شبكة النبأ: سلاح جديد يتبعه السجناء
في مختلف انحاء العالم لجذب الراي العام وكشف خفايا واسرار ما خلف
القضبان ذلك هو سلاح الاضراب عن الطعام، ولعل اهما ذلك الاضراب الجماعي
الذي لجأ اليه الاسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي والذين نجحوا بإظهار
حجم المعاناة والانتهاكات التي يتعرض اليها الفلسطينيون في تلك السجون
المغلقة، وفي هذا الشأن قال فلسطينيون إن الوقوف في وجه إسرائيل من
خلال المقاومة غير العنيفة يمكن أن يحقق نتائج جيدة وذلك بعد حصول
سجناء فلسطينيين على بعض التنازلات الإسرائيلية من خلال إضرابهم عن
الطعام. وأبرم الاتفاق الذي وافق بموجبه نحو 1600 سجين فلسطيني على
إنهاء الإضراب الذي استمر نحو شهر احتجاجا على سياسة السجون
الإسرائيلية عشية ذكرى يوم النكبة الذي يتزامن مع إنشاء دولة إسرائيل
في حرب 1948 عندما فر أو طُرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم.
ويرى البعض أن الاضراب عن الطعام أثبت قيمة "المقاومة الشعبية" التي
يؤيدها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة فتح التي يتزعمها. لكن
منافسيه في حركة حماس الاسلامية في قطاع غزة قالوا إن منهجهم الذي يقوم
على المواجهة كان سبب الانجاز. وكان اثنان من بين السجناء الفلسطينيين
قد امتنعا عن تناول الطعام لمدة 77 يوما مما أثار القلق من ردود فعل
قوية إذا توفيا. وبموجب الاتفاق الذي توسطت فيه مصر وافقت إسرائيل على
إنهاء الحبس الانفرادي لتسعة عشر سجينا وإنهاء منع أقارب السجناء من
قطاع غزة من زيارتهم. ووافقت إسرائيل أيضا على الافراج عمن تحتجزهم دون
محاكمة لمدة ستة اشهر قابلة للتجديد بموجب سياسة "الاعتقال الاداري"
مالم تحيلهم إلى محكمة قبل انتهاء فترات اعتقالهم.
وقال مارك ريجيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو "نأمل أن تساعد تلك اللفتة من جانب إسرائيل في بناء الثقة بين
الطرفين وتدعم السلام." وقال بعض الفلسطينيين إن إسرائيل اعتادت مواجهة
العنف بالعنف لكنها أقل تأقلما على مواجهة الأساليب غير العنيفة. وقال
المحلل السياسي هاني المصري المقيم في الضفة الغربية "سنوات طويلة وابو
مازن (عباس) يعمل من اجل اقناع الحكومات الاسرائيلية لكنهم لم يقدموا
شيئا. المقاومة والوحدة والاصرار هو الذي يعطي نتيجة وهو الذي يجعل
التحرك السياسي يصمد."
ووصف المحلل السياسي هاني حبيب المقيم في قطاع غزة ذلك بأنه "نجاح
للأسرى" ومثال يجب ان يحتذي به السياسيون في تلميح الى الانقسامات
العميقة بين حركتي فتح وحماس. وقال حبيب إنه يجب إعادة صياغة العلاقة
مع إسرائيل بشكل يجعل الفلسطينيين يستفيدون من الصمود والتحدي. وأضاف
ان الفلسطينيين يمكنهم من خلال الصمود كسب مواقف وإنجازات بغض النظر عن
عدم التكافؤ في القوى بينهم وبين الاحتلال.
ورغم تعليق محادثات السلام الرسمية قبل نحو 18 شهرا لا يزال عباس
يتعاون عن قرب مع إسرائيل بشأن الأمن. وقال المفاوض الفلسطيني صائب
عريقات "قمنا بأجراء اتصالات مع الجانب الاسرائيلي كل ساعة وكل يوم وكل
لحظة حول موضوع الاخوان الاسرى والاسيرات. الحمد لله الان تحققت
مطالبهم الحمد لله انه انتهى اضرابهم وتم الحفاظ على صحتهم والان
الخطوة القادمة هي العمل للأفراج عنهم." واضاف "نحن لم نترك مجالا الا
طرقنا وتدخل الجميع هذه المرة ونجح الرئيس ابو مازن بجعل الجميع يتدخل
بما فيه الادارة الامريكية هذه المرة اتصلنا بها اكثر من مرة وكان لها
تدخل."
وقال انات ليتفين من فرع جماعة أطباء من اجل حقوق الانسان في
إسرائيل "أثبت السجناء الفلسطينيون أن الكفاح العادل وغير العنيف يمكن
ان يحقق انجازات هامة ويزيد الوعي الدولي."
وشارك في الاضراب سجناء نشطاء من حركتي حماس والجهاد الاسلامي
اللتين ترفضان السلام مع إسرائيل ونشطاء من حركة فتح التي تعترف
بإسرائيل وهي مستعدة للتفاوض بشأن تسوية سلمية شاملة. وطلبت مصلحة
السجون الإسرائيلية من السجناء توقيع تعهد "بعدم الاشتراك في أعمال تخل
بالأمن داخل السجون". بحسب رويترز.
لكن إسرائيل لم تقدم اي تعهد بإلغاء الاعتقال الاداري دون محاكمة
والذي تحتجز بموجبه نحو 320 من بين 4800 سجين فلسطيني لديها. ورفضت
أيضا معاملة الفلسطينيين "كسجناء حرب". وأدانت محاكم إسرائيلية كثيرا
من السجناء بجرائم خطيرة بينها القتل. ونسبت حماس لنفسها الفضل في
التنازلات الإسرائيلية في تلميح إلى أن تبنيها وسائل عنيفة كان العامل
الحاسم.
وقالت حماس في بيان إن الإرادة الإسرائيلية بدأت تنكسر في العام
الماضي عندما وافقت على الإفراج عن 1000 سجين فلسطيني في مقابل الجندي
جلعاد شاليط الذي أسره نشطاء في هجوم عبر الحدود واحتجزوه في غزة لأكثر
من خمس سنوات.
وتركز احتجاج السجناء على مطالب بالسماح بمزيد من الزيارات الأسرية
وانهاء الحبس الانفرادي وتخفيف ما يسمى بالاعتقال الاداري وهو اجراء
قوبل بانتقادات دولية. وقال مسؤول مصري شارك في المحادثات ان إسرائيل
وافقت بموجب اتفاق لانهاء الإضراب على انهاء الحبس الانفرادي لتسعة عشر
سجينا ورفع حظر زيارة الأقارب الذين يعيشون في قطاع غزة للسجناء. وافقت
إسرائيل ايضا على تحسين الاوضاع الاخرى للسجناء والافراج عمن يطلق
عليهم اسم "المحتجزين اداريا" فور انتهاء فترة احتجازهم ما لم يحالوا
إلى المحاكمة.
ما زالا مضربين
في السياق ذاته اعلنت مصادر فلسطينية واسرائيلية ان اسيرين
فلسطينيين يقومان بأضراب عن الطعام في السجون الاسرائيلية على الرغم من
توقيع اتفاق لأنهاء تحرك المعتقلين الفلسطينيين. وقال مصادر من
الجانبين ان الاضراب عن الطعام الذي يقوم به الاسيران محمود سرسك واكرم
الريخاوي مختلف عن اضراب الاسرى الفلسطينيين الذي انتهى بتوقيع اتفاق
مع مصلحة السجون الاسرائيلية. ووافقت اسرائيل بموجب الاتفاق على ثلاثة
مطالب رئيسية للأسرى وهي الغاء العزل الانفرادي والسماح بزيارات عائلية
للأسرى من قطاع غزة وانهاء التوقيف الاداري بدون محاكمة، مقابل "الامتناع
عن المشاركة في اي عمل ارهابي" وعدم اعلان اضراب جديد عن الطعام.
وكانت المتحدثة باسم نادي الاسير الفلسطيني اماني سراحنة صرحت ان
"الاسرى محمود سرسك واكرم الريخاوي ومحمد عبد العزيز يواصلون اضرابهم
عن الطعام" واصلوا اضرابهم عن الطعام في السجون الاسرائيلية على الرغم
من توقيع الاتفاق لانهاء حركة الاضراب عن الطعام. اكد نادي الاسير
ومصلحة السجون الاسرائيلية ان عبد العزيز اوقف اضرابه عن الطعام.
واوضحت سيفان وايزمان المتحدثة باسم مصلحة السجون الاسرائيلية ان سرسك
والريخاوي مضربان عن الطعام لكنهما "لم يكونا جزءا من الاضراب العام عن
الطعام حول ظروف الاعتقال بل هما مضربان لأغراض شخصية تتعلق بهما".
ويطالب سرسك وهو من قطاع غزة بالاعتراف به كاسير حرب بينما يطالب
الريخاوي مصلحة السجون الاسرائيلية بتسليمه ملفه الطبي ليعطيه للجنة
الافراج في محاولة لتسريع اطلاق سراحه.
و اكدت سيفان بان سرسك والريخاوي مضربين عن الطعام الا انها اشارت
الى انهما اوقفا اضرابهما لفترة قصيرة قبل استئنافه. وقالت "اكلا مع
باقي الاسرى الذين انهوا اضرابهم عن الطعام وبعدها اعلنا بانهما يريدان
مواصلة الاضراب". واضافت "الاثنان تحت المراقبة الطبية في مستشفى سجن
الرملة قرب تل ابيب وفي حالة جيدة". واشارت وايزمان الى ان سرسك بدأ
برفض الطعام منذ الرابع من نيسان/ابريل مشيرة الى انه يطالب بالاعتراف
به كاسير حرب. اما الريخاوي فهو مضرب احتجاجا على اعتقاله الاداري ومن
المفترض اطلاق سراحه قريبا. وبحسب القانون الاسرائيلي الموروث عن
الانتداب البريطاني، بالإمكان وضع المشتبه فيه قيد الاعتقال الاداري من
دون توجيه الاتهام له لمدة ستة اشهر قابلة للتجديد لفترة غير محددة. |