الحكومة وتشجيع الفعل القرائي

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يحكي لنا التاريخ عن حكومات وقادة سياسيين، شجعوا على القراءة واهتموا بالعلوم والآداب، وقدموا كل ما من شأنه أن ينشر القراءة، ويجعل منها حالة سائدة بين افراد المجتمع، ومعتادة من لدن الناس بمختلف فئاتهم العمرية، وكانت هذه الخطوة بالنسبة لبعض الحكومات (الحسنة الوحيدة) بسبب تراجع الاداء السياسي لها، ولكن أنصفها التاريخ من ناحية نشر القراءة، والترويج للكتاب، ومساندة المفكرين والعلماء والكتاب عموما، بل مساندة القراء على الشغف بالقراءة من خلال جملة من الخطوات، أهمها توفير الكتب بأنواعها، ودعم أسعارها بدرجة ملحوظة، ودعم الصالونات والمنظمات العلمية والفكرية والادبية.

نادي الكتاب هو مكان بسيط، تتوفر فيه وسائل الراحة، يتيح لرواده فرصة للقراءة، وقبلها الحصول على الكتاب المطلوب بسعر مناسب، أو على سبيل الاستعارة، يمكن للحكومة أن تبادر بإنشاء عدد من نوادي الكتاب في مراكز المحافظات كافة وأقضيتها ونواحيها، وتدعمها بالاموال اللازمة، لتوفير الكتب المتنوعة مع أماكن القراءة اللائقة، ويمكن أن تتبع هذه النوادي الى دائرة او مديرية مستقلة، تقوم بادارة شؤون هذه النوادي وتوفير الاحتياجات اللازمة لها، وهي لاتأخذ دور المكتبات العامة على قلّتها، فالمكتبة لها دور آخر، من حيث الحجم والكم والتنوع، وما الى ذلك، فكرة نادي الكتاب تختلف عن المكتبة، حيث تدار باسلوب اداري سهل وبسيط، لذا يمكن انشاء نوادي صغيرة متعددة في المحافظة الواحدة.

ينطبق هذا الامر على الجهد الاهلي المطلوب في هذا الصدد، ونعني بهم المهتمين بالثقافة عموما من الاثرياء والتجار وغيرهم، لابد أن يأخذوا دورهم في تثقيف عامة الناس، ويمكن أن يتحول ذلك الى مشاريع ربحية، بمعنى يمكن استثمار الاموال في مجال تشجيع القراءة، من خلال بدلات اشتراك بسيطة يقدمها الاعضاء للنادي، وما شابه من اجراءات تديم العلاقة بين الاطراف الثلاثة، الكتاب/ القارئ/ النادي، في هذه الحالة سوف يكون ثمة اقبال للقراء على النادي، لاسيما حين يعثر المرتادون على العناوين التي يبحثون عنها، وتشبع رغباتهم القرائية المتنوعة.

لقد كانت هناك تجارب ناجحة فعلا لانشاء بعض النوادي في عدد من المحافظات، نحن لا نتحدث هنا عن المنظمات الثقافية المزيفة، تلك التي تعطي لنفسها تسمية (منظمة مجتمع مدني) ولا تقدم نشاطا فعليا يؤكد هويتها، ويبعد عنها الشبهات، من أنها لا تهدف الى جمع المال تحت غطاء العمل الثقافي، بل نتحدث عن نوادي نجحت في مهامها الفنية والثقافية، بجهود وموارد ذاتية بسيطة جدا، لكنها استطاعت أن تجذب جمهورا من المتابعين لانشطتها، ناهيك عن وصول جهودها الى وسائل الاعلام وانتشارها داخل وخارج العراق، من هذه الاندية على سبيل المثال (نادي الكتاب) في كربلاء، فقد بدأ هذا النادي فقيرا بسيطا مغمورا، وما لبث ان استقطب المهتمين بالثقافة والفنون، وكوَّن له جمهورا متواصلا، وبدأ يبث روح الحماسة بين القراء لتشجيعهم على القراءة والمتابعة وتطوير الوعي، من خلال اطلاعهم على عدد من الكتب المتنوعة الصادرة حديثا، مع اقامة عدد من معارض الكتاب، بالتعاون مع مؤسسات تعني بنشر الكتاب والمطبوعات المتنوعة، ورافق ذلك ندوات وأمسيات ناقشت مع المؤلفين كتبهم الجديدة والموزَّعة على مجالات مختلفة، مع إشراك نخبة من المفكرين والكتاب والادباء في نشاط هذا النادي، الذي يصلح أن يكون نموذجا لنواد أخرى في عموم العراق.

نعم نجحت تجربة ومساعي نادي الكتاب في كربلاء، من دون دعم يذكر، فما بالك لو توفّر الدعم الحكومي لمثل هذه النوادي الجادة، وأكرر ثانية أننا لا نعني قط (المنظمات الوهمية او المزيفة) التي زادت الامور سوءً وتعقيدا فيما يخص تراجع القراءة في العراق، لذا نتمنى على كل من يهمه الامر لاسيما الأثرياء (القطاع الخاص) والجهات الحكومية، أن تسعى بجدية لتأسيس ونشر تجربة نوادي الكتب في عموم العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/آيار/2012 - 9/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م