ساركوزي... يودع الاليزيه بخيبة كبيرة

 

شبكة النبأ: انتهت احلام ساركوزي بعد ان نحج خصومة بإقصائه من اعتلاء كرسي الرئاسة الفرنسي لدورة ثانية وكانت حيوية نيكولا ساركوزي على المنصة واسلوبه في التحدث كرجل من الشعب ووعوده الحماسية بالانفصال عن ماض راكد في فرنسا هي التي دفعته الى الرئاسة عام 2007. لكن شعبيته تراجعت سريعا جدا مع انطفاء بريقه حيث اعتبره الكثيرون متهورا ومتساهلا للغاية مع الاغنياء بمجرد توليه السلطة مما أضاع عليه حلم البقاء في الاليزيه وجعل حملته لإعادة انتخابه تصاب بالإخفاق التام.

ووضع ساركوزي الابن الطموح لمهاجر مجري نصب عينيه منذ سن مبكرة ان يصبح رئيسا رغم عدم نشأته في طبقة راقية مثل اقرانه السياسيين. وسئل ذات مرة عما اذا كان فكر في الرئاسة عند النظر في المرآة اثناء الحلاقة فأجاب "ليس فقط عندما احلق." وكان ذوق ساركوزي في اختيار الساعات باهظة الثمن والقمصان المتوهجة الالوان واليخوت المبهرجة وموسيقى البوب وعدم احتسائه الخمور مختلفا عن الرؤساء السابقين الذين كانوا يفضلون افخر انواع الجبن والنبيذ ويهوون الادب والمنتجعات الريفية.

وتصادم اسلوبه المتبسط مع العامة من اليوم الذي قال فيه لرجل وسط حشد "اغرب عني ايها الغبي" إلى الوقت الذي تباهى فيه بحياته الخاصة في مؤتمر صحفي قائلا بابتسامة عريضة ان علاقته بعارضة الازياء كارلا بروني "جادة". وبعد ان اظهرت استطلاعات الرأي انه اقل رئيس شعبية يسعى للفوز بفترة ثانية حيث تخلى عنه ثلثا الناخبين بدا ساركوزي نادما على غير العادة واعترف بأن وظيفته لم تكن سهلة وانه ارتكب اخطاء.

وقال لعدد من الصحف الاقليمية بعد هزيمته امام هولاند في الجولة الاولى التي اجريت في 22 ابريل نيسان "لا شيء يمكن ان يعدك لان تكون رئيسا. الامر صعب للغاية." وأضاف "ربما في بداية فترة ولايتي كنت اتصرف بشكل كبير مثل وزير مفرط النشاط واكثر حضورا. الرئيس يجب ان يظهر بشكل اكثر رسمية وكرمز بعيد على ان يكون ايضا قريبا من الناس. انه توازن صعب."

وعلى الساحة العالمية نال ساركوزي الاستحسان بمهاراته في التصدي للمشكلات الملحة ورد فعله السريع لازمة الديون في منطقة اليورو وعلى الانتفاضة الشعبية في ليبيا. ولكن الكثيرين في الداخل اعتبروه متغطرسا ويميل للاستعراض وفظا. وحاول ساركوزي العمل بمزيد من التحفظ اواخر فترة رئاسته لكن تحت وطأة معركته مع هولاند كان ينزلق احيانا الى تبادل الكلمات اللاذعة مع خصومة السياسيين والصحفيين.

وكان اسلوبه الهجومي الذي جذب العمال الساخطين اليه قبل خمسة اعوام قد بات عاملا مضادا له هذه المرة. وبعد اخفاق تعهده بخفض البطالة في عام 2007 لم يعد هناك الكثير من الاشخاص الذين يصدقون وعوده بقدرته على انعاش الاقتصاد المتدهور. وقال مدير تنفيذي في مجال النقل يدعى فرانك فاليه (40 عاما) بعد ان صوت لصالح ساركوزي في قرية ايكوموي بمنطقة وادي لوار "الناخبون يعاقبون ساركوزي اكثر من موافقتهم على هولاند. الامر يتعلق بشخصيته اكثر منه بأفكاره." بحسب رويترز.

وشعر الكثير من الاشخاص بخيبة الامل عندما بدا منفعلا وعدوانيا في مناظرة اجريت في الثاني من مايو ايار امام هولاند حيث اتهمه مرارا بالكذب والتضليل. وقال الان مينك احد اصدقاء ومستشاري ساركوزي القدامى "ساركوزي رجل حقيقي. يقول ما يفكر فيه. انه ذو طبيعة جيدة لكنه سريع الانفعال ايضا ."

تحدث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي اقر بهزيمته في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الفرنسية امام الاشتراكي فرنسوا هولاند عن مسار "مختلف" له في المستقبل ملمحا الى انسحابه من الحياة السياسية. وقال ساركوزي امام انصاره في باريس ان "حقبة اخرى تبدا، في هذه الحقبة الجديدة سأبقى واحدا منكم شخصا تستطيعون الاعتماد عليه للدفاع عن افكارنا وقناعاتنا لكن موقعي لا يمكن ان يبقى كما هو والتزامي سيكون مختلفا". واضاف "بعد 35 عاما في العمل السياسي وعشر سنوات في اعلى مستويات المسؤولية السياسية وخمس سنوات على راس الدولة فان التزامي سيكون من الان فصاعدا مختلفا".

سيعود الى المحاماة

في السياق ذاته صرح احد المقربين من الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته ان نيكولا ساركوزي سيعود بسرعة بعد تسليمه الحكم للرئيس المنتخب الاشتراكي فرنسوا هولاند الى مهنة المحاماة التي كان يمارسها في الاصل. وقال فرانك لوفريه ان ساركوزي الذي لم يعلن بعد الموقع الذي يريد ان يشغله في الحياة السياسية بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية، يرغب في "الابتعاد قليلا" ولا يعتزم في مجمل الاحوال قيادة حملة اليمين للانتخابات التشريعية المرتقبة في 10 و17 حزيران/يونيو المقبل.

وكان ساركوزي صرح مرات عدة للصحافيين انه سينسحب من السياسة في حال هزيمته لكن تصريحاته بشأن مستقبله لا تزال محاطة بالغموض. واكد نيكولا ساركوزي لمقربيه انه لن يكون "مطلقا بعد الان مرشحا للمهام نفسها". وقال بعد ذلك في خطابه العام "استعد لان اعود فرنسيا بين الفرنسيين ان مكاني لا يمكن ان يكون هو نفسه"، حاذفا كلمة "مطلقا" من مسودة خطابه بحسب الصحيفة الساخرة "لو كانار انشينيه"، وهي معلومة اكدها احد المقربين منه.

واوضح فرانك لوفريه مستشاره لشؤون الاعلام ان ساركوزي الذي ما زال يملك حصصا في مكتب اعمال شريكه ارنو كلود، سيعيد تسجيل نفسه بسرعة في نقابة المحامين في باريس. وكان نيكولا ساركوزي مارس مهنة المحاماة بعد دراسات في الحقوق قبل اكثر من ثلاثين عاما، لكنه توقف عن ممارسة هذه المهنة عندما اصبح وزيرا اذ ان مهام الوزير مثل مهام رئاسة الجمهورية تتعارض مع هذه المهنة. واضاف لوفريه انه سيذهب قبل ذلك "للراحة وسط عائلته" على الارجح في كاب نيغر على الكوت دازور في الدار العائلية لزوجته كارلا بروني ساركوزي. وعلى غرار جميع الرؤساء السابقين الاخرين بإمكانه ان يكون عضوا في المجلس الدستوري الا اذا الغى الرئيس هولاند هذا التقليد المثير للجدل كما ذكر في اثناء حملته الانتخابية. بحسب فرنس برس. زوجة الرئيس السابق

من جانب اخر لم تعد كارلا بروني ساركوزي مقيدة بواجبات السيدة الاولى لكن زوجة الرئيس الفرنسي السابق التي يصدر البومها الجديد الخريف المقبل، قد تواجه صعوبة في استعادة الموقع المميز الذي حققته في عالم الاغنية بفضل اغنيتها الناجحة جدا "كيلكان ما دي" قبل عشر سنوات. منذ زواجها من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في شباط/فبراير 2008، اصبح حضور عارضة الازياء السابقة نادرا على رغم اصدارها البوما ومشاركتها في فيلم وودي آلن "ميدنايت ان باريس".

وتؤكد فيرونيك رامباتزو المكلفة اتصالات الفنانة "كارلا لم تضع مسيرتها الفنية بين هلالين خلال ولاية نيكولا ساركوزي. فقد استمرت بتأليف الاغاني على وتيرتها. لقد توقفت لاسباب عملانية، عن احياء الحفلات العامة التي بات بامكانها الان ان تستأنفها". لكن بعد اشهر قليلة من هزيمة نيكولا ساركوزي الانتخابية ، هل يمكن لكارلا ان تعود الى مقدم الساحة بفضل البوم جديد، خصوصا وان الكثير من فناني اليسار استنكروا جنوح حملة زوجها الى اليمين؟

ويرى الناقد الموسيقي برتران ديكال ان هذه العودة "غير مضمونة" وستكون بالتأكيد "شاقة". ويضيف "كارلا بروني - ساركوزي ستواجه صعوبات لكي تحيا كفنانة. فسيكون هناك ميل الى الخلط بين صوتين وشخصيتين والسياسة والمغنية" في حين شاركت عارضة الازياء السابقة في حملة زوجها الانتخابية وحضرت عدة تجمعات انتخابية.

وما يزيد المهمة تعقيدا انها في الان ذاته مغنية ومؤلفة موسيقية وواضعة كلمات اغانيها. ويوضح "هي ليست مغنية تكتفي فقط بتسجيل اغان الفها غيرها. ما تغنيه هو حياتها". ويرى بعض الفنانين اليساريين ان كارلا بروني-ساركوزي "خانت" وسطها. ويرى الخبير السياسي ارنو ميرسييه ان "الطريقة التي ستتمكن فيها من احياء مسيرتها الفنية رهن بطريقة تصرف الرئيس السابق" الذي اعلن مساء الاحد انه سينسحب من الحياة السياسية من دون ان يتخلى عنها نهائيا.

وهو يرى "اذا خرج لفترة من الحقل السياسي وفي حال لم تظهر كل نشاطات السيدة الاولى السابقة على انها عمليات دعائية تهدف الى تحسين وضع زوجها، فان عودتها الى الاوساط الفنية ستكون اسهل". ويعتبر لوي بيرتنياك عازف الغيتار السابق في فرقة الروك الفرنسية "تيليفون" وصديق العارضة السابقة ان كل هذه المصاعب لن تثبط من عزيمة كارلا بروني.

ويوضح "ربما الجمهور سيأخذ عليها انها كانت السيدة الفرنسية الاولى لكنني ارى ان ذلك سخيف!" ويتابع قائلا "بصراحة اقول ان لديها موهبة فعلية في التأليف وقد اثبتت ذلك في البومها الاول (الذي شارك فيه). ولو كنت مكانها لاستمريت في هذا المجال". وبيعت 1,2 مليون نسخة في فرنسا و800 الفا في الخارج من البومها "كيلكان ما دي" الذي حاز جوائز في فرنسا العام 2004. وقد حقق هذا الالبوم نجاحا كبيرا على صعيد الجمهور والنقاد على حد سواء. بحسب فرانس برس

ويضيف لوي بيرتناك "البومها الاخير كان اقل اتقانا واقل سحرا. يجب ان تأخذ الوقت الكافي كما فعلت مع البومها الاول الذي عملت عليه 20 عاما. فلديها اشياء تقولها لنا". وهل تعود كارلا بروني الى السينما؟ فقد سرت شائعات على الانترنت تشير الى مشاركتها في فيلم تخرجه اختها فاليري بروني-تديشي عن قصة عائلتهما. الا ان اوساطها تنفي ذلك كليا. وتشدد فيرونيك رامباتزو "هذه تلفيقات. هذا امر لم يطرح بتاتا لا من جانبها ولا من جانب اختها". والى جانب الغناء ستواصل زوجة نيكولا ساركوي نشاطاتها الانسانية في مجال مكافحة الايدز والامية وهي تنوي انتاج برامج تلفزيونية قصيرة موجهة الى الاطفال على ما قالت رامباتزو.

الرجل العادي

على صعيد متصل توقف فرانسوا هولاند الذي سيصبح رئيسا لفرنسا في صورة "رجل عادي عن الذهاب الى عمله على دراجته النارية الصغيرة لكنه قال لناخبيه انه سيركب القطار ويقوم بالتسوق لأسرته اذا فاز في الانتخابات على الاقل "اذا كان المبرد خاويا". وقضى المرشح الاشتراكي الذي يبلغ من العمر 57 عاما اكثر من عام في حملته الانتخابية يبني صورته كرجل دولة ويحسن من برنامجه الخاص بالضرائب والانفاق ويعد بالتخلص من الاسلوب الذي ضمن للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لقب "الرئيس المزركش".

وفي سباق ظهر فيه ساركوزي اكثر ارهاقا امام اتقاد هولاند وحماسته كانت اقصى تنازلات هولاند للموضة هي تغييره لنظارته السميكة بنظارة من ماركة شهيرة وخضوعه لحمية صارمة حرمته من كعكة الشوكولاتة لكنها خلصته من بدانته الظاهرة. كما تريد صديقته فاليري تريرفيلر الالتزام بحياة بسيطة. فهي تستمتع بأوقاتهما النادرة معه عندما يجلسان لتناول العشاء امام التلفزيون على الرغم من ان هولاند - كما تقول - يستخدم الزبد بكميات كبيرة في طهوه. وتقول تريرفيليه انها ستحب القيام بدور السيدة الاولى لكنها تود البقاء كأم عاملة تعتني بأبنائها المراهقين الثلاثة الذين انجبتهم من زيجتين قبل ارتباطها بهولاند. وكان هولاند قد قضى ربع قرن مع سيجولين رويال المرشحة الاشتراكية للرئاسة التي خسرت امام ساركوزي عام 2007 وانجب منها اربعة ابناء. واعلنت رويال انفصالها عن هولاند بعد اسابيع قليلة من خسارتها في الانتخابات.

ولم يتزوج هولاند الذي ولد في مدينة روين الشمالية الغربية حيث تلقى تعليمه في مدرسة كاثوليكية خاصة - رويال وهو ليس متزوجا من تريرفيلر وهو ما يمكن ان يسبب له ازعاجا بسيطا عندما يأتي الامر لزيارات الدولة. وعلى الجانب الاقتصادي يقول هولاند انه ليس هناك سبب لتعريض فرنسا لمستوى التقشف المفروض على اليونان وانه سيحاول اقناع بقية اوروبا بدءا بالمستشارة الالمانية انجيلا ميركل بالالتزام جنبا الى جنب باستراتيجيات تساعد على النمو.

ولم يتول هولاند اي منصب وزاري طيلة 30 عاما قضاها في عالم السياسة وهو لا يعرف كثيرا من قادة العالم بشكل شخصي وكان حتى وقت قريب معروفا في الخارج بأنه صديق رويال. لكن هولاند اصبح ظاهرة عالمية مثيرة للفضول عندما جرؤ على تحدي ما وصفها بوصفة "التقشف اللانهائي" التي تقودها برلين.

وتعتمد خطته على زيادة الضرائب خاصة على الاغنياء والشركات لتمويل الانفاق على التعليم وفرص العمل التي تخلقها الدولة والسماح لمن بدأوا العمل في سن 18 بالتقاعد في سن 60 عاما مع عمله في الوقت نفسه نحو تحقيق التوازن في الميزانية بحلول عام 2017. وهولاند ليس يساريا متطرفا على الرغم من تعهده بفرض ضرائب تصل الى 75 في المئة على دخول من يحققون سنويا اكثر من مليون يورو (1.13 مليون دولار). وسيؤثر هذا القرار على نحو ثلاثة الاف شخص فقط لكنه رمزي أكثر منه مؤثر فيما يتعلق بعائدات الدولة. بحسب رويترز.

وبغض النظر عن ان ساركوزي قد اصبح هدفا سهلا بعد سنوات من الازمة الاقتصادية ربما تكون اقوى نقاط الجذب لهولاند هي انه ينحني امام العاصفة لكنه لم ينكسر قط. واثار هولاند دهشة كثيرين خلال مناظرة تلفزيونية استمرت نحو ثلاث ساعات امام ساركوزي الاسبوع الماضي حيث بدا رابط الجأش ومتوازنا امام ساركوزي المحاور المدهش الذي يملك سمعة انه قادر على الاطاحة بخصومه في المناظرات. واحتفظ هولاند بصورته كسياسي جرئ ومتوازن في الوقت الذي كان فيه بريق ساركوزي يخفت.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/آيار/2012 - 22/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م