عبد الهادي الخواجة... شوكة في جبين نظام البحرين

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تتواصل محنة الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة مع تدهور وضعه الصحي داخل سجون النظام البحريني حتى يومنا هذا، دون ان تجد التنديدات الدولية والمطالب الغربية لدى حكام تلك الدولة اذنا صاغية، او ما يحرك في ضميرهم ساكنا.

وعلى وقع الاحتجاجات العنيفة التي تجتاح مدن البحرين، يصر الخواجة على رفضه القاطع للنظام الاستبدادي الخليفي وسياساته العنصرية، مطالبا من داخل معتقله باصلاح حال الدولة وابعاد المفسدين عن دوائر القرار. 

ويخشى الكثير من المراقبين من تدهور صحة الخواجة او وفاته بهذا الشكل اللاإنساني، سيما انه يعد من ابرز سجناء الرأي في العالم العربي، خصوصا ان محاكمته طبقت بشكل صوري ومنحاز ولم تراعي المعايير القانونية بحسب معظم المنظمات الحقوقية والانسانية.

الخواجة يواصل اضرابه

اذ يواصل ناشط شيعي بحريني مدافع عن حقوق الانسان اضرابه عن الطعام في السجن مطالبا بالافراج عنه رغم تدهور حالته الصحية ليزيد الضغط عل الحكومة. وسجن عبد الهادي الخواجة وهو واحد من 14 رجلا سجنوا بتهمة تزعم انتفاضة العام الماضي تنازلا من الحكومة التي فشلت في اخماد حركة تقودها الاغلبية الشيعية التي تطالب باصلاحات ديمقراطية تقلص سلطات الاسرة السنية الحاكمة. لكن وفاته ستمثل كارثة اذ ستصنع "شهيدا" يحفز الشارع ويهدد بافساد جهود الحكومة لاقناع الحلفاء الغربيين بأن الاصلاح بالوتيرة التي اختارتها فعال. وقتل 35 شخصا خلال الانتفاضة العام الماضي بينهم خمسة من جراء التعذيب علاوة على أفراد من قوات الامن. وقالت جين كينينمونت كبيرة الباحثين في مؤسسة تشاتام هاوس في لندن "لا يريد اي منهما التراجع ومن الصعب للغاية على اي منهما أن يفعل هذا."

وترى عائلته ايضا أن الحكومة في مأزق. وقالت زوجته خديجة الموسوي في مقابلة وهي تجفف دموعها "انه شوكة في جنبهم لكنهم لا يريدونه ان يموت ايضا لهذا نقلوه الى افضل مستشفى لديهم في الجناح الملكي."

وقالت الحكومة ان الخواجة الموجود حاليا بمستشفى عسكري في حالة جيدة لكن حياته قد تكون معرضة للخطر اذا استمر في رفض تناول الغذاء والعلاج. ورفضت البحرين اقتراحا من الدنمرك التي يحمل جنسيتها بالافراج عنه ونقله اليها. وتنتقد ابنته مريم الحكومة من هناك حيث تقيم.

كما أن الخواجة محور احتجاجات يومية مناهضة للحكومة اغلبها في مناطق يغلب على سكانها الشيعة. ويقول محللون ان هناك عداء خاصا بين الخواجة والحكومة. بحسب رويترز.

والخواجة احد ثمانية أشخاص يقضون عقوبة السجن المؤبد بعد أن عبر العام الماضي عن دعمه لتحويل البحرين الى جمهورية وهو أيضا أحد الزعماء المسجونين الذين يرفض السنة من اصحاب المواقف المتشددة اللين معهم.

وسعى جمال فخرو وهو سني موال للحكومة ويشغل منصب نائب رئيس البرلمان المعين ويعبر عادة عن الفكر الرسمي الى التقليل من أهمية الخواجة. وقال "من المؤكد أن عبد الهادي ليس شخصية وطنية. هو وبقية العاملين في مجال حقوق الانسان لهم اجندتهم السياسية الخاصة بهم لكنهم يستغلون طريق حقوق الانسان ليقدموا قضيتهم."

لكن الشارع الشيعي يقدره بشدة ويعتبره ناشطا في مجال حقوق الانسان يرفض التنازل. وقال سيد وهو ناشط في العشرينات من عمره من بلدة عالي التي يغلب على سكانها الشيعة "هو كل شيء بالنسبة لنا. هو ايماني وأملي. اذا اصابه مكروه فلن نسامح أنفسنا ابدا وسيندم النظام على هذا."

والخواجة الذي ساهم في انشاء مركز البحرين لحقوق الانسان مشهور ايضا على الساحة الحقوقية الدولية. وعمل لحساب منظمتي فرونت لاين ديفندرز والعفو الدولية. وأجرى أبحاثا في العراق عام 2003.

وقال سعيد بو مدوحة الباحث بمنظمة العفو الدولية "يحظى باحترام كبير خارج البلاد. لم نره قط يغض الطرف عن العنف وبالتالي نقول بكل ارتياح انه من سجناء الضمير." وأضاف "ألقي القبض عليه في عدة مناسبات وكان ناقدا لاذعا للعائلة الملكية ورئيس الوزراء والفساد."

وعرفت أسرة الخواجة عبد الهادي بأنه الحالة رقم ثمانية ضمن الانتهاكات التي رواها معتقلون لم يتم ذكر اسمائهم في التقرير الذي صدر في نوفمبر تشرين الثاني عن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي شكلتها المنامة بعد ضغوط دولية للتحقيق في الاضطرابات.

وخضع المعتقل لجراحة في الفك بعد ضربه لدى القاء القبض عليه في الثامن من ابريل نيسان 2011 . وتقول الرواية ان الانتهاكات استؤنفت بحقه بعد ذلك بثمانية ايام وشمل ذلك الضرب على القدمين وهتك العرض. ويقول التقرير ان المعتقل أضرب عن الطعام حينذاك في محاولة لوقف التعذيب.

وقالت كينينمونت من تشاتام هاوس ان وفاة الخواجة او الافراج عنه يمكن أن يؤدي الى تعميق الانقسام الذي تعانيه المملكة. وأضافت "سيثير الافراج عنه انقساما شديدا. واذا توفي سيصبح أشهر شهيد في البحرين بينما سيحمد جزء اخر من السكان حمدا لله على التخلص منه."

ابنة الخواجة

في السياق ذاته قال محامي ابنة الخواجة ان السلطات ستحتجزها لسبعة ايام بسبب احتجاجها اثناء سباق الجائزة الكبرى للسيارات (فورمولا 1) الذي اقيم في البحرين قبل ايام. واعتقلت زينب الخواجة بعدما جلست على طريق سريع يمر امام الحي المالي للبحرين خلال احتجاجات شيعية واستهدفت احراج حكام المملكة في وقت جذب فيه السباق اهتمام وسائل الاعلام العالمية.

وقال المحامي محمد الجيشي انهم قرروا احتجازها لسبعة ايام بسبب تعطيلها حركة المرور واهانة موظفة عامة. ورفضت الحديث في التحقيقات او التوقيع على اوراق. ونقلت صحيفة البلاد المؤيدة للحكومة عن سلطات الادعاء اتهامها للخواجة بالاعتداء على ضابطة بالشرطة واهانتها.

وكثيرا ما تقود الخواجة وهي منتقدة شديدة للحكومة المسيرات الاحتجاجية واحتجزت لعدة ايام في فبراير شباط وديسمبر كانون الاول حين اظهرت لقطات فيديو على موقع يوتيوب في ذلك الوقت ضابطات بالشرطة يقمن بجرها بعيدا بالقوة لكن لم تمض السلطات قدما في متابعة الاتهامات.

وقال الجيشي انهم اكثر صرامة معها هذه المرة مضيفا انها نفت اهانتها لضابطات الشرطة.

وارجأت محكمة استئناف يوم الاثنين نظر قضية الرجال الى 30 ابريل نيسان مما دفع منظمة العفو الدولية الى اتهام السلطات بالتلاعب بحياة الخواجة. وتقول الحكومة انه بصحة جيدة في مستشفى عسكري.

قد يكون فارق الحياة

من جانب آخر اعرب محامي الخواجة عن خشيته من ان يكون موكله قد فارق الحياة. وقال المحامي محمد الجشي "لقد رفضت السلطات طلبات زيارته او الاتصال به، وهي طلبات تقدمت بها بوصفي محاميه او تقدمت بها عائلتها". واضاف "لا يسمح لاحد بزيارته او الاتصال به منذ ايام وهذا ولد لنا شعور بانه قد يكون فارق الحياة لان لا مبرر لمنع الزيارة او الاتصال به".

بدورها، طالبت المعارضة بالافراج عن الخواجة المضرب عن الطعام منذ التاسع من شباط/فبراير. واكدت المعارضة في بيان انها تطالب "بالإفراج الفوري عن الناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة الذي ينهي شهرين من الإضراب عن الطعام في ظل تجاهل تام من السلطات لتدهور وضعه الصحي الذي بلغ مرحلة الخطر حسب إجماع الأطباء".

واعتبرت المعارضة التي تقودها جمعية الوفاق الشيعية "تبريرات عدم الإفراج عنه هروبا من تنفيذ الاستحقاقات المطلوبة على الحكم، وخصوصا توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق التي وجدت ان محاكمات الخواجة وباقي المعتقلين السياسيين تمت بناء على آرائهم السياسية وهي محاكمات باطلة تستوجب إبطال الأحكام وإطلاق سراحه وسراح بقية المعتقلين". بحسب فرانس برس.

فيما اعلنت النيابة العامة البحرينية ان الناشط الشيعي المضرب عن الطعام في السجن عبد الهادي الخواجة "بخير" وقد التقى السفير الدنماركي. واكدت النيابة انها ترد بذلك على تصريحات منسوبة لعائلة الخواجة اشارت الى ان "وضعه الصحي تدهور بعد ان انقطع عن شرب الماء مؤخرا".

ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن المحامي العام الاول في النيابة عبد الرحمن السيد قوله "ان النيابة العامة تتابع بصفة مستمرة حالة المحكوم عليه عبد الهادي الخواجة". واضاف انه "في هذا الإطار قام أحد رؤساء النيابة بالانتقال إلى مستشفى قوة دفاع البحرين حيث التقى بالمحكوم عليه وتعرف على حالته الصحية من خلال الاطباء القائمين على متابعته، وقد ثبت انه في صحة جيدة ومستقرة ويلقى رعاية طبية كاملة".

وذكر السيد ان "سفير الدنمارك بالمملكة قام بزيارته بالمستشفى وأطمأن على صحته"، مع العلم ان الخواجة يحمل الجنسية الدنماركية. ورفضت السلطات البحرينية طلبا دنماركيا بتسليمها الخواجة.

مطالبات غربية

من جهتها دعت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون البحرين الى انقاذ حياة الناشط عبد الهادي الخواجة المسجون المضرب عن الطعام، مؤكدة ان مسالة حالته الصحته اصبحت الان "ملحة للغاية".

وبعد يوم من صعود متظاهرين على سطح السفارة البحرينية في لندن تاييدا للخواجة، قالت اشتون ان هذه المسالة "تثير قلقا خطيرا وجديا" في الاتحاد الاوروبي.

وقالت اشتون ان صحة الخواجة "تتدهور بشكل خطير، وحياته اصبحت في خطر". واضافت ان "الاتحاد الاوروبي يحث السلطات البحرينية بشدة على ايجاد حل رحيم وبراغماتي وانساني .. على وجه السرعة".

وقد اكدت لجنة تحقيق مستقلة في تقرير نشر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ان السلطات البحرينية استخدمت القوة بشكل مفرط وغير مبرر خلال قمع التظاهرات الاحتجاجية مطلع 2011.

كما اعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان الولايات المتحدة على اتصال بالسلطات البحرينية في شأن الخواجة، داعية الى "حل انساني" للقضية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند للصحافيين في واشنطن "لدينا قلق بالغ على الخواجة، خصوصا في شأن صحته".

واضافت ان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان ودبلوماسيين في السفارة الاميركية في المنامة طرحوا القضية امام السلطات البحرينية. وتابعت نولاند "نحن على اتصال مع البحرينيين ومع شركائنا الدوليين وندعو الى ايجاد حل انساني".

في حين دعت البحرين الى عدم التدخل في شؤونها، وفي بيان اعلنت الخارجية البحرينية "ان مملكة البحرين اذ تؤكد احترامها لمبادئ حقوق الانسان وحرياته في اطار من القانون والنظام والعدالة الصحيحة تعبر عن الاسف الشديد للتصريحات الصادرة من عدد من الدول تحت تأثير معلومات وادعاءات غير صحيحة وغير دقيقة تشجع على اثارة الفوضى ونشر الارهاب وعدم الاستقرار الذي لا تسمح به اية دولة متحضرة على اراضيها".

واضاف البيان "وبناء على ذلك تدعو مملكة البحرين كافة الدول لاحترام سيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية". وتابع "ان سيادة القانون والعدالة هي المبدأ الاسمى للتعامل مع اي مواطن وانه لا يمكن لاي دولة مستقلة ان تسمح لدول اخرى ان تتدخل في شؤون العدالة والاختصاص القضائي للسلطة القضائية المستقلة ومملكة البحرين تفخر بقضائها النزيه والمستقل وتدعو الجميع لاحترامه". واكدت رئيسة الوزراء الدنماركية هيلي ثورنينغ-شميت ان الناشط البحريني بات في حال "حرجة جدا" وطالبت بان "يفرج عنه".

وطلبت منظمة العفو الدولية من السلطات البحرينية الافراج "فورا ومن دون شروط عن الخواجة الذي تتدهور صحته بسرعة بعد اضراب عن الطعام لستين يوما". وقالت المنظمة التي تعنى الدفاع عن حقوق الانسان في بيان "اقله على السلطات ان تسمح فورا لاسرة عبد الهادي الخواجة ومحاميه بزيارته".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 28/نيسان/2012 - 6/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م