المهاجرون الافارقة ورحلة الذل الى اسرائيل

 

شبكة النبأ: عبر نحو 60 الف مهاجر افريقي فروا من الحكم الشمولي في اريتريا والقتال في السودان وما أصبح الآن جنوب السودان بطريقة غير مشروعة الى اسرائيل عبر الحدود الصحراوية غير المحكمة نسبيا مع مصر.

ووصل نصفهم في العامين الماضيين - أكثر من 3500 منذ يناير الماضي - وتخيم أعداد متزايدة من المهاجرين المشردين في المتنزهات الاسرائيلية. وتعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو "بوقف هذا السيل الذي نشهده جميعا."

ويغذي تدفق المهاجرين الافارقة قلقا اسرائيليا أكبر بشأن الحفاظ على أن تكون أغلبية السكان يهودية وهي قضية أدت الى وضع سياسات تحد من امكانية الحصول على الجنسية الاسرائيلية. ويمنح المهاجرون اليهود الجنسية تلقائيا لكن هذا الخيار غير متاح لأغلبية المهاجرين الافارقة.

كما يحرم بعض من الاف العمال الذين يفدون من اسيا وامريكا اللاتينية للعمل في قطاع الزراعة او رعاية المسنين والمعاقين من تصاريح الاقامة الدائمة أو الجنسيات حتى لأفراد أسرهم المولودين في اسرائيل.

ومنذ يناير كانون الثاني أدخلت تعديلات على القانون الاسرائيلي لمعاقبة المهاجرين الذين يلقى القبض عليهم عند محاولة الدخول بطريقة غير مشروعة بالسجن لمدة تصل الى ثلاث سنوات. ويجري توسيع سجن قرب الحدود مع مصر ليستقبل الالاف من السجناء الاخرين.

وقال يوسي ادلشتاين المسؤول الكبير في وزارة الداخلية معبرا عن وجهة النظر الرسمية الاسرائيلية "هؤلاء ليسوا لاجئين. هم متسللون الى اسرائيل أولا وقبل كل شيء."

وليست اسرائيل الوجهة الاولى للكثير من المهاجرين الافارقة. وقال ادلشتاين في مقابلة ان أغلبهم يتجه الى البلاد لانها يمكن الوصول اليها برا ولان أغلبية الدول الاوروبية أصبحت اكثر صرامة بشأن السماح بدخول طالبي اللجوء. بحسب رويترز.

وأدى القتال في ليبيا في الآونة الاخيرة وتساقط ضحايا افارقة يسافرون في زوارق حالتها سيئة في ظروف جوية قاسية الى تفاقم الوضع وشجع المزيد على الفرار نحو مصر لينتهي بهم المطاف في اسرائيل.

وفتحت منظمات اغاثة اسرائيلية استعان بعضها بمساعدة السلطات المحلية ومفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين مطاعم للفقراء ودور ايواء لاستضافة الحالات الأكثر احتياجا خاصة النساء اللاتي لديهن اطفال رضع والاطفال الصغار.

وقالت تامار شوارتز مديرة منظمة مسيلا وهي جماعة اغاثة في تل ابيب "نحن على شفا الانهيار بسبب الطلب." وتدير منظمة اطباء من أجل حقوق الانسان مستوصفا في جنوب تل ابيب حيث يتجمع الكثير من المهاجرين.

وقال مسؤولون بالمستوصف ان الكثير من المهاجرات يسعين الى اجراء عمليات اجهاض بعد تعرضهن للاغتصاب خلال الرحلة الشاقة ويعالج البعض من جروح أعيرة نارية أصيبوا بها خلال رحلاتهم. وقال ادلشتاين ان اسرائيل تحاول وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين وانها تحاول العثور على أماكن امنة يمكن ترحيل اللاجئين الأفارقة اليها.

ويقام سياج على الحدود بين مصر واسرائيل لمنع تسلل المهاجرين والمسلحين ايضا. وقال ادلشتاين انه حتى الان وافق نحو الف سوداني عرض على كل منهم الحصول على مبلغ الف دولار على مغادرة اسرائيل طوعا.

وكانت اسرائيل تعتزم ترحيل مئات من ابناء جنوب السودان لكنها قد تعلق هذه الخطط بسبب القتال الذي اندلع مؤخرا بين الجنوب والسودان الذي انفصل عنه العام الماضي. وفي مواجهة طعون قانونية من جماعات مدافعة عن حقوق الانسان تعهدت الحكومة الاسرائيلية للمحكمة العليا بالا تعاقب الجهات التي توظف مهاجرين افارقة. ويسمح هذا التعهد للمهاجرين بالعمل ولكن بتأشيرات مؤقتة وليس بتصاريح عمل رسمية.

وبحثت جلسة للجنة تشريعية اسرائيلية عن القضية مؤخرا احتمال أن تسمح اسرائيل للعمال المهاجرين بأن يحلوا محل العمال الوافدين من الخارج لكن مسؤولين في قطاع الهجرة يؤكدون أنهم لن يوافقوا على هذه الخطوة.

وقال ريئوفين ريفلين رئيس الكنيست الاسرائيلي وعضو حزب ليكود اليميني الذي يتزعمه نتنياهو وفقا لمحضر هذا الاجتماع انه يعتقد أن على اسرائيل "واجب مقدس" لمساعدة اللاجئين لانها قامت لتكون جنة لليهود بعد قرون من الاضطهاد. وأضاف "نحن شعب يعرف كيف يحترم شخصا فر من بلاده خوفا على حياته."

لكنه تابع أن الاعداد المتزايدة من المهاجرين تمثل مشكلة "استراتيجية" لاسرائيل وحث على اتخاذ خطوات لضمان "انقاذ من يسعون الى اللجوء السياسي لكن هذا لا يتضمن أن تكون لديهم فرصة للسعي الى الحصول على الجنسية الاسرائيلية."

حين تركت هيرتي (26 عاما) اريتريا في يوليو تموز 2010 لم تكن لديها وجهة واضحة في ذهنها لكنها كانت تفكر في اوروبا. توجهت الى السودان المجاور حيث دفعت الف دولار لعصابة هددت باغتصابها ثم الى الخرطوم. في وقت لاحق حاولت الفرار الى جوبا عاصمة جنوب السودان لكنها قالت ان بدوا عرب خطفوها في الطريق واصطحبوها الى سيناء. وأضافت في مقابلة مكتفية بذكر المقطع الاول من اسمها "كنت أريد الذهاب الى اوروبا لكن تم اصطحابي الى سيناء. لم أرد القدوم الى اسرائيل." وأضافت أنها احتجزت في قبو مع نساء أخريات وأنها كانت احيانا تجبر على التعري هي وهن قبل ضربهن.

وأضافت أنها خلال احتجازها لثلاثة اشهر كانت تضرب بقضبان معدنية او تقيد في عامود. كما كان محتجزوها يضربونها على قدميها ويجبرونها على الاتصال بابن عمها تكلزغي في القدس حتى يستمع الى صرخاتها.

وتلقى النشطاء في مجال حقوق الانسان في اسرائيل شهادات مشابهة من مهاجرات أخريات. واحتاج تكلزغي الى عدة اشهر ليجمع مبلغ الفدية للافراج عنها. وباع والداها منزلهم في اريتريا مقابل نحو عشرة الاف دولار واقترض ابن عمها بقية المبلغ من مهاجرين اخرين في اسرائيل.

وألقت الشرطة الاسرائيلية القبض على مشتبه به عرفه تكلزغي ومهاجرون اخرون على أنه الرجل الذي تلقى الاموال منهم حتى يتم الافراج عن أقاربهم في سيناء. وتم توجيه الاتهام للمشتبه به وهو من عرب اسرائيل بالحصول على فدى بعشرات الالاف من الدولارات مقابل الافراج عن هيرتي ومواطنين اريتريين اخرين وتحويل الاموال الى خاطفيهم في مصر.

ووصفت أوراق المحكمة المشتبه به بأنه "الحلقة الرئيسية" في عصابة اجرامية مشتبه بها يزعم أنها تتمركز في الاراضي الفلسطينية. وبعد عدة أسابيع من تجاربها تبدو هيرتي مذهولة بدرجة لا تسمح لها بالتفكير في المستقبل.

وهي تعمل في وظائف نهارية فتعد الشطائر في مطعم وتنظف المنازل وتتعشم أن تجمع ما يكفي من المال لسداد دين الفدية لاسرتها وأصدقائها. وقالت "لا أعلم كيف أستطيع أن أسدد لهم جميعا حتى اذا عملت لعشر سنوات."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 28/نيسان/2012 - 6/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م