رصاص خلّب... عن المالكي في ساحة اعدام الفرقاء

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: في السياسة ليس هناك موعد مقدس، تلك رصاصة القائمة العراقية التي اطلقتها عشية الموعد النهائي لمهلة الخمسة عشر يوما لحجب او سحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي.

سحب الثقة عملية صعبة الا انها ليست مستحيلة، تلك رصاصة التيار الصدري والتي اطلقها ايضا عشية الموعد النهائي. التحالف الكردستاني بشقه البرزاني في وضع الاستعداد منذ زمن طويل. وهو لقّم سلاحه بالرصاص الذي خبّأه تحت طبقات من جليد الجبال الشمالية، وهو رصاص بالضرورة فاسد لا ينطلق، او هو ينطلق ويقع امام الرامي بخطوات قليلة. او هي اطلاقات ترتد عليه وهو يسمع صدى دويها بحكم التضاريس الجغرافية ويظن انها قد وصلت الى بغداد واصابت رئيس الوزراء بمقتل لن ينهض بعده. لم ينتظر انتهاء المهلة وبادر مسعود البرزاني بالقول بان التعامل مع المالكي اصبح مستحيلا.

الخطاب الكردي بصيغته البرزانية، وكما تابعناه منذ الانتخابات الاخيرة (قبلها واثناءها وبعدها) خطاب متوتر، مستفز في اقصى حالات انهمامه بتنازلات كبرى يريد من الاخرين تقديمها له بغضّ النظر عن مشروعيتها.

يضاف سبب اخر في موقف السيد مسعود البرزاني المتشنج ضد رئيس الوزراء، وهو حضور نوري المالكي اعلاميا في وسائل اعلام كردية، تنقل كلامه ورسائله الى المواطن الكردي بلهجته، وتنبه على بعض مظاهر الفساد في الجنة الكردية المزعومة، وحكم العشيرة، والاستحواذ على المناصب، وهو حضور يخشى منه السيد مسعود، وربما كان اغلاق احدى الصحف الكردية واعتقال رئيس تحريرها بتهمة الاساءة الى الذات الالهية هي رسالة للصحافة الكردستاني بنوخي الحذر وعم الاندفاع خلف شعارات حرية الصحافة والاعلام.

نجح الاكراد مرة سابقة في تنحية ابراهيم الجعفري واسسوا لسابقة سياسية في العراق، وكل ظنهم انهم سينجحون هذه المرة ايضا مع المالكي، وهم يرون خصومه على اهبة الاستعداد لتلبية دعوات الحضور الى اربيل، ليجذّروا من تلك السابقة، ويكون السيد البرزاني حاكم العراق المطلق، يقيل او ينحّي اي رئيس وزراء لا يرضخ للابتزاز السياسي.

القائمة العراقية، قائمة اللاءات الكثيرة والاعتراضات المتواصلة والتهديدات الطبولية (نسبة الى الطبل) وهي اكثر القوائم التي تستعمل سين التسويف في خطاباتها الاعلامية (سوف – سنعمل – سنقوم – سنرفض – سنواصل) وتذهب بخطاباتها الى اقصى مديات العنف او التحريض عليه بكتيبة حربها المؤلفة من الجنرال ميسون الدملوجي وقائد الاركان حيدر الملا. وهي كتيبة رغم انها مدججة بكل انواع الاسلحة المحلية والاجنبية الا انها تفتقر الى العتاد الحي والصالح للاستعمال. فعتادها من النوع الخلّب الذي يستخدم لاغراض التدريب في معسكرات الجيش والذي لايصدر منه غير الصوت والضجيج المدوي. لكنهم ايضا فرحون بما يستمعون اليه من سمفونية الرصاص المتساقط بالقرب منهم.

التيار الصدري حكايته حكاية، فهو تحركه عدة عوامل في نعاطيه مع السيد نوري المالكي، لعل ابرزها عقدة الثأر التي يستبطنها تجاه المالكي فيما يتعلق بضرب الميليشيات في العام 2008 وهي تعتبر خطيئة لا تغتفر للمالكي، اضافة الى ان رئيس الوزراء يحسب على الحوزة الصامتة، هو وبعض الجهات من الاسلام السياسي الشيعي، وهي عقدة اخرى، حين تظن نفسك انك تمثل الدين كله وتمثل الشريعة كلها وتمثل المذهب بأجمعه لانك الناطق الوحيد في صمت المرجعيات الدينية الاخرى.

يضاف ايضا دخول عصائب الحق المنشقة عن جيش المهدي الى العملية السياسية وما يعنيه ذلك من تبدلات وتغييرات في المواقع الانتخابية القادمة، ويمكن ايضا اضافة قانون العفو العام الذين يحاولون اصداره بصيغة معدلة تخدم معتقليهم. ويمكن اضافة منصب وزارة الداخلية الذي يقولون انه من حصة تيارهم، ولا زال شاغرا حتى الان.

ما الذي تمثله اربيل في اللحظة العراقية الراهنة؟

انها وحسب مجريات الاحداث تمثل ساحة اعدام للسياسي المخالف لتطلعات واوهام الفرقاء الاخرين، الذين يجتمعون ويقررون ويصدرون حكمهم بعيدا عن دفاعات وطعون هذا السياسي المخالف.

اخر اجتماع صدر عنه عدة نقاط عمومية تزخر بها لغة البيانات المعدة للاستهلاك الاعلامي عادة، لكن اللافت فيها هو صيغة الامر الزجري بحجب الثقة، بعد ان مهد لهذا الامر بالمطالبة بتشريع قانون لتحديد مدة منصب رئيس مجلس الوزراء لدورتين متتاليتين باثر رجعي، وهي صيغة تستهدف المالكي تحديدا.

ما هو حجب او سحب الثقة الذي دوخنا ضجيجه منذ اسبوعين واكثر؟

في الدستور العراقي وفي الباب الثالث المادة 61 في اختصاص مجلس النواب وفي النقطة ثامنا / ب تقول:

1ـ لرئيس الجمهورية، تقديم طلبٍ الى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء.

2ـ لمجلس النواب، بناءً على طلب خُمس (1/5) اعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، ولا يجوز ان يقدم هذا الطلب الا بعد استجوابٍ موجهٍ الى رئيس مجلس الوزراء، وبعد سبعة ايام في الاقل من تقديم الطلب.

3ـ يقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه.

ج ـ تُعدُ الوزارة مستقيلةً في حالة سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء.

د ـ في حالة التصويت بسحب الثقة من مجلس الوزراء بأكمله، يستمر رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الامور اليومية، لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، الى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد وفقاً لاحكام المادة (76) من هذا الدستور.

ما مطلوب الان من مجموعة اربيل هو عدم الذهاب الى البرلمان، لان في ذلك مطبات كثيرة يخشون من الوقوع فيها، بل هم يريدون من المالكي ان يتنحى ويرشح التحالف واحدا مكانه مع بقاء الكابينة الوزارية على حالها.

وهو ما اشار اليه نوري المالكي في لقائه مع فضائية العراقية قبل مدة حين قال: اذا استطاعوا سحب الثقة دستوريا فليتفضلوا. وهو ما اكد عليه السفير الامريكي بقوله ان بلاده مع وحدة العراق واحترام الدستور.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/آيار/2012 - 29/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م