شبكة النبأ: لاتزال كلمات التهديد
والوعيد هي السمة الرئيسية في الخطابات التي يلقيها المسؤولين واصحاب
القرار في اسرائيل وايران على حد سواء والتي ازدادت في الآونة الاخيرة
بسبب الخلاف على برنامج ايران النووي الذي اسهم بشكل فاعل في ازدياد
حدة التوتر في المنطقة، ومع اتساع رقعة التهديد بين الجانبين تزداد
الخشية ايضا من احتمال ان تقدم اسرائيل بشن هجمات استباقية الهدف منها
اضعاف القدرات الإيرانية، والتي ستكون لها عواقب وخيمه بحسب بعض
المراقبين، وفي هذا الخصوص فقد حذر المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية
آية الله علي خامنئي من ان اي هجوم لإسرائيل ضد البرنامج النووي
الايراني "سيسقط كالصاعقة على رأس" الدولة العبرية، متهما الغربيين
ب"الكذب" حول التهديد النووي الايراني. وقال خامنئي في خطاب بمناسبة
ذكرى وفاة مؤسس الجمهورية الاسلامية آية الله الخميني "اذا كان القادة
الصهاينة يتحدثون عن تحرك عسكري (ضد ايران) فلأنهم يشعرون بالرعب وهم
اليوم اضعف من اي وقت مضى".
واكدت الولايات المتحدة واسرائيل مرات عدة في الاشهر الاخيرة انهما
لا تستبعدان توجيه ضربات عسكرية ضد البرنامج النووي الايراني المثير
للجدل اذا لم تؤد المفاوضات مع طهران الى حل دبلوماسي. وقال المسؤولون
الايرانيون ان طهران سترد عسكريا على اي هجوم، بقصف اسرائيل والقواعد
الاميركية في المنطقة وبإغلاق مضيق هرمز من حيث يمر ربع التجارة
النفطية البحرية العالمية. من جهة اخرى، اتهم خامنئي الغربيين بإثارة "كذبة
الخطر النووي الايراني" لسبب واحد هو "انهم يخشون ايران الاسلامية".
وقال ان "الدوائر السياسية ووسائل الاعلام الغربية تقول ان ايران
النووية خطيرة. اقول انها كذبة. ما يخافون منه ليس ايران نووية بل
ايران الاسلامية". واعتبر خامنئي ان الغربيين يتخذون "موقفا غير منطقي"
حيال الملف النووي الايراني الذي "يضخمونه بأكاذيب للتستر على مشاكلهم".
ويشتبه الغربيون في ان تكون اهداف عسكرية وراء برنامج ايران النووي
الذي اصدر مجلس الامن الدولي بسببه على طهران ستة قرارات منذ 2006.
وتنفي طهران على الدوام بانها تسعى الى التزود بالسلاح النووي الذي
وصفه خامنئي بانه "حرام". واضاف المرشد الاعلى من دون الاشارة مباشرة
الى المباحثات النووية الجارية مع الدول الكبرى للتوصل الى حل دبلوماسي
للازمة، ان ايران "لن تتوقف على طريق التقدم السياسي والعلمي او
التكنولوجي". كما اكد ان العقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضها
الغربيون "ليس لها اي آثار ولا يمكنها الوقوف في وجه الشعب الايراني
انها فقط تعزز حقده حيالهم". ويشكل رفع العقوبات الدولية ضد برامج
ايران البالستية والنووية والعقوبات الغربية ضد قطاعها المصرفي والنفطي
احد المطالب الرئيسية لطهران في مفاوضاتها الجارية مع مجموعة 5+1
(الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا).
على صعيد متصل اعلن المستشار العسكري للمرشد الأعلى الايراني ، ان
ايران سترد عسكريا على اي هجوم اسرائيلي او اميركي على منشآتها
النووية، مؤكدا ان هذا الرد سيكون "متناسبا وحجم الضرر". لكن الجنرال
يحيى رحيم صفوي، القائد السابق للحرس الثوري اعتبر في مقابلة مع وكالة
انباء فارس، ان مخاطر حدوث مثل هذا الهجوم "ضعيفة". وقال صفوي ان
الشروط غير مؤاتيه لمثل هذا الهجوم، على الرغم من تحذيرات المسؤولين
الاميركيين والاسرائيليين وتذكيرهم بصورة منتظمة بان "جميع الخيارات
مطروحة على الطاولة" اذا فشلت المفاوضات بين ايران والقوى الكبرى بشان
برنامج ايران النووي المثير للجدل.
واضاف صفوي ان بإمكان اسرائيل والولايات المتحدة "بدء الحرب لكن ليس
بإمكانهما انهاؤها" وبالتالي فإنهما يمنحان ايران "مفتاح حل هذا
النزاع". وتابع ان "الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي" غير ملائم
للمسؤولين في البلدين. واضاف "يريد اوباما ان تتم اعادة انتخابه (في
تشرين الثاني/نوفمبر) ولن يبدأ حربا جديدة وحكومة نتانياهو هشة واي
نزاع قد يسقط حكومته".
واكد مستشار الخامنئي انه في حال وقوع هجوم فإن "ايران سترد بذكاء
وبطريقة تتناسب وحجم الضرر الذي سيحدث، وهذا يعني اننا سنلحق بهم حجم
الضرر نفسه الذي سيلحقونه بنا". وذكر الجنرال صفوي ان "كل الاراضي
الاسرائيلية هي في مرمى صواريخنا"، مشيرا الى ان "حزب الله اللبناني
(حليف ايران) الذي يملك آلاف الصواريخ سيوجهها على الأرجح ضد النظام
الصهيوني" اذا هوجمت ايران.
واعتبر صفوي انه بالنسبة للولايات المتحدة "ليس لدينا امكان الوصول
الى اراضيها، ولكن هناك عشرون قاعدة اميركية واكثر من مئة الف جندي
اميركي في المنطقة يمكن ان تصل اليهم ايران". واضاف ان "الاميركيين
يعرفون جيدا ان سفنهم الستين في الخليج الفارسي وفي بحر عمان مهددة وان
كل قواعدهم في مرمى صواريخنا". بحسب فرنس برس.
واكدت الولايات المتحدة واسرائيل ان خيار توجيه ضربة عسكرية ضد
المنشآت النووية الايرانية لا يزال "على الطاولة" في حال فشل جولة
جديدة من المفاوضات المقررة في موسكو في. و اكد السفير الاميركي في
اسرائيل دان شابيرو "لا ننوي مواصلة المفاوضات الى ما لا نهاية. وقال
وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ان الدولة العبرية لن تتنظر "فوات
الاوان" لعرقلة البرنامج النووي الايراني بعمل عسكري. وتؤكد طهران
بانتظام انها سترد عسكريا على اي هجوم على منشآتها النووية.
إسرائيل تشكك
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن توقف إيران عن
تخصيب اليورانيوم والتخلص مما انتجته بالفعل وتفكيك المنشآت التي
تمكنها من إنتاج المزيد هو أقل ما يمكن أن يقنعه بأن طهران ليس لديها
مشروع لإنتاج أسلحة نووية. وكرر مطالبه بانه يتعين على إيران -إلى جانب
التوقف التام عن تخصيب اليورانيوم- أن تزيل ايضا من اراضيها كل المواد
النووية التي جرى تخصيبها بالفعل وأن تفكك المنشأة النووية الحصينة قرب
مدينة قم.
ويعتقد الكثير من المحللين والدبلوماسيين بأنه لن يمكن التوصل إلى
اتفاق في المستقبل القريب ما لم يتم تقديم تنازلات من الجانبين. ويدعو
اقتراح إيران للتوقف عن تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى لضمان عدم
انتاج المادة التي يمكن استخدامها في صنع قنابل والموافقة على المزيد
من عمليات التفتيش الاكثر فاعلية للأمم المتحدة وذلك في مقابل تخفيف
العقوبات.
وكان موشي يعلون نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي قال في وقت سابق ان
المحادثات التي جرت في بغداد بين القوى الست وإيران لم تحقق شيئا. وقال
يعلون في تعليقه على محادثات بغداد انها لم تسفر الا عن "مزيد من كسب
الوقت لإيران." وقال يعلون لراديو الجيش الإسرائيلي "لم يتحقق شيء
ملموس سوى اعطاء الإيرانيين ثلاثة أسابيع أخرى أو نحو ذلك لتمضي في
المشروع النووي إلى حين موعد الاجتماع القادم في موسكو. "وللأسف لا أرى
شعورا بمدى الحاح الامر بل ربما يكون في مصلحة بعض اللاعبين في الغرب
اطالة أمد الوقت وهو ما سيصب بلا شك في صالح إيران."
وتقول واشنطن مثلها مثل إسرائيل ان القوة المسلحة يمكن ان تكون
الخيار الاخير ضد إيران التي تنفي سعيها لامتلاك اسلحة نووية وهددت
بالرد على عدة جبهات اذا تعرضت للهجوم. وخوفا من اندلاع حرب جديدة في
الشرق الاوسط سعت حكومة أوباما إلى طمأنة حكومة نتنياهو بأن مسار
المحادثات لم يستنفد بعد.
وركزت جولة المحادثات النووية التي جرت في بغداد على إعادة تخصيب
إيران لليورانيوم إلى مستوى نقاء يبلغ 20 في المئة. وتصنيع القنابل
يحتاج الى تخصيب الى درجة أعلى. وتقول إيران انها تحتاج إلى تخصيب
اليورانيوم لمستويات أعلى من اجل تصنيع وقود لتشغيل مفاعل للأبحاث
الطبية. وقال نتنياهو إن الخط الأحمر الأصلي كان قد تحدد عند درجة
تخصيب 3.5 في المئة وهي نسبة كافية لتشغيل محطات الطاقة النووية
المدنية ولكن تم التهاون بشأنه.
وقال يعلون "حتى حين يواجهون بمطالب أقل لم يرد الإيرانيون بعد بشكل
ايجابي." وطالب بتشديد العقوبات وقال "نحن لم نصل في المحادثات حتى الى
هذا المستوى. وبدلا من ذلك نؤجل الامر من اجتماع إلى آخر." وحين سئل
عما اذا كانت الجولة القادمة من المحادثات في موسكو ستحقق نتائج حاسمة
قال يعلون "دعونا نأمل في ذلك... الإيرانيون يريدون كسب الوقت يريدون
خداع العالم الغربي والاستمرار في تشغيل أجهزة الطرد المركزي لتحقيق
قدرات عسكرية."
ورغم الاعتقاد السائد بان إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق
الاوسط التي تملك اسلحة نووية شكك الكثير من الخبراء الدوليين وكذلك
مارتن ديمبسي رئيس هيئة الاركان الأمريكية المشتركة في قدرة قواتها
التقليدية على الحاق ضرر دائم بمنشآت إيران النووية المتفرقة المحصنة
بدفاعات قوية. وزاد هذا من التكهنات بأن إسرائيل متورطة في عمليات
تخريب ضد إيران منها هجمات الكترونية. بحسب رويترز.
وظهر فيروس كمبيوتر جديد اطلق عليه اسم (فليم) يقول محللون انه طور
لصالح نفس الدولة التي طور لصالحها من قبل فيروس ستاكس نت الذي ضرب
البرنامج الإيراني عام 2010 . وسئل يعلون عن مدى صحة هذه التكهنات فقال
"هكذا يبدو". ورأس يعلون من قبل المخابرات الإسرائيلية والجيش. وقال
"أرى انه منطقي بالقطع ان يلجأ كل من يرى ان الخطر الإيراني خطر ملموس
- وهذا لا ينطبق على إسرائيل وحدها بل العالم الغربي كله بقيادة
الولايات المتحدة - إلى كل السبل المتاحة ومنها هذه لألحاق الضرر
بالمشروع النووي الإيراني." |