مصر والانتخابات الرئاسية... احتدام المواجهة بين الاخوان والفلول

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: انتهت الجولة الاولى من انتخابات الرئاسة المصرية والتي لم تخلوا ايضا من عنصر المفاجئة الذي كان السمة الاساسية في الكثير من الامور والقرارات التي تنوعت ما بين الاستبعاد والترشيح وغير ذلك من المفاجئات الاخرى، وخاض 13 مرشحا الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية الديمقراطية الاولى في تاريخ البلاد لاختيار رئيس جديد بعد مبارك الذي امضى في السلطة ثلاثة عقود، ويرى بعض المراقبين ان جولة الانتخابات الثانية ستشهد تنافسا قويا بين المرشحين الفائزين وستشهد ايضا اقامة بعض التحالفات المهمة وتقديم بعض التنازلات لأجل الحصول على دعم اضافي يزيد برصيد الرئيس المرتقب، لكنهم تخوفوا ايضا ان تشهد الفترة القادمة حدوث بعض الاضطرابات واعمال العنف التي قد تسعى لإثارتها بعض الاطراف في سبيل الحصول على مكاسب خاصة.

وفي هذا السياق فقد بدا المصريون فخورين بتمكنهم اخيرا من الاقتراع بحرية في الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية وان كان بعضهم يشعر بالقلق من احتمال نشوب صراعات عنيفة في الجولة الثانية نتيجة المواجهة بين مرشح اخواني واخر من النظام السابق. فقد اشارت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الى ان النتائج الاولية تظهر تصدر مرشح جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي السباق الرئاسي يليه احمد شفيق، اخر رئيس وزراء في عهد مبارك. أما المفاجأة فكانت احتلال المرشح الناصري حمدين صباحي المركز الثالث.

ونشرت صحيفة المصري اليوم المستقلة على موقعها على شبكة الانترنت نتائج "شبه نهائية" استنادا الى الارقام التي اعلنها القضاة في مراكز الاقتراع في جميع محافظات مصر ال 27.

واكدت الصحيفة ان "21,856,708 ناخبا شاركوا في الانتخابات من اجمالي عدد الناخبين البالغ 50,524,993 ناخبا اي بنسبة 43,3%". واضافت الصحيفة ان مرشح جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي فاز باعلى الاصوات بحصوله على 5,446,460 صوتا بنسبة 24,9%". وجاء في المركز الثاني احمد شفيق الذي حصل على "5,338,285 صوتا بنسبة 24,5%"، وفقا للصحيفة. بينما احتل صباحي المرتبة الثالثة اذ حصد "4,616,937 صوتا بنسبة 21,1%"، وجاء القيادي السابق في جماعة الاخوان المسلمين، الاسلامي المعتدل عبد المنعم ابو الفتوح في المركز الرابع بحصوله على "3,889,195 صوتا بنسبة 17,8%"، اما الامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى فجاء في المركز الخامس مع "2,471,559 صوتا بنسبة 11,3%".

واصدر ابو الفتوح بيانا دعا فيه بشكل ضمني الى التصويت لمرشح الاخوان في جولة الاعادة.

واكد ابو الفتوح في بيان انه "سيبدأ من الان اتصالات واجتماعات وحوارات بكل القوى الوطنية وذلك لتجميع الجهود والاصوات لمواجهة النظام الفاسد" في اشارة الى خوض مرشح الاخوان جولة الاعادة امام احد مسؤولي نظام مبارك. وقال "ادرك جيدا ان الأمانة تقتضي أن تواصل الملايين الأربعة عشر التي اختارتنا (وهو مجموع الاصوات التي حصل عليها مرسي وابو الفتوح والمرشح الناصري حمدين صباحي في الجولة الاولى للانتخابات وفق النتائج الاولية) السير في نفس الطريق بجولة الانتخابات الثانية يومي 17 و18 يونيو القادم، طريق استكمال مطالب وأهداف الثورة". واضاف ابو الفتوح الذي انشق عن الجماعة العام الماضي بعد ان رفضت ترشحه للرئاسة "سنسمو فوق خلافاتنا السياسية والحزبية وسنعلي فقط المصلحة الوطنية وسنبني توافقا وطنيا ثوريا حول كل القضايا السياسية الراهنة كما سنقف صفا واحدا ضد رموز الفساد والظلم والاستبداد وسوف تنتصر ثورتنا وستكون مصر قوية بأذن الله".

ويعتبر الشباب الذين اطلقوا الثورة ضد حسني مبارك وقطاع كبير من المصريين ان احمد شفيق جزء من النظام السابق ويتهمونه بالتورط في ما يعرف ب"موقعة الجمل" وهو الهجوم الذي استخدمت فيه الجمال والاسلحة البيضاء ضد المتظاهرين في ميدان التحرير في الرابع من شباط/فبراير 2011 قبل ايام من اسقاط مبارك. وابدى بعض المصريين فرحتهم بالانتخابات بينما اعرب اخرون عن قلقهم من انحصار المواجهة بين مرشحين احدهما اسلامي والاخر كان مسؤولا في النظام السابق. وقال عبد الله رزق (25 عاما) "ليس لدي اي اعتراض على احد طالما كانت الانتخابات نزيهة. لا شك في ان هناك مرشحين افضل من غيرهم لكنني سأقبل بالفائز أيا كان". عبد الله اعطى صوته لصباحي. لكن المصريين "سيتقبلون اي نتيجة" تأتي بها الصناديق كما يؤكد.

على مقربة منه يبدي حسن محمد يوسف المدرس في كلية الحقوق جامعة القاهرة الذي يؤيد الاخوان المسلمين سعادته بتصدر مرسي لكنه غير راض عن ان يكون منافسه في الجولة الثانية احمد شفيق الذي يجسد في نظره النظام السابق. ويقول حسن اسفا "المشكلة هي ان شفيق لديه الكثير من الاصوات وهذا يظهر ان الشعب المصري ما زال شعبا جاهلا".

لكن بعض المتجمعين حوله ابدوا استنكارهم الشديد لهذا الراي وانبرى احدهم قائلا "كيف تقول ان الشعب المصري جاهل. الجاهل هو انت". ويرد عليه حسن بجفاء "لدي الحق في ان اقول ما اعتقد. اين هو التغيير في عقلية الناس؟ النظام السابق حكمنا ثلاثين عاما والان انظروا الى اين اوصلنا ذلك". واضاف حسن "الخيار اصبح واضحا الان: اما ان نعود الى عهد السرقة والفساد والجهل ام نفتح الطريق الى الكرامة والحرية والعدالة". بحسب فرنس برس.

وفي ميدان التحرير، رمز الثورة التي اطاحت الرئيس السابق حسني مبارك في شباط/فبراير 2011، كانت حركة المرور انسيابية الى حد ما ولا يعرقلها قليلا سوى بضعة متظاهرين معارضين لشفيق. ويرى البعض ان وجود شفيق في الجولة الثانية دليل على حدوث شراء للأصوات، فيما يندد اخرون بدعم خفي من الجيش لهذا العسكري السابق الذي كان قائدا للقوات الجوية. الا ان بيتر عادل وهو محاسب قبطي في الثالثة والثلاثين لا يخفي تأييده لرئيس حكومة مبارك الاسبق معتبرا انه افضل شخص يمكن ان يمنع الاسلاميين من بسط سيطرتهم على جميع سلطات الدولة بعد ان هيمنوا بالفعل على البرلمان. ويقول عادل "اكره الاخوان المسلمين، انهم يريدون تقسيمنا، ولم يفعلوا اي شيء لمصر. ما يريدونه هو دولة اسلامية لا مكان فيها للمسيحيين".

سرقة الثورة

على صعيد متصل لم يخرج الثوار في مصر إلى الشوارع والميادين كي يستبدلوا حسني مبارك برجل عسكري آخر او ليسلموا السلطة لقيادي إسلامي لكنهم استيقظوا على هذين الخيارين بعد الجولة الاولى من انتخابات الرئاسة. ويشعر الشبان الذين وضعوا المشاعر الوطنية فوق الدين عندما خرجوا مطالبين بسقوط حكم مبارك العام الماضي ويقولون ان الثورة التي اطلقوا شرارتها سرقت سواء من جنرالات المجلس العسكري او من الاخوان المسلمين. وتحققت اسوأ مخاوفهم عندما اشارت النتائج الأولية لأول انتخابات رئاسية حرة في مصر إلى صعود كل من مرشح الاخوان محمد مرسي والفريق احمد شفيق القائد الاسبق للقوات الجوية وآخر رئيس وزراء في عهد مبارك إلى جولة الاعادة التي تجرى يومي 16 و17 يونيو حزيران.

وقال طارق فاروق (34 عاما) ويعمل سائقا بالقاهرة "انا مصدوم. كيف يمكن ان يحدث ذلك؟ الشعب لا يريد مرسي ولا شفيق. هذه كارثة علينا جميعا. انهم يعيدون الناس مرة ثانية إلى ميدان التحرير." ومع خروج المرشحين المعتدلين من السباق الذي ضم 12 مرشحا ستكون جولة الاعادة مواجهة بين اكثر المرشحين استقطابا مما يحيي صراعا على السلطة يعود الى عشرات السنين بين النخبة العسكرية العلمانية في مصر والمعارضة الاسلامية القوية.

ويشعر المحتجون الذين احتشدوا في ميدان التحرير يوما للإطاحة بمبارك بالصدمة لأن جولة الاعادة ستكون بين واحد من "فلول" النظام السابق و"إخواني" من الجماعة المحافظة التي دخلت في صراع مع السلطات على مدى معظم تاريخها الممتد 84 عاما. وقال حسن نافعة استاذ العلوم السياسية الذي ساند الشارع ضد مبارك ان صعود احمد شفيق يعني بقاء النظام القديم وتصفية الثورة بينما يعني صعود الاخوان ان مصر ستقترب إلى حد كبير من الدولة الدينية.

وبالنسبة للثوار فإن شفيق ليس سوى صورة مكررة لمبارك. فقد شغل الرجلان منصب قائد القوات الجوية ومن شأن فوز شفيق ان يمدد عمر هيمنة رجال الجيش على مؤسسة الرئاسة المستمرة منذ 60 عاما.

لكن جماعة الاخوان التي تملك الكتلة الاكبر في البرلمان لا تبدو الخيار الاكثر جاذبية لأغلب الثوار حيث وعدت بتطبيق الشريعة الاسلامية وهو ما يهدد بتقييد الحريات الاجتماعية وتكميم الاصوات المعارضة. وقال محمد حنفي (30 عاما) والذي يعمل في مصنع "ما الذي يحدث لثورتنا؟ فوز شفيق يعني اعادة انتاج النظام القديم وفوز مرسي سيكون كارثة. الاخوان سيسيطرون على الرئاسة والبرلمان وسيحتكرون كل شيء." وقال "لا نعرف اين سينتهي بنا ذلك." ولا يتعلق الامر بمصير مصر وحدها. فما يحدث في مصر اكبر الدول العربية سكانا (82 مليونا) يؤثر على المنطقة التي تعصف بها الصراعات والانتفاضات الشعبية. ومن شأن هيمنة الاسلاميين ان يفزع القوى الليبرالية التي لعبت دورا كبيرا في انتفاضات الربيع العربي التي اطاحت بزعماء تونس وليبيا واليمن ومصر.

لكن بعد مرور 15 شهرا من احتشاد مئات الالاف في ميدان التحرير للاحتفال بنهاية عهد مبارك الذي استمر 30 عاما تحولت الاحتفالات إلى حالة من الاحساس بالصدمة والغضب. وشهدت المرحلة الانتقالية التي قادها الجيش الذي تولى الحكم بعد مبارك ووعد بتسليم السلطة في اول يوليو تموز اعمال عنف وجمودا سياسيا وازمات اقتصادية. ومن الممكن ان تؤدي الجولة الثانية من الانتخابات إلى مزيد من الاضطراب. وقال نشطاء وغيرهم بالفعل انهم سيعودون إلى الشوارع والميادين في حالة فوز شفيق رغم انه امر قد يكون صعبا اذا سارت الجولة الثانية بهدوء.

وايا كان الفائز فمن المتوقع ان يبقى الجيش اللاعب الرئيسي مما يعطيه السلطة الاكبر في تحديد صلاحيات الرئيس. ولم تتحدد هذه الصلاحيات بعد بسبب الخلافات بشأن من يكتب الدستور . ويؤكد القادة العسكريون انهم سيعودون إلى ثكناتهم بهدوء لكن كثيرا من المصريين لا يتوقعون ان يتخلى الجيش عن الامتيازات والنفوذ الذي تمتع به لعقود. ويقولون ان فوز شفيق سيعني ان عودة الجيش ستكون اكثر صعوبة.

وايا كانت صلاحيات الرئيس فسوف يحتفظ الجيش بقبضة قوية على السياسة الخارجية وسوف يحمي معاهدة السلام مع اسرائيل التي تعود على مصر بنحو 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الامريكية سنويا. ومن الممكن ان يضيق ذلك من فرصة مرسي في التحرك خارجيا لكنه سيمنحه فرصة افضل في التركيز على الداخل. ويخشى الليبراليون وغيرهم من المصريين ان يحاول الاخوان فرض منهجهم الديني على المجتمع.

وقالت داليا حمدي مديرة الموارد البشرية التي تسكن حي الزمالك الغني في القاهرة "هذا ليس ما نريده وليس ما ناضلنا من اجله. كامرأة اشعر باستياء شديد." وقالت وهي تشير إلى صديقة لها ترتدي قميصا يكشف عن ساعديها "بالتأكيد لن يمكننا ارتداء الملابس التي نرتديها الان." ولم يحدد مرسي ما تعنيه دعوته لتطبيق الشريعة الاسلامية عمليا. لكن الليبراليين يخشون ان يعني تطبيق الشريعة المزيد من القيود على الزواج والطلاق بالنسبة للمرأة. كما من شأن تضييق الحريات الاجتماعية ان يضر بالسياحة وهي من مصادر الدخل الرئيسية في مصر. بحسب رويترز.

وبالقرب من اهرامات الجيزة الشهيرة وفي شارع الهرم المشهور بحياة الليل الصاخبة قال بعض عمال الحانات انهم يخشون صعود رئيس من الاخوان متذكرين كيف قامت جماعة من الاسلاميين بتخريب حانات وملاه قريبة العام الماضي وحطموا زجاجات الخمر باعتبارها رمزا للرذيلة. وقالت هدى الحسيني النادلة في إحدى الحانات "انا متأكدة ان الاخوان سيغلقون الحانات اذا انتخبوا. سيحظرون الخمور... بالنسبة لهم الرقص والخمر والموسيقى كلها حرام. كل شيء حرام."

الاخوان يسعون لتحالفات

في السياق ذاته بدأت جماعة الإخوان المسلمين الاتصال بمنافسيها السياسيين من بينهم مرشحون خرجوا من السباق الرئاسي في محاولة منها لحشد الدعم لمرشحها الذي سيخوض جولة الإعادة امام احمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وقالت الجماعة محذرة "من محاولات مستميتة من اجل إعادة انتاج النظام القديم بحلة جديدة" ان على الاحزاب التي ايدت الثورة التي اطاحت بمبارك من السلطة "التوحد من جديد حتى لا تسرق منا الثورة وحتى لا تضيع هذه الدماء هباء."

وستكون الاعادة لحظة تاريخية بالنسبة لمصر وللمنطقة حيث تمنح الناخبين الخيار بين استمرار الحكم على ايدي رجال لهم خلفيات عسكرية وبين حكومة بقيادة جماعة اسلامية طالما عانت من القمع ولها تأثير اقليمي كبير. وهذا خيار لا يروق للكثير من المصريين سواء بدافع الخوف من ان فوز شفيق سيمثل ضربة للآملين في الاصلاح او من دافع القلق من ان فوز الاخوان المسلمين سيوجه البلاد نحو حكم اصولي.

وقال مسؤول بجماعة الاخوان المسلمين إنها ستدعو سياسيين بارزين خرجوا من سباق الرئاسة لمحادثات تشمل جدول أعمالها منصب نائب الرئيس وحكومة ائتلافية في المستقبل. وقال ياسر علي المسؤول في الجماعة إن من بين المدعوين المرشح الاسلامي المستقل عبد المنعم ابو الفتوح والمرشح الناصري حمدين صباحي. وتمثل المبادرة محاولة جديدة من قبل الاخوان للتواصل مع قوى اخرى اتهمت الجماعة بانها تسعى للسيطرة على الحياة العامة منذ الاطاحة بمبارك وهو الاتهام الذي ينفيه الاخوان بشدة.

وقال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة "نعلن عن مبادرتنا لدعوة كل القوى السياسية الوطنية والثورية لحوار وطني جادّ نناقش فيه مصير مصر في ظل التحديات التي تواجهنا جميعًا ونبحث معًا سبل إنقاذ ثورتنا المباركة." ورغم دورها القيادي لسنوات ضمن الحركة الاصلاحية في مصر الا ان جماعة الاخوان بدت معزولة بشكل متزايد عن غيرها من الاحزاب منذ الانتفاضة حيث واجهت في البداية اتهامات بانها كانت بطيئة في الانضمام للثورة وانها اذعنت بعد ذلك للمجلس العسكري الحاكم.

وتقوضت الثقة في الاخوان بدرجة اكثر عندما قررت في اللحظات الاخيرة خوض انتخابات الرئاسة متراجعة عن تعهدها السابق بعدم الدفع بمرشح في الانتخابات. وتقول الجماعة التي تأسست في عام 1928 انها هدف لحملة خبيثة يشنها معارضوها. وقال عبدالمنعم ابو الفتوح المرشح الاسلامي الخاسر والذي حقق 17.6 في المئة من نسبة التصويت وفقا لإحصاء الاخوان انه سيدعم مرشح الجماعة التي انفصل عنها العام الماضي لخوض الرئاسة. ولم يذكر ابوالفتوح جماعة الاخوان المسلمين بالاسم ولكنه قال في بيانه "سنسمو على خلافاتنا وسنُعلي مصلحة الوطن وسنبنيه توافقياً وثورياً ونقف صفاً واحداً ضد رموز الفساد وستكون مصر قوية"

مفاجأة حمدين صباحي

من جانب اخر حقق المرشح الرئاسي المصري حمدين صباحي صعودا متأخرا في الشعبية قفز به الى المركز الثالث في نتائج الجولة الاولى للانتخابات فيما قال محللون انه يؤهله لدور مستقبلي اكبر. وازاح صباحي في طريق صعوده المرشح الاسلامي عبد المنعم ابو الفتوح العضو السابق في الاخوان المسلمين الذي حل رابعا ووزير الخارجية الأسبق والامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى اشهر اسم ضمن المرشحين والذي حل خامسا.

وانشغل صباحي المولود لفلاح من ابناء محافظة كفر الشيخ في دلتا النيل خلال سنوات دراسته الجامعية للأعلام وعمله بالصحافة بالدفاع عن الفقراء وحقوقهم. وحرص على التواجد في العديد من احتجاجات الشوارع ضد نظام مبارك. وطرح نفسه في الانتخابات تحت شعار "واحد مننا رئيسا لمصر". وصعدت شعبيته بعد المناظرة التلفزيونية الاولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية المصرية والتي خاضها موسى وابو الفتوح لكن اداءهما جاء باهتا. ويعيد صباحي للأذهان صورة الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي كان أحد أبرز المنادين بالوحدة العربية وانحازت سياساته الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة.

ويقول الخبير الاعلامي ياسر عبد العزيز إن ما يحاول ان يقدمه صباحي "هو العائد السياسي والاجتماعي لسياسات العهد الناصري مع تفادي الأخطاء خاصة ما يتعلق بكبت الحريات والممارسات القمعية." ودعم عبد الحكيم عبد الناصر أصغر أبناء جمال عبد الناصر صباحي ورافقه في بعض جولاته الانتخابية بالمحافظات. وذكر الموقع الرسمي لحملة صباحي أنه حصل أيضا على تأييد هدى عبد الناصر ابنة الرئيس الراحل والأستاذة بجامعة القاهرة.

ومن المؤيدين الاخرين والدة النشط خالد سعيد الذي تسبب مقتله خلال القبض عليه بمدينة الإسكندرية الساحلية في اثارة احتجاجات تطورت للانتفاضة على مبارك . وايده ايضا الأدباء بهاء طاهر وعلاء الأسواني ويوسف القعيد وشاعر العامية عبد الرحمن الأبنودي والمؤلف الموسيقي عمار الشريعي والممثلان نور الشريف وفاروق الفيشاوي والمطرب علي الحجار والمخرج خالد يوسف ونقيب الصحفيين الأسبق جلال عارف.

ويقول جمال عبد الجواد استاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية "القوى المدنية والعلمانية التي ساهمت بشكل كبير في الثورة اختارت صباحي مرشحا لها وهذا سبب صعود نجمه إضافة إلى تراجع حظوظ مرشح أقل ندية وهو موسى." وأضاف "اداء موسى في الفترة الاخيرة لم يكن جيدا وشجع الناخبين على البحث عن أقرب المرشحين لوجهة نظرهم المدنية وتلقى صباحي تأييد مجموعتين رئيسيتين ... القوى الثورية المدنية والقوى الوسطية المدنية التي انفضت من حول موسى." ويرى عبد الجواد أن صباحي يحمل على عاتقه قيادة التيار المدني الذي يفتقر للاطار التنظيمي من أجل تحقيق نوع من التوازن بينه وبين التيار الإسلامي.

واعتمد البرنامج الانتخابي لصباحي على ثلاث ركائز الأولى هي حرية يصونها النظام الديمقراطي والثانية عدالة اجتماعية تحققها التنمية الشاملة والثالثة كرامة إنسانية يحميها الاستقلال الوطني. وقال عبد الجواد "الدور الأهم لصباحي بعدما تحول إلى شخصية سياسية عامة هو بلورة هذا التيار المدني لان التأييد الذي حصل عليه أكبر من التيار الناصري." وأضاف "مصر ليست الرئاسة فقط وهذا التيار يحتاج إلى اطار تنظيمي للتعبير عنه وربما يتمكن من انتاج حزب مدني يمثل يسار الوسط... اتمنى الا يقبل أي منصب بعد الانتخابات."

ولصباحي مواجهة شهيرة مع الرئيس الراحل انور السادات خلال لقاء جمع السادات مع اتحاد طلاب مصر اذ انتقد صباحي في حديثه امام السادات السياسات الاقتصادية والفساد الحكومي وكذلك موقف الرئيس الراحل من قضية العلاقات مع اسرائيل في أعقاب حرب أكتوبر تشرين الاول 1973.

وكان صباحي عضوا بمجلس الشعب من 2000 حتى 2010 عن أهالي البرلس والحامول بمحافظة كفر الشيخ وهو وكيل مؤسسي حزب الكرامة. وتكرر اعتقاله وهو نائب في مجلس الشعب وبدون رفع حصانته سنة 2003 خلال احتجاجات مناهضة للنظام المصري بسبب ما رآه كثيرون من المصريين تساهلا من الحكومة إزاء الغزو الامريكي للعراق في ذلك العام. بحسب رويترز.

وصباحي أحد مؤسسي وقادة الحركة المصرية من اجل التغيير (كفاية) والتي تأسست عام 2004 بعد أن صاغ 300 من المثقفين المصريين والشخصيات العامة وثيقة تطالب بتغيير سياسي حقيقي في مصر وبإنهاء الظلم الاقتصادي والفساد. وساهم ايضا في تأسيس الحزب الاشتراكي العربي ثم تأسيس الحزب العربي الناصري. وتعهد صباحي بإعادة كل اموال الشعب المنهوبة وقال إنه اذا فاز بالرئاسة فسيقطع امدادات الغاز المصرية عن اسرائيل ويعمل على أن يصل الغاز الطبيعي لكل منازل مصر خلال ثلاثة اعوام. وصباحي متزوج وله ابنة وابن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/آيار/2012 - 5/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م