الازمة السياسية وبقاء المالكي

علي الزاغيني

قد لا يخفى على البعض المنعطف الخطير الذي تمر به العملية السياسية وماترافقها من حرب اعلامية وتراشقات بين الكتل السياسية رغم انها تدور في حلقة مفرغة الغاية منها الصراع الخفي والمعلن على المناصب وتوزيعها وفق ما تقتضي مصالحهم الشخصية بعيدا كل البعد عن تطلعات ابناء الشعب وتحقيق اهدافه وتقديم الخدمات الاساسية فهم في واد والشعب في وادٍ اخر.

لماذا هذا الصراع؟

في حقيقة الامر انه من يريد لشعبه الاستقرار والامان عليه ان يواكب العملية السياسية ولا يخرج علينا كل بنغمة جديدة يحاول من خلالها ان يظهر بمظهر البطل القومي ويطرق اسماعنا بشعارات فارغة لا فائدة منها سوى الوصول لغايات واهداف مخطط لها ولعل الكثير من الذين لايعرفون حقيقة هذه التصريحات يطربون لها ويبنون الامال عليها.

بقاء المالكي او عدمه هل سيغير خارطة العملية السياسية؟

ولماذا الاصرار على رفع الثقة عنه؟

ومن هو البديل؟ وهل سيحقق للمطالبين برفع الثقة عن السيد المالكي ما يطمحون اليه.

هذه التراشقات لاتخدم العملية السياسية وربما تطيح بها وتعيدنا الى المربع الاول وهذا قد يأخذ وقتا اطول وربما يقودنا الى انتخابات مبكرة بعد حل البرلمان اذا تم الاتفاق على ذلك وهذا يستغرق فترة طويلة مما يجعل السيد المالكي على راس حكومة تصريف الاعمال وفي هذا الحالة لا يجني الشعب شيء من هذه المارثون الفاشل سوى تخبط واضح في عملية بناء وطننا وهدر كبير بالأموال.

الدستور هو الحل لكل القضايا التي لم تحل لحد الان ويجب عدم الخروج من اطار الدستور وفق اتفاقات سياسية لا تخدم الشعب في شيء وانما المراد بها تحيقي مصالح شخصية مشتركة للساسة ومحاولة البعض منهم التأثير على الحكومة للحصول على مكاسب اخرى والبعض الاخر يحاول بشتى الوسائل ان يطيح بحكومة السيد المالكي لانها لا تلبي طموحاتهم.

التحالف الكوردستاني ومطالبته برفع الثقة عن حكومة السيد المالكي ربما يكون ورائها دوافع كبيرة اهمها ضم بعض المناطق اليها وهي سبب خلاف كبير بين حكومة المركز والاقليم وتعتبر كركوك الاهم من بين تلك المدن لما تضم من موارد نفطية وكذلك موارد زراعية ولا اعتقد ان اي حكومة عراقية اصيلة ونزيهة توافق على ضم كركوك الى اقليم كردستان ليس لشيء وانما كركوك عبارة فسيفساء تضم كل اطياف الشعب العراقي ويجب ان تكون غير تابعة لإقليم وتبقى على ما هي عليه لتحافظ على تلك اللحمة الوطنية دون تمييز بين قومية واخرى وبين مذهب واخر.

ولا اعرف الغاية من ضم كركوك الى الاقليم هل لتوسيع الاقليم وتحقيق الحلم لاعلان الانفصال وتوسيع حكومة مسعود البارزاني وطموحاته؟

ام لتقديم الخدمات لهذه المحافظة أسوة بباقي المحافظات التابعة للاقليم.

قد تكون القائمة العراقية وقيادتها واللقاءات المستمرة مع بعض الكتل الاخرى وما تتخذه اعذار بشأن اتفاق اربيل وتفرد السيد المالكي بالسلطة له الاثر الكبير بالمطالبة برفع الثقة عن حكومته وخاصة بعد سقوط الهاشمي بتهمة الارهاب وما سيلحق الضرر بهذه القائمة ولا يمكن ان نلغي الدور الذي تلعبه بعض الدول الاقليمية ومحاولتها التأثير على بعض الساسة من اجل تغير مسار العملية السياسية حسب ما تقتضي مصلحتهم.

سيبقى الدستور هو الحل لكل الازمات وعلينا ان لا ندع الاتفاقات السياسية هي الحل دوما واذا كان بعض الاختلاف على بعض المواد بالدستور علينا ان نعيد كتابتها وفق مقتضيات المصلحة العامة وان لا نتركها نقطة خلاف ونحاول ان نتخذها ذريعة عند كل ازمة تعصف بنا.

علينا ان لا ننتظر الحل دائما من خارج الحدود ومحاولة الاستعانة بالاصدقاء او الاخوة الاعداء العرب، وكما علينا ان لا ننتظر ان تتدخل امريكا وتهديدتها لساسة الصدفة ليعودوا الى رشدهم بعد ان افقدتهم المناصب التي هي اكبر من حجهم الشيء الكثير من عقولهم.

سيبقى السؤال هنا هل سيجمع المطالبون برفع الثقة عن السيد المالكي الاصوات الكافية للتصويت داخل قبة البرلمان؟

ام سيكون الانتصار للسيد المالكي ليمضي قدما في بناء مسار العملية السياسية بعد ما يصاب خصومه بالخذلان.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/حزيران/2012 - 11/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م