الفصائل الفلسطينية طلاق مستديم

 

شبكة النبأ: تشهد الأوضاع السياسية على الساحة الفلسطينية مزيدا من التعقيدات في ظل ركود اتفاق المصالحة وانسداد الفضاء السياسي، حيث لا زال ملف المصالحة بين كافة الفصائل الفلسطينية المتناحرة، خاصة حركتي التحرير الوطني فتح والمقاومة الاسلامية حماس يراوح مكانه، كون ان مواقف الاطراف المعنية بالمصالحة ما زالت غير ناضجة، رغم حراك المتواصل بين الجانبين حول ايجاد توافق سياسية لإجهاض هذا الازمة.

ففي ظل الاتهامات الفلسطينية المتبادلة من خلال تصريحات المسوؤلين من الجانبين  وتراشق الكلمات والقاء اللوم على طرف دون غيره،  كلها امور تنذر بفشل جهود المصالحة إذ إن صراع الإرادات الفلسطينية غالباً ما يكمن تلك التصريحات والخطط الفعلية وصراع المصالح، ويمكن أن تُستنبط منها الحقائق والإشكاليات لمعرفة ما يخبّئ لها المستقبل وإمكانية تكرار أخطاء الماضي أو المضي نحو المجهول.

الانقسام الفلسطيني

فقد يلقي الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح والمقاومة الاسلامية (حماس) بظلاله على الحركة الاسيرة في السجون التي اعلنت توجهها نحو اعلان الاضراب المفتوح عن الطعام التي اختارت حماس ان يبدأ في شهر نيسان ولكن فتح لم تقرر بعد، وقال قدورة فارس رئيس نادي الاسير الفلسطيني "الانقسام يلقي بظلاله على الحركة الاسيرة داخل اسرى الاحتلال ... حماس والجهاد والشعبية والديمقراطية سيبدأون الاضراب، فيما لم يحدد اسرى حركة فتح بعد موعد بدأ اضرابهم المفتوح عن الطعام، وسيطرت حركة حماس على قطاع غزة عام 2007 بعد ايام من الاقتتال الداخلي مع قوات حركة فتح ولم تنجح جهود الوساطة العربية التي بداتها مصر وشاركت فيها قطر بانهاء الانقسام الفلسطيني بالرغم من التوقيع على اكثر من اتفاق لانهائه وكل طرف يلقي باللوم على الاخر في فشل انهاء الانقسام، وقال قدروة "هناك من يريد ان يرى نتائج الحوار الجاري حاليا بين الاسرى وادارة مصلحة السجون قبل بدء الاضراب لان الهدف منه تحقيق مطالب واذا كان الحوار يحقق هذه المطالب فليكن، واضاف "توجهت الى الاخوة في حركة حماس من اجل الاتفاق على موعد موحد للاضراب واقترحت ان يكون في العاشر من مايو ايار القادم بحيث تكون لجنة الحوار التي يشارك فيها ممثلون عن كل الفصائل بما فيها حماس قد انتهت من عملها واذا تم التوصل لنتائج كان به واذا لا يبدأ الاضراب بشكل جماعي حتى يكون التضامن معه بشكل اوسع الا انني لم اتلق جواب لغاية الان، وقال صالح العاروري القيادي في حماس "تنطلق السجون في رحلة ذات الشوكة بالاضراب المفتوح عن الطعام في يوم الاسير الفلسطيني (الذي يصادف يوم 17 ابريل نيسان)، والسابع عشر من ابريل نيسان هو اليوم الذي اطلق فيه سراح اول اسير فلسطيني في اول عملية تبادل بين الفلسطينيين واسرائيل عام 1974 ونقل الموقع الرسمي لكتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس عن العاروري قوله "انهم هناك خلف القضبان من أجلنا نحن ومن أجل حريتنا وسنظل أسرى حتى يتحرروا وعلى كل واحد منا أيا كان موقعه أن يساهم في هذه المعركة التي هي عنوان كرامتنا أو مهانتنا ونحن أمة لا تعرف الهوان. بحسب رويترز.

وتشير اخر الاحصائيات الفلسطينية الى ان اسرائيل تحتجز في سجونها ما يقارب من 4700 اسير منهم 5 اسيرات و217 طفلا دون سنة الثامنة عشر موزعين على أكثر من 27 معتقلا ومركز توقيف وتحقيق، واوضح قدورة ان الهدف من خطوة الاضراب تحقيق مجموعة من المطالب منها "الغاء قرار حرمان أسرى قطاع غزة وكافة الاسرى من الزيارة والمستمر منذ سنوات طويلة والغاء سياسة العزل والعزل الانفرادي والتفتيش الليلي والاعتقال الاداري وتجديده ومنع الاسرى من لقاء المحامين والغرامات الباهظة اضافة لالغاء قرار منع الاسرى من التواصل مع العالم الخارجي ومشاهدة التلفاز والسماح لهم الاتصال بذويهم وصولا لكافة حقوقهم الانسانية في العلاج والتعليم الجامعي، وقال هناك ما يقارب من 500 اسير فلسطيني من قطاع غزة لم يزرهم اهلهم منذ خمس سنوات، واعاد الاسير الفلسطيني خضر عدنان استخدام سلاح الاضراب عن الطعام الذي يستخدمه الاسرى الفلسطينيون لتحسين ظروف اعتقالهم في السجون الاسرائيلية الى الواجهة بعد خوضه اضرابا مطلع العام الجاري استمر 66 يوما كاد ان يودي بحياته قبل ان يتم التوصل الى صفقة مع الجانب الاسرائيلي تقضي بعد تجدد الاعتقال الاداري له والافراج عنه في 17 ابريل، وقالت مؤسسة الضمير لرعاية الاسير وحقوق الانسان انها " تؤكد استمرار 8 اسرى في الاضراب المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال رفضا لسياسة الاعتقال الاداري (عدد منهم دخل يومه 43 في اضرابه عن الطعام)، وخاض اسرى سجن نفحة الصحرواي اقوى اضرابات الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية عام 1980 الذي استمر 33 يوما وتوفي بسببه اسيران وتبعهم ثالث بعد ايام من انتهائه، ويخشى قدروة الذي توقع دخول 1500 اسير من اصل 4700 اسير في الاضراب عن الطعام يوم 17 الشهر الجاري ان يؤثر عدم اتفاق الاسرى على الدخول بشكل جماعي الاضراب على حركة التضامن الشعبية معهم، ودعا عيسى قراقع وزير شؤون الاسرى والمحررين "الحركة الاسيرة الى التوحد وخوض الاضراب بشكل جماعي لان الانقسام سيؤثر سلبا على المقدرة على تحقيق المطالب اضافة الى انعكاسه سلبيا على حركة التضامن الشعبي والدولي معهم، وقال قراقع توجهت بنداء عاجل الى كل الاسرى في سجون الاحتلال من اجل الابتعاد عن الاجندات السياسية والتنظيمية والضغوط الخارجية لان خطورة الوضع في السجون تتطلب رؤية وبرنامج موحد.

مشكلة العجز المالي

فيما تواجه السلطة الفلسطينية ضغوطا بسبب انفاقها على قطاع غزة وقيام خصمها السياسي حركة حماس بمنع تدفق الايرادات اليها في الوقت الذي تعاني فيه من العجز المالي، وتقول السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب والتي ينتمي زعماؤها لحركة فتح انها ضخت نحو سبعة مليارات دولار في قطاع غزة منذ أن سيطرت حركة حماس عليه عام 2007 لكنها تشكو من ان الحركة الاسلامية تحبط جهودها لموازنة دفاترها، وكان تبادل الاتهامات في الاسابيع القليلة الماضية قد زاد الفجوة بين حماس وفتح في ظل توتر لدى كلا الجانبين بسبب تعثر جهود المصالحة والركود الاقتصادي، وأضاف انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في القطاع الساحلي الى حالة التوتر ورفع الستار عن التمويل الفلسطيني المحاط عادة بالسرية، وتقول السلطة الفلسطينية انها تنفق 120 مليون دولار شهريا أي أكثر من 40 بالمئة من ميزانيتها الاجمالية على الرواتب والخدمات في غزة على الرغم من اخراجها من القطاع في حرب أهلية قصيرة مع حماس قبل خمس سنوات وذلك في محاولة لتظهر للعالم أنه بالرغم من الخلاف السياسي مازال الفلسطينيون شعبا واحدا له ادارة واحدة، ولم تعترف السلطة الفلسطينية التي مازالت تتمتع بحكم ذاتي محدود في الضفة الغربية المحتلة من اسرائيل بحكم حماس لغزة ومازالت تدفع أجور العاملين السابقين لدى السلطة في القطاع.

ولا تزال اسرائيل تفرض حصارا محكما على القطاع بمساعدة مصر. وقال أحمد عساف المتحدث باسم فتح في الضفة الغربية ان حماس في المقابل لا تدفع تكلفة أي من احتياجات السكان في غزة بل على العكس فانها تبيع الدواء الذي تتلقاه من السلطة الفلسطينة مجانا وتحتفظ بالمال، وتنفي حماس ذلك وتقول ان السلطة الفلسطينية انما تقوم بتحويل المساعدات الاجنبية المخصصة للشعب الفلسطيني، وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس ان قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة لا تتلقى دعما من السلطة الا بشكل متفرق ويأتي في صورة منح من بعض الدول، وتواجه السلطة الفلسطينية التي تعتمد بشدة على المساعدات الخارجية خاصة من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والدول العربية عجزا مقدرا بقيمة 1.3 مليار دولار في 2012، ورغم ان أغلب الدول الغربية لا تتعامل مع حماس بسبب رفضها نبذ العنف والاعتراف باسرائيل فانها تسمح للسلطة الفلسطينية باستخدام المساعدات لتقديم العون للفلسطينيين في غزة، ويقول الاتحاد الاوروبي انه أسهم بمبلغ 837 مليون يورو (1.1 مليار دولار) للسلطة الفلسطينية منذ 2008 تم توجيه 34 بالمئة منه الى قطاع غزة لتغطية رواتب ومعاشات العاملين بالسلطة هناك، وقال مسؤول من الاتحاد الاوروبي طلب عدم نشر اسمه "بحسب معلوماتنا لا تدفع حكومة حماس الا لرواتب موظفيها ولجهازها الامني."

وحاولت حماس دعم ماليتها عن طريق اجتذاب أموال من حلفائها بالخارج مثل ايران في حين تدرس فرض ضرائب خاصة بها على التجارة والاعمال داخل غزة، لكن المحللين يقولون انها أيضا تواجه ضغوطا على الميزانية وغير مستعدة على الاطلاق لرعاية سكان غزة البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة يعيش نحو 70 بالمئة منهم تحت خط الفقر وفقا لاحصاءات الامم المتحدة، وقال ناصر عبد الكريم أستاذ الاقتصاد بجامعة بيرزيت في الضفة الغربية ان حماس تريد أن ترسم صورة عن نفسها بأنها مستقلة ماليا عن السلطة الفلسطينية، لكنه اضاف أن هذه أسطورة اذ ان السلطة الفلسطينية لو توقفت عن تحويل الاموال الى القطاع فان واقع الحياة في غزة سيتدهور على الفور، وتقر حماس بأنها لن تدفع كل رواتب العاملين في السلطة الفلسطينية لكنها تعلل ذلك بأن أغلب المعنيين لا يعملون بعد أن وجهت فتح أوامر للموظفين الحكوميين المنتمين اليها بعدم التعاون، ومن القضايا الحرجة كذلك بالنسبة للسلطة الفلسطينية قضية الضرائب التي يتعين عليها جبايتها من غزة. وأقر علاء الرفاتي وزير الاقتصاد في حكومة حماس بأن الحركة تحتجز اقرارات جمركية تحتاجها السلطة الفلسطينية لجمع ايرادات بنحو 95 مليون دولار وأنها ستستمر في ذلك حتى توافق السلطة الفلسطينية على تحويل الاموال الى غزة مباشرة، وقال الرفاتي من غزة ان هذه الاقرارات لم ترسل الى رام الله منذ ان سيطرت حماس على القطاع، ويرجع جزئيا ظهور هذه الخلافات المالية بين الجانبين في العلن الى أزمة الوقود التي تترك جزءا كبيرا من غزة بدون كهرباء لعدة ساعات يوميا منذ أوائل فبراير شباط الماضي والتي نتجت عن قرار مصر بالحد من تدفق الوقود المهرب الى القطاع عبر شبكة من الانفاق، ويقول منتقدو حماس انها مخطئة في اعتمادها بشدة على الوقود المهرب الرخيص بدلا من التعاون مع السلطة الفلسطينية للحصول على امدادات بديلة، وتقول السلطة الفلسطينية انها تدفع ما يزيد على 50 مليون دولار شهريا لشركة طاقة اسرائيلية تمد غزة بالكهرباء لكن حماس ترفض تسليم الاموال التي تحصلها من فواتير الكهرباء، ويقول عمر كتانة رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية ان السلطة طالبت حماس مرارا بتحويل الاموال التي تحصلها لتتمكن الهيئة من الاستمرار في امدادهم بالوقود لكنهم لم يرسلوا شيئا، وتقر السلطة الفلسطينية بأن شيئا لن يتغير قريبا. فمثل العديد من القضايا التي تفسد الحياة السياسية الفلسطينية يصر كل من الجانبين على موقفه، وقال غسان الخطيب المتحدث باسم السلطة الفلسطينية ان الاسهام بجزء كبير من ميزانية السلطة الفلسطينية من أجل قطاع غزة أصبح الوضع القائم ولن يتغير قريبا.

اتهام حماس وفتح بالكذب

من جهته اتهم عضو مكتب سياسي في حركة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رباح مهنا حركتي فتح وحماس "بالكذب" والمحاصصة على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني، وقال رباح مهنا في بيان صحافي ان "حركتي فتح وحماس يكذبون على بعضهم بعضا وعلى جماهير شعبنا واي اجتماعات قادمة ستكون كذب على الجماهير ومضيعة للوقف فقط"، واوضح ان "تجربة الحوار والاتفاق الثنائي بين الحركتين تؤكد ان هذا النهج لن يفضي الى انهاء الانقسام واعلان الدوحة نموذج واضح على ذلك"، مشيرا الى انه "عندما تلتقي الحركتان فانهما تلجآن الى التقاسم على حساب المصلحة الوطنية لكن عندما يلتقي الكل الوطني فهم يجبرون على إعلاء المصلحة الوطنية"، واكد مهنا على "رفض منطق الثنائية والمحاصصة، واعتماد الحوار الوطني الشامل، والبدء في تطبيق الاتفاقات التي وقع عليها الجميع، والاهتداء بمصلحة شعبنا الفلسطيني لا بجهات اقليمية أو دولية". بحسب فرانس برس.

ودعا "جماهير شعبنا في الضفة وغزة" الى "التحرك لرفض هذا الانقسام والتجاذب الاعلامي والاعتقالات المتبادلة، خصوصا في الضفة الغربية حيث الاعتقالات والتنسيق الأمني الكريه والمعيب على أي وطني"، واتفقت حركتا فتح وحماس في السادس من شباط/فبراير في الدوحة ان يتولى الرئيس عباس رئاسة حكومة انتقالية توافقية تشرف على اجراء انتخابات وسط تأكيد الطرفين المضي قدما لانهاء الانقسام الفلسطيني، الا ان اعلان الحكومة تاجل في وقت لاحق من الشهر ذاته ولم يدخل حيز التنفيذ بعد في حين تتبادل الحركتين الاتهامات عن ذلك.

تعطيل المصالحة

كما اتهمت حركة فتح حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة بالحصول على دعم مالي ايراني مقابل عدم تنفيذ اتفاق المصالحة الذي يقضي بتشكيل حكومة انتقالية برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للاعداد لانتخابات رئاسية وتشريعة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقال احمد عساف المتحدث باسم حركة فتح ان طهران استأنفت في الاونة الاخيرة الدعم المالي لحماس الذي كانت اوقفته قبل ستة اشهر بسبب عدم تأييد الحركة للرئيس السوري بشار الاسد في حملته على المحتجينن واضاف عساف "الزهار وهنية قبضا الثمن من ايران خلال زياراتهما الاخيرة لايران... نحن نعلم ان ايران دفعت لقيادات حماس في غزة عشرات الملايين من الدولارات... قيادة حماس في غزة هي من قتلت المصالحة وأخدت ثمن هده الجريمة من ايران" مشيرا الى قياديي حماس محمود الزهار الذي زار طهران الاسبوع الماضي واسماعيل هنية الذي زارها الشهر الماضي، وكان عساف يرد على تصريحات للزهار قال فيها ان المصالحة الان مجمدة. واضاف عساف "المصالحة في الثلاجة لان الدي ادخلها الثلاجة هو قيادة حماس في غزة وعلى رأسهم الزهار وهنية وقبضا الثمن من ايران، ورفضت حماس اتهامات حركة فتح وقال طاهر النونو المتحدث باسم حكومة حماس في قطاع غزة "فتح وحكومتها لم تنفذ أيا من التزاماتها وتفضل المال الامريكي على حساب الاتفاقات الوطنية، ووقع عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل اتفاق المصالحة في الدوحة في فبراير شباط لكن الاتفاق الذي يهدف الى وضع نهاية لانقسام دام خمس سنوات سرعان ما واجه عدة عقبات جعلت تطبيقه مستحيلا ومنها عدم سماح حماس في غزة للجنة الانتخابات بالعمل لتحديث السجل الانتخابي الامر الذي ربطه عباس بتشكيل الحكومة الجديدة، ولاقى الاتفاق تنديدا من بعض الزعماء الذين قالوا ان مشعل قدم تنازلات غير ضرورية لفتح في وقت تصعد فيه التيارات الاسلامية في المنطقة، وقال عساف ان الهدف من زيارة مسؤولي حماس في غزة لايران ارسال رسالتين هامتين الاولى لمشعل ومفادها انهم هم من يحكم غزة والثانية لايران وتفيد بأنهم جاهزون للتنسيق المباشر معها، وقال "ايران معنية باستمرار الانقسام... ايران تسعى للتحكم بالقضية الفلسطينية من خلال دورها بغزة ومن خلال استمرار الانقسام وهي تدرك ان تحقيق المصالحة ووجود قيادة شرعية مثل منظمة التحرير أو أي قيادة وطنية منتخبة سينهي دورها لان قيادة شرعية وطنية لن تسمح لايران بالتحكم بالقضية الفلسطينية، ويتبادل مسؤولون من فتح وحماس الاتهام بالمسؤولية عن عرقلة تنفيذ اتفاق المصالحة وفي الوقت نفسه لا يتخذ أي من الجانبين خطوات ملموسة لوضع حد للانقسام. بحسب رويترز.

ويقول محللون ان الجانبين كليهما وخصوصا مع الانقسام الداخلي في حماس بشأن الاتفاق لا يحرصان على المصالحة حرصا حقيقيا يجعلها تتحقق، ويرى المحلل السياسي هاني حبيب من قطاع غزة انه "لا يوجد أي فرصة للمصالحة لغياب الارادة الحقيقية لدى الطرفين وخصوصا حركة حماس، وقال المحلل السياسي هاني المصري في الضفة الغربية "المصالحة معلقة حتى اشعار اخر لان اعلان الدوحة المكتب السياسي للحركة وضع استدراكات تجعل تطبيقه مستحيلا وحتى الان لم يتم البحث في كيفية تذليل هذه العقبات، واضاف "عمليا تم تجميد الاتفاق وباقي ان يتم اعلان وفاته الا اذا حصلت معجزة ربانية لانقاذه، وحذرت منظمة التحرير الفلسطينية من تأثير عدم انهاء الانقسام على القضية الفلسطينية وقال صائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية في المنظمة "لا دولة فلسطينية دون قطاع غزة وهذه حقيقة يدركها الجميع وبالتالي المصالحة الفلسطينية مصلحة فلسطينية عليا، واضاف في حديث لاذاعة صوت فلسطين "اذا اردنا كفلسطينيين ان نحصن انفسنا لما تخطط له اسرائيل... علينا تحقيق المصالحة لتحصين انفسنا وعلينا ممارسة اقصى درجات ضبط النفس لتحقيق المصالحة التي ارجو ان يعتبرها الجميع اكبر مصلحة فلسطينية.

الاتهامات المتبادلة تفشل جهود المصالحة

في حين تنذر الخلافات والاتهامات العلنية المتبادلة بين حركتي فتح وحماس حديثا بشأن تأخير تشكيل حكومة فلسطينية جديدة بأن تحقيق المصالحة بين الفصيلين يبدو أقرب للفشل منه للنجاح وسط عقبات ترتبط بصعوبات ميدانية وخلافات داخلية وتحالفات اقليمية، وسعى كل طرف من خلال تصريحات الناطقين الرسميين وعبر بيانات رسمية على مدى اليومين الماضيين الى تحميل المسؤولية للطرف الآخر عن عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الدوحة مطلع الشهر الجاري بخصوص تشكيل حكومة انتقالية يرأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتضمن اتفاق الدوحة التأكيد على الاستمرار في خطوات تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتشكيل حكومة توافق وطني من كفاءات مستقلة برئاسة الرئيس مهمتها تسيير الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء باعمار غزة، آوأكد أيضا على ما تم الاتفاق عليه في القاهرة العام الماضي بشأن بدء عمل لجنة الانتخابات المركزية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وقال المحلل السياسي جورج جقمان لرويترز "لا احد يريد ان يعترف انه السبب (في الفشل) وهذه هي قواعد اللعبة السياسية، واضاف "لا يوجد مؤشر في الأفق انه سيتم تشكيل الحكومة قريبا.. اما الاطراف المختلفة فسوف تعزو الفشل كل للاخر وهذا امر متوقع، ووقع عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل برعاية قطرية مطلع الشهر الجاري اتفاق الدوحة أو ما اصطلح على تسميته بيان الدوحة بعد ثمانية أشهر من توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة بين الفصيلين اللذين شهد عام 2007 اقتتالا بينهما سقط فيه مئات القتلى والجرحى وانتهى بسيطرة حماس على قطاع غزة فيما بقيت حركة فتح تسيطر على الضفة الغربية، وأعطى بيان الدوحة أملا في حل مسألة تشكيل الحكومة للبدء بانجاز المصالحة على الارض لكن سرعان ما تلاشى الامل بسبب ظهور عقبات باتت تجعل تطبيقه أمرا مستحيلا، وانتهت اجتماعات فلسطينية في القاهرة بحضور عباس ومشعل وممثلي الفصائل الفلسطينية دون تحديد موعد جديد ليشير محللون الى دور لمصالح شخصية في استمرار الخلاف، وكتب المحلل السياسي هاني حبيب في جريدة الايام المحلية في عددها الصادر يوم الأحد "النتائج السلبية لهذه الجولات الاخيرة في القاهرة رغم انها صدمت المواطن الفلسطيني فانها كانت الاكثر صدقا وتعبيرا عن حقيقة المواقف لدى كل فصيل بل لدى كل قيادي، وقال "بعد ان تجاوزت احداث المنطقة ارتباط المصالحة بالاجندات الخارجية عاد الامر لكي تصبح الاجندات الفئوية والفصائلية والشخصية هي التي تعيق وضع حد للانقسام، لكن كلا الطرفين يدرك مدى الضرر الذي سيلحق به جراء مسؤوليته عن الاعلان عن فشل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الدوحة، ويرى جقمان انه "لن يتم الاعلان عن فشل اتفاق الدوحة.. سيتم الاعلان عن اجتماعات لاحقة ووجود تقدم هنا وهناك وهكذا لان الطرفين يسعيان امام الجمهور الفلسطيني اولا لاظهار ان هناك حراكا سياسيا ما زال ساريا وسيسعيان لايجاد غطاء ايجابي نوعا ما ان تمكنوا من ذلك، وقال "الفشل هو اتهام مباشر للطرفين من منظور الجمهور الفلسطيني... اسهم الطرفين امام الجمهور الفلسطيني بسبب الخلاف ستظهرهما كطرفين غير مهتمين بالمصلحة العامة، وبالرغم من ادراك الطرفين لحجم المسؤولية الا ان الامور لا تتجه نحو الحل. وقال جقمان "الامور تتجه نحو التعقيد وليس الحل. القضية الاساسية في المصالحة هي ليست تشكيل وزارة.. لو اخذنا الاتفاقية التي تم توقيعها في القاهرة في الاسبوع الاول من ايار (مايو) الماضي هذه الاتفاقية وتحديدا اتفاقية المصالحة هي غير قابلة للتنفيذ، واضاف "مثلا أحد البنود يشير الى دمج الاجهزة الامنية في الضفة الغربية وقطاع غزة هذا غير ممكن في الضفة الغربية لان اسرائيل موجودة.. وستعتقل افراد الاجهزة الامنية من حماس.. أيضا موضوع اعادة هيكلة منظمة التحرير توجد صعوبات كثيرة على موضوع الحصص واذا ما كانت ستجري انتخابات ام لا.. اذن موضوع المصالحة لا يتعلق بتشكيل حكومة مهما قيل عنها.. الحكومة هي اجراء اولي ولكن ليس هو المصالحة."

وتنعكس تحالفات فتح وحماس الاقليمية والدولية أيضا على إمكانية إنجاز المصالحة وعودة الوحدة الى الضفة الغربية وقطاع غزة بالرغم من عدم وجود ترابط جغرافي وهي مسألة أخرى ستنتظر التوصل الى اتفاق مع الجانب الاسرائيلي لايجاد ممر آمن يربط بين الضفة الغربية وغزة، ويرى جقمان ان "الصورة الاعم هي ان الطرفين ليسا على استعداد للتخلي عن التحالفات الاقليمية الدولية حتى لو جرى تباعد بين حماس ودمشق ولكن زيارة (رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة) اسماعيل هنية الاخيرة الى ايران لها مدلول سياسي هام وايضا فيما يتعلق بالقيادة الفلسطيينة هم ليسوا على استعداد لقطع العلاقة مع الولايات المتحدة واسرائيل في المرحلة الحالية، واضاف "وبالتالي لن تكون هناك خطوات جذرية تجاه المصالحة في افضل الاحوال سيجري اتفاق على وزارة جديدة لا يوجد فيها ممثلون رسميون لفتح وحماس... اعتقد اننا الان امام وقت مستقطع بانتظار ربما نتائج انتخابات الرئاسة الامريكية" في نوفمبر تشرين الثاني القادم، وتابع قائلا "وهم (القيادة الفلسطينية) يرون انه يمكن ان يكون هناك حراك سياسي جديد سواء جاء الرئيس (الامريكي باراك) اوباما او اي رئيس جديد ولكن هذا لن يتم قبل العام 2013 ..ايضا فيما يتعلق بحماس هم بانتظار استقرار الوضع في عدد من الدول العربية تحديدا في وسوريا بالاضافة الى مصر وتونس ... وهم ينظرون الى الخارطة الاقليمية حتى تستقر نوعا ما لاتخاذ خطوات جديدة كبيرة هم الان ليسوا على استعداد لاتخاذها، ويحذر المحلل السياسي سمير عوض من انه "كلما طال امد تشكيل الحكومة فان ذلك يلقي شكوكا على انها سوف تشكل اصلا، "كلما طال الوقت بدون تشكيل الحكومة ولو حتى اتفاق بالاحرف الاولى كما يقال هذا سيكون مؤشرا على انه سيتم التراجع عن الاتفاق، "هناك مؤشر سهل.. اذا رأيت ان سجناء فتح وحماس (لدى كل من الجانبين) تم اطلاق سراحهم تعرف ان هناك سيرا في الاتجاه الصحيح اما اذا بقوا في السجن فما هي هذه الوحدة."

ايران مع حماس

 من جانبه اتهم عضو اللجنة المركزية في حركة فتح عزام الاحمد، ايران بلعب دور "تخريبي" لمنع تحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وقال الاحمد، المسؤول عن ملف المصالحة، خلال لقاء مع صحافيين "ايران لعبت دورا تخريبيا حول المصالحة بيننا وبين حركة حماس، واضاف ان "زيارة (رئيس حكومة حماس المقالة) اسماعيل هنية الاخيرة الى ايران، والدعم المالي الذي قدمته لحركة حماس في غزة، انما هو مؤشر على ان ايران لديها رغبة في استمرار الانقسام، والا ماذا يفسر ان المعارضة لاتفاق المصالحة تأتي فقط من قيادة حماس في غزة؟"، وقال الاحمد ان "ارادة انهاء الانقسام من قبل حماس في غزة لم تنضج بعد، وفترة الاسبوعين التي طلبتها قيادة حماس بتأجيل تشكيل الحكومة انتهت، ونحن في فتح ننتظر اتصالا من حماس"، بعد اتصال اجراه الاربعاء مع القيادي في حركة حماس موسى ابو مرزوق، وكانت الفصائل الفلسطينية ومن ضمنها فتح وحماس، اتفقت في القاهرة في شباط/فبراير الماضي على تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة، يرأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث اوكلت لهذه الحكومة مهمة الاعداد للانتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، الا ان حركة حماس في قطاع غزة، لا زالت تمنع لجنة الانتخابات المركزية من تحديث السجل الانتخابي للناخبين، رغم ان الفصائل الفلسطينية وقيادة حركة حماس اتفقت على تفعيل عمل لجنة الانتخابات في غزة، وتم الاعلان عقب لقاء بين عباس وخالد مشعل في الدوحة، عن موافقة حماس على ان يتولى عباس منصب رئيس الوزراء، وسط معارضة من بعض قياديي في غزة، وابرزهم محمود الزهار، وقال الاحمد بان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، طلب من الرئيس عباس تأجيل الاعلان عن تشكيل الحكومة لمدة اسبوعين، وانتهت المهلة، وقال الاحمد" مدة الاسبوعين انتهت، ونحن الان ننتظر الخطوة المقبلة من حركة حماس، واضاف "طالما ان حماس في غزة لا زالت تمنع لجنة الانتخابات من العمل، فهي لا تريد المصالحة، واعلنت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قبول عباس تولي منصب رئيس الوزراء اضافة الى منصبه رئيسا للسلطة الوطنية.

تظاهرة نسائية

على صعيد مختلف  تظاهرت اكثر من الف امراة فلسطينية في غزة بدعوة من الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية لمناسبة اليوم العالمي للمرأة للمطالبة بانهاء الانقسام السياسي الفلسطيني والافراج عن الاسيرة هناء شلبي، وتجمعت المتظاهرات اللواتي رفعن اعلاما فلسطينية في ميدان الجندي المجهول مقابل مقر المجلس التشريعي في مدينة غزة قبل ان تتوجهن في مسيرة الى مقر الصليب الاحمر غرب المدينة للتضامن مع الاسيرة هناء الشلبي المضربة عن الطعام في السجون الاسرائيلية، ورددت المشاركات في التظاهرة هتافات تدعو الى انهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس من بينها "لا لا للانقسام نعم للوحدة الوطنية" و"نعم للافراج عن هناء الشلبي رمز الثامن من اذار، ورفعت المتظاهرات صور الاسيرة شلبي (30 عاما) التي تقوم باضراب مفتوح عن الطعام منذ اعتقالها في 16 شباط/فبراير اي قبل 21 يوما، وكانت السلطات الاسرائيلية افرجت عن شلبي في تشرين الاول/اكتوبر الماضي في اطار صفقة لتبادل الاسرى، وقد اعيد اعتقال شلبي وهي من سكان برقين قضاء جنين بالضفة الغربية. بحسب فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/نيسان/2012 - 8/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م