الاسلام دين السلم والسلام

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: صور العنف التي يلصقها البعض بالاسلام، لا تستطيع أن تثبت صحتها وأصالتها، لسبب بسيط جدا، أن جوهر الاسلام ينبذ العنف كليا، ويجنح الى السلم والتوافق والوئام، كما نطلّع على ذلك في جميع التعاليم القرآنية وما جاء في السنة النبوية من أحاديث شريفة، ناهيك عن سيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام، وقد أثبتت كل التجارب العملية او الفكرية نبذ الاسلام لمظاهر العنف قاطبة.

الاسلام يحارب الخوف

وكما هو معروف، أن الاسلام دين سكينة واطمئنان، وذلك بسبب انحيازه الكلي للسلم، كما نقرأ ذلك مثلا في الآية الكريمة التي تقول (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، بمعنى أن مجرد ذكر الله، يمنح الانسان أمانا واستقرارا تاما، لهذا طرح الاسلام مشروعه الفكري الانساني القائم على حفظ الحقوق اولا، واعتماد الفطرة في الاختيار وما شابه ثانيا، بالاضافة الى محاربة الاسلام لمظاهر العنف كافة، كما نقرأ ذلك في قول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) الوارد بكتاب (من عبق المرجعية) إذ يقول سماحته: (يحرم الاسلام العنف والارهاب، والغدر والاغتيال، ويحارب كل ما يؤدي الى الذعر والخوف، والرعب والاضطراب في الناس الآمنين)، ولا ينحصر سعي الاسلام لنشر السلم والامان والاستقرار بين المسلمين فحسب، إنما بين سائر الامم، كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي قائلا، إن: (الاسلام دين السلم والسلام، ويعمل على نشر الامن والامان والسلم والسلام في العالم).

ويضيف سماحته قائلا أيضا: (يرى الاسلام وجوب استتباب الأمن، في الداخل وفي الخارج، ففي الداخل ينفي الجريمة، وفي الخارج لا يتعدى على أحد، ويقف أمام المعتدين).

يحرم على المسلم بدء القتال

لذا فإن مبدأ نبذ العنف من الركائز الاساسية التي اعتمدها الاسلام في منهجه، من الناحيتين الفكرية والتطبيقية، وهكذا يندر بل يحرّم كليا على المسلمين أن يبدؤوا القتال، إلا دفاعا عن النفس، كما نلاحظ ذلك في قول سماحة المرجع الشيرازي:  (لا يعتدي الاسلام على أحد إطلاقا، ومن مال الى من الدول الى السلم، مال الاسلام إليه).

لهذا يسعى الاسلام الى مكافحة العنف، وتربية المجتمع على مبادئ السلم، وتعميم ثقافة اللاعنف بين عموم افراد وشرائح المجتمع، ويبيّن الاسلام بوضوح الاضرار الفادحة للعنف، حيث يؤدي العنف الى مساوئ كبيرة نفسية واجتماعية ودينية وغيرها، كما أن الاسلام يحذر من أن العنف والقهر والحروب، تساعد على خلق الاجواء التسلطية الاستبدادية، التي تنمّي بدورها النعرات المتطرفة، والجماعات التي تنحو الى التدمير بدلا من البناء، يقول سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص في الكتاب نفسه: (يمكن مكافحة العنف في المجتمع، من خلال تعميم ثقافة اللاعنف، وتوضيح ان العنف نار تحرق الكل، ولا تستثني احدا، وبيان مضار العنف النفسية، والاجتماعية، والدينية، وتوفير الحرية للمجتمع، لانه في اجواء الكبت والارهاب والاستبداد والديكتاتورية، تنمو الاتجاهات المتطرفة والحركات التدميرية).

ومن الامور المهمة التي يؤشرها الدين الاسلامي بوضوح، خطر الجهل على المجتمع عموما، ناهيك عن خطر التعصّب والقبلية، وإساءة فهم الجوهر الحقيقي للدين، من خلال التفاسير الخاطئة والتأويلات القاصرة لبعض الآيات القرآنية الكريمة، واستخدمها كغطاء لتشويه الدين، وزجه في ميادين العنف والتدمير والقتل، مما يعطي صورة مشوهة عن الاسلام، إذ نقرأ قول سماحة المرجع الشيرازي بهذا الصدد: (تكمن جذور العنف في الجهل والعصبية، والفهم الخاطئ للدين، والاستبداد، والحرمان الاجتماعي، والظلم من قبل الحكومات).

الإساءة للمقدس الاسلامي

وهناك مشكلة كبيرة تتكون بسبب العنف وتسيء الى الاسلام وجوهره الانساني العميق، لاسيما حين يستخدم العنف بصورة خاطئة بغطاء ديني مكشوف، حيث يؤدي ذلك الى الحاق افدح الاضرار بالمقدس الاسلامي، وتشويه الدين، كما نقرأ في قول سماحة المرجع الشيرازي: إن (العنف ضار بالاهداف المقدسة الكبرى، على المدى البعيد، وإن فرض انه حقق بعض المكاسب الآنية السريعة).

وقد دأب بعض الجماعات المتطرفة التي تدّعي الانتماء الى الاسلام، وتذهب أكثر في ادعاءاتها، حين تقول بأنها تمثل بأفعالها واقوالها جوهر الدين الاسلامي، في حين أنها تسيء للاسلام بقوة، وتمنح الآخرين حججا لوصف الاسلام بالعنف والقتل والتدمير، ناهيك عن الاساليب العجيبة التي يتبعها هؤلاء المتطرفون في القتل والتفجير والتفخيخ وازهاق الارواح البريئة، وكل هذا يأتي حسب قولهم من جوهر الاسلام، لكن الدين الاسلامي الحقيقي، ينبذ كل ما يمت للعنف بصلة، ولا يجيز العدوان على الآخر مهما كانت الاسباب، باستثناء مسألة الدفاع عن النفس، كما كان يفعل الامام علي عليه السلام، عندما يدخل الحرب مجبرا بسبب اضطراره للدفاع عن ارواح وممتلكات وحرمات المسلمين آنذاك، لهذا تعد جميع العمليات القهرية ذات الطابع العنيف للجماعات المتطرفة خارج الاسلام، ولا تمت له بأدنى صلة، يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال بالكتاب المذكور نفسه: (من اضرار العنف، انه يشوه صورة الاسلام في الاذهان، ويعطي ذريعة للاعداء، كي يسموا الاسلام بالعنف، والهمجية، والوحشية).

أسباب العنف ومظاهره

ويعزو سماحة المرجع الشيرازي، إذكاء حالات العنف في المجتمع الاسلامي، الى اسباب عديدة، منها على سبيل المثال اختلاف التكوين الفكري والنفسي والبيئي للانسان نفسه، حيث معادن الناس ليست متشابهة، كما أن التربية بأنواعها المتعددة لها الاثر الكبير في ها الجانب، فالتربية العائلية هي المعلم الاول للانسان عندما يبدأ حياته وليدا، ثم طفلا، ثم صبيا يافعا، ثم شابا، كذلك هناك تأثير المحيط الاجتماعي الذي ينشط فيه الانسان، ومزايا هذا المحيط سلبا وايجابا، وثمة تأثير كبير جدا على سلوك الانسان، يتمثل أيضا بطبيعة النظام السياسي الحاكم، حيث تجتمع هذه الاسباب معا، لتدفع بالانسان الى استخدام العنف كوسيلة لتحقيق افكاره واهدافه، وهو اسلوب يرفضه الاسلام بشكل قاطع، كما نقرأ ذلك في قول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الجانب: (لاشك في اختلاف ذاتيات الافراد، فإن الناس معادن كالفضة والذهب، إلا أن التربية العائلية، والمحيط الاجتماعي، والنظام الحاكم، لها اكبر الاثر في اذكاء حالة العنف في النفوس، واشعال جذوة العنف في المجتمع).

لذا ينبغي أن تقوم العائلة، والمحيط الاجتماعي، والنظام السياسي، بالدور المطلوب منهم، في هذا السياق، من اجل المحافظة على الجوهر الاسلامي الرافض للعنف بكل أشكاله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10/آيار/2012 - 18/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م