شبكة النبأ: تتهيأ جماعة الاخوان
المسلمين في مصر بكل ما اتيح لها من انتعاش لتسنم دفة الحكم في مصر،
على الرغم من المنافسة التي بدت شديدة مع بعض المرشحين لمنصب الرئيس
القادم.
وتحشد جماعة الاخوان انصارها لنيل ما تعتبره حق طال انتظاره لتبوء
صدارة القيادة، بعد ان دفعت الانظمة السياسية السابقة بها بعيدا عن ذلك
الاستحقاق كما يرى الاخوان، فيما كان لوصول احد قياداتها لرئاسة
البرلمان في تلك الدولة تعزيز ملفت لما ستلعبه في الشؤون السياسية
والاقتصادية للدولة في القريب العاجل.
ويحسب ايضا لتلك الجماعة كما يرى بعض المحللين السياسيين انها
استطاعت مسك العصى من المنتصف، وعدم الاحتكاك مع أي جهة اقليمية كانت
او محلية خلال هذه الفترة، ويعلق المراقبون ملاحظاتهم الى فترة ما بعد
الانتخابات للحكم على سلوك تلك الاخوان وطرق مشاركتهم في ادارة الدولة.
تحديات جديدة
ففي عشية الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك من
الحكم أعدت جماعة الاخوان المسلمين نفسها لموجة من الاعتقالات الجماعية
لاقتناعها بأن الرئيس يخطط لتسليم السلطة لابنه وسيأمر بشن حملة على
المعارضة، وفي هذا شهادة على حجم التغيير الذي حدث منذ ذلك الحين فقد
أصبح رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة محمد مرسي واحدا من
أقوى المنافسين على منصب مبارك في الانتخابات الرئاسية، وقال عصام
العريان القيادي بجماعة الاخوان الذي كان في السجن حين اندلعت
الانتفاضة لكنه يستقبل اليوم الصحفيين في مكتب فخم بالبرلمان الذي
تسيطر جماعته على ما يقرب من نصف مقاعده "الجماعة كانت تستعد لضربة
قاضية" وأضاف مازحا بشأن المكتب تم تزيينه بهذا الشكل لغيرنا، ومثلت
الأشهر الخمسة عشر التالية للإطاحة بمبارك فصلا تاريخيا في قصة حركة
تحولت من جماعة محظورة الى حزب سياسي تتودد له الدول الأجنبية وينافس
على السلطة، وتراجعت المخاوف من أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي
يدير مصر وتسلم السلطة من مبارك قد يشن حملة على الجماعة من جديد.
وتعتقد جماعة الاخوان ان هناك الكثير الذي تغير في مصر بما لا يسمح
بتكرار سيناريو عام 1954 حين شن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حملة
على الجماعة، ولكن في حين أن عصر زوار الفجر انتهى فيما يبدو بالنسبة
لجماعة الاخوان فإن الساحة السياسية في مصر بعد الانتفاضة تحمل تحديات
جديدة فهناك منافسون جدد من التيار الإسلامي وجماهير اكثر ميلا
للانتقاد وقدر من المعارضة الداخلية علاوة على تجدد جدل قديم بشأن
مزايا وعيوب مزجها بين الدين والسياسة.
والمنافس الرئيسي لمرشح الجماعة للرئاسة هو عبد المنعم ابو الفتوح
العضو السابق بالجماعة الذي يختبر مسعاه ولاء بعض أعضاء الاخوان والذي
حرم بترشحه للرئاسة مرسي من دعم قطاع من الإسلاميين، وتتعشم الجماعة في
الأفضل وهو أن تفوز بانتخابات الرئاسة لكنها تدرس ايضا نتيجة مختلفة هي
الهزيمة التي يمكن أن تؤدي الى حرمانها من اي نفوذ فعلي على الحكومة
لتبقى في صفوف المعارضة، وتخشى جماعة الإخوان من أن المؤسسة العسكرية
القوية يمكن أن تحبط محاولاتها للحصول على نصيب في السلطة، وقالت
اليسون بارجيتر الخبيرة في شؤون الجماعة "من المؤكد أن جماعة الاخوان
باتت اكثر قوة منذ فوزها في الانتخابات. هذا حدث في الوقت الذي أصبحت
فيه الحركة أكثر ثقة بنفسها وبالقاعدة التي تدعمها، وأضافت بارجيتر
التي ألفت كتابا عن الحركة "لكن بالرغم من ذلك تواجه جماعة الاخوان
تحديات كثيرة منها كيف ستتعامل مع التناقضات الداخلية التي عرقلتها الى
حد ما منذ بدايتها، في مقر الجماعة تحدث واحد من أكثر أعضائها نفوذا عن
فترة حلوة ومرة للجماعة التي انتخبت للبرلمان لكن المجلس العسكري
يمنعها من أن يكون لها اي رأي في الحكم، وقال محمود عزت النائب الأول
للمرشد العام لجماعة الاخوان إن هذا كان سببا رئيسيا لتخوض الجماعة
السباق الرئاسي وهو قرار اتخذ في مارس آذار واثار جدلا لانه مثل تراجعا
عن تعهد سابق للجماعة بالا تنافس على المنصب، وأضاف "اتوقع سيظل هذا
التجاذب لفترتين رئاسيتين حتى لو كان الرئيس من الاخوان سيظل المجلس
العسكري يحاول الاستمساك بالسلطة ولكن ستبقى فرصة اقل بكثير." ويرى عزت
انتخابات الرئاسة باعتبارها بداية صراع سيستمر ثمانية اعوام مع المؤسسة
العسكرية التي ستبذل كل ما في وسعها للحفاظ على امبراطورية اقتصادية
تشمل مصانع وأراض ومحطات بنزين، ومضى يقول إن رئيسا من جماعة الاخوان
سيكون مؤهلا لتحمل الضغط وإجراء الإصلاحات اللازمة لإقامة نظام
ديمقراطي وإنعاش الاقتصاد المصري وهي أهداف مشروع "نهضة عصرية بمرجعية
إسلامية" المنصوص عليه في ميثاق الجماعة، ويقول عزت انه اذا فشلت جماعة
الاخوان في مسعاها للفوز بانتخابات الرئاسة فإنها ستظل مستبعدة من
الحكومة وكان تقييمه هذا صريحا ويتناقض مع تقييمات اكثر تفاؤلا من
شخصيات اخرى بالجماعة، وأضاف "يعني احسب انه ممكن يسندوا بعض الوزارات
التي في تصورهم الا يكون لها اثر في تقرير السياسات العامة للدولة
وسنقول لهم طيب خلاص هنبقى معارضة" واضعا نصب عينيه انتخابات المحليات
التي تجري في وقت لاحق من العام الحالي باعتبارها الفرصة القادمة لتعزز
الجماعة تمثيلها، وعزت (60 عاما) من الأعضاء المخضرمين بالجماعة سجن
للمرة الأولى في عهد عبد الناصر. وهو في نفس منصب خيرت الشاطر الرجل
الذي وقع عليه اختيار الجماعة ليكون مرشحها الاول للرئاسة لكنه استبعد
بسبب حكم جنائي صدر عليه في عهد مبارك، ولا يكثر عزت من الظهور
الإعلامي وتصفه وسائل الإعلام المحلية بأنه "الرجل الحديدي" وهو يجسد
ما يعرف عن الجماعة من انضباط داخلي وعملية اتخاذ قرار من القمة الى
القاع، ويرفض عزت هذا باعتباره من ابتداع وسائل إعلام عدوانية
معلوماتها مغلوطة. وأضاف أن جماعة الاخوان نجحت من خلال إقناع أتباعها
بأفكارها وليس بإصدار الأوامر لهم، لكن هذا الوصف يشير الى مشكلة تعاني
منها صورة الجماعة بعد أن فقدت قدرا من الدعم الذي كانت تتمتع به ذات
يوم في ظل الصراعات السياسية التي تزخر بها الساحة الآن في مصر
الجديدة. بحسب رويترز.
ويورد منتقدون أخطاء منها اخفاقها في إشراك القوى الأخرى بالمجتمع
في فترة ما بعد الانتفاضة، وتصور الجماعة على أنها متعطشة للسلطة وتسعى
الى إقصاء الآخرين من الحياة العامة وهو ما تنفيه الجماعة بشدة ويتناقض
مع سمعتها السابقة باعتبارها ضحية للقمع، وأجريت مقارنات سلبية بينها
وبين حركة النهضة التونسية الإسلامية التي تسعى ايضا الى صياغة مستقبل
تونس التي تمر بمرحلة انتقالية ولكن نسب اليها الفضل في إقامة علاقات
افضل مع الآخرين في المجتمع بوجه عام، وأثارت الانتقادات رد فعل دفاعيا
من الجماعة. وهتف اعضاء بجماعة الاخوان خلال تجمع حاشد قائلين إن
إهانات الآخرين تقويهم، وتعتقد الجماعة أن التوليفة التي تقدمها وتجمع
بين السياسة والدين والعمل الاجتماعي اكثر جاذبية الآن من إي وقت مضى،
وتطرح الجماعة رؤيتها لحكم البلاد في وثيقة من 80 صفحة تتناول كافة
الموضوعات بدءا من الاستثمار الى الشريعة الاسلامية والسياسة الخارجية
والتي تسعى من بين جوانب أخرى الى تعميق العلاقات مع دول مسلمة أخرى
مثل تركيا، ويلتقي مسؤولو الجماعة الآن بمسؤولين امريكيين بشكل متكرر
بعد أن كانت الولايات المتحدة تتجاهلها. وهي تتصور علاقات مع واشنطن
قائمة على الاحترام المتبادل وإنهاء كافة اشكال الاعتماد السياسي
والاقتصادي والعسكري، اما عن اسرائيل وعلى غرار غيرها من القوى
السياسية تقول الجماعة إنها تريد مراجعة معاهدة السلام الموقعة عام
1979 لكنها لن تلغيها، وتشير الجماعة الى 350 الف عضو انضموا الى الحزب
الذي أنشأته العام الماضي باعتباره دليلا على قوة لا يباريها فيها احد
بالداخل ورفضت الحديث عن انقسامات داخلية باعتبار هذا محض أمنيات من
جانب من يضمرون لها السوء، لكن هناك انتقادات داخلية للطريقة التي تدير
بها شؤونها منذ الانتفاضة، يقول حسن البشبيشي الذي كان عضوا بجماعة
الاخوان لمدة 33 عاما وأحد ثمانية آلاف عضو مؤسس لحزب الحرية والعدالة
المنبثق عنها إن الجماعة تحتاج الى إصلاح. واستقال البشبيشي من حزب
الحرية والعدالة بسبب قرار الجماعة خوض انتخابات الرئاسة، ويقول انه
كان يجب التشاور مع عدد اكبر من أعضائها قبل اتخاذ هذه الخطوة
التاريخية. وتابع قائلا "هذه الدائرة الصغيرة لا تعبر عن جموع الاخوان."
وهو يعتزم التصويت لابو الفتوح، كما وجهت انتقادات لنهج الجماعة من
شخصيات بارزة بها. ويعتقد حلمي الجزار النائب الاخواني بالبرلمان وعضو
مجلس شورى الجماعة أنه كان عليها بذل المزيد من الجهد للتعامل مع مخاوف
الأحزاب الأخرى، ومن بين اوجه القصور موقفها من تشكيل الجمعية
التأسيسية المكلفة بوضع دستور مصر الجديد، ويقول منتقدو الجماعة إنها
استغلت قوتها في البرلمان لتدفع باتجاه عملية همشت كل من لا ينتمي
للتيار الإسلامي. وأصيبت العملية برمتها بالشلل بسبب النزاع الذي خلفته،
وقال الجزار عن تقييمه لأداء الاخوان منذ الإطاحة بمبارك "أعطيهم 6.5
من عشرة". واستطرد قائلا "هذه درجة جيدة في أوقات مقلقة، وقال شادي
حميد الخبير في شؤون الاخوان بمركز بروكنجز الدوحة إن الجماعة لم تستطع
مجاراة العصر، وأضاف "جماعة الاخوان تعمل وكأن الثورة لم تحدث. لم
تستطع التكيف، لكن هناك مؤشرات على إعادة تقييم الأداء على مستوى
القيادة.
سلسلة بشرية
الى ذلك نظم الإخوان المسلمون استعراض للقوة بسلسلة بشرية من
المؤيدين طولها 760 كيلومترا في شتى أنحاء البلاد لدعم محمد مرسي مرشح
الجماعة في الانتخابات، ومن القاهرة إلى اسوان حمل أعضاء في جماعة
الاخوان المسلمين وحزب الحرية العدالة الذراع السياسية للجماعة صور
مرسي بديل الجماعة عن مرشحها الأول خيرت الشاطر الذي استبعد بسبب حكم
محكمة عسكرية، وقام عدد من النشطاء والانصار بعضهم يرتدي قمصانا وقبعات
تحمل صور مرسي بحملة لافتات تظهر أيضا وجه المهندس السابق الملتحي
وشعار الحملة "مرسي رئيسا لمصر، وهذا الحدث الذي نظمته حملة مرسي
للانتخابات الرئاسية سلط الضوء على شبكة الانصار القوية لجماعة الإخوان
المسلمين في جميع أنحاء البلاد، وقالت الجماعة في موقعها على الإنترنت
انها تهدف إلى تشكيل أطول سلسلة بشرية في العالم، والمعروف أن جماعة
الاخوان المسلمين كانت الكيان السياسي الأكثر تنظيما أثناء حكم الرئيس
السابق حسني مبارك وتفتخر الجماعة بحملة يمكنها حشد المؤيدين في جميع
أنحاء البلاد بسرعة، وينافس مرسي مرشحين آخرين بينهم الأمين العام
السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى والمرشح الإسلامي عبد المنعم
أبو الفتوح. بحسب رويترز.
لكن أعضاء بعض الجماعات السياسية الليبرالية يقولون إن مرسي من
المرجح أن يظهر قوة كبيرة نظرا لقدرة شبكة جماعة الإخوان المسلمين
المستمرة منذ عقود والتي تدعم حملته الانتخابية، ويهيمن حزب الحرية
والعدالة على البرلمان بعد الفوز بالأكثرية في الانتخابات البرلمانية
التي اجريت في نوفمبر تشرين الثاني، وقال ياسر علي عضو حملة مرسي "اننا
واثقون من أن الدكتور مرسي سيفوز من الجولة الأولى.
وحدة الصف تنتظر جولة الإعادة
وفي حين ما زال الانقسام سائدا بين التيارات الاسلامية بشأن دعم
مرشح بعينه للرئاسة، فيما يرى محللون انه وضع سيستمر في الأغلب حتى
جولة الإعادة، ويتوقع المراقبون أن تنحصر أصوات الإسلاميين بين عبد
المنعم أبو الفتوح القيادي البارز السابق في جماعة الإخوان المسلمين
ومحمد مرسي المرشح الرسمي للإخوان واستاذ الفقه الاسلامي محمد سليم
العوا، وسيصب هذا الانقسام في صالح مرشحين آخرين بما في ذلك المحسوبين
على نظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي اطاحت به انتفاضة شعبية في
مطلع العام الماضي بعد ثلاثة عقود على رأس السلطة دون منافس، ولم يجزم
حازم صلاح ابو إسماعيل ابرز مرشحي التيار السلفي قبل استبعاده من
السباق لحصول والدته على الجنسية الامريكية موقفه بعد من دعم مرشح
بعينه، وقال أبو إسماعيل في لقاء مع أنصاره بأحد مساجد العاصمة المصرية
"لن أقول من ترشحون ولكن المهم أن يكون لنا موقف في الانتخابات
الرئاسية وألا يعود شخص من نظام مبارك ليحكم، وقال ياسر سلامة وهو من
الحملة التطوعية لدعم ترشيح أبو إسماعيل إن مؤيديه يقررون من ينتخبونه
كل حسب مرجعيته لأنه لا يوجد تنظيم يجمعهم تحت مظلته لكن اصواتهم
ستنقسم بين أبو الفتوح ومرسي، وذكر سلامة أن سقف تطبيق الشريعة لدى
ناخبي التيار الإسلامي واحد لكن أبو الفتوح ومرسي لا يعرضونه "بالشكل
المرضي لنا كما كان الحال مع الشيخ حازم، وأفادت تقارير إعلامية أن ابو
اسماعيل سيبلغ انصاره بمن يوصيهم بدعمه لكن اسامة الدليل رئيس قسم
الشؤون الخارجية بمجلة الاهرام العربي يهون من حجم التأثير الانتخابي
لقاعدة مؤيدي ابو اسماعيل، ويقول "المال السياسي كان وراء تضخم ظاهرة
حازم صلاح أبو إسماعيل.. هناك مؤشرات متعددة -وأشار العوا إليها ذات
مرة- على أن هذه الكتل (أصوات الإسلاميين) سوف يتم توجيهها بنفس
الطريقة التي تم حشدها لحازم، وتباينت آراء الأحزاب ذات المرجعية
الإسلامية في مصر حول تأييد أي مرشح في الانتخابات ففي حين أعلن حزب
النور السلفي دعمه لأبو الفتوح قال حزب الأصالة السلفي إنه سيدعم مرسي،
وأكد عادل عبد المقصود عفيفي رئيس حزب الأصالة أن الحزب اتخذ قراره
منعا لتفتيت أصوات ناخبيه بين المرشحين الاسلاميين وأن "غالبية التيار
السلفي في القاهرة والمحافظات المختلفة تقف خلف الدكتور مرسي إلا البعض
في الإسكندرية وعدد من المناطق، وقال حزب النور السلفي إن أبو الفتوح
حصل على أكثر من 75 في المئة من الأصوات في استفتاء على مرشحي الرئاسة
في اجتماع لمجلس شورى الدعوة والهيئة العليا والكتلة البرلمانية للحزب.
بحسب رويترز.
ومن جانبه هاجم الداعية محمد عبد المقصود حزب النور والتيار السلفي
خلال مؤتمر لجماعة الاخوان المسلمين بمحافظة الجيزة وقال إن قادة
السلفيين "مارسوا الضحك على الذقون، واضاف "عندما قالوا إن العوا أفضل
مفكر ومشروع مرسي الأقوى بين البرامج ولذلك سنختار أبو الفتوح فهل كانت
هذه مزحة أم فزورة منهم؟، وقال مصطفى حمزة رئيس مجلس شورى الجماعة
الإسلامية بالخارج ان تأييد "مرسي يحقق نهضة مصر واستقرارها ... فهو
الأقرب لمنهج الجماعة الإسلامية وأفكارها وطموحاتها وهو ما يحتم مراجعة
الموقف قبل إجراء الانتخابات، وطالب حمزة الدعوة السلفية وذراعها
السياسية حزب النور بإعادة التفكير في دعم أبو الفتوح "والعودة إلى
منهج السلف وإعلان تأييد مرسي، وأعلن حزب الوسط الذي يضم أعضاء سابقين
في جماعة الاخوان تأييده لأبو الفتوح في انتخابات الرئاسة وقال إن
نتيجة تصويت داخلي بالحزب أسفرت عن فوز أبو الفتوح بحصوله على نسبة 63%
ثم العوا بنسبة 23%، وعلى الرغم من انقسام آراء الأحزاب ذات المرجعية
الدينية في مصر فإن أحمد عبد العليم وهو كاتب وباحث سياسي مصري قال
لصحيفة الشروق ان "وصول مرشح إسلامي لجولة الإعادة مع مرشح ليس محسوبا
على تيار الثورة يعني حالة جديدة من التوافق من جديد بين تيارات
الإسلام السياسي في دعم هذا المرشح الإسلامي، واضاف ان ذلك "سيكرس
لحالة الصعود الإسلامي.
ثورة التزوير
من جهته حذر مرشح جماعة الإخوان المسلمين لرئاسة مصر محمد مرسي من
اندلاع "ثورة" إذا زورت الانتخابات، وذكر عضو في مجلس الشعب أنه طلب
عقد جلسة خاصة للمجلس لمناقشة ما قال إنه استخدام للمال العام لمصلحة
المرشح أحمد شفيق آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك،
ونسب موقع الإخوان على الإنترنت لمرسي القول في اجتماع انتخابي مع رجال
أعمال إنه "في حال تزوير الانتخابات سيقوم الشعب المصري بثورة عارمة في
كل بقاع الوطن، وقال الموقع إن مرسي دعا المواطنين للنزول يومي 23 و24
من الشهر الجاري للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية لقطع الطريق
أمام محاولات التزوير (التي يمكن أن تحدث نيابة عن الناخبين الذين
يتغيبون)، وسيتولى الجيش تأمين الانتخابات تعاونه الشرطة ويجري
الاقتراع تحت إشراف قضاة بحضور وكلاء عن المرشحين، وبحسب منظمات تراقب
حقوق الإنسان شابت الانتخابات التي أجريت في عهد مبارك عمليات تزوير
رغم إشراف قضائي على كثير منها، وتعهد المشير محمد حسين طنطاوي رئيس
المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر بأن تكون الانتخابات
حرة ونزيهة، واستهدفت تصريحاته فيما يبدو تبديد المخاوف من قيام المجلس
العسكري بأعمال تزوير لمصلحة مرشح قد يفضله وسط مزاعم بأن المجلس يتدخل
في العمل السياسي في البلاد، وإذا لم تحسم النتيجة بعد اقتراع تجرى
جولة إعادة يومي 16 و17 يونيو حزيران، ويقول المجلس العسكري إنه سيسلم
السلطة لرئيس منتخب بحلول الأول من يوليو تموز ويشدد على أنه يقف على
مسافة واحدة من جميع المرشحين ولا يعتزم التدخل في العملية الانتخابية،
وقال موقع الإخوان على الإنترنت إن مرسي "أشار إلى أن مرشحي الفلول
يقومون بضخ الأموال في الشارع المصري وحشد الجماهير لصالحهم كما كان
يفعل الحزب الوطني المنحل من قبل. بحسب رويترز.
ومن باب السخرية يطلق البعض وصف الفلول على مسؤولي حكومة مبارك الذي
أطاحت به انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي. ويقصد نشطاء بتعبير
المرشحين الفلول شفيق ووزير الخارجية الأسبق عمرو موسى على نحو خاص،
وتنفي حملة شفيق وهو قائد سابق للقوات الجوية أنها تستفيد من إمكانيات
الدولة، لكن رئيس كتلة حزب الوسط في مجلس الشعب عصام سلطان طلب من رئيس
المجلس محمد سعد الكتاتني عقد جلسة طارئة لمناقشة ما قال إنها عودة
لممارسات حكومة مبارك في مجال التلاعب بالانتخابات، ومضى قائلا "أموال
الشعب تُسَخر لصالح أحد المرشحين" في إشارة إلى شفيق الذي يتكهن مصريون
بأنه مختار من المجلس العسكري لخوض انتخابات الرئاسة، وقدم سلطان إلى
مجلس الشعب ما قال إنها مستندات تتضمن أن شفيق - بصفته رئيس جمعية تعمل
لمصلحة ضباط القوات الجوية - باع قبل سنوات أكثر من 40 ألف متر مربع من
أرض الجمعية لعلاء وجمال ابني مبارك بثمن بخس، وأحال رئيس مجلس الشعب
المستندات إلى النائب العام للتحقيق، وقال النائب العام المساعد
المستشار عادل السعيد إن النائب العام المستشار عبد المجيد محمود أحال
بلاغا تقدم به سلطان مدعوما من مجلس الشعب بشأن المنسوب لشفيق إلى
نيابة الأموال العامة العليا للتحقيق، وقالت وسائل إعلام محلية إن
النائب العام طلب من وزارة العدل ندب قاض للتحقيق في القضية لكن السعيد
قال إنه - لوجوده بعيدا عن مكتبه - لم يتسن له العلم بأن مثل هذا
الإجراء اتخذ، وقال محمد قطري المنسق العام لحملة شفيق "قدمنا (للنيابة
العامة) كل ألأوراق والمستندات التي تؤكد سلامة موقفنا، وحول المنسوب
للحملة بشأن استخدام إمكانيات الدولة قال "كان هناك مؤتمر انتخابي
لشفيق قرب القاهرة ظهرت فيه سيارات تابعة لوزارة الصحة زعموا أن الحملة
تستخدمها... كانت ثلاث سيارات إسعاف طلبناها ليتبرع مشاركون في الحملة
بالدم، وجاء تحذير مرسي من إمكانية وقوع تزوير في الانتخابات في وقت
تعرضت فيه أكثر من حملة انتخابية لأكثر من هجوم، وقال شهود عيان إن
مؤيدين لشفيق هتفوا ضد المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع
خارج مؤتمر انتخابي بمدينة الشهداء في محافظة المنوفية شمالي القاهرة
مما تسبب في اشتباكات بينهم وبين أعضاء في الجماعة.
المرشح الاحتياطي
على الصعيد نفسه فاجأت جماعة الإخوان المسلمين بمصر الأوساط
السياسية بالإعلان عن ترشح محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع
السياسية للجماعة لانتخابات الرئاسة، ولم تكن المفاجأة في مجرد ترشح
مرسي فحسب لكن أيضا في اعلان الجماعة انه هو مرشحها "الاحتياطي" في حال
رفض اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قبول ترشح خيرت الشاطر القيادي
البارز في الجماعة فيما يتعلق بقضائه فترة في السجن بحكم صادر من محكمة
عسكرية إبان عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وأثارت كلمة "المرشح
الاحتياطي" سخرية الكثير من النشطاء والسياسيين على موقعي فيسبوك
وتويتر ووصلت السخرية الى بعض البرامج التلفزيونية والصحف إلا انه بعد
استبعاد الشاطر ومع مرور الوقت برز مرسي (61 عاما) وأصبح لاعبا أساسيا
في ساحة الانتخابات بفضل ثقل جماعة الإخوان المسلمين وقدرتها على الحشد
والتنظيم، وأكدت الجماعة انها صاحبة مشروع تسعى لتنفيذه بصرف النظر عن
شخصية الفرد الذي يشرف على التنفيذ، ولد محمد محمد مرسي عيسى العياط في
أغسطس اب 1951 لعائلة مصرية بسيطة بقرية العدوة في محافظة الشرقية شمال
شرقي القاهرة وحصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة القاهرة عام 1975 ثم
ماجستير في هندسة الفلزات من نفس الجامعة عام 1978 كما حصل على
الدكتوراه في الهندسة من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1982، وعمل معيدا
ومدرسا مساعدا بكلية الهندسة جامعة القاهرة ومدرسا مساعدا بجامعة جنوب
كاليفورنيا وأستاذا مساعدا في جامعة نورث ردج في الولايات المتحدة في
كاليفورنيا بين عامي 1982 و1985. كما عمل أستاذا ورئيسا لقسم هندسة
المواد بكلية الهندسة جامعة الزقازيق من عام 1985 وحتى عام 2010. بحسب
رويترز.
ويواجه مرسي انتقادات من البعض بالافتقار الى الجاذبية الشخصية
وكذلك لحديثه عن ضرورة تطبيق الشريعة الاسلامية وهو الحديث الذي يسعد
الاسلاميين بسماعه لكنه قد لا يرضي التيارات السياسية الاخرى وقد يثير
القلق لدى عدد من المصريين الذين لا يعارضون الشريعة في حد ذاتها لكنهم
يخشون من اعتماد تفسيرات متشددة لها، لكن آلة الدعاية الضخمة للإخوان
أكثر الجماعات السياسية تنظيما في مصر وتسليط الضوء على "مشروع النهضة"
نجحا في كسب مؤيدين للرجل وهو ما يتضح من خلال المؤتمرات الانتخابية
الحاشدة له في القاهرة والمحافظات، ومشروع النهضة هو برنامج انتخابي
تتبناه جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ويضم مقترحات
وخططا للنهوض بالبلاد في عدة مجالات من بينها الاقتصاد والسياسة
والتعليم والصحة، ولمرسي خبرة برلمانية اذ ترأس الكتلة البرلمانية
للإخوان المسلمين بمجلس الشعب في الدورة البرلمانية من 2000 الى 2005
لكنه خسر في انتخابات 2005 التي شابتها اتهامات بالتزوير، وشأنه شأن
كثير من المعارضين للنظام السابق تعرض مرسي للاعتقال أكثر من مرة.
واعتقل مرسي صبيحة يوم 18 مايو ايار 2006 مع عدد كبير من أعضاء الاخوان
من أمام محكمة شمال القاهرة ومجمع محاكم الجلاء بوسط القاهرة اثناء
تضامنهم مع قضاة يطالبون باستقلال القضاء ليقضي سبعة أشهر وراء
القضبان، كما اعتقل صباح يوم "جمعة الغضب" 28 يناير كانون الثاني العام
الماضي بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد مبارك ضمن عدد من قيادات
المعارضة لمنعهم من المشاركة في احتجاجات ذلك اليوم ولم يمكث في السجن
سوى أيام، ويقول مرسي انه يؤيد ان يكون النظام السياسي في مصر "شبه
برلماني" توزع فيه السلطات بين الرئيس والحكومة والبرلمان، وعلى صعيد
العلاقات مع اسرائيل واتفاقية السلام المبرمة معها أكد مرسي في أكثر من
لقاء تلفزيوني على ضرورة احترام الاتفاقات الدولية "الى ان يثبت في
حقها ما يخالف المصلحة او القانون الدولي" واعتبر ان اسرائيل خالفت
بنود الاتفاقية ورغم ذلك لا يطالب بالغائها لكن "باعادة ضبطها".
ويتشابه هذا الموقف مع اراء عدد من المرشحين الذين يطالبون بمراجعة
بنود الاتفاقية. |