
شبكة النبأ: لاتزال كل الخيارات
مفتوحة بشأن ملف ايران النووي والذي تعترض عليه امريكا وباقي حلفائها
والذي يعتبر بنسبة لهم خطر كبير وخط احمر يهدد الامن العالمي، لكن ومع
التطورات الاخيرة التي شهدتها فصول هذا الملف رجح بعض المراقبين وجود
تقدم مهم فيما يخص المباحثات مع ايران خصوصا بعد التصريحات المهمة التي
اطلقها بعض المسؤولين في ايران والتي تقرأ على انها بوادر ارتياح قد
تسهم بالوصول الى حلول مهمة قد تبعد شبح الحرب المتوقعة، فقد عبر وزير
الخارجية الايراني علي أكبر صالحي عن أمله في أن تشكل المفاوضات حول
البرنامج النووي الايراني المرتقبة في 23 ايار/مايو في بغداد مع الدول
الكبرى في مجموعة 5+1 "بداية النهاية للملف النووي الايراني". وقال
صالحي للصحافيين عقب لقاء في تونس مع الرئيس التونسي منصف المرزوقي "إن
ما حصل في اجتماع اسطنبول كان خطوة إلى الأمام ، وفي (اجتماع) بغداد
سوف نخطو خطوات أكبر إلى الأمام ونرجو أن يكون هذا الاجتماع بداية
النهاية للملف النووي الايراني". وصرح المسؤول الايراني للصحافيين "ان
نتائج اجتماع اسطنبول كانت مرضية وانا متفائل ازاء الاجتماع المقبل في
بغداد".
في السياق ذاته اعلن كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي
سعيد جليلي ان نجاح اجتماع بغداد مع الدول الكبرى في مجموعة 5+1 في 23
ايار/مايو سيتوقف على "تقييم صحيح" من قبل الغربيين لقدرات ايران
النووية. وقال جليلي اثناء لقاء مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي
بحسب ما نقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية، ان الدول المشاركة في
المفاوضات ينبغي ان تدرك ان ايران مصممة "على ترسيخ وتعزيز قدراتها".
واضاف ان "نتيجة اجتماع بغداد تتوقف على تقييم صحيح من قبل الغرب
للقدرات الوطنية والاقليمية والدولية لإيران". وعلى رغم ان وكالة
الانباء الايرانية لم تشر الى الامر، الا ان هذه التصريحات قد تدفع الى
الاعتقاد ان ايران تأمل في ان يعترف الغرب بحقها في مواصلة الاوجه
الرئيسية لبرنامجها النووي المثير للجدل.
واستانفت طهران في نيسان/ابريل الحوار حول انشطتها النووية الحساسة
في اسطنبول مع مجموعة 5+1 -الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن
الدولي (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا) اضافة الى
المانيا. وسيجتمع الطرفان في 23 ايار/مايو في بغداد للدخول في صلب
المفاوضات. ويتهم الغرب ايران بالسعي الى امتلاك السلاح الذري على رغم
نفيها المتكرر لذلك، ويريد الحصول على ضمانات من طهران حول الطبيعة
المدنية "البحتة" لبرنامجها النووي.
ودانت ستة قرارات صادرة عن الامم المتحدة البرنامج النووي الايراني
وخصوصا تخصيب اليورانيوم، وتضمنت اربعة منها عقوبات تم تشديدها لاحقا
من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. واليورانيوم الضعيف
التخصيب (من 3,5% الى 20%) يمكن ان يستخدم في وقود المحطات النووية او
في منشآت ذات استخدام علمي، لكن اذا ما تم تخصيبه الى 90% فانه يدخل في
صناعة السلاح الذري. واكدت ايران مع ذلك انها تقوم بتخصيب اليورانيوم
فقط لانتاج الوقود الضروري لمنشآتها النووية الحالية او المستقبلية.
على صعيد متصل أشاد رجل دين ايراني بارز بالمحادثات النووية التي
جرت في الاونة الاخيرة بين بلاده والقوى العالمية وهي أحدث تصريحات
ايجابية من شخصيات ايرانية تتمتع بنفوذ كبير قال محللون انها قد تكون
دلالة على تخفيف موقف طهران. وقال اية الله احمد جنتي رئيس مجلس صيانة
الدستور الذي يتمتع بنفوذ كبير ان المحادثات شهدت "نجاحا وتقدما" لكنه
اضاف ان طهران ستنسحب من المفاوضات اذا واصلت الدول الغربية فرض عقوبات
خلال التفاوض.
ونقلت وسائل اعلام رسمية عن جنتي قوله ان المحادثات شهدت "نجاحا
وتقدما" وأن الدول الغربية "مستعدة لقبول أن تخصيب اليورانيوم حق
ايران." وقال ان الايرانيين يحتاجون تأكيدات من الغرب بأنه لن يكون
عدوا لهم بعد الان. ومضى يقول "ينبغي للغرب رفع العقوبات المفروضة على
ايران لكن اذا ظلوا مصرين على العقوبات ثم يقولون بعد ذلك انهم
يتفاوضون مع ايران .. فمن الواضح أن تلك المحادثات ستتوقف." ورغم ان
تعليقاته حملت نبرة معتادة مناهضة للغرب يقول محللون انها علامة أخرى
على تغير النهج داخل القيادة الايرانية.
وكان وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي قال في وقت سابق هذا
الاسبوع ان ايران "مستعدة لحل كل المشاكل سريعا وببساطة". وكرر تلك
التصريحات رئيس البرلمان علي لاريجاني والنائب البارز علاء الدين
بوروجيردي. وعبر صادق زيبا كلام استاذ العلوم السياسية بجامعة طهران عن
تفاؤله بامكانية التوصل الى اتفاق في نهاية المطاف. وقال "انهم يمهدون
الطريق ويعدون العامة لقبول اتفاق مع الغرب. لكن اللغة تهدف لمحاولة
اظهار أنه ليس خضوعا وأنهم لم يقدموا تنازلات." بحسب فرنس برس.
وفي حين كان اخرون اقل تفاؤلا الا أنهم اتفقوا مع القول بأن طهران
غيرت استراتيجيتها. وقال علي الانصاري الاستاذ بجامعة سانت اندروز في
استكلندا "يبدو أنهم يحاولون تشكيل المحادثات من خلال دبلوماسية علنية.
أعتقد أنهم يبحثون بالتأكيد عن اتفاق لكني لست واثقا من انهم سيتوصلون
اليه. انهم يحاولون قطعا تغيير اللهجة." وفي وقت سابق عبر دبلوماسي
غربي عن رؤية أكثر تشككا وقال ان تغير النبرة محل ترحيب لكنه قال ان
ايران ربما تحاول فقط كسب الوقت.
على صعيد متصل صرح نائب ايراني نافذ لوكالة الانباء الايرانية
الرسمية ان ايران لن تتنازل عن مكاسبها النووية اثناء المفاوضات واكد
علاء الدين بوروجردي الذي يرئس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان)
الايراني ان "البرلمان لن يسمح على الاطلاق للحكومة بان تتراجع ولو
خطوة واحدة في السياسة النووية". وقال ان اعلان ايران بانها تطور
عمليات تخصيب اليورانيوم وانها صنعت وقودا نوويا مخصبا بنسبة 20% يظهر
ان البلاد "متمكنة تماما من العلوم النووية". وقال ان الحكومة
والبرلمان لديهما مواقف مماثلة حيال هذا الموضوع. وقال ان "الرسالة
الرئيسية لهذا الانجاز وغيره من النجاحات هو ان الجمهورية الاسلامية في
ايران تتحكم تماما بالعلم النووي. واذا لم تقبل دول مجموعة 5+1 حقيقة
القدرات النووية لايران، فستعاني من ذلك".
واضاف بوروجردي "استطاع الاميركيون وحلفاؤهم ان يتاكدوا من ان
الجمهورية الاسلامية في ايران نجحت بفضل شبابها العلماء من دون مساعدة
دول اخرى في صنع الوقود الضروري للمحطات النووية". وقال ان "النواب
يتوقعون من الفريق الايراني للتفاوض بشان البرنامج النووي ان يغير
الوضع ويحصل على الغاء لقرارات الامم المتحدة ضد ايران، وازالة الملف
النووي الايراني من مجلس الامن واعادته الى مجلس حكام الوكالة الدولية
للطاقة الذرية".
رسالة اوباما الى خامنئي
من جانب اخر مرر الرئيس الاميركي باراك اوباما رسالة الى المرشد
الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي مفادها ان واشنطن قد
تقبل بمواصلة طهران برنامجا نوويا مدنيا مقابل عدة ضمانات، على ما اكدت
صحيفة واشنطن بوست. وسلم اوباما الرسالة في اواخر اذار/مارس الى رئيس
الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في لقاء في سيول. ونقل اردوغان الرسالة
الى المرشد الاعلى الايراني بعد ايام في اثناء زيارته طهران، على ما
افاد الكاتب ديفيد اغناطيوس الذي عادة ما يكون مطلعا على مواقف البيت
الابيض.
وقال الكاتب ان اوباما "لم يحدد في رسالته ان كانت ايران تستطيع
تخصيب اليورانيوم على اراضيها في اطار برنامج نووي مدني توافق عليه
الولايات المتحدة". في مقابل موافقة واشنطن، على خامنئي التاكيد عبر
التزام ملموس على التصريحات التي ادلى بها في 22 شباط/فبراير عندما قال
ان "ايران لم تسع قط ولن تسعى على الاطلاق الى امتلاك السلاح النووي"،
بحسب واشنطن بوست.
وقالت الصحيفة ان "التحدي الماثل امام المفاوضين هو التحقق من
امكانية الانتقال من كلام خامنئي العلني الى التزام جدي يمكن التحقق
منه بعدم صنع قنبلة" ذرية. والولايات المتحدة التي تؤكد جدوى العقوبات
المفروضة على ايران، لا تزال تفضل العمل الدبلوماسي لاقناع طهران
بالتخلي عن برنامجها النووي المثير للجدل. اما اسرائيل التي تعتبر
طموحات ايران النووية "تهديدا لوجودها" فتهدد بتوجيه ضربات للمنشآت
النووية الايرانية.
اسرائيل تستبعد
في السياق ذاته قال رئيس اركان الجيش الاسرائيلي انه لا يعتقد ان
ايران ستقرر صنع قنبلة ذرية ووصف قيادتها في مقابلة خاصة بانها "عقلانية
جدا". وبدا توصيف اللفتنانت جنرال بيني جانتز لحكام ايران متناقضا مع
التحذيرات العلنية المعتادة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من ان
القادة الاسلاميين قد يختارون استخدام الاسلحة النووية رغم خطر التعرض
لانتقام مدمر. وقال جانتز لصحيفة هاارتس اليومية "ايران تتحرك خطوة
بخطوة تجاه نقطة ستكون عندها قادرة على ان تقرر ما اذا كانت تريد صنع
قنبلة نووية. لم تقرر بعد ما اذا كانت ستقطع هذا الميل الاضافي." وأضاف
قائلا "في رأيي (الزعيم الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي) سيرتكب
خطأ فادحا اذا فعل ذلك ولا اعتقد انه سيريد ان يقطع هذا الميل الاضافي."
وترى اسرائيل التي يعتقد انها الدولة الوحيدة المالكة لأسلحة نووية
بالشرق الاوسط في امتلاك ايران لأسلحة نووية تهديدا لوجودها. وتنفي
طهران السعي لامتلاك قنبلة نووية وتقول انها تخصب اليورانيوم لأغراض
سلمية. ورفضت كل من اسرائيل والولايات المتحدة استبعاد خيار استخدام
القوة العسكرية ضد ايران اذا ما اخفقت العقوبات الاقتصادية في كبح
برنامجها النووي وقالتا ان جميع الخيارات مطروحة.
وقال جانتز "اعتقد ان القيادة الايرانية بها اناس عاقلون جدا لكني
اوافق على ان وجود مثل هذه القدرة في ايدي اسلاميين اصوليين ربما
يقومون في وقت ما بحسابات مختلفة هو أمر خطير."
وقال نتنياهو في مقابلة مع (سي.ان.ان) انه لا يريد ان يراهن "بأمن
العالم على السلوك العقلاني لإيران." واضاف قائلا "نظام اسلامي متشدد
يمكن ان يقدم معتقداته على بقائه." وبدأت ايران مفاوضات بشأن برنامجها
النووي مع ست قوى عالمية لأول مرة خلال أكثر من عام.
وقال جانتز "اما ان تأخذ ايران برنامجها النووي باتجاه مدني فقط
والا سيضطر العالم وربما نحن ايضا لفعل شيء. نحن نقترب من نهاية
المناقشات لا من وسطها." ولاقى دبلوماسيون غربيون أول اجتماع بين ايران
والولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا بتفاؤل حذر
واتفق الجانبان على الالتقاء مجددا في بغداد في 23 مايو ايار. بحسب
رويترز.
لكن وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك اعرب عن شكه في ان
المفاوضات ستكبح طموحات طهران النووية. وقال نتنياهو ان الفجوة الزمنية
في المحادثات منح الايرانيين "هدية" وهي المزيد من الوقت لتخصيب
اليورانيوم. وقال جانتز ان الضغط الدولي على ايران "بدأ يؤتي ثماره على
المستوى الدبلوماسي ومستوى العقوبات الاقتصادية كليهما." وقال نتنياهو
لشبكة (سي.ان.ان) ان العقوبات "بدأت بالتأكيد تنال من الاقتصاد
الايراني لكنها لم تحد من البرنامج الايراني او حتى توقفه بقدر طفيف."
وفي مقابلة مع صحيفة معاريف ايد الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس ما
ابداه بعض كبار المسؤولين الامنيين الاسرائيليين السابقين من تشكك بشأن
مدى فاعلية ضربة جوية عسكرية للمنشأة النووية الايرانية. وقال بيريس
"يمكن ان تسأل ايضا اذا كانت العقوبات العسكرية ستجدي. ليس هناك شيء
واضح. وبالتالي من المنطقي البدء بالعقوبات الاقتصادية والسياسية
والاخلاقية لكن دون ابعاد العقوبات العسكرية عن الطاولة. |