شبكة النبأ: بدت اسرائيل اكثر حنكة
وهي تجني مكاسب سياسية واقتصادية متعاقبة من الغرب والولايات المتحدة
الذي ارعبهما فكرة شن اسرائيل هجمات على ايران كما كانت تلوح، حيث بدا
المشهد أكثر اتضاحا لدى المراقبين السياسيين لشؤون الصراع القائم في
تلك المنطقة الاستراتيجية.
فاسرائيل كما يرى المحللون نجحت في الحصول على مكاسب باهظة على
الصعيدين السياسي والعسكري على حد سواء، بعد ان سعت تلك الدول الى
محاولة اقناع الحكومة الاسرائيلية بالتخلي عن نواياها المعلنة في ضرب
ايران، وهو ما استبعده المراقبون بشكل تام سيما في الوقت الراهن.
إستراتيجية التهديد
فقد خصصت صحيفة الاندبندنت أون صنداي مقالاً عن كيف خدم تهديد
بنيامين نتنياهو بضرب ايران، كلا من إسرائيل والولايات المتحدة، ويرى
الكاتب باتريك كوكبورن أن استراتيجية التهديد الإسرائيلي بضرب ايران"
أدت إلى نتائج رائعة في الداخل والخارج"، ومضى الكاتب يقول: "لطالما
كان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خبيرا في المناورة بمفهوم
إسرائيل للتهديد، وشعبيته في صفوف الناخبين مكنته من صعق المراقبين
السياسيين في البلاد عبر تشكيله تحالفاً مع الحزب المعارض الرئيس
كاديما، الذي كان مستميتاً للتحالف مع نتنياهو لتجنب الخسارة في
الانتخابات العامة المقبلة"، وأضاف: "لطالما اعتبرت التلويح الاسرائيلي
بضرب ايران على خلفية الخوف من امتلاكها سلاحاً نووياً، خدعة القرن.
لكن نتنياهو مقامر بارع"، ويضيف: "انظروا الى مكاسبه الان: لقد فرضت
مزيد من العقوبات على ايران، وبشكل اكبر مما كان يتوقعه الايرانيون،
فيما كانت دول عدة تفضل تضييقا اقتصاديا على ضربة عسكرية تهز الخليج"،
ويرى الكاتب ان المكسب الثاني الذي حققته لهجة نتنياهو هو تهميش مسألة
المضي في بناء المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية فيما يلتهي
العالم بضرب اسرائيل لإيران او عدم ضربها لها، لكن الولايات المتحدة
افادت بدورها من تصريحات نتنياهو. ذلك ان "ابقاء القضية الفلسطينية
خارج الاجندة الدولية كان مفيداً للرئيس الأمريكي باراك أوباما".
خطط جاهزة
من جهته قال سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة ان الخطط الامريكية
لتوجيه ضربة محتملة لإيران جاهزة وان الخيار "متاح بشكل كامل" وذلك في
تصريحات تجيء قبل أيام من استئناف المحادثات بين طهران والقوى العالمية
التي تشتبه في سعي طهران لامتلاك أسلحة نووية، وقالت الولايات المتحدة
مثلها مثل اسرائيل انها تعتبر القوة العسكرية الملاذ الاخير لمنع ايران
من استخدام برنامجها لتخصيب اليورانيوم في تصنيع قنبلة. وتصر ايران على
ان برنامجها النووي لإغراض سلمية بحتة، وقال السفير دان شابيرو في
تصريحات بثها راديو الجيش الاسرائيلي "من الافضل حل هذا دبلوماسيا ومن
خلال اللجوء الى الضغط لا الى القوة العسكرية، وأضاف "لكن هذا لا يعني
ان الخيار غير متاح بشكل كامل.. وليس متاحا وحسب. انه جاهز. تم وضع
التخطيط اللازم لضمان أنه جاهز، وقال راديو الجيش الإسرائيلي إن شابيرو
أدلى بهذه التصريحات، ولجأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا
والصين والمانيا الى استخدام العقوبات والمفاوضات لإقناع ايران بالحد
من تخصيب اليورانيوم الذي يمكن ان ينتج وقودا للمفاعلات او نظائر مشعة
للأبحاث الطبية واذا تمت تنقيته الى مستويات أعلى ينتج مواد انشطارية
للرؤوس النووية. بحسب رويترز.
وبدأت جولة جديدة من المحادثات بين ايران والقوى العالمية في
اسطنبول الشهر الماضي ومن المقرر ان تستأنف في بغداد، وتشعر إسرائيل
التي يعتقد انها الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي تملك سلاحا نوويا
بالخطر من امكانية تحول ايران الى دولة نووية ولمحت الى انها قد تشن
عليها حربا وقائية، لكن الكثير من المحللين يعتقدون ان الولايات
المتحدة وحدها هي التي تملك القدرة العسكرية المطلوبة لالحاق ضرر دائم
بالبرنامج النووي الإيراني، وفي يناير كانون الثاني الماضي قال شابيرو
لصحيفة اسرائيلية ان الولايات المتحدة "تضمن ان الخيار العسكري جاهز
ومتاح أمام الرئيس الامريكي ليستخدمه في اي لحظة يقرر فيها ذلك.
حرب نووية
على الصعيد نفسه حذر رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف من ان أي
عمل عسكري ضد دول ذات سيادة يمكن ان يؤدي الى حرب نووية اقليمية مُعربا
عن معارضة موسكو القوية للتدخل الغربي قبل قمة مجموعة الثماني التي
سيتم خلالها بحث قضيتي سوريا وايران، وقال ميدفيديف في مؤتمر في سان
بطرسبرج في تصريحات نشرت على موقع الحكومة على الانترنت "العمليات
العسكرية المتسرعة في دول أجنبية تجلب عادة متطرفين الى السلطة، وأضاف
ميدفيديف "في مرحلة ما ربما تؤدي مثل هذه الأعمال التي تقوض سيادة
الدول الى حرب اقليمية شاملة حتى بالأسلحة النووية رغم انني لا أريد ان
أُخيف أحدا، وتابع قوله "يجب ان يضع الجميع هذا في الاعتبار، ولم يدل
ميدفيديف بمزيد من التوضيح. وتقول روسيا علانية انها غير ملتزمة بحماية
سوريا اذا تعرضت لهجوم ويقول محللون ودبلوماسيون ان روسيا لن تشارك في
عمل عسكري اذا تعرضت ايران لهجوم، وحثت روسيا باصرار الدول الغربية على
عدم مهاجمة ايران لتحييد برنامجها النووي أو التدخل ضد الحكومة السورية
بشأن العنف الذي تقول الامم المتحدة ان القوات السورية قتلت فيه أكثر
من 9000 شخص، وسيمثل ميدفيديف روسيا في قمة مجموعة الثماني بدلا من
الرئيس فلاديمير بوتين الذي ينظر الى قراره بعدم المشاركة في الاجتماع
بالولايات المتحدة على انه استعراض للقوة في مواجهة الغرب، وقال بوتين
في السابق ان التهديدات ستشجع ايران على تطوير اسلحة نووية. بحسب
رويترز.
وذكر محللون ان ميدفيديف كان يعني ايضا ان قوى نووية مثل اسرائيل
وباكستان والهند يمكن ان تشارك في صراع، وأثناء توليه الرئاسة أصدر
ميدفيديف تعليمات بأن تمتنع روسيا عن التصويت في مجلس الامن الدولي على
قرار أجاز تدخل حلف شمال الاطلسي في ليبيا وهو قرار شبهه بوتين "بالدعوات
إلى الحروب الصليبية في العصور الوسطى، ووبخ ميدفيديف بوتين على تصريحه
وقال بعض العالمين ببواطن الامور في الكرملين ان المواجهة بشأن ليبيا
كانت أحد العوامل وراء قرار بوتين بخوض انتخابات الرئاسة هذا العام
بدلا من السماح لشريكه بتولي فترة رئاسة ثانية، واتهمت روسيا منذ ذلك
الحين حلف شمال الاطلسي بتجاوز تفويضه بموجب قرار مجلس الامن من خلال
مساعدة المعارضين على الاطاحة بمعمر القذافي وحذرت من انها لن تسمح
بحدوث أي شيء مماثل في سوريا، ومنذ ان اعلن بوتين خططه في سبتمبر ايلول
للسعى لتولي فترة رئاسة ثالثة وتعيين ميدفيديف رئيسا للوزراء استخدمت
روسيا مرتين حق النقض (الفيتو) ضد قرارين لمجلس الأمن يدينان حكومة
الاسد، وقال مسؤول الاتصال الروسي بمجموعة الثماني اركادي دفوركوفيتش
ان روسيا ستحاول التأثير على النسخة النهائية من بيان مجموعة الثماني
في القمة التي سيعقد في كامب ديفيد لتجنب اسلوب "أحادي الجانب" ينحاز
الى المعارضة السورية، وأضاف دفوركوفيتش "في البيان الختامي لمجموعة
الثماني نفضل تجنب التوصيات المشابهة لتلك التي تم الاصرار عليها اثناء
التحضير لقرارات مجلس الامن الدولي، ونجحت روسيا في تخفيف الجزء الخاص
بسوريا في البيان في قمة مجموعة الثماني في فرنسا في مايو ايار 2011
حيث تم حذف دعوات للتحرك ضد نظام الرئيس السوري، وقال دفوركوفيتش "نعتقد
ان الامم المتحدة هي المكان الرئيسي لبحث مثل هذه القضايا.
المحادثات الدولية
من جانب أخر قال مسؤول إسرائيلي كبير إنه يجب على القوى العالمية
ألا تهادن في مطلبها أن تتخلى ايران عن أنشطتها النووية الحساسة مضيفا
أنه تم السماح لطهران "باملاء" شروط رغم تعرضها للعقوبات، وبعد تشكيل
حكومة وحدة وطنية بشكل مفاجيء في إسرائيل الأمر الذي عزز تكهنات بأنها
تعد لشن حرب وقائية على ايران عبر داني ايالون نائب وزير الخارجية عن
أمل مشوب بالحذر في أن تسفر المحادثات الدولية، وقال "نفضل بشدة أن
تنجح المفاوضات لأن الحل السلمي أفضل من أي خيار آخر. في الوقت نفسه
سيكون التوصل إلى اتفاق رديء أسوأ من عدم التوصل إلى اتفاق، واستؤنفت
المحادثات بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن
وألمانيا بعد أكثر من عام على انهيارها بعد فشل القوى الست في اقناع
طهران بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم. وتقول إسرائيل انها يمكن أن تهاجم
ايران إذا رأت أن هذا هو السبيل الوحيد لمنعها من الحصول على اسلحة
نووية. وتحث الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إسرائيل على عدم شن أي
هجمات قبل اتاحة الفرصة أمام الدبلوماسية لكن مسؤولين إسرائيليين
يقولون إن الوقت ضيق، وتصر القوى الست شأنها في ذلك شأن إسرائيل على أن
يلزم أي اتفاق نهائي إيران بتعليق تخصيب اليورانيوم. لكن صحيفة لوس
انجليس تايمز قالت إن واشنطن ربما توافق على السماح لايران بمواصلة
معالجة اليورانيوم إلى مستوى نقاء خمسة في المئة، وتقول ايران إنها لن
تسمح ابدا بفرض قيود على تخصيب اليورانيوم، وقال ايالون "الشائعات التي
نسمعها بشان تسوية... بشأن تقديم تنازلات ما... أمر خطير للغاية، وكان
يتحدث في قاعة مؤتمرات صغيرة بالبرلمان الاسرائيلي جرى تجهيزها بجهاز
تنقية هواء وجدران مقاومة للانفجارات لتكون ملجأ في وقت الحرب. بحسب
رويترز.
وقال إن السماح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم وتخزينه قد يمكنها
"خلال فترة قصيرة للغاية" من امتلاك القدرة على صنع قنبلة إذا اختارت
ذلك مضيفا أن تلك المشروعات "تتسارع" بالفعل، وكان عنصر الوقت فيما يخص
إيران أكثر إلحاحا على الدوام بالنسبة الى إسرائيل مقارنة بحلفائها
الغربيين. لكن مع تصريح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الان
بأن الايرانيين سيتمكنون بعد أشهر فقط من تحصين مواقعهم النووية ضد
الضربات الجوية زادت المخاوف في الخارج من احتمال نشوب صراع وشيك
بالشرق الأوسط، وبدا أن تحالف نتنياهو مع زعيم المعارضة الوسطية شاؤول
موفاز يزيد تهيئة إسرائيل للحرب، لكن مسؤولا كبيرا قال إن الاستراتيجية
بشأن ايران لم تكن ضمن مفاوضات الزعيمين الخاصة بتشكيل الائتلاف مضيفا
أن الفسحة من الوقت المتاحة لإسرائيل كي تقرر طريقة تصديها لإيران قد
تمتد حتى 2013، وقال مسؤول إسرائيلي إن الزعماء الاسرائيليين قالوا
لاشتون إن من الواضح أن ايران تستغل المحادثات لكسب الوقت وإنه لا يوجد
أي دليل على أنها تنوي التوقف عن السعي للحصول على سلاح نووي، ورفض
ايالون وهو سفير سابق لدى واشنطن وينتمي الى حزب اسرائيل بيتنا القومي
المتشدد الذي يتزعمه ليبرمان ويشارك في الائتلاف الحديث بشأن احتمال
تحدى إسرائيل لبواعث قلق الولايات المتحدة والقوى الأخرى عن طريق شن
هجوم منفرد على إيران، وقال "لا أريد أن نقيد انفسنا باي شيء. نحن
بالتأكيد لسنا طرفا في أي من تلك الاتفاقات (بين القوى العالمية
وايران) وأعتقد أن قلقنا مشروع بناء على التهديدات القادمة من طهران،
وقال ايالون "يمكن وقف" ايران إذا واجهت دبلوماسية أكثر تشددا بما في
ذلك العقوبات على نفطها وبنوكها، وقال لا نعتقد أن ايران في وضع يسمح
لها بالتفاوض على الاطلاق، واستشهد بنتائج أمريكية ذكرت أن إيران خسرت
60 مليار دولار منذ يوليو تموز بسبب تشديد العقوبات وأشار إلى قرارها
التراجع بعد مواجهات مع الأسطول الأمريكي في مضيق هرمز في ديسمبر كانون
الأول ويناير كانون الثاني، وقال ايالون "إذا تقلصت صادراتهم النفطية
بنسبة 40 في المئة فقط... فسيتوقف اقتصادهم وستتطور الأمور بشكل جذري
من هذه النقطة، واضاف "هناك الكثير من اللغط والكثير من الحرب النفسية
لكن ايران بلد ضعيف للغاية... نعلم أن (رجال الدين) مع تعصبهم وخطورتهم
فهم سيتحلون بالعقلانية عندما يتعلق الأمر ببقائهم السياسي، وردا على
سؤال بشأن احتمال أن تضطر إسرائيل إلى تقبل فكرة احتواء ايران المسلحة
نوويا قال ايالون "هذا جسر لم يتم بناؤه فكيف باجتيازه.
احمدي نجاد
في المقابل اعتبر الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد في خطاب نقلته
وكالة الانباء الايرانية الرسمية (ارنا) انه ليس من الضروري شن حرب
للقضاء على اسرائيل، وقال احمدي نجاد "لا حاجة الي الحرب لإزالة الكيان
الصهيوني، لو قطعت دول المنطقة علاقاتها مع الصهاينة وابدت القليل من
الامتعاض من الكيان الصهيوني فان هذا الكيان المزيف سيزول"، وانتقد
الرئيس الايراني الذي كان يقوم بجولة في شمال شرق البلاد عقود التسلح
الضخمة التي وقعتها المملكة العربية السعودية ودول خليجية اخرى مع
الغرب وخاصة مع الولايات المتحدة، وقال احمدي نجاد "لو فكر هؤلاء
الحكام قليلا لما باعوا نفطهم لشراء 60 مليار دولار من الاسلحة من
الاخرين" مضيفا ان "الكثير من الممارسات والمواقف السيئة للحكام
المستبدين والمستكبرين يعود لفقدانهم نعمة العقل والفكر". بحسب فرانس
برس.
وتزامن هذا الهجوم للرئيس الايراني على دول الخليج مع زيارة يقوم
بها وزير خارجية حكومة حماس الفلسطينية المقالة محمد احمد عوض الذي
التقى وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي ورئيس المجلس الاعلى
للامن القومي سعيد جليلي، حسب الوكالة الايرانية، ونقلت الوكالة ان
جليلي قال خلال لقائه عوض ان "فلسطين هي جزء من العالم الاسلامي ويجب
تحريرها. والنصر قريب ان شاء الله"، بدوره شكر عوض "جمهورية ايران
الاسلامية على دعمها العملي" للقضية الفلسطينية. |