حكماء إسرائيل المتقاعدون

توفيق أبو شومر

اعتدتُ أن أسمع أصوات جنرالات إسرائيل المتقاعدين، ممن يعودون فورا بعد انتهاء خدماتهم في الجيش إلى أفراد يقيسون الأمور بصورة أخرى ليست سياسية، ومن الغريب أن أكثرهم ينقلبون رأسا على عقب، فيصير عدد منهم  عقلانيين، ويصبح عدد آخر دعاة سلام، وفي بعض الأحوال يؤسسون جمعيات حقوقية، لمناصرة المستضعفين في الأرض من الفلسطينيين والأقليات الأخرى!

فيوفال ديسكن رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي السابق، وغابي أشكنازي رئيس هيئة الأركان السابق، وحتى مائير داغان رئيس جهاز الموساد الرهيب، كلهم اليوم ضد لوبي نتنياهو وباراك، ومن لفَّ لفهما، وقد فُسِّر الأمر بأنهم ينوون أن يصلوا للقيادة السياسية عبر أقصر الطرق، وهو تحطيم الخصوم الأقوياء، تمهيدا لتأسيس أحزاب سياسية إسرائيلية جديدة!

ولكن ما لفتَ انتباهي في هذه الصحوة المتأخرة، أن يوفال ديسكن ، لم يقل فقط:

" إن نتنياهو وباراك حالمان (مسيحيانيان) لا يصلحان لقيادة إسرائيل، فهما لم يفلحا في تقدير المواقف، وإدارة صراع مع إيران، ولا تنفع الاثنين زجاجات الفودكا والسيجار الفاخر، والحوارات واتخاذ القرارات، وهما يسكنان  في شقق فاخرة جدا تساوي ملايين الدولارات "

بل قال ديسكن  أيضا، وهو العليم ببواطن الأمور:

" إن إسرائيل تتحول منذ عشر أو خمس عشرة سنة إلى دولة عنصرية، تفرق بين اليهود والعرب، فالعرب لا يملكون الحقوق التي يملكها اليهود"

جاءت أقوال ديسكن بعد أن أصدرت مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقريرها ، وصدر التقرير في وقت احتفال إسرائيل بعيد استقلالها الرابع والستين ، ومما جاء فيه على لسان المفوضة(بلاي):

" إسرائيل وبلاروسيا وفنزويلا ومصر دولٌ تقيِّدُ عملَ منظمات حقوق الإنسان وتقمعها بالقوانين والعراقيل"!!

وليس من قبيل المصادفة أيضا أن  صحيفة معاريف أوردتْ مقالا لأحد صحفييها 28/4/2012 ينتقد حكيم حكماء العالم الرئيس شمعون بيرس!! الذي قال في مقابلة صحفية مع الصحفي نير حيفتس يجيب عن سؤال:

ما رأيك بفك الارتباط مع غزة، وهل كان قرارا صائبا؟

 يجيب بيرس:

 غزة لم تتغير، فقد كان الجيش في داخلها، وهو اليوم خارجها!!

يرد الصحفي:

 ولكن سقط اثنا عشر ألف صاروخ على إسرائيل بعد فك الارتباط؟

يجيب بيرس:

ولكن كم كان عدد القتلى؟ عشرة فقط، بينما قتل في مستوطنات غوش قطيف سبعةٌ وعشرون إسرائيليا!!!

حينئذٍ تصدَّى الصحفي عاموس لحكيم بني إسرائيل قائلا:

لقد أخطأ الحكيم، ولم يعلم أن الصواريخ شوشتْ حياة الإسرائيليين وأثرت على الزراعة والصناعة، ولم يكن مواطنو بئر السبع يتوقعون أن الصواريخ ستطالهم، وختم الصحفي   قوله:

" ما قاله شمعون بيرس للأسف، هو ما يقوله أعداء إسرائيل في الخارج من المهرطقين !!"

فهل ينضم رئيس الدولة (الحكيم) لكتلة ديسكن وداغان وأشكنازي، بعد أن انضم لهم أيضا رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أولمرت ليشكلوا حزبا جديدا اسمه حكماء دولة إسرائيل المتقاعدون ؟!!

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 3/آيار/2012 - 11/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م