شبكة النبأ: بالرغم من المواقف
المعلنة لدول الخليج حول موافقتها على المقترح السعودي الاخير التحول
الى اتحاد متكامل بدلا عن مجلس التعاون القائم، الا ان الكثير من
المراقبين يستبعدون ان يجد ذلك المشروع النور على المدى القصير او حتى
البعيد.
فدول الخليج تخفي الكثير من الخلافات المبطنة فيما بينها وعلى اكثر
من صعيد حساس، خصوصا انها تخضع لأنظمة حكم فريدة من نوعها في العالم،
تتمحور حول سلطة قبائل كانت حتى عهد قريب تتقاتل فيما بينها، وتفتقد في
اغلب الاحوال الى التأييد الشعبي، كونها لا تزال تشكو من غياب الشرعية
الوطنية عن احقيتها في الملك او الحكم، مما يثير الكثير من الجدل
والانتقادات المؤثرة احيانا، وأكثر ما يخشاه حكام دول الخليج من بعضهم
البعض هو السقوط فريسة سهلة بيد أحدهم الآخر، مما يجعل منهم على الدوام
غرماء فيما بينهم وان اخفوا ذلك.
كما يسعى بعض حكام دول الخليج الى اضفاء نوعا من التوافق فيما بينهم
في كل مناسبة يستشعرون فيها خطر خارجي، او تهديدا لمصالحهم، سيما
السعودية التي باتت تشعر بوهن شديد بعد خسارتها ابرز حلفائها في
المنطقة على اثر ثورات الربيع العربي، غاضة الطرف عن تربص حكام قطر
المكشوف بها ومحاولتهم الاطاحة بسلطانهم.
ففي محاولة لذر الرماد في العيون، قال وزير الخارجية السعودي في
خطاب ألقاه قبل ايام ان دول الخليج العربية القلقة من ايران والحركات
الاحتجاجية التي تجتاح المنطقة تمضي قدما في خطط لاقامة اتحاد سياسي
سيشمل سياسات خارجية ودفاعية مشتركة.
فيما قال دبلوماسي غربي مقره في الخليج ان الاقتراح تعززه في الاساس
مخاوف سعودية من ان تتمكن الاغلبية الشيعية في البحرين من اسقاط الاسرة
الحاكمة السنية هناك. وأضاف ان اعلانا عن احراز تقدم بشان اقامة اتحاد
بين البلدين قد يصدر خلال القمة ايذانا باطلاق الاتحاد بين الدول
الخليجية.
واثارت زيارة قام بها الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد هذا الشهر
الى جزيرة ابو موسى المتنازع عليها مع الامارات قلق دول الخليج من
النفوذ الايراني في المنطقة المصدرة للنفط.
وقال سعود الفيصل في خطاب القاه نيابة عنه نائبه عبد العزيز بن عبد
الله بن عبد العزيز في مؤتمر شباب دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض
"ان التعاون والتنسيق بين دول المجلس بصيغته الحالية قد لا يكفي
لمواجهة التحديات القائمة والقادمة مما يستوجب تطوير العمل الخليجي
المشترك لصيغة اتحادية مقبولة."
وأضاف "الاتحاد الخليجي في حالة تحققه -باذن الله- سيفضي لمكاسب
كبيرة تعود بالنفع على شعوبنا ففي مجال السياسة الخارجية ومع وجود هيئة
عليا خليجية تنسق قرارات السياسة الخارجية من شأنه اعادة ترتيب جماعي
لاولويات هذه الدول وهو ما يحقق مصالحها الجماعية."
وتشكل مجلس التعاون الخليجي عام 1980 بواسطة السعودية والامارات
والكويت وقطر وعمان والبحرين وهو تجمع يضم عددا من كبار منتجي النفط
والغاز في العالم. وجاء تشكيل المجلس في اعقاب الثورة الاسلامية في
ايران واندلاع الحرب بين ايران والعراق.
وتابعت دول الخليج بقلق صعود الشيعة المتحالفين مع ايران للسلطة في
العراق بعد غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003 ويخشون من ان يؤدي
التقدم الذي احرزته ايران في برنامجها النووي في نهاية المطاف الى
امتلاكها قنبلة نووية.
وأشار سعود الى البرنامج النووي الايراني وثورات الربيع العربي
العام الماضي على انها تحديات تتطلب من مجلس التعاون الخليجي اعادة
التفكير في علاقاته, وقال ان التكامل الدفاعي سيكون "بديلا عن السياسات
الدفاعية المرتكزة على التحالفات الوقتية المبنية على المصالح العابرة
اذ تظل تلك التحالفات مرتبطة بهذه المصالح التي بطبيعتها متغيرة."
وتزعزعت ثقة الرياض في واشنطن عندما مارست الولايات المتحدة ضغوطا
لتنحي الرئيس المصري السابق عن السلطة خلال انتفاضة العام الماضي.
وأشار وصول قوات سعودية الى البحرين الى أن الرياض عازمة على منع
الحركة الاحتجاجية التي يقودها الشيعة من تهديد اي اسرة حاكمة في
الخليج. وقال الدبلوماسي الغربي المقيم في الخليج ان اطارا اتحاديا قد
يتيح للرياض نشر قوات بصفة دائمة في البحرين.
ورغم الحديث عن الاتحاد فان الخلافات بين حكام الخليج لها جذور
عميقة. ورفضت الامارات الانضمام الى اتحاد مالي مقرر كما أعاقت خلافات
حول اراض الكثير من المشاريع الاقتصادية.
وأدت اعتراضات سعودية الى تأجيل خطط لبناء جسر بين قطر والبحرين في
حين لم تتمكن البحرين من شراء الغاز الطبيعي من قطر. وقال عضو
بالبرلمان في البحرين انه لا يتوقع الاعلان عن اقامة مثل هذا الاتحاد
خلال قمة الرياض المقررة في 14 مايو ايار.
وحذر زعماء المعارضة البحرينية من اقامة اي اتحاد والذي من المرجح
ان يثير احتجاجات. ووصف محتجون تدخل السعودية في البحرين العام الماضي
بانه احتلال.
الدرع الصاروخية
فيما أدت الريبة بين دول الخليج العربية إلى افساد مشروع اقامة درع
صاروخية مشتركة طالما دعت واشنطن له باعتباره أفضل سبل الحماية من أي
ضربة قد توجهها إيران.
وأنفقت الدول المصدرة للنفط مليارات الدولارات على منصات أمريكية
مضادة للصواريخ لكنها لم تصل إلى حد اقامة مظلة واحدة مشتركة ونظام
موحد للإنذار المبكر على الرغم من إعلانها اعتزام ذلك.
ويقول محللون إنه على الرغم من انتماء دول الخليج العربية إلى
التحالف السياسي والعسكري الموحد وهو مجلس التعاون الخليجي فإنها ما
زالت غير متقبلة لفكرة تبادل المعلومات. كما أن هذه الدول لم تستطع
الاتفاق على مقر القيادة المركزية وتجد صعوبة بالغة في التوصل إلى سبل
للعمل معا في حالات الطوارئ.
وقال مصطفى العاني وهو محلل دفاع متخصص في الشرق الأوسط "المسألة لا
تتعلق بالثقة بين دول الخليج فحسب بل أيضا الثقة في الأمريكيين...
ستتحكم دولة قوية (السعودية) وأمريكا في القيادة المركزية والدول
الصغيرة ستجد نفسها محاصرة بينهما."
ومن المرجح أن تتنافس الإمارات والسعودية على استضافة المقر. كذلك
فإن المملكة العربية السعودية هي مقر درع الجزيرة وهي قوة تابعة لمجلس
التعاون الخليجي تشكلت عام 1986 للدفاع عن دول الخليج من أي خطر محتمل.
وتم استدعاء هذه القوة ثلاث مرات منذ تأسيسها -مرة خلال حرب الخليج
عام 1990 وخلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وفي
مارس اذار عام 2011 عندما أرسلت السعودية والإمارات 1500 جندي إلى
البحرين خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي قادها الشيعة. |