مردوخ... فضيحة تقود إمبراطوريته الاعلامية الى المقصلة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: من دون شك هناك علاقة حميمة بين المال والإعلام والسلطة ففي وسط ظهور مفاجئ للرسائل الإلكترونية والخطابات والدلائل التي توضح بشكل تفصيلي قبضة روبرت مردوخ الملحوظة على السياسية البريطانية، كما ان هناك مزاعم بأن الحكومة سعت لمساعدة مردوخ فى صفقاته بجوهر المشكلة في بريطانيا وهي أن مردوخ يتمتع بنفوذ كبير للغاية وهذا اسفر عن ان شركته أصبحت تضرب عرض الحائط باللوائح والقواعد، حيث لمع اسم روبرت ميردوخ في الآونة الأخيرة، وذلك على خلفية "فضيحة التنصت" في بريطانيا، والتي أدت إلى استجواب القطب الإعلامي والمليونير الأسترالي، وأسفرت أيضاً عن منعه من الاستحواذ على واحدة من أكبر الشبكات التلفزيونية في بريطانيا "بي سكاي بي" وإغلاق صحيفة "نيوز أوف ذي وورلد، يبلغ ميردوخ من العمر 80 عاماً، وقضى نصف قرن في تحويل عمل في صحيفة أسترالية محلية إلى إمبراطورية إعلامية ممتدة عالمياً وتضم مصالح تلفزيونية وإنترنت وسينما ومطبوعات، غير أن الفضيحة التي طالت ما كان يعتبره فخراً له. باتت الآن تهدد كل ما بناه عبر السنين.

ومن الأمور التي أنذرت بانهيار موردخ هي استقال جيمس مردوخ، وريث قطب الإعلام روبرت مردوخ، من مناصب بارزة في بريطانيا بقوله "لا يريد أن يتحول إلى "مانع صواعق" لفضيحة التنصت التي أحاطت بنشاط أفرع مؤسسة والده الإعلامية في بريطانيا.

الجدير بالذكر ان مردوخ هو شريك للأمير السعودي الملياردير الوليد بن طلال بن مالك مجموعة روتانا الإعلامية التي تبث عدد من القنوات في العالم العربي.

البرلمان البريطاني

من جهته قال البرلمان البريطاني في تقرير اصدره ان روبرت مردوك "تعامى عمدا" عن عملية التجسس على مكالمات هاتفية في صحيفته "نيوز اوف ذا وورلد"، مؤكدا انه لا يصلح لادارة شركة عالمية كبرى، وجاء في التقرير ان صحيفة "نيوز انترناشونال" ضللت البرلمان كذلك خلال التحقيق في الفضيحة التي اضطرت مردوك الى اقفال الصحيفة في تموز/يوليو 2011، وقالت اللجنة البرلمانية المؤلفة من مجموعة الاحزاب البريطانية ان روبرت مردوك (81 عاما) "لايصلح ان يمارس مهام الاشراف على شركة عالمية كبرى، وجاء في تقرير اللجنة المؤلف من 121 صفحة بعنوان "قضية ضلوع صحيفة نيوز انترناشونال بالتنصت على الهواتف" انه "اذا لم يقم روبرت مردوخ باتخاذ خطوات طوال ذلك الوقت لكي يطلع على التنصت على الهواتف، فإنه يكون قد تجاهل المسالة وتعامى قصدا عن ما كان يجري في شركاته ومطبوعاته"، وخص التقرير بالذكر ليز هينتون الرئيس التنفيذي السابق لمجلس إدارة نيوز انترناشونال، وتوم كرون مدير الشؤون القانونية السابق لصحيفة "نيوز اوف ذا وورلد" ومحرر للصحيفة كولين مايلر، وقال انهم جميعا ضللوا اللجنة. بحسب فرانس برس.

وكان مردوك وابنه جيمس الذي كان رئيسا لمجلس إدارة صحيفة "نيوز انترناشونال" في ذلك الوقت، قدما شهادتهما امام اللجنة في 19 تموز/يوليو من العام الماضي، وقالت اللجنة ان قرار مجلس العموم هو الذي سيقرر الان "العقوبة التي يجب انزالها" بمن تعتقد أنهم تعاملوا مع اللجنة بازدراء، ويشتبه بان نيوز اوف ذا وورلد تنصتت على حوالى 800 شخصية في السنوات العشر الاخيرة للحصول على اخبار مثيرة وتحقيق سبق صحفي، وكانت الحكومة كلفت لجنة ليفيسون بكشف ملابسات عمليات التنصت وايضا النظر بشكل عام في ممارسات الصحافة البريطانية.

علاقة مردوك بالسلطات

فيما سعى روبرت مردوك الذي ادلى باقواله في لندن في قضية التنصت الى التقليل من اهمية علاقاته مع السلطة، غداة الاستماع الى ابنه جيمس الذي وضع الحكومة في وضع حرج والوزير المكلف وسائل الاعلام في قفص الاتهام، وقال قطب الاعلام امام لجنة ليفيسون "لم اطلب شيئا على الاطلاق من اي رئيس وزراء"، وسألته اللجنة حول علاقات مجموعته نيوز كورب مع الطبقة السياسية، وهي علاقات ظهرت خلال التحقيق حول فضيحة تنصت اجرتها "نيوز اوف ذا وورلد" الصحيفة التي اغلقت والتابعة لامبراطورية مردوك، وفي مذكرة مكتوبة نقلت الى اللجنة اقسم مردوك (80 عاما) انه لم يتحدث مطلقا مع ديفيد كاميرون رئيس الحكومة الحالي بشأن الملف الحساس جدا المتعلق ب"بي سكاي بي" وهي باقة المحطات التي تبث عبر الاقمار الصناعية التي سعى لشرائها باكملها، ويبدو ان قطب الاعلام الذي اعلن الصيف الماضي انه التقى العديد من المسؤولين البريطانيين بينهم كاميرون، استدرك الامر بتأكيده انه لم يلتق رئيس الوزراء الحالي الا "في اطار لقاءات اجتماعية حيث لم تبحث الملفات الاساسية،
اما بخصوص توظيف رئيس تحرير سابق لنيوز اوف ذا وورلد في داونينغ ستريت، كمكلف اتصال لدى رئيس الوزراء، فقد اكد انه لا صلة له بهذا الامر، ويشتبه بان نيوز اوف ذا وورلد تنصتت على حوالى 800 شخصية في السنوات العشر الاخيرة للحصول على اخبار مثيرة وتحقيق سبق صحفي، وقد يضطر قطب الاعلام للادلاء بشهادته ايضا، وكانت الحكومة كلفت لجنة ليفيسون بكشف ملابسات عمليات التنصت وايضا النظر بشكل اعم في ممارسات الصحافة البريطانية، وكان مثول جيمس مردوك مناسبة لكشف معلومات مربكة حول العلاقات بين نيوز كورب والمحافظين في الحكم في بريطانيا، الى حد دفع بعض الصحف الى عنونة صفحاتها الاولى "انتقام (عائلة) مردوك". بحسب فرانس برس.

وكشفت رسائل الكترونية موجهة الى جيمس مردوك من مسؤول كبير في نيوز كورب عن اتصالات كثيرة بين المجموعة ومستشاري الوزير المكلف وسائل الاعلام جيريمي هانت الذي ينبغي ان يدلي باقواله بشأن شراء بي سكاي بي، ولم تكف استقالة احد مستشاريه الذي اقر بان اتصالاته مع امبراطورية مردوك "ذهبت بعيدا جدا"، لكنه برأ الوزير، لتجنيبه الغضب الذي اثاره في الجمعية الوطنية حيث طالبت المعارضة باستقالته، وقال هانت مخاطبا النواب "ان فكرة اني دعمت مردوك لشراء بي سكاي بي، هي ببساطة مثيرة للضحك" ووعد بتوضيح الامر امام لجنة ليفيسون، وامعانا في احراج الحكومة اكد جيمس مردوك انه تحدث مع كاميرون بشان بي سكاي بي "في اطار محادثة مقتضبة قبل عشاء" في 23 كانون الاول/ديسمبر 2010، ووضعت هذه التصريحات مجددا رئيس الوزراء في وضع حرج ما اثار استهجان العماليين ضده، وهي ليست المرة الاولى التي يضطر فيها كاميرون الى تبرير علاقاته مع مؤسسة نيوز كورب ومسؤولي "نيوز اوف ذي وورلد" رغم تاكيده انه لم تجر "اي محادثة غير مناسبة" بينه وبين جيمس مردوك، وتاتي هذه التطورات الجديدة في قضية التنصت في توقيت سيء بالنسبة لرئيس الحكومة البريطانية الذي يجتاز حاليا فترة صعبة خصوصا مع ابلاغه الاربعاء بان بلاده دخلت مجددا فترة انكماش ما من شانه ان يطلق مجددا الانتقادات لسياسة التقشف التي يعتمدها.

لم أطلب شيئا قط من أي رئيس وزراء بريطاني

فيما رفض روبرت مردوك اتهامات بأنه استخدم امبراطوريته الاعلامية الواسعة للتأثير في زعماء بريطانيين وذلك في تحقيق تجريه لجنة إعلامية هز الثقة في حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، ويمثل ظهور قطب الاعلام البالغ من العمر 81 عاما ذروة تحقيق كشف تواطؤا بين وزراء والشرطة ومؤسسة نيوز كورب وهو ما أثار مجددا مشاعر القلق التي امتدت عقودا بشأن العلاقات الحميمة بين الثروة والاعلام والسلطة في بريطانيا، وسُئل مردوك بشأن علاقته بالسياسة وأفراد الطبقة العليا في بريطانيا في إشارة الى هجماته المنتظمة على الطبقة البريطانية التي سخر منها قطب الاعلام الاسترالي المولد ووصفها بأنها متعجرفة وتفتقر للكفاءة، وقال انه كان حريصا على توضيح بعض المعلومات الخاطئة بشأنه، وقال مردوك بهدوء شديد عندما سُئل بشأن علاقاته برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت ثاتشر التي كانت من الزعماء البريطانيين المفضلين لديه "لم أطلب قط من رئيس وزراء بريطاني أي شيء، وأضاف "دعونا نكون واضحين .. السياسيون يسعون دائما للحصول على دعم كل الصحف. وأعتقد ان هذا جزء من الديمقراطية. انه أمر طبيعي، ويتعرض كاميرون لانتقادات شديدة بسبب علاقاته مع مردوك ويواجه نداءات لاقالة وزير بارز حاول مساعدة نيوز كورب في صفقة استحواذ مهمة. وقال رئيس الوزراء أمام جلسة برلمانية ان سياسيين من كل الاحزاب كانوا قريبين جدا من قطب الاعلام، وقال كاميرون وسط صخب من جانب أعضاء البرلمان من المعارضة "اننا جميعا تقربنا الى روبرت مردوك أكثر من اللازم، وتوقع بعض السياسيين ان يقاتل قطب الاعلام - الذي تقرب منه رؤساء حكومات ورؤساء على مدى عقود - بعد ان واجه على مدى عام تقريبا فضيحة تنصت على هواتف تتصل باحدى الصحف وهي فضيحة هزت امبراطوريته الاعلامية، لكن مردوك بدا هادئا بل وفي بعض الاحيان أثار ضحكات خافتة من نحو 70 شخصا من المحامين وافراد العائلة والصحفيين الذين احتشدوا في قاعة المحكمة عندما مزح متحدثا عن تدمير نقابات عمال ووزير بريطاني سابق كذب في المحكمة. بحسب رويترز.

ومع مضي الاستجواب قدما بدأ الانفعال يظهر عليه. وقال القاضي ليفيسون ان الجلسة ستنتهي مبكرا على الارجح وتستأنف، ويواجه مردوك اتهامات بأنه استغل نفوذه في الاعلام البريطاني للتأثير على الساسة، ويدلي مردوك بشهادته أمام لجنة التحقيق بعد يوم من مثول ابنه جيمس أمام جلسة مشحونة للغاية كشفت كيف وجه وزير بالحكومة النصح لشركة نيوز كورب التي يملكها مردوك في عرضها لشراء مجموعة بي. سكاي. بي التلفزيونية العام الماضي، وسرب وزير الثقافة البريطاني جيرمي هانت لنيوز كورب معلومات سرية رغم أنه كان في الوقت نفسه يعمل مع الحكومة على اتخاذ قرار بشأن الموافقة على الصفقة المثيرة للجدل التي بلغت قيمتها 12 مليار دولار، وتتعلق مزاعم عن أن الحكومة سعت لمساعدة مردوك في صفقاته بجوهر المشكلة في بريطانيا وهي أن مردوك يتمتع بنفوذ كبير للغاية وهذا اسفر عن ان شركته أصبحت تضرب عرض الحائط باللوائح والقواعد، وطالب حزب العمال المعارض هانت بتقديم استقالته ورد هانت صباح على سؤال عما اذا كان سيقدم استقالته قائلا "أوضحت موقفي تماما وسابذل جهدا كبيرا ومحددا جدا لاثبت انني تصرفت بنزاهة كاملة وادرت هذا الامر بانصاف بالغ."

استقالة مسؤول بريطاني

الى ذلك استقال المستشار الخاص لوزير الثقافة البريطاني وسط جدل في شأن اتصالات بين مكتبه ومؤسسة نيوز نيوزكوربوريشن، التي يديريها روبرت مردوخ، تتعلق بسعى المؤسسة لشراء شبكة بي سكاي بي الإخبارية البريطانية، وجاءت الاستقالة بعد أن كشفت رسائل بريد الكتروني عن أن المستشار آدام سميث كان على اتصال بالمؤسسة في شأن مسعاها للاستحواز الكامل على الشبكة الشهيرة.

وكان حزب العمال المعارض قد دعا وزير الثقافة جيرمي هانت لدوره المزعوم في القضية، وقد أقر سميث بأن اتصاله بمؤسسة مردوخ " بلغ أبعد مما يجب"، وأضاف في بيان رسمي أن علاقاته مع فريدريك مايكل، وهو من المحسوبين على جماعة الضغط المؤيدة لنيوز كوربوريشن، أعطت الانطباع بأن" هناك علاقة وثيقة للغاية بينهما"، وأصر سميث في بيانه على أنه لم يكن هناك تفويض من جانب الوزير هانت لـ" مضمون ومدى" اتصاله مع مايكل، من ناحية أخرى، قال متحدث رسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، إن هانت لا يزال يتمتع بثقة رئيس الوزراء الكاملة، وقال لورد ليفسون، رئيس لجنة التحقيق في أخلاقيات العمل الصحفي في بريطانيا، إنه سوف يستمع " إلى كل جانب من جوانب القصةّ" المتعلقة بضلوع هانت في بيع بي سكاي بي قبل أن يخلص إلى أي نتائج. بحسب البي بي سي.

وكانت لجنة ليفسون قد تشكلت في أعقاب تفجر ما بات يعرف بفضيحة التنصت على الهواتف في بريطانيا، والتي يشتبه في ضلوع صحفيون من مؤسسة نيوزنيوزكوربوريشن فيها، وقد أجبرت هذه الفضيحة مردوخ على سحب عرضه شراء كل شبكة بي سكاي بي. وكانت الحكومة البريطانية قد تعرضت لاتهامات بأنها ساندت مردوخ لشراء الشبكة بما يخالف قواعد احتكار المؤسسات الإعلامية في بريطانيا، وتملك مؤسسة نيوز نيوزكوربوريشن 39 في المائة أسهم من الشبكة وكانت تسعى لشراء الـ 61 في المائة المتبقية.

جيمس مردوك

في حين اعلن جيمس مردوك، نجل رئيس مجلس ادارة نيوز كوربوريشن روبرت مردوك، استقالته من رئاسة نيوز انترناشونال، الفرع الذي يضم الصحف البريطانية لمجموعة وسائل الاعلام الاميركية، وذلك في سياق فضيحة التنصت، واعلنت نيوز كوربوريشن في بيان ان "جيمس مردوك المدير التنفيذي المساعد، تخلى عن منصبه رئيسا تنفيذيا لنيوز انترناشونال" و"سيركز جهوده على الانتشار الدولي لأنشطة تلفزيون" المجموعة، وسيحتفظ طوم ماكريدج، المدير العام لنيوز انترناشونال بمنصبه، على ان يبقى تحت المسؤولية التراتبية لتشايس كاري، المسؤول الثاني في المجموعة، وقال روبرت مردوك في البيان "نحن ممتنون لجيمس ترؤسه نيوز انترناشونال والانشطة التي قام بها في اوروبا وآسيا حيث ساهم بطريقة دائمة في استراتيجية المجموعة في المحتويات الرقمية، وكذلك جهوده من اجل تحسين برامج ادارة" المؤسسة، واضاف البيان "ما زال يشكل قيمة مضافة رائعة لدى ستار تي.في وسكاي دويتشلاند وسكاي ايطاليا وبي.سكاي.بي. وسيواصل جيمس الذي استقر في نيويورك، القيام بعدة مهمات ادارية للمجموعة، مع اهتمام خاص بأنشطة التلفزيون المدفوع والعمليات الدولية، وكانت قضية التنصت التي ما زالت تؤرق المجموعة الاعلامية انفجرت بعد الكشف عن تعرض البريد الالكتروني للفتاة القتيلة ميلي دولر للقرصنة من قبل صحيفة نيوز اوف ذي وورلد، التي كانت واسعة الانتشار في بريطانيا واغلقتها المجموعة في تموز/يوليو الماضي. بحسب فرانس برس.

فضيحة جديدة

في سياق متصل يعود روبرت مردوخ إلى لندن لمواجهة أزمة جديدة تفجرت مع إلقاء القبض على خمسة صحافيين من صحيفة ''الصن''، بسبب مزاعم عن تقديم رشا للشرطة ولمسؤولين آخرين، وأدت إلى اتساع تحقيقات حول الفساد في بلاط الصحافة في المملكة المتحدة، لكن خلافا لفضيحة ''نيوز أوف ذي ويرلد'' العام الماضي، يمشي مردوخ هذه المرة في غرفة أخبار عدائية يتساءل العاملون فيها عما إذا كان بمقدوره احتواء الفضيحة الآخذة في الانتشار، التي تهدد بهز إمبراطوريته الواسعة، وتجري الشرطة تحقيقاً في احتمال تقديم دفعات مالية، إلى جانب تحقيقات في عمليات تنصت على مكالمات هاتفية وقرصنة على حواسيب، وقالت نيوز كورب في الأسبوع الماضي إن تسوية قضايا التنصت على المكالمات الهاتفية والفواتير القانونية كلفتها نحو 200 مليون دولار، وتخضع نيوز كورب في الولايات المتحدة لقانون الممارسات الفاسدة الأجنبية، وهو قانون أمريكي يحظر تقديم الرشا للمسؤولين الأجانب وله صلاحيات واسعة، لكن المحامين منقسمين حول ما إذا كان تقديم أموال مقابل القصص يصنف تحت بند الفساد، لكن إذا كان الأمر كذلك، يمكن أن تتعرض نيوز كورب لغرامات كبيرة إذا ثبت أنها مذنبة بهذه الممارسات، وقال مايك كويهلر، وهو أستاذ قانون مختص في قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة في جامعة بتلر في الولايات المتحدة: ''منذ تموز (يوليو) تواجه نيوز كورب احتمال تطبيق قانون الممارسات الفاسدة الأجنبية، وهذه التطورات في اعتقادي تزيد هذا الاحتمال'، وفتح كل من مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووزارة العدل، وهيئة الأوراق المالية والبورصة تحقيقات في موضوع نيوز كورب، لكن هذه الجهات تراجعت لصالح التحقيقات التي تجريها شرطة مدينة لندن. ولم يجد مكتب التحقيقات الفيدرالي أي دليل على تنصت نيوزكورب على هواتف في الولايات المتحدة، حسبما قال شخص مطلع. وتركز تحقيقات المكتب على احتمال وجود انتهاكات لقانون الممارسات الفاسدة الأجنبية، ويشعر العاملون في صحيفة الصن بكثير من الغضب على محققي لجنة الإدارة والمعايير المستقلة التي تجري تحقيقات داخلية في نيوز كورب. وتقدم اللجنة التي يرأسها اللورد غرابينر، تقاريرها إلى مجلس إدارة نيوز كورب بواسطة جويل كلين، أحد أقرب التنفيذيين إلى مردوخ، وفيت دنه، الذي يشغل منصباً غير تنفيذي، وبوجود نحو مائة محامٍ، واختصاصي تكنولوجيا معلومات، ومحامين قضائيين، تدقق لجنة الإدارة والمعايير في أكثر من 300 مليون رسالة إلكترونية يعود تاريخها إلى عشر سنوات. والمعلومات التي يتم تمريرها إلى الشرطة مجردة من التفاصيل التي يمكن أن تكشف عن مصادر المراسلين، وإحدى نقاط التركيز بالنسبة إلى لجنة الإدارة والمعايير، حسبما قال شخص مقرب من المجموعة، هي النظام الذي سمح للصحافيين بتقديم دفعات نقدية إلى المصادر. وطالما قالت صحيفة الصن لقرائها إنها تدفع مقابل معلومات الأخبار، وذكر أحد الصحافيين المخضرمين أن المراسلين ربما أخفوا هوية مصادرهم حين طلبوا النقود من رؤسائهم، ولم يتطرق مردوخ إلى عمليات الاعتقال، لكنه أخبر من يتابعونه على تويتر أنهم يخطئون في الاعتقاد بأن لديه ''سلطة وأموالاً لا وجود لها''. والآن تتزايد المخاطر التي تهدد سلطته وأمواله، لأن إلقاء القبض على أحد المسؤولين في وزارة الدفاع وعلى عضو في القوات المسلحة يوحي بأن التحقيقات في الرشا امتدت إلى خارج الشرطة، ويبقى حجم هذه الدفعات وكيفية تنفيذها أمراً غير واضح. وكانت حاجة نيوز كورب إلى أن يراها الآخرون وهي تدقق في كل شيء، سببا في دفعها إلى مواجهة مع صحافييها الذين توقعوا أن تقف الشركة خلفهم وتدعمهم. وقال أحدهم: ''ستكون ملعوناً إذا نفذت ذلك، وملعوناً إذا لم تنفذه''. بحسب الاقتصادية.

وقال الصحافي المخضرم: ''حين تعمل لصالح الصن، فإنك لا تتوقع أن تحظى بكثير من الأصدقاء''، مضيفا أن ذلك كان مصدر صداقاتها الحميمة. أما الآن فإن بعضا من أفضل مراسليها ''تعرضوا إلى الخداع من قبل أشخاص يخصونهم، وفي عطلة نهاية الأسبوع الماضي، تناقل تنفيذيون ''تأكيداً شخصياً'' من مردوخ على ''التزامه الكامل'' تجاه صحيفة الصن، المربحة والمتنفذة، وتجاه رئيس تحريرها، دومنيك موهان، لكن الصحافيين الغاضبين يتساءلون عن قيمة تأكيداته في وقت تهز فيه التحقيقات المسلمات القديمة حول سيطرته، وقال كريس بريانت، عضو البرلمان من حزب العمال، الذي كان هدفاً لعملية تصنت: ''إلى حد كبير، أفضل أن تصبح الصن تحت إدارة جديدة''.

وأضاف: ''لم تكن مجرد تفاحة واحدة فاسدة، بل الشجرة بأكملها، وقال توم واطسن، عضو البرلمان من حزب العمال، وأحد منتقدي نيوز كورب، إن الشرطة يجب أن تمضي بالتحقيق إلى أية وجهة يقود إليها الدليل، أيا كانت، واستهدف غضب الصحافيين كذلك جيمس مردوخ الذي تولى المسؤولية في نيوز كورب في أوروبا عام 2007، ويتعرض إلى ضغوط مدفوعة بتلميحات تشير إلى أنه كان ينبغي له أن يعرف عام 2008 أن التصنت واسع الانتشار، ومع تقليص الفريق البريطاني العامل مع جيمس مردوخ وعرض مقر وابينغ ـ حيث تعارك روبرت مردوخ مع نقابات الطباعة قبل جيل ـ للبيع، تبرز مخاوف من أن تتحول لندن من مصدر قوة لمردوخ إلى مركز خارجي معزول في الإمبراطورية.

نيوز كورب تطلق صحيفة صن اون صنداي

على الصعيد نفسه أعلنت نيوز انترناشونال الذراع البريطانية لمجموعة نيوزكورب المملوكة لقطب الاعلام روبرت ميردوك انها ستصدر نسخة اسبوعية كل احد لصحيفة صن الشعبية البريطانية التي عصفت بها عدة فضائح، وفي مذكرة داخلية لكل العاملين قال الرئيس التنفيذي لنيوز انترناشونال توم موكريدج ان النسخة الاولى لصحيفة "ذا صن اون صنداي" ستصدر في السادس والعشرين من فبراير شباط، وسيظهر الاعلان في الصفحة الاولى بصحيفة صن، واعتقل تسعة من موظفي صن السابقين والحاليين خلال الاسابيع الاخيرة بعد ان نقلت مجموعة سرية شكلتها نيوزكورب معلومات للشرطة عن تعقب رسائل بريد الكترونية وحسابات واجهزة كمبيوتر محمولة بحثا عن معلومات تخص جرائم، وكانت عمليات الاعتقال ضمن تحقيق اوسع يتعلق بقيام صحفيين بدفع اموال للشرطة مقابل معلومات وممارسات اخرى غير قانونية تتعلق بجمع المعلومات في قضية هزت المؤسسات السياسية والاعلامية والامنية في بريطانيا خلال العام الماضي. بحسب رويترز. 

وتحل "ذا صن اون صنداي" محل صحيفة نيوز اوف ذا وورلد التي اغلقتها نيوز كورب فجأة في يوليو تموز بعد تحقيق عن استغلال قرصنة هاتفية لكتابة موضوعات الامر الذي اثار الغضب العام، وجاء في مذكرة موكريدج "أكدت نيوز كوربوريشن عزمها على تصحيح ما ارتكب من اخطاء في الماضي ونقوم بتغيير جذري في طبيعة عملنا كشركة، واضاف في المذكرة "ان التزام نيوز كوربوريشن بالاستثمار في مطبوعة جديدة هو اقوى رسالة دعم ممكنة نتمناها، وقالت المذكرة ان روبرت ميردوك سيشارك في تدشين الصحيفة بعد ان وصل لندن لطمأنة موظفي صن عقب اعتقال مجموعة من كبار صحفييها.

صحيفة صن ترغب في استعادة قرائها

من جهة أخر يحاول روبرت ميردوك الاستحواذ مرة اخرى على جمهور ضخم فقدته مجموعة نيوزكورب عندما اغلقت صحيفة نيوز اوف ذا وورلد الاكثر مبيعا بسبب فضيحة قرصنة هاتفية بنسخة جديدة ليوم الاحد من صحيفة صن الشعبية تملاها احاديث المجتمع والفتيات والمشاهير، وتظهر على الصفحة الاولى لصحيفة صن اليومية الاكثر مبيعا في عددها المصاعب التي شهدتها مقدمة برامج تلفزيونية اثناء وضعها تحت عنوان "توقف قلبي لمدة 40 ثانية" بهدف استعادة 2.7 مليون شخص قرأوا نيوز اوف ذا وورلد حتى اغلاقها في يوليو تموز في احدث اكبر فضيحة صحفية في بريطانيا، واغلقت نيوز انترناشونال الذراع البريطانية لمجموعة نيوزكورب الصحيفة الشعبية التي كانت تصدر فقط بعد الكشف عن انها اعترضت البريد الصوتي لتلميذة اغتيلت في فضيحة قرصنة على الهاتف حولت الاضواء على ممارسات جمع الانباء في بريطانيا ووصلت الى اعلى مستويات في الحكومة، وحطمت الضجة التي تلت ذلك اتصالات ميردوك التي كانت يوما وثيقة بالصفوة السياسية في بريطانيا حيث نأوا بانفسهم عن عناوين الصحيفة الشعبية الجذابة ودشنت تحقيقا بعيد المدى قد يفرض لوائح صارمة على الصحف البريطانية، وقامت نيوز انترناشونال بتسوية سلسلة من الادعاءات القانونية في الاشهر الاخيرة عن القرصنة الهاتفية التي قامت بها نيوز اوف ذا وورلد على مشاهير وساسة وكانت المغنية الويلزية شارلوت تشيرش هي احدث من قبل تعويضات. بحسب رويترز.

واعتقلت شرطة لندن اكثر من 30 شخصا في ثلاثة تحقيقات منفصلة ترتبط بالفضيحة بينهم 10 من صحفيي صن الحاليين او السابقيين للشك في رشوة موظفين عموميين للحصول على قصص، ويمنح التدشين الفرصة لنيوز انترناشونال باستعادة جزء من عائداتها السنوية التي تقدر بقرابة 150 مليون جنيه استرليني (240 مليون دولار امريكي) كانت تحصل عليها نيوز اوف ذا وورلد من المبيعات والاعلانات، وسيحكم على نجاح صن التي تصدر بمدى امكانيتها في استرجاع الانتشار السابق لنيوز اوف ذا وورلد.

من هو القطب الإعلامي روبرت ميردوخ؟

على صعيد مختلف ولد روبرت ميردوخ في ملبورن بأستراليا عام 1931، وهو الولد الوحيد بين ثلاث شقيقات، والده كيث ميردوخ كان مراسلاً صحفياً في الحرب العالمية الأولى ثم أصبح مديراً لأكبر شركة صحفية، وكان ميردوخ يدرس في جامعة أكسفورد عندما توفي والده عام 1952، أما والدته، إليزابيث، التي تبلغ من العمر 102 عاماً، فهي تدعم أكثر من 100 منظمة خيرية، وعمل ميردوخ مراسلاً صحفياً غير متفرغ براتب 10 جنيهات استرلينية في صحيفة >دايلي إكسبرس" في بيرمنغهام بإنجلترا،  قبل أن يعود لوطنه ويدير أعمال عائلته، في العام 2008، قال ميردوخ إنه تولى أعمال العائلة في المجال الصحفي عندما كان يبلغ من العمر 22 عاماً، في العام 1964 اشترى ميردوخ صحيفة محلية أخرى، وبدأ بنشر أول صحيفة قومية في أستراليا وأطلق عليها اسم The Australian/ وفي العام 1969 اشترى أول صحيفة بريطانيا، وهي صحيفة "نيوز أوف ذي وورلد"، وأعقبها بشراء صحيفة "ذي صن، وكان للصفحات التي ظهرت في الصحيفة، والتي تضمنت الجنس بين أمور أخرى، وقع الصدمة على "فليت ستريت" أو شارع الصحافة في إنجلترا. بحسب السي ان ان.

وأدى توقه للحصول على قصص خاصة وذات فرقعة إعلامية وسبق صحفي، واستعداده للدفع مقابل ذلك، إلى تحقيق أرقام مبيعات عالية، لكنها أثارت أيضاً مزيداً من الجدل في الشارع البريطاني، واتهمه البعض من الاقتراب من الخطوط الحمراء فيما يخص أخلاقيات العمل الصحفي، غير أنهم نفوا عنه انتهاكها أو اعتبارها غير مشروعة، وقالوا إنه كان يتسم بالجرأة الكبيرة، وأدى انتقاله من آلات الطباعة التقليدية إلى الكمبيوتر إلى إغلاق العديد من الصحف، وزاد ذلك من أرباحه بصورة كبيرة، كما قال مارتن دون، نائب رئيس التحرير في صحيفتي "ذي صن" و"نيوز أوف ذي وورلد، في العام 1968 قال ميردوخ في مقابلة تلفزيونية إنه يستمتع بالسلطة التي يوفرها له مركزه، لكنه قال في النهاية "غير أن ذلك يرتب علينا مسؤوليات أكبر من السلطة.. كما أعتقد.

برنامج بانوراما

كما يستعد روبرت مردوخ "للتصدي بعنف" لمن اتهموا احدى شركاته باستخدام اساليب القرصنة والتنصت للتخريب على منافسيه من القنوات التلفزيونية، فقد اتهم برنامج بانوراما على بي بي سي شركة ان دي اس ـ وهي تابعة لمجموعة نيوز كورب التي يملكها مردوخ ـ بتسريب معلومات سمحت بمشاهدة قنوات اي تي في الرقمية مجانا، وكتب مردوخ على حسابه في تويتر: "يبدو ان كل منافس وعدو يكدس الاكاذيب والسباب"، واضاف: "شئ سئ، يسهل الرد عليه، وهو ما نستعد له"، وكانت نيوز كورب اتهمت تحقيق بانوراما بانه "تضليل واضح"، واصدر مدير العمليات في نيوز كورب تشيس كاري بيانا ادان فيه ما وصفه بانه "ادعاءات بي بي سي غير الدقيقة"، واتهم البيان برنامج بانوراما بتقديم قراءة مشوهة لرسائل بريد الكتروني لتبني عليها اتهامات بلا اساس، وقال ان ان البرنامج يقدم معلومات مغلوطة عن شركة ان دي اس تقلل من اهمية دورها في مكافحة القرصنة وانتهاك حقوق الملكية الفكرية. بحسب البي بي سي.

وارسلت الشركة المعنية رسالة الى برنامج بانوراما تطالب بسحب الاتهامات مشيرا الى ان بي بي سي "تعمدت تشويه نشاطات شرعية"، الا ان متحدثة باسم بي بي سي قالت ان الهيئة "متمسكة بتحقيق بانوراما"، وكانت اي تي في اطلقت خدمتها الرقمية منافسة لقنوات سكاي التابعة لنيوز كورب عام 1998، وتوفر ان دي اس بطاقات فك الشفرة لسكاي واي تي في وادى تسرب شفرات اي تي في الى امكانية مشاهدتها مجانا.

فضيحة التنصت

من جانب أخر طلبت شرطة لندن من الإدعاء العام البريطاني، توجيه اتهامات لـ11 شخصا في فضيحة التنصت على الهواتف من قبل صحفيين، عملوا في صحف تابعة لشركة "نيوز كورب، وقالت النيابة العامة إن المشتبه بهم هم أربعة صحفيين، وضابط شرطة، وستة أشخاص آخرين، امتنعت عن تسميتهم، وأشارت السلطات إلى أنهم لا يعرفون متى سيتم اتخاذ قرار التهم الموجهة إليهم، وتم القبض على عشرات الأشخاص في التحقيق، والذي يشغل الرأي العام البريطاني لأكثر من عام، ولكن لم توجه اتهامات لأحد قبل هذا الإعلان، واضطر روبرت ميردوخ الذي يملك شركة "نيوز كورب" الإعلامية إلى إغلاق صحيفة التابلويد البريطانية "صنداي،" وصحيفة "أخبار العالم،" بعد غضب شعبي من حجم التنصت غير القانوني الذي مارسه صحفيون في بحثهم عن قصص إخبارية. بحسب البي بي سي.

وفي الثالث من الشهر الجاري، قدم جيمس نجل روبرت مردوخ، استقالته من منصبه كرئيس لشركة "بي سكاي بي"، حسبما أعلنت الشبكة التلفزيونية البريطانية، بعد نحو شهر من استقالته كرئيس تنفيذي لمجموعة "نيوز كورب، تأتي هذه الاستقالات المتتالية لجيمس ميردوخ، على خلفية فضيحة "التنصت" على هواتف عدد السياسيين، والمشاهير، وضحايا جرائم مختلفة، ومحاربين قدامى، والتي دفعت إلى إغلاق صحف العام الماضي، وكان ميردوخ الابن، البالغ من العمر 39 عاماً، قد نفى مراراً أي دور له في فضيحة التنصت، التي طالت عدداً من المسؤولين في المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إلا أنه لفت إلى أن استقالته تأتي حرصاً على مصالح "بي سكاي بي"، التي تدير عدداً من القنوات الفضائية في بريطانيا وخارجها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 5/آيار/2012 - 13/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م