بعد وفاة زعيم العرب عبد الناصر وصاحب الكاريزما الخاصة بين الزعماء
العرب وانتهت ريادة مصر في أفريقيا وبين الدول العربية، واستلمت الراية
بعدها السعودية ودول الخليج بصفتهم الدول صاحبة القدرة على العطاء
المادي، وأصبح المواطن الخليجي والسعودي بشكل خاص يشعر بتميزه عن غيره
من أبناء الجاليات الوافدة من دول العالم الثالث بالطبع لان أبناء دول
العالم الأول لا يستطيع احد الاقتراب منهم أو المساس بهم وإلا كانت
العواقب وخيمة.
ولان الدبلوماسية تتلون بنفس ألوان نظامها فقد غضت الخارجية
المصرية الطرف عن الانتهاكات المستمرة من جانب المواطن السعودي لأخيه
المصري والكوارث التي يواجهها أبناء مصر في السعودية من اعتقال بدون
محاكمات تصل لسنوات، ومنها قضايا ملفقة نتيجة خلاف مع الكفيل، وبعض
منها حقيقي نتيجة أخطاء يرتكبها المواطن المصري، ولكن في كل الأحوال
يجب أن يعامل المواطن المصري بشكل آدمي أثناء التحقيق معه وتوفير محامي
ومتابعة الخارجية فإذا تم كل شيء تحت مظلة الحكومة المصرية اطمأن
الجميع لنزاهة الأحكام ولكن هيهات فقد أغلقت السفارة المصرية والحكومات
المتعاقبة في ظل نظام مبارك آذانها لعقود عن صرخات واستغاثة أبناء
الجالية المصرية في السعودية للمعاملة السيئة في السجون والتحقيقات وفي
العمل وجبروت الكفيل.
كل هذا لم يلفت انتباه السادة المسئولين خشية انقطاع المعونات
القادمة من السعودية وتدفق الدولارات على خزائن الكبار في مصر، ولما
كان من العادي أن يهان المصري في السعودية والطبيعي ان تصمت مصر فقد
فوجئ السفير السعودي والشعب السعودي بأكمله (في أزمة الجيزاوي) بثورة
غضب مصرية ضد هذا الأسلوب ومظاهرات تنال من ذات الملك السعودي.
بعد سوء إدارة الأزمة من قبل السعودية والخارجية المصرية القابعة
في الكهف المباركي، ليس قضيتنا إدانة الجيزاوي أم لا فالجيزاوي يقف في
آخر طابور المعتقلين في السعودية وقضيته ليست إلا رمزا لباقي أبناءنا
المصريين التائهين في رمال السعودية، الغريب ان الدبلوماسية والقيادة
في مصر ركعت أمام قرار السعودية سحب سفيرها وأرسلت رسائل استجداء
واسترحام للملك السعودي ليتراجع عن قراره وكأن علاقة السعودية بنا أمر
يخصنا وحدنا ولا يخصهم هم، كان الأولى أن تهتز السعودية لان حليفتها
مصر بدأت تنتفض وترفض أسلوبها في معاملة المصريين فتصدر قرارات عنترية
بالإفراج عن المعتقلين لديها أو تسوية عادلة لقضاياهم ولكنها فعلت
العكس بكاء واسترحام مما يهدد بالسكوت عن ملفات المصريين في السعودية
وربما تنكيل وتلفيق قضايا لمن تبقي منهم هناك، لم تصل رسالة الشعب
المصري جيدا للعالم بسبب الركوع الرسمي (المصري كرامته فوق كرامتكم
واغلي من كل أموالكم).
|