الأخلاق هي المعيار الأول للردود، ويجب أن يكون ردك للضرورة فقط،
وأعلم أن ردَّك يُفهم على أنه رد القناة، فأنت الذي يمثلها على الهواء،
لذلك تحلى بالهدوء وابتعد عن الاندفاع، وركز بشكل كامل على كل ما يقوله
المتصل أو الضيف، فلك حق التعقيب ولكن دون مبالغة، سواء في المدح أو
القدح، التغيير في الردود مطلوبٌ ولو كان يتضمن جودة أقل مما تعودت
عليه، ولا تنسى أنك أمام أناس مختلفين في تفكيرهم وأيضاً في تعابيرهم
لهذا لا تستعجل بالنقد أو الثناء، لأن الذي يعتبره أحدهم نقداً يراه
الآخر ثناء، وأحياناً يفسر بأنه مجاملات و(تلميع) من قبل أناس أو يفهم
على أنه شتم وسب من قبل آخرين.
وتذكر أنه عن طريق الحوار والمناقشة الهادئة ينقل المتصل فكرته من
الفجاجة إلى النضج، لايكفي أن يكون لديك موضوعاً جيدا أو معك مهندس صوت
جيدا أو تعمل في قناة جيدة، بل ينبغي أن تمتلك ثقافة كبيرة وافكارا
نيّرة وأخلاقا راقية.
إن الثقافة الكبيرة والأفكار النيرة لاتأتي من خلال الحفظ فقط،
وإنما من خلال الفهم الجيد للواقع، وأعلم أننا في حاجة ماسة لأن نتعلم
من كل الأخطاء لنتميز في عملنا ونتقنه، ليس دائما المبدع هو الذي ينتقي
يطرح قضايا ومواضيع مهمة وجذابة فقط، بل المبدع هو الذي يجعل أيَّ
موضوعٍ مهماً وجذاباً، ولاتنسى أن هناك مبدعين سبقونا ويتقنون مهارة
الحوار وفن الردود، فيجب علينا متابعتهم، والاستفادة منهم، مع قليل من
الصبر والذاكرة الجيدة والعمل على صقل الموهبة لديك بالمطالعة المستمرة
يمكن أن تكون مبدعاً، وهذا ليس مستحيلاً!.
استمع إلى البرامج الحوارية في أكثر من قناة وانتقي الأساليب التي
تتماشى مع برنامجك، وطورها باسلوبك الخاص، ولا تكن نسخة كربونية عن
غيرك، بل تعلم منه أفضل ما لديه واعمل على تطويره إلى الافضل بأسلوبك.
الزميل العزيز، لا تنفعل، تقبل النقد، وتذكر النصائح، واعمل بها،
طالع كثيرا في شتى المجالات، وبالأخص في تلك المواضيع ذات الصلة
ببرامجك، انتقي كلماتك التي تعبر عن فكرتك باختصار غير مخل، ولا تطل في
طرحها، تدرب عليها في أوقات الفراغ، ولا تسهب في طرح السؤال، وتأكد أن
يكون سؤالك مفهوما لدى الجميع، مبسطا وواضحاً، فلو قال المستمع (لم
أفهم) حتى وإن كان فَهِمَ السؤال ولكنه يدعي عدم الفهم تهربا من سؤالك
أو كيداً لك، فاعلم أن هناك مشكلة، لأنك تركت له المجال ليفعل بك هذا
على الهواء، في هذه الحالة كرر السؤال بشكل مختلف، واجعل صوتك أكثر
هدوءاً، وبشكل أكثر اختصاراً.
تعامل مع المستمع مهما كانت افكاره بكل لطف فهذا يزيد من رصيد حبك
عنده وعند غيره من المستمعين. إذا شتمك أحدهم على الهواء فلا تنفعل
واحذر هذا المطب فهو قاتل، رد عليه بنبرة صوت مبتسم وهاديء، وكن أفضل
منه ولا تشتمه على الهواء، بل قل له قولا حسناً يحسسه بأن هذا لا يجوز
احتراماً للمستمع، طبعاً وباختصار شديد.
لا تجعل المستمع أو الضيف يقود دفةَ الحوار وينتقل بك من موضع إلى
آخر، بل تحكم في محاور الحديث، فأنت صاحب السلطة على المايك، لكن لا
تجعل المستمع يشعر بهذه السلطة، بل حسسه بأنك مهتم برأيه وعد به إلى
صلب الموضوع بهدوء، لا تقرأ الرسائل التي تمدحك على الهواء واكتفي بشكر
صاحبها باختصار، ولا تسمح له بأن يطيل في مدحك ومدح برنامجك كثيراً، بل
ادخل به في صلب الموضوع، لو كان معك ضيف لا تسأله عن حالة وأحواله،
ربما تكتفي بجملة (سيد فلان أهلا بك)، ثم اطرح سؤالك مباشرة وباختصار.
لا يجوز أن تضحك أو تستهزئ بفكرة أحد المستمعين إن لم تعجبك، ولا
تقلل من شأنها مهما كانت، وهذه أيضا من الأشياء القاتلة، فهناك كثيرون
سيتعاطفون معه ولو فلعت هذا ربما تفقد بعضهم.
لا تكثر من تكرار نفس جملك، بل نوع فيما تقول، عند بداية البرنامج
أو عند الخروج من فاصل أو العودة منه لأن التكرار يصبح مملاً.
برنامجك مهما كان عبارة عن بناء متماسك، له بداية ووسط ونهاية،
البداية تشمل تحيتك للمستمعين المميزة والمعبرة عن شخصية القناة
والمختصرة، وأيضا تشمل طرحك لموضوع حلقتك باختصار أيضاً، مع ذكر أهم
المحاور، ثم تشرع في استقبال مشاركات المستمعين أو الضيوف، تواصل معهم
بود وحب، دون تعالٍ، اسأل السؤال الذي تعتقد أنه يدور في عقول مستمعيك،
حاول أن تحصل على الاجابة المقنعة من ضيفك، لا تتركه يتهرب من الاجابة،
اطرح عليه السؤال بشكل مغاير وبطريقة تختلف عندما يتهرب منك، بإمكانك
أن تذكر له أو تواجهه بحقائق (بيانات. أرقام. وقائع) حاول أن تذكر له
المصدر بوضوح، ولا تعبر عن رأيك مهما يكن، بل حاول أن تكون محايدا على
الدوام، ركز على كل كلمة يقولها الضيف ولا تسرح عنه بعيداً، فلربما في
كلامه الكثير من النقاط التي يجب أن تستوقفه عندها وتصنع منها سؤالا
ناجحاً.
عندما تصل إلى الختام، لخص موضوع الحلقة للمستمعين بشكل سلس، مثلا:
تحدثنا عن (كذا) وتبين أن أغلب المتصلين يرون أنه كذا، بينما رأي ضيفنا
غير ذلك ثم ودع المستمع باختصار شديد جداً. هذا يمكنك من أن تكتسب ثقة
المستمع فيك وفيما تقول، وتبين له أنك ملم بموضوعك وبكل ما دار في
برنامجك، ويجب أن تهتم بوقت برنامجك بشكل كبير وعليك التقيد بالزمن
المخصص لك، لا تترك دقائق هي من حقك ولا تأخذ دقائق هي ليست لك.
الاستماع الجيد أحد أهم وافضل الطرق للاستفادة من خبرات الآخرين،
وكمذيع في الراديو يجب أن تكون مستمعاً جيدا. تابع أكثر من محطة وحاول
أن تقييّمَ برامجها وتقارن بينها وبين برامجك واقتنص الافضل وطوره.
والاستماع للضيف - على الهواء - مهم بالنسبة لك، احرص على متابعة كل ما
يقال وركز عليه جيداً وخاصة عندما يكون معك ضيف لديه معلومات مهمة يجب
أن تحصل عليها، لأنك إن لم تفعل فاعلم أن المستمع سيقول في نفسه (لما
لم يسأله عن كذا وكذا) فهذه فرصة فلا يجب أن تضيع منك اغتنمها، واطرح
السؤال الأول بشكل واضح لا يربك الضيف وخاصة عندما يكون غير متعود،
(تذكر أن رهبة المايك قوية)، استمع لما يقول في كل جواب، انظر في عينيه
حتى وأنت في برنامج مسموع، ولا تنشغل عنه بأي شيء آخر، أي لا تتجاهل
ضيفك، وعبر الهاتف لا تكثر من كلمة نعم، نعم، نعم، وانتهز أي فرصة
لتطرح عليه سؤالاً جديداً عندما ترى أنه أجاب بشكل جيد، ولا تتركه يكرر
كلامه، هناك عدد من المتصلين يريدون أن يتحدثوا أطول زمن ممكن بغض
النظر عما يقول، لهذا حاول أن تأخذ من ضيفك كل ما تريد أنت لا ما يريد
هو، وبشكل واضح وباسرع وقت ممكن لتفسح المجال للآخرين، لا بأس أن تقاطع
ضيفك في حالة خرج عن السياق، أو أسهب في الكلام، بالأخص عندما يبدأ في
شتم شخص أو جهة معينة، فلا تسمح أن يكون برنامجك مكانا للشتم والسب
وكيل الاتهامات وخاصة في غياب أحد الاطراف، بل عليك أن تقود الحوار
بطريقة حضارية ومهذبة، يستفيد منها كل من يتابعك، ولا تنسى أن لديك
فرصة ثوانٍ معدودة لكي تشد المستمع، وإلا فهناك قنوات كثيرة وما هو إلا
زر صغير ينقله إلى غيرك.
لا تنسى التواضع، الصدق، الحفاظ على المواعيد، التحضير الجيد
بوقت كاف لبرنامجك، التعامل بحب وود مع زملائك، ولا تستحي من سؤال
زملائك عن أي شيء، كلنا نسأل وكلنا مازلنا نتعلم، وكلنا نستفيد من
الأخطاء التي وقعنا فيها.
|