جرائم الإبادة... انتهاكات لا تسقط بالتقادم

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تناضل الانسانية منذ أمد بعيد لوضع حد لجرائم الابادة الجماعية التي غالبا ما يقترفها، فرد تقف وراؤه قوة داعمة، كأن يكون رئيس حكومة او قائد جيش، أو قائد لميليشيا معينة، فيرتكب مجززة بحق ضحايا ابرياء، بسبب القوة المفرطة التي يمارسها ضد المناهضين له لأي سبب كان، ويحفل تأريخنا بقضاءا ابادة جماعية يندى لها الجبين، حيث يتم قتل أو اعدام الملايين بحجج واهية ويتم ازهاق أرواحهم بدم بارد إشباعا لشهوة القتل التي يتمتع بها بعض القادة الافراد المتوحشين، لهذا لا تزال المنظمات المعنية تسعى لتطويق مثل هذه الجرائم في عصرنا الراهن، وهناك سعي دؤوب من لدن المنظمات وبعض الدول لمحاسبة مرتكبي جائم الابادة دوليا، أي من خلال محكمة لاهاي الدولية المعنية بمحاكمة مرتكبي جرائم الابادة، ونستعرض في هذا التقرير عددا من هذه الجرائم التي حصلت حديثا، مع متابعة للاجراءات القضائية والقانونية التي اتخذتها الجهات المعنية من اجل مكافحة هذا النوع من الجرائم، وتهدف مثل هذه الاجراءات للقضاء او الحد في اضعف الايمان مكن تنامي وانتشار جرائم الابادة البشرية.

رسالة قوية الى مرتكبي جرائم حرب

فقد رحبت الولايات المتحدة الخميس بادانة الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في سيراليون معتبرة ان القرار يشكل "رسالة قوية" الى مرتكبي جرائم حرب، واعلنت فيكتوريا نولاند الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية في بيان ان "محاكمة تايلور امام المحكمة الخاصة لسيراليون توجه رسالة قوية الى كل الذين يرتكبون فظاعات -- بمن فيهم الذين يتولون مناصب عالية -- وهي انه لا بد من محاسبتهم، من جانبه اعلن الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني في بيان "رغم انه ليس ثمة اي وسيلة تعوض بشكل كامل عن المعاناة وفقدان الذين قتلوا وعذبوا واغتصبوا واستعبدوا عبر ممارسات تايلور الاجرامية، نأمل ان يساهم قرار اليوم (امس ادانة تايلور) في ردع الذين يريدون ان يحذوا حذوه، وادين تشارلز تايلور (64 سنة) رئيس ليبيريا السابق الخميس بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في سيراليون بين 1996 و2002 ليصبح بذلك اول رئيس دولة سابق يدينه القضاء الدولي منذ نورنبرغ، وسيصدر الحكم بحقه في الثلاثين من ايار/مايو، وسيمضي عقوبته في احد سجون بريطانيا، وقالت فيكتوريا نولاند ان المحاكمة "تكتسي بعدا تاريخيا وقضائيا كبيرا". بحسب فرانس برس.

واضافت ان "الولايات المتحدة من اكبر داعمي وممولي صندوق المحكمة الخاصة لسيراليون منذ بدايتها وان انهاء عمل المحكمة من اولويات الحكومة الاميركية، غير ان الولايات المتحدة التي تدعم المحكمة الخاصة لسيرايون ترفض الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية خوفا من احتمال تسييسها.

جرائم حرب في سيراليون

في سياق متصل ادين الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور (64 سنة) الخميس بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في سيراليون بين 1996 و2002 ليصبح بذلك اول رئيس دولة سابق يدينه القضاء الدولي منذ نورمبرغ، واشاد العديد من المنظمات غير الحكومية واعضاء المجتمع الدولي بالحكم باعتباره يوجه "رسالة قوية" الى مجرمي الحرب بأنهم "لن يفلتوا من العقاب، وقال القاضي ريتشارد لوسيك امام المحكمة الخاصة لسيراليون ان "المحكمة تعتبرك مذنبا بسبب مساعدتك وتشجيعك على ارتكاب الجرائم التالية" معددا 11 تهمة بينها الاغتصاب والقتل والاعمال غير الانسانية في جلسة عامة اقيمت في لايدشندام قرب لاهاي امام المحكمة الخاصة بسيراليون، واوضح القاضي ان الحكم بحق تايلور المدان ايضا بارتكاب جرائم قتل واغتصاب ومعاملة غير انسانية سيصدر في 30 ايار/مايو، بينما افاد ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية لفرانس برس ان تايلور سيمضي عقوبته في سجن بريطاني، ويعتبر حكم المحكمة الخاصة بسيراليون اول حكم يصدر عن القضاء الجنائي الدولي بحق رئيس دولة سابق منذ ذلك الذي صدر في 1946 عن محكمة نورمبرغ العسكرية الدولية بحق كارل دونتز القائد الاعلى للبحرية الالمانية الذي خلف ادولف هتلر في نهاية الحرب العالمية الثانية وحكم عليه بالسجن عشر سنوات بتهمة ارتكاب جرائم حرب. بحسب فرانس برس.

وادين تشارلز تايلور بتدبير وتنفيذ حملة رعب تهدف الى السيطرة على سيراليون بغرض استغلال الماسها خلال حرب اهلية اسفرت عن سقوط 120 الف قتيل بين 1991 و2001، ويقول الادعاء ان قوات تايلور قاتلت الى جانب متمردي الجبهة الثورية المتحدة في سيراليون التي كان الرئيس السابق يقودها سرا عبر تزويدها بالاسلحة والذخيرة مقابل حصوله على الماس، واعلن القاضي ريتشارد لوسيك ان "المحكمة اعتبرت ان دور المتهم كان حاسما في تزويد الجبهة الثورية الموحدة بالاسلحة وانه حصل على الالماس مقابل ذلك، واضاف القاضي "قطعت رؤوس وعرضت جماجمها في حواجز" وتحدث عن "اغتصاب نساء وبنات امام الملا، ووصفت الولايات المتحدة الحكم بانه "رسالة قوية" لمجرمي الحرب الذين "تتعين محاسبتهم" في حين راى فيه الاتحاد الاوروبي "قرارا تاريخيا في مكافحة الافلات من العقاب، وقال وزير الخارجية الفرنسي "ان هذا الحكم يرتدي طابعا كونيا: ان ادانة دكتاتور سابق بمثل هذه الجرائم يشكل سابقة تاريخية وان فرنسا تشيد بها، واعتبر وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ ان الحكم "يظهر اثر القانون الدولي كبير ولا حدود زمنية له وان قادة الدول لا يمكن ان يختبئوا وراء الحصانة، من جانبه اشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالحكم الذي "يوجه رسالة قوية لكل القادة مفادها انهم مسؤولون وسيكونون مسؤولين على افعالهم، واضاف في بيان "ان الحكم يشكل مرحلة بالنسبة للقضاء الدولي، واشادت المفوضة السامية لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي بالحكم معتبرة انه يشكل "لحظة تاريخية في تطور القضاء الدولي" واضافت في بيان "انه تحذير واضح لباقي القادة الذين يرتكبون جرائم مماثلة او يعتزمون ارتكابها، وقالت منظمة الامم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) في بيان ان الحكم "نصر للاطفال الذين يتم تجنيدهم واستخدامهم في الحروب" ومن شانه ان يشكل "تحذيرا لباقي القادة (..) وزعماء الحرب، واعتبرت اليز كابلر المسؤولة في منظمة هيومن رايتس ووتش عن مسائل القضاء الدولي "ان ادانة تايلور توجه رسالة قوية مفادها انه حتى من يتولون المناصب الاعلى يمكن ان يحاسبوا على الجرائم الخطرة، واكد كورتناي غريفيتيس المحامي عن تشارلز تايلور ان الادلة التي اتاحت اثبات جرم موكله قد "اشتراها" مكتب المدعي وانتقد محاكمة "املاها بعض الاعتبارات السياسية، وقال المحامي ان تايلور استمع الى الحكم ب "رباطة جأش"، مشيرا الى انه سيناقش مع فريقه احتمال رفع دعوى استئناف، وجلس تايلور مرتديا بزة زرقاء وقميصا ابيض وربطة عنق حمراء، وراء محاميه وبدا يكتب على دفتر عندما افتتح حاجب المحكمة الجلسة التي دامت اكثر من ساعتين. وقد دفع ببراءته، ونقلت الجلسة مباشرة في مقر المحكمة الخاصة بسيراليون في فريتاون عاصمة سيراليون بينما انتشرت اعداد كبرى من قوات الامن الليبيرية والدولية الخميس في شوارع مونروفيا عاصمة ليبيريا حيث دعت الحكومة الشعب الى الهدوء و"الصلاة من اجل الامة والسلام". وعمت الاهازيج فريتاون لدى صدور الحكم.

وقد امر مجلس الامن الدولي بنقل محاكمة تايلور الى لاهاي في العام 2006 لاسباب امنية، وقد بدات محاكمته في الرابع من حزيران/يونيو 2007 وانتهت في 11 اذار/مارس 2011، واستغرق القرار نحو سنة، حيث عكف القضاة على قراءة اكثر من خمسين الف صفحة شهادات ودراسة 1520 صفحة من الادلة، واستدعى الادعاء 94 شاهدا والدفاع 21 بمن فيهم تشارلز تايلور شخصيا الذي ادلى بشهادة استمرت 81 ساعة للدفع ببراءته ووصف ما قيل عن انه أكل من لحم البشر بانها "اكاذيب"، غير انه اكد انه لا يرى اي مشكلة في عرض جماجم بشرية عند الحواجز العسكرية، وشهدت المحاكمة اهتماما على الساحة الدولية في اب/اغسطس 2010 عندما مثلت امام المحكمة عارضة الازياء البريطانية ناومي كامبل والممثلة ميا فارو للادلاء بشهادتيهما بناء على طلب المدعي، وقد اصدرت المحكمة الخاصة بسيراليون في فريتاون احكاما بالسجن تراوح بين 15 الى 52 عاما بحق ثمانية متهمين بارتكاب جرائم في سيراليون.

الجريمة الاخطر في نظر القانون الدولي

كما تعتبر الابادة الجماعية التي اتهمت تركيا فرنسا بارتكابها في الجزائر ردا على تبني الجمعية الوطنية الفرنسية قانونا يجرم انكار "الابادة الارمنية"، اخطر جريمة يعترف بها القانون الدولي لكنها من اصعب الجرائم التي يمكن اثباتها، وكلمة "جينوسايد" التي تعني ابادة جماعية مشتقة من اللغة اليونانية "جينوس" (عرق) وكلمة من اللاتينية ملحقة بها هي "كايديري" التي تعني قتل، وقد ابتكرها في 1944 رافايل ليمكين وهو يهودي بولندي لجأ الى الولايات المتحدة وعمل مستشارا في وزارة الحرب الاميركية، ليستخدمها في وصف الجرائم التي ارتكبها النازيون بحق اليهود في اثناء الحرب العالمية الثانية، واستخدمتها للمرة الاولى في اطار قانوني المحكمة العسكرية في نورمبرغ في 1945 عند اتهام المسؤولين النازيين الذين صدرت عليهم احكام في نهاية المطاف لارتكابهم "جرائم ضد الانسانية". بحسب فرانس برس.

ولم يعترف القانون الدولي بجريمة الابادة الجماعية الا عام 1948 بفضل معاهدة الامم المتحدة التي عددت جملة من الافعال تشكل جرائم "ابادة جماعية" اذا ارتكبت "بنية القضاء كليا او جزئيا على مجموعة قومية او اتنية وعرقية او دينية"، اما المجازر التي اودت بحياة مئات الآلاف من الارمن في 1915، فقد اعترفت بها الامم المتحدة على انها "ابادة" في 1985، ومع ان البرلمان الاوروبي اعترف عام 1987 بابادة الارمن اقتصرت الدول الاوروبية التي حذت حذوه على فرنسا (2001) وسويسرا (المجلس الوطني عام 2003 مخالفا مشورة الحكومة)، بلجيكا (1998) اليونان، وادت الابادة في رواندا الى مقتل 800 الف شخص من قبيلتي توتسي وهوتو عام 1994 بحسب الامم المتحدة والى انشاء محكمة الجزاء الدولية لرواندا في اروشا. واصدرت المحكمة اعتبارا من 1998 حوالى 20 ادانة بتهم الابادة او المشاركة فيها، واعتبرت محكمة العدل الدولية مجزرة سريبرينيتسا (شرق البوسنة) التي قتل فيها نحو ثمانية الاف من مسلمي البوسنة "ابادة"، واصدرت محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة عدة ادانات في اطار هذه الابادة، في بنوم بنه يحاكم ثلاثة مسؤولين سابقين في نظام الخمير الحمر (1975-79) بتهم ارتكاب ابادة وجرائم حرب امام محكمة برعاية الامم المتحدة، واصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم بحق المدنيين في دارفور، وافادت لجنة تحقيق في الامم المتحدة عام 2005 في خلاصاتها انه بالرغم من حدوث جرائم ضد الانسانية في دارفور فانها ليست ابادة، بغياب نية فعلية لابادة جماعية على مستوى الحكومة المركزية، والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي هي المحكمة الجزائية الدولية الدائمة الوحيدة المكلفة محاكمة مرتكبي الابادة منذ 2002، وتبنى البرلمان الفرنسي الخميس قرارا يجرم انكار اي ابادة بما في ذلك "ابادة" الارمن في تركيا.

دوتش مدير سجن بنوم بنه في عهد الخمير

في حين حكمت محكمة استئناف على "دوتش" مدير سجن بنوم بنه في عهد نظام الخمير الحمر في كمبوديا، الجمعة بالسجن مدى الحياة، في اول حكم نهائي للمحكمة التي ترعاها الامم المتحدة شدد حكم السجن ثلاثين عاما الصادر عن غرفة البداية، وفي تموز/يوليو 2010، صدر الحكم الاول على رئيس تول سلينغ او "اس 21" السجن المركزي للعاصمة من 1975 الى 1979 الذي عذب فيه حوالى 15 الف شخص قبل اعدامهم، اثر ادانته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، لكن غرفة القضاء الاعلى في المحكمة شددت العقوبة الى "السجن مدى الحياة"، معتبرة انها تتلاءم مع الجرائم التي ارتكبها المتهم واسمه الحقيقي كاينغ غويك اياف، وقال رئيس المحكمة كونغ سريم ان "جرائم كاينغ غويك اياف تعد من اسوأ الجرائم التي سجلت في التاريخ. انها تستحق العقوبة القصوى"، وقد استبعدت عقوبة الاعدام من نظام المحكمة، ولم يبد دوتش (69 عاما) اي انفعال، وحيا الرجل الذي طالب باطلاق سراحه، القاعة بيدين مضمومتين امام وجهه ثم اقتيد الى السجن الواقع في ضاحية بنوم بنه حيث قرر القضاة ان يبقى حتى نهاية حياته، وطالب بهذه المحاكمة الناجون النادرون من "اس 21" وعائلات الضحايا. وكان يمكن للحكم الاول ان يسمح لدوتش بالخروج من السجن بعد 18 عاما نظرا للسنوات التي قضاها فيه. الا ان هذا الاحتمال لم يكمن مقبولا في نظرهم، وقالت كيم هوي (60 عاما) التي فقدت 19 من افراد عائلتها بينهم زوجها ووالداها ان "العدالة تجري من اجل العدالة. اريد ان اشعر بسلام"، من جهته، قال بوف سينوون (52 عاما) "ساقول لاهل القرية ان المحكمة اصدرت حكما عادلا"، واضاف "هذا صحيح لقد تم احقاق العدل"، وصرحت كلير دوفي من منظمة "اوبن سوسايتي جاستيس اينيشياتيف" ان القرار "يثير صدمة"، مذكرة بان دوتش امضى عدة سنوات في السجن خارج كل اطار قضائي وكان يمكن ان يستفيد من تعويض عن ذلك، واضافت ان الحكم يعطي "وزنا غير مبرر للرأي العام"، موضحة ان "الكثير من الكمبوديين سيفرحون اليوم لكن على حساب المتهمين، وقالت الحكومة الكمبودية من جهتها بعيد اعلان الحكم انه "يوم تاريخي". بحسب فرانس برس.

وصرح نائب رئيس الوزراء سوك آن للصحافيين ان "الطريق للوصول الى هذا الحكم كان طويلا ومتعبا وكثير من الضحايا ومرتكبي الجرائم ماتوا قبل ان يشهدوه"، وفي باريس رحب الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو "بالنتائج" التي افضت اليها محاكمة "دوتش"، معتبرا ان الحكم عليه يشكل "كرحلة مميزة للحد من الافلات من العقاب"، وقال ان "هذا الحكم يشكل مرحلة مميزة لعائلات الضحايا والشعب الكمبودي وبشكل اوسع، لمكافحة الافلات من العقاب"، وكان "دوتش" اقر بانه اشرف على عمليات تعذيب واعدام 15 الف شخص، لكن محاميه قالوا انه كان "مجرد منفذ اوامر" في نظام بول بوت، وذلك في اول جلسة استئناف في محاكمته جرت في بنوم بنه، ومثل كاينغ غيك اياف، المدير السابق لسجن العاصمة الملقب ب"اس21" في عهد نظام الخمير الحمر (1975-1979) والمحكوم عليه بالسجن ثلاثين عاما في تموز/يوليو 2010 بعد اعترافه، امام المحكمة العليا التي تشرف عليها الامم المتحدة طالبا الافراج عنه ببساطة، وقد قضى نحو مليوني شخص تحت التعذيب والانهاك او سوء التغذية ابان الممارسات الماركسية اللينينية للخمير الحمر قبل ان يطيح بهم الفيتناميون، وقد توفي بول بوت سنة 1998 بدون التعرض الى اي مضايقة، و"دوتش" هو اول مسؤول في الخمير الحمر تحاكمه المحكمة التي انشئت في 2006 بعد سنوات من المفاوضات بين نظام بنوم بنه والاسرة الدولية، وقد اختبأ استاذ الرياضيات السابق لسنوات قبل ان يعثر عليه في 1999 مصور ايرلندي يعمل لمنظمة خيرية مسيحية.

ان ايطاليا اخلت بواجباتها بسماحها بدعاوى ضد النازية

كما رأت محكمة العدل الدولية الجمعة ان ايطاليا اخلت بالتزاماتها حيال المانيا بسماحها برفع دعاوى قضائية تهدف الى مطالبة برلين بتعويضات لضحايا جرائم النازية، وقال القاضي هيساشي اواده ان "المحكمة تعتبر ان رفض المحاكم الايطالية الاعتراف بالحصانة يشكل اخلالا في الالتزامات حيال الدولة الالمانية"، وكانت المانيا تقدمت في 23 كانون الاول/ديسمبر 2008 بشكوى الى اعلى هيئة قضائية في الامم المتحدة بعدما واجهت زيادة في قضايا اسر ضحايا جرائم النازية في المحاكم الايطالية، ورفعت هذه الدعاوى عائلات ضحايا مجازر مدنيين وورثة ايطاليين هجروا من المانيا واجبروا على العمل بين ايلول/سبتمبر 1943 وايار/مايو 1945 بينما كانت ايطاليا تحت الاحتلال الالماني على اثر سقوط التحالف بينهما، وترى برلين ان ايطاليا وبسماحها بهذه الدعاوى المدنية ضد المانيا لا تحترم مبدأ الحصانة القضائية التي يمنحها لها القانون الدولي. بحسب فرانس برس.

ارتكاب مذبحة

الى ذلك قضت محكمة في جواتيمالا على جندي سابق من القوات الخاصة بالسجن 6060 عاما لمشاركته في مذبحة وقعت عام 1982 قتل فيها 201 شخص، ورحل بدرو بيمنتل (55 عاما) من لوس انجليس بولاية كاليفورنيا الامريكية العام الماضي ليواجه تهمة القتل وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وهو خامس جندي يصدر عليه حكم في جواتيمالا عن دوره في مذبحة لاس دوس ايريس التي وقعت في ذروة الحرب الاهلية الوحشية في البلاد، وعدد سنوات السجن الذي قضت به المحكمة هو رمزي بالدرجة الاولى لان قوانين جواتيمالا تسمح بالسجن 50 عاما كحد أقصى، وكان جندي سابق شارك في المذبحة قد شهد ان بيمنتل كان من بين 20 جنديا توجهوا الى احدى القرى في ديسمبر كانون الاول عام 1982 للبحث عن أسلحة مفقودة، ثم قام الجنود بعد ذلك بربط أعين القرويين ومن بينهم طفل وليد وضربوهم بهراوات حتى الموت قبل ان يلقوا بهم في بئر عمقها 15 مترا، وقضت المحكمة على بيمنتل بالسجن 30 عاما عن كل نفس قتلها في الهجوم بالاضافة الى 30 عاما عن جرائم ضد الإنسانية. بحسب رويترز.

وينفي بيمنتل الذي خط الشيب شعره الآن التهم المنسوبة له ويقول انه غادر المنطقة في نوفمبر تشرين الثاني عام 1982، واستمر الصراع في جواتيمالا من عام 1960 حتى عام 1996 وقتل فيه او فقد نحو ربع مليون نسمة، وكان قاض قد اصدر في اغسطس اب الماضي حكما بالسجن 6060 عاما على كل من أربعة جنود لدورهم في مذبحة لاس دوس ايريس، وبدأت في يناير كانون الثاني محاكمة الدكتاتور السابق ايفرين ريوس مونت الذي حكم جواتيمالا 17 شهرا خلال عامي 1982 و1983 في ذروة الحرب الدامية.

"العقوبة القصوى" ضد قائد ميليشيا كونغولي

من جهة أخرى اعلن مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو الخميس انه سيطلب "حكما قريبا من العقوبة القصوى" بحق توماس لوبانغا زعيم الميليشيا في الكونغو الديموقراطية، وصرح مورينو اوكامبو في مؤتمر صحافي في لاهاي "سنطلب حكما قريبا من العقوبة القصوى"، مؤكدا انه "اذا طلبنا سنة لكل طفل (من الاطفال المجندين القتلى)، سنكون ابعد بكثير من الثلاثين سنة المنصوص عليها في اتفاقية روما"، ودانت المحكمة الجنائية الدولية توماس لوبانغا (51 سنة) بارتكاب جرائم حرب لانه جند اطفالا في الحرب الاهلية التي دارت في ايتوري شمال شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، من جهة اخرى اعرب المدعي عن امله في ان تتم ملاحقة شريك لوبانغا بوسكو نتاغاندا الفار الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف منذ 2006 للتهم نفسها المتمثلة في تجنيد الاطفال، بتهمة الاغتصاب والقتل، وقال مورينو "ثبت لنا ان هناك ما يكفي من الادلة لاقامة تهم القتل والاغتصاب بحق بوسكا نتاغندا، وهو ما سنفعله، وسيطلب المدعي من القضاة اصدار مذكرة توقيف جديدة بتهمة جرائم اضافية بحق بوسكو نتاغندا مساعد قائد الاركان السابق في القوات الوطنية لتحرير الكونغو التي كان يقودها توماس لوبانغا. بحسب فرانس برس.  

واضاف مورينو "حان الوقت لاعتقاله" موضحا ان موفدين من مكتبه سيلتقون قريبا الرئيس الكونغولي جوزف كابيلا بشان بوسكو نتاغندا المجند حاليا في الجيش الكونغولي، واعتبرت جيرالدين ماتيولي المكلفة القضاء الدولية في منظمة هيومن رايتس ووتش ان "هذا الاعلان سيعيد الامل الى ضحايا تلك الجرائم في ايتوري التي ما زالت تنتظر احقاق العدالة"، وسيحدد قضاة المحكمة الجنائية الدولية الذين نطقوا باول حكم الاربعاء، في وقت لاحق الحكم على توماس لوبانغا المعتقل في لاهاي منذ 2006. وقد انتهت محاكمته التي كانت اول محاكمة تفتتح المحكمة الجنائية الدولية في 26 كانون الثاني/يناير 2009، في 26 اب/اغسطس 2011، وقد دفع مؤسس اتحاد الوطنيين الكونغوليين وقائد الجبهة الشعبية لتحرير الكونغو، وجناحها العسكري ببراءته، واسفرت المواجهات الاتنية واعمال العنف بين الميليشيات من اجل السيطرة على مناجم الذهب وغيرها من الموارد الطبيعية في تلك المنطقة بشمال شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، عن سقوط ستين الف قتيل منذ 1999، حسب منظمات غير انسانية.

وفاة جون ديميانيوك

على صعيد أخر توفي جون ديميانيوك (91 عاما) الذي تولى ادارة احد المعتقلات النازية، في دار للمسنين بعد اقل من عام على الحكم عليه بالسجن خمسة اعوام في واحدة من اكبر قضايا النازية في المانيا، واعلنت الشرطة الالمانية السبت وفاة الرجل الذي لا يحمل اي جنسية وحكم عليه في ايار/مايو 2011 لمشاركته في قتل اكثر من 27 الف شخص عندما كان حارسا لمعتقل سوريبور النازي في 1943 في بولندا، وقد توفي في دار للمسنين في باد فايلنباخ في بافاريا حيث كان يعيش منذ صدور الحكم عليه، وقالت الشرطة انها ستجري تحقيقا روتينيا في اسباب وفاته، وقال افراييم زوروف مدير مركز سيمون فيزنتال في اسرائيل المتخصص في مطاردة النازيين السابقين ان وفاته ستسمح باطلاق ملاحقات جديدة ضد حراس معتقلات آخرين، اما "مطارد النازيين" سيرج كلارسفيلد، فقد رأى ان "عالما بدون ديميانيوك افضل من عالم معه"، وديميانيوك مولود في نيسان/ابريل 1920 في اوكرانيا. وقد افرجت عنه محكمة في ميونيخ (جنوب) وكان يقيم منذ ذلك الحين في دار المسنين هذه بانتظار دراسة طلب استئناف تقدم به، وقد رأى القضاء الالماني انه لم يعد يمثل اي خطر ولا يمكن ان يفلت من القضاء نظرا لسنه ووضعه كرجل لا يحمل جنسية اي بلد. بحسب فرانس برس.

وكان ديميانيوك ابعد في 2009 من الولايات المتحدة حيث كان يعيش منذ الخمسينات، وبعد محاكمة استمرت 18 شهرا بدأت في تشرين الثاني/نوفمبر في ميونيخ، رأى القضاء انه كان فعلا حارس معتقل سوبيبور لستة اشهر في 1943، قتل خلالها حوالى 27 الفا و900 يهودي معظمهم من الهولنديين، الا ان ديميانيوك نفى كل الاتهامات وقال انه اسر في 1942 وكان يخدم في الجيش السوفياتي، وقد اكد انه امضى بقية الحرب في معسكرات اعتقال قبل ان يهاجر الى الولايات المتحدة حيث عمل في مصنع لتجميع السيارات في كليفلاند في ولاية اوهايو (شمال).

جرائم حرب اسرائيلية

فيما اعلن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الثلاثاء ان التحقيق الاولي في جرائم حرب اتهم الجيش الاسرائيلي بارتكابها في الاراضي الفلسطينية، قد توقف بانتظار قرار من الامم المتحدة حول وضع فلسطين، وقال مكتب النائب العام في بيان نشر على موقعه على الانترنت "راى المكتب انه يعود الى الهيئات المختصة في الامم المتحدة البت قانونيا في ما اذا كانت فلسطين تعتبر دولة ام لا، للنظر في امكانية انضمامها الى اتفاقية روما" وهي الاتفاقية المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، وكانت السلطة الفلسطينية طلبت في كتاب خطي في الثاني والعشرين من كانون الثاني/يناير 2009 من المحكمة الجنائية الدولية ممارسة اختصاصها بشان "افعال ارتكبت على الاراضي الفلسطينية ابتداء من الاول من تموز/يوليو 2002" حسب ما جاء في بيان المدعي العام، وكان وزير العدل في السلطة الفلسطينية التقى المدعي العام لويس مورينو اوكامبو في شباط/فبراير 2009 وطلب منه التحقيق في "جرائم حرب" ارتكبها الجيش الاسرائيلي منذ عام 2002 وخصوصا خلال الهجوم الاسرائيلي على حركة حماس في قطاع غزة بين كانون الاول/ديسمبر 2008 وكانون الثاني/يناير 2009. بحسب فرانس برس.

وكانت السلطة الفلسطينية اقرت في الوثيقة التي قدمتها في كانون الثاني/يناير 2009 باختصاص المحكمة الجنائية الدولية الا ان اتفاقية روما تنص على ان الدول هي فقط التي يمكن ان توافق على اختصاص المحكمة، وفلسطين معترف بها كادولة في اطار علاقات ثنائية من قبل "اكثر من 130 دولة وبعض المنظمات الدولية" حسب ما افاد مكتب النائب العام، الذي ذكر ايضا بان الوضع الذي اعطته الجمعية العامة للامم المتحدة لفلسطين هو وضع "مراقب" وليس "دولة غير عضو".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3/آيار/2012 - 11/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م