المكسيك... دولة الجريمة المنظمة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعاني المكسيك من أكثر الجرائم وحشية في العالم وهي الجريمة المنظمة، إذ أنها تعيش من أسوء موجات العنف على المستوى العالمي، وذلك بسبب الحرب بين عصابات المخدرات وعمليات القتل المروع كتمزيق الجثث وقطع الرؤؤس وغيرها من الجرائم الأخرى، التي تهدد امن المكسيك وتفشي الخوف والترويع بين الناس، وخاصة في الشمال منطقة حرب المخدرات.

ويعتقد أن عصابات المخدرات وراء كثير من جرائم القتل تلك ولكن لم يتم حل سوى عدد قليل جدا من تلك القضايا، في ظل ضعف الجهات الأمنية هناك، فيما اعتبرت المكسيك العام الماضي ثالث اخطر دولة بالنسبة للصحفيين بعد باكستان والعراق وذلك حسب تصنيف منظمة صحفيين بلا حدود، والتي شهدت عدة علميات قتل للصحفيين، حيث تفاقم العنف في المكسيك بشكل كبير وخاصة في الآونة الأخيرة  مما يشكل تهديد حقيقا لسكانها ولمستقبلهم المجهول.

الجريمة المنظمة

فقد قال مسؤول في مكتب المدعي العام ان السلطات تحقق مع جنرالين مكسيكيين لمزاعم صلتهما بالجريمة المنظمة وأحدهما النائب السابق لوزير الدفاع الذي ساعد في قيادة حملة التصعيد في الحرب التي تشنها المكسيك على عصابات المخدرات، وذكر مسؤولون ان قوة من الجيش المكسيكي القت القبض على توماس انجليس دوهاري الذي كان الرجل الثاني في قيادة الجيش حتى عام 2008 وروبرتو داوي جونزاليس الذي كان يقود وحدة من القوات الخاصة في ولاية كوليما وسلمتهما لوحدة تحقيقات الجريمة المنظمة في النيابة العامة للتحقيق معهما، وقال المسؤول في مكتب المدعي العام مشترطا عدم نشر اسمه "الجنرالان يدليان بأقوالهما لانه يزعم انهما مرتبطان بانشطة الجريمة المنظمة، وقال متحدث عسكري إن الرئيس فيليب كالديرون عين دوهاري نائبا لوزير الدفاع عندما تولى السلطة في ديسمبر كانون الاول 2006 ثم تقاعد الجنرال في مارس اذار 2008. بحسب رويترز.

واضاف المتحدث انه لم يصدر أمر قبض للجنرالين وانهما يستجوبان فحسب في هذه المرحلة، وأقام كالديرون سمعته على التصدي لعصابات المخدرات المكسيكية وارسل الجيش لمحاربتها في بداية ولايته، وتصاعد العنف منذ ذلك الحين وقتل زهاء 55 الف شخص في الصراع الامر الذي حد من التاييد الشعبي لحزب العمل الوطني المحافظ الذي ينتمي اليه كالديرون ويبدو من المرجح ان يخسر السلطة في انتخابات الرئاسة.

قتل الصحفيين

في سياق متصل قال ممثلون للادعاء في المكسيك انه تم العثور على جثة صحفي متخصص في شؤون الجريمة في كيس للقمامة في جريمة قتل يشتبه بانها من تدبير عصابات في ولاية سونورا بشمال المكسيك، وقال خوسيه لاريناجا المتحدث باسم مكتب مدعي الولاية ان رجال الشرطة عثروا على جثة ماركو انطونيو افيلا على جانب طريق ريفي بعد يوم من قيام مسلحين بخطفه في محطة لغسيل السيارات في بلدة سيوداد اوبريجون القريبة، واضاف انه ظهر على الجثة اثار تعذيب وعثر على رسالة تهديد على نمط الرسائل التي تستخدمها عصابات المخدرات في مكان الجريمة، وكان افيلا يغطي قضايا الشرطة والجريمة لصحيفة محلية وقام بارسال تقارير عن اعمال العنف المرتبطة بالمخدرات، وتقع سونورا المجاورة لولاية اريزونا الامريكية على طريق تهريب رئيسي لعصابة سينالوا التي يتزعمها اهم الرجال المطلوب اعتقالهم في المكسيك وهو خواكين جوزمان، وتأتي جريمة القتل تلك بعد قتل ثلاثة صحفيين في ولاية فيراكروز بشرق المكسيك، وذكرت اللجنة الوطنية لحقوق الانسان التي تمولها الحكومة ان اكثر من 70 صحفيا قتلوا في المكسيك خلال السنوات العشر الماضية. بحسب رويترز. 

عصابات المخدرات

على صعيد أخر قالت الشرطة في مدينة مونتيري بشمال المكسيك إنها القت القبض على امرأة متهمة بارتكاب 20 جريمة قتل لحساب عصابة زيتاس لتجارة المخدرات، وقال خورخي دومين المتحدث باسم الادعاء في ولاية نويفو ليون التي توجد بها مونتيري إن ماريا خيمنيز (26 عاما) كانت تحصل على 1700 دولار امريكي شهريا لقتل ضحاياها ومن بينهم مهربو مخدرات منافسون وضابط شرطة، وقال دومين إن خيمنيز القي القبض عليها واعترفت منذ ذلك الحين بعمليات القتل وجرائم اخرى. واضاف ان الادعاء سيوجه اليها لائحة إتهام تتضمن القتل وسرقة سيارات والخطف، وسبق للشرطة المكسيكية ان القت القبض على نساء لاتهامهن بالقتل لكن عددا قليلا منهن اشتبه في ارتكابهن مثل هذا العدد الكبير من جرائم القتل. بحسب رويترز.

وقبض على خيمنيز مع ثلاثة رجال متهمين بالقتل وخمسة رجال ونساء اخرين متهمين بالتورط في تجارة المخدرات. وقال دومين ان المجموعة سيطرت على 14 من نقاط بيع المخدرات في مدينة مونتيري، وابتليت مونتيري -التي كانت توصف في السابق بانها اكثر مدن امريكا اللاتينية آمانا- بالعنف المرتبط بعصابات الجريمة حيث تقاتل زيتاس منافسيها في عصابة جلف للسيطرة على توزيع المخدرات وانشطة اجرامية اخرى، وقتل أكثر من 50 ألف شخص في العنف المرتبط بالمخدرات في المكسيك منذ تولى الرئيس فيليبي كالديرون السلطة في ديسمبر كانون الاول 2006 وإطلاقه حملة في ارجاء البلاد ضد عصابات المخدرات.

جثث ممزقة

فيما عثرت السلطات المكسيكية على اشلاء 49 جثة موضوعة في أجولة وملقاة على طريق سريع قرب مدينة مونتيري بشمال البلاد في أحدث حلقات سلسلة من الفظائع التي ترتكبها فيما يبدو عصابات المخدرات، وقال مسؤولون بولاية نويفو ليون إن الجثث عثر عليها على طريق سريع في منطقة كاديريتا خيمينيث، وقال مسؤولون بالولاية ان الجثث المشوهة تضم 43 جثة لرجال وست جثث لنساء، وقال مسؤول في حكومة نويفو ليون إن الضحايا قتلتهم عصابات مخدرات على ما يبدو وإن السلطات عثرت في موقع الجثث على رسالة من النوع الذي تتركه العصابات في العادة، لكن لم يتضح المسؤول عن الجريمة بعد، وتشتهر المنطقة بجرائم القتل التي ترتكبها عصابة ثيتاس التي يدور صراع دموي بينها وبين عصابات أخرى منها عصابة جالف التي كانت ثيتاس تعمل لحسابها سابقا، ويأتي العثور على الأشلاء الآدمية في اعقاب سلسلة من الاعمال الوحشية منها العثور على 18 جثة مقطوعة الرؤوس والاطراف قرب جوادالاهارا ثاني أكبر مدن المكسيك، كما عثر من ذلك على جثث تسعة أشخاص معلقة في جسر وعلى 14 جثة أخرى مقطعة إلى أشلاء في مدينة نيوفو لاريدو في ولاية تكساس الأمريكية في الجانب المقابل من الحدود لمدينة لاريدو المكسيكية. بحسب رويترز.

على الصعيد نفسه عثرت الشرطة على 18 جثة مقطوعة الرأس والاطراف قرب وادي الحجارة ثاني أكبر مدينة في المكسيك في أحدث مذبحة فيما يبدو لاكثر عصابة لتجارة المخدرات وحشية في البلاد، والمذبحة -التي من المعتقد ان عصابة زيتاس ارتكبتها- واحدة من أكبر اعمال القتل بقطع الرأس في التاريخ الحديث للمكسيك والتي اصبحت شائعة على نحو مرعب في البلاد، وقال توماس كورونادو رئيس الادعاء بولاية خالسيكو ان الجثث والرؤوس عثر عليها داخل مركبتين تركتا عند بلدة صغيرة على بعد 29 كيلومترا جنوبي وادي الحجارة على طريق سريع يؤدي الي بحيرة تشابالا وهي موقع يقصده السياح الاجانب. بحسب رويترز.

وقال شرطي في الموقع ان بعض الجثث كانت مشوهة بحيث لم يتمكن الضباط من تحديد ما اذا كانت لذكور ام اناث، واضاف أنه عثر بجوار الجثث على مذكرة موقعة من عصابة زيتاس وهي ميلشيا اجرامية يقودها جنود مكسيكيون سابقون يلقى عليها بالمسؤولية عن بعض من أكثر الجرائم وحشية في حرب المخدرات بالبلاد.

شمال المكسيك

كما قتل 15 شخصا واصيب شخص واحد على الاقل بجروح خطيرة في اطلاق نار يشتبه بان له صلة بتجارة المخدرات في حانة بشمال المكسيك وهي منطقة تشهد اشتباكات بين عصابات اجرامية، وقال مكتب المدعي العام المحلي في بيان ان مسلحين دخلوا الحانة في تشيهواهوا عاصمة ولاية تشيهواها واطلقوا النار على مجموعة من الاشخاص بالداخل يشتبه بتورطهم في صفقات مخدرات ، وقال المكتب ان شخصين اخرين قتلا في هجوم منفصل على حانة في المدينة ليرتفع عدد القتلى الى 17، ومنذ عام 2008 كانت تشيهواها ولاسيما مدينة سيوداد جواريز المجاورة لتكساس اسوأ المناطق تضررا من الحرب بين عصابات المخدرات في اعقاب الحملة التي شنها الرئيس فيلبي كالديرون على العصابات بعد فترة وجيزة من توليه السلطة في ديسمبر كانون الاول 2006، وادى عنف العصابات والاشتباكات مع قوات الامن الى سقوط اكثر من 50 الف قتيل في المكسيك خلال السنوات الخمس الماضية. بحسب رويترز.

خوف وترويع

ففي سبتمبر/أيلول 2006، فتح مسلحون أبوب احدى الحانات بمدينة يوروبان في ولاية ميتشواكان المكسيكية وألقوا بخمس رؤوس بشرية على الأرض، وبينما كان رواد الحانة يرقبون المشهد بحالة من الهلع، أعلن المسلحون وصول عصابة مخدرات جديدة تعرف بـ"لا فاميليا ميتشوكانا" وغادروا الحانة بالبرود ذاته الذي دخلوا به، بعث هذا المشهد برسالة إلى الكثيريين مفادها أن تجار المخدرات في المكسيك قد وصلوا إلى مستوى مروع من الوحشية. وسيطر هذا الخبر على عناوين الصحف بمختلف أنحاء العالم، ويرى فرانسيسكو كاستيلانوس، مراسل مجلة "بروسكو" المكسيكية في ولاية ميتشواكان أن هذا الحادث مثل لحظة فارقة في مسار تجارة المخدرات في المكسيك.

وقال كاستيلانوس في رسالة بعث بها عبر البريد الإليكتروني "أثار الحادث حالة من الرعب والهلع، وبدأ المستثمرون يرحلون بحثا عن مناطق أكثر أمنا، ويقول صموئيل غونزاليز رويز "لم تكن العصابات خلال التسعينات تقطع رؤوس ضحاياها، كان القتل برصاصة في مؤخرة الرأس يعني أن القتيل خائن، فيما كان القتل برصاص في الصدغ يعني أن القتيل عضو بعصابة منافسة، عادة ما ترتبط هذه الطريقة في القتل بحركات إسلامية راديكالية، لكن يرى غونزاليس رويز أن القتل بقطع الرأس وصل لعصابات في المكسيك من غواتيمالا، ويقول "في عام 2000 وسعت عصابة زيتاس نطاق عملها إلى أميركا الوسطى، وانضم إليها أفراد من فرقة Kaibiles التي تدربت على استخدام القتل بقطع الرأس لتهديد السكان المحليين في فترة الحرب من 1960 حتى 1996، ويرى آخرون أن ثمة علاقة تربط جماعة دينية مشهورة بعصابات المخدرات تعرف بـ"الموت المقدس"، يذكر أنه خلال الأيام العشر الأخيرة وحدها تم اكتشاف 81 قتيلا قطعت رؤوسهم في المكسيك، وفي مطلع مايو/أيار، عُثر على 14 قتيلا قطعت رؤوسهم في نويفو لاريدو، على الحدود مع تكساس، وفي أحد أكثر الحوادث ترويعا منذ بدء الحرب عُثر على 49 قتيلا مشوها وبلا رؤوس في حقائب بلاستيكية على جانب أحد الطرقات خارج مدينة مونتيري الصناعية. بحسب البي بي سي.

تعتقد الحكومة المكسيكية أن الهدف من القتل بهذه الطريقة هو ايصال رسالة ترويع، وقال وزير الداخلية تعقيبا على حادث مونتيري إن هذه التصرفات المشينة تهدف الى "بث الخوف بين المدنيين ولدى السلطات"، لكن غونزاليس رويز يؤمن بأن عمليات قطع الرؤوس لها بعد سياسي واضح، ويقول "الرسالة واضحة: لن نرحم، وسنقوم بأي شيء للسيطرة على منطقتنا، ويوضح أن التوقيت له أهمية بالغة، حيث يأتي ذلك قبل ستة أسابيع من انطلاق الانتخابات الرئاسية، ويضيف: "يهدف ذلك جزئيا إلى بعث رسالة إلى المرشحين المحتملين الذين قال معظمهم إنهم لن يتفاوضوا مع عصابات المخدرات، ويستخدم غونزاليس رويز كلمة "إرهاب"، وهي كلمة لا ترغب الحكومة في استخدامها للإشارة إلى العنف المرتبط بالمخدرات في البلاد، ويقول "لا يمكن وصف هذه الاستراتيجية (القائمة على قطع رؤوس الضحايا) سوى أنها استراتيجية إرهابيين، هذا إرهاب لأنه يبعث تهديدا للمواطنين مفاده ‘إذا لم تسمحوا لنا بالتحكم في نشاطنا غير القانوني، سنعاملكم بالطريقة ذاتها."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 30/آيار/2012 - 8/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م