
شبكة النبأ: اسهمت زيارة الوفد
البرلماني المصري الاخيرة الى السعودية بعودة العلاقات بين البلدين بعد
ان شهدت حالة من التوتر والاحتقان اتت على خلفية قيام السلطات السعودية
باعتقال المحامي احمد الجيزاوي، متسببة بتأجيج مشاعر الغضب في الشارع
المصري الذي يتهم السلطات السعودية بانتهاك حقوق المواطن المصري، ويرى
بعض المراقبين ان هذه الزيارة وبرغم اهميتها ستترك انطباع سيئ لدى
ابناء الشعب المصري لكون من اقدم عليها قد تجاهل مطالبهم وتعمد اهانتهم
من خلال ما وصفوة بتقديم الاعتذار لمن اعتدى عليهم، وفي هذا الشأن أمر
الملك عبد الله بن عبد العزيز بإعادة فتح السفارة السعودية في القاهرة
بعدما تم اغلاقها اثر احتجاجات غاضبة، ما يؤدي الى نزع فتيل ازمة نادرة
بين مصر والسعودية.
ونقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية عن مصدر مسؤول قوله "وجه
الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بمباشرة سفير المملكة الى القاهرة
لعمله بدءا من يوم الاحد القادم، واعادة فتح السفارة وكل من قنصليتي
المملكة في الإسكندرية والسويس".
وجاء قرار الملك السعودي اثر استقباله وفدا مصريا رفيع المستوى ضم
رئيسي مجلسي الشعب والشورى محمد الكتاتني واحمد فهمي وصل الى المملكة
من اجل العمل على انهاء الازمة في العلاقات المصرية-السعودية. وقال
العاهل السعودي للوفد المصري ان "ما حدث في الآونة الأخيرة من تداعيات
في العلاقة بين البلدين امر يؤلم كل مواطن سعودي ومصري شريف، وما
قرارنا باستدعاء السفير واغلاق السفارة الا لحماية منسوبيها من امور قد
تتطور لا تحمد عقباها"، كما اوردت الوكالة. ورحب الملك عبد الله بحضور
الوفد معتبرا ان ذلك يعبر "عن مكارم الأخلاق المستمدة من عقيدتنا
الاسلامية". وقال "امام هذا الموقف النبيل لا يسعني غير ان اقول لكم
باننا لن نسمح لهذه الأزمة العابرة ان تطول".
واضاف العاهل السعودي "كلي امل ان يقف الاعلام المصري والسعودي
موقفا كريما وليقل خيرا او يصمت"، في اشارة الى الحملات الحادة التي
شنها الاعلام في البلدين منذ اندلاع الازمة.
من جهته قال الكتاتني ان "الشعب المصري تربطه بالشعب السعودي أواصر
متينة وعميقة عبر التاريخ لا يمكن ان تتأثر بحادث عابر يتم هنا او
هناك"، مضيفا "اننا ومن منطلق العلاقة القوية بين شعبينا لا بد ان
نتجاوز هذه الأحداث العابرة ولا ندعها تعكر صفو العلاقات بين البلدين".
وقال في ختام كلمته ان "سحب السفير السعودي من القاهرة للتشاور امر يعز
علينا كمصريين، وهذا الوفد الذي جاء ليؤكد على عمق العلاقة بيننا يرجو
منكم ان يعود السفير معنا وعلى نفس الطائرة الى القاهرة ليباشر عمله".
من جهته اكد فهمي على عمق العلاقات الراسخة بين البلدين.
وكان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل استقبل الوفد المصري
مساء الخميس. وقال الفيصل امام الوفد "لا نستبعد ابدا ان تقف اصابع
خارجية لا تريد الخير لنا ولا لمصر ولا للأمة جمعاء وراء اي تعكير في
صفو العلاقات الراسخة والمتينة والمتنامية بين بلدينا وشعبينا". واضاف
"نحن واثقون كل الثقة ان العقلاء من الطرفين قادرون على تجاوز الصغائر
... لعودة العلاقات الرفيعة ومستواها الراقي المعهود". بحسب فرنس برس.
وكانت منظمات حقوقية مصرية اعلنت القبض على الجيزاوي في مطار جدة
فور وصوله مع زوجته لاداء مناسك العمرة "بدعوى صدور حكم غيابي بحقه
يقضي بحبسه عاما وجلده 20 جلدة اثر اتهامه ب العيب في الذات الملكية".
واعتبرت ان المحامي المصري "اقام كذلك دعوى امام القضاء المصري اختصم
فيها عاهل المملكة العربية السعودية الملك عبد الله بن عبد العزيز
والسلطات السعودية واتهمهم فيها باعتقال مواطنين مصريين بشكل تعسفي
وتعذيبهم بدنيا".
لكن السفير السعودي لدى مصر احمد عبد العزيز قطان اعلن في بيان
انذاك عن "بالغ اسفه واستيائه لما تناولته وسائل الاعلام من معلومات
خاطئة حيال هذا الموضوع". واضاف "لم يصدر في المملكة اي حكم بسجن
المذكور او جلده والقصة مختلقة من اساسها (...) تم القاء القبض على
المذكور الثلاثاء الماضي بعد ضبط 21380 حبة زاناكس بحوزته وهي من
الحبوب المصنفة ضمن المخدرات والخاضعة لتنظيم التداول الطبي ويحظر
استخدامها او توزيعها". يشار الى ان مصر تسعى للحصول على مساعدات من
دول الخليج وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الافريقي
من اجل تمويل عجز في موازنتها يقدر بقرابة 11 مليار دولار.
الاخوان المسلمين مصدر قلق
على صعيد متصل تشعر المملكة العربية السعودية بالقلق من ان مصر أقوى
حليف عربي لها باتت تخضع لما تعتبره التأثير المشؤوم للإخوان المسلمين.
ويخشى السعوديون ان تقوض حالة عدم اليقين السياسي في مصر التي تجري
انتخابات الرئاسة هذا الشهر الروابط الاستراتيجية القائمة منذ عقود بين
الدولتين والتي اهتزت بالفعل عندما اطاح المصريون برئيسهم العام الماضي.
وقال روبرت جوردان السفير الامريكي لدى الرياض في الفترة من 2001
الى 2003 "رأى السعوديون الاطاحة (بالرئيس) حسني مبارك تطورا سلبيا
للغاية." وأضاف "ينتاب (السعوديين) القلق من الاخوان المسلمين وحالة
عدم اليقين بخصوص القيادة. أصبح لديهم حساسية شديدة من أي اشارة الى
احتمال امتداد تلك الحركة الى السعودية أو دول الخليج الاخرى."
وحتى اذا انتهى الخلاف الدبلوماسي فانه يعكس هشاشة التحالف الذي كان
صلبا ذات يوم بين البلدين. ويشترك الاخوان مع السعودية في نفس القيم
السنية لكن الرياض تعتبر الحركة منافسا ايدلوجيا له مذهب سياسي قوي
النشاط قد يزعزع استقرار حلفاء ويثير الفتنة داخل المملكة. وقال شادي
حميد مدير الابحاث في مركز بروكينجز الدوحة "سحب السفير كان وسيلة
لتذكير المصريين بان بواعث القلق الامنية السعودية يجب احترامها."
وأضاف "الاخوان لم يغيروا في الواقع اسلوبهم لطمأنه السعودية بشأن
مصالحها الامنية الاقليمية."
وتتغلغل بواعث القلق السعودية تجاه الاخوان المسلمين بسبب عقود من
التنافس الايدلوجي. وقال توماس هيجهامر مؤلف كتاب الجهاد في السعودية
"يقدم الاخوان خطابا سياسيا دينيا يتعارض مع المذهب الوهابي. وهذا امر
يمثل تهديدا للحكومة لأنها تتمتع بشرعية معينة بفضل تدينها."
ومنذ القرن الثامن عشر تمتعت أسرة ال سعود الحاكمة بعلاقات وثيقة مع
رجال دين المذهب الوهابي.
وفي العصر الحديث أغدقت الاسرة الحاكمة على رجال الدين بالمال
ومنحتهم نفوذا واسع النطاق على سياسات الحكومة. وفي المقابل تبنى رجال
الدين فلسفة سياسية تطالب بإطاعة الحاكم وهو ما يبين سبب فزع السعودية
من الثورات العربية العام الماضي. وعلى النقيض دأب الاخوان المسلمون
على الترويج لدور سياسي نشط للإسلام كمنظمة ثورية في بادئ الامر ثم
كقوة لها دور في السياسات الديمقراطية. واتهم بعض قادة السعودية
الاخوان المسلمين بتحريض حركة الصحوة وهي جماعة المعارضة الرئيسية
بالمملكة والتي نشطت في التسعينات من اجل اقامة ديمقراطية في السعودية.
وقال خالد الدخيل استاذ علم الاجتماع السياسي في الرياض "يتسم
السعوديون بانهم عمليون بما يكفي لمعرفة متى تتغير الاوضاع. الاخوان
المسلمون في السلطة الان في مصر. يتعين عليهم (السعوديين) اعادة تقييم
العلاقات." وقال محمد غزلان المتحدث باسم الاخوان المسلمين ان الجماعة
لم تجر اي اتصالات مع السعودية بشأن الخلاف الاخير الذي وصفه بانه
سحابة صيف.
وخلال حكم مبارك كانت مصر والسعودية من اشد المعارضين لما وصفتاه
بجهود ايران لتوسيع نفوذها وزعزعة استقرار المنطقة. وكانا يعتبران بأن
طهران لها يد في تزايد قوة جماعة حزب الله الشيعية في لبنان وسيطرة
حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) على قطاع غزة والعنف الطائفي في
العراق. وقد تكون أي حكومة جديدة يقودها الاخوان المسلمون في مصر اقل
ولاء للسعودية بينما ستحافظ على الابتعاد عن ايران. بحسب رويترز.
وقال جوردان السفير الامريكي السابق لدى الرياض "اذا لم تستطع مصر
دعم نظامها المالي فقد يحدث فراغ في السلطة وهو وضع ربما يستغله تنظيم
القاعدة. من مصلحة السعوديين الحفاظ على نمو الاقتصاد المصري." وقال
دانيال كيرتزر سفير الامريكي لدى مصر في الفترة من 1997 الى 2001 ان
الاخوان المسلمين يدركون ان مصر تفتقر لمانحين يتحلون بالمصداقية يمكن
ان يشكلوا بديلا عن السعودية . وقال "لا اعتقد ان زعامة اي فصيل مصري
سواء كان الجيش او المجتمع المدني او الاسلاميين يريدون تغيير الاوضاع.
المشكلة هي الى اين يأخذ الشارع السياسة المصرية." وقال جمال خاشقجي
وهو معلق سعودي بارز ورئيس تحرير سابق ان الرياض تتابع عملية التحول
السياسي في مصر. وأضاف انها تنتظر استقرار الاوضاع في مصر وظهور قيادة
جديدة قبل البدء في اعادة بناء التحالف الاستراتيجي بينهما.
القاهرة تنفي
في السياق ذاته نفت مصادر رسمية في الحكومة المصرية الأنباء التي
ترددت حول اعتقال شبكة إيرانية كانت تخطط لاغتيال السفير السعودي، أحمد
عبد العزيز قطان، والذي تم استدعاؤه إلى الرياض بشكل عاجل "للتشاور"،
في أعقاب احتجاجات مناهضة للمملكة، قرب مقر السفارة السعودية بالقاهرة.
ونقل التلفزيون المصري، وكذلك وكالة أنباء الشرق الأوسط، عن "مصدر
مسؤول"، لم يتم الكشف عن طبيعة موقعه، نفيه الأنباء التي أوردتها صحيفة
"الحياة" اللندنية، ووسائل إعلامية أخرى، والتي أشارت إلى أن سفير
المملكة العربية السعودية بالقاهرة، قد "تعرض إلى محاولة اغتيال في
مصر."
وقال المصدر، بحسب ما أورد موقع "أخبار مصر"، نقلاً عن وكالة
الأنباء الرسمية، إن "كل ما ورد في الخبر عار تماماً من الصحة، وإن
سفير المملكة العربية السعودية بمصر، منذ تمثيله لبلاده، وحتى مغادرته
القاهرة يوم السبت الماضي، لم يتعرض لأي محاولة اغتيال." وكانت صحيفة
"الحياة" قد نقلت عن المستشار القانوني للسفارة السعودية بالقاهرة،
المستشار سامي جمال الدين، أن "أجهزة الأمن المصرية ألقت القبض على
شبكة إيرانية، تتكون من ثلاثة أشخاص، كانت تخطط لاغتيال السفير
السعودي"، أحمد عبد العزيز قطان، أثناء تواجده في مصر.
وتابع جمال الدين، بحسب التقرير أن "الجهات المعنية أحاطت الجهات
الخارجية السعودية بتفاصيل المؤامرة، التي بدأت منذ ثلاثة أشهر، وأن
السفير السعودي رفض طلب المجلس العسكري بتوفير حماية مشددة له." من
جانبه، انتقدت وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء ما وصفتها بـ"مزاعم"
المستشار القانوني للسفارة السعودية بالقاهرة، وقالت إن هذه "التصريحات
اللا مسؤولة" من جانب المسؤولين السعوديين، تأتي تزامناً مع "تصعيد
الاحتجاجات الشعبية في مصر، ضد التدخل السعودي بالشأن المصري الداخلي."
بحسب CNN.
وتابعت الوكالة الإيرانية بقولها إن "السعودية أصدرت سيناريو جديد
من النسخة السابقة، التي أصدرتها في واشنطن"، في إشارة إلى اتهامات
سابقة لطهران بالوقوف وراء "مؤامرة" مزعومة، لاغتيال السفير السعودي
بالعاصمة الأمريكية، عادل الجبير. وأضافت "فارس" أن "أحداث هذا
السيناريو الجديد تجري في القاهرة، حيث تشعر السعودية بحرج كبير من
الشعب المصري، بسبب تدخلاتها السافرة منذ انطلاق الثورة في مصر،
ومواقفها العدوانية للشعب المصري، ومحاولاتها لإفشال الثورة في مصر." |