المعركة الضارية مع الكولسترول

د. هاني حجاج

إذا قلت لمضيفك الذي يدعوك إلى عدد لا بأس به من أنواع اللحوم: "شكراً.. أنا نباتي!"؛ فأغلب الظن أنك سوف تواجه عاصفة من العبارات الساخرة، ليس أقلها تهكما التساؤل عن كيفية قدرتك على الحياة دون التزوّد بكم جيد من أصناف اللحوم !.. وليس هذا بجديد في شيء، فطالما أثارت جماعة النباتيين السخرية ممن حولهم، لكن الجدال مستمر وكلا من الطرفين متمسّك برأيه، فهم يقولون: "لا غنى عن وجبة دسمة لا تخلو من صنف واحد من اللحوم على الأقل.". ونحن نقول: "إن الخضروات أفضل كثيراً للصحة من اللحوم الغنية بالدهون".. فمن منا على حق؟ -إن علماء التغذية يصرّون على أن اللحم جيد للصحة، بل ويؤكدون أن اللحم الأحمر غني بالبروتين وعنصر الزنك وفيتامين (ب) وأنه لا حاجة للخوف من المحتوى الدهني.. هذه المواد والعناصر موجودة في الخضروات، هذا صحيح.. ولكن تؤكد (أماندا وين) أخصائية المواد الغذائية أن نسبة عشرين بالمائة من النساء في فترة الحمل ومن الأطفال بين السنة الأولى والثانية من عمرهم يشكون فقرا في مخزون الحديد الذي يكون نتيجة مباشرة لنقص فيتامين (ب) وهو عامل رئيسي في عملية امتصاص الأمعاء الدقيقة لعنصر الحديد، ويصيب ضعف الدم الناتج عن فقر الحديد ستة بالمائة من الأطفال بين سن الثانية والرابعة.. وبالرغم من وجود عنصر الحديد في العديد من أنواع النباتات (مثل السبانخ) إلا أن صعوبة امتصاص الحديد من النباتات وتدني المحتوى الحديدي أمور مسلّم بها علمياً، كما تؤكد(أورسولا ارنز) عالمة الغذاء التابعة لمؤسسة الغذاء البريطانية بتفسيرها: "إن ارتفاع نسبة المصابين بفقر الدم وصعوبة امتصاص الحديد من الخضروات في ازدياد".

لكننا نرد على هذا بالقول أن ثمة مادة خطرة معروفة تحملها أصناف اللحوم.. وهي ( الكولسترول) بالطبع، ومن المؤكد أن ارتفاع مستوى الكولسترول يعرض المرء للذبحة الصدرية ونوبات القلب، إلا أننا يجب أن نتذكر أن الكولسترول يلعب دورا حيويا مهما في أجسامنا وهو موجود في أغشية الخلايا. أما حاجتنا إليه فلأنه يساعد على إنتاج الأحماض الصفراوية التي تستخدم في امتصاص الدهون وهو ضروري لإنتاج فيتامين (د) والهرمونات الاستيرويديةٍ مثل الاستروجين والبروجيستيرون. بل إن أهميته تصل إلى حد أن بعض العلماء يربطون بين قلة الكولسترول في الدم والإصابة بالسرطان.

ما بين عشرين وأربعين في المائة مما نأكله يدخل الكولسترول في أجسامنا، بينما يتكفل الكبد بتصنيع الكمية الباقية، وينقل الكولسترول في الدم بواسطة جزيئات ناقلة تعرف بالبروتينات الدهنية وتتركب هذه الجزيئات من البروتين والدهن وتنقسم إلى نوعين: البروتينات الدهنية عالية الكثافة والتي تأخذ الكولسترول إلى الكبد حيث يخزن أو يدور في الجسد والبروتينات الدهنية قليلة الكثافة حيث يتم امتصاصه واستخدامه، وارتفاع نسبة وجود النوع الأخير في الجسم تشير إلى ارتفاع كمية الكولسترول بداخل الجسم وهي بهذا تدق ناقوس الخطر للانتباه إلى ضبط كمية الغذاء ونوعه ومراقبة ما يدخل جهازنا الهضمي.

تحتوي أجسامنا إجمالا على نسبة أكبر من الكولسترول الخبيث وهو ذلك النوع الذي يُحمل إلى خلايا الجسم بواسطة البروتينات الدهنية المتدنية الكثافة لأن زيادتها تعني تراكم الكولسترول. وحتى الانخفاض الشديد للبروتينات الدهنية العالية الكثافة والارتفاع الشديد للبروتينات الدهنية المتدنية الكثافة لا يساعد على جعل الأمر يبدو في وضع أفضل.. هذا الوضع الذي يزداد سوءاً، والواقع أن كل المشكلات التي نرى لها علاقة بالكولسترول تبدأ من هذه النقطة وذلك عندما نتناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الكولسترول بالفعل وبصفة خاصة تلك التي تحتوي على الدهون المشبعة أو بمعني أكثر دقة، الأحماض الدهنية المشبعة، وهي منتجات الألبان واللحوم طبعا، إذ يرتفع مستوى الكولسترول في الأوعية الدموية مسببا ترسّبات دهنية تكسو جدران الشرايين مهددة بالإصابة بتصلب الشرايين؛ إذ أن ترسّبات الكولسترول في جدران الشرايين تسبب ضيقها ثم سدها تماما، ويزداد الوضع تفاقما إذا حدث هذا الانسداد في أحد الشرايين التاجية التي تقوم بتوصيل الدم إلى القلب وبهذا يُحرم القلب من الدم المستمر وبالتالي من الأكسجين المطلوب وتكون النتيجة هي الإصابة بالذبحة الصدرية ثم موت النسيج العضلي للقلب ثم النوبة القلبية.

الكولسترول لا يوجد فقط في أصناف اللحوم كما يعتقد معظم الناس؛ فالبيضة الواحدة تحتوي على 252 ملليجراما من الكولسترول، وكوب الحليب يحتوي على 34 ملليجراما من الكولسترول، وملعقة صغيرة من الزبد بها كمية من الكولسترول تصل إلى 12 ملليجرامات. وتجري أبحاث وتجارب لا حصر لها حول كيفية وأسباب تحوّل الكولسترول الخبيث إلى رواسب دهنية وذلك عن طريق عملية الأكسدة، لهذا فإن أفضل وسيلة لتجنب هذا التفاعل هي زيادة ما نتناوله من مضادات الأكسدة الطبيعية وهي فيتامينات (أ) و(ج) و(هـ)، هذا بالطبع مع تخفيض المستوى العام للبروتينات الدهنية المتدنية الكثافة وذلك بالتخفيف من تناول الدهون المشبعة.

يمكن خفض مستوى الكولسترول عن طريق تغيير النظام الغذائي والحفاظ على وزن معتدل، فيجب تخفيض نسبة الحصول على الوحدات الحرارية من الدهون إلى ثلاثين بالمائة لتخفيض خطر الإصابة بمرض القلب، و يمكن البدء بتقليل تناول الدهون المشبعة الموجودة في شحوم الحيوانات واللحم الأحمر ومنتجات الألبان واستبدال الحليب كامل الدسم بناقص الدسم، ثم نجبر أنفسنا على أن نكون نباتيين وذلك بتناول المزيد من الخضروات والفاكهة والنشويات وتخفيف الملح والسكر والسجائر. ومراجعة الكولسترول عن طريق أخذ عينة من الدم لتحديد مستوى الدهن في الجسم و البروتين الدهني عالي الكثافة والبروتين الدهني المتدني الكثافة وقد أصبح من الممكن الآن إجراء هذا الاختبار في جهاز منزلي يدوي، وهذا الفحص يكون ضروريا جدا لمن يوجد في عائلاتهم تاريخ إصابات أمراض القلب أو أصيب أحدهم بنوبة قلبية قبل سن الخمسين.. هذا الفحص يكون حتميا عندئذ.

 إن تناول الألياف مفيد لنا والكميات المعتدلة منها تقي من الإمساك والإسهال، والمدهش أن الذين يستهلكون كمية كافية من الألياف هم أقل عرضة للإصابة بسرطان القولون وأمراض القلب والاضطرابات المعوية، و لكن الغاية المرجوة لا تتأتي ألا بإدماج الألياف بحكمة في كل وجبة. وهناك نوعان رئيسيان من الألياف: النوع الأول هو النوع القابل للذوبان والنوع الثاني غير قابل للذوبان، وهناك أيضا ألياف الحمية وهو ما يطلق على الأجزاء النباتية التي تمر في المعدة البشرية والأمعاء الدقيقة دون أن تهضم (لأن إنزيمات المعدة والأمعاء الدقيقة لا تستطيع تكسيرها ومن ثم ذوبانها خلال جدار المعدة والأمعاء إلى الدم والدخول في دورة الجسم الدموية واستخلاص المواد المفيدة منها وتوصيلها إلى مختلف أعضاء وأجهزة الجسم).. وحين يصل الليف القابل للذوبان إلى القولون تحوّله البكتريا الموجودة إلى أحماض دهنية قابلة للذوبان.

 ثمة نوعان لليف القابل للذوبان: البكتين وهو الموجود في الفاكهة مثل التفاح والبرتقال، والصمغ الموجود في دقيق الشعير. أما الليف غير القابل للذوبان فلا تستطيع بكتريا القولون تحليله إلى أحماض دهنية قابلة للذوبان، وكل الأطعمة الليفية تحوي قدرا من هذا النوع المستعصي على الذوبان، لكنه أكثر تركيزا في دقيق القمح ودقيق الذرة. والواقع انه لا غنى عن أحد النوعين دون الآخر؛ إذ أن التوازن بين الليف القابل للذوبان والليف غير القابل للذوبان يمنح الطعام المهضوم تماسكا كتلويا طريا يساعد في تقدمه باتزان عبر القناة الهضمية، بمعني ألا يكون سريعا جدا ولا بطيئا جدا.

 وفي السبعينات من هذا القرن اكتشف الطبيب البريطاني ( دنيس بوركيت) انه نادرا ما رأى إصابات بسرطان القلب وأمرض القلب والتهاب الرتج وحصي الصفراء وقرحة المعدة والبواسير، وعزا (بوركيت) ذلك إلى الكميات العالية من تناول الألياف بالنسبة للأشخاص الذين كانوا موضع التجربة.

 فما هي النقاط الرئيسية التي يجب وضعها نصب أعيننا و نحن نحاول الاستفادة من تناول الألياف؟

 ينصح باحثو التغذية بعدم تناول أقراص مغذية لأن الألياف تكون مفيدة عندما تاتي من مصادر متنوعة، وعدم الاقتصار على الدقيق بل يجب التنويع لتأمين وجود نوعيّ الألياف القابل والغير قابل للذوبان وذلك بتناول الخضر والفاكهة والبقول والخبز، وينبغي إضافة الليف إلى قائمة الغذاء تدريجيا إذ أن بكتريا القولون هي التي تقوم بعملية تحليل الألياف وتخميرها، فيجب إتاحة الفرصة لها كي تقوم بعملها، وهذا التدريج يكون خلال ستة أسابيع، وإذا ظهرت متاعب غازات أو مغص فيجب التوقف لبضعة أيام وممارسة الرياضة ثم العودة مرة أخرى، ويجب أن نتذكر أن بعض الأطعمة ليفية أكثر من غيرها (الليف الموجود في قشرة التفاح مثلا أكثر من الموجود في شريحة بطيخ) ومعالجة الطعام نفسه قد تخفض من محتواه الليفي، فكوب من عصير التفاح يحتوي على واحد من عشرين من التفاحة الكاملة؛ لان تحضير عصير التفاح يتضمن التخلص من عدد كبير من مركبات التفاحة ونبذ قشرتها، وكذلك عملية تكرير الدقيق تنزع منه مجمل الليف، وان حجم الليف كبير لذا يقتضي بذل بعض الجهد لزيادة كمية الطعام المتناولة كي يكتمل محتواها الغذائي، لكن بعض الناس يظنون ان الإكثار هو الأفضل وهذا خطر للغاية؛ إذ أن كمية الليف الزائدة قد تمنع الجسم من امتصاص المعادن المطلوبة للنمو.

هذه هي النقاط التي يجب أخذها في الاعتبار إذا قررنا ضبط ميزان الألياف بغرض الاستفادة من إسهاماتها الوقائية العظمية في محاربة خطر الكولسترول الداهم.

باختصار ما هي أهم نصائح تقليل الكولسترول الداخل للجسم؟

1- ليكن الغذاء الذي تتناوله يتضمن الأطعمة الآتية والتي من شأنها أن تساعد على خفض مستوى الكولسترول بالدم مثل السمك والفاصوليا والثوم والتفاح والموز والجزر وثمار الجريب فروت وزيت الزيتون.

2- تأكد من تناول الكثير من الألياف في صورة فاكهة كالبرتقال والتفاح وخضروات وحبوب كاملة كما في الأطعمة الغنية بدقيق الشعير. الألياف الغذائية التي تذوب في الماء هامة جداً لخفض الكولسترول و هي توجد في الشعير والفول والأرز البني والفاكهة والشوفان. نخالة الشوفان والأرز البني (وتجدهما في بعض محلات العطارة الكبيرة، تستطيع ابتياع كمية مناسبة منهما وتحفظها في مطبخك) هما أفضل الأطعمة لخفض مستوى الكولسترول. وذلك لأن الألياف تمتص المعادن من الطعام الذي تتواجد فيه، فعليك بتناول المعادن الإضافية بمنأى عن الألياف.

3- تناول العصائر الطازجة، خاصة عصير الجزر والكرفس والبنجر، وتستطيع شراء خلاط كهربي خاص بعصر الخضروات، وتحضير عصائر جديدة. صحيح أنك لن تستسيغ الطعم في البداية لكنك سوف تعتاده سريعا وسوف تلاحظ أثره بشكل واضح. عصير الجزر يساعد على إخراج الدهون من العصارة الصفراوية في الكبد، وبالتالي يساعد على خفض مستوى الكولسترول.

4- الصوم كلما أمكن، يومي الاثنين والخميس للمسلمين الذي يخفف نشاط المعدة المرهق في أصعب أوقات النهار، وصيام المسيحيين الذي يتخلص من الأطعمة الدهنية بشكل عام، ويركز على الانتباه إلى الخضروات والحبوب.

5- استخدم الزيوت غير المكررة. اهتم بانتقاء أنواع الزيوت النقية وسوف تجد هذا حتى واضحا من شكل الزجاجة أو العبوة من خلال لمعان الإضاءة عبر المحتوى الزيتي اللامع كالذهب، وابتعد تماما عن الأنواع المعتمة الثقيلة، هذه الأنواع بعد ركنها في المطبخ سوف ترسب كتل دهنية. تخيل أن هذه الكتل مترسبة على قلبك أو في شرايينك! استخدم الزيوت التي تم عصرها على البارد والزيوت التي لم يتم تسخينها أبداً لدرجة حرارة تفوق 43 درجة مئوية أثناء الإعداد. استخدم الزيوت النباتية التي تكون سائلة في درجة حرارة الغرفة مثل زيت الزيتون وزيت فول الصويا وزيت بذر الكتان وزيت زهرة الربيع وزيت عباد الشمس وزيت بذر العنب الأسود ويوصى بزيت الزيتون بصفة خاصة.

6- لا تتناول المكسرات مطلقا، لا على سبيل التسلية ولا الكميات الكبيرة التي نزين بها أصناف الحلويات، هذه المكسرات تبدو صغيرة دقيقة الحجم والبعض يزعم أن لها دورا في التخسيس، هذا غير صحيح..

7- أقلل من كمية الدهون المشبعة والكولسترول في غذائك. تتضمن الدهون المشبعة كل الدهون الحيوانية بالإضافة إلى زيت جوز الهند و زيت نوى النخيل. عليك بعدم أكل كل الدهون المهدرجة و الدهون والزيوت الصلبة مثل السمن الصناعي (المارجرين) والزبد. لا تتناول الدهون التي تم تسخينها أو الزيوت المعالجة وتجنب المنتجات الحيوانية و الأطعمة المقلية أو الدهنية. اقرأ محتويات الأطعمة بعناية دائماً.

8- تستطيع تناول اللبن المنزوع الدسم (هناك عبوات مخصصة لشركات الألبان للبن الخالي من الدسم وتميزها علامة لونية معينة) والجبن القريش قليل الدسم واللحم الأبيض للدجاج دون الجلد (يفضل لحم الديك لقلة محتواه الهرموني)، ولكن في كميات مناسبة.

9- لا تتناول الكحول أو الكعك أو المشروبات الغازية أو القهوة أو صلصات مرق الدجاج أو المبيضات غير اللبنية والفطائر والأطعمة المصنعة أو المكررة أو الكربوهيدرات المكررة أو الشاي أو الخبز الأبيض أو أنواع القهوة مثل النسكافيه والكابوتشينو.

10- تجنب الأطعمة التي تنتج عنها غازات مثل البيض المسلوق بكثرة والكرنب المسوق و الكرنب و القرنبيط و المخللات الحلوة.

11- احصل على قدر متوسط و منتظم من الرياضة. استشر طبيبك دائماً قبل البدء في أي برنامج رياضي جديد ولا تبتكر برنامج من وحي أفكارك.

12- حاول تجنب الضغط العصبي و التوتر المستمر. تعلم وسائل مواجهة الضغوط، مثل أخذ نفس عميق والعد من واحد لعشرة في المواقف الصعبة، أو صرف الذهن لصور هادئة أو النظر للسماء أو الدعاء.

13- الأعشاب – يساعد الفلفل الأخضر والأحمر على خفض مستويات الكولسترول في الدم، فنحن لا نضع الفلفل في السلطة فقط على سبيل الزينة والتلوين.

***

الدهون الانتقالية (ما وراء الدهون)

يطلق عليه أكثر الأطعمة الغير صحية و / أو "الأزمة القلبية في صندوق"، وتلك المكوّنات الغذائية الفريدة يتم إنتاجها من خلال هدرجة الزيوت النباتية من أجل أن يتم تحويلها إلى مادة صلبة. وبالنسبة للدهون الانتقالية أو الزيوت النباتية المهدرجة (HVOs) فتعرف بأنها تعمل على زيادة مستويات LDL (البروتين الدهني المنخفض الكثافة) أو الكولسترول السيئ، بينما تعمل على تقليل البروتين الدهني المرتفع الكثافة، الكولسترول الجيد. كما أنها تعمل على ترسيب المواد الدهنية في الشرايين وتسبب اضطرابات في الهضم وتعمل على تقليل معدل الامتصاص للفيتامينات والمعادن الرئيسية.

يتم خلق تلك الدهون الانتقالية أو الزيوت النباتية المهدرجة من خلال تسخين الزيت النباتي إلى درجة مرتفعة جداً، وتحيله إلى مادة صلبة وبالتالي من الممكن أن يتم استخدامه في المرجرين والمعجنات أو الفطائر الحلوة والشطائر والأيس كريم والحلوى والأطعمة الأخرى العديدة. هناك مجموعة من الباعة الذين يدّعون من خلال الإعلانات الدعائية أن المرجرين مصنوعة من زيت عباد الشمس وبالتالي فإنه يتميز بأنه ذو تأثير صحي أكبر على القلب أي أنه أفضل من الزبد على سبيل المثال، ولا يتركون الفرصة لأنفسهم بالتفكير في كيفية تحول الزيت الأصفر اللون إلى اللون الأبيض.

إن الدهن المهدرج رخيص الثمن، وليست له رائحة، كما أنه يتميز بأنه عندما يتم إضافته إلى أي منتج؛ فإنه يعمل على زيادة فترة الاختزان الخاصة به أو ما يعرف بعمره على الرف، وبالتالي فإنه عنصر شهير في صناعات الغذاء. ومع ذلك، فلقد أثبتت الأدلة الحديثة انه بدلا من العمل على حماية القلب عملت تلك الدهون الانتقالية على إصابته بالضرر، كما أنها تعتبر مادة سامة بشكل رئيسي وتسبب الإصابة بالسمنة كما أنها مرتبطة ببعض أنواع من السرطان. ولقد تم القيام بدراسة طويلة المدى في مدرسة هارفارد للصحة العامة على 18.555 امرأة سليمة، معافاة تحاول أن تنجب أطفالاً ولقد وجد أنه لكل 2 % زيادة في كمية السعرات الحرارية التي تحصل عليها المرأة من تناول الدهون الانتقالية أو ما وراء الدهون، كان هناك زيادة في مخاطرة الإصابة بعدم الخصوبة بنسبة 73%.

وبالنسبة لخبير "الزيوت النباتية المهدرجة" أو الدهون الانتقالية البريطاني، إليكس ريتشاردسون، دكتوراه في الطب، فلقد علق على ذلك بقوله: لا يجب أن يكون هذا النوع من الدهون موجوداً في نظامنا الغذائي. إذ إنها تعتبر سامة وليس لها أية تأثيرات مفيدة على الصحة، بل أنها تسبب العديد من المخاطر الصحية. وفي عام 2003، نصحت منظمة الصحة العالمية WHO أن تلك الزيوت النباتية المهدرجة لابد من أن يتم تقييد كميتها إلى أقل من 1 % من مصادر الطاقة التي يتم تناولها. وفي بريطانيا قامت جميع سلاسل السوبر ماركت الرئيسية بالتعهد بمنع الزيوت المهدرجة من الأسماء التجارية للأطعمة والمشروبات بأسرع ما يمكن.

قامت مدرسة هارفارد للصحة العامة بدراسة تقييمية مفادها أنه على الأقل 30.000 فرد ومن المحتمل 100.000 فرد يموتون كل عام بالولايات المتحدة الأمريكية بسبب الأمراض القلبية الوعائية وذلك بسبب تناول تلك الزيوت النباتية المهدرجة التي يتم العثور عليها في معظم الأطعمة. ولقد أقرّت خبيرة التغذية الأمريكية، ماري إينيج، أن تلك الأنواع من الدهون تعمل على إصابة الوظيفة الخلوية بالاضطراب على مستوى وظائف الخلية مما يضعف قوة الجسم وقدرته على التخلص من السموم والفضلات. وهذا يفتح الباب أمام أمراض القلب، وداء السكري، والسرطان وضعف المناعة، والسمنة.

أمّا الأخبار السارّة فهي أنه منذ عام 2006؛ طبقا لتعليمات حكومة الولايات المتحدة وقواعدها، يحب أن يقوم مصنعي الغذاء بإقرار كميات الدهون الانتقالية أو الدهون الناتجة عن هدرجة الزيوت النباتية في المنتجات التي يقومون بإنتاجها. ولقد بدأ بعضهم بالفعل بالتخلص من تلك الدهون من المنتجات التي يقومون بتصنيعها. وبالنسبة لجمعية التربة البريطانية، التي تعبر عن الحركة العضوية بالمملكة المتحدة، فلقد أعلنت من جانبها مؤخراً أن جميع الإضافات التي تشمل الدهون النباتية المهدرجة ومادة أحادي جلوتامات الصوديوم MSG والأسبارتام قد تم تحريمها تماما من جميع أنواع المنتجات العضوية.

الطريقة الوحيدة لاستبعاد تلك الإضافات الضارة والتي لا حصر لها من النظام الغذائي للفرد هو تجنب جميع الأطعمة المصنّعة، والقيام بالمزيد من التجارب المعملية المكثفة ومحاولة استرداد النظام الصحي الجيد في تناول الطعام بحيث يتم تناول الأطعمة العضوية الطازجة الطبيعية مع القيام بتقييد وجبات المطاعم بحيث لا يتم تناولها إلا في الحالات النادرة، ومرّات معدودة، ومناسبات محدود جداً.

ولا تؤذي الأطعمة السريعة الغير صحية المضاف إليها الإضافات الصناعية (والتي نطلق عليها اسم صناديق وجبات القمامة!) الجسم فقط ولكنها تعتبر مواد قوية تعمل على تحفيز السلوك الغير اجتماعي. ولقد قام الباحثين في كاليفورنيا والمملكة المتحدة بإجراء الاختبارات في السجون التي يتم حبس فيها الشباب الذكور من مرتكبي الجرائم، ولقد تم تقديم لهؤلاء مصادر من الفيتامينات والمعادن والأحماض الدهنية الأساسية للعديد من الشهور؛ ثم تم القيام بفحص سلوكهم ودراسة كيفية تعاملهم مع بعضهم البعض. وف وجد في كلا الدولتين أن هناك انخفاض السلوك العدواني بنسبة 33 %، حيث انخفض العنف بنسبة تتراوح من 37 إلى 38 %. وبالتالي فإن تلك النتائج توضح أن السلوك الغير اجتماعي من الممكن أن يكون سببه المواد الضارة السامة التي يتم إضافتها إلى الأطعمة - وبالتالي فلابد من محاولة تجنّب جميع أنواع الطعام السريعة غير الصحية.

hany_haggag@hotmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/آيار/2012 - 9/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م