ليبيا المغاربية... من القَبليّة إلى التقسيم والفيدرالية!

مصطفى قطبي

الإعصار الذي ابتدعته أمريكا وأعوانها لتفتيت العالم العربي بدأ يخمد لتتكشّف كذبة الربيع العربي التي تشدّق بها أعوان أمريكا وروّجتها دوائر الاستخبارات الصهيونية والغربية. فمحاولات التقسيم تعود إلى عام 1957 وقد نشر الصحفي الهندي كرانجيا كتاباً بعنوان ''خنجر إسرائيل'' وتضمن وثيقة سرية إسرائيلية تقضي بتقسيم سورية ولبنان ووضعت ليبيا ومصر والسودان والسعودية في ثمانينيات القرن العشرين في إطار خطة شاملة لتقسيمها إلى كيانات عرقية قومية ودينية طائفية بحيث تكون إسرائيل الدولة الأهم في المنطقة. ولا غرو أن ''عاصفة الرمل'' تهدف إلى تحقيق هذه الغاية، التي بدأت خطوطها ترتسم والتي وحدها شعوب تلك الدول قادرة الآن على منع التفتيت الذي حملته العاصفة الامريكية المنهارة.

أما في المغرب العربي فليس سراً أن تفتيت المنطقة المغاربية إلى دويلات متطاحنة يسهل السيطرة عليها، سياسة تعود إلى قرون خلت، في محاولة للاستيلاء على هذه المنطقة، حيث يواجه المغرب العربي اليوم انقسامات داخلية حادة، بالترافق مع مزيد من التدخل الخارجي بشكله الجديد المتمثل في ''الناتو'' الذي أصبح أداة غربية للتحكم في مستقبل بعض مناطق العالم. وتشهد منطقة المغرب العربي تصاعداً متزايداً في عمليات العنف المختلفة الأنواع، بالدخول في موجة من الصراعات الدامية التي يمكن أن تقود إلى نشوء ظواهر من الاقتتال الأهلي، بعدما رسمت العديد من الخطط للمنطقة في دوائر الاستخبارات الغربية، لتعميم الفوضى التي لم تعد خافية، بخاصة بعد التنسيق بين الأطلسي و''القاعدة'' وبعض القوى الظلامية الأخرى.

وثمة معطيات إقليمية ودولية أصبحت أكثر تأثيراً في ترسيم راهن المنطقة المغاربية ومستقبلها، بخاصة التحول البارز في مسار العلاقات الأوروـ أمريكية، إذ تشير المعطيات في منطقة المغرب العربي إلى أن بلدانها الخمسة: (ليبيا ـ تونس ـ الجزائر ـ المغرب ـ موريتانيا) تتعرض إلى المزيد من التغيرات، حيث تعرف بعض الدول اليوم جيلاً جديداً من المسؤولين، بعدما عادت تونس قاعدة للمؤتمرات المشبوهة ضد مصالح الأمة العربية. وأتمّ حلف شمال الأطلسي عدوانه الهمجي ضد المدنيين من أبناء الشعب العربي الليبي، بطلب من ''ثوار الناتو'' الذين تسللوا في غفلة من التاريخ وبمساعدة أطراف خارجية مشبوهة.

فعندما بدأت طائرات الناتو بقصف ليبيا تحدث كثير من المحللين والمتابعين عن خطة غربية خبيثة لتقسيم ليبيا إلى ممالك وإمارات ضعيفة ومنهكة حتى يسهل على الغرب الاستيلاء على نفطها وثرواتها، لكن الإعلام الغربي والعربي المشبوه، ظل يعزف نغمة الدفاع عن حقوق الإنسان وتخليص الشعب الليبي من الديكتاتورية وحماية المدنيين هناك. وما إن نفّذ الناتو وحلفاؤه مخططهم الأولي في ليبيا حتى بدأت ''ثمار الديمقراطية'' المزعومة تهلّ على الليبيين عبر إعلان ''الفدراليات'' والتمهيد للانقسام في جنوب ليبيا أو شرقها، فمرة ''إعلان فيدرالية برقة'' وتارة الترويج لاستقلال سبها أو طرابلس الغرب، وبدأت ليبيا تدخل في نفق المستقبل المجهول مع الحديث عن تعميم هذه التجربة ''برقة'' على باقي المناطق الليبية في سياق مخطط غربي استعماري جديد لليبيا.

ومن يضع مخططات الفيدرالية في ليبيا في سياقها العام في المنطقة العربية يجد أنها جاءت بعد تقسيم السودان إلى شمال وجنوب برعاية عربية وأممية، وكذلك ترسيخ تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات على الأرض وانتظار الوقت المناسب لإعلانها بشكل رسمي، وكذلك مع تصاعد الأصوات التي تطالب بتقسيم مصر إلى دولتين قبطية وإسلامية وغيرها من ''مخططات التقسيم'' في طول الوطن العربي وعرضه. فما يجري اليوم من محاولات لتقسيم ليبيا إلى فيدراليات ضعيفة وهزيلة يؤكد أن دعوات الغرب لنشر الحرية والديمقراطية ما هي إلا الغطاء المطلوب لتنفيذ الأجندات المعروف بالسيطرة على ثروات العرب ومقدّراتهم وإضعافهم إلى درجة لا يستطيعون فيها الدفاع عن أرضهم وحقوقهم.

ليبيا الموضوعة على لائحة التقسيم والفدرلة تتميز بموقع جيواستراتيجي، لكنها تقترن أيضاً بميزات إضافية ذات طبيعة استراتيجية حيوية، فهي تشكل اثنين في المائة من إنتاج النفط العالمي، وهي بوابة أفريقيا الشمالية، وصاحبة أطول شواطئ الاتحاد المتوسطي، وعصب الجغرافيا السياسية للمغرب العربي، وهي على بعد مرمى حجر من الولايات المتحدة الأوروبية الموعودة، كما أنها تختزن برمالها الكثير من الاحتمالات المفتوحة على مختلف صنوف الخيارات الداخلية والخارجية.‏

ويبدي ''ألكسي بودسيروب'' من معهد دراسات الشرق الأوسط في الأكاديمية الروسية للعلوم ـ موسكو، رأيه عمّا استفادته الدول من ربيع ليبيا العربي، حيث يقول: ''إن الذين استفادوا من هذا الوضع هي تلك الدول التي تضع الآن يدها على المقدّرات الليبية المجمّدة حالياً''، مشيراً في ذلك إلى قطر التي تمكنت من بسط نفوذها بشكل كبير، في المقابل تدهورت ظروف المعيشة في ليبيا، حيث ترتفع معدلات البطالة وينخفض الدخل القومي، وما زال حتى الآن عشرات الآلاف من الأشخاص في السجون الليبية، وتستمر ملاحقة مناصري القذافي، كما ذكر بودسيروب المحاولات الفاشلة لمحكمة الجنايات الدولية في الحصول على معلومات محايدة لما يجري في سجون ليبيا.

لقد بدأت أولى غراس الحرية والديمقراطية التي صدّرتها دول الاستعمار القديم ـ الجديد إلى الشعب الليبي تؤتي أكلها مع إعلان برقة إقليماً فيدرالياً، وبدأ الليبيون بجني هذه الثمار السامّة التي يتوقع أن تكون غلالها وفيرة وفريدة تغطي حاجات الغرب الاستعماري وتسدّ رمقه ونهمه في تلك الدولة العربية الغنية بنفطها وثرواتها التي نجح بتدميرها وإعادتها إلى القرون الوسطى كما فعل بشقيقتها العراق قبل نحو تسع سنوات وكما يحاول الآن في سورية وبقية الدول العربية. فمؤخراً أعلن زعماء وقبليون وسياسيون منطقة برقة الواقعة شرق ليبيا ''إقليما فدراليا اتحاديا''، تنفيذاً لمخطط قديم رسمته القوى الغربية التي تسعى جاهدة لتفتيت المنطقة المغاربية، ضمن مخطط لتفتيت المنطقة العربية كلها، فبعد تدمير العراق وتقسيم السودان وتذرير الصومال وشن الحرب على لبنان ومحاولات إلغاء فلسطين، جاء الآن الدور على ليبيا، بعدما دكها الناتو بمختلف أنواع الأسلحة لتصبح أمام نذير حرب أهلية وأمام تقسيم يبدو إعلان برقة ''إقليما اتحاديا'' أول خطواته، فمنطقة برقة الغنية بالنفط توحي بالكثير من الإغراءات للغرب لكي يعمل على فصلها.

ومن يطلب تدخل الناتو لا يستطيع التحكم في مخططاته المشبوهة، لا سيما أن بذرة التشظي ظلّت كامنة يحركها التمترس الميداني وحزازات قديمة ومنافسات غير مشروعة، قد تؤدي الى تصدّع الوحدة الوطنية التي دفع الليبيون من أجلها الكثير، خصوصاً بعد تدخل الناتو ومحاولة فرض وصايته وتقسيم ليبيا إلى ولاية برقة (التي كانت تحت الهيمنة البريطانية) وولاية فزّان (التي كانت تحت النفوذ الفرنسي) وولاية طرابلس (التي أقامت بها الولايات المتحدة قاعدة عسكرية) تكريساً لنفوذ الناتو الذي يسعى للحصول على امتيازات ومكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية.

ويتمتع إقليم برقة بأهمية حيوية، فهو يحوي نحو ثمانين بالمائة من احتياطيات النفط والغاز في ليبيا، كما أن موقعه استراتيجي بسبب امتداده الواسع على الساحل الليبي، والذي يقع نحو ستين بالمائة منه في هذا الإقليم. إضافة إلى ذلك، فإن برقة تضم خمسة موانئ لتصدير النفط، وتحتوي على ثلاث مصافٍ للنفط من أصل خمس في ليبيا... وهذه المميّزات التي تتمتع بها برقة، تشكل نذيراً لاندلاع موجة عنف جديدة في ليبيا، كما أنه وبالنظر إلى استمرار انتشار الميليشيات في مناطق كثيرة في ليبيا اليوم، فإن إعلان برقة حكمها الذاتي، قد يفتح الباب على خطوات مماثلة أخرى. حيث كانت ليبيا بعد استقلالها في العام 1951 مملكة اتحادية تتألف من ثلاث ولايات هي طرابلس وبرقة وفزان، وكانت برقة أكبر تلك الولايات من حيث المساحة. وفي 1963 جرت تعديلات دستورية ألغي بموجبها النظام الاتحادي، وحلت الولايات الثلاث، وأقيم بدلاً منها نظام مركزي يتألف من عشر محافظات.

فالتقسيم وتقطيع الأوصال... هو نهاية ما رمى إليه العابثون بمصير ليبيا التي لا زالت تمضغ الطعم المر الذي جلبه شرّ الناتو على متن طائراته وصواريخه وقدراته العسكرية المدمرة والظالمة التي مزقت البلاد وفرقت بين العباد... وتركتهم في مهب ريح التناحر والتشرذم في كابوس رهيب وفوضى عارمة، يحارب الأخ أخاه ويسعى للابتعاد عنه طمعاً في السيطرة والحكم أو تحت عناوين الفدرلة وما شاكلها من شعارات براقة لكنها خادعة لا ترمي إلا لمزيد من الفرقة والتحلل الاجتماعي والمؤسساتي وتهديد الوحدة والسلم الأهلي وبنيان الدولة كحامي وضامن لمصالح الشعب وأمنه واستقراره. فمشهد إعلان برقة إقليماً فيدرالياً من المؤكد أنه لن يكون الأخير وبخاصة مع بروز دعوات داخلية عديدة لتقسيم ليبيا وتحويلها إلى دولة اتحادية تضم عشرات الدويلات والكيانات والأقاليم، وفي ظل ذلك العجز الواضح للحكومة الانتقالية، فهي تعتبر ما يجري بمثابة مؤامرة خارجية يديرها أشقاء عرب وبالتحديد قطر، وتعتبر الحكومة العاجزة أن بعض الدول العربية تذكي وتغذي الفتنة التي نشأت في الشرق.

فالمسألة القبلية كانت قائمة وما زالت وستبقى في المجتمع الليبي لفترة طويلة. كما أن الجهوية التي أفرزتها العوامل الجغرافية، هي عوامل ثابتة لا مجال لتغييرها. غير أن التعامل مع هذه ''الحقائق'' وما ترتّب عليها في الماضي وما سيترتب عليها في المستقبل من إشكالات، يتوقف بالدرجة الأولى على الكيفية التي يُنظر بها إليها، ومن أي زاوية يتِم التعاطي معها وبأي أسلوب ووسيلة تحلّ أو تتم معالجتها. فجذور القبلية القائمة في المجتمع الليبي، تمتد إلى سنوات بعيدة في عُمق التاريخ، وأن دورها الاجتماعي والاقتصادي كان باستمرار دوراً إيجابياً، بل يمكن الجزم أيضاً بأن دور القبيلة السياسي، كان في معظمه قبل ميلاد الدولة الليبية الحديثة، خصوصاً في فترة الاستعمار الإيطالي وخلال مراحل الجهاد الوطني ضد الاستعمار الفاشستي، مدعاة للفخر لا تشوبه إلا تلك الإستثناءات البسيطة والقليلة التي وقعت إبان تلك المرحلة. لكن، كان يفترض أنه مع قيام دولة ليبيا واتِّجاه المجتمع إلى التطوّر المدني وإقامة المؤسسات، أن يتقلص أو يختفي الدّور السياسي للقبيلة، سواء بشكله المباشر أو بشكله غير المباشر، كي يُفسح المجال أمام قيام المؤسسات السياسية، ممثلة في التنظيمات التي تباشر دورها في طرح وتبنّي مطالب المجتمع.

 غير أن هذا الأمر لم يتم، فبعدما حصلت البلاد على الإستقلال وبعدما تم منع القوى والأحزاب السياسية من العمل الرسمي في إطار الدولة، كما كان سائداً في عهد الإدارة الأجنبية على البلاد، فإن استمرار حالة الفراغ السياسي، حتى بعد وقوع الانقلاب في 1969، وتجريم العمل الحِزبي والسياسي، دفع باتجاه تسريع وتأكيد المسألة القبلية، خصوصاً في ظل الشعور بعدم الاستقرار والطُّـمأنينة وتقلّص الأمن إلى أدنى مستوياته لدى كل من ''النظام'' والمجتمع على حد سواء.

ومن المحتمل أن تستغل فكرة الحصول على المزيد من الحكم الذاتي حالة السخط التي تعم أرجاء من ليبيا نتيجة قصور المجلس الوطني الانتقالي الذي يتولى القيادة في ليبيا خلال الفترة الانتقالية الحالية. ويتخوف محللون من أن يشكل هذا بداية لتقسيم منطقة المغرب العربي انطلاقاً من ليبيا، لاسيما وان التحذيرات تتكاثر من تدفق السلاح الليبي إلى دول الجوار التي بدأت البحث عن سبل تأمين الحدود ومراقبتها، حيث تجد الجماعات المسلحة في المناطق الحدودية مناخاً مناسباً لزعزعة الأمن. وعندما يكون السلاح منتشراً بين المدنيين فإن النتائج دائماً ما تكون كارثية.

 وعلى خلفية التطورات التي تشهدها المنطقة عموماً، تلوح في الأفق عدة سيناريوهات محتملة، سيكون لها تأثيرها الواضح على مستقبل المغرب العربي. وهو ما يتطلب وضع خطة عربية من منطلق المصالح القومية والتحرك بمبادرة سياسية، تكفل ألا يصبح أي قرار عربي مجرد تمهيد للتدخل العسكري الخارجي ومقدمة لتقسيم المنطقة...

ورغم كابوس التقسيم المخيف الذي يكشر عن أنيابه استعداداً لالتهام ليبيا والليبيين، يبدو التحدي الأبرز أمام الحكومة الانتقالية التي تخوض حرباً داخلية على مختلف الجبهات الأمنية والسياسية والاقتصادية، هو التحدي الأمني الذي يعتبر في هذه المرحلة ضرورة حتمية لحماية ليبيا من الوقوع في المصيدة الاستعمارية التي ستقطع الأراضي الليبية قطعاً صغيرة جداً، وبالتالي التصدي لكل النزعات والمحاولات الانفصالية التي يدعمها الغرب وأذنابه في ظل ذلك الانفلات الأمني الواسع الذي كان لدول الاستعمار الغربي وشركائها دور كبير في تغذيته وتنميته إلى حدود التضخم اللامعقولة من خلال إغراق الليبيين بالسلاح الذي يتمسكون به ويرفضون نزعه وتسليمه إلى الحكومة الانتقالية التي لا يثقون فيها تحت أي بند أو عنوان، ما يعني إبقاء الوضع على ما هو عليه إلى أجل غير مسمى أي وضع الاقتتال الداخلي مع توقع المزيد من سيناريوهات الحرب الأهلية التي يرسم أنموذج الكفرة صورة واضحة لها، حيث لا يزال التوتر كبيراً في مدينة الكفرة الصحراوية جنوب شرق البلاد رغم الهدنة التي أعلنت بين القبائل المتناحرة بعد سلسلة من الاشتباكات التي أدت إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى.

وعلى الرغم من سوداوية المشهد الليبي الذي يمضي نحو المجهول في ظل الاقتتال الداخلي والانفلات الأمني واتجاه بعض الأطراف نحو التقسيم والانفصال... على الرغم من هذا الكمّ الهائل من الأزمات والامراض التي تنهش الجسد الليبي تقف الجامعة العربية متفرجة صامتة عاجزة عن فعل أي شيء سوى المزيد من التآمر مع أعداء الأمة للتحضير لقتل ضحية أخرى على الطريقة الليبية، وفي مقابل ذلك أيضاً يقف المجتمع الدولي الذي شارك بقتل الليبيين وتدمير ليبيا... يقف عاجزاً عن فعل أي شيء لوقف تدهور الأوضاع الأمنية ومنع الانقسام لسبب بسيط وهو أن كل ما يجري في ليبيا من اقتتال وصراع وتقسيم وانقسام لمصلحة دول الاستعمار الجديد ممثلة بالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وطبعاً ''إسرائيل'' الذين يسيطرون على المجتمع الدولي ومؤسساته وهيئاته.

ونعتقد أن العرب لم يعودوا بحاجة للمزيد لإدراك مدى فداحة التدخل الخارجي الغربي في شؤون الدول العربية والمصير الذي سيؤول إليه، لأن قطار الاحتلال متحرك وليبيا ليست سوى حلقة في سلسلة... وقد لا يكون تدخّل حلف الناتو ''عسكرياً'' في الأزمة الليبية هو الأخير في المنطقة المغاربية، فقد تتكرر عمليات التدخل إذا ما توفّرت الظروف الملائمة والبيئة المواتية، وهو الأمر الذي لا بدّ من أخذه بنظر الاعتبار في ما يتعلق بتطورات الوضع في المنطقة، لا سيما مع تأجيج الخلافات الداخلية ونزعات الانفصال من جهة، ومن جهة أخرى تطور سياسة حلف الناتو، وما يسمى بنظرية ''الأمن الناعم'' أو ''القوة الناعمة''، في مواجهة المتغيرات... فالصراع في ليبيا يتخذ اليوم أبعاداً خطيرة، وينذر بتفتيت المنطقة المغاربية، في وقت تتكالب فيه القوى الغربية الكبرى على الوطن العربي لإخضاعه والسيطرة على ثرواته، ويمارس ''الناتو'' سياسة كونيالية جديدة في المغرب العربي، وهو ما يتطلب من العرب اليقظة وعدم ترك ''الأطلسي'' يتمادى في تشكيل الصورة المستقبلية للمنطقة المغاربية.

فهذه هي عادة الغرب الظالم الاستعماري في سياق حروبه التي لا يقدمها بالمجان لأحد، فبعد دفع البلد المذبوح على يديه الدماء والخسائر المادية لابد أن يدفع الشعب ثمن صواريخه الذكية النادرة وثمن أمواله النارية التي أشعل بها البلاد ورماها في أتون القتل والتخريب نفطاً وتقسيماً وإمعاناً في بثّ نار الفتن والكراهية بين أبناء البلد الواحد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/آيار/2012 - 28/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م