شبكة النبأ: انه صف كغيره من صفوف
مدرسة الحضانة مع رسوم ورود وطيور على جدرانه، لكنه يشكل الأمل الوحيد
للخروج من دوامة البؤس بالنسبة إلى عشرات الأطفال في قرية أراسي
الواقعة على تلال إقليم ترانسيلفانيا.
أطلقت منظمة "أوفيديو روم" غير الحكومية منذ سنتين مشروعا يرمي إلى
تشجيع إلحاق الأطفال الفقراء بالمدارس، اعتبارا من صفوف الحضانة التي
ليست إلزامية في رومانيا، وذلك بغية تفادي اتساع الفجوة التي تفصل
هؤلاء الأطفال عن أولاد الطبقات الأكثر يسرا في المدرسة الابتدائية،
علما أن هذا التباين غالبا ما يؤدي إلى التوقف عن الدراسة.
وتشكل الحضانة في رومانيا التي هي من أكثر البلدان فقرا في الاتحاد
الأوروبي مرحلة أساسية "لكسر الحلقة المفرغة التي تربط الفقر بالفشل في
الدارسة ثم الفقر"، على ما يشرح لوكالة فرانس برس سزيلارد دولو مدير
المدرسة في أراسي.
وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي، تضم رومانيا أكبر عدد من الأطفال
المهددين بالتهميش الاجتماعي، مع نسبة تبلغ 49 % في مقابل 27 % عموما
في الاتحاد الأوروبي، وفق دراسة أجراها مكتب إحصائيات الاتحاد الأوروبي
"يوروستات". ومن اكثر الفئات ر فقرا، غجر الروما الذين تقدر الجمعيات
غير الحكومية عددهم بمليوني نسمة، أي 10 % من إجمالي عدد السكان.
وبفضل هذا البرنامج، تحصل العائلات المعوزة، أكانت من غجر الروما أم
لا، على بطاقات اجتماعية قيمتها 12 يورو شهريا تسمح لها بابتياع الثياب
أو الغذاء، في مقابل ارتياد الأولاد المدارس.
وقد التحق اليوم 1400 طفل بالمدرسة بفضل برنامج "كل طفل في مدرسة
الحضانة" المطبق في 20 منطقة، منهم 174 طفلا في أراسي غالبيتهم من غجر
الروما.
وتعهدت منظمة "أوفيديو روم" التي تمول البرنامج بواسطة هبات، القيام
بهذه التجربة طوال 20 عاما لإحداث تغيير جذري. وقد أطلق هذا البرنامج
بمبادرة من الرومانية ماريا جيورجيو المتخصصة في مجال التعليم
والأميركية ليزلي هووك التي قدمت في العام 2001 لتقوم بأعمال طوعية،
على أمل توسيع نطاق هذا المشروع في أنحاء البلاد كلها. وتعقد المنظمة
غير الحكومية دورات تدريبية للمعلمين والأهل الذين يشاركون مرة في
الشهر في نشاط مشترك ينظم في المدرسة.
وتخبر المدرسة يوليانا بارغارو "عندما أتيت إلى هنا قالت لي زميلة
من مدينة أخرى +سيتبين لك أن غجر الروما لا تهمهم المدرسة+، لكن تبين
أن العكس صحيح والأهل يساعدوني قدر المستطاع". ويوضح سزيلارد دولو "ليس
من عادات غجر الروما ارتياد المدارس. فهذه مشكلة اجتماعية اقتصادية"
يضاف إليها نفور من عالم لم يحسن دوما التعامل مع هذه الأقلية.
في أراسي وكفر هيتيا المجاورة، يعيش غالبية الأولاد في أكواخ خشبية
ضيقة تفتقر إلى المياه والخدمات الصحية. ويعيش أبيل وكوستيل وهما طفلان
صغيران يرتادان الحضانة في غرفة واحدة مع شقيقيهما وأهلهما. وهما
يغسلان وجهيهما صباحا بجرن مياه فيما تقصد أمهما أوريكا كوسكودار النبع
عدة مرات في النهار لتملأ الجرن الصغير.
ويعول كل من أوريكا وزوجها على أعمال صغيرة يقومان بها في الصيف
وعلى المساعدة الاجتماعية، شأنهما في ذلك شأن 1600 شخص من أصل أربعة
آلاف سكان هذه المنطقة.
ويشرح دينيس بالزاس المساعد الاجتماعي في القرية "في عهد الشيوعية،
كان الكثيرون يعملون في التعاونية الزراعية، لكن ما من فرص عمل اليوم
هنا، مع أن غجر الروما يجهدون في العمل".
والكثير من الاهل في صفوف غجر الروما هم أميون أو تركوا المدرسة في
سن مبكرة. وتفيد وزارة التربية ان 3 % من غجر الروما يصلون الى المرحلة
الثانوية. لكن خلافا للأحكام المسبقة السائدة في رومانيا عموما، لا
يؤمن قرويون كثيرون بأن الفشل هو قضاؤهم وقدرهم.
فمع 190 طفلا في مدرسة الحضانة راهنا في مقابل 89 في العام 2010
ونسبة حضور يومي تصل إلى 94 %، نحاول "أن نظهر أن كل طفل قادر على
النجاح"، على ما يقول سزيلارد دولو الذي يعلم في المدرسة منذ 20 عاما.
وباتت النتائج الإيجابية ملموسة في المدرسة الابتدائية التي يلتحق بها
الأطفال في السادسة من العمر.
ويضيف سزيلارد دولو "بات في وسع الأطفال الذين يلتحقون بالحضانة أن
يمسكوا الأقلام ويكتبوا الأحرف ويتعرفوا على الكتب". وتشرح أوريكا
كوسكودار "أصبحا أكثر هدوءا منذ ارتيادهما مدرسة الحضانة وهما يلقيان
القصائد. آمل أن تكون حياتهما أفضل من حياتنا".
وتقول ماريا جيورجيو من "أوفيديو روم"، "لا يمكننا أن نبني منزلا من
دون إرساء أسسه. فالحضانة هي أساس الدراسة. وعندما تتسنى للأطفال الفرص
عينها منذ البداية، تزداد حظوظ النجاح في المدرسة".
ويقول سفير الولايات المتحدة في بوخارست مارك جيتنشتاين "في جنوب
الولايات المتحدة من حيث آتي، كنا نسمع أن "السود لا يريدون الذهاب إلى
المدرسة+، أما اليوم، فلدينا رئيس أميركي اسود تعلم في جامعة
+هارفرد+"، مشددا على ضرورة تعظيم الجهود في مجال التعليم. ويختم قائلا
"أظن أن رئيس رومانيا سيكون من غجر الروما في يوم من الأيام". |