ابو جعفر الثاني الامام الجواد (عليه
السلام).
والده علي الرضا عليه السلام، وجدّه الكاظم موسى بن جعفر الصادق بن
محمد الباقر ابن علي السجاد زين العابدين بن الحسين السبط الشهيد ابن
علي بن أبي طالب عليهم السلام.
امه :
قال رسول الله (صلى لله عليه واله وسلم) عندما ذكر الاِمام محمداً
التقي عليه السلام بقوله : « بأبي ابن خيرة الاِماء، ابن النوبية
الطيبة الفم، المنتجبة الرحم » (1).
أن الاِمام الكاظم موسى بن جعفر عليه السلام طلب من يزيد بن سليط أن
يبلغها منه السلام إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، فقد ورد في الخبر أن
الاِمام الكاظم عليه السلام التقاه في طريق مكة وهم يريدون العمرة.
فقال له : « إنّي أؤخذ في هذه السنة، والاَمر إلى ابني عليّ سمي عليّ
وعليّ. فأما عليّ الاَول فعلي بن أبي طالب عليه السلام، وأما علي الآخر
فعلي بن الحسين.. يا يزيد فإذا مررت بالموضع ولقيته، وستلقاه فبشّره
أنه سيولد له غلام أمين مأمون مبارك، وسيعلمك أنك لقيتني فأخبره عند
ذلك أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل مارية القبطية
جارية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن قدرت أن تبلغها مني
السلام، فافعل ذلك ».
سماها الامام الرضا الخيزران وكانت تسمى درّة (2).
وقيل : إنها ممن تنتمي إلى مارية القبطية زوجة الرسول الأعظم (صلى
الله عليه وآله) (3)ولها رضوان الله عليها تسميات اخرى اشهرها أمّ ولد
(4).
ولادته
10 رجب 195ﻫ، في المدينة المنوّرة.
كنيته
أبو جعفر الثاني. بعث الفضل بن سهل إلى محمد بن أبي عباد كاتب
الإمام الرضا (عليه السلام) يسأله عن مدى علاقة الإمام الرضا (عليه
السلام) بولده الجواد (عليه السلام)، فأجابه : ما كان الرضا يذكر محمداً
إلا بكنيته، يقول : كتب لي أبو جعفر، وكنت أكتب إلى أبي جعفر (عليه
السلام) وكان آنذاك بالمدينة، وهو صبي، وكانت كتب أبي جعفر ترد إلى
أبيه وهي في منتهى البلاغة والفصاحة (5).
ولد الامام الجواد في 19 من شهر رمضان سنة 195 هـ (6).
وقال الامام الرضا (عليه السلام) في مولده المبارك قد وُلِد لي شبيه
موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم، قُدست أمّ ولدته (7).
قد خُلقت طاهرة مطهّرة. (8).
وصفه
كان (عليه السلام) شديد الاُدْمَه (9)، ضاوي الجسم (10).قصيره، قطُّ
الشعر مثل حلك الغراب (11)
القابه :
الجواد، التقي، القانع، المرتضى (12) الرضي، المختار، المتوكل،
الزكي (13). باب المراد.
نقش خاتمه (العزّة لله) (14).
زوجته
أمّ الفضل (زينب) بنت المامون الذي دعاه إلى هذه المصاهرة.. ويقول
ابن شهر آشوب السروي المازندراني (ت | 588 هـ)، وأبو جعفر محمد بن جرير
الطبري الاِمامي (من أعلام القرن الخامس الهجري) إنّ امرأته أم الفضل
بنت المأمون سمّته في فرجه بمنديل، فلمّا أحس بذلك قال لها : « أبلاك
الله بداء لا دواء له »، فوقعت الاَكلة في فرجها، وكانت تنصب للطبيب
فينظرون إليها ويسرون ـ أو يشيرون ـ بالدواء عليها فلا ينفع ذلك حتى
ماتت من علّتها (15). بعض الروايات أنّ المعتصم أغرى بنت أخيه زوجة
الإمام أمّ الفضل بالأموال، فدسّت إليه السمّ(16). وسنذكر الرواية
الاخرى في موضوع استشهاده (عليه السلام).
ذريته
الامام علي الهادي، وموسى، وفاطمة، وأُمامة ابنتيه. (17). حكيمة
وخديجة وأم كلثوم (18) والحسن وبريهة. (19).
عمره الشريف وتاريخ استشهاده
عمره الشريف خمساً وعشرين عاماً(20).وهو أصغر الأئمة الطاهرين (عليهم
السلام) سناً.. وقد ضبط في بعض المصادر بخمس وعشرين سنة، وشهرين،
وثمانية عشر يوماً. (21)..
استشهاد الإمام الجواد (عليه السلام) سنة (220 هـ)(22).وهناك ثلاثة
روايات لشهادته المقدسة يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي القعدة(23). وقيل
لخمس ليال بقين من ذي الحجّة(24) وقيل لست ليال خلون من ذي الحجّة(25).
اصحابه
الحسين بن سعيد الاهوازي، والحسن بن سعيد الأهوازي ومحمد بن اسماعيل:
ابن بزيع واحمد بن أبي عبد الله البرقي، وعلي بن مهزيار، وصفوان بن
يحيى أبو محمد البجلي بياع السابري.
دلائل امامته
1.عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سمعت جابر بن عبدالله الاَنصاري
يقول: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « يا جابر إن
أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أوّلهم عليّ، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم
علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف بالباقر، ستدركه يا جابر فإذا
لقيته فاقرأه منّي السلام، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي
بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي ابن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم القائم
اسمه اسمي، وكنيته كنيتي محمد بن الحسن بن علي... » (26).
2. ويروى الشيخ الصدوق في (عيون أخبار الرضا) بسنده عن محمد بن علي
بن عبدالصمد الكوفي، قال : حدثنا علي بن عاصم، عن محمد بن علي ابن موسى،
عن أبيه علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن
أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي بن
أبي طالب عليهم السلام، قال : « دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم وعنده أُبيّ بن كعب، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
مرحباً أبا عبدالله، يازين السموات والاَرض.. ثم ذكر حواراً طويلاً
مفصّلاً بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين أُبي ابن كعب ذكر له
النبي أسماء الاَئمة ودعاء كل واحد منهم حتى وصل إلى إمامنا أبي جعفر
الجواد عليه السلام، فقال في صفته : وإنّ الله عزَّ وجلّ ركّب في صلبه
ـ أي في صلب الاِمام الرضا عليه السلام ـ نطفة مباركة طيبة رضية مرضية،
وسمّاها محمد بن علي، فهو شفيع شيعته، ووارث علم جدّه. له علامة بيّنة،
وحجة ظاهرة، إذا ولد يقول : لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله.. »
(27).
3.و روى الشيخ المفيد رحمه الله بالاِسناد عن زكريا بن يحيى بن
النعمان، قال : سمعت علي بن جعفر بن محمد يحدّث الحسن بن الحسين بن علي
بن الحسين، فقال في حديثه : لقد نصر الله أبا الحسن الرضا عليه السلام
لما بغى عليه إخوته وعمومته.. وذكر حديثاً طويلاً حتى انتهى إلى قوله :
فقمت وقبضت على يد أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام، وقلت له :
أشهد أنك إمام عند الله. فبكى الرضا عليه السلام ثم قال : « يا عم، ألم
تسمع أبي وهو يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : بأبي ابن
خيرة الاِماء النوبية الطيبة، يكون من ولده الطريد الشريد، الموتور
بأبيه وجده، صاحب الغيبة... » (28)
4. وروي عن القاسم بن المحسن، قال : كنت فيما بين مكّة والمدينة فمرَّ
بي أعرابي ضعيف الحال، فسألني شيئاً فرحمته وأخرجت له رغيفاً فناولته
إياه، فلما مضى عني هبّت ريح شديدة ـ زوبعة ـ فذهبت بعمامتي من رأسي،
فلم أرها كيف ذهبت ؟ وأين مرّت ؟ فلما دخلت على أبي جعفر بن الرضا عليه
السلام، فقال لي : « يا قاسم ! ذهبت عمامتك في الطريق ؟ ».
قلت : نعم.
قال : « يا غلام أخرج إليه عمامته »، فأخرج إليَّ عمامتي بعينها،
قلت: يابن رسول الله ! كيف صارت إليك ؟
قال : «تصدقت على الاَعرابي، فشكر الله لك، وردّ عمامتك، وان الله
لا يضيع أجر المحسنين» (29).
5. عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني أنّه قال : «قلت لمحمد بن علي
بن موسى (عليه السلام): اني لأرجو ان تكون القائم من أهل بيت محمد (صلى
الله عليه وآله) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.
فقال (عليه السلام) : يا أبا القاسم : ما منّا إلاّ وهو قائم بأمر
الله عزّوجلّ، وهاد الى دين الله، ولكن القائم الذي يطهّر الله عزّوجلّ
به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملأها عدلاً وقسطاً هو الذي تخفى على
الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته وهو سميُّ رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وكنيّه، وهو الذي تطوى له الأرض، ويذلّ له
كل صعب ] و [يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر
رجلاً، من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عزّوجلّ : (أينما تكونوا يأت بكم
الله جميعاً ان الله على كل شيء قدير).
فاذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره، فإذا كمل
له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عزّوجلّ، فلا يزال يقتل
أعداء الله حتى يرضى الله عزّوجلّ. قال عبد العظيم : فقلت له : يا سيدي
وكيف يعلمُ أن الله عزّوجلّ قد رضي ؟
قال : يلقي في قلبه الرحمة، فإذا دخل المدينة أخرج اللات والعزى
فأحرقهما»(30).
6. وروى الخيراني عن أبيه أنّ الإمام أبا جعفر (عليه السلام) بعث
إليه رسولاً فقال له: إنّ مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إنّي ماضي،
والأمر صائر إلى ابني عليّ، وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد
أبي(31).
علم الامام الجواد باغتياله :
أ. روى محمد بن الفرج قال: كتب إليّ أبو جعفر (عليه السلام): احملوا
إليّ الخمس، لست آخذ منكم سوى عامي هذا، ولم يلبث (عليه السلام) إلاّ
قليلاً حتى قبض واختاره الله إلى جواره(32).
ب. روى أبو طالب القمّي، قال: كتبت إلى أبي جعفر بن الرضا (عليه
السلام) أن يأذن لي أن أندب أبا الحسن - يعني أباه - قال: فكتب أن
اندبني واندب أبي(33).
جـ. وأخبر (عليه السلام) عن وفاته في أيام المأمون، فقد قال: (الفرج
بعد المأمون بثلاثين شهراً) ولم يلبث بعد المأمون بثلاثين شهراً حتى
قبض واختاره الله إلى جواره(34).
بعد وفاة المأمون (لعائن الله عليه) 13 رجب سنة 218 هـ، استمر الحكم
العباسي بمبايعة أبي إسحاق المعتصم محمد بن هارون، وهو شقيق المأمون.
والمعتصم الاحمق أمه (ماردة) كانت تركية وصفه المؤرّخون بأنّه إذا
غضب لا يبالي من قتل ولا ما فعل(35).
وحينما ولي الخلافة كان لا يقرأ ولا يكتب، وكان له وزير عامّي.
والمعتصم يكره العلم والعلماء وحاشيته من وزراء ومستشارين على كراه
وبغض للامام الجواد واهل البيت (عليهم السلام) بسبب فضائلهم ومحبة
المسلمين لهم.
ارسل المعتصم كتاب بعثه إلى واليه على المدينة محمد بن عبدالملك
الزيّات (36) نصه رحيل الامام الجواد وزوجته الى بغداد.
وان الامام الجواد علم بما سيحدث له لذلك فقد خلّف ابنه أبا الحسن
الثالث في المدينة بعد أن اصطحبه معه إلى مكة لاَداء موسم الحجّ، وأوصى
له بوصاياه وسلّمه مواريث الاِمامة، وأشهد أصحابه بأنه إمامهم من
بعده..(37)
وقد أخبر أحد أصحابه بأنّه غير عائد من رحلته هذه مرة اُخرى (38).
كما روى محمد بن القاسم، عن أبيه، وروى غيره أيضاً، قال : لمّا خرج ـ
الاِمام الجواد عليه السلام ـ من المدينة في المرة الاَخيرة، قال : «
ما أطيبك يا طيبة ! فلست بعائد إليك » (39)
، وبُعيد هذا فقد أخبر الاِمام عليه السلام أصحابه في السنة التي
توفي فيها بأنّه راحل عنهم هذا العام. فعن محمد بن الفرج الرخجي، قال :
(كتب إليَّ أبو جعفر عليه السلام : « احملوا إليَّ الخمس فإنّي لست
آخذه منكم سوى عامي هذا ». فقُبض في تلك السنة) (40)
وشاع اكرام الناس وحديثهم عن فضائل وعلم الامام محمد الجواد، وكان
احد المؤثرين على المعتصم قاضي قضاته أبي دؤاد الاِيادي (السجستاني).
لقد حقد أبو داود على الإمام أشدّ ما يكون من الحقد وذلك حينما أخذ
المعتصم برأيه في مسألة فقهية وترك بقية آراء الفقهاء، فتميّز أبو داود
غيظاً وغضباً على الإمام (عليه السلام)، وسعى إلى الوشاية به، وتدبير
الحيلة في قتله، وبيان ذلك ما رواه زرقان الصديق الحميم لأبي داود قال:
إنّه رجع من عند المعتصم وهو مغتمّ، فقلت له: في ذلك.. قال: إنّ سارقاً
أقرّ على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه، فجمع
لذلك الفقهاء في مجلسه، وقد أحضر محمد بن عليّ (عليه السلام) فسألنا عن
القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟ فقلت: من الكرسوع لقول الله في التيمّم:
(فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) واتّفق معي على ذلك قوم، وقال آخرون: بل يجب
القطع من المرفق، قال: وما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأنّ الله قال:
(وأيديكم إلى المرافق) قال: فالتفت إلى محمد بن علي (عليه السلام)
فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ قال: قد تكلّم القوم فيه يا أمير
المؤمنين قال: دعني ممّا تكلّموا به، أي شيء عندك؟ قال: اعفني عن هذا
يا أمير المؤمنين، قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرتني بما عندك فيه،
فقال: إذا أقسمت عليّ بالله إنّي أقول: إنّهم أخطأوا فيه السنّة، فإنّ
القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكفّ، قال: لِمَ؟ قال:
لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): السجود على سبعة أعضاء: الوجه
واليدين والركبتين والرجلين فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق
له يد يسجد عليها، وقال الله تبارك وتعالى: (وإنّ المساجد لله) يعني به
هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها (فلا تدعوا مع الله أحداً) وما كان
لله لم يقطع، قال: فأعجب المعتصم ذلك فأمر بقطع يد السارق من مفصل
الأصابع دون الكفّ.
قال زرقان: إنّ أبا داود قال: صرت إلى المعتصم بعد ثالثة فقلت: إنّ
نصيحة أمير المؤمنين عليّ واجبة، وأنا أكلّمه بما أعلم إنّي أدخل به
النار قال: ما هو؟ قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيّته
وعلماءهم لأمر واقع من أمور الدين فسألهم عن الحكم فيه، فأخبروه بما
عندهم من الحكم في ذلك.
وقد حضر المجلس أهل بيته وقوّاده ووزرائه، وكتّابه، وقد تسامع الناس
بذلك من وراء بابه، ثمّ يترك أقاويلهم كلّهم، لقول رجل: يقول شطر هذه
الأمّة بإمامته، ويدّعون أنّه أولى منه بمقامه، ثمّ يحكم بحكمه دون حكم
الفقهاء.
قال: فتغيّر لونه، وانتبه لما نبّهته له، وقال: جزاك الله عن نصيحتك
خيراً..)(41).
لقد فرض المعتصم الاقامة الجبرية على الامم لجواد (عليه السلام) منذ
وصوله لبغداد لليلتين بقيتا من المحرم سنة (220 هـ)(42).
يقول المسعودي :فلما انصرف أبو جعفر إلى العراق لم يزل المعتصم
وجعفر بن المأمون يدبّرون ويعملون الحيلة في قتله، فقال جعفر لاُخته أم
الفضل ـ وكانت لاُمّه وأبيه ـ في ذلك؛ لاَنّه وقف على انحرافها عنه
وغيرتها عليه لتفضيله أُم أبي الحسن ابنه عليها، مع شدّة محبتها له؛
ولاَنّها لم ترزق منه ولد، فأجابت أخاها جعفراً) (43).
وقالوا ايضا: (ثم إنّ المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر عليه
السلام وأشار إلى ابنة المأمون زوجته بأن تسمّه؛ لاَنّه وقف على
انحرافها عن أبي جعفر عليه السلام وشدة غيرتها عليه؛ لتفضيله أم أبي
الحسن ابنه عليها؛ ولاَنّه لم يرزق منها ولد، فأجابته إلى ذلك) (44).
والبعض يقول أنّ المعتصم أوعز إلى بعض كتّاب وزرائه بأن يدعو الإمام
إلى منزله، ويدسّ إليه السمّ، فدعاه إلاّ أنّ الإمام (عليه السلام)
اعتذر من الحضور في مجلسه، وأصرّ عليه الكتّاب بالحضور لأجل التبرّك
بزيارة الإمام له، وأضاف أنّ أحد الوزراء أحبّ لقاءه ولم يجد (عليه
السلام) بدّاً من إجابته، فصار إليه، ولمّا تناول الطعام أحسّ بالسمّ
فدعا بدابته للخروج من المنزل فسأله صاحب المنزل أن يقيم عنده فقال
(عليه السلام): خروجي من دارك خير لك(45).
وجعلوا ـ المعتصم بن هارون وجعفر بن المأمون وأخته أم الفضل ـ سمّاً
في شيء من عنب رازقي وكان يعجبه العنب الرازقي، فلمّا أكل منه ندمت
وجعلت تبكي. فقال لها : « ما بكاؤك ؟ والله ليضربنّك الله بفقر لا
ينجبر، وبلاء لا ينستر »، فبليت بعلّة في أغمض المواضع من جوارحها صارت
ناسوراً ينتقض عليها في كلِّ وقت. فأنفقت مالها وجميع ملكها على تلك
العلّة حتى احتاجت إلى رفد الناس. وتردّى جعفر في بئر فأُخرج ميتاً،
وكان سكراناً..
ولما حضر الاِمام عليه السلام الاستشهاد نصّ على أبي الحسن وأوصى
إليه، وكان قد سلّم المواريث والسلاح إليه بالمدينة (46).
وبدأت الحكومة العباسية باستخدام الحيل لاقناع الجماهير بانها تبحث
عن ايجاد علاج العلة في جسد الامام ابي جعفر الثاني (عليه
السلام).وعهدت إلى أحمد بن عيسى أن يأتيه في السحر ليتعرّف خبر
علّته(47). وقد أخبر الإمام (عليه السلام) باستشهاده من كان عنده في
الليلة التي استشهد فيها فقال لهم: نحن معشر إذا لم يرض الله لأحدنا
الدنيا نقلنا إليه(48).
وهكذا اغتاله المعتصم العباسي(49) (لعائن الله لمؤبدة عليه)..
فسلام الله عليك سيدي ومولاي ياجواد الائمة ورحمة الله وبركاته.
.........................................
الهوامش والمصادر
(1). اُصول الكافي 1 : 323 | 14.
(2). بحر الأنساب : 2 19، دلائل الإمامة : 29.
(3). المقنعة : 482.
(4). عمدة الطالب : 188.
(5). بحار الأنوار : 12 | 104، إثبات الهداة : 6 |
161.
(6). النجوم الزاهرة : 2 | 231، الفصول المهمة :
252، الإرشاد : 356.
(7). بحار الأنوار : 12، | 103.
(8). عيون المعجزات : 121. وعنه الاَنوار البهية |
المحدّث الشيخ عباس القمي : 209.
(9) دلائل الاِمامة : 384 | 342، و404 | 365.
(10) مناقب آل أبي طالب 4 : 387. ودلائل الاِمامة :
404 | 365.
(11) دلائل الاِمامة : 397 | 346. وفي مقاتل
الطالبيين : 456،
(12). النجوم الزاهرة : 2 | 231، الفصول المهمة :
252.
(13). دلائل الإمامة : 209.
(14). دلائل الإمامة : 209.
(15). مناقب آل أبي طالب 4 : 391. ودلائل الإمامة :
395.
(16). المناقب: 4 | 391.
(17). الاِرشاد 2 |295. وإعلام الورى 2 | 106.
(18). مناقب آل أبي طالب 4 | 380.
(19). عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : 199.
(20) تاريخ الإسلام للذهبي: 8 | 158.
(21). اُصول الكافي 1 | 492.
(22) بحر الأنساب: 2 | 19. شذرات الذهب: 2 | 48.
(23) نزهة الجليس: ج 2 | 61. مرآة الجنان: 2 | 81.
(24) النجوم الزاهرة: 2 |231.
(25). الفصول المهمة لابن الصبّاغ: 262.
(26). ينابيع المودة 3 | 398 الباب 94. وكشف الغمة |
الاِربلي 3 | 314.
(27).عيون أخبار الرضا 2 | 62 ـ 29.
(28). الاِرشاد 2 | 275. و اصول الكافي 1 | 323 ـ
14. وإعلام الورى 2 | 92. وبحار الاَنوار 50 | 21 ـ7.
(29). كشف الغمة 3 | 159 ـ 160.
(30) كمال الدين وتمام النعمة، للصدوق القمي : 377 ـ
378.
(31) الإرشاد: 369.
(32). المحجّة البيضاء: ج 4 308.
(33) الكشيّ: ج 2 838.
(34). إثبات الهداية: ج 6 | 190.
(35) أخبار الدول: 155.
(36)مناقب آل أبي طالب | ابن شهر آشوب 4 |384.
(37) إثبات الوصية | المسعودي : 192. وعيون المعجزات
: 131. وعنه في بحار الأنوار 50 | 16 واُصول الكافي 1 | 323 ـ 1.
(38) اُصول الكافي 1 | 323 ـ 1..
(39) الثاقب في المناقب الطوسي : 516.
(40). مناقب آل أبي طالب 4 |389.
(41). وسائل الشيعة: 18 | 490.
(42). الفصول المهمة: 262.
(43). إثبات الوصية : 192. ودلائل الإمامة : 395.
(44). عيون المعجزات : 132.
(45). بحار الأنوار: ج 12 | 99.
(46). دلائل الإمامة : 395. وعيون المعجزات : 131
وعنه بحار الأنوار 50 | 16 ـ 26.
(47) الإرشاد: 369.
(48) بحار: 12 | 99.
(49) بحر الأنساب: 28. مرآة الجنان: 2 | 81، نزهة
الجليس: 2 | 111. |