
شبكة النبأ: يشهد المغرب كما في باقي
الدول العربية العديد الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية التي تدعوا بإجراء
بإصلاحات اقتصادية وسياسية عاجلة منها اتحات حرية التعبير ومكافحة افة
الفساد في المؤسسات الرسمية البطالة والفقر. ويرى بعض المحللين ان مثل
هكذا تظاهرات واحتجاجات متواصلة يمكن ان تدخل البلاد في ازمة من
الصراعات الداخلية قد تفضي الى اعمال عنف خطيرة يصعب السيطرة عليها
خصوصا مع وجود بعض المؤشرات التي تفيد بوجود خلافات سياسية داخلية.
وفي هذا الشأن هون رئيس الوزراء المغربي من شأن تعليقات نسبت اليه
اعتبرها محللون انها تشير الي بدء مواجهة بين حكومته التي يقودها
الاسلاميون وبين الشخصيات القوية المقربة من الملك محمد السادس. وذكرت
صحف مغربية ان رئيس الوزراء عبد الاله بن كيران وجه انتقادا نادرا الى
الاشخاص المحيطين بالملك ونسبت اليه القول امام تجمع حاشد لحزب العدالة
والتنمية في الرباط "الربيع العربي لم ينته بعد وما زال يتجول ويمكن ان
يروقه الحال ويعود."
وأضاف قائلا "الملكية في هذه البلاد نفسها تحتاج اليوم الى
المواطنين الساعين الى الاصلاح الملوك لا يكونون دائما محاطين بالأشخاص
اللازمين بل يكونون احيانا محاطين بخصوم يصبحون أول من يتخلى عنهم."
وأكد مسؤولان بحزب العدالة والتنمية انه ادلى بهذه التصريحات التي
نقلتها صحف من بينها اخبار اليوم المستقلة وكذلك موقع (فبراير)
الاخباري على الانترنت. وفي بيان بالبريد الالكتروني قال بن كيران ان
تعليقاته "انتزعت من سياقها". واضاف قائلا "الديمقراطية في المغرب هي
ديمقراطية تشاركية تقوم على اساس التعاون بين المؤسسات الدستورية تحت
قيادة جلالة الملك حفظه الله وتوجيهاته."
واجرت السلطات المغربية تحت ضغط من انتفاضات "الربيع العربي" في
المنطقة انتخابات مبكرة العام الماضي اسفرت عن تسليم السلطة للمرة
الاولى لحزب العدالة والتنمية المعارض والمؤلف من اسلاميين معتدلين.
ويتوقع محللون منذ ذلك الحين وقوع مواجهة بين الحكومة التي تعهدت
بالتصدي للفساد والفقر وبين نخبة ثرية تربطها منذ فترة طويلة علاقات مع
الملكية. وجاءت تعليقات بن كيران التي ادلى بها بعد ان انتقدت شخصيات
مقربة من الملكية خطة الحكومة لإصلاح قطاع التلفزيون الذي تديره الدولة
والذي ينظر اليه على نطاق واسع على انه بوق للملكية. ومن غير المعتاد
الى حد بعيد توجيه اي انتقادات للملكية في المغرب وخصوصا من سياسي رفيع
مثل بن كيران.
وتحظى الملكية نفسها بالتبجيل والاحترام حيث يعتقد المغاربة أن
الملك محمد السادس من نسل النبي محمد كما تحظى النخبة المحيطة بالملك
والتي تعرف باسم المخزن بالاحترام بوجه عام.
وكان حزب العدالة والتنمية حصل على اكبر عدد من الاصوات في
الانتخابات التي اجريت في نوفمبر تشرين الثاني مع تعهده بمحاربة الفساد
وخصوصا فساد من يستغلون صلاتهم بشخصيات رفيعة في تكوين ثروات.
ووعد الحزب بكشف قوائم المستفيدين من تراخيص تجارية منحت لساسة
ورجال اعمال وضباط كبار بالجيش حسب تقدير السلطات. وأصدرت حكومة بن
كيران "دفاتر تحملات" وهي لوائح من شأنها أن تحظر على القنوات
التلفزيونية اذاعة اعلانات السحب على الجوائز وتطالبها ببث الاذان مع
كل صلاة تماشيا مع سياسة حزب العدالة والتنمية التي ترمي الى نشر القيم
الاجتماعية المحافظة. بحسب رويترز.
وقال المديرون التنفيذيون في القناتين الاولى والثانية بالشركة
الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية ان دفاتر التحملات تعد تهديدا
لاستقلالهم عن الحكومة. كما انتقد وزيران من حزبين قريبين من الملكية
يشاركان في ائتلاف مع حزب العدالة والتنمية هذه اللوائح. لكن وزير
الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي قال ان دفاتر
التحملات تهدف الى اعطاء مهلة زمنية تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات
لقطاع الاعلام العمومي لتأهيل نفسه قبل قيام السلطات بطرح تراخيص
لقنوات تلفزيونية خاصة. وأضاف أن عقود التحملات الجديدة كانت محل نقاش
مع مسؤولي قطاع التلفزيون العمومي وصادقت عليها الهيئة العليا للاتصال
السمعي البصري المكلفة بتقنين المجال السمعي البصري بالمغرب.
محاربة الفساد
في السياق ذاته تعهد وزير العدل والحريات المغربي مصطفى الرميد
بمحاربة الفساد وقال ان الحكومة ستأخذ محمل الجد كل التقارير الصادرة
عن هيئات المراقبة من أجل حماية المال العام. وقال الرميد "أهم ما
سنعتمده من أجل محاربة الفساد هو أننا قررنا على مستوى التقارير التي
تصدر عن كافة الجهات الرسمية أن تكون محل دراسة من هذه الوزارة
واحالتها على النيابة العامة بأن تأخذ مجراها الطبيعي في مساءلة
المعنيين."
وكانت تقارير صادرة مؤخرا عن المجلس الاعلى للحسابات وهو هيئة
مراقبة مالية مستقلة قد أشارت الى مخالفات في تسيير في عدد من المؤسسات
العمومية المغربية. وقال الرميد وهو من حزب العدالة والتنمية الاسلامي
المعتدل الذي يقود الحكومة الحالية ان الوزارة ستدرس "كافة تقارير
المفتشية العامة وغيرها مما نستطيع الحصول عليه من اجل حماية المال
العام."
وعن متابعة قضاة ممن ثبت تورطهم في قضايا رشوة أو فساد قال الرميد
ان "القاعدة أنه لا مجال للإفلات من العقاب على كافة المستويات
وبالنسبة لكافة المهن وبالنسبة لكافة المسؤولين وبالتالي فانه حين
يتعلق الامر بالقاضي فأننا نحسن الظن بقضاتنا وندعم ما يقومون به من
مجهودات لفائدة العدالة خاصة أنهم يعملون في ظروف صعبة ووسائل محدودة."
وأضاف "لكن في نفس الوقت فان القلة القليلة التي يمكن أن تمارس ممارسات
مشبوهة فأننا لا يمكن ان نتغاضى عنها متى ثبت لنا ما يبرر تدخلنا."
وقال ان هناك مستويين للمساءلة هما مستوى المساءلة الجنائية "فمن تورط
في عمل يمس نزاهته ويمثل جرما معاقبا عليه وكباقي المواطنين فانه يكون
محل مساءلة جنائية ومن ثبت عليه ارتكاب اختلالات خطيرة لكن لا تصل الى
مستوى المساءلة الجنائية فانه يحال على المجلس الاعلى للقضاء ليقول
كلمته فيه."
واعتبر أن اصلاح القضاء "يمر عبر محطة التحفيز المادي للقضاة وذلك
بالرفع من أجورهم وتبويئهم المكانة المادية التي تجعلهم في غنى عن
الناس." وتعهد بتقديم استقالته "من هنا الى سنتين اذا فشلت في الرفع من
أجور القضاة." وبخصوص ملف المعتقلين الاسلاميين قال ان "الحكومة
المغربية ستبلور مقاربة من أجل معالجة ملف المعتقلين الاسلاميين
بالتشارك مع عدة أطراف علمية وسياسية وأمنية." وأضاف أن الحكومة لا
تملك القرار الاخير فيما يتصل بالعفو والذي يظل في يد الملك. وقال
الرميد الذي دافع عن ملف عدد من المعتقلين الاسلاميين الذين حوكموا في
قضايا ما يعرف بالإرهاب ان "المعتقل حين يكون معتقلا فان القضاء هو
المؤهل للنظر في امره بالإدانة أو التبرئة.
وحينما يصبح الحكم قطعيا لا الحكومة ولا وزير العدل من صلاحياته
الافراج عن أحد أو نفعه بإخلاء سبيله. ان السبيل الوحيد الذي يقرره
الدستور المغربي والقوانين المغربية هو العفو." وأضاف أن الدستور
الجديد يقرر نوعين من العفو "عفو عام وعفو خاص. وبالنظر لتعقد مسطرة
العفو العام فانه يبقى بين أيدينا العفو الخاص الذي يسبغه جلالة الملك
على من يقدر أنه يستحقه." وكان العاهل المغربي قد قرر العفو عن عدد من
المعتقلين الاسلاميين في مطلع هذا العام على رأسهم ثلاثة شيوخ اعتبرتهم
السلطات منظري الحركة السلفية في المغرب واتهمتهم بتغذية أفكار ارهابية
ساهمت في التفجيرات الانتحارية التي شهدتها الدار البيضاء في 16 مايو
أيار من عام 2003 وخلفت 45 قتيلا.
وقال الرميد الذي يرأس أيضا منتدى الكرامة وهو هيئة حقوقية للدفاع
عن المعتقلين الاسلاميين "لا أنفي أنني رفعت ملتمسا الى نظر جلالة
الملك بالعفو عن الشيوخ الثلاثة واستجاب لان قضيتهم أعرفها وأحيط
بتفاصيلها وأعتقد أنهم جاؤوا في سياق فتنة." وأضاف "أما الباقون فهو
ملف معقد تختلط فيه الكثير من المعطيات ومن الصعب ان أتقدم باسم واحد
غير هؤلاء الثلاثة لان الامر يتطلب تمحيصا دقيقا ومنهجية صارمة لعمل
فرز بين من يستحق العفو الملكي ومن لا يستحقه." بحسب رويترز.
ويخوض عدد من المعتقلين الاسلاميين حاليا اضرابا مفتوحا عن الطعام
ويشتكون من ممارسات تعذيبية. وقال الرميد "ليس لدي أي تعليق عن اضراب
المعتقلين عن الطعام. من حقهم ذلك وأرجو من الله تعالى ألا يصيبهم
مكروه." ونشرت صحف مغربية مؤخرا ما قالت انه تهديد بالقتل لوزير العدل
من طرف جماعة اسلامية غير معروفة تسمي نفسها "التوحيد والجهاد". وقال
الرميد "جماعة تهدد وتتوعد بقطع الرقاب وسفك الدماء هي جماعة ارهابية
وليست اسلامية."
حرية الرأي
على صعيد متصل قالت الجماعات الرئيسية لحقوق الانسان في المغرب ان
27 سجينا سياسيا مغربيا في حالة صحية متدهورة مع اضرابهم عن الطعام
احتجاجا على تعرضهم لما يقولون انه انتهاكات من بينها الحبس الانفرادي
والتعذيب. وقال الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الانسان ان السجناء
أضربوا عن الطعام احتجاجا على "استمرار اعتقال عدد منهم بدون محاكمة
والاستفزازات المتكررة المصحوبة بالتهديد والضرب والمعاملات
اللاإنسانية بما فيها الوضع في زنازين انفرادية." وأضاف البيان أن
المضربين يطالبون أيضا بفتح تحقيق بخصوص التعذيب الذي يقولون انهم
تعرضوا له وحقهم في العلاج.
ونشر الائتلاف الذي يضم 18 جماعة حقوقية مغربية مستقلة قائمة تضم 27
سجينا سياسيا قال انهم مضربون عن الطعام منذ عدة أسابيع أو أكثر بعد أن
حكم عليهم بالسجن أو اعتقلوا للمشاركة في احتجاجات. وقال الائتلاف "تدهورت
وضعيتهم الصحية بشكل كبير في ظل تجاهل المسؤولين" لمطالبهم. وتقول
الحكومة انها ملتزمة بالحفاظ على حقوق الانسان بما في ذلك حقوق السجناء.
وتمكن المغرب من تفادي اضطرابات "الربيع العربي" بعد أن عرض الملك محمد
السادس تقليص صلاحياته لاحتواء احتجاجات حاشدة للمطالبة بالديمقراطية
العام الماضي. ولكن استمر وقوع احتجاجات متواترة على البطالة والفقر
والفساد ونحا بعضها الى العنف.
ومن بين المضربين عن الطعام عز الدين الروسي وهو ناشط يساري وطالب
جامعي مضرب منذ 12 ديسمبر كانون الاول في السجن المحلي في مدينة تازة
الفقيرة بشمال المغرب. ونقلته السلطات في أواخر مارس اذار الى مستشفى
في الرباط. وحكم على الروسي بالسجن خمسة أشهر بتهمة التعدي بالسب
والخطف والضرب على ضابط شرطة بعد اعتقاله أثناء احتجاج طلابي في جامعة
تازة في أوائل ديسمبر كانون الاول. ويقول أنصار الروسي ان التهم لفقت
له لإسكات شخصية قيادية في حركة الاحتجاج الطلابية.
واستشهد الائتلاف أيضا بحالة عبد الجليل أكاديل الذي كان من بين
عشرة أشخاص حكم عليهم بالسجن أربعة أعوام في يناير كانون الثاني
لأدانتهم بإشعال النار في ممتلكات عامة ومهاجمة الشرطة أثناء أعمال شغب
احتجاجا على البطالة في مدينة اسفي المطلة على المحيط الاطلسي في أغسطس
اب. وقال الائتلاف ان أكاديل وهو ناشط في مجال حقوق الانسان مضرب عن
الطعام. وتقول الجمعية المغربية لحقوق الانسان ان أكاديل تعرض للتعذيب
على مدى ثلاثة أيام بعد القبض عليه لاجباره على الاعتراف بمشاركته في
أعمال الشغب.
ويضرب عبد الصمد الهيدور عن الطعام منذ 12 مارس اذار بعد أن حكم
عليه بالسجن ثلاثة أعوام بتهمة سب العاهل المغربي الملك محمد السادس في
شريط فيديو بث من خلال الانترنت.
وحث الائتلاف رئيس الوزراء عبد الاله بنكيران على "الاسراع في حمل
المسؤولين المعنيين على التجاوب مع المطالب المشروعة للمعتقلين
المضربين عن الطعام" و"حماية الحق في الحياة المنصوص عليه في العهود
والمواثيق الدولية لحقوق الانسان."
وقال عبد الاله بنعبد السلام من الجمعية المغربية لحقوق الانسان وهي
احدى الهيئات المشاركة في الائتلاف ان المغرب شهد في الاشهر الاخيرة
زيادة في عدد المضربين عن الطعام داخل السجون. وعزا ذلك الى سياسة
انفاذ القانون التي كثيرا ما تعتبر السجن حلا لكل مشكلة.
في السياق ذاته اتهم مطرب راب مغربي بإهانة السلطات في أغنية تم
بثها على موقع يوتيوب وذلك في بداية محاكمة انتقدها مؤيدوه باعتبارها
محاولة جديدة لإسكات أحد منتقدي النظام الملكي بشكل صريح. وقال حاتم
بكار محامي معاذ بلغوات الذي يشتهر بلقب (الحاقد) ان المحكمة الكائنة
في الدار البيضاء أجلت محاكمته ورفضت الافراج عنه بكفالة.
جاء هذا بعد أقل من ثلاثة اشهر من الحكم على بلغوات بالسجن أربعة
أشهر بتهمة الاعتداء على احد مؤيدي النظام الملكي في مشاجرة غير أنه
افرج عنه بعدما كان قد قضى بالفعل تلك المدة في الحبس الاحتياطي. وقال
بكار ان ضباطا من الشرطة السرية اعتقلوا موكله دون امر اعتقال. وقالت
وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية انه اعتقل لغنائه اغنية تحتوي على
سب لسلطة عامة لم تحددها الوكالة ولنشره صورا مؤذية للموظفين الحكوميين.
وكان بلغوات صوت الحركة التي نظمت احتجاجات حاشدة في العام الماضي
للمطالبة بملكية دستورية واستقلال القضاء ومكافحة الفساد واغضبت أغانيه
كثيرا من أنصار الملكية لكنها لاقت هوى لدى مغاربة خاب أملهم بسبب
البطالة وتفشي الفساد.
واستجوبت المحكمة بلغوات بشأن فيديو أغنيته "كلاب الدولة" الذي نشر
على يوتيوب في يناير كانون الثاني وعليه صورة مركبة تنتقد الشرطة
والحكومة والملكية. وقالت الناشطة ماريا كريم "نعم كانت أغنية الحاقد
لكنه لا علاقة له بالفيديو أو بالصورة المركبة فيه." واطلع على الفيديو
نحو 120 الف شخص منذ بثه. وقال عبد الاله بن عبد السلام من الجمعية
المغربية لحقوق الانسان ان اعتقال بلغوات يأتي في وقت "تتزايد فيه
القيود على حرية التعبير والرأي في المغرب". بحسب رويترز.
وقضت محكمة استئناف مغربية قرب الرباط بسجن وليد بحمان البالغ من
العمر 18 عاما لمدة 18 شهرا بسبب نشره على موقعه على فيسبوك رسما ساخرا
للملك نشر في الاصل بصحيفة فرنسية. كما حكم على نشط عمره 24 عاما في
فبراير شباط بالسجن ثلاث سنوات بتهمة سب وقذف الملك في فيديو نشر على
يوتيوب.
قانون الاضراب
من جانب اخر تمثل خطط المغرب اصدار قانون هذا العام لتنظيم
الاضرابات اختبارا لمدى قدرة الحكومة التي يقودها الاسلاميون على تنفيذ
الاصلاحات الرامية لتحديث اقتصاد في حاجة ماسة للاستثمارات الاجنبية.
واظهرت احصاءات رسمية ان متوسط حالات الاضراب في المغرب العام الماضي
بلغ اضرابا واحدا في اليوم وهو اعلى رقم منذ عشر سنوات وغالبا ما كان
يشل الخدمات العامة ويؤدي الى اهدار اكثر من 300 الف يوم عمل فيما يمثل
ارتفاعا بنحو ثلاثة امثال عن 2010. وهذه الارقام مرتفعة بالنسبة لبلد
ينضم فيه الى النقابات العمالية عشرة بالمئة بالكاد من حجم قوته
العاملة البالغة عشرة ملايين عامل.
ويستوجب التشريع المزمع اصداره ان تجري النقابات محادثات مباشرة مع
الموظفين قبل ان يتمكنوا من الدعوة للأضراب وقد يفرض غرامة على
العاملين الذين يضربون بالمخالفة للقانون.
لكن هذا التشريع يواجه معارضة شديدة من نقابات العمال المغربية التي
انتهزت في الآونة الاخيرة احتجاجات ضد الفقر والبطالة لتوسيع نطاق
عضويتها وبدأت في اختراق قطاعات سريعة النمو مثل مراكز الخدمة التي
تحاول السلطات الترويج لها كمحرك للنمو الاقتصادي وتوفير الوظائف في
المستقبل.
ورفض نوبير الاموي رئيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وهي أكبر
نقابة لعمال القطاع العام اجراء أي محادثات مع الحكومة بشأن تنظيم
الاضرابات دون اصلاح امور اخرى. وقال "نحتاج مليون قانون لترتيب الحياة
العامة... كيف تسمح الدولة أن تتقاضى كفاءات مهنية الحد الادنى للأجر..
وكيف تسمح الدولة لجل شركات القطاع الخاص من خرق مدونة الشغل."
وأجاز اول دستور للمغرب عام 1962 الاضرابات لكنه اخضع تنظيمها
لقانون اطاري لم ير النور مطلقا لان الحكومات السابقة كانت تخشى ان
يطلق شرارة مواجهة مع النقابات الرئيسية. ومنذ ذلك الحين زاد عدد
النقابات من اثنتين الى 25. وأصاب موظفو المحاكم النظام القضائي بالشلل
العام الماضي بإضراب عن العمل بشأن الاجور استمر 46 يوما. ودفع اضراب
لعمال ميناء طنجة على البحر المتوسط بعض شركات النقل البحري الاجنبية
الى تجنب التعامل مع الميناء مؤقتا. وانفقت الرباط الكثير لتطوير
الميناء منذ سنوات قليلة في محاولة لجعل المدينة مركزا كبيرا للصناعة
والنقل البحري بالنسبة للمستثمرين. وفي حين لا توجد تقديرات دقيقة
للخسائر المالية التي تسببها الاضرابات للاقتصاد الذي يبلغ حجمه 100
مليار دولار يقول محللون ان اثارها على الاستثمار تفاقمها المنافسة
الاقتصادية التي لا تزال ضعيفة.
ومن المتوقع ان ينمو الاقتصاد المغربي بنسبة تتراوح بين ثلاثة
واربعة بالمئة هذا العام وهو ما ينخفض كثيرا عن النسبة التي تستهدفها
الحكومة وهي 5.5 في المئة سنويا والتي تقول انها لازمة لزيادة فرص
العمل. وتراجعت الاستثمارات الاجنبية في العامين الماضيين فيما يرجع
لأسباب من بينها الازمة في منطقة اليورو اكبر مستثمر في المغرب وشريكه
التجاري الرئيسي الامر الذي رفع عجز المعاملات الجارية الى اعلى مستوى
له منذ الثمانينات.
وقال مسؤول كبير في الحكومة التي يقودها منذ ديسمبر كانون الاول
الماضي اسلاميون معتدلون تابعون لحزب العدالة والتنمية ان قانونا بشأن
الاضرابات سيحال للبرلمان قبل نهاية هذا العام. واضاف المسؤول "الهدف
هو تجنب الشلل التام الذي عرفته خدمات القطاع العام وبعض الشركات
الخاصة بسبب الاضرابات. لن نمنع الاضرابات عبر القانون ونريد فقط اصدار
تنظيمات تضع حدا للفوضى في الاضرابات."
وألح عليه مسؤول تنفيذي فرنسي في وقت سابق من العام الحالي لمعرفة
سبب "الاضرابات المتكررة" في المغرب فأنحى رئيس الوزراء عبد الاله بن
كيران باللائمة على فرنسا القوة الاستعمارية السابقة في ادخال
الاضرابات الى البلاد. وبالنسبة للشركات التي وافقت على فرض ضرائب
جديدة في 2012 لمساعدة الحكومة في دعم المالية العامة الضعيفة فان
التشريع الخاص بالأضراب وهو جزء من اصلاحات اوسع تشمل جعل القضاء اكثر
استقلالا بات محل ترحيب.
وقال جمال بلحرش رئيس لجنة الشغل والعلاقات العامة بالاتحاد العام
لمقاولات المغرب وهو اكبر مجموعة لأرباب العمل في المملكة "لا يمكن
للمغرب ان يترك قطاع الاعمال رهينة لأشخاص ليس لديهم احسن النوايا مما
يدفع بعض الشركات الى الاغلاق". وقال كريم التازي رئيس الجمعية
المغربية لصناعة النسيج والالبسة التي يعمل بها 200 الف شخص وهي صناعة
تصديرية رئيسية ان كثيرا من شركات النسيج اضطرت للأغلاق بسبب
الاضرابات. واضاف "هناك شركات تستحق الاضرابات (لانتهاكها قوانين
العمل) وهناك عدد اكبر من الشركات ينتهي بها الامر الى الاغلاق بشكل
غير عادل لان خمسة او ستة اشخاص وظفوا شخصيتهم المؤثرة من اجل التسبب
في اضرابات فوضوية."
ولا تجيز مسودة القانون الاضراب الا اذا فشلت المفاوضات المباشرة
وغير المباشرة وبعد اخطار ارباب الاعمال قبل عشرة ايام من موعد الاضراب
ويومين اذا كان الاضراب بسبب عدم دفع الرواتب او خلافات لم تحل في مكان
العمل. ويحظر القانون على الشركات فصل موظفين او تعيين بديل لهم خلال
الاضراب القانوني وهو ما سينهي ممارسة يستغلها كثير من اصحاب الاعمال
الخاصة للتحايل على مطالب العمال او اجبارهم على التخلي عن الاضراب
كلية.
وقالت سميرة كناني وهي شخصية بارزة في الاتحاد المغربي للشغل وهو
اكبر نقابة عمالية في المغرب ان الاضرابات انما هي انعكاس لغياب حقوق
العمال المناسبة. واضافت "تتغاضى السلطات مرات اكثر من اللازم عن
خروقات مدونة الشغل. الاغلبية الساحقة من العمال ليس لديهم انخراط في
صندوق الضمان الاجتماعي وليس لديهم عقود عمل. النقابات اذن يجب ان
تتدخل لسد الفراغ الذي تتركه الدولة للدفاع عن الاشخاص الذين لا حامي
لهم." وقالت "الاندفاع وراء هذا القانون يعكس ارتباك الحكومة وسط
المشاكل الاقتصادية في اوروبا والمغرب في خضم الربيع العربي. الوازع
الحقيقي للسلطات وراء هذا القانون هو الهاجس الامني."
وفي ذروة الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية العام الماضي والتي
استلهمت انتقاضات الربيع العربي في دول اخرى في المنطقة وافقت الحكومة
في ذلك الوقت على زيادة رواتب موظفي القطاعين العام والخاص. وساعدت هذه
الاجراءات بالإضافة الى تعهد العاهل المغربي الملك محمد السادس بتقليص
صلاحياته المغرب على تجنب ذلك النوع من الاضطرابات التي اطاحت بالأنظمة
في تونس ومصر وليبيا. بحسب رويترز.
لكن الاحتجاجات الدورية تتواصل ضد البطالة والفقر والفساد في
المؤسسات الرسمية. ويتحول بعضها الى اعمال عنف. وقال الخبير الاقتصادي
محمد جرين ان الاضطرابات الاقليمية والمصاعب الاقتصادية في المغرب "يجب
ان تؤدي في نهاية الامر الى سن قانون بشأن الاضرابات يناسب جميع
الاطراف. "لا اعتقد ان الحكومة بعد ما حدث هنا (الاحتجاجات المطالبة
بالديمقراطية) باستطاعتها تفعيل قانون سيضر بمصالح العمال ولكن في نفس
الوقت لا تستطيع تفعيل قانون لن يوفر حماية للشركات من الاضرابات
الفوضوية بسبب الظروف الاقتصادية الحالية. |