القاعدة في اليمن... مرتع خصب وتنامي مطرد

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: على الرغم من إحياء أنشطة مكافحة الإرهاب في اليمن مازالت التهديدات الأمنية تلوح في الأفق، ومصدرها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن الناتج عن اندمج جناحا القاعدة في هذا البلد والسعودية عام 2009، إذ أصبح من الفروع الناشطة جدا للشبكة الإرهابية القاعدية في الجزيرة العربية وتحديدا في اليمن، ويمثل تهديداً جدياً لأمن الولايات المتحدة أيضا، كما تعد الهجمات الفردية القاعدة ابرز التحديات والإخطار التي توجهها الاستخبارات العالمية، حيث دفعت الاضطرابات العنيفة اليمنية في الآونة الأخيرة الى تنامي نشاطات المكافحة والاحتراز الأمني بشكل مكثف جدا من خلال شبكة المخابرات السعودية والأمريكية ضد التنظيم، فهما اللاعبين الأساسين في الأوضاع اليمنية.

إذ يشهد اليمن تصاعد أعمال العنف مع القاعدة في ظل الانقسامات الداخلية السياسية التي أدت الى هشاشة الدولة سياسيا وامنيا واقتصاديا، فكلها أمور تتيح أرضا خصبة للقاعدة للتخطيط لغارات وهجمات جديدة. بحيث أصبح تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو جناح التنظيم في اليمن أكثرها نشاطا وطموحا بعد انتكاسات لجناحي القاعدة في السعودية والعراق، واستغل هذا التنظيم الاضطرابات اليمنية منذ الاحتجاجات ضد صالح والصراعات الأخرى المشتعلة حتى الان ليحقق مكاسب وسيطرة كبيرة خاصة في الجنوب.

مكافحة الإرهاب

فقد تبرز مؤامرة جديدة مزعومة لاخفاء متفجرات في ملابس داخلية مبلغ الخطر الذي تمثله جماعات تتمركز في اليمن حتى حين يقول مسؤولون امريكيون ان قدرتهم على شن هجمات للتصدي للارهاب في اليمن تحسنت منذ ان تولى رئيس جديد منصبه في فبراير شباط، وتجدد الاهتمام بالمشاكل الامنية والسياسية والاقتصادية المزمنة في اليمن بعدما أعلن مسؤولون امريكيون ان تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية حاول امداد انتحاري بقنبلة تخبأ في الملابس الداخلية وهي نسخة مطورة من قنبلة وضعت على طائرة في طريقها للولايات المتحدة يوم عيد الميلاد من عام 2009، وعزز التنظيم قوته البشرية وموارده وسيطرته على اراض في اليمن الذي يقطنه 25 مليون نسمة خلال عام من الاضطرابات السياسية والعسكرية، وقال مسؤولون امريكيون في المخابرات ومكافحة الارهاب ان قدرتهم على شن عمليات ضد التنظيم في اليمن تحسنت الى حد كبير منذ ان خلف الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقال مسؤولون امريكيون ان نقل رجال ومعدات لليمن لشن عمليات لمكافحة الارهاب اضحي اسهل مما سمح بالتوسع في العمليات الى حد بعيد لاسيما الهجمات بطائرات بلا طيار، وبدأت الولايات المتحدة في الاشهر الاخيرة التوسع في استخدام طائرات دون طيار في اليمن وهو ما حدث في باكستان منذ ان اقر الرئيس السابق جورج بوش في صيف 2008 قواعد معدلة للاستعانة بهذا النوع من الطائرات حسبما ذكره مسؤولون، ويعتقد ان بعض هجمات طائرات بلا طيار تابعة للمخابرات الامريكية لضرب اهداف داخل اليمن انطلقت من دول مجاورة، ويعتقد ان هجوما مشتبها فيه لطائرة بلا طيار قتل يمنيين اثنين من اعضاء تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وقتل هجوم او هجمات اخرى بطائرات بلا طيار ثمانية مسلحين في اليمن حسب رواية مواطنين، وقبل اقرار بوش التوسع في الهجمات بطائرات دون طيار كان استخدامها يقتصر على اهداف "عالية القيمة" تكون الوكالة على ثقة من وجودها في مكان معين في وقت محدد. وبعد تعديلات بوش استخدمت الطائرات بلا طيار على نطاق اوسع لتستهدف تجمعات او معسكرات مشتبه بها "لمقاتلين اجانب"، ويبدو ان الولايات المتحدة تتبنى استراتيجية من ثلاثة محاور في سعيها لاعادة الاستقرار لليمن ومهاجمة مسلحي التنظيم الذين يأملون في استغلال غياب سيطرة الحكومة المركزية لشن هجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها، وتحاول الولايات المتحدة تعزيز قبضة حكومة هادي على الحكم بدعم جهوده لتطهير اجهزة الامن والجيش من حلفاء صالح، كما تقدم مساعدات انسانية وتسعى لاحياء اقتصاد البلاد وتحسين المؤسسات الحاكمة، ومن الناحية الامنية استأنفت الولايات المتحدة التدريب العسكري الذي علق خلال اضطرابات العام الماضي على امل ان تكتسب قوات الامن اليمنية قوة كافية لاستعادة سيطرتها على البلاد، واخيرا فانها بمساندة هادي كثفت من هجمات الطائرات الامريكية دون طيار وهجمات اخرى على اهداف عالية القيمة مشتبه بها في اليمن ربما تهدف لمهاجمة الولايات المتحدة، وقال مسؤول امريكي كبير ان الاولوية لدى الولايات المتحدة حماية نفسها من هجمات تنطلق من اليمن بينما تدرب قوات الامن والجيش اليمنية على "مواجهة المخاطر داخل حدودها"، وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "لانريد التدخل" في الصراع الداخلي في اليمن "لدينا مخاوف فعلية لاسيما بشان المؤامرات الخارجية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب. نريد تدريب اليمنيين كي يمكنهم التعامل مع مشاكلهم الداخلية ونريد حماية انفسنا". بحسب رويترز.

وعلى الرغم من تعهد صالح -  الذي حكم اليمن 33 عاما -  بالتعاون لمكافحة الارهاب الا ان اداءه كان متباينا. وادى الصراع على مدار العام الماضي لانهاء حكمه لسيطرة متشددين على صلة بالتنظيم على مساحات شاسعة بجنوب اليمن، وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الامريكية رفض الكشف عن اسمه "انها منطقة حصل فيها تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية على موارد من خلال اقتحام بنوك ونهب مستودعات اسلحة" مضيفا ان التنظيم يدفع اجورا لبعض المقاتلين حافزهم الاول الحصول على مال، وادت الانتفاضة ضد صالح في العام الماضي لانقسام الجيش اليمني الى فصائل متناحرة. واستولى مسلحون على اراض بجنوب اليمن وفي استعراض للقوة قتلوا نحو مئة جندي يمني في هجوم واحد في مارس اذار، وتعرض صالح في السنوات الاخيرة من ولايته لاكثر من موقف محرج له ولقوات مكافحة الارهاب الامريكية كان ابرزها حالات هروب اعضاء مشتبه بهم في القاعدة من سجون يمنية بما في ذلك تلك المشيدة خصيصا لاحتجاز سجناء سياسيين، وسمح صالح ببعض العمليات الامريكية السرية البارزة في سبتمبر ايلول من العام الماضي كان أبرزها قتل انور العولقي وهو متشدد امريكي المولد اضحي احد ابرز المتحدثين باسم التنظيم عبر الانترنت وذلك خلال هجوم بطائرة دون طيار، ورغم نجاح العملية كانت العمليات الامريكية في ذلك الوقت مقيدة الى حد كبير نتيجة غياب النظام بسبب الانهيار البطيء لحكومة صالح ومراسيم اصدرها صالح تقيد قدرة الولايات المتحدة على نقل معدات وافراد لليمن للتوسع في العمليات هناك، وعلقت الولايات المتحدة التعاون الامني مع اليمن خلال الفترة التي واكبت رحيل صالح من السلطة ثم استؤنفت هذه العمليات. وقال المسؤول الامريكي البارز الذي رفض نشر اسمه ان التعاون في مجال مكافحة الارهاب مع الحكومة اليمنية تحسن كثيرا منذ رحيل صالح، واضاف "تدرك الحكومة اليمنية الجديدة التهديد وتريد مد يد العون" وقال ان التعاون المخابراتي تحسن. وحين سئل اذا كان ذلك يشمل رصد اتصالات وعملاء اجاب المسؤول "جميع القدرات المتاحة، وكشفت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) عن ان الجيش الامريكي بدأ في ارسال مجموعات صغيرة من المدربين لليمن ولكن باعداد اقل كثيرا مما كانت عليه قبل الاضطرابات التي اطاحت بصالح، وقال وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا "اليمنيون كانوا بالفعل متعاونين للغاية في العمليات التي نفذناها هناك، سنواصل العمل معهم لملاحقة الاعداء الذين يهددون الولايات المتحدة، ويؤلب شيوخ القبائل في مناطق باليمن -  شهدت هجمات بطائرات دون طيار وأسفرت عن مقتل مدنيين -  اعدادا متزايدة من المواطنين ضد الحكومة اليمنية والولايات المتحدة، وقال جريجوري جونسن خبير الشؤون اليمنية في جامعة برينستون انه يعتقد ان الاعتماد بشكل كبير على الهجمات بطائرات دون طيار والصواريخ سيأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف، وتابع "بلغنا وضعا يقود لتصاعد قوة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية كلما توسعت الولايات المتحدة في استخدام القنابل" مضيفا أن قتل مدنيين وانقسام الجيش اليمني خلال اضطرابات العام الماضي منح التنظيم قوة هائلة.

هشاشة الدولة

في سياق متصل توفر هشاشة الدولة وضعف أجهزة الامن في اليمن أرضا خصبة مثالية لفرع القاعدة في البلاد للتخطيط لهجمات على غرار الهجوم الذي تقول الولايات المتحدة أنها احبطته، وبعد نحو ثلاث سنوات من منح الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الولايات المتحدة موافقة غير مشروطة للتحرك ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أصبح الاسلاميون الموالون للتنظيم يسيطرون على أجزاء من اليمن في حين يواجه شريك واشنطن الجديد في "مكافحة الارهاب" انتقادات بشأن اتفاق تنحي صالح، وورثت القيادة الجديدة في اليمن مهمة توحيد صفوف الجيش الذي انقسم الى فصائل متحاربة اثناء انتفاضة استمرت 14 شهرا إضافة الى مطلب أمريكي لأن تشن القوات المسلحة حملة ضد المتشددين الاسلاميين، ومن ناحية اخرى قال زعماء قبليون في أجزاء باليمن - حيث قتلت هجمات بطائرات بدون طيار استهدفت تنظيم القاعدة مدنيين-  ان تلك الهجمات تؤلب المزيد من الناس على الحكومة وواشنطن، وقال احد قادة المقاتلين الذين يستهدفون جماعة أنصار الشريعة ان حرب الطائرات بدون طيار تخاطر الان بتعزيز وضع الجماعة، وقال سالم العواش وهو زعيم قبلي في محافظة شبوة "القبيلة... أقوى من الدولة وإذا استمرت الغارات الامريكية وتوسعت فانها ستؤدي الى تعاطف في المجتمع مع القاعدة خاصة اذا سقط ضحايا من المدنيين، وحذر العواش من ان الهجمات الجوية تستعدي ايضا اعداء القاعدة. ويأتي المقاتلون التابعون للعواش من منطقة قتل فيها أنور العولقي وهو مواطن امريكي من أصل يمني اغتالته وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي.إيه) في هجوم بطائرة بدون طيار العام الماضي بسبب دوره المزعوم في مخطط تفجير سابق لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

وقال العواش "القبائل لا تشجع التطرف لكنها ايضا لا تقبل قيام الجيش الامريكي بتنفيذ عمليات على اراضيها، واشار مسؤول كبير بالحكومة اليمنية الى الانقسامات في الجيش على انها عامل يعزز نفوذ القاعدة، وقال المسؤول "اننا نواجه تحديات امنية خطيرة بسبب الانقسام في الجيش الذي نجم عن الازمة السياسية والذي مكن القاعدة من الانتشار والسيطرة على اراض وتدريب اعضائها في مناطق آمنة، وتشير المناطق الامنة الى اجزاء في محافظتين حيث سيطر اسلاميون تعهدوا بالولاء للقاعدة على اراض العام الماضي عندما اكتسبت الاحتجاجات ضد صالح زخما، وأثارت السهولة التي تحرك بها مسلحون يسمون انفسهم أنصار الشريعة في جنوب البلاد إتهامات بالتواطؤ مع صالح الذي قالت برقيات دبلوماسية امريكية سربت في 2009 أنه قدم "بابا مفتوحا للارهاب"، ومازالت العلاقة الدقيقة بين أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب غير واضحة لكن القاعدة أفرجت عن جنود اسرى بأوامر من ناصر الوحيشي زعيم التنظيم والذي كان في وقت من الاوقات مساعدا لاسامة بن لادن، وهي تطبق ايضا معايير القاعدة في البلدات التي تسيطر عليها وفي فبراير شباط أعدم التنظيم ثلاثة رجال أدانتهم محكمته الشرعية في محافظة أبين بالتجسس لحساب المخابرات السعودية وتسهيل الهجمات الامريكية بطائرات بدون طيار، وأظهر تسجيل مصور وزعته القاعدة رجالا يقتادون أسيرا مكبلا ومعصوب العينين وهم يجبرونه على ان يجثو على ركبتيه امام حشد من الناس. وقال سكان في المنطقة ان الرجال أعدموه بقطع الرأس، ويؤكد تاريخ الجماعة التي لزمت الصمت بشأن طموحات القاعدة دورها في تقديم الخدمات والامن لمنطقة حيث وجود الحكومة المركزية فيها يكاد لا يذكر، وتتضمن نشراتها الاخبارية اسماء أقارب المدنيين الذين قتلوا في هجمات جوية ضد اعضاء مزعومين بالقاعدة وتوثق انتصاراتها المتزايدة ضد القوات المسلحة اليمنية، وتشمل تلك الانتصارات هجوما انتحاريا على وحدة "لمكافحة الارهاب" بعد ساعات من اداء الرئيس عبد ربه منصور هادي اليمين القانونية وقتل نحو 100 جندي من القوات الحكومية والاستيلاء على اسلحة ثقيلة في مارس اذار ونصب كمبن تزعم الجماعة أنها أحتجزت فيه 28 جنديا رهائن.

عميل مزدوج

في حين قتل ثمانية من عناصر القاعدة في غارة تميزت بدقة واضحة شنتها طائرة من دون طيار في جنوب اليمن، بعد ايام عل مقتل احد قادة التنظيم اثر معلومات قدمها عميل مزدوج، وقال مصدر محلي ان الغارة استهدفت العناصر الذين كانوا يعقدون اجتماعا في احد منازل جعار، ابرز معاقل التنظيم في محافظة ابين، مشيرا الى ان "القتلى تم انتشالهم اشلاء"، وتابع "سمعنا ثلاثة انفجارت هزت البلدة" معربا عن اعتقاده بان الطائرة اميركية، وبين القتلى شخص يعرف باسمه الحركي "جلاد" وهو "وزير السلاح" المسؤول عن تخزين الاسلحة في "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" وفقا لمصادر قبلية، وقال شهود عيان ان المنزل من طابقين يقع في حي سكني مؤكدين عدم وقوع اضرار بالمنازل الاخرى، يشار الى ان القوات الاميركية هي الوحيدة التي لديها هذا النوع من الطائرات في المنطقة، وتاتي الغارة التي تميزت بدقة كبيرة بعد مقتل فهد القصع احد قادة القاعدة الملاحق لتورطه في تفجير المدمرة الاميركية "يو اس اس كول" العام 2000، في غارة جوية اميركية في وادي رفض في محافظة شبوة الجنوبية مع اثنين من مرافقيه، والقصع من قبيلة العوالقة التي ينتمي اليها ايضا الامام اليمني الاميركي المتشدد انور العولقي، وتحظى هذه القبيلة بنفوذ واسع في محافظة شبوة، وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" ان العميل المزدوج الذي تمكن من التسلل الى صفوف القاعدة يعمل لصالح الاجهزة الامنية السعودية قدم معلومات "مهمة" اتاحت قتل القصع، وقد نجح العميل في افشال مخطط للقاعدة في اليمن يقضي بتفجير طائرة متجهة الى الولايات المتحدة، وباتت العبوة الناسفة التي لا تحتوي على معادن حتى لا ترصدها الات المسح وعمليات التفتيش في المطارات بايدي خبراء ال"اف بي آي"، وكانت معلومات للاستخبارات السعودية اتاحت رصد عبوات ناسفة مخباة داخل الات طباعة في تشرين الاول/اكتوبر 2010 في بريطانيا ودبي، اراد تنظيم القاعدة ارسالها الى الولايات المتحدة عبر طائرات شحن، وقال مسؤول في مكافحة الارهاب ان العبوة "لديها خصائص المتفجرات التي استخدمها التنظيم في مخطط يوم عيد الميلاد في العام 2009 ومحاولة اغتيال الامير محمد نايف بن عبد العزيز" مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الامنية، وكشفت وسائل اعلام اميركية ان المخطط افشله العميل المتخفي الذي تطوع لتنفيذ عملية انتحارية قبل ان يهرب بالعبوة الناسفة التي سلمها الى مسؤوليه في السعودية. بحسب فرانس برس.

وفي السياق ذاته، اكدت مصادر قبلية في المنطقة ان تنظيم القاعدة "مخترق من قبل مخابرات اميركية وسعودية ويمنية"، واضافت ان القاعدة "استقطبت خلال الاشهر الماضية مئات من الشبان العاطلين عن العمل تلقى بعضهم تدريبا في المعسكرات دون التدقيق في انتماءاتهم وخلفياتهم"، وفي شباط/فبراير الماضي، اعدمت القاعدة اثنين من عناصرها في جنوب اليمن بتهمة التجسس لصالح الاميركيين والسعوديين واليمنيين، واتهم الاثنان بزرع شرائح في سيارات قادة القاعدة تساعد على متابعة تحركاتهم، واشارت المصادر القبلية الى وجود "اكثر من 30 عنصرا من القاعدة في السجن في جعار وعزان"، احد معاقل التنظيم في محافظة شبوة، بتهمة التجسس، وتاتي التوقيفات في اعقاب تصاعد الغارات التي تستهدف قادة محليين للقاعدة ، قتل المسؤول المالي للقاعدة محمد سعيد العمدة الملقب بابي غريب التعزي في شمال شرق البلاد، وفي 14 الشهر ذاته، قتل ثلاثة من القادة المحليين بينهم امير محافظة البيضاء ابو حمزة الصبري في غارة استهدفت سيارتهم في المحافظة الواقعة جنوب شرق صنعاء، وفي نيسان/ابريل، ذكرت صحيفة واشنطن بوست ان وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) طلبت من ادارة الرئيس باراك اوباما السماح لها بشن مزيد من الغارات في اليمن بواسطة طائرات بدون طيار رغم ان مثل هذه الغارات يوقع احيانا ضحايا مدنيين، واقرت واشنطن العام الماضي بانها تستخدم طائرات بدون طيار لضرب اهداف في اليمن. وبحسب الصحيفة الاميركية، فان هذه الطائرات تقلع من قاعدة سرية في شبه الجزيرة العربية.

شبكة مخابرات سعودية

الى ذلك قال مسؤولون خليجيون ودبلوماسيون سابقون ان السعودية استخدمت شبكة لا نظير لها من العلاقات القبلية والعائلية لاختراق معاقل الاسلاميين المتشددين في اليمن مما أتاح لها المساعدة في إحباط مؤامرة ضد الولايات المتحدة، وأبلغ مسؤول أمني اقليمي ان نشر عملاء ضد هدف للقاعدة تعلم كيف يتجنب الاتصالات الالكترونية مكن أجهزة الامن السعودية من احباط ثالث هجوم مفترض في 30 شهرا، وعندما سئل عن التقارير التي تفيد بأن السعودية قامت بالعملية قال المسؤول الأمني "الامر صحيح تماما"، وساعدت معلومات من الرياض في احباط هجوم انتحاري كان مقررا تنفيذه في طائرة فوق ديترويت عام 2009 . كما كشفت عن قنبلة كانت مخبأة في حاوية حبر خاصة بطابعة على متن طائرة متجهة من دبي الى شيكاجو في اكتوبر تشرين الاول 2010. أما المؤامرة المزعومة الاخيرة فقد شملت مفجرا انتحاريا كان عميلا مزدوجا فيما يبدو ووجهت له تهمة اخفاء متفجرات في ملابسه الداخلية ومحاولة اسقاط طائرة امريكية، وعاب مسؤولون امريكيون على السعودية بطء التحرك لمواجهة القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولايات المتحدة لكن تغير الامر كثيرا بعدما ضرب مفجرون اهدافا في الرياض عام 2003 الامر الذي دفع البلدين الى القيام بحملة مشتركة طردت القاعدة من المملكة، وقال روبرت جوردان السفير الامريكي في الرياض بين 2001 الى 2003 ان تعاون أجهزة المخابرات بين الولايات المتحدة والسعودية واليمن "فعال جدا" في الوقت الحالي.

واضاف "بحلول مايو 2003 ادركوا ان القاعدة تهديد للنظام والعائلة المالكة مثلما هي للاجانب، بدأوا بالفعل اختراق الخلايا، ويوجد سعوديون في جميع مستويات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يعتبر الان اخطر جناج للجماعة المتشددة، وقد ساعد ذلك الرياض على اختراق التنظيم الذي انتقل الى اليمن بعد طرده من المملكة عام 2006 متعهدا بإسقاط اسرة آل سعود الحاكمة، وتمكنت اجهزة الامن السعودي من الضغط على التنظيم عن طريق افراد عائلاتهم الموجودين داخل السعودية ونشرت متشددين سابقين انشقوا عن التنظيم عندما كانوا قيد الاعتقال، كما تستخدم العلاقات بين العائلة المالكة السعودية وبعض القبائل اليمنية التي تؤوي القاعدة في جزيرة العرب. بحسب رويترز.

وقال جوردان "الامراء الكبار قريبون من قبائل مختلفة ويمكنهم التعاون معهم، وعلى الرغم من ان المسؤول الامني لم يحدد اي جهاز امني سعودي تعامل مع العميل الذي نقل الى محققين معلومات عن قنبلة متطورة الشهر الماضي يقول خبراء مستقلون انها ربما تكون وحدة مكافحة الارهاب التابعة لوزارة الداخلية، وقال مصطفى العاني وهو محلل امني خليجي على صلة جيدة بحكومات المنطقة "الوزارة تعتبر اليمن خط الدفاع الاول في مواجهتها مع القاعدة وحركت عملياتها لمكافحة الارهاب بكثافة الى اليمن وانشأت مقار لها هناك، واعتقلت وحدة مكافحة الارهاب عددا من الاشخاص داخل السعودية في الايام القليلة الماضية مما يظهر طبيعة التهديد العابر للحدود الذي تواجهه من المتشددين، وقال المقدم سلطان محمد وهو رئيس ادارة بوحدة مكافحة الارهاب ان السلطات اعتقلت في الايام القليلة الماضية عددا من الاشخاص الذين كانوا يريدون تنفيذ عملية. وابلغ مجموعة من الصحفيين الزائرين انه ليس لديه معلومات بشان ما اذا كان للمعتقلين في السعودية صلة بمؤامرة التفجير المزعومة ضد اهداف امريكية، ويظهر قيام وزارة الداخلية السعودية بمهمة مراقبة المتشددين اليمنيين بدلا من رئاسة الاستخبارات العامة الى اي مدى تنظر الرياض الى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على انه اكبر تهديد داخلي لها، وتنقل برقية دبلوماسية صادرة عن السفارة الأمريكية في الرياض كشف عنها موقع ويكيليكس عن الامير مقرن رئيس الاستخبارات العامة توضيحه لدبلوماسيين امريكين عام 2009 ان التنظيم الداخلي له رأس في الخارج، ومضى الامير مقرن في توضيحه الى درجة ان ابلغهم انه قام بعدة زيارات الى اليمن مع الامير محمد بن نايف رئيس وحدة مكافحة الارهاب وابن ولي العهد الحالي، وقال نيك برات استاذ الاستراتيجية والسياسة الدولية بمركز جورج مارشال الاوروبي للدراسات الامنية في المانيا "عمليات من هذا النوع تحدث على اساس يومي ولم نقرأ قط كلمة عنها ولا يجب ان نقرأ عنها.

حقائق عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن

- اندمج جناحا القاعدة في اليمن والسعودية عام 2009 وكونا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب واتخذ من اليمن مقرا له. وجرى الاعلان عن ذلك بعد ثلاث سنوات من نجاح جهود لمكافحة الارهاب في ايقاف حملة لمتشددي القاعدة في السعودية.

- كان زعيم القاعدة في جزيرة العرب اليمني ناصر الوحيشي المعروف ابضا بأبو بشير في وقت من الاوقات مقربا من اسامة بن لادن الذي ينحدر والده من اليمن.

-  أعلنت الجماعة اهدافها في بيان اصدرته في مايو ايار 2010 وتمثل في طرد من قالت انهم اليهود والصليبيون من المنطقة واعادة الخلافة الاسلامية وتطبيق الشريعة وتحرير اراضي المسلمين. بحسب رويترز.

العمليات الكبرى

- قبل نحو عام من هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 فجرت القاعدة المدمرة الامريكية كول في اكتوبر تشرين الاول 2000 عندما كانت راسية في ميناء عدن بجنوب اليمن فقتلت 17 بحارا امريكيا.

-  في 2008 فجر انتحاريان نفسيهما خارج السفارة الامريكية الشديدة التحصين في صنعاء فقتلا 14 شخصا. واعلن الجهاد الاسلامي في اليمن وهي جماعة قال محللون ان لها علاقة بالقاعدة مسؤوليتها عن الهجوم.

-  في اغسطس آب 2009 فشل انتحاري تابع للقاعدة في جزيرة العرب في محاولته لقتل الامير محمد بن نايف الذي يقود حملة مكافحة الارهاب في السعودية وهو احد افراد العائلة المالكة. واخفى المفجر عبوة تحتوي على مادة شديدة الانفجار داخل جسمه.

- وفي نفس العام نفذت القاعدة هجوما انتحاريا قتل فيه اربعة سياح من كوريا الجنوبية في اليمن.

- اعلنت القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليتها عن محاولة تفجير طائرة متجهة للولايات المتحدة يوم 25 ديسمبر كانون الاول 2009. وكان المفجر النيجيري عمر عبد المطلب قد زار اليمن وكان على اتصال بمتشددين هناك.

- شنت القاعدة في جزيرة العرب عدة هجمات في اليمن في 2010 بينها تفجير انتحاري استهدف السفارة البريطانية، واطلق صاروخ على مركبة تابعة للسفارة البريطانية.

- اعلنت القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليتها عن مؤامرة فاشلة لارسال طردي شحن يحويان قنبلتين الى الولايات المتحدة في اكتوبر 2010. وعثر على القنبلتين في طائرتين احداهما في بريطانيا والاخرى في دبي.

- قال مسؤولون ان "قنبلة الملابس الداخلية" التي اكتشفت هذا العام تماثل فيما يبدو نفس النوع الذي يصنعه المتشدد السعودي الهارب ابراهيم حسن العسيري الذي تعتقد مصادر امريكية انه صانع للقنابل يعمل مع القاعدة في جزيرة العرب.

- ولد العسيري في ابريل نيسان 1982 في السعودية لاسرة عسكرية.

- كان العسيري قبل ان ينضم الى القاعدة في جزيرة العرب جزءا من خلية تنتمي للقاعدة في السعودية وشارك في التخطيط لتفجيرات منشآت نفطية في المملكة.

- في 2006 اعتقلت الشرطة السعودية العسيري وسجنته تسعة اشهر لمحاولته دخول العراق للانضمام لجماعة متشددة هناك. ولدى الافراج عنه حاول العسيري انشاء خلية جديدة للمتشددين داخل السعودية.

- غير ان الشرطة داهمت المكان الذي كانت تعقد فيه الاجتماعات وقتل ستة من زملائه في حين فر هو وشقيقه الى اليمن. وبعد ذلك بقليل انضم العسيري الى القاعدة في جزيرة العرب.

- في 2009 اضيف الى قائمة الارهابيين المطلوبين لدى السعودية ووزعت الشرطة الدولية (الانتربول) مذكرة بهذا الشأن في انحاء العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/آيار/2012 - 25/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م