العنوسة ظاهرة تقلق الامارات

 

شبكة النبأ: يتصاعد القلق في المجتمع الاماراتي المحافظ والمحاط باكثرية من الوافدين، ازاء ظاهرة تأخر سن الزواج بين المواطنات، وهي ظاهرة يعزوها البعض الى عوامل مثل ارتفاع المهور والزواج من اجنبيات والتكاليف المرتفعة للزواج نتيجة انتشار البذخ في الاعراس، اضافة الى دخول المراة سوق العمل. وفيما اصبح متوسط سن الزواج للفتيات في الغرب ثلاثين عاما، ما زال هذا السن في الخليج ينظر اليه على انه عتبة الدخول الى "العنوسة".

وفجر المجلس الوطني الاتحادي، وهو بمثابة برلمان، نقاشا عاما متواصلا منذ أسبوعين في وسائل الاعلام المحلية وشبكات التواصل الاجتماعي لإيجاد حلول لتأخر زواج الاماراتيات.

ووصف مصبح سعيد الكتبي العضو في المجلس الوطني والذي كان وراء اطلاق هذا الجدل، نسبة "العنوسة" ب "المقلقة". واكد ان الإحصائيات التي حصلت عليها الأمانة العامة للمجلس اكدت وصول النسبة الى ما بين 60 و68% من الاماراتيات.

ووصل عدد الامارتيات العازبات اللواتي تجاوزن سن الثلاثين الى 175 ألفا بحسب الكتبي. وتقدم السلطات الاماراتية شتى انواع الدعم للمقبلين على الزواج، لاسيما من خلال صندوق الزواح الذي يمنح حوالى 70 الف درهم (19 الف دولار) للمواطنين المقبلين على الزواج وتنظيم اعراس جماعية، فيما تم رسميا تحديد سقف للمهور. بحسب فرانس برس.

الا ان هذا السقف المحدد ب14 الف دولار لا يحترم في بعض الاحيان. ويتحدث البعض عن مطالبة الأهالي لمهور غير رسمية قد تصل إلى نحو نصف مليون درهم أو أكثر (135 الف دولار).

ويقول علي المنصوري ان صديقا له "ما زال يدفع اقساط المهر بعد تسع سنوات من زواجه". ونفت رئيسة صندوق الزواج ميساء الشامسي امام المجلس الوطني الاتحادي ان تكون "العنوسة مشكلة" وقالت "لا نستطيع إيجاد إحصاءات رسمية تساعد أو تعطي مؤشرا لأي مؤسسة اجتماعية ليتم على ضوئها تقديم حلول". غير أن الكتبي حمل جزءا من المسؤولية لمؤسسة صندوق الزواج.

وقال "مطلوب من الصندوق أن يحقق أهدافه الإستراتيجية المتمثلة في تشجيع زواج المواطنين والمواطنات" مضيفا الى ذلك مسؤولية الحكومة والأسرة والمجتمع. وحاول الكتبي توصيف الأسباب. وقال "قد تكون من الفتاة نفسها التي تفضل الدراسة الجامعية والعمل والترقي عوض الزواج الذي قد يحد من نجاحها العملي خاصة مع وجود أسرة وأطفال، وقد يكون الأمر من الطرف الآخر الذي يفضل أن تكون شريكته متفرغة للبيت"، مشيرا في نفس الوقت ان الظاهرة تشمل فتيات من عاملات وغير عاملات.

وبحسب الكتبي هناك معتقدات أسرية ساعدت على تضخيم الظاهرة "فلا يزال البعض يهتم بالأصول القبلية، وبعض الأسر ترفض زواج البنت الصغيرة قبل الكبيرة، ومع تزايد نسبة الطلاق أخذت الأسر تشترط مؤخرا عاليا للطلاق كضمانة، وهذا ما جعل الشباب ينظرون إلى خيارات أخرى".

ويشير التقرير الرسمي الصادر عن مركز البحوث والإحصاء الى أن نسبة زواج إماراتيين من أجنبيات بلغ 20% من اجمالي الزيجات عام 2010. واعتبر الكتبي هذه النسبة "كبيرة خاصة أن نسبة العنوسة كبيرة" ايضا.

وفيما تتساهل الاعراف مع الرجل الراغب بالزواج من اجنبية، تتشدد مع المواطنة الراغبة بالزواج من اجنبي، لكن في كل الاحوال ينظر المجتمع الى الزواج باجنبية كعامل يهدد استدامة الهوية الوطنية.

وكشف الكتبي عن دراسة قامت بها كلية الطب في جامعة الإمارات تشير الى أن 38% من الطلبة الذين شملتهم الدراسة يرون أن سبب العنوسة هو غلاء المهور، و57% يعتقدون أن السبب تفضيل البنات التعليم الجامعي على الزواج، و5% يرون العادات والتقاليد هي السبب، واتفق الجميع على أن سن العنوسة هو 32 عاما.

وفي دراسة اخرى أجرتها كلية الطب أيضا في جامعة الإمارات لقياس رأي الطلاب في تعدد الزوجات كحل للعنوسة، أيد التعدد 73% من الطلاب الذكور، و"المفاجئء" بالنسبة للكتبي أن 59% من الطالبات أيدن التعدد وقبلن أن يكن زوجة ثانية.

وقال الكتبي "العنوسة ليست أمرا سيئا بحد ذاته، لكن الخوف من تزايد العدد خاصة في ظل الخلل الكبير في التركيبة السكانية" حيث يبلغ تعداد سكان الإمارات حوالي 8,26 مليون نسمة، يشكل الإماراتيون منهم حوالي 948 ألفا بحسب تقديرات المركز الوطني للاحصاء.

وشهد موقع تويتر نقاشات متشعبة عن ظاهرة تأخر الزواج في الامارات، حيث تبادل الشباب والشابات التهم فيما يتعلق بغلاء المهور وتكاليف حفل الزفاف المبالغ بها وغيرها من مظاهر البذخ والوجاهة الاجتماعية التي جعلت الزواج من الإماراتيات يتراجع.

غير ان علي آل سلوم المستشار في الثقافة المحلية يرى أن هذا الواقع طبيعي وله علاقة بالتطور العمراني والفكري المستمر في المكان، وقال لوكالة فرانس برس "حتى الشاب الإماراتي كان يحلم بالزواج في وقت أبكر من حياته، لكنه يعطي عمله الأولوية الآن مثل البنت الإماراتية".

وقال آل سلوم "بقدر ما يشجع الاماراتي المرأة على التعليم والعمل الا انه في قرارة نفسه يفضل ربة البيت حتى يبني أسرة على أسس متينة، فمعادلة المرأة العاملة والأم الناجحة في نفس الوقت هي شبه مستحيلة" مشيرا خصوصا الى طول ساعات العمل. كما يتحدث آل سلوم عن البذخ والسعي وراء المظاهر والمجاملات الاجتماعية التي قد تكون مهينة للرجل غير المقتدر.

أما وفاء خلفان، وهي موظفة، فقد اعتبرت الظاهرة مقلقة فعلا، وقالت لوكالة فرانس برس "العديد من الفتيات الجميلات والمتعلمات والخلوقات اللواتي يتمتعن بصفات فتاة الأحلام لا يجدن فرصا حقيقية للزواج، مشيرة إلى اختلاط المعايير لدى الشباب، فقد ينظر إلى الفتاة المنفتحة أنها "منحرفة"، وقد تعتبر الفتاة التقليدية "متزمتة".

وكشفت الكاتبة والصحافية السعد المنهالي عن ثقافة عامة في المجتمع تدفع باتجاه البهرجة والبذخ، وقالت "أثرت سلوكيات النخب على الطبقات الأخرى، فالكل يريد أن يكون أفضل من الآخر في إظهار الثراء وهذا انعكس على المبالغة في حفلات الزفاف التي أصبحت مكلفة جدا، وهذا ينم عن عدم احترام لفكرة الزواج وقدسيته".

واعتبرت السعد أن طرح تعدد الزوجات كحل لمشكلة العنوسة تبدو غير منطقية وقالت "الزواج خيار شخصي وقرار لشراكة مع آخر وليس لتحقيق هدف وطني كما يقول البعض".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/حزيران/2012 - 19/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م