
شبكة النبأ: يخشى العديد من ابناء
تونس من دخول البلاد في دوامة العنف و التناحر بسب مواقف بعض الاطراف
الاسلامية المتشددة التي تسعى الى خلق الازمات والمشاكل المتكررة في
البلاد بهدف فرض الراي والحصول على مكاسب مهمة بعد ان عانت من التهميش
والاقصاء. وحذر بعض المراقبين من هيمنة المد السلفي المتشدد الساعي الى
ضرب الدستور التونسي وتغير الواقع من خلال فرض الافكار والقيم المتشددة
في ابرز بلد عربي علماني وهذا ما تثبته التحركات الاخيرة التي قامت بها
تلك الجماعات السلفية، فقد احتشد الاف من الاسلاميين المتشددين وهم
يرفعون رايات سوداء عليها آيات قرآنية في وسط مدينة القيروان التونسية
مطالبين بدور أكبر للاسلام في دولة اعتبرت طويلا واحدة من أكثر الدول
العربية ميلا للعلمانية. وانطلق مؤيدو حركة أنصار الشريعة وهي من أكثر
الجماعات الاسلامية تشددا في تونس من جامع القيروان في استعراض للقوة
من المرجح ان يثير قلق العلمانيين.
وبعد ان كانوا في السجون او يعملون في السر قبل الانتفاضة التي
اطاحت بالرئيس التونسي العلماني زين العابدين بن علي أصبح ظهور
الاسلاميين أكثر وضوحا في تونس. وتوافد السلفيون من شتى أنحاء البلاد
على مدينة القيروان وكثير منهم ملتحون يرتدون جلابيب بيضاء وعمامات.
كان عدد من الخطباء الذين تحدثوا في المؤتمر الوطني الثاني لانصار
الشريعة مسجونين بتهم متعلقة بالإرهاب اما في تونس او في السجن الحربي
الامريكي في جوانتانامو بكوبا.
ووسط تكبير المؤيدين قدم الزعيم الفعلي لأنصار الشريعة سيف الله بن
حسين الشهير بأبي عياض رؤية الحركة لتونس جديدة يجري فيها اصلاح
الاعلام والتعليم والسياحة والتجارة وفقا لتعاليم الاسلام. وقال أبو
عياض لمؤيديه ان الحل لمشاكل المتضررين في قطاعات السياحة والتجارة
يكمن في القضاء على الربا. ودعا الى اقامة نقابة عمال اسلامية للتصدي
الى النقابات القوية التي يهيمن عليها العلمانيون والتي اصطدمت مرارا
مع الحكومة التي يقودها الاسلاميون في تونس لكنه قال ان الحركة ستتبنى
الحوار لا العنف.
ووجه حديثه للمسؤولين عن السياحة في تونس قائلا ان هذا القطاع لم
يشهد طوال عام هجوما واحدا على فندق او سائح. وقال ان السلفيين يتحلون
بضبط النفس. ورغم ان الاسلاميين لم يلعبوا دورا في الثورة أصبح الصراع
حول دور الدين في الحكومة والمجتمع من أكثر القضايا التي تحدث انقساما
في السياسة التونسية. ويطالب السلفيون بدور أكبر للشريعة الاسلامية في
تونس مما يثير قلق النخبة العلمانية التي تخشى ان يسعى الاسلاميون الى
فرض وجهات نظرهم وفي النهاية تقويض الديمقراطية الوليدة في تونس.
وبعد ان فاز حزب النهضة الاسلامي المعتدل في الانتخابات التي جرت في
اكتوبر تشرين الاول ويقود الان الحكومة اختار ان يحكم من خلال تشكيل
ائتلاف مع حزبين علمانيين وأعلن انه لن يسعى الى فرض الشريعة الاسلامية
وهو ما أثار استياء السلفيين الاكثر تحفظا.
وقالت بعض الصحف التونسية العلمانية ان المؤتمر سيشهد لحظة انفصال
السلفيين في تونس ومن بينهم متعاطفون مع القاعدة- عن النهضة. لكن ابو
عياض قال ان السلفيين لن يصطدموا مع اسلاميين آخرين رغم ما يبدو بينهم
من خلافات ظاهرية. وأضاف ان العلمانيين يريدون ان يحدث انقسام بين
السلفيين والتيارات الاسلامية الاخرى لكنه قال إن هذا لن يحدث لإن
الاسلام يمنع هذا. بحسب رويترز.
وقال سلفيون في المؤتمر انهم لا يسعون لمنع الخمور او فرض الحجاب
لكنهم سيعملون على نشر مبادئ الاسلام بالوعظ والحوار. لكن منتقدين
علمانيين يخشون أن يسود تدريجيا التيار الاكثر تشددا ويريدون ان يحد
النهضة من التطرف الديني.
اشتباكات بين الشرطة وسلفيين
في السياق ذاته قال شهود عيان ومصادر أمنية ان مواجهات جرت بين قوات
الشرطة ومئات المتشددين الاسلاميين الذين هاجموا حانات ومقرات امنية في
مدينة جندوبة الواقعة شمالي العاصمة تونس. وللمرة الثانية خلال اسبوع
يهاجم سلفيون حانات في مدن تونسية في اكبر تحد لقدرة الحكومة التي
تعهدت بالتصدي لهذه التجاوزات.
وقال شهود في جندوبة ان الشرطة ألقت قنابل مسيلة للدموع على حوالي
500 من السلفيين وتطاردهم في المدينة. وقال لطفي الحيدوري وهو مسؤول
اعلامي بوزارة الداخلية "هاجم مئات السلفيين مقر منطقة الامن ورشقوها
بالحجارة وقنابل المولوتوف قبل ان يتم تفريقهم بالقنابل المسيلة للدموع
كما اضرموا النار في مركز شرطة وهشموا ثلاث حانات في المدينة اضافة الى
محاولاتهم مهاجمة المغازة العامة". واضاف "هم الان متجمعون وسط المدينة
ويجري التعامل معهم" مشددا على ان قوات الشرطة تتواجد امام الادارات
ومراكز الامن والمتاجر والحانات لحمايتها من هجمات ثانية للسلفيين.
وقالت شاهدة طلبت عدم نشر اسمها خوفا من رد فعل السلفيين "السلفيون
مسلحون بسكاكين ومولوتوف وحجارة وملثمون .. لقد هاجموا حانات المدينة
واتلفوا محتوياتها قبل ان يحرقوا مقرا للشرطة العدلية." ومضت تقول "الامن
فرقهم بالقنابل المسيلة للدموع .. المدينة في حالة فزع وخوف بسبب هذه
المواجهات .. اعدادهم تصل الى 500 شخص .. لقد بثوا الرعب في المدينة".
بحسب رويترز.
وتزايد نفوذ السلفيين الذين يطالبون بتطبيق الشريعة الاسلامية بشكل
لافت في الاشهر الاخيرة في تونس وهو ما اثار مخاوف الطبقة العلمانية في
البلاد. وتأتي هجمات السلفيين على حانات رغم تعهدهم في اجتماع جماهيري
ضخم بالقيروان بأنهم لا يسعون لمنع الخمور او فرض الحجاب لكنهم سيعملون
على نشر مبادئ الاسلام بالوعظ والحوار. ويتهم معارضون حركة النهضة
باستعمال السلفيين كذراع امني للتستر وراء افكارها المتشددة لكنها تنفي
ذلك باستمرار وتقول انها ترغب في الحوار مع هذه الجماعات بدلا من
اقصائها.
الحكومة تحذر
على صعيد متصل حذر وزير العدل التونسي نور الدين البحيري من أن "الفسحة"
التي منحتها الدولة للسلفيين "انتهت" وذلك في أول تعليق لمسؤول حكومي
على مهاجمة سلفيين حانات مرخصا لها في مدينة سيدي بوزيد (وسط غرب)
وإغلاقها بالقوة.
وقال البحيري في تصريح اذاعي "أقول للناس (السلفيين) الذين تمادوا
كثيرا وظنوا أن الدولة خائفة منهم إن الفسحة انتهت ولن نسمح بإقامة
دولة داخل الدولة" وذلك ردا على سؤال بشأن موقف السلطات من مهاجمة
سلفيين حانات مرخصا لها وإغلاقها بالقوة في سيدي بوزيد.
وقال شهود عيان ان "عشرات من السلفيين مسلحين بالهراوات والأسلحة
البيضاء أغلقوا حانات مرخصا لها في سيدي بوزيد وأتلفوا محتوياتها
واعتدوا على بعض روادها، كما أحرقوا مخزن خمور واربع شاحنات تملكها
شركة لبيع وتوزيع المشروبات الكحولية". وأكدوا أن "مطاردات ومواجهات
عنيفة جرت بين السلفيين ومجموعات تضم تجار خمور وشبانا غاضبين من غلق
الحانات، تم خلالها التراشق بالحجارة وتبادل إطلاق النار من بنادق صيد".
وقال سلفي بمدينة سيدي بوزيد في شريط فيديو نشر على فيسبوك ان "الخمر
يباع لغير المسلم لا نريد الفساد في البلاد ولن نسكت" مستنكرا إقبال "كل"
شباب المنطقة على احتساء الخمور جراء فتح الحانات. وهذه أول مرة يهاجم
فيها سلفيون حانات في تونس منذ فوز حركة النهضة الاسلامية في انتخابات
23 تشرين الأول/أكتوبر 2011.
واعتبر وزير العدل التونسي وهو قيادي في حركة النهضة الاسلامية التي
تقود الائتلاف الحاكم في تونس إن السلفيين تجاوزا هذه المرة "كل الخطوط
الحمراء" وتوعد بتطبيق القانون عليهم. وتناقلت صفحات على موقع فيسبوك
أن سلفيين قاموا ب"حملات" في أحياء شعبية وسط العاصمة تونس ضد شرب
الخمر اشتبكوا خلالها مع سكارى.
وكان راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وعد خلال الحملة الانتخابية
للحركة بعدم إغلاق الحانات أو منع توزيع الكحول في البلاد إن وصلت "النهضة"
إلى الحكم. ويطالب سلفيو تونس بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.
من ناحية أخرى، أعلنت إذاعة "شمس إف إم" التونسية الخاصة إصابة 4
أشخاص بجروح في مواجهات اندلعت داخل مسجد في مدينة سوسة (وسط شرق) بين
فصيلين مختلفين من السلفيين.
وعزت الإذاعة المواجهات إلى رغبة كل فصيل في السيطرة على الجامع.
وتتهم أحزاب معارضة ومنظمات حقوقية حركة النهضة بالتواطؤ مع السلفيين
والسكوت عن تجاوزاتهم المستمرة. ويقول مراقبون ان "سلفيي تونس يعتقدون
أن ظهورهم بات محميا منذ فوز حركة النهضة في الانتخابات". ويقدر باحثون
عدد السلفيين في تونس التي يقطنها أكثر من 10 ملايين نسمة بنحو 10 آلاف
شخص.
من جانبها استنكرت وزارة الثقافة التونسية اعتداءات طالت زوايا
ومقامات صوفية في عدة مناطق من البلاد وهددت وزارة الثقافة في بيان
بتتبع الجناة قضائيا وقالوا إن هذه الاعتداءات هي محاولات لطمس الذاكرة
الوطنية. وكان سلفيون هدموا أضرحة صوفية ودعوا إلى الكف عن زيارتها
بداعي أن في ذلك شرك بالله.
وقالت الوزارة في بيانها الخاص "تستنكر وزارة الثقافة بشدة
الاعتداءات الحاصلة على بعض الزوايا والمقامات التي تمثل جزءا من
التراث الوطني في بعديه المادي واللامادي الذي يجب أن تتكاتف الجهود في
المحافظة عليه". ووصفت الوزارة "الاعتداءات" التي طالت الزوايا
والمقامات بأنها "محاولات لطمس ذاكرتنا الوطنية". وهددت ب"التتبع
العدلي لكل من يعتدي على الرموز الثقافية لبلادنا" دون الكشف عن هوية
المعتدين. بحسب فرنس برس.
وذكرت وسائل إعلامية محلية خلال الفترة الاخيرة أن جماعات "سلفية
وهابية" قامت بهدم أضرحة صوفية في عدد من مناطق البلاد ودعت المواطنين
إلى الكف عن زيارتها لأن في ذلك "شرك بالله". وتنتشر في مختلف أنحاء
تونس الزوايا والمقامات الصوفية التي يعتقد كثير من السكان في بركتها.
وتجتذب هذه المقامات الزوار الذين يأتون إليها للتضرع بالدعاء أو لنحر
القرابين وتقديم النذر.
ترحيل سلفيين مغربيين
على صعيد متصل ندد سيف الله بن حسين الذي يعتبر زعيم "السلفية
الجهادية" في تونس بترحيل السلطات التونسية المغربيين عمر الحدوشي وحسن
الكتاني المحسوبين على التيار "الجهادي السلفي" في المغرب، بعد ساعات
من وصولهما إلى مطار قرطاج الدولي في العاصمة تونس، واعتبر ذلك "استفزازا"
للسلفيين في بلاده.
وقال بن حسين المعروف باسم "أبو عياض" في خطبة ألقاها في جامع "الفتح"
وسط العاصمة تونس إن في ترحيل الحدوشي والكتاني "قلة احترام" للسلفيين
الذين وجهوا لهما دعوة لزيارة تونس.
وأضاف مخاطبا العشرات من أنصاره "لا تنظروا إلى هذه الاستفزازات،
انظروا دائما إلى المستقبل وكونوا متأكدين أنكم أنتم البديل الوحيد في
هذه البلاد في حال سقطت الحكومة .
ورحلت تونس عمر الحدوشي وحسن الكتاني بعد ساعات من وصولهما إلى مطار
قرطاج الدولي باعتبارهما موجودين على قائمة الأشخاص الممنوعين من دخول
البلاد. وأعلنت "جمعية دار السلام للأعمال الخيرية والعلوم الشرعية"
التونسية غير الحكومية على صفحتها على فيسبوك أنها "استدعت الحدوشي
والكتاني ليقدما دورة في العلوم الدينية بمدينة بنزرت (شمال شرق)".
وأدرجت تونس منذ 2003 الحدوشي والكتاني ضمن قائمة الممنوعين من دخول
أراضيها بعد إدانتهما في الضلوع في هجمات انتحارية وقعت في 16 أيار/مايو
2003 في مدينة الدار البيضاء وأسفرت عن مقتل 45 شخصا بينهم 12 انتحاريا.
وأصدرت السلطات المغربية في 2003 حكما بسجن عمر الحدوشي 30 سنة وحسن
الكتاني 20 سنة بتهمة التحضير للهجمات. وقد أفرج عنهما في شباط/فبراير
2012 بموجب عفو ملكي أصدره العاهل المغربي محمد السادس. وفي سياق هاجم
"أبو عياض" وسائل الاعلام وخاصة الفرنسية ودعا أنصاره إلى "مقاطعتها"
وعدم الإدلاء لها بأي تصريحات صحفية لأنها تتعمد "تشويه" صورة السلفيين
التونسيين و"تخويف الغرب من الصحوة الاسلامية (في تونس)" وفق تعبيره.
ومنع سلفيون الصحافيين من تغطية خطبة "أبو عياض" وهدد بعضهم باستعمال
القوة في صورة دخول صحفيين إلى جامع الفتح. بحسب فرنس برس.
وسيف الله بن حسين (46 عاما) من مؤسسي جماعة "أنصار الشريعة في تونس"
(جماعة سلفية متشددة غير مرخص لها تأسست في نيسان/أبريل 2011). يذكر ان
سيف الله بن حسين أسس سنة 2000 مع تونسيين متشددين "الجماعة التونسية
المقاتلة". وقد قاتل ضد القوات الأمريكية في أفغانستان ما جعل مجلس
الأمن الدولي يضعه سنة 2002 ضمن قائمة الأشخاص المرتبطين بتنظيم
القاعدة. واعتقلت تركيا سيف الله بن حسين على أراضيها في 2003 وسلمته
إلى تونس التي قضت بسجنه 43 سنة نافذة بموجب قانون مكافحة الإرهاب
التونسي. وقد أطلق سراحه مطلع آذار/مارس 2011 بعد أن قضى 8 سنوات في
السجن ضمن "عفو تشريعي عام" أقرته تونس بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع
زين العابدين بن علي. ويقدر باحثون عدد السلفيين في تونس بنحو 10 آلاف
شخص.
السلفيون في سوريا
من جهة اخرى وفي تأكيد على اشتراك الجماعات السلفية المتشددة
وعصابات تنظيم القاعدة في احداث العنف التي تدور في سوريا والتي تسببت
في سقوط الا ف الضحايا الابرياء، فقد كان أول ما سمعه المدرس التونسي
مختار مارس عن شقيقه الذي يقاتل في سوريا هو اتصال من رقم هاتف اجنبي
يخبره ان شقيقه حسين قتل. وقال مختار (40 عاما) وهو يجلس على حشية
بمحاذاة جدار ما كانت في السابق غرفة أخيه الأصغر "تلقينا مكالمة من
مجهول يقول لنا انه استشهد. ثلاث كلمات فقط. حاولنا الاتصال مرة أخرى
ولكن لم نتلق رد."
واضاف "كانت آخر مكالمة وصلتنا منه في شهر فبراير شباط من ليبيا.
وقال انه كان هناك للدراسة . ثم انقطعت كافة الاتصالات .حاولنا الاتصال
على الرقم الذي استخدمه ولكن لم يكن هناك أي رد." وحسين مارس (34 عاما)
هو واحد من ضمن ما لا يقل عن خمسة تونسيين كلهم من بلدة بن قردان بجنوب
شرق تونس على الحدود مع ليبيا والذين يعتقد انهم قتلوا في سوريا.
ووافقت اسرتان من اسرهم على اجراء مقابلات معهم وكذلك اسرة رجل سادس من
البلد نفسها لكن لا يزال مصيره غير معروف.
وهذه الاسر اما تلقت اتصالات من ابنائها في سوريا او مكالمات من
غرباء لإبلاغهم بمقتل أبنائهم. ورغم ان العائلات لم تشاهد الجثث أو أي
دليل على مقتل ابنائهم الا ان شريط فيديو نشر على الفيسبوك تحت عنوان "واخيرا
ترجل فرسان بن قردان.. في بلاد الشام" يظهر راية سوداء لتنظيم القاعدة
وتضمن رثاء للرجال الخمسة على خلفية من الاناشيد وذكر انهم قتلوا في
حمص والتي شهدت بعض من أسوأ اعمال من قبل قوات الرئيس السوي بشار الاسد.
وقال مبعوث سوريا لدى الامم المتحدة انه تم القبض على 26 من
المقاتلين العرب الذين "اعترفوا" بالتعاطف مع تنظيم القاعدة. وقال
مبعوث اخر للأمم المتحدة ان 19 منهم تونسيون. ويبدو ان المقاتلين
الاسلاميين الاجانب عنصر هامشي في الصراع بين الجماعات المعارضة
السورية المتنوعة وقوات الاسد. لكن مصير هذه الفرقة من الاصدقاء
التونسيين يقدم اقوى دليل حتى الآن على ان سوريا قد تصبح نقطة جذب لهذا
النوع من الشبان المتشددين من جميع أنحاء العالم الذين سعوا في السابق
للجهاد في العراق أو أفغانستان.
وتشير القائمة السورية للمقاتلين المعتقلين الى ان رجال من جميع
انحاء تونس ذهبوا للقتال في سوريا لكن الفيديو المنشور على الفيسبوك
لرثاء القتلى تضمن مقتبس للأردني ابو مصعب الزرقاوي يقول فيه "توجد
مدينة صغيرة في تونس تسمى بن قردان لو كانت قرب الفلوجة (العراقية)
لحررت العراق." ويشير ذلك الى ان البلدة لها تاريخ في ارسال متطوعين
للصراع في العراق أيضا.
ويقول سكان بن قردان التي تعيش على التجارة والتهريب مع ليبيا
وانتشرت فيها مظاهر التدين منذ الثورة التونسية التي اطاحت بالرئيس زين
العابدين بن علي العام الماضي ان مزيدا من الشبان ربما غادروا المنطقة
في هدوء للانضمام الى المتمردين الذين يقاتلون في سوريا. وقال مصدر
امني في البلدة "هناك بعض الشباب الذين يذهبون إلى سوريا عن طريق بن
قردان. انهم متدينون. نعتقد أنهم من التيارات الاسلامية السلفية ما
نعرفه هو ان اكثر من 10 غادروا من هنا."
وقالت اسر الرجال من بن قردان انهم كانوا مسلمون سنة متدينون يقضون
معظم اوقاتهم في الصلاة. وقضى اثنان منهم على الاقل احدهما حسين مارس
فترة في السجن في عهد بن علي بتهمة وجود صلات مزعومة بمتطرفين اسلاميين
وفقا لما ذكرته أسرتيهما. وواحد منهم على الاقل هو محمد لافي (26 عاما)
كان قد سجن بعدما قام بمحاولة فاشلة للتسلل الى العراق عبر سوريا حسبما
ذكرت اسرته. ثم ذهب إلى الجزائر حيث ألقي القبض عليه واعيد الى تونس.
وسجن لمدة ثلاث سنوات واطلق سراحه في عام 2010.
وتحدث الرجال مع اقاربهم عن رغبتهم في الجهاد والشهادة لكنهم لم
يذكروا شيئا محددا على ما يبدو قبل اتخاذ طريقهم الى سوريا. وفقد وليد
هلال منذ 24 فبراير عندما قال لعائلته انه ذاهب الى العاصمة للمشاركة
في بطولة للكونغ فو. وبدأ هلال (21 عاما) في ممارسة الرياضة قبل عام
وظهرت صورته في الشريط الرثائي على الفيسبوك وهو يرتدي ملابس كونغ فو
حمراء. وقالت مبروكة ام وليد هلال وهي تجلس مع زوجها وابناء اخرين على
اريكة "ابني شهيد ولم يرتكب أي خطأ وأنا لست قلقة بشأنه." واضافت "كان
يعتاد القول: سأذهب للجهاد ولا تبكي علي لكنني لم أخذ ذلك على محمل
الجد."
وكان هاتف وليد المحمول خارج نطاق الخدمة منذ ان غادر. ومثل اسرة
مارس تلقت اسرة هلال مكالمة غامضة من رقم هاتف سوري يوم 17 ابريل نيسان
لإبلاغهم بانه قتل . وقال طاهر هلال "بعد يومين وعندما كان لا يجيب على
الهاتف اكتشفنا ان اصدقاءه ذهبوا ايضا وان هواتفهم المحمولة باتت خارج
نطاق الخدمة أيضا. أدركنا ان شيئا ما كان يحدث وسمعنا أن بعض منهم
اتصلوا بوالديهم من تركيا لإبلاغهم بانهم في طريقهم إلى سوريا لكن
شقيقنا لم يتصل." واضاف "كل ما نعرفه انه قتل ولكن كيف ولماذا؟ ليست
لدينا صور ولا دليل." بحسب رويترز.
وبرغم احزانهم دافع اقارب هؤلاء الرجال في بن قردان عن الدوافع التي
حفزت ابناءهم واخوتهم على الذهاب لسوريا لكن البعض قالوا ان قضية
الجهاد اقل وضوحا في سوريا بالمقارنة بالغزو الاجنبي للعراق
وأفغانستان. وقال مختار مارس وهو ايضا من الملتحين "اذا كان هناك جهاد
حقيقي فلا اتصور ان مسلما واحدا لن يذهب. إذا كان الجهاد ضد اسرائيل."
واضاف "لكن في سوريا قد تضطر لقتال مسلمين اخرين."
في السياق ذاته اعلن مسؤول تونسي ان المملكة العربية السعودية
"تشددت هذا العام بشكل كبير" في منح تاشيرات للمعتمرين التونسيين الذين
تقل اعمارهم عن 35 عاما خشية بقائهم في الممكلة بشكل غير شرعي بعد
انتهاء العمرة "للعمل او الجهاد". وقال أحمد البرقاوي المكلف بإصلاح
منظومة الحج والعمرة في وزارة الشؤون الدينية التونسية في مؤتمر صحافي
إن المعتمرين الذين يبقون في السعودية "للجهاد" ينتقلون إلى بلدان أخرى
مثل فلسطين وأفغانستان. وأوضح أن نسبة المعتمرين التونسيين الذين يبقون
في السعودية بعد انتهاء العمرة تجاوزت 1 بالمائة المسموح به من قبل
السلطات السعودية. يذكر أن نحو 30 ألف تونسي يؤدون سنويا العمرة بحسب
احصائيات رسمية تونسية. بحسب فرنس برس.
وشدد البرقاوي على أن وزارة الشؤون الدينية في تونس "لا تتبنى مفهوم
الجهاد لان تونس دولة في حالة سلم". ودعا التونسيين الذين يقصدون
السعودية "للجهاد" الى "تحمل مسؤولياتهم القانونية" أمام سلطات هذا
البلد "الحريص على مكافحة الارهاب". واقر المسؤول بأن بعض الائمة في
مساجد التي ليست تحت سيطرة وزارة الشؤون الدينية يقومون بتحريض الشباب
التونسي المتدين على "الجهاد" وخاصة في سوريا مشيرا إلى أن الوزارة
تعكف على "حل هذا المشكل". وأعلنت الوزارة في وقت سابق أن نحو 400 من
أصل 5000 مسجد في تونس وقعت تحت سيطرة تيارات سلفية متشددة. وعبر وزير
الداخلية التونسي علي العريض في تصريحات صحافية عن "أسفه" لإقدام شبان
تونسيين على مغادرة بلدهم من أجل "الجهاد" في دول مثل أفغانستان و
سوريا وغيرها. وقال الوزير "يؤسفنا بأن يغامر بعض الشباب مغامرات غير
محسوبة نحن نتابع هذه الامور عن كثب".
إنهم مخترقون
من جانب اخر دان "حزب التحرير" غير المرخص له والمحسوب على التيار
السلفي أعمال عنف قادتها جماعات سلفية متشددة في عدة محافظات تونسية
وحذر من ان سلفيي تونس مدفوعون للعنف من جهات غربية. وقال رضا بلحاج
الناطق الرسمي باسم الحزب في مؤتمر صحافي "إن ثبتت الأخبار (المتعلقة
بالعنف السلفي) فنحن نرفضها وندينها".
وحذر من ان "هناك أجندة وجهات تخترق الآن" سلفيي تونس الذين قال
إنهم "قابلون للاختراق" لأنهم "ليسوا مؤطرين وخليط" وليس لهم "وضوح
ومنهج وقيادة". وتحدث بلحاج عن وجود "أجندة غربية" لجر السلفيين في
تونس نحو العنف. كما اتهم دولا خليجية لم يسمها بأنها "تريد أن تخلجن
الثورات العربية وأن تأخذها في اتجاه معروف نرفضه" دون تحديده.
ودعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان غير الحكومية السلطات
إلى "تطويق ظاهرة العنف السلفي" في البلاد. وتصاعدت في تونس مؤخرا
أعمال عنف قادها سلفيون متشددون. وحذرت رابطة حقوق الإنسان من أن "المجموعات
(السلفية) العنيفة والخارجة عن القانون والفالتة من العقاب تصول لتنشر
الرعب وتعنف ماديا ومعنويا النساء والمثقفين والصحافيين والمبدعين
والنقابيين والسياسيين ومناضلي حقوق الإنسان ولتعتدي على الحرية
الأكاديمية وعلى المؤسسات التربوية ودور العبادة ومقرات النقابات
والأحزاب السياسية مع ما رافق ذلك من توظيف للدين وتكفير للمواطنين
وتخوينهم".
وفي سياق آخر أأعلن رضا بلحاج أن حزب التحرير يقوم الآن بدور "ميداني"
في سوريا "لإنجاح ثورة الشام" التي اعتبرها "نتاجا" للثورة التونسية.
وذكر بأن الحزب الذي تأسس عام 1953 في الشرق الأوسط له فروع في "50
بلدا إسلاميا". وذكر بلحاج أن فرع الحزب في تونس قدم طلب رسميا إلى
السلطات للحصول على ترخيص للعمل القانوني. وتابع ان الحزب ينتظر رد
السلطات، قائلا "نحن لا نستجدي ولا نتوسل ولا نقف على أبواب أحد". وسبق
أن رفضت تونس الترخيص للحزب الذي يطالب بإقامة "دولة خلافة إسلامية".
ويمنع قانون الأحزاب في تونس تأسيس أحزاب على أساس ديني. لكن السلطات
رخصت "جبهة الإصلاح" التي أصبحت أول حزب سلفي يحصل على ترخيص للعمل
القانوني في تونس.
وقال مؤسس جبهة الاصلاح السلفية في تونس إن الحكومة التي تقودها
حركة إسلامية منحته تأشيرة لممارسة النشاط السياسي في البلاد ليصبح اول
حزب سلفي مرخص له في البلاد. وقال محمد خوجة رئيس حزب جبهة الاصلاح
"نحن جبهة الاصلاح. هي حزب سياسي اساسه الاصلاح اعتمادا على منهج السنة
والجماعة بمفهوم سلف الامة الصالح.. حصلنا في الآونة الاخيرة على
تأشيرة من الحكومة الاولى للعمل القانوني".
واضاف خوجة "اقتنعنا بالدخول في عالم السياسة لأننا نعتقد ان
السياسة من بين المهام الموكلة للمسلمين وانها من بين العبادات". واضاف
"هناك بعض التيارات الدينية التي تقول بان السياسة نجسة ولا تتفق مع
الدين ونحن نقول هذا ليس صحيحا ولانتفق معهم ونقول ان الاسلام دين حرية
وديمقراطية."
وأكد مصدر حكومي منح تأشيرة لجبهة الاصلاح مضيفا ان الحزب حصل على
التأشيرة وفقا لقانون الاحزاب الذي يؤكد على احترام المبادئ المدنية
للدولة. وترفض عدة تيارات سلفية في تونس انشاء احزاب وتقول ان
الديمقراطية حرام. ويطالب عدد منها بإقامة دولة اسلامية لكن محللين
يقولون ان وصول حركة النهضة الاسلامية المعتدلة للحكم ساهم في تعديل
بعض التيارات السلفية لمواقفها تجاه العمل السياسي.
ويقول مؤسس جبهة الاصلاح خوجة ان حزبه يلتزم بالقيم المدنية للدولة
ويحترم خصوصيات التجربة الديمقراطية في اطار سلمي بعيد عن كل اشكال
العنف. ويضيف خوجة "لن نفرض اي شيء مثل اللباس او غيره وحزبنا سيكون
مفتوحا لكل التونسيين ممن يقتنعون بمبادئنا مبادئ الاصلاح بالتراث
الاسلامي لكن لن نقبل بأي تعد على مقدساتنا الدينية ونحن سائرون في
مسار التغيير للتعبير عن مطالب الشعب المسلم دون نفاق." بحسب رويترز.
وردا على سؤال حول مسؤولية الحزب في تغيير النظرة للتيارات السلفية
قال خوجة "بالفعل علينا مسؤولية كبيرة للتعبير عن مطالب هذا الشعب
المسلم في اطار الالتزام بمبادئ العمل السياسي المدني السلمي ولكننا
لسنا متخوفين من السياسة وما كان يمنعنا قبلا من المشاركة هو اعطاء
الشرعية للنظام السياسي السابق." ويضم الحزب مجموعة من القياديين ممن
حوكموا في ثمانينات القرن الماضي عندما كانوا ينتمون لتيار الجبهة
الاسلامية. ويقول رجال دين إن السلفيين الضالعين في أعمال العنف
"وهابيون" ويتلقون دعما من السعودية لإثارة "فتنة" تونس. |