

الفلسطينيون معزولون

من جانب اخر قال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض إن الفلسطينيين ربما يكونون قد "فقدوا حجتهم" على الساحة الدولية لإقامة دولة مستقلة لكنه حذر من أن الاحتلال الاسرائيلي لا يمكن أن يستمر. وبدا فياض في خلاف مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس حين دعا إلى إجراء انتخابات تأجلت كثيرا بسبب الانقسامات السياسية العميقة بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. كما حذر من أن مستقبل إدارته قد تخيم عليه المشاكل المالية الشديدة وأقر بأن الفلسطينيين اخفقوا في حشد العالم المنشغل بكثير من الامور وراء قضيتهم.

وقال فياض الخبير الاقتصادي السابق في البنك الدولي وهو مستقل سياسيا ويلقى دعما كبيرا بين القوى الغربية "أعتقد أننا بدأنا نفقد حجتنا.. إن لم نكن فقدناها بالفعل لكن هذا لا يجعل موقفنا خاطئا." وأدت انتفاضات الربيع العربي وانتخابات الرئاسة الأمريكية والأزمات المالية في أوروبا إلى الإطاحة بالقضية الفلسطينية من جدول الأعمال الدولي بعد أكثر من 18 شهرا من انهيار محادثات السلام مع اسرائيل في خلاف حول البناء الاستيطاني اليهودي. وتقول اسرائيل إن المحادثات يجب أن تستمر دون شروط مسبقة وواصلت بناء المساكن في تكتلات استيطانية تعج بها الضفة الغربية على أرض تعتبرها الأمم المتحدة محتلة بشكل غير مشروع.

وقال فياض من مكتبه في رام الله على بعد 20 كيلومترا من القدس وإلى جواره العلم الفلسطيني إن على الفلسطينيين ترتيب البيت من الداخل قبل أن يكون لديهم أمل في الاستقلال الذي طال انتظاره والذي ما زالت تؤيده أغلب القوى العالمية من حيث المبدأ. وقال عن الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "لا أعتقد أننا سنتمكن من الحصول على دولة ما لم نتمكن من إعادة توحيد بلادنا."

وأخفقت محاولات عباس الذي يسيطر على الضفة الغربية لرأب هذا الصدع على مدى العام المنصرم وسط اتهامات متبادلة وتم التخلي عن خطط لإجراء انتخابات طال انتظارها هذا الشهر في أنحاء الأراضي الفلسطينية. ومضى فياض يقول "عملية المصالحة تمر بحالة تجمد شديدة. فلنواجه هذا الأمر" مضيفا أن الفلسطينيين يجب أن يمضوا قدما في خطط الانتخابات بغض النظر عن معارضة حماس من أجل إعادة التواصل مع المواطنين. وتابع قوله "يجري انتهاك حق أساسي لشعبنا. حق التمكن من اختيار القيادة."

وأجريت آخر انتخابات رئاسية وتشريعية فلسطينية عام 2006 وقال كثير من الفلسطينيين منهم عباس وقيادات حماس إنه لن يكون من الممكن إجراء انتخابات جديدة ما لم يشارك بها كل من قطاع غزة والضفة الغربية. وترددت أنباء عن وجود توترات في العلاقات بين عباس وفياض منذ أن رفض رئيس الوزراء تسليم خطاب من الرئيس إلى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يسرد فيه الشكاوى الفلسطينية من فشل المحادثات.

واختلف فياض مع هذه المبادرة لكنه قال إن هذه الواقعة أصبحت وراء ظهرهم الآن وأكد على انه وعباس يعملان على تشكيل حكومة جديدة سيظل فيها رئيسا للوزراء لكن من المرجح أن يخسر حقيبة المالية. وقال فياض إن مهمته المتمثلة في بناء المؤسسات استعدادا لقيام الدولة الفلسطينية تتعرض لمعوقات بسبب نقص الموارد وعدم وفاء دول عربية بتقديم المساعدات التي وعدت بها. وأردف قائلا "هناك قضية متعلقة ببقاء السلطة الفلسطينية نظرا للأزمة المالية الحادة التي نمر بها" مضيفا أن الحكومة في حاجة إلى "عدة مئات من ملايين الدولارات" حتى تظل قائمة. بحسب رويترز.

وتعتمد السلطة الفلسطينية التي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية على مساعدات الجهات المانحة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية لدفع رواتب الموظفين الحكوميين ومنهم المدرسون وأفراد الأمن. وكان الفلسطينيون يخططون لتلقي مساعدات خارجية قيمتها 1.1 مليار دولار عام 2011 لكنهم تلقوا مبلغا أقل من 750 مليون دولار وهناك تلكؤ مرة أخرى في التبرعات هذا العام. ولم يذكر فياض أسبابا لعدم وفاء بعض الحلفاء العرب بوعودهم.

وعلى الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجه الفلسطينيين وانهيار مفاوضات السلام قال فياض إنه مقتنع بأن الاستقلال سيتحقق خلال عشر سنوات. وتابع "الاحتلال ليس فشلا سياسيا كبيرا فحسب.. لكن في ظل طبيعته القمعية فإنه فشل أخلاقي أيضا لاسرائيل. إنها مسألة لا يمكن ان تستمر. الأسوار سقطت في مناطق أخرى. لماذا يجب أن يكون هنا استثناء؟"

اهدار المال العام

في السياق ذاته قالت مؤسسة فلسطينية تعنى بمكافحة الفساد ان اهدار المال العام شكل أحد أهم مظاهر الفساد في السلطة الوطنية الفلسطينية خلال عام 2011 اضافة الى رصد مجموعة من التجاوزات الادارية والسياسية. وجاء في التقرير السنوي الثامن لمؤسسة (امان) الفرع الوطني لمنظمة الشفافية العالمية حول الفساد ومكافحته الذي عرض بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني وعدد من المسؤولين والمهتمين "يعني هدر المال العام سوء استغلال مقدرات المؤسسة المالية سواء كانت مؤسسات عامة اهلية او خاصة او غيرها من مؤسسات المجتمع."

واضاف التقرير "اتضح من خلال رصد اشكال الفساد للعام 2011 ان هدر المال العام شكل ابرز مظاهر الفساد انتشارا في العديد من المجالات والتي تشمل دفع رواتب لأشخاص ليسوا على رأس عملهم وتسديد فاتورة الماء والكهرباء عن اشخاص ومؤسسات ليس مستحقة من قبل الخزينة العامة والتهرب الضريبي...وهدر المال المتعلق بالسيارات الحكومية ..عدم توريد كامل رسوم عقود الزواج الى الخزينة العامة." ولم يتضمن التقرير ارقاما بشأن ما يتم اهداره من المال العام واكتفى بإعطاء امثلة على الجوانب التي يتم فيها اهداره.

وقدم التقرير نماذج مختلفة لإهدار المال العام في مختلف الوزارات الفلسطينية اضافة الى استغلال الوظيفة العامة واستمرار العمل بالوساطة والمحسوبية للحصول على الوظائف العامة والخدمات المقدمة من السلطة الفلسطينية للمواطنين خصوصا في مجالي الصحة والتعليم وذلك ينطبق على الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتواجه السلطة الفلسطينية عجزا ماليا في موازنتها للعام الجاري تجاوز مليار دولار وتأخرت حتى منتصف ابريل نيسان الجاري في صرف رواتب 153 الف موظف مدني وعسكري في الضفة الغربية وقطاع غزة عن شهر مارس اذار الماضي بسبب عدم ورود ما يكفي من مساعدات من الدول المانحة وعدم التزام عدد من الدول العربية بدفع ما عليها من مستحقات اقرتها مؤتمرات القمة العربية.

وتحدث التقرير عن وجود فساد سياسي في السلطة الفلسطينية وقال "لا زال شرط الحصول على السلامة الامنية الذي استخدم بشكل تعسفي في تحديد الرأي تجاه الشخص المتقدم لشغل الوظائف او الحصول على تراخيص كوسيلة للفصل من الوظيفة العمومية او عدم التعيين فيها."

واضاف التقرير "هذه الظاهرة (شرط الحصول على السلامة الامنية) اتاحت فرصا لبعض ضعاف النفوس العاملين في الاجهزة على المستوى القاعدي لتصفية حسابات عائلية او كيدية مما عزز عدم الرضا والشعور بالظلم من قبل الفئات التي يتم استثناؤها من تولي الوظائف العامة بسبب انتماءاتها السياسية مما عزز حالة عدم الاستقرار والانقسام الفلسطيني الداخلي."

وقالت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن انها تتابع ما يقارب من 500 شكوى لموظفين في السلطة الفلسطينية تم فصلهم من وظائفهم واغلبهم في وزارة التربية والتعليم فيما يتعلق بالسلامة الامنية التي تعني انتماءاتهم السياسية لدى محكمة العدل العليا الفلسطينية.

وقال تقرير امان "لم يقم مجلس الوزراء بإصدار تعليمات تهدف الى انهاء ظاهرة التمييز في الوظيفة العامة بسبب الانتماء السياسي كما انه لم يتم بشكل رسمي الغاء شرط السلامة الامنية كشرط للتعيين في الوظيفة العامة كما بقي شغل الوظائف العليا والترقيات مفتقدا لمعايير شفافة ومعلنة في ذلك."

ودعا سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني الى تجاوز العناوين الواردة في التقرير وقال "عندما نتحدث عن الفساد السياسي ارجو ان نتجاوز العناوين لما هو وارد في التقرير عندما يتم الحديث عن الفساد نجد ان التقرير يتحدث عن عدم وجود انتخابات هذا واقع توصيف الحالة فساد سياسي... العنوان فيه كثير من الاثارة ولكن يتحدث عن عدم اجراء انتخابات هذا قصور نقر به وعلى الجميع ان يتحمل المسؤولية تجاهه." وحصلت وزارة المالية التي يتولاها فياض اضافة الى رئاسة الوزراء على أعلى نسبة (23 في المئة) من اراء من استطلعت آراؤهم حول وجود فساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية.

وقال فياض ردا على اسئلة الصحفيين بعد انتهاء عرض التقرير "العناوين هامة ولكن ارجو ان ينظر الى ما ورد في التقرير تحديدا على سبيل نتائج مسح للانطباع بتفشي ظاهرة الفساد وهي ظاهرة مقيتة ويجب محاربتها يجب ان نأخذ بعين الاعتبار هو استطلاع استبيان للجمهور وليس دارسة مسحية ميدانية." ووعد فياض بالنظر "باهتمام بالغ بكل جوانبه وسننظر بعناية الى كل ما ورد في هذا التقرير من نواحي القصور التي بحاجة الى تصويب." بحسب رويترز.

واستعرض التقرير واقع بعض أجهزة السلطة الفلسطينية وقال "تبقى القضية الاساسية التي ما زالت عالقة هي مدى وصحة واقع من هم على رأس عملهم ومن هم الذين يتقاضون رواتب تحت مسمى جهاز امني وهم يعملون خارج العمل المباشر للأجهزة الامنية حيث من غير المنطقي استمرار ظاهرة الموظف الوهمي." واشار التقرير الذي يقع في 70 صفحة من القطع المتوسط في احد فصوله الى موضوع التهرب الضريبي وقال "قدر المحاسب العام الفلسطيني حجم التهرب الضريبي في فلسطين سنويا بما يعادل نحو 40 في المئة من مجموع الايرادات الضريبية... التهرب الضريبي بأشكاله المختلفة الشكل الابرز في فساد القطاع الخاص اضافة الى تقديم الرشوة بطرق غير مباشرة."

استقالة وزير الاتصالات

من جانب اخر اعلن وزير الاتصالات الفلسطيني مشهور ابو دقة استقالته، لأسباب وصفها ب"الخاصة" الا ان استقالته تزامنت مع جدل يسود الاراضي الفلسطينية فيما يتعلق بالتعامل مع النشر الالكتروني. وكان النائب العام الفلسطيني احمد المغني اصدر سابقا، اوامر بأغلاق اكثر من موقع الكتروني، واعلن وزير الاتصالات حينها بانه ضد اغلاق هذه المواقع، مشيرا الى ان اغلاقها يتنافى مع حرية التعبير. ونفى ابو دقة بان يكون سبب استقالته اغلاق مواقع الكترونية، موضحا انه كان تقدم بطلب الاستقالة لرئيس الوزراء سلام فياض قبل فترة ، "لاسباب خاصة". ولم يصدر ان توضيح من قبل الحكومة ازاء اسباب استقالة ابو دقة الحقيقية.

وتدخل النائب العام في اكثر من قضية تتعلق بالنشر في المواقع الاكترونية في الوقت الذي وقفت فيه الحكومة الفلسطينية ضد اعتقال ناشرين او مستخدمين لمواقع الكترونية،. لكن النائب العام وفي مؤتمر صحافي عقده عقب تفاعل قضية اعتقال صحافي نشر تقريرا عن البعثة الفلسطينية في فرنسا، قال بانه لا يقف ضد المواقع الالكترونية ولا ضد الناشرين في هذه المواقع، وانه يتخذ اجراءاته بعد ان يتقدم مشتكون بشكواهم ضد هذه المواقع.

بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم الاجهزة الامنية الفلسطينية عدنان الضميري ان اشكالية النشر الاكتروني في الاراضي الفلسطينية تواجه مشكلة غياب قانون يتعامل مع الاعلام او النشر الالكتروني. وقال "لكن ما استطيع تأكيده هو انه لا يوجد اي اوامر بملاحقة او مضايقة الناشرين او مواقعهم الالكترونية، لكن حينما يتقدم احد بشكوى للنائب العام ضد مواقع اساءت له، عندها يكون هناك اجراء".

واعلنت نقابة الصحافيين الفلسطينية في بيان لها رفضها اعتقال صحافيين واخضاعهم للتحقيق من قبل النائب العام، وهم رهن الاعتقال. وقال نقيب الصحافيين الفلسطينيين عبد الناصر النجار "هناك جدل واضح حول التفريق ما بين العمل الاعلامي وبين النشر الشخصي عبر صفحات الانترنت، وهو اشكالية نواجهها". واعتقل احد الناشطين بقرار من النائب العام عقب انشائه صفحة الكترونية حملت اسم "الشعب يريد انهاء الفساد"، والمفارقة ان هذا الناشط واسمه جمال ابو ريحان يعمل موظفا رسميا في النيابة العامة الفلسطينية. وقال احد افراد اسرة جمال ان السبب الرئيس لاعتقاله هو "نشاطه عبر صفحته الالكترونية (الشعب يريد انهاء الفساد)".

وكانت مؤسسات حقوقية فلسطينية ودولية اعربت عن قلقها مما وصفته "ارتفاع وتيرة الملاحقات ضد الحريات الاعلامية وحرية التعبير في الاراضي الفلسطينية". واشارت منظمة هيومن رايتس واتش في تقرير عن حقوق الاعلام وحرية الرأي في الاراضي الفلسطينية واسرائيل الى تصعيد في ملاحقة الصحافيين والمدونين في الاراضي الفلسطينية. وتم اغلاق مواقع الكترونية لفترات قصيرة مثل موقع "امد" و"فراس برس" من دون توضيحات حول اسباب ذلك. بحسب فرنس برس.

وقال مصدر مقرب من الحكومة الفلسطينية التي يرأسها سلام فياض بان ليس للحكومة اي دخل فيما يتعلق بإغلاق مواقع الكترونية او ملاحقة ناشرين عبر صفحات الانترنت، في حين لم ينف هذا المصدر اغلاق مواقع الكترونية. ومن المتوقع ان يتم خلال الايام القليلة المقبلة، الاعلان عن تعديلات في حكومة فياض، خاصة وان وزراء اخرين انسحبوا من هذه الحكومة لأسباب مختلفة، ومنهم من علق عمله بسبب تهم تتعلق بقضايا فساد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11/حزيران/2012 - 20/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م