مصر في ساعة الصفر... قضايا وشؤون انتخابية

شبكة النبأ: لاتزال الانتخابات الرئاسية المصرية التي انتهت جولتها الاولى قبل ايام حديث الساعة حيث اعتبرها البعض اهم انجاز مصري تحقق حتى الان وفقا لنتائج الاولية المعلنة التي اكدتها اعداد المشاركين، فهذه انتخابات وبحسب بعض المراقبين اظهرت اصرار المواطن المصري لبناء مستقبل جديد وعكست مدى جدية هذا الشعب في التغير، وبرغم من ذلك لازال البعض متخوف من مصادرة هذا النجاح واتباع اسلوب التشكيك في مسعى لإقصاء الاخرين وافشال هذه التجربة التاريخية المهمة، وفي هذا الشأن قال مراقب انتخابي إن أول سباق انتخابي حر في مصر يُدار بشكل يبدو أفضل منه في الانتخابات البرلمانية الماضية إذ زادت صعوبة التأثير على النتيجة من خلال الضغط على الناخبين وحشو الصناديق وغير ذلك من الانتهاكات. وقال الخبير الانتخابي أسامة كامل وهو مستشار لعدة جماعات دولية إن اللجنة الانتخابية شددت الرقابة على مراكز الاقتراع وحسنت إجراءات التصويت والفرز بعد الانتخابات التشريعية التي أُجريت على مراحل انتهت في يناير كانون الثاني.

وقال "شاهدنا تحسنا في السيطرة على الحملات الانتخابية في يوم الانتخابات عما كان عليه الأمر في الانتخابات البرلمانية عندما وقع كثير من الانتهاكات. واضاف "لم يعد أنصار المرشحين يقفون بأجهزة الكمبيوتر المحمولة هذه المرة ويرشدون الناس عن مكان لجانهم الانتخابية .. وضمنيا .. يوجهونهم لمن يصوتون."

وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد تعرضت لانتقادات بشكل خاص بسبب مرشديها اللذين كانوا يحملون أجهزة الكمبيوتر المحمولة خلال الانتخابات البرلمانية. وبدا أن كثيرا من المصريين لم يحسموا أمرهم حتى قبيل بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية مما أغري الحملات الانتخابية المتنافسة باللجوء إلى استخدام كل الوسائل المتاحة.

وقام البعض بنقل الناخبين في حافلات إلى مراكز الاقتراع أو قاموا بدعاية انتخابية بالقرب من المراكز في انتهاك للقواعد. وبدأت أيضا تظهر مجددا اتهامات بشراء الأصوات نقديا أو عينيا وهي ممارسة كانت شائعة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. لكن كامل قال "شراء الأصوات لا يتم في وضح النهار في مراكز الاقتراع وإنما في بيوت الناخبين أو أماكن تجمع مثل المسجد ولا يمكن السيطرة على هذا."

واتهم كامل لجنة الانتخابات بعدم بذل جهد كاف لتوضح للناس أين وكيف يدلون بأصواتهم كما انتقدها لتأخرها كثيرا في إصدار الشارات الرسمية لمراقبي الانتخابات المحليين والأجانب. لكنه قال إنه أكثر ثقة في انه لا يمكن هذه المرة العبث بصناديق الاقتراع وأن استعداد العاملين بمراكز الاقتراع لضبط الانتهاكات بات أفضل.

وأضاف "النظام يتحسن كثيرا وأعتقد أنهم أصغوا كثيرا للمستشارين الدوليين... الذين جاءوا بإجراءات لدعم العملية." وقال إنه خلال الانتخابات البرلمانية كان بإمكان المنتقبات التصويت عدة مرات من خلال إخفاء هوياتهن. وتابع قوله "يتعين حاليا على السيدة كشف وجهها ونزع قفازيها للكشف عن أثر الحبر" موضحا أنه يجب على الناخب إظهار اصبعه المغموس في الحبر لاستعادة بطاقة هويته.

ويتهم منتقدون جماعة الاخوان المسلمين وإسلاميين آخرين بجذب الأصوات من خلال أمور بينها توزيع هبات على الفقراء ووقوف نشطائهم أمام مراكز الاقتراع لحشد الناخبين. وقال كامل إن تزوير الانتخابات الآن بات أصعب منه في الانتخابات البرلمانية وهو ما يشكل تحسنا كبيرا مقارنة مع التزوير المنتظم للانتخابات في عهد مبارك. وأشار إلى نظام التصويت باستخدام الرقم القومي للمواطن والذي يضمن أن يكون كل صوت مرتبطا برقم بطاقة هوية حقيقية واحدة.

غير أن ممثلي الجماعات التي سمحت لها السلطات بمراقبة الانتخابات شكوا من أن القواعد الجديدة تمنعهم من التعليق على الانتخابات قبل إعلان النتائج. ويراقب انتخابات الرئاسة عدد من الجماعات الدولية أقل منه في الانتخابات البرلمانية التي خيمت على مرحلتها الأخيرة حملة قضائية استهدفت عدة منظمات للمجتمع المدني اتهمت بتلقي تمويل أجنبي بشكل غير قانوني. وسمحت لجنة انتخابات الرئاسة لتسعة آلاف وسبعمئة مراقب ينتمون إلى 54 منظمة أجنبية ومحلية بمتابعة العملية الانتخابية.

ويذكر ان تاريخا طويلا من الشك يحكم علاقة المصريين بصناديق الانتخاب الامر دفع المرشحين في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في تاريخ البلاد الى توفير مندوبين يسهرون على بعد خطوات من الصناديق لقطع الطريق على أي محاولات للتزوير. ويصدر رئيس كل لجنة انتخابية تصريحا لمندوب لكل مرشح يسمح له بالسهر ليلا لحراسة الصناديق التي توضع في غرفة مغلقة. وفي لجنة بمدرسة ابشواي الاعدادية بنين في محافظة الفيوم جنوب غربي القاهرة امضى طالب الطب على عبد الرحمن محمد نهار الاربعاء أول أيام التصويت في مراقبة سلامة الاقتراع ثم امضى الليل في حراسة صناديق الاقتراع.

وفي عهد مبارك سمحت السلطات لمندوبين عن المرشحين بحضور الاقتراع والتأكد من سلامته لكنهم منعوا في أحيان كثيرة من دخول اللجان أو طردوا منها. وكانت وزارة الداخلية تتولي نقل الصناديق من اللجان الفرعية إلى لجنة عامة وقيل ان تبديلا للصناديق كان يحدث خلال تلك المرحلة لضمان نجاح مرشحي الحزب الوطني الحاكم آنذاك على حساب مرشحين لهم شعبية أو يعارضون الحكومة.

وقال محمد إنه امضى قسطا من الليل في تجاذب أطراف الحديث "مع ضباط وعساكر الجيش والشرطة الذين يحرسون المدرسة... تكلمنا في السياسة ومستقبل البلد إذا فاز هذا المرشح أو ذاك." ثم نام بعد ذلك على باب الغرفة التي وضع بها صندوقا اقتراع. واحتاج محمد إلى ما قال إنه تصريح مبيت حرره القاضي المشرف على لجنة الانتخاب الذي حرر أيضا بحضور وكلاء المرشحين محضرا بغلق الصندوق وختمه بالشمع الأحمر كما ختم باب الغرفة ونوافذها أيضا.

وقال أحمد النبراوي (29 عاما) الذي يعمل في صحيفة تصدر في محافظة الشرقية إلى الشمال الشرقي من القاهرة إنه يحمل توكيلات مراقبة أصدرها له عدد من المرشحين. وأضاف "كنا عشرة شبان حرسنا الصناديق (ليلا)" في المدرسة الثانوية العسكرية بمدينة فاقوس. وتابع "قضينا الليل في الإنشاد الديني والغناء واللعب على أجهزة الكمبيوتر المحمولة."

وقال النبراوي إن العشرة يمثلون المرشح الإخواني وأبو الفتوح الذي انشق عن جماعة الإخوان العام الماضي بعد أن رفضت قراره بالترشح للمنصب في وقت كانت تقول الجماعة فيه إنها لا ترغب في أن يكون خليفة مبارك أحد أعضائها. ويقول مراقبون إن مرسي وأبو الفتوح هما أكثر المرشحين حرصا على حراسة الصناديق. ولا يسمح لأي مندوب بالنوم داخل الغرفة التي توجد بها الصناديق. وفي الصباح يتأكد القاضي من سلامة اختام الصناديق قبل فضها. وقال أسامة عبد العزيز (46 عاما) وهو أستاذ القلب بكلية الطب جامعة طنطا إنه الوحيد الذي قضى الليل في مدرسة الشهيد عبد المنعم رياض الثانوية العسكرية في مدينة كفر الشيخ في دلتا النيل. وأضاف "باقي المندوبين تأكدوا من وجودي فانصرفوا مطمئنين." ويمثل عبد العزيز مرشح جماعة الإخوان. بحسب رويترز.

وقال اللواء محمود صقر نائب مدير الأمن بمحافظة المنوفية شمالي القاهرة إن قوات الجيش تتولى تأمين الغرف التي بها صناديق الاقتراع بحضور مندوبي المرشحين. وأضاف أن الشرطة تقوم بتأمين المدارس التي توجد بها لجان الانتخاب من الخارج. وتابع "لم نتلق بلاغات بحدوث شيء لأي صندوق."

البطالة تهدد رئيس مصر

من جهة اخرى وحين التحق محمد الصيرفي بكلية العلوم لدراسة الكيمياء كان السير على خطى مواطنه المصري احمد زويل صاحب نوبل في الكيمياء أملا يداعب أحلامه. وانتهى الحال بالصيرفي (24 عاما) مشرفا على العمال في مصنع بمدينة المحلة الكبرى قلعة صناعة النسيج بدلتا النيل. ويقول الصيرفي وهو أب لطفل أكمل عامه الأول منذ ايام "أنا مضطر للقيام بهذا العمل لأن البديل أن أجلس عاطلا. لدي كثير من الالتزامات المالية ولا يوجد أي حل آخر الآن."

وشارك الصيرفي في الانتخابات الرئاسية التاريخية التي تشهدها مصر حاليا في اول مشاركة له في التصويت. ويتطلع الصيرفي إلى رئيس يولي اهتماما بالشباب ومشكلاتهم ويقول "أريد فرصة عمل في مجالي تكفل لي ولأسرتي حياة كريمة." وقال الصيرفي "العبرة في اختيار الرئيس القادم بقدرته على حل مشاكل الناس واعادة حقوق الشهداء وتحقيق مطالب الثورة. لا يمكن انتخاب الفلول (رموز النظام السابق)."

ويصل معدل البطالة في مصر البالغ عدد سكانها 82 مليون نسمة الى حوالي 12 بالمئة إلا أن خبراء اقتصاد يقدرون أن المعدل قد يبلغ 25 بالمئة من عدد السكان اي اكثر من 20 مليون عاطل وهو ما يعادل نحو 40 في المئة من الناخبين الذي يزيد عددهم على 50 مليونا. ويحتاج الاحتفاظ بهذه الشريحة من الناخبين ان يعطي الرئيس القادم اولوية لمشاكل الشباب ومنها توفير فرص العمل واصلاح التعليم والتصدي لارتفاع اسعار المساكن والايجارات. بحسب رويترز.

وقال أحمد جمال (25 عاما) الذي تخرج في كلية الهندسة "نريد رئيسا يحقق أهداف الثورة من عيش (خبز) وحرية وعدالة اجتماعية." ويعيش نحو 25 بالمئة من السكان تحت خط الفقر ويبلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نحو 14 الف جنيه (حوالي 2340 دولارا). وحذر جمال من ثورة ثانية حال فوز شفيق في انتخابات الرئاسة وقال "إن فاز شفيق لا يوجد أمامنا إلا الميدان. تولي شفيق للرئاسة يعني ان الثورة كانت وهما وان النظام لم يسقط."

وقال كريم الرمادي (24 عاما) وهو طالب دراسات عليا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية "على الرئيس القادم الاهتمام بالمواطن وحل مشكلات البطالة والتعليم والصحة. لا بد أن تغطي مظلة التأمين الصحي كل مصري."

وأتاح حر الصيف القائظ فرصة للباعة الجائلين لكسب رزقهم من التجمع حول مراكز الاقتراع حيث امتدت طوابير الناخبين في أول انتخابات رئاسية حرة في تاريخ البلاد. وتسبب الحر في إصابة العديد من الناخبين بالإعياء وخاصة كبار السن أثناء التصويت . وذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية ان ناخبا مُسنا لقي حتفه بعد اصابته بالإعياء أثناء وجوده في لجنة انتخابية في حي الظاهر بالقاهرة.

وارتفعت درجة الحرارة في العاصمة القاهرة الى 34 درجة مئوية وبلغت نسبة الرطوبة 40 بالمئة.

ورغم ارتفاع الحرارة أقبل الناخبون على التصويت مستمتعين بأجواء الحرية التي يتذوقونها لأول مرة في مثل هذه الانتخابات بعدما اطاحت انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي بالرئيس السابق حسني مبارك الذي حكم البلاد ثلاثة عقود.

ووجد باعة جائلون في طوابير الناخبين فرصة لكسب رزقهم وسط تراجع اوضاع الاقتصاد منذ الانتفاضة. وقال شهود ان فتية لا تتجاوز اعمارهم 16 عاما طافوا على طوابير الناخبين التي امتدت في بعض الاحيان الى عشرات الامتار بزجاجات المياه الباردة والمثلجات. وجلب البعض مقاعد عرضوا تأجيرها لمن أراد من الناخبين. بحسب رويترز.

وعبر ناخبون عن استيائهم لعدم وجود استعدادات ملائمة لتخفيف أثر الحر عليهم. وقال ناخب أمام المدرسة الثانوية بنات في شبين الكوم "كان بمقدورهم وضع مظلات خارج اللجان للتهوين على الناخبين". ويتجاوز عدد الناخبين المؤهلين للتصويت 50 مليون ناخب. ولفت الباعة الجائلون الانتباه اليهم منذ اندلاع الانتفاضة ضد مبارك بعدما انتشروا بكثافة في ميدان التحرير بالقاهرة لتلبية احتياجات المتظاهرين في الميدان الذي كان بؤرة الاحتجاجات ضد مبارك. وفي بعض الاحيان اندلعت اشتباكات دامية بين المتظاهرين والباعة الذي اختلط بهم بلطجية ارتكبوا سرقات تحت تهديد السلاح وتحرشوا بالمتواجدين في الميدان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/آيار/2012 - 7/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م