احذروا ارهاب آل سعود

نزار حيدر

لجوء اسرة آل سعود الفاسدة الحاكمة في الجزيرة العربية الى تغذية العنف والارهاب في عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، لاجبارهم على القبول بخطتها الرامية الى اقامة ما تسميه بالاتحاد او الاندماج بين اعضاء المجلس بقيادتها.

 ولا اظن ان مثل هذا المشروع سيرى النور يوما لان العلاقة بين آل سعود وبقية المشيخات الحاكمة في منطقة الخليج يشوبها الكثير من الشك والريبة، فالمملكة العربية السعودية التي تصطنع الاعداء الوهميين لإرهاب بقية اعضاء المجلس من مغبة عدم الاتحاد او الاندماج تحت رايتها والتزاما باجنداتها، يثير الكثير من الشكوك لدى بقية الاعضاء، وبرايي، فان آل سعود سوف لن يغفروا لبقية المشيخات فشلهم الذريع في القمة الخليجية الاخيرة، ولذلك سيلجأون الى سياسة تغذية الارهاب في عدد من هذه المشيخات لإجبارهم على القبول بمشروع الاتحاد او الاندماج الذي تلح عليه المملكة للهروب من استحقاقات الوضع المتأزم في الداخل (السعودي).

 لقد اشارت القمة الخليجية الاخيرة الى عمق الخلافات التي تسيطر على اعضاء المنظومة عل الرغم من المساحيق التجميلية التي يستخدمها اعلامهم المزيف، كما اشارت الى حالة الشك والريبة المتاصلة في العلاقات التي تربط اعضاء المنظومة بعضها مع البعض الاخر، خاصة ازاء سياسات المملكة العربية السعودية التي ثبت بالتجربة انها تسعى دائما الى جر بقية الاعضاء لتبني سياسات فاشلة قائمة على مبدا صناعة الاعداء الوهميين للتهرب من الاستحقاقات الحقيقية التي تنتظرها المنطقة والداخل السعودي على وجه التحديد.

 فضلا عن ان نظريات مثل (الاتحاد) و (الاندماج) و(التكامل الاقتصادي) وما اشبه يمكن ان تتحقق بين انظمة ديمقراطية تحترم نفسها وتثمن ارادة شعوبها، اما ان تتحقق بين انظمة قائمة الى اساس القبيلة التي تحكمها الفردية وعبادة الشخصية والقيم العشائرية التي اساسها الثأر والعصبية القبلية، انظمة شمولية استبدادية لا تحترم حقوق الانسان ولا تعير ادنى اهتمام لارادة شعوبها، فذلك من المستحيلات، ولذلك راينا كيف ان المنظومة الخليجية فشلت لحد الان في التقدم ولو خطوة واحدة بهذا الاتجاه على الرغم من كل المشاريع المطروحة والجهود المبذولة، والصخب الاعلامي الذي يرافق، عادة، كل قمة تعقدها المنظومة.

 لقد خبر الراي العام في دول الخليج، وعموم الراي العام العربي والاسلامي، طريقة تعامل اسرة آل سعود الفاسدة مع الفشل، ففي كل مرة تمنى المملكة بفشل سياسي وفي اي ملف كان، تلجا الى تغذية العنف والارهاب لانتزاع النجاح عنوة، ولسوء حظ الاسرة فهي نادرا ما تنجح في فرض اجنداتها بمثل هذه السياسات، حصل هذا في لبنان وفي العراق وفي ملفات ساخنة اخرى، استخدمت بها السعودية سياسة تغذية الارهاب لفرض اجنداتها الا انها ولحسن الحظ لم تنجح بذلك.

 وهي اليوم تستخدم نفس السياسة في سوريا بعد ان فشلت فشلا ذريعا في فرض اجنداتها السياسية المشبوهة التي تصب لصالح (اسرائيل) في المنطقة، من خلال ما كادت ان تمرره من مشروع تدميري سواء في اروقة مجلس الجامعة العربية في القاهرة او في مجلس الامن الدولي، عندما رفعت علنا شعار وجوب تسليح (المعارضة) في سوريا للاسراع في اسقاط النظام السياسي الحاكم هناك، ولما فشلت في فرض مشروعها التدميري عمدت الى تسليح (الارهابيين) سرا وبكل الطرق الممكنة، لنرى سوريا اليوم تقف على اعتاب ما مر به العراق من عمليات تدميرية ارهابية تستهدف المواطنين الابرياء بعمليات تفجيرية مرعبة، كما حصل الاسبوع الماضي.

 اما في البحرين، فلقد نجحت هذه السياسة، وللاسف الشديد، بعد ان تمكن آل سعود من تخويف الراي العام الدولي من مخاطر سقوط اسرة آل خليفة الفاسدة على مصالح الغرب الاستراتيجية، خاصة الاميركية، في المنطقة، وكذلك في اثارة وتأجيج حمى الطائفية في البحرين والمنطقة، ولذلك لم ينبس المجتمع الدولي، ولا حتى العالم الاسلامي، ببنت شفة عندما دخلت قواتهم المدججة بالسلاح البحرين لتعيث فسادا في هذا البلد الضعيف المستضعف.

 ان على اعضاء مجلس التعاون الخليجي ان يحذروا من هذه السياسة المتطرفة التي عرفت بها الاسرة الفاسدة الحاكمة في الجزيرة العربية، وليحذروا من مغبة الانجرار خلف سياسات تغذي العنف والارهاب في المنطقة، فالمملكة العربية السعودية التي فشلت في اجبار اعضاء المجلس على تنبي مشروعها (الوحدوي) او (الاندماجي) سوف لن تغفر لهم خطيئتهم هذه، وانما ستعمد الى استخدام كل السياسات المشروعة وغير المشروعة لإجبارهم في نهاية المطاف على القبول بالمشروع، وهي به تسعى الى توحيد دول المنطقة تحت رايتها من خلال بسط نفوذها وتعميم سياساتها على بقية اعضاء المجلس.

 ان استراتيجية توظيف الارهاب لفرض الاجندات السياسية، هي استراتيجية سعودية بامتياز، تستخدمها الاسرة الفاسدة الحاكمة في كل ملف ساخن تفشل في تمرير سياساتها به باللين والعلاقات العامة، او بضخ المال وبالدعاية السوداء، اما اذا فشلت في تحقيق مشروعها السياسي بمثل هذه الطرق الدبلوماسية، فانهم يلجئون الى تغذية العنف وتوظيف الارهاب لفرض السياسات المطلوبة والرامية الى مد نفوذ الاسرة في المنطقة المعنية والملف المعني، ولذلك فان على اعضاء المجلس ان يحذروا هذه السياسة السعودية وينتبهوا اليها جيدا، فسيحرك آل سعود هذه السياسة بعد ان فشلت الدبلوماسية في تحقيق ما تصبو اليه من السيطرة على القرار الخليجي، وفرض مشروع (الاتحاد) المزعوم، خاصة بعد ان ظهرت (دولة) قطر كقوة منافسة مزعجة لها ليس في المنطقة فحسب وانما في العالم العربي كله وربما الاسلامي، بعد ان ظلت آل سعود تسيطر على القرار الخليجي لعقود طويلة من الزمن، الا ان تجربة العقود المنصرمة التي علمت بقية اعضاء المنظومة حقيقة ان آل سعود يجرونهم في كل مرة الى المجهول بسبب سياسات صناعة العدو الوهمي، دفعت بهم الى ان يعيدوا النظر بطريقة تسليم المفاتيح لهم، ما دفعهم الى ان يعاكسوا ويشاكسوا السياسات السعودية كل بطريقته.

 ان آل سعود يحاولون، من خلال سياسات صناعة الاعداء الوهميين، الهروب الى الامام والتهرب من استحقاقات الربيع العربي في الداخل، فالجزيرة العربية تشهد، ومنذ انطلاقة الربيع العربي، حركات شعبية مطلبية تتسع يوما بعد آخر من اجل اللحاق بركب الربيع العربي وتحقيق الحد الادنى من الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان والحد من احتكار الاسرة للسلطة من خلال الدعوة الى تبني مبدا التداول السلمي للسلطة.

 ولقد حاول آل سعود تدمير الربيع العربي الذي انطلق في البلاد العربية كحركة شعبية شبابية مطلبية تنادي بالحرية والكرامة وحقوق الانسان واسقاط النظم السياسية الديكتاتورية والشمولية، عندما تدخلوا في هذا الربيع المسالم ليحولوه الى ربيع دموي تارة من خلال استدعاء الناتو وقواته المدمرة كما حصل في ليبيا، واخرى من خلال الالتفاف على اهداف الحركة الشعبية التغييرية والسعي لإفراغها من محتواها الحقيقي، كما حصل في اليمن السعيد التي كاد البترودولار السعودي ان يلتاف عليها ويجهضها، وثالثة من خلال التحريض على العنف والارهاب عبر تسليح المجموعات المرتبطة باجنداتها كما يحصل اليوم في سوريا.

 قد يظن آل سعود ان بامكانهم التهرب من استحقاقات الربيع العربي بمثل هذه السياسات التدميرية، الا انني ابشرهم بان ذيولهم بدأت تحترق بنيران الربيع العربي الذي ارادوه ساخنا بالضد من ارادة الشعوب، وان رياحه بدأت تهب في عموم مناطق المملكة وان كان ببطء وروية، الا اننا سنشهد نهاية حكم نظام القبيلة الفاسد في عموم المنطقة، وان ما تدبره السعودية من مكائد لهذا الشعب او ذاك، ستعود عليهم ربيعا مزدهرا يحصد رؤوسهم ليرميها في مزبلة التاريخ، فلقد ولى عهد حكم القبائل فلم تعد الشعوب ترى للقبيلة فضلا لتحكمها وتصادر ارادتها وتتمتع بخيرات بلادها بلا منازع، الا اللمم.

 ان الفشل يترى ويتراكم ويلاحق سياسات آل سعود الواحدة تلو الاخرى، فهاهم يفشلون في تونس الخضراء وفي مصر الكنانة وفي سوريا ولبنان وفلسطين، بعد ان فشلوا في العراق من قبل، على الرغم من كل ما بذلوه من اموال طائلة تدعمها فتاوى تكفيرية متتابعة يغطيها اعلام طائفي تضليلي قل نظيره، وان ما يتحدث عنه بعض الاعلام الغربي من ان خططا لضرب مكة المكرمة والمدينة المنورة بالسلاح الذري تدرس في عدد من كليات الدفاع الوطني في الولايات المتحدة الاميركية، انما سببها سياسات آل سعود التي تحرض على العنف والارهاب والكراهية والحقد والغاء الاخر واجتثاثه، ولذلك فاذا اراد المسلمون ان يحموا مقدساتهم في الحجاز فان عليهم ان يساعدوا شعب الجزيرة العربية للتخلص من هذه الغدة السرطانية المسماة باسرة آل سعود والتي جرت الويلات على العرب والمسلمين، بعد ان شوهت صورة دينهم حتى بات العالم يصمه بالإرهاب ظلما وعدوانا، فخطرهم لا يتحدد بالجزيرة العربية او منطقة الخليج، فحسب، وانما كل العالم العربي والاسلامي، فهل من منتبه لهذه الحقيقة؟.

* مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/آيار/2012 - 25/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م