مبارك.. هل يعود من الشباك!

احمد عبد الكريم

لم يتبق على الانتخابات الرئاسية المصرية سوى ايام معدودة ليتبين للجميع من هو رئيس مصر الجديد بعد ان دخل حلبة السباق الرئاسي ثلاثة عشر متنافسا كل منهم يريد ان يكون صاحب الحظ الاوفر من اصوات الناخبين ليكون اول رئيس مصري منتخب انتخابا حقيقيا بعد كانت انتخابات عهد مبارك انتخابات صورية معروفة النتيجة وهي 99,99.

 الانتخابات المرتقبة مهمة جدا فالنظام المعتمد في مصر اليوم هو النظام الرئاسي والثقافة السياسية الراسخة في البلاد تركز على دور الرئيس وتقلل من اهمية البرلمان رغم ان الدستور الجديد لم يتم تشريعه بعد وبالتالي فان صلاحيات الرئيس غير واضحة حتى يتم تشريع الدستور والتصويت عليه وهو مايُعَدّ خطأً فادحاً في عملية الانتقال إلى الديمقراطية في مصر. فهذا الأمر يكاد يضمن أن الرئيس سيُنتَخَب لولاية مدّتها أربع سنوات، لكن الدستور الجديد سيحدّ من صلاحياته سرعان مايستلم السلطة كما أن محاولة الحدّ من سلطة الرئيس بعد أن يتم انتخابه ستتسبّب بإثارة التوترات غير أن حجم المشكلة يتوقّف على هوية الرئيس: إذا فاز إسلامي بالرئاسة، فسيسُرُّ الأحزاب العلمانية أن يتم الحدّ من صلاحياته، ولن يمانِع الإخوان المسلمون في ذلك لأنهم سيسيطرون على البرلمان والرئاسة.

 خلال فترة هيمنة الخطاب القومي العروبي منذ أربعينيات القرن الماضي جرى تغييب الكثير من الهويات الثقافية الاسلامية في العالم العربي عموما وفي مصر بشكل خاص، ولاسيما الخصوصيات الدينية والمذهبية للكثير من المكونات الاجتماعية الضاربة الجذور في الارض التي تعيش عليها، ورغم ان طبقتي العسكرتارية والمشائخية التي استحوذت على السلطة في البلدان العربية وحاولت منذ لك الحين ان تتظاهر بصناعة دولة مدنية وكانت انطلاقا من ذلك تشكك دوما بولاء الاقليات.

 ومن هنا جاء التصريح الشهير للرئيس المصري السابق حسني مبارك حول انتماء الاقليات الشيعية في العالم العربي لا الى اوطانها وانما لايران، وهو بذلك اهان الاقلية الشيعية في مصر فضلا عن الاقليات الشيعية في البلدان العربية وفي ظل هيمنة الخطاب الاسلامي الراديكالي على الشارع المصري، مازالت الهوية الوطنية للبلاد تتعرض لمخاطر جسيمة وقد حصلت العديد من حالات الاحتراب الداخلي واعمال العنف الطائفي بين مسلمين واقباط وقد يحاول البعض اقحام بعض المتشددين لتصدر المشهد بعد ان برز الشيخ القرضاوي بصفته مفتيا لثورات الربيع العربي ذات اللون الطائفي، بالرغم من انه يزعم الوسطية والاعتدال لكنه جعل من نفسه رأس حربة في تأجيج صراعات طائفية في العديد من البلدان العربية والاسلامية، والواقع ان القرضاوي يمثل امتدادا تأريخيا لتحالف سلطوي طائفي بدأ منذ انشاء الدولة الاموية في دمشق.

 ثمة محاولات واضحة لاعادة عقارب الساعة الى الوراء من خلال عودة فلول النظام السابق تحت مسميات جديدة وفي مقدمتهم احمد شفيق او عراب السياسة المصرية وحليف مبارك وخادمه الامين عمرو موسى والذي يحاول ان يقنع الناخبين المترددين بانه ليس من "فلول" النظام السابق الذي كان احد اركانه بحكم توليه وزارة الخارجية في عهد حسني مبارك لنحو عشر سنوات.

وهذه المحاولات ان قدر لها النجاح فأنها تعني فيما تعنيه عودة نظام مبارك من الشباك بعد ان طرده الشعب المصري شر طردة في انتفاضته الكبرى في 25 كانون ثان (يناير) 2011 والمعروف ان الشعب عندما قام بثورته الجبارة فأنه لم يشأ استبدال وجوه بوجوه بل كان يبغي قلع نظام مبارك وسياسته الذيلية من الجذور تلك السياسة التي ارتهنت السيادة والكرامة المصرية وعرضت تأريخ مصر العظيم للامتهان.

 وعليه فأن مثل هكذا الاعيب لايمكن ان تنطلي على الشعب المصري المعروف بذكائه ونباهته والذي استرخص الغالي والنفيس من اجل ان يحقق مايصبو اليه من رفعة وعزة ومنعة تعيد لمصر تأريخها المشرق وموقعها الريادي الذي تستحقه.

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/آيار/2012 - 27/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م