شرعية الحاكم في الدولة الاسلامية

المؤهلات الحقوقية (العلم والفقاهة)

الشيخ فاضل الصفّار

والمقصود منهما الفقاهة والعلم بالإسلام وبمقرراته اجتهاداً، فلا يصح إمامة الجاهل بالإسلام وبموازينه وقوانينه. أما شرط الفقاهة والاجتهاد فهو ما قامت عليه الأدلة الأربعة كما عرفت، وعليه فلا إشكال في وجوب كون الحاكم مجتهداً لو كان الفقيه هو المتصدي للحكومة، وأما لو تصدى لها غيره بالإذن أو التنصيب من قبل الفقيه الجامع للشرائط أو من قبل شورى الفقهاء فيكفي فيه العلم والكفاءة، وأما في جواز تصدي المقلد مستقلاً ففيه قولان:

الأول: العدم؛ توقفاً في المورد على موضع النص والإجماع، بل والعقل؛ لأن التقليد يوجب أن يكون تابعاً للغير في أخذ الأحكام، وهذا يتناقض مع منصب الرئاسة العليا؛ لأنه يقتضي أن يكون هو المتبوع وهو القدوة والأسوة لغيره، فيتنافى مع الحكومة والرئاسة، فتأمل.

الثاني: الجواز؛ لجهة أن الملاك في الحكومة والحاكم هو تطبيق العدل والحق لكونهما مطلوبين لذاتهما، ولا خصوصية للاجتهاد والفقاهة فيه إلا الطريقية إلى ذلك، فما دام الحاكم المقلد متبعاً لرأي الفقيه يكفي في تحقيق الغرض، وربما يؤيده أنه يكفي في شرعية الحكم أن يكون صادراً عن الفقيه الجامع للشرائط والحكم أو القرار الصادر من المقلد كذلك، مضافاً إلى التنظير بجواز تولي الحاكم غير الفقيه بإذنه أو نصبه لكون التقليد يتضمن الإذن ما دام المقلد ملتزما بفتوى الفقيه. هذا وربما يمكن التفصيل بين ما إذا كان المتصدي يرجع إلى الفقيه في تصريف شؤون الحكم والدولة فيجوز، والاستقلال فلا يجوز إلا إذا كانت هناك ضرورة من جهة عدم وجود الفقيه، أو عدم القدرة على الرجوع إليه وما أشبه، فحينئذ ربما يقال بالجواز للعناوين الثانوية من أدلة الحسبة والميسور والأهم والمهم وحفظ النظام ورفع الضرر ونحوها.

دلالة الآيات على شرط العلم

يدل على اشتراط العلم مضافاً إلى ما مر من حكم العقل وبناء العقلاء الآيات والروايات. أما الآيات فطائفة منها قوله سبحانه وتعالى:{أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدّي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون}[1] ويمكن تقريب الاستدلال بها من وجهين:

أحدهما: عقلي، وذلك من جهة أن الحق مطلوب لذاته بمقتضى العقل النظري، وينبغي العمل به بمقتضى العقل العملي، وحيث إن الحكومة طريق إليه وجب القيام بها، وحيث إن الحاكم هو الموصل إليه وجب إطاعته، لكن الحاكم في الوجود الخارجي على صنفين: جاهل وعالم، وفي مقام التفاضل فإنه لا مجال للمقارنة بينهما؛ بداهة أن الجاهل هو فاقد للهداية وبحاجة إلى مهدي، وفاقد الشيء لا يعطيه، فيثبت وجوب نصب العالم والاقتداء به.

ثانيهما: لفظي، من جهة الاستفهام الاستنكاري الوارد في ذيل الآية على من يساوي بين الفاقد والواجد، والهادي والمهتدي، ولعل وجه الاستنكار القباحة لاستلزامه مساواة النقص والكمال والفضيلة والرذيلة، فإذا رجح الجاهل يستلزم ترجيح المرجوح وهو أقبح، فيتعين نصب العالم واتباعه. هذا بناء على المشهور من انسلاخ صيغة التفضيل في الآية الشريفة من التفاضل، وهو الحق المنطبق على ضوابط النحو في مثله[2]، وتنظيراً لمثل قوله تبارك وتعالى:{وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}[3] وقوله عز وجل:{فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين}[4].

وأما بناء على التفاضل فتشير الآية إلى قضية فطرية قامت عليها سيرة العقلاء في تقديم الأفضل والأكفأ والأعلم وذم تقديم غيره عليه، ولو تقدم الغير وأخطأ أو أساء وجدوه مذموماً مستحقاً للعقاب، وكذلك من اتبعه واقتدى به في ذلك، بخلاف العالم الكفوء، ولولا فهمهم الإلزام والوجوب لما حكموا باستحقاق العقاب، وعليه فإنه حتى على القول بالتفاضل في الآية فإن الفطرة والسيرة يمنعان الجاهل من تولي الحكم، فيتعين العالم لعدم الضد الثالث بينهما.

ومن الآيات قوله تعالى في قصة طالوت:{إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم}[5] ونقرب الاستدلال بالقول: بأن الاصطفاء بمعنى الاختيار والاستخلاص،[6] وهنا يحتمل أن يكون تشريعياً فيدل على النصب الشرعي، ويحتمل أن يكون تكوينياً فيدل على الوضع والمؤهلات الذاتية، وهذا مما لاكلام فيه، وإنما الكلام في أن الاصطفاء هنا هل هو علة لزيادة العلم والجسم أو معلول؟ احتمالان يرجعان إلى الظهور أو القرينة العقلية، ولا يبعد إمكان الجمع بينهما لجهة اقتضاء الحكمة الإلهية، وأفعال الحكيم المعللة بالأغراض أن لا يقع الاختيار على عبد من العباد في مهمة ربانية أو وظيفة دينية ونحوها إلا بعد وجود المقتضي وانعدام المانع، ومن خصوصيات المقتضي فيما نحن فيه هو العلم والكفاءة والقوة؛ بداهة قباحة اختيار الجاهل والعاجز والضعيف، ومن خصوصيات عدم المانع هو التعيين والتنصيب.

 وعليه فإن وجود المقتضي علة للاصطفاء، كما أنه لولا الاصطفاء لم يتعين للحكومة من اصطفي لتوقف التعيين على انعدام المانع، فيثبت توقف أحدهما على الآخر، ولا يخفى ما في ذلك من الإشارة إلى لزوم توفر الشرائط مع الاختيار والانتخاب في شرعية الحكم والحاكم، لكن كلاً بحسبه، ولعل مما يعضد ذلك آيات عدة منها: قوله عز وجل:{قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب}[7] فإن المستفاد منه أن العالم مقدم على غيره، وأن تقديم المفضول على الفاضل لا يصدر إلاّ ممن لا لبّ له؛ لكونه قبيحاً. هذا بعض ما ربما يمكن أن يستدل به من الآيات لاشتراط العلم، والإشكال عليه بالخروج الموردي لجهة أن الآيات واردة في شؤون المعصومين (عليهم السلام) ، فقد عرفت جوابه لأن المورد لا يخصص الوارد، خصوصاً على المبنى القائل بأن تفسير الآيات فيهم (عليهم السلام) من باب المصداق أو أظهر المصاديق.

دلالة الروايات على شرط العلم

وأما الروايات الدالة على اعتبار العلم بل الأعلمية في الحاكم فهي متضافرة، ولا يبعد تواترها إجمالا أو معنى.

منها: ما في نهج البلاغة: «أيها الناس، إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه، فإن شغب شاغب استعتب، فإن أبى قوتل»[8] والشغب لغة: تهييج الشر،[9] والفتنة والخصام[10]، والاستعتاب: هو طلب العتب، وغايته الاسترضاء،[11] وفي لسان العرب: طلبك الى إلمسيء الرجوع عن إساءته،[12] وقد عرفت الكلام في صيغة التفضيل ودلالتها على الإلزام فيما نحن فيه، وبذلك يظهر وجه الإشكال فيما ورد في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي تفسيراً لهذا الكلام بقوله: هذا لا ينافي مذهب أصحابنا البغداديين في صحة إمامة المفضول؛ لأنه ما قال: إن إمامة غير الأقوى فاسدة ولكنه قال: إن الأقوى أحق، وأصحابنا لا ينكرون أنه (عليه السلام) أحق ممن تقدمه بالإمامة، مع قولهم بصحة إمامة المتقدمين؛ لأنه لا منافاة بين كونه أحق وبين صحة إمامة غيره.[13]

أقول: فإنه يرد عليه أن تقديم غير الفاضل على الفاضل قبيح، وحيث إن الباري عز وجل يتنزه عنه فلا مجال للقول بصحة ارتضائه للمفضول مع وجود الفاضل، وذلك لأن ما يلزم منه القبيح قبيح، وعلى هذا يصلح أن يكون المانع العقلي قرينة على تجريد التفضيل من التفاضل، وحينئذ يكون على المطلوب ادل. هذا مضافاً إلى القرينة الداخلية في الحديث الدالة على مقاتلة المشاغب الآبي عن قبول تقديم الأعلم والأفضل، فإنه لولا حرمة ذلك وعصيانه بمخالفته لم يجز مقاتلته كما لا يخفى. هذا ويستفاد من ذلك أيضاً أمور:

أحدها: شرعية حكومة الأعلم والأفضل ووجوب إطاعته.

ثانيها: أن الخروج عنه ورفض حكومته يعد بغياً، فيجب قتاله إن لم يرجع إلى الحق والصواب. قال سبحانه:{وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}[14].

ثالثها: أن تقديم المفضول على الفاضل يستلزم تراجع الأمة وتأخرها وهزيمتها، وهذا ما يشير إليه قوله (صلى الله عليه وآله): «ما ولت أمة قط أمرها رجلاً وفيهم أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوا»[15] وروى البرقي في المحاسن عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «من أمّ قوماً وفيهم أعلم منه أو أفقه منه لم يزل أمرهم في سفال إلى يوم القيامة»[16] والظاهر أنه لا وجه لحمل الخبر على خصوص إمام الجماعة بعد فهم عدم الخصوصية فيه أو عدم فهم الخصوصية، وعلى فرض الحمل عليه فإنه يدل على ما نحن فيه بالأولوية العقلية حينئذٍ، والظاهر أن هذين الخبرين قد ورد مضمونهما في طائفة من الأخبار على ما يظهر من ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، كما ورد أيضاً بسند آخر ما يؤكد هذا المضمون.[17]

ولا يخفى أن المراد بالقوة في قوله (عليه السلام): «إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه» هو القدرة على الولاية المفوضة إليه بشؤونها المختلفة، فتشمل كمال العقل والتدبير والشجاعة وحسن السياسة والإدارة وما أشبه ذلك من خصوصيات الحاكم والرئيس.

ومن الروايات ما أورده الشيخ المفيد رضوان الله عليه في الاختصاص عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من تعلم علما ليماري به السفهاء ويباهي به العلماء ويصرف به الناس إلى نفسه يقول: أنا رئيسكم فليتبوأ مقعده من النار، ثم قال: إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها، فمن دعا الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه لم ينظر الله إليه يوم القيامة»[18] وصيغة التفضيل في «أعلم» كاشفة عن المفروغية من شرط العلم في الحاكم، بل صريحة في وجوب تقديم العالم، مما يستفاد منه لزوم تقديم الأعلم فالأعلم إلى الرئاسة إن أمكن تحديده بالطرق المجعولة شرعاً.

 وقد ذكر الفقهاء بعضها في كتاب الاجتهاد والتقليد من الفقه،[19] وإلا أخذ بالظن العقلائي؛ لأنه أخذ بالاحتياط وبالسيرة الممضاة من قبل الشارع، بل والمنصوص عليها أيضاً كما في كتاب مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى معاوية الذي جاء فيه: «فإنّ أولى الناس بأمر هذه الأمة قديماً وحديثاً أقربها من الرسول، وأعلمها بالكتاب، وأفقهها في الدين»[20] وقد مر عليك في صحيحة العيص بن القاسم عن مولانا الصادق (عليه السلام) قوله:«وانظروا لأنفسكم فوالله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي فإذا وجد رجلاً هو أعلم بغنمه من الذي هو فيها يخرجه ويجيء بذلك الرجل الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها»[21] ومن الأخبار ما ورد في الغرر[22] وتحف العقول[23] وغيرها.

ففي الغرر عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): «العلماء حكام على الناس»[24] وربما يمكن حملها على أحد محامل ثلاثة:

الأول: الإخبار، فيستفاد منها بيان فضل العلم والعلماء، وأن العلماء بحسب مقتضى العادة والسيرة العقلائية يحكمون المجتمع، والناس يقتدون بهم؛ وذلك لسلطنة العلم وهيمنته على القلوب والأرواح من غير فرق بين المذاهب والملل والشعوب، والعلماء حكام، ولا ينحصر ذلك في مثل علوم الدين وإن كان العالم بالدين أقوى هيمنة وأرسخ جذورا، فتكون الجملة حينئذٍ نظير قوله (عليه السلام): «العلم حاكم والمال محكوم عليه»[25] فتدل على قضية خارجية لا علاقة لها بالأحكام فضلاً عن نصب الحاكم.

الثاني: الإنشاء للحكم الوضعي، فيراد بها حينئذٍ جعل منصب الحكومة والرئاسة للعلماء نظير جعلها للأئمة (عليهم السلام) في مثل قوله (صلى الله عليه وآله): «الأئمة من بعدي اثنا عشر»[26] وقوله (صلى الله عليه وآله) في تنصيب مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في غدير خم:«من كنت مولاه فعلي مولاه»[27]، بداهة أنها لو حملت على الإخبار يستلزم منها المحذور من جهات عدة ، فتأمل.

الثالث: الإنشاء للحكم التكليفي، فيراد بها حينئذ التكليف بمعنى إيجاب انتخاب العلماء للحكومة وتعينهم لذلك بحسب حكم الشرع، والفرق بينه وبين سابقه يظهر في الجهة، فإن السابق ناظر إلى الجعل والتنصيب من قبل الشارع، بينما هذا ناظر إلى إيجاد تكليف على العباد لتنصيب العالم حاكما عليهم.

وكيف كان، فإنه على المحتملين الأخيرين يرتبط الحديث بما نحن فيه، وأما على المعنى الأول فلا ربط له به إلا على ما اخترناه في الأصول من أن كل جملة خبرية صدرت عن الشارع تتضمن معنى الإنشاء للقرينة العقلية الكاشفة عن الملاك والغرض المولوي، حيث إن العقل يستقل بوجوب تحقيق غرض المولى فيحكم بوجوبه لكونه من موارد الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع.

ومن الروايات ما رواه في تحف العقول من قوله (عليه السلام): «مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه»[28] وسياق الحديث صدراً وذيلاً يستفاد منه بيان فضل العلم ومشروطيته في مؤهلات الحاكم وشرعية حكومته، وعليه فما ورد في منية الطالب وحاشية العلامة الأصفهاني قدس سره على المكاسب[29] من الحمل على الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) لا ينفي ما عداهم وإن كان فيهم أجلى وأظهر. هذا وقوة المضمون واشتهار الحديث رواية وعملاً بين الفقهاء يغني عن المناقشة السندية فضلاَ عما ذكرناه لك سابقاً من قيام القرائن المتعددة على اعتبار أسانيد تحف العقول[30].

ومما يدل على اشتراط العلم والفقاهة في الحاكم ما في كتاب سليم بن قيس حيث ورد فيه قوله (عليه السلام): «والواجب في حكم الله وحكم الإسلام على المسلمين أن يختاروا لأنفسهم إماماً عفيفاً عالماً ورعاً عارفاً بالقضاء والسنة»[31] إلى غير ذلك من الروايات المتضافرة المحققة للتواتر الإجمالي أو المعنوي ــ على أقل التقادير ــ  في اشتراط العلم في الحاكم فضلاً عن صحة بعضها.

ولا يخفى عليك وجود روايات كثيرة وردت في مواصفات العمال والموظفين الذين يستعملهم الحاكم، وأنه لا ينبغي أن يستعمل إلاّ من هو أرضى وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه، ومنه يستفاد حكم الوالي الأكبر والرئيس الأعلى بالأولوية منها. هذا بعض ما ورد من طرق الإمامية.

ماورد من طرق الجمهور في شرط العلم

 قد وردت طائفة من الروايات بطرق العامة في شرط العلم.

منها: ما رواه البيهقي بسنده عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من استعمل عاملاً من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين»[32] وقد رواه عنه أيضا العلامة الأميني قدس سره في كتاب الغدير[33].

ومنها: ما في كنز العمال عن حذيفة «أيما رجل استعمل رجلاً على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل فقد غش الله، وغش رسوله، وغش جماعة المسلمين»[34].

ومنها: ما في كنز العمال أيضاً عن ابن عباس: «من استعمل رجلاً من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين»[35] وهذا ما يظهر من كلمات أبي الحسن الأشعري[36] وأبي بكر الباقلاني[37] وعبد القاهر البغدادي[38] والماوردي[39] وابن خلدون[40] والقلقشندي[41] وغيرهم من أعلامهم[42]، مما قد يكشف عن اتفاقهم على اشتراط العلم في الحاكم وان اختلفوا معنا في معنى العلم والاجتهاد على تفصيل لا يسعنا بيانه هنا.

وكيف كان، فإن الظاهر من مجموع الروايات الواردة اعتبار العلم بالكتاب والسنة في الحاكم والرئيس، بل يشمل كل سلسلة مراتب الدولة المهمة، فلو أريد تعيين وزير أو أمير أو وال أو مدير لمنطقة خاصة أو دائرة خاصة وكان هناك فردان متفاوتان في العلم ومتماثلان في سائر الفضائل فلا يجوز تقديم غير الأعلم؛ لما عرفت من الأدلة النقلية والعقلية. نعم في صورة التزاحم في الفضائل وعدم إمكان الجمع بينها وعدم قابلية الموضوع لأكثر من واحد يأتي البحث في الأهم منها على حسب ضوابط باب التزاحم.

* فصل من كتاب فقه الدولة

وهو بحث مقارن في الدولة ونظام الحكم على ضوء الكتاب والسنة والأنظمة الوضعية

** استاذ البحث الخارج في حوزة كربلاء المقدسة

*** للاطلاع على فصول الكتاب الاخرى

http://www.annabaa.org/news/maqalat/writeres/fadelalsafar.htm

........................................................

[1] سورة يونس: الآية 35.

[2] انظر النحو الوافي: ج3 ص407وص419 ؛ شرح ابن عقيل: ج2 ص180 وص186ــ 187 ؛ زبدة البيان: ص439 ــ 440.

[3] سورة الانفال: الآية 75.

[4] سورة يوسف: الآية 64.

[5] سورة البقرة: الآية 247.

[6] لسان العرب: ج14 ص463  صفا ؛ مجمع البحرين: ج1 ص264 صفا.

[7] سورة الزمر: الآية9.

[8] نهج البلاغة: ص247-248 الخطبة 173.

[9] مجمع البحرين: ج2 ص91 شغب.

[10] لسان العرب: ج1 ص504 شغب.

[11] انظر مجمع البحرين: ج2 ص114 عتب.

[12] لسان العرب: ج1 ص577 عتب.

[13] شرح نهج البلاغة: ج9 ص328.

[14] سورة الحجرات: الآية 9.

[15] سليم بن قيس الهلالي: ج2 ص651 ح11 ؛ البحار : ج31 ص418 ح1.

[16] المحاسن: ج1 ص93 ح49.

[17] التهذيب: ج3 ص56 ح194 ؛ الوسائل: ج8 ص446 ح10866  باب26 من ابواب صلاة الجماعة.

[18] الاختصاص : ص251.

[19] انظر العروة الوثقى: ج1 ص11؛ مستمسك العروة الوثقى: ج1 ص38 ــ 39 ؛  مهذب الاحكام : ج1 ص36 ؛  الفقه  كتاب الاجتهاد والتقليد ج1 ص193-195.

[20] شرح نهج البلاغة: ج3 ص210.

[21] الكافي: ج8 ص26 ح381.

[22] تصنيف غرر الحكم: ص47 رقم 205.

[23] تحف العقول: ص172.

[24] تصنيف غرر الحكم: ص47 رقم 205.

[25] نهج البلاغة: ص496 الحكمة 147 ؛ تصنيف غرر الحكم: ص41 رقم 32.

[26] مناقب آل ابي طالب: ج1 ص295.

[27] قرب الاستاد : ص57 ح186.

[28] تحف العقول: ص172؛ مستدرك الوسائل: ج17 ص316 ح21454 باب 11 من ابواب صفات القاضي.

[29] حاشية المكاسب للاصفهاني: ج2 ص388.

[30] انظر تحف العقول: ص11 المقدمة.

[31] سليم بن قيس الهلالي: ج2 ص752 ح25.

[32] السنن الكبرى للبيهقي: ج10 ص118.

[33] الغدير : ج8 ص291.

[34] كنز العمال: ج6 ص19 ح14653.

[35] كنز العمال: ج6 ص25 ح14687.

[36] اصول الدين للاشعري: ص293.

[37] التمهيد في الرد: ص183.

[38] اصول الدين للتميمي: ص277.

[39] الاحكام السلطانية: ج2 ص6.

[40] مقدمة ابن خلدون: ج1 ص241.

[41] مآثر الاناقة: ج1 ص37.

[42] انظر شرح المقاصد : ج5 ص244 ؛  شرح المواقف: ج8 ص349.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 28/نيسان/2012 - 6/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م