الرئيس المصري القادم... من سيكون ولمن سيعمل؟

عبد الأمير رويح

 

 شبكة النبأ: لايزال عنصر المفاجئة هو المهيمن الاساس على مجريات الاحداث فيما يخص سباق الترشح الرئاسي في مصر، ويرى الكثير من المراقبين ان النتائج والقرارات والأستبعادات الاخيرة التي شهدها هذا السباق قد جعلت من الصعب التنبؤ بما ستؤول الية النتائج القادمة خصوصا وجود هذا الكم الكبير المتغيرات التي تشهدها الساحة المصرية، من جهة اخرى يتخوف البعض من اتساع رقعة الخلاف بين الاطراف المتصارعة التي استبعدت من هذا السباق المهم والتي ستعمل في الخفاء على افشال تلك الانتخابات كما شكك البعض باستقلالية الرئيس القادم الذي سيعمل وفق سيناريو معد مسبقا مشيرين بذلك الى بعض الاسلاميين المرتبطين بأحزاب متنفذه تسعى الى الوصول والهيمنة.

وفيما يخص التطورات الاخيرة في ملف السباق الرئاسي وفي مصر فقد اعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية استبعاد رئيس الوزراء المصري الاسبق احمد شفيق من قائمة المرشحين لرئاسة الجمهورية تطبيقا لقانون العزل السياسي بعد ان صادق عليه المجلس العسكري الحاكم واصبح نافذا. وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية ان لجنة الانتخابات "قررت استبعاد" شفيق الذي كان اخر رئيس للوزراء في عهد حسني مبارك من قوائم المرشحين لانتخابات الرئاسة المقرر اجراؤها في 23 و24 ايار/مايو المقبل.

ويعتبر المحللون المصريون ان استبعاد شفيق من شأنه ان يعزز فرص الامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى ويتوقعون ان تذهب اليه اصوات مؤيدي شفيق. والى موسى، يعد ابرز المرشحين للرئاسة القيادي السابق في جماعة الاخوان المسلمين عبد المنعم ابو الفتوح ورئيس حزب الحرية والعدالة (المنبثق من الجماعة) محمد مرسي والقيادي الناصري حمدين صباحي والمرشح الاسلامي سليم العوا والناشط الحقوقي اليساري خالد علي.

وصادق المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية على القانون الذي يمنع كبار المسؤولين في عهد الرئيس السابق حسني مبارك من الترشح الى الانتخابات الرئاسية. وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط ان رئيس المجلس الاعلى الذي يتولى الحكم منذ سقوط الرئيس مبارك في شباط/فبراير 2011، "صادق على تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية". بحسب فرنس برس.

ويتضمن القانون "عزل كل من عمل خلال العشر سنوات السابقة على 11 شباط/فبراير 2011، رئيسا للجمهورية او نائبا له او رئيسا للوزراء او رئيسا للحزب الوطني الديموقراطي المنحل (حزب مبارك) او امينا عاما له او كان عضوا في مكتبه السياسي او امانته العامة وذلك لمدة عشر سنوات ابتداء من التاريخ المشار اليه".

وكان مجلس الشعب، الذي يهيمن الاسلاميون عليه، اعد هذا القانون على عجل لمنع ترشيح رئيس الاستخبارات في عهد مبارك، اللواء عمر سليمان. الا ان لجنة الانتخابات استبعدت سليمان مع تسعة مرشحين ، قبل صدور قانون العزل، بسبب عدم استكمالهم لشروط الترشح المنصوص عليها في القانون وخصوصا الحصول على تأييد موثق من 30 الف ناخب في 15 محافظة على الاقل.

أبو الفتوح يتوقع الفوز

في السياق ذاته توقع المرشح الاسلامي لانتخابات الرئاسة المصرية عبد المنعم أبو الفتوح أن يفوز بالمنصب من الجولة الاولى التي ستجرى في مايو ايار وقال أيضا ان أي شخص ارتبط بالرئيس السابق حسني مبارك لا يصلح للقيادة. وقال أبو الفتوح قبل ساعات من قرار لجنة الانتخابات الرئاسية استبعاد آخر رئيس للوزراء في عهد مبارك من قائمة المرشحين انه يتوقع الحصول على أغلب أصوات جماعة الاخوان المسلمين التي طردته من عضويتها حين أعلن اعتزامه الترشح في وقت كانت فيه الجماعة تقول انها لن تقدم مرشحا منها.

وللجماعة مرشح الان هو محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة وهو الحزب الذي يمثل الذراع السياسية لها. وقال ابو الفتوح "أنا أرى الان وكلما اقترب الوقت من الانتخابات أن فرصي فى الفوز تزيد." وأضاف "ان شاء الله حركة حملتنا تكبر ويضاف اليها شرائح جديدة من المجتمع من الشباب ومن النساء وتنتشر أكثر على أساس أن يتم الفوز في (انتخابات) الرئاسة ان شاء الله من المرحلة الاولى وليس من الاعادة."

ووُصف أبو الفتوح بأنه اصلاحي معتدل خلال سنوات عضويته في الجماعة وبرز كمرشح ذي شأن في الانتخابات التي ستبدأ في داخل البلاد يومي 23 و 24 مايو أيار والتي سيقترع فيها المصريون الذين يعملون في الخارج قبل ذلك. ووجد أبو الفتوح تأييدا في اوساط الليبراليين والاسلاميين ويقدم نفسه باعتباره مرشحا يتوافق عليه الناخبون. لكن منتقدين يقولون انه ليس له نهج فكري واضح في الوقت الذي يسعي فيه لان يصبح كل شيء لكل الناس.

ويتوقع على نطاق واسع أن تجرى جولة إعادة بين مرشحين اثنين في أول انتخابات رئاسة بعد مبارك الذي أطاحت به انتفاضة شعبية يوم 11 فبراير شباط العام الماضي. ووجه أبو الفتوح انتقادا لاذعا الى المرشحين الذين عملوا مع مبارك وأبرزهم عمرو موسى الامين العام السابق لجامعة الدول العربية قائلا ان الناخبين لن يصوتوا لسياسيين من النظام الذي أسقطوه.

وقال "أنا أتمنى ألا ينتخب أي شخص من النظام القديم لأننا في جمهورية جديدة بأسس جديدة لإدارة الدولة وبالتالي (فان) الذين تربوا في أحضان النظام القديم وعلى أفكاره وعلى وسائله لا يصلحوا في المرحلة الجديدة."

وصدق المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ اسقاط مبارك على قانون يمنع كبار من عملوا مع مبارك من تقلد المنصب مما أدى لاستبعاد شفيق. وقال ابو الفتوح مشيرا الى موسى "لنكن منطقيين كل الذين شاركوا مع النظام القديم أو ساعدوه أو التزموا الصمت تجاه الجرائم التي ارتكبت يمثلون النظام القديم." وأضاف "المنافسون الآخرون من بقايا النظام السابق لا يجب أن يكونوا في المنافسة."

ويعتقد على نطاق واسع أن قرار مبارك ترشيح عمرو موسى لمنصب الامين العام لجامعة الدول العربية من منصب وزير الخارجية قبل نحو عشر سنوات من سقوط نظامه كان راجعا الى زيادة شعبية موسى. ولا يزال أبو الفتوح يحتفظ باحترام كبير في جماعة الاخوان المسلمين التي كان عضوا قياديا فيها لعشرات السنين. وغيرت الجماعة موقفها من الترشح للرئاسة الشهر الماضي وقدمت خيرت الشاطر النائب الاول للمرشد العام لها للسباق وقدمت مرسي (59 عاما) مرشحا احتياطيا.

واستبعدت لجنة الانتخابات الرئاسية الشاطر لعدم حصوله على رد اعتبار قضائي من ادانة له عام 2007 أمام المحكمة العسكرية العليا في قضية اتهم فيها بغسل الاموال. ويقول كثيرون ان مرسى خفيض الصوت أقل جاذبية للناخبين من أبو الفتوح. وقال أبو الفتوح وقد علت وجهه ابتسامة "ان شاء الله سنأخذ معظم أصوات الاخوان المسلمين. "اننا ضد هيمنة طرف من أطراف العملية السياسية على كافة مناصب الدولة حتى بشكل ديمقراطي." ويشغل حزب الحرية والعدالة أكثر من 43 في المئة من مقاعد مجلس الشعب ونحو 60 في المئة من مقاعد مجلس الشورى. وقال أبو الفتوح انه مرشح مستقل بإمكانه القيام بالإصلاحات التي ينادي بها النشطاء الذين يعبرون عن مطالبهم في ميدان التحرير.

ويأخذ منتقدون لأبو الفتوح عليه قوله انه المرشح الذي يمثل كل التيارات السياسية في مصر سواء كانت تيارات اسلامية للإخوان والسلفيين أو تيارات يسارية أو ليبرالية." ولأبو الفتوح رؤية للاقتصاد يدور حولها النقاش لان هيئة مستشاريه الاقتصاديين تضم ماركسيا واحدا على الاقل الى جانب ليبراليين. لكه يقول انه لا يرى تناقضا في ذلك. "فكرة التوافق بين الرؤية الرأسمالية والرؤية الاشتراكية تساعد وتدفع الانسان أن يعبر عن طموحه وامكانياته وذاته في التملك وفي الاستثمار على أن يراعي جنبا الى جنب العدالة الاجتماعية." وأضاف "هذا يتفق مع فكرنا الاسلامي. هذا هو التمازج بين الفكرتين اللتين نؤسس عليهما مشروعنا لبناء المستقبل." وتابع "أنتمى للفكر الذي ينتمي له الشعب المصري... الفكرة الحضارية الاسلامية."

وقال عضو مجلس الشعب المستقل عمرو الشوبكي وهو يتحدث عن مآثر أبو الفتوح وهو يقدمه للجمهور في تجمع انتخابي في حي امبابة غرب القاهرة "ما يقوله هو الذي يعمله." وأضاف أنه أنسب من "يكسر الاستقطاب الذي نعيشه." ويشير الشوبكي وهو باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الى الخلافات التي احتدمت بين الاسلاميين الذين هيمنوا على البرلمان وغيرهم الذين يخشون من صعود جماعة الاخوان.

وفك أبو الفتوح الطبيب الذي يبلغ من العمر 60 عاما رباط عنقه حين وقف لمخاطبة الحشد الذي ضم مئات الاشخاص. واستمع الجمهور في هدوء بينما راح يطرح رؤيته لجعل مصر صاحبة واحد من أقوى 20 اقتصادا في العالم في غضون عشر سنوات ولتقوية الجيش واجتثاث بقايا النظام الاستبدادي القديم الذين وصفهم بأنهم تهديد كبير لمصر. وقال "بعد ثورة 25 يناير ان شاء الله لن يحلم الشعب المصري بحقوقه (فحسب) سيحلم بما (هو) أعلى من ذلك." وقال ان من الضروري أن تكون مصر دولة مدنية للشريعة الاسلامية المعتدلة احترام فيها "بعيدا عن التطرف الاسلامي والعلماني والديني." وأضاف "مصر لن تكون نسخة من تركيا. لن تكون نسخة من تونس. لن تكون نسخة من ايران. مصر ستكون مصر." وقال مراد فخري أحد أفراد مجموعة من السلفيين كانوا يستمعون لأبو الفتوح "هو شخص محترم ومعتدل. الشعب المصري يحتاج لهذه الفكرة في هذا الوقت". وقال سلفي اخر في الحشد انه اعتزم انتخاب ابو اسماعيل قبل استبعاده من الترشح لكنه سينتخب أبو الفتوح.

لكن لا يزال ناخبون كثيرون لم يحسموا اختيارهم بعد. ويتيح استبعاد أبو اسماعيل للإسلاميين الاختيار بين أبو الفتوح والمرشح الاخواني. وقال الامين العام لجماعة الاخوان المسلمين محمود حسين مشككا في فرص أبو الفتوح ان كثيرا من الليبراليين قلقون ازاء الماضي الاخواني له وان كثيرا من الاسلاميين بدأوا يتشككون في أنه اسلامي حقيقي. وقال حسين "سيأخذ بعض (أصوات) بعض هؤلاء وبعضا من أولئك." بحسب رويترز.

وكان أبو الفتوح من جناح اصلاحي في جماعة الاخوان يقول محللون ان القيادة المحافظة للجماعة دفعته الى الهامش. وكان أبو الفتوح قياديا طلابيا في شبابه وواجه الرئيس الراحل أنور السادات في السبعينات قائلا له في مناسبة عامة انه أحاط نفسه بالمنافقين. ووضع مؤيدو أبو الفتوح تسجيلا للمناقشة الساخنة بينه وبين السادات على الموقع الالكتروني لحملته.

وكان أبو الفتوح من بين مئات النشطاء الذين اعتقلهم السادات عام 1981 قبل اسابيع من اغتياله برصاص اسلاميين متشددين. ويقول أبو الفتوح انه وجد نفسه في السجن بين متشددين مثل أيمن الظواهري الذي يقود تنظيم القاعدة الان وآخرين أكثر أصولية ممن ألقي القبض عليهم بعد اغتيال السادات. ويحظى أبو الفتوح بتأييد حتى بين مصريين لا تستهويهم السياسة.

ويقول وليد عبد الرحمن المتخصص في ادارة الاعمال (27 عاما) وهو من بين الاغلبية الساحقة التي لم تهتم بالسياسة في عهد مبارك "أروع ما في أبو الفتوح أنك بمجرد أن تسمع عنه تنجذب اليه." وأضاف "الاشياء التي يتحدث عنها تتصف بالشمول. لا تشعر بأنك بعيدا عنه سواء كنت اسلاميا أو ليبراليا أو مسيحيا أو حتى لا تؤمن بالله."

مرسي ينتقل لخط المواجهة

من جهته وعد محمد مرسي مرشح جماعة الاخوان المسلمين الجديد لانتخابات الرئاسة في مصر بأن يدير البلاد من خلال حكومة ائتلافية وأن يعمل على تحقيق الاستقرار في البلاد بعد اضطراب سياسي مستمر منذ أكثر من عام. وانتقل مرسي الى خط المواجهة في السباق بعد أن رفضت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة قبول ترشيح خيرت الشاطر المرشح المفضل لدى الجماعة.

وقال مرسي (59 عاما) وهو رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين انه سيسعى لضمان الفوز بأصوات السلفيين بعد أن استبعدت اللجنة العليا أيضا حازم أبو اسماعيل المرشح السلفي لكنه وعد بأن يكون رئيسا لكل المصريين. ويحاول المهندس الذي يجيد الحديث بهدوء اكتساب شعبية بعد منع الشاطر رجل الاعمال الملياردير والمخطط الاستراتيجي للجماعة من خوض الانتخابات لادانته في عهد الرئيس السابق حسني مبارك عندما كانت الاخوان المسلمون جماعة محظورة.

وستساعد قواعد الاخوان المسلمين مرسي ولكن منافسيه من المرشحين الاسلاميين والمرشحين الليبراليين الذين شغلوا مناصب في عهد مبارك بدأوا حملتهم منذ فترة أطول ويمكنهم التفاخر بأنهم أكثر شهرة من مرسي. ويتعين على مرسي أيضا أن يثبت أن المرشح الاحتياطي للإخوان لديه القوة ليقود مصر أكبر الدول العربية سكانا بعد فترة انتقال مضطربة أدار خلالها المجلس الاعلى للقوات المسلحة شؤون البلاد منذ الاطاحة بمبارك. وقال مرسي "كلمة الاحتياطي انتهت الان المؤسسة جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة لديهم مرشح ببرنامج واضح في هذه الانتخابات. "ان شاء الله يختار الشعب المرشح الاسلامي لحزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان المسلمين اللي (الذي) هو أنا وان شاء الله تكون منظومة نحو الاستقرار والتنمية."

وانتخابات الرئاسة هي المرحلة الاخيرة في انتقال البلاد للحكم المدني. وقال الجيش انه سيسلم السلطة بحلول أول يوليو تموز ولكن من المتوقع أن يظل الجيش الذي خرج من صفوفه رئيس مصر طوال ستة عقود ولديه مصالح اقتصادية ضخمة لاعبا قويا من وراء الكواليس لسنوات.

وتجري مراقبة نتيجة انتخابات الرئاسة عن كثب في المنطقة حيث تضطلع مصر منذ فترة طويلة بدور مؤثر وفي الغرب الذي يشعر بقلق من صعود الاسلاميين في أول دولة عربية تبرم اتفاق سلام مع اسرائيل في عام 1979 .

وردا على سؤال عن العلاقة مع اسرائيل قال مرسي في المؤتمر الصحفي "رئيس مصر القادم لا يمكن أن يكون مثل سابقه لا يمكن أن يكون تابعا منفذا لسياسة توضع له من الخارج" في اشارة الى مبارك الذي كان ينظر اليه على نطاق واسع باعتباره رئيسا يخدم المصالح الامريكية.

وقال أحد المساعدين ان مرسي ملتزم بتعهد الاخوان المسلمين بالحفاظ على المعاهدات الدولية في اشارة الى معاهدة السلام. ولكن المساعد قال ان مرسي لن يجتمع مع مسؤولين اسرائيليين عندما يصبح رئيسا ولكن وزير خارجيته سيجتمع. وتعهد مرسي في تأكيد لموقف حزبه الذي يهيمن على البرلمان بأن يتواصل مع جميع القوى وبأن يحكم من خلال حكومة ائتلافية. وقال مرسي للصحفيين "حكومة ائتلافية بقيادة حزب الاغلبية هي التي ستحقق ارادة الشعب." وظهر التناقض جليا بين سلوك مرسي الاكثر تواضعا وبين الاداء القوي للشاطر الأكثر حدة عندما كان يتحدث للصحفيين.

وتميز المؤتمر الصحفي الاول للشاطر بلقطات فيديو مصممة بعناية وموسيقى وغابت هذه المشاهد عن المؤتمر الصحفي الذي عقده مرسي. ورغم تعهد الاخوان المسلمين بأن يشكلوا حكومة تضم القوى المختلفة الا أنها تتعرض لاتهامات من منافسيهم الليبراليين وغيرهم بالسعي للاستحواذ على السلطة من خلال السيطرة على جمعية تأسيسية لوضع الدستور مما دفع منافسيهم للانسحاب قبل تعليق أعمال اللجنة بحكم قضائي. كذلك تراجع الاخوان عن تعهد سابق بعدم التقدم بمرشح للرئاسة. بحسب رويترز.

ويثير المنافسون كذلك تساؤلات حول استقلالية مرشح الاخوان قائلين انه سيتلقى أوامر من المرشد العام للجماعة وان ترشيحه سيدفع مصر في اتجاه الدولة الدينية. ويرفض مرسي هذه الاتهامات قائلا "لا مجال للحديث عن قرارات تملى من خارج مؤسسة الرئاسة." وقال مرسي ان أحدا لن يكون فوق الدستور لكنه لم يوضح رؤيته لوضع الجيش. وقال ان البرلمان سيراقب ميزانية الجيش ولكن ستكون هناك ضرورة للسرية في مجالات بعينها. وأضاف أيضا أنه سيتشاور مع الجيش عند اختيار وزير الدفاع في حكومة جديدة.

وعارض الاخوان المسلمون الاقتراحات التي قدمها الجيش للدستور الجديد لكنهم أصبحوا أقل ميلا للمواجهة والصدام. ويقول محللون ان الجماعة تريد أن تتجنب صراعا قد يضر بالمكتسبات السياسية التي حققتها بعد سنوات من القمع في عهد مبارك. وانتخب مرسي عضوا في البرلمان لفترة واحدة في عام 2000 عندما خاض الانتخابات مستقلا للالتفاف على حظر على الجماعة لكنه خسر المقعد في انتخابات عام 2005 التي اعتبرت مزورة على نطاق واسع. وأصبحت الجماعة الان بفضل المكاسب التي حققتها أقرب الى السلطة من أي وقت مضى منذ تأسيسها قبل 84 عاما.

موسى يتعهد بدور للجيش

الى جانب ذلك قال وزير الخارجية الاسبق عمرو موسى الذي يحتل موقعا متقدما في سباق الرئاسة المصرية انه سيمنح المجلس الأعلى للقوات المسلحة دورا في رسم السياسات الأساسية للبلاد عبر مجلس للأمن القومي في رسالة لطمأنه المجلس الى وضعه بعد نقل السلطة للمدنيين. وأضاف موسى الذي يصف نفسه بأنه ليبرالي وطني ان مصر تحتاج الى رئيس لديه مهارة العمل الفعال مع البرلمان الذي يهيمن عليه الاسلاميون ومع غيره من مؤسسات الدولة بعد خبرة ادارية اكتسبها من عقود من العمل الوظيفي.

وستكون انتخابات الرئاسة التي ستجرى يومي 23 و24 مايو أيار المرحلة الاخيرة من فترة انتقالية من الحكم العسكري الذي أعقب اسقاط الرئيس السابق حسني مبارك مطلع العام الماضي. لكن محللين يقولون ان العسكريين الذين كان منهم مبارك وكل رؤساء مصر السابقين سيسعون لنفوذ من وراء ستار لسنوات مقبلة خاصة بشأن السياسة الخارجية لدولة كانت أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع اسرائيل عام 1979 . وقال موسى (75 عاما) في مؤتمر صحفي ان مجلس الامن القومي الذي سيكون برئاسة الرئيس سيضم الوزراء البارزين بالإضافة الى كبار ضباط الجيش وسيكون من شأن المجلس مناقشة العديد من قضايا الامن القومي.

وقال موسى الذي شغل أيضا منصب الامين العام لجامعة الدول العربية ان المجلس سيبحث ليس فقط قضايا الدفاع والحرب بل كافة القضايا المتصلة بالأمن القومي مثل قضايا المياه والعلاقات مع دول الجوار. وتابع أن المجلس سيختص بمسائل ذات الاولوية القصوى للعمل الوطني.

وتحدث مرشحون آخرون للرئاسة بينهم مرشح اسلامي عن اقتراح مماثل لكن اقتراح موسى وخططه أكثر تفصيلا. ويقول محللون انه رغم رغبة الليبراليين والاسلاميين على السواء في الحد من النفوذ السياسي للجيش الا أن من المرجح أن يركز أي رئيس مقبل على القضايا الاكثر الحاحا مثل الاقتصاد ويتجنب المواجهة مع الجيش حول السياسة الخارجية.

وقال الجيش انه سيسلم السلطة للمدنيين ويعود للثكنات بعد انتخاب رئيس الدولة بحلول الاول من يوليو تموز. لكن الكثير من تصريحات المسؤولين العسكريين وخاصة بعيدا عن وسائل الاعلام أو تعليقات الحكومة التي عينها المجلس العسكري تشير الى أن الجيش يريد القيام بدور على مدى أطول في حماية مصالح واسعة تتراوح بين نشاط اقتصادي والامن القومي.

وبحسب صحيفة الاهرام التي تديرها الدولة قال رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي خلال مناورة "نحن نتعاون جميعا من أجل مصر التي لن تخضع لأحد أو لمجموعة بعينها ولكن ستكون للمصريين جميعا ووفق الارادة الشعبية." ويقول دبلوماسيون غربيون ان الجيش قلق ازاء أن تعمل حكومة مدنية على تقويض معاهدة السلام مع اسرائيل التي تضمن لمصر مساعدات عسكرية أمريكية تبلغ 1.3 مليار دولار سنويا. بحسب رويترز.

ولم يشأ موسى أن يحدد رؤيته للعلاقة مع الجيش في حالة فوزه بالرئاسة قائلا ان مصر في جو أزمة وان هذا ليس هو الموضوع الذي يتعين طرحه الان للمناقشة. وفي الدستور الذي علق المجلس العسكري العمل به بعد اسقاط مبارك هناك نص على مجلس للدفاع الوطني في قسم خاص بالقوات المسلحة لكنه تحدث فقط عن أمن مصر وأمانها. ولم يحدد النص أعضاء.

وقال موسى ان الرئيس المقبل يجب أن يبتعد عن سياسات المواجهة ويحتاج الى العمل مع قاعدة عريضة من اللاعبين بخلاف الرؤساء السابقين مثل مبارك الذي اعتمد على برلمانات شكلية وتجاهل معارضيه أو زج بهم في السجون. وأضاف أنه يتعين على الرئيس أن يجلس مع الاخرين وأن يبحث معهم القضايا ويتوصل معهم لاتفاق.

ومنافسو موسى البارزون هم محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين والاخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح وأحمد شفيق آخر رئيس حكومة في عهد مبارك. وقال موسى عن منافسيه الاسلاميين ان مصر يجب ألا تدخل في تجربة لم تختبر بعد خاصة بعد سنوات من الادارة السيئة.

انقسام حول مصداقية الانتخابات

من جهة اخرى وفي مناظرة عقدت بالقاهرة انقسم الحضور حول مصداقية انتخابات الرئاسة القادمة في مصر تحت حكم المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ أطاحت انتفاضة شعبية بالرئيس حسني مبارك اوائل العام الماضي. وعقدت المناظرة ضمن سلسلة حلقات "الحوارات العربية الجديدة" التي أسسها ويديرها تيم سيباستيان المراسل السابق لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) تحت رعاية برنامج شراكة تابع لوزارة الخارجية البريطانية والوكالة السويدية للتعاون الدولي بهدف تشجيع الشباب على المشاركة في تطوير الحياة السياسية في بلدانهم من خلال التحاور.

وفي نهاية المناظرة صوت 50 بالمئة من الحضور لصالح فكرة أن الانتخابات الرئاسية في مصر لن تتمتع بمصداقية في ظل حكم المجلس العسكري لكن 50 بالمئة عارضوا هذا الطرح. وتبث المناظرة على محطات تلفزيون (دويتشه فيليه) الالمانية و/الحياة/ المصرية و/هنبعل/ التونسية. وعقدت المناظرة بين أحمد نجيب الناشط السياسي وعضو حزب التيار المصري وشهيرة ابو الليل الناشطة السياسية والعضو المؤسس في حركة (لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين).

ويرى نجيب ان أي رئيس لن يكون بوسعه الدخول في مواجهة مع "الثورة" قائلا "لا يوجد رئيس عاقل سيأتي بعد ذلك ويتحدى الثورة." وقال نجيب "يجب ان نحاول ان يكون هناك مرشح شعبي وثوري في نفس الوقت شخص يمثل احلام وطموحات هذا الشعب. اذا وجد هذا الشخص فحتى اذا تم تزوير الانتخابات نستطيع من خلال المراقبة الشعبية (للانتخابات) ان نقول ان فلان هو الذي نجح وأن ننزل الى الميدان (ميدان التحرير) لندعمه." واضاف نجيب قائلا "في كل الاحوال سنواصل ثورتنا. أي رئيس سيأتي سيحاول ان يصلح الوضع بشكل كبير. فلن نعود الى ما قبل 25 يناير أو مصر مبارك."

بيد أن أبو الليل قالت "مشكلة الانتخابات أن المجلس العسكري فقد شرعيته منذ أمر بقتل المتظاهرين كل تصرفات المجلس العسكري تدل على أن هذه الانتخابات ستكون مزورة." واضافت أبو الليل قائلة "المجلس العسكري خلق جوا من الرعب والخوف بين الناس سيذهب الناس الى صناديق الاقتراع ولديهم شعور بالخوف."

وكانت أبو الليل تشير الى بعض الاحداث التي سقط فيها قتلى وجرحى مثل أعمال العنف التي عرفت اعلاميا باسم أحداث ماسبيرو وأحداث مجلس الوزراء وأحداث شارع محمد محمود القريب من مقر وزارة الداخلية. وقالت أبو الليل "كل شهر يسقط شهداء ويتعرض نشطاء للخطف والاعتداء والتعذيب والسجن والمحاكمات العسكرية. كل هذه الاجواء لا تصلح للديمقراطية أو الاختيار بحرية."

ومنذ تولي المجلس الاعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد يراود كثير من المصريين شكوك في نوايا الجيش ويعتقدون انه ربما يريد التشبث بالسلطة من وراء الستار حتى بعد أن يسلم الحكم لرئيس منتخب أو ربما يدعم أحد المرشحين. ويؤكد المجلس أن القوات المسلحة ليست طرفا فى الجدل السياسي القائم على السلطة ولا تدعم أيا من مرشحي الرئاسة وانها تسعى لبناء دولة ديمقراطية حرة. بحسب رويترز.

لكن أبو الليل تعتقد أن "البديل عن الانتخابات ان نضع كل ثقلنا خلف الثورة وفي البداية نسقط النظام لسنا أول بلد في العالم تسقط ديكتاتورية عسكرية. قبل الانتخابات نحتاج لحكومة انقاذ وطني تضع الدستور وتقوم بإعادة هيكلة المؤسسات." "في كل مرة نشارك في عملية تؤدي الى تقوية المجلس العسكري واضعاف الثورة. علينا أن نثق في الثورة وليس الجيش." الا أن نجيب يرى أن "مقاطعة الانتخابات ليست حلا... هذا يعني انك ستساعد المرشح الذي لا تريده على الفوز. هذا يعني الانسحاب. كلا لابد أن ندخل هذه المعركة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/نيسان/2012 - 7/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م