ونحن بماذا مشهورون !

زاهر الزبيدي

لكل دول العالم إهتمامات كثيرة منها الثقافية والصناعية والعسكرية والغذائية وتنمي تلك الدول إقتصادياتها وبالتالي شعبها بإدامة لتلك الاهتمامات وتحويلها الى سمة بارزة في حياة تلك الأوطان دافعة إياها باتجاه أن تكّون مع بعضها موارد مالية هائلة تعيش من أجلها تلك الشعوب أرقى أنواع الحياة الحرة الكريمة، فمنذ إكتشاف النفط.. كان للعراق إحتياطيات هائلة منه.. بينما هناك دولاً لا تمتلك شيئاً من هذا الوقود الأحفوري الذي أصبح اليوم المحرك المهم للثورات الصناعية في العالم..

 أما بالنسبة لنا نحن في العراق فقد أصبح النفط لدينا مدعاة للسكون وعدم التحرك باتجاه إنشاء أرضية صلبة متكاملة للصناعات التي تخدم المجتمع وتغطي بكفاءة عالية مساحات سوقه الكبيرة والتي تسع كل العالم حتى.

وكل بلد من العالم ينشط في مجال صناعي محدد كأن يكون صناعة الملابس على اختلافها وبدرجة عالية من الرقي موفرة كل موادها الأولية المهمة وخبراتها الصناعية وتحتضن رواد تلك الصناعة وتدعمهم بكل قوة لتتغلب بحرفيتهم العالية على مصانع أخرى وتتغلب عليها في الاستحواذ على أسواق العالم لتفيض على بلدها بالموارد المادية الكبيرة التي تدعم نشاطات البلاد الاستثمارية..

 فألمانيا على سبيل المثال تنشط كثيراً في مجال الصناعات الثقيلة من معدات وأجهزة كبيرة وكذلك في إنتاج العدد الدقيقة.. واليابان تنشط في مجال الصناعة وبشكل كبيرة في مجال رفد العالم كله بالمكونات الإلكترونية والأجهزة وعلى مدار العقود تبدع اليابان في استحداث معدات جديدة حسب حاجة البشرية لها.. أمام فرنسا فلها بلاع طويل في صناعة مواد التجميل والأسلحة مع أمريكا التي تعتبر أكبر بلدان العالم تصديراً لها.

فلا حدود للصناعة أمام تلك الدول فكل حاجات البشر المعروفة والتي هي قيد البحث قابلة أن تكون منتجاً وله خطوط إنتاجية كفوءة وحاصلة على شهادات الجودة العالمية ISO بأنواعها، وليس بالضرورة أن تكون اليابان مشهورة بالصناعات الألكترونية فالشعب الياباني يوفر لنفسه كل الاحتياجات بصورة مستدامة موفراً للبلد ذات الموارد.

وتلك النهضة بدأت منذ عقود تدب في دول الجوار الإقليمي والخليج العربي.. حين أصبحت شهية الأسواق الكبيرة في العالم مفتوحة على مصراعيها لاستقبال كل شيء.. وبالأخص أسواق العراق كل شيء على الأطلاق من الإبرة الى الصاروخ وكأننا نعيش في صحراء.. ليس لدينا ماء فنستورده وليس لدينا أرض خضراء تُرى من الأقمار الصناعية فنستورد غذائنا بأنواعه..

كله معلب.. حتى الخبز وكأن أفراننا عجزت عنه وعقرت تلك المساحات الهائلة من الأراض الزراعية و جف ضرع ماشيتنا حتى عن الحليب لتغرق اسواقنا بصناعات خليجية كثيرة من أنواع الأجبان.. ولو قدر لنا أن نستكشف حجم التبادل التجاري العراقي من دول الخليج العربي أو العالم كله لوجدنا أننا خلال سنة واحدة فقط من قيمة تلك الاستيرادات سنكون قادرين على نقل تكنلوجيا تصنيع كل أنواع المعلبات والملابس والعدد، غير المطابقة للمواصفات العالمية، التي نراها أمام أعيننا ونتحسر على مصانعا التى لم تصحوا لغاية اليوم من ضربة الحوسمة التي أحالتها خراباً ونتحسر على تلك القوة البشرية الهائلة التي تفترش ارصفة البطالة بلا عمل وبلا.. أمل.

 فحجم إستيراداتنا من بعض الدول مثل ايران، تركيا، الصين، الدول العربية، أمريكا، وغيرها من الدول.. قد يصل الى عشرات المليارات من الدولارات التي تكفي لإغراق العراق بالمصانع الحديثة.. فنحن دولة تمتلك 3 ملايين موظف وقادرين على تشغيل مثلهم إذا توفرت لدينا الخطط البناءة في الإنتاج والصناعة وحدها قد تضم مئات الألاف من الموظفين بخبرات وطاقات عمل لسنوات عدة في كل المجالات الصناعية وتدربوا في الفترات السابقة في أرقى الشركات العالمية.

في شركاتنا الصناعية اليوم ليس لدينا مكان لجلوس الموظفين فيها لكثرتهم وقلت المكونات المادية، والكثير من تلك الشركات، ذات التمويل الذاتي، غير قادرة على توفير رواتب لموظفيها ويهددون كل يوم بأن رواتبهم ستكون عبارة عن الراتب الأسمي فقط وكأنهم هم السبب في عدم دوران تلك العجلة التي تسمى بالعجلة الصناعية في البلد وليست إدارات تلك الشركات التي توقفت عقولها عن إيجاد عقود للتعاون وإستثمارات لبناء مصانع جديدة..

فعلى الرغم من كل المعوقات أمام الاستثمار في مجال الصناعة إلا إن العالم يزخر بأنواع المصانع فما الضير في إستيراد مصانع كاملة وتدريب موظفيها على إدارة خطوطها الإنتاجية وتشغيل تلك السواعد التي أخذ منها الملل ما أخذ وتركها تعاني قسوة الحياة وارتفاع التضخم الذي يتسبب اليوم في إنهاك المدخولات المحدودة لأسرهم.

سيتوقف النفط يوماً ما وسنندب حظنا في عدم إيجاد خطط للصناعات الستراتيجية وعدم إيلائنا لتوفير المواد الأولية لتلك الصناعات أية أهمية.. وأخيرا قد يفهم البعض بماذا نحن مشهورون اليوم بعد كل ما سلف ! 

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11/حزيران/2012 - 20/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م