طائرات بلا طيار... دقة في اصابة الهدف وضمان قلة التكلفة

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: تسعى الولايات المتحدة الامريكية باستمرار الى تطوير قدراتها العسكرية من خلال ابتكار اسلحة ومعدات عسكرية متطورة  لأجل الحفاظ على مكانتها كقوة متحكمة وفي اتخاذ القرار هذا بالإضافة الى ان استخدام التقنيات العسكرية المتطورة يسهم بشكل فاعل بتقليل الخسائر البشرية في صفوف قواتها المسلحة ويزيد اعداد الضحايا في صفوف العدو وهو المطلب المهم الذي تسعى الى تحقيقه،  ويرى بعض المراقبين ان الادارة الامريكية باتت اليوم تعتمد بشكل كبير على استخدام الطائرات بدون طيار في الكثير من المهام القتالية والاستخبارية وفي مختلف الجبهات وعمدت الولايات المتحدة الى توسيع استخدام تلك الطائرات الى نطاق غير مسبوق في المناطق بحسب ما افادت مجموعة "نيو اميريكا فاونديشن" للدراسات في واشنطن التي تقوم بإحصاء فقد قتل ما بين 1717 و2680 شخصا في غارات شنتها طائرات بدون طيار اميركية في باكستان خلال السنوات الثماني الاخيرة، مقدرة عدد الضحايا المدنيين بحوالى 17% من هذه الحصيلة بحسب المجموعة، وتكرس الادارة الامريكية استخدام هذه التقنية بشكل اساسي لضرب اهداف القاعدة التي باتت تمثل اهم واخطر اعدائها.

وفي هذا الشأن ايضا قال مسؤولون محليون وعسكريون يمنيون إن هجومين على ما يبدو لطائرتين امريكيتين بلا طيار أسفرا عن قتل ما لا يقل عن 10 اشخاص بانهم متشددون مرتبطون بالقاعدة بينما قتلت القوات اليمنية 15 آخرين في هجوم جديد ضد المسلحين. وقال مسؤولون أمريكيون أنهم أحبطوا مؤامرة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن لتزويد مفجر انتحاري بعبوة ناسفة مصنوعة من مواد غير معدنية تعد نسخة محسنة من "قنبلة الملابس الداخلية" التي حملها مفجر على طائرة ركاب في يوم عيد الميلاد في عام 2009 .

وتآمر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو فرع لتنظيم القاعدة لشن هجمات في الخارج جرى إحباطها لكنها أثارت قلقا كبيرا لدى واشنطن التي تسعى إلى اجتثاث من يشتبه في انهم أعضاء بالتنظيم بهجمات تشنها طائرات بدون طيار أو بصواريخ. وقال مسؤول محلي إن هجوما شنته فيما يبدو طائرة أمريكية بدون طيار أشعل النار في سيارتين مما أسفر عن مقتل سبعة مسلحين مشتبه فيهم في محافظة شبوة في جنوب شرق اليمن. وأضاف أن أحد القتلى مصري. وقال مسؤول امني محلي اخر ان ستة متشددين قتلوا.

وبعد ذلك بساعات قالت وزارة الدفاع اليمنية في رسالة نصية للصحفيين ان عشرة متشددين من القاعدة قتلوا في هجوم جوي اخر في محافظة مأرب المنتجة للنفط بشرق اليمن . ولا يعترف اليمن ولا واشنطن بالهجمات التي تشنها طائرات أمريكية بدون طيار. وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن واشنطن استأنفت تدريب القوات المسلحة اليمنية لتعزيز الحرب ضد القاعدة بعد توقف أثناء الاضطراب السياسي الذي أطاح بصالح.

وفي علامة على تزايد انعدام القانون بعد اكثر من عام من الاضطرابات قال دبلوماسي غربي إن سفير بلغاريا لدى اليمن أصيب إصابات طفيفة عندما فتح مسلحون ملثمون النار على سيارته في العاصمة اليمنية صنعاء في محاولة فاشلة لاختطافه. وقال سكان إن طائرات تابعة للقوات الجوية اليمنية أسقطت منشورات تحث المدنيين على مغادرة مناطق يسيطر عليها متشددون يستهدفها هجوم للجيش مما أدى إلى خروج جماعي للسكان من مناطق في محافظة آبين.

وقال مسؤول عسكري طلب عدم الكشف عن شخصيته إن 15 مسلحا وخمسة جنود وضابطا بالجيش قتلوا في القتال. وقال "تشارك قوة قوامها نحو 20 ألف رجل في هذا الهجوم بأوامر من الرئيس عبد ربه منصور هادي لتحرير مدن زنجبار وجعار." وستستخدم أيضا وحدات من البحرية في العمليات على طول ساحل آبين المطل على خليج عدن.

وتوفر هشاشة الدولة وضعف أجهزة الأمن في اليمن أرضا خصبة مثالية لفرع القاعدة في البلاد للتخطيط لهجمات على أهداف أمريكية وأهداف غربية أخرى. لكن زعماء قبليين في المناطق التي قتل فيها مدنيون في هجمات بطائرات أمريكية بدون طيار تستهدف متشددي القاعدة يقولون إن الهجمات الجوية تؤلب عددا متزايدا من الناس ضد الحكومة وضد الولايات المتحدة.وحذرت وكالة الامم المتحدة لغوث اللاجئين في مارس اذار الماضي من ان اليمن يواجه موجة جديدة من النزوح الداخلي مع فرار عشرات الآلاف من المدنيين من الاشتباكات القبلية في الشمال والقتال مع المتشددين في الجنوب.

على صعيد متصل قالت وزيرة الخارجية الباكستانية حنا رباني كهر ان بلادها أوضحت بعبارات جلية أن الغارات الجوية التي تشنها طائرات أمريكية بدون طيار داخل باكستان يجب أن تتوقف لكن واشنطن لم تستمع لها. وأضافت "بالنسبة للطائرات بدون طيار فان اللغة واضحة.. توقف واضح للضربات." وقالت "ألتزم بالموقف الذي أخبرناهم به بوضوح من قبل. لكنهم لم يسمعوا. أتمنى أن يتحسن سمعهم." وتنطلق هجمات الطائرات بدون طيار من أفغانستان ويقول مسؤولون أمريكيون انها فعالة للغاية مع المتشددين. وتؤجج الهجمات المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في باكستان لأنها تعتبر انتهاكا للسيادة وتسقط ضحايا بين المدنيين.

وتوترت العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة الحليفتين في مجال مكافحة التشدد مع اختلاف الجانبين بشأن الامن والمساعدات ومستقبل أفغانستان. وكانت غارة في باكستان لم تعلن عنها واشنطن وشنتها قوات خاصة أمريكية قد أسفرت عن مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن سبب أزمة في العلاقات. وازداد الموقف تأزما في نوفمبر تشرين الثاني عندما قتل هجوم لحلف شمال الاطلسي عبر الحدود الافغانية الباكستانية 24 جنديا باكستانيا. وبعد مراجعة العلاقات مع واشنطن قدمت لجنة برلمانية باكستانية مجموعة من الطلبات من بينها وقف هجمات الطائرات بدون طيار. بحسب رويترز.

وقالت كهر انه يجب استخدام طرق أخرى للقضاء على المتشددين في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان. وتابعت "علينا النظر في أساليب فعالة تكون مقبولة من الطرفين. ان تكلفة استخدام أساليب غير مقبولة من الطرفين عالية.. عالية جدا. ننظر في بدائل." وقال قائد باكستاني في منطقة شمال غرب باكستان ان من البدائل المطروحة أن تكشف الولايات المتحدة عن معلوماتها لباكستان حتى يمكن للمقاتلات الباكستانية استهداف المتشددين.

استراتيجية الغارات

ويذكر ان مستشار أوباما لشؤون الأمن القومي قد أدلى بأول تصريح مفصل عن استخدام الولايات المتحدة طائرات بدون طيار من أجل تصفية أعضاء في تنظيم القاعدة. وقال المستشار في حديث أدلى به في أحد مراكز الأبحاث في واشنطن إن واشنطن تأمل من خلال استخدام غارات الطائرات بدون طيار إلى كسب الحرب ضد الشبكات الارهابية. وقال جون برينان إن الرئيس باراك أوباما يريد أن يكون واضحا حول هذا الموضوع. وجاءت هذه التصريحات في الذكرة السنوية الأولى لمقتل أسامة بن لادن. ويقول مراسل بي بي سي في واشنطن بول أدامز ان هذه ليست المرة الأولى التي تؤكد فيها واشنطن استخدام الطائرات بدون طيار.

وكان أوباما قد تطرق الى الموضوع في حوار عبر الانترنت في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، ولكن برينان ذهب بعيدا في وصف أثر هذه الغارات و وجوهر السياسة وراءها، وقال ان تلك الغارات مشروعة وقانونية وأخلاقية. وأضاف برينان أن القاعدة تمنى بخسائر، وان من الممكن تصور العالم بدون تهديد القاعدة. وقال ان هجمات الطائرات بدون طيار عادة ما تتم بالتنسيق مع الدولة المضيفة.

ويعتقد أن تلك الغارات قد تسببت بمقتل المئات من المسلحين في باكستان وأفغانستان واليمن.

واعترف رينان بسقوط ضحايا من المدنيين نتيجة تلك الغارات. وقال رينان ان الوثائق التي عثر عليه خلال عملية قتل بن لادن سوف يجري تحيلها. ويعتقد أن تلك الوثائق تتضمن مراسلات بن لادن مع أعضاء تنظيمه بالإضافة الى مذكراته الشخصية. ويعتقد أن الوثائق ستكشف عن أن بن لادن كان يفكر بتغيير اسم تنظيم القاعدة.

ايران تصنع طائرة تجسس

من جهة اخرى تقول ايران انها بدأت تصنيع نسخة من طائرة التجسس بدون طيار (سنتنل) الامريكية التي سقطت في ايران العام الماضي. وقال مسؤولون ان الجيش الايراني "بدأ تصنيع نسخة من طائرة استطلاع امريكية بدون طيار استولى عليها العام الماضي بعدما فك تشفير برنامجها الالكتروني" حسب ما ذكرت وسائل الاعلام الايرانية.

ونقلت وكالة مهر للأنباء عن الجنرال امير علي حاجي زاده، قائد قسم الطيران بالحرس الثوري الايراني، قوله ان المهندسين في المراحل النهائية من فك شفرة البيانات من الطائرة سنتنل التي سقطت في ديسمبر/كانون الاول قرب الحدود الافغانية. وقالت ايران ان الطائرة اسقطت، لكن واشنطن تشكك في ذلك وتقول ان الانظمة الامنية للطائرة تعني ان من المستبعد ان تحصل ايران على معلومات قيمة من الطائرة التي صنعتها شركة لوكهيد مارتن.

ونقلت وكالة فارس للأنباء عن حاجي زاده قوله: "على الامريكيين ان يدركوا حجم اختراقنا للطائرة. خبراؤنا لديهم فهم كامل لمكوناتها وبرامجها". ويعلن الجيش الايراني بانتظام عن تطورات دفاعية وهندسية لكن بعض الخبراء يشككون في مصداقية هذه التقارير.

وتستخدم الطائرة سنتنل ار-كيو 170 Sentinel R-Q على نطاق واسع منذ 2010 في افغانستان وباكستان. ويقول محللون انها لعبت دورا في الوصول لاسامة بن لادن العام الماضي.

وقال مسؤول دفاعي ايراني حديثا ان طهران تلقت طلبات عديدة للحصول على معلومات بشأن الطائرة وان الصين وروسيا أبديتا الاهتمام الأكبر في هذا الصدد.

واثار فقد الطائرة بعض المخاوف من ان التكنولوجيا المتطورة قد تسقط في ايدي دول تطور طائرات بدون طيار خاصة بها. ويتركز القلق الاساسي على الطبقات الخارجية التي تغلف سطح الطائرة وتجعلها تتفادى اجهزة الرادار.

وفي السياق ذاته اعلن وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا انه "يشك جديا" في ان تكون ايران قد اخترقت اسرار طائرة اميركية بدون طيار انزلتها العام الماضي على اراضيها. وقال "حسب خبرتي، اقول اني اشك جديا بقدراتهم حيال ما يدعون" وذلك ردا على ما قاله مسؤول عسكري ايراني رفيع المستوى بهذا الخصوص. ومن جهة اخرى، اعلن بانيتا انه "قلق" من العلاقات القائمة بين الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد وعدد من دول المنطقة مثل فنزويلا والاكوادور او بوليفيا والتي تعرب حكوماتها اليسارية باستمرار عن مواقف معادية. وقال "بالسنبة لي هذا الامر يتعلق بالإرهاب واعتقد انه مجال يقلق العالم باسره" في هذه المنطقة.

أفغاني يصمم طائرة بدون طيار

في السياق ذاته بات زيمراي إيلالي يمتلك أسطولا مؤلفا من خمس طائرات بلا طيار "صنعت في أفغانستان" وهي مخصصة لأهداف سلمية 100%. وهذه الطائرة شبيهة بمركبة "سبيريت أوف سينت لويس" التي سمحت لتشارلز ليدبرغ بأن يكون أول طيار يعبر المحيط الاطلسي، أكثر منه بالمركبات الحديثة الممشوقة التي تلجأ إليها اليوم القوات العسكرية لتحلق من دون أي ضجة في فضاء أفغانستان وباكستان وتقصف بعض المناطق أحيانا. ابن الموظف في شركة الطيران المحلية الجوية "أريانا" الذي كان يذهب مع أبيه "إلى المطار لمشاهدة الطائرات" لطالما اراد منذ صغره أن يعرف "كيف تحلق الطائرات" وأن "يمتلك طائراته الخاصة في أحد الأيام". وهو بات الآن يملك خمس طائرات، "اثنتان كبيرتان وثلاث صغيرة".

وقد تقدمت عملية التصنيع التي دامت ستة أعوام، تدريجيا. وكان زيمراي إيلالي يصنع في البداية ألعابا، ثم راح يصنع "طائرات أكبر يتم التحكم بها عن بعد"، على ما يخبر هذا المهندس.

المواد التي استخدمها قد تبدو غريبة بعض الشيء. وبما أنه تعذر عليه استخدام الكفلار أو الالمونيوم، صنع "جسم الطائرة من البلاستيك والفلين والخيزران وبعض المعادن. وقد استعان بمحركات آلات الجز لدفع الطائرة إذ أنها أخف"، على ما يوضح.

وليس المظهر مهما، فالأهم هو الهدف المحقق. ففي 21 آذار/مارس، قام هذا المهندس الأفغاني البالغ من العمر 45 عاما بإطلاق طائراته من مطار زالانج في ولاية نمروز (جنوب غرب أفغانستان)، بحضور الحاكم وبعض المسؤولين المحليين. ويظهر شريط فيديو نشرته على موقع "يوتويب" إحدى الصحف المحلية هذه التقنية الافغانية في الجو. فتقلع إحدى الطائرات وهي بخف الريشة بشكل شبه عمودي وتقوم بالالتفاف في الهواء لتحط على الارض بخفة.

ويؤكد زيمراي إيلالي وهو مدير قسم الكهرباء في ولاية نمروز قائلا "بعض طائرتي قادر على التحليق على علو سبعة آلاف متر، مع أنه من الصعب التحكم بها على علو أكثر من ألفي متر. لكن في وسعها ان تبقى في الجو لمدة 20 دقيقة". ويضيف هذا المهندس الذي تخرج من جامعة كابول للعلوم التقنية أن أكبر طائراته "يبلغ باع جناحيها خمسة امتار وتعمل بالوقود وقد تصل حمولتها إلى 15 كيلوغراما". بحسب فرنس برس.

فهل من شأن هذه الطائرات أن تنافس الطائرات بلا طيار الفاعلة في بلاده؟ يجيب المهندس عن هذا السؤال قائلا "لا أملك التكنولوجيا المستخدمة لتصنيع الطائرات الأميركية بلا طيار. فطائراتي لا تتمتع بكاميرات، لكنني أرغب في تطويرها إذ من شأنها أن تساعد بلدي". وفي حال اضيفت الى هذه الطائرات التقنيات التي تعتمدها القوة الدولية للمساعدة على ارساء الامن التابعة لحلف شمال الأطلسي والمتواجدة في البلد منذ عشر سنوات، قد تتحول إلى مصدر خطر كبير. ويؤكد زيمراي إيلالي "قد تنقل هذه الطائرات متفجرات لكنني لن أسمح لأحد باستخدامها لهذا الغرض".

وقد أقر الناطق باسم وزارة الدفاع الأفغانية عند الاتصال به بأن لا علم له "بأي اتصالات" بين زيمراي إيلالي وإدارته أو "بأي استخدام عسكري محتمل" لهذه الطائرات. غير أنه اعتبر أن صناعة طائرات بلا طيار محليا هي "خبر سار للأفغان برمتهم، ونحن فخورون بأن أحد مواطنينا تمكن من صناعة هذه الآلة بموارده الضئيلة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/آيار/2012 - 29/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م