حركة حماس... نهاية جهاد واستحقاقات سلطة

 

شبكة النبأ: تحديات جديدة تواجه حركة حماس الفلسطينية بسب التغيرات المهمة التي تشهدها المنطقة والتي ستجربها ايضا على تغير بعض سياساتها على الصعيدين الداخلي والخارجي الامر الذي يصفه بعض المحللين بانه تنازل لأجل الاستمرار مرجحين بذلك اتساع رقعة الخلاف والانقسام بين قيادات حماس ، وفي هذا الشأن تجد الحركة نفسها بعد ما يزيد من 25 عاما على انطلاقها رسميا امام متغيرات كبيرة من ابرزها صعود حركات اسلامية الى الحكم في دول عربية وقبول المجتمع الدولي بالتعامل معها على انها جزء من النظام العالمي بعد قبولها بمتطلبات الدخول الى هذا النظام من خلال تأكيدها والتزامها بالاتفاقيات الموقعة واحترامها لقواعد القانون الدولي في سعيها لان تصبح جزءا من النظام السياسي العالمي الامر الذي يشكل اختبارا صعبا لحركة (حماس) التي لم تعلن بعد وصولها الى الحكم في قطاع غزة استعدادا للالتزام بالاتفاقيات الموقعة وتحديدا مع اسرائيل.

وقال المحلل السياسي ابراهيم ابراش "بالتأكيد هناك عدة احداث دفعت حركة حماس الى اعادة النظر بنهجها فيما يتعلق بالمقاومة المسلحة وفيما يتعلق بعلاقاتها مع منظمة التحرير ومحيطها العربي." واضاف "من اهم هذه الاحداث ان حماس اصبحت سلطة في قطاع غزة وتتجه الى دولة غزة اي تحويل غزة الى كيان سياسي قائم بذاته. هذا الامر يجعلها تتوقف عن العمل المسلح حتى تحافظ على قطاع غزة. والعامل الثاني هو الثورات العربية ووصول فروع الاخوان الى السلطة وممارستهم العمل السياسي الوطني الداخلي."

وفازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت في عام 2006 وشكلت حكومة فلسطينية لكنها لم تأخذ فرصتها في الحكم بعد ان فرض عليها المجتمع الدولي حصارا لرفضها الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف. وبعد ذلك بعام سيطرت حماس على قطاع غزة واقامت فيه سلطة لها جعلت الحصار يطال سكان قطاع غزة البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة. ويرى ابراش ان ما تشهده المنطقة من تحولات بسبب الثورات العربية "يدفع حماس الى ان تتبنى نفس التوجه اي ان تنتهج نهج الاخوان المسلمين في التحول الى نظام سياسي." وقال براش "ان حركة حماس تريد ان تستفيد من هذه الشبكة الواسعة التي تمثلها جماعات الاسلام السياسي الموجودة في السلطة سواء في المغرب أو تونس أو ليبيا أو مصر وقد تمتد الى اكثر من ذلك وبالتالي ان تتحول الى فرع من جماعة الاخوان المسلمين وكأنها تحصن نفسها... هذا على مستوى الانتماء الايديولوجي العام." واضاف "ولكن هناك ايضا توجهات لان تسير على نفس النهج الذي سار عليه الاخوان في الاردن ثم في مصر اي ان تشكل حزبا سياسيا يستطيع ان يتحرك على المستوى الوطني بمعزل عن استحقاقات كون حماس فرعا من فروع الاخوان المسلمين."

ويمكن قراءة جزء من التحول الذي تشهده حماس بمتابعة التصريحات الصادرة عن رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل والتي بدأها بالقبول بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 واعطاء فرصة للرئيس الفلسطيني محمود عباس لتحقيق شيء من خلال المفاوضات وكان اخرها الموافقة على تولي عباس رئاسة حكومة انتقالية مما يعني عمليا القبول بسياسته.

وينظر البعض الى النقاش الذي تشهده حركة حماس وخصوصا بعد توقيع مشعل على اتفاق الدوحة الذي ينص على تشكيل حكومة وحدة برئاسة عباس لأنهاء الانقسام الفلسطيني والعمل على اجراء انتخابات جديدة واعادة اعمار غزة على انه جزء من اختلاف الآراء حول مستقبل الحركة ودورها في النظام السياسي خلال المرحلة القادمة.

وقال المحلل السياسي اياد البرغوثي "يبدو لي ان هناك نوعا من الصراع او الاخذ والرد حول مستقبل حماس في ظل التحالف الجاري الدولي والعربي." واضاف "يبدو ان هناك اختلافا في الرؤى لدى قادة حماس بين من يرى ان المنطقة تتجه لتكون محكومة من التيارات الاسلامية والاخوان المسلمين بالذات وخاصة مصر وتونس والمغرب وسوريا." وعملت حماس خلال الفترة الماضية على نفي توجه رئيس مكتبها السياسي ليكون في منصب المرشد العام للإخوان المسلمين فرع فلسطين وخصوصا بعد تسريب انباء عن فصل الاخوان المسلمين في فلسطين عن الاردن. وقال البرغوثي "في وقت سابق انفصل الاخوان المسلمون في الاردن عن فلسطين وبالتالي مهدت الامور حتى يكون هناك اخوان مسلمون في فلسطين وكان هناك شائعة تم نفيها ان خالد مشعل سيكون المراقب العام لفرع فلسطين ولكن لا نعلم مدى دقة النفي." واضاف "ما يجري في حماس نقاش وليس خلافا... هناك نقاش جدي تشهده المرحلة الانتقالية في حماس." بحسب رويترز.

وهناك من يرى ان حماس تريد ان تطبق تجربة الاخوان المسلمين في مصر والاردن وغيرهما بحيث يكون لديها حزب سياسي يستطيع التعامل مع القضايا الوطنية وينأى بالحركة عن حرج الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي لأنها بدون هذا الاعتراف لن تتمكن ابدأ من ان تصبح جزءا من نظام سياسي مقبول دوليا. ويصف ابراش النقاش الذي تشهده حماس وخصوصا بعد توقيع اتفاق الدوحة بأنه "مخاض فكري كبير لتحدد مسارها السياسي والايديولوجي خلال المرحلة القادمة."

العلاقات مع سوريا

على صعيد متصل اكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمود الزهار ان حركته لم تقطع علاقاتها مع القيادة السوري، متمنيا ان يستعيد الوضع في سوريا عافيته. وفي رده على سؤال حول ما اذا قطعت حماس علاقتها كليا مع السوري بعد خروج رئيس المكتب السياسي خالد مشعل منها مؤخرا تساءل الزهار "من الذي قال اننا قطعنا العلاقات؟ لماذا يحاول هؤلاء ان يخرجونا عن دائرة الحياد التي اتسمنا بها في كل القضايا، هذه محاولات للإيقاع بيننا وبين سوريا". وقال الزهار "نحن نتمنى لسوريا ان تتعافى وان يأخذ شعبها حقه وان يقوى النظام الذي يمثل الشارع السوري الذي يستطيع ان يحرر ارضه ويساعد في تحرير فلسطين، بالتالي نحن لسنا طرفا للدخول في اي من المحاور لا القطرية ولا المنطقة كلها". بحسب فرنس برس.

وكانت مصادر عديدة اوضحت ان حماس غادرت سوريا ونقلت مقر مكتبها السياسي منها لكن الزهار اوضح "كانت جلسات (المكتب السياسي للحركة) تعقد في خارج سوريا حتى في فترة كانت الاوضاع عادية في سوريا واخر لقاءات عقدت في سوريا لان بعض البلاد كانت تغلق الابواب امامنا وعندما فتحت الابواب (مثل مصر وقطر) من حقنا ان نجري اللقاءات فيها هذا ليس له دلالات سياسية".

ترسانة حماس

في السياق ذاته اعلن يورام كوهين رئيس جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي (الشين بيت) ان حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة تملك نحو ثمانية الاف صاروخ قصير ومتوسط المدى و15 الف مقاتل. وقال كوهين امام لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكنيست (البرلمان) الاسرائيلي "حركة حماس في غزة تملك ثمانية الاف صاروخ يتراوح مداها ما بين اربعة واربعين كيلومترا وهناك اشاعات تفيد بان بعضها قد يصل الى تل ابيب" التي تبعد نحو خمسين كيلومترا عن قطاع غزة. واطلق اكثر من 310 صواريخ من قطاع غزة على اسرائيل منذ بداية العام بحسب الجيش الاسرائيلي الذي يرد عادة بشن غارات جوية.

وتابع كوهين "تمتلك حماس قدرات عسكرية شبيهة بالتي تملكها دول مع 15 الف مقاتل مسلح" موضحا ان الجماعات المسلحة في غزة "تتدرب على الارهاب اما عن طريق خبراء دخلوا القطاع ومن بينهم ايرانيون او بالخروج للتدرب خارجا" عن طريق الانفاق تحت الحدود المصرية. ووفقا لكوهين فان تهريب الاسلحة الى القطاع ياتي غالبا عن طريق ليبيا التي اصبحت "بوابة جديدة للجحيم" مع كميات كبيرة من قاذفات الصواريخ المحمولة والصواريخ. بحسب فرنس برس.

واضاف "تواجه اسرائيل ومصر وضعا امنيا خطيرا في سيناء حيث يريد الارهابيون ضربنا منها خاصة عن طريق اطلاق الصواريخ على ايلات" على البحر الاحمر. واوضح رئيس الشين بيت انه تم اعتقال الفي مشتبه فلسطيني العام الماضي مشيرا الى انه تم تفكيك 28 خلية اغلبها مرتبط بحماس كانت تخطط لخطف اسرائيليين. وفيما يتعلق بالهجمات الالكترونية اكد كوهين انه "كان هناك سباق تسلح منذ سنوات على المستوى الدولي، وكل دولة تسعى لبناء قدراتها في هذا المجال". وشدد ان الحكومة الاسرائيلية عهدت الى جهاز الشين بيت عام 2004 بضمان امن مؤسسات البنى التحتية الاسرائيلية الحساسة كشبكة المياه او المؤسسات المالية.

رفع دعوى

من جانب اخر قال شقيق محمود المبحوح القائد العسكري في حركة حماس الذي تم اغتياله في دبي عام 2010 ان عائلته تنوي رفع دعوى قضائية بتهمة الذم والتشهير امام المحاكم الاسرائيلية ضد القائمين على فيلم اسرائيلي فرنسي يعتبرون انه "يشوه" صورة نجلهم. وقال فائق المبحوح ان عائلته "سترفع قضية ذم وتشهير امام المحاكم الاسرائيلية ضد منتجي فيلم اسرائيلي يعمل على تشويه صورة الشهيد محمود المبحوح". واكد ان الفيلم "يمس بصورة شقيقنا" ويظهره "بطريقة قذرة"، موضحا ان "الفيلم يظهره بانه يعاقر الخمر وبان هناك عارضة ازياء اسرائيلية تلتقي معه على البار ثم تغريه وتستدرجه ليتم اغتياله". وتابع "نحن عائلة محافظة ومتدينة ونحترم سمعة الميت سيما ان شقيقنا يمثل رمزا مشرفا من رموز المقاومة".

و ذكرت صحيفة هارتس انه يجري حاليا اعداد فيلم من انتاج اسرائيلي فرنسي مشترك يسخر من اغتيال المبحوح الذي اتهم جهاز الاستخبارات الخارجية الاسرائيلي (الموساد) بالوقوف وراءه. وعثر على جثة المبحوح احد مؤسسي الجناح المسلح لحركة حماس الذي كانت تلاحقه اسرائيل، في 20 كانون الثاني/يناير 2010 في غرفة بأحد فنادق دبي. بحسب فرنس برس.

ونشرت شرطة دبي مشاهد فيديو التقطتها كاميرات مراقبة تظهر ان 27 شخصا شاركوا في عملية الاغتيال. واظهر التحقيق ان جميعهم استخدموا جوازات سفر مزورة بريطانية وفرنسية وايرلندية واسترالية والمانية. ويتحدث الفيلم عن عميلين في الموساد يفاجآن بعملية الاغتيال لانهما يعلمان ان الجهاز لا يقف وراء العملية. وخلال الفيلم يكتشف العميلان ان الاغتيال جزء من خطة نصب كبيرة تتعلق بمجموعة كبيرة من المجرمين ومن بينهم طالب وخبير في التزوير.

وتتهم دبي اسرائيل بالوقوف وراء عملية الاغتيال، الامر الذي تنفيه الدولة العبرية مشيرة الى عدم وجود ادلة تؤكد تورط جهاز الاستخبارات الخارجية.

اللغة العبرية

من جهة اخرى اعلنت وزارة التربية والتعليم التابعة للحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس انها قررت بدء تدريس اللغة العبرية في عدد من مدارس قطاع غزة اعتبارا من العام الدراسي المقبل. وقال زياد ثابت وكيل مساعد في وزارة التربية والتعليم في الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة "هناك قرار في وزارة التربية والتعليم بتطبيق تدريس اللغة العبرية كمادة اختيارية لطلبة الصفين التاسع والعاشر ".

وبرر ثابت قرار تدريس اللغة العبرية بالقول "لا زلنا موجودين تحت الاحتلال والاحتلال يتحدث اللغة العبرية وغالبية البضائع الموجودة في السوق مكتوب عليها باللغة العبرية، فمعرفة هذه اللغة مفيد". واوضح المسؤول نفسه "لدينا فريق يقوم بأعداد مناهج اللغة العبرية للصف التاسع وهناك مجموعة من المعلمين والمشرفين للغة العبرية لديهم خطة ووضعوا الخطوط العريضة والان هم في طور الاعداد لمحتوى هذا المنهاج ليتناسب مع العمر الزمني للطلاب". بحسب فرنس برس.

واكد ثابت ان "هذا المنهاج سيكون اختياريا بالنسبة لطالب الصف التاسع والعاشر حيث يستطيع ان يختار احد ثلاثة مباحث الصحة واللغة الفرنسية او العبرية". واضاف "سنبدأ في عينة من المدارس، بمدرستين في كل مديرية احداها للذكور والاخرى للإناث في كل مديرية من المديريات السبع الموجودة في قطاع غزة وسيكون لدينا بذلك في العام الجديد 14 مدرسة سيطبق فيها برنامج تعليم اللغة العبرية على مستوى قطاع غزة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 6/حزيران/2012 - 15/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م