شبكة النبأ: بات الكتاب الذي يعتبر
علامة فارقة في الثقافة الفرنسية ويحظى بحماية بموجب سياسة السعر
الموحد المعتمدة منذ 30 سنة، يئن تحت ثقل السياسات التقشفية وزيادة
الضريبة على القيمة المضافة التي تضرب في الصميم المكتبات المستقلة
الرازحة تحت وطأة مبيعات الانترنت والكتب الإلكترونية الاخذة في
الارتفاع.
غير أن زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 5,5% إلى 7% التي دخلت
حيز التنفيذ منذ الأول من نيسان/أبريل قد تكون عابرة، إذ أن المرشح
الاشتراكي للانتخابات الرئاسية فرانسوا هولاند وعد بإعادة الضريبة على
الكتاب إلى 5%، في حال انتخب رئيسا.
وفي فرنسا، يحظى الكتاب بمكانة خاصة، على ما قال منذ فترة وجيزة
فرنسوا بايرو، مرشح حزب الحركة الديموقراطية "موديم". ويقول فنسان
موناديه وهو صاحب مكتبة سابق ومدير مرصد الكتاب في منطقة ايل -دو فرانس
ان الحكومة "اعدت الرصاصة الموجهة لقتل اصحاب المكتبات المستقلة".
ويوضح غييوم هوسون المندوب العام لنقابة المكتبات الفرنسية (إس إل
إف) لوكالة فرانس برس أن "المخاطر كثيرة في حين ان العائدات تشكل نقطة
في بحر خزانة الدولة، بالنظر الى الديون الطائلة. فزيادة الضريبة على
القيمة المضافة بنسبة 1,5 % على الكتاب تقدر بستين مليون يورو، على
أقصى تقدير".
لكن هذه الزيادة على ضريبة القيمة المضافة تشكل في القطاعات جميعها،
10% تقريبا من الجهود المبذولة لتقويم الميزانية في إطار خطتي التقشف
المعتمدتين في 24 آب/أغسطس و7 تشرين الثاني/نوفمبر، على ما تفيد وزارة
الميزانية. بحسب فرانس برس. وتأسف رينيه أوبوتي وهو صاحب مكتبة في
باريسية قائلا إن وزير الثقافة فريديريك ميتران "اضطر إلى الاذعان
لانقلاب" وزارة المال.
وقد ذكر الوزير منذ فترة وجيزة بأهمية الكتاب في فرنسا "مع رقم
أعمال يبلغ ثلاثة مليارات يورو و30 ألف فرصة عمل". وتتمتع فرنسا بإحدى
أوسع الشبكات في العالم مع 2500 مكتبة محترفة تقريبا، بالمقارنة مع
قرابة ألف مكتبة من هذا القبيل في بريطانيا.
ويقوم اصحاب المكتبات الصغيرة بتنشيط الشغف بالكتاب، مع انهم
يواجهون صعوبة في الصمود. فهنا بطاقات صغيرة تشرح لماذا أعجبتهم هذه
الرواية وهناك رسوم تفاعلية وجلسة مخصصة لتوقيع الكتب.
وتؤكد فاليري فورنييه وهي صاحبة مكتبة في رويان عاكسة اراء زملائها
"إنها لفرحة كبيرة بالنسبة لنا أن نعرف الزبائن على الكتب التي
أحببناها". ومنذ العام 1981، تستفيد المكتبات جميعها من سعر موحد يسمح
لها بمنافسة المتاجر الكبيرة ومواقع البيع الإلكترونية.
ومن المفترض أن تتحمل دور النشر التي تحدد أسعار الكتب في فرنسا
تبعات زيادة الضريبة على القيمة المضافة، غير أن هذه الزيادة ستلقي
بظلالها أيضا على المستهلكين.
وتعتبر هذه الزيادة ضربة قاسية جديدة لقطاع يعاني من منفاسة عمالقة
التوزيع الإلكتروني من قبيل موقع "أمازون" والكتب الإلكترونية التي
انخفضت الضريبة على القيمة المضافة المفروضة عليها من 19,6% إلى 7% في
الأول من كانون الثاني/يناير 2012. ويضيف رينيه أوبوتي إلى هذه العوامل
"ارتفاع أسعار الإيجار ... وانخفاض الرغبة في المطالعة".
وقد تراجعت مبيعات الكتب بالتجزئة في شباط/فبراير بنسبة 1,5%،
بالمقارنة مع الشهر عينه من العام 2011. وذكرت نقابة دور النشر الوطنية
(إس إن إي) بأن الضريبة المفروضة على الكتب لا تساوي إلا 4% في اسبانيا
و 3% في لوكسمبورغ، حتى أن بعض البلدان (20 بلدا تقريبا) تعفي كتبها من
الضرائب.
ويؤكد غييوم هوسون أن هذه الزيادة قد تدفع بعض المكتبات إلى إغلاق
أبوابها، معتبرا أن الكتاب "هو من الضرورات القصوى" وهو يساهم في الوقت
عينه "في نشر الثقافة". |