هل يظهر العنف المسلح لحكم مصر؟

د. إيهاب العزازى

إنتشر قلق وخوف واضح لدى قطاع كبير من المصريين من تصريحات قيادات الإسلام السياسي الأخيرة المتعلقة بالجهاد والكفاح المسلح وخصوصآ تصريحات خيرت الشاطر وحازم أبو إسماعيل بعد خروجهم من سباق الرئاسة والتي كانت تتعلق بالجهاد والنزول للميادين وظهور شعارات مقلقة مثل بالسيف والدم وغيرها ولكن المؤسف هو زيادة هذا القلق وخوف من إنتشار العنف في الشارع المصري في حال عدم تمكنهم من تحقيق مصالحهم وقيام الدولة الدينية في مصر.

ولكن السؤال الأهم هو هل من المحتمل تحقيق سيناريو لجوء أصحاب تيار الإسلام السياسي إلى العنف لتحقيق أهدافهم وأعتقد أن الإجابة على هذا السؤال يجب أن تتعرض لنوعية وإتجاهات التيارات الإسلامية الحالية في الشارع المصري فهم ليسوا جماعة واحدة أو حزب واحد بل هم عدة جماعات وأحزاب بداية من جماعة الإخوان المسلمين مرورآ بالتيار السلفي نهاية إلى الجماعة الإسلامية والجميع يعرف أن لكل منهم فكرة وأديباته ورموزه وهم جميعآ يتفقون في هدف قيام الدولة الدينية ولكن وسائلهم مختلفة ووضح ذلك جدآ منذ بداية الثورة حتى الآن في عدة قضايا أبرزها عدم إتفاقهم على مرشح رئاسي واحد والحرب الكلامية والتصريحات المتضاربة التي تضر بمشروع الدولة الدينية.

إن سيناريو لجوء بعض التيارات للعنف لتحقيق مصالحها السياسي لن يأتي سريعآ ولكنة مرحلة أخيرة في سباقهم نحو حكم مصر ولكنهم يعلمون جدآ أنه سيناريو مكلف جدآ ماديآ ومعنويآ وسيدخلهم في عداء عربي وعالمي وسيؤكد تطرفهم وأنهم سيهددون السلم العالمي خصوصآ في وجود إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط وسيفرض على مصر عزلة دولية وبالتالي تتنتهي أحلامهم وطموحاتهم ولكننا في نفس الوقت لا نقلل من حدوثة ولكنها ستكون مرحلة النهاية لهم جميعآ فالشعب لن يصمت ضدهم والمجلس العسكري وكافة القوى السياسية المصرية.

أعتقد أن سيناريو العنف والخوف الإسلاميين المنتشر حاليآ في الشارع المصري بعيد جدآ عن الواقع لعدة أسباب من أهمها هو تعلم الإخوان تحديدآ والجماعة الإسلامية على وجه العموم من أخطاء الماضي وأن العنف لن يقدم لهم سوى لعنات وكراهية الشارع المصري وأن الحل الأمثل التمسك بالشرعية والثورة قدمت لهم شرعية كبرى وهي شرعية الميدان التي عن طريقها يستطيعون تحقيق الكثير من المكاسب بعيدآ عن العنف الذي سيلقى بحلمهم في حكم مصر وإعلان الخلافة الإسلامية إلى الهاوية.

إن أغلب التيارات الإسلامية تعلم أن العنف سيناريو لا يناسب الفترة الزمنية الحالية لأن المشهد السياسي المصري إختلف جدآ عن فترة الخمسينيات والستينيات وأن سيناريو 1954 لايمكن تكراره بسهولة وأن الفترة الحالية هي فترة الإستقواء بالشارع المصري وتصديرة للمجلس العسكري لآن الشعب هو القوى الحقيقية التي تنزل الميادين وتحقق ماتريد وحدث ذلك عدة مرات إستطاعت فيها التيارات الإسلامية إستخدام الشعب في تحقيق ماتريد أهمها إستفتاء الإعلان الدستوري والمطالبة بسقوط حكومات شفيق وشرف والأهم هو تعديل قانون إنتخابات مجلس الشعب والشورى وغيرها والتي تحقق لهم مايريدون وأكثر عبر الإرادة الشعبية التي نجحت التيارات الإسلامية في إستثمارها للحصول على ما تريد.

إن خوف بعض المصريين من التصريحات النارية والمهددة بالجهاد والعنف هو أمر طبيعي ومقلق ولكنة على أرض الواقع لا قيمة له وهو يعكس بشكل واضح الصراع الدائر بين قيادات هذه الجماعات وتيار الشباب وهو خلاف بين القيادات التنظيمية القديمة التي تربت على العمل السري وعدم الظهور للشارع بوضوح وصراحة ويأتي في مقدمتهم كافة القيادات الحالية بداية قيادة جماعة الإخوان المسلمين المتمثلة في رجال التنظيم السري الخاص بقيادة الدكتور محمد بديع ومحمود عزت والجميع يعلم أنهم تم إتهامهم في قضية سيد قطب الشهيرة وحتى قيادات الجماعة الإسلامية المتمثلة في طارق وعبود الزمر وقضية إغتيال السادات الشهيرة وعلى الطرف الأخر تيار الشباب الذي يريد العمل في الشارع مع كافة القوى السياسية بعيدآ سياسة السمع والطاعة التي لاتتفق مع اللحظة الراهنة التي يعيشها المسرح السياسي المصري.

نتمنى من جميع التيارات السياسية بما فيها الإسلام السياسي أن تعمل من أجل هدف واحد سامي ونبيل وهو بناء مصر المستقبل.

باحث - محلل سياسي

dreemstars@gmail.com

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/آيار/2012 - 16/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م