شبكة النبأ: تمر الكويت في الوقت
الراهن بأزمات سياسية واجتماعية خطيرة، على الرغم من كونها لا تزال
تستعر بهدوء وبعيدا عن الانظار، يعززها موجة التطرف والتعصب لدى بعض
اقطاب السلطة من جانب وبعض الجهات الراديكالية من جانب آخر.
ويعزو بعض المراقبين تفاقم تلك الازمات الى اسقاطات الربيع العربي
الذي ضرب المنطقة، مضافا اليه بعض التدخلات الاقليمية في الشأن الكويتي
الداخلي، والتي بدت جلية من خلال تحريك بعض الاوراق الموالية الى دول
خليجية أخرى.
ويحذر معظم المحللين السياسيين للشأن الكويتي من مغبة تهاون السلطة
في التعامل مع تلك القضايا الاخذة بالاتساع، ابتداءا من الشؤون
الاجتماعية وانتهاءا بالاشكاليات السياسية، دون اغفال وجوب قطع الطريق
امام التدخلات الخارجية في البلاد، فغالبا ما اتسمت الكويت باعتدال
سياسي واستقرار اقتصادي الى جانب التسامح الديني اللافت بين اطياف
المجتمع الواحد.
خلافات داخلية مدمرة
فقد دعت صحيفة القبس الكويتية البارزة اسرة آل الصباح الحاكمة الى
وضع حد لخلافاتها الداخلية التي وصفتها ب"المدمرة" للكويت، محذرة من
مغبة نهاية "دولة القانون الحقيقية" بسبب صراع الاجنحة.
وقالت الصحيفة في مقالة افتتاحية "لقد حذرنا من هذا الصراع مرارا
وتكرارا عندما بدأ في الرياضة ثم اتسع ونقله أطرافه إلى السياسة، وها
هم اليوم يعممونه الى ميدان الاعلام حتى اصبح يمتلك صحفا وفضائيات
تستخدم لكسب المؤيدين ومهاجمة المنافسين".
وحذرت الصحيفة التي يملكها رجال اعمال اغنياء كويتيين من هذا الصراع
اذا لم تتم معالجته بسرعة، "سيصبح اعنف ويزداد الشرخ عمقا حتى يهدد
مؤسسات الدولة ... وسيحكمنا - لا سمح الله - عندها، شيوخ بدلا من شيخ،
وتنتهي دولة القانون الحقيقية". وقالت ان اسرة الصباح "تتحمل المسؤولية
الاكبر في وضع حد لهذا الصراع العلني المدمر ولجمه".
واذ اكدت الصحيفة على تمسك الكويتيين باسرة آل الصباح وعلى حبهم لها،
شددت على انه يتعين على هذه الاسرة ان "تبقى أبعد ما يكون عن كل صراع
سياسي او طائفي او قبلي او فئوي وأن تبعد أبناءها عن الاستعانة في
صراعهم الداخلي، بالقوى السياسية أو غيرها للوصول الى تطلعاتهم".
وغالبا ما يعزو المراقبون الازمات السياسية المتكررة في الكويت الى
صراعات داخلية داخل اسرة الصباح، وهي صراعات قد تنعكس او تستخدم
الخلافات السياسية والطائفية والاجتماعية التي تعاني منها الكويت، بما
في ذلك من خلال مجلس الامة المنتخب.
وقالت الصحيفة "لقد وضع التاريخ على كواهل أهل الكويت مهمة المحافظة
على مركز العائلة الحاكمة ورمزيتها وتماسك بيت الحكم وبقاء أبنائه
بعيدين عن الصراعات من أي نوع كانت، سياسية أو حزبية أو رياضية".
ودعت الصحيفة الى وضع "آلية أو نظام يضبط الأمور ويحاسب الخارجين
عليه" واقترحت ان يتم وضع هذا النظام بتوجيه من الامير وبدعم من كبار
العائلة، و"يكون له جهاز يتابع تطبيقه والالتزام به حتى تعبر الكويت
بسلام الغيوم المتراكمة والمطبات المتفاقمة".
مجلس الأمة الكويتي
من جهتها صرحت منظمة العفو الدولية بأن قيام البرلمان (مجلس الأمة)
الكويتي بإقرار مشروع قانون يهدف إلى جعل التجديف جريمة يُعاقَب عليها
بالإعدام من شأنه أن يكون بمثابة خطوة كبيرة إلى الوراء تُقدم عليها
السلطات في البلاد.
وكانت لجنة الشؤون القانونية في مجلس الأمة الكويتي قد تقدمت بمشروع
القانون وأقرته على عجل، وذلك في أعقاب إلقاء القبض على أحد الأشخاص
بتهمة التطاول على الرسول محمد، والإساءة إليه، من خلال تعليقات قام
بنشرها على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت.
ولا يزال حمد النقي، وهومن أبناء الأقلية الشيعية في الكويت، محتجزاً
بانتظار محاكمته بتهمة "الإساءة إلى الرسول" عقب نشره على الإنترنت
بهذا الخصوص على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي الشهر الماضي. ويُذكر
بأن النقي قد أنكر قيامه بنشر تلك التعليقات على الموقع زاعماً تعرض
حسابه الخاص على الموقع إلى القرصنة.
وقد حاز التشريع المقترح على غالبية أصوات أعضاء البرلمان الكويتي
يوم 12 أبريل/ نيسان الحالي. وقبيل صدور القانون رسمياً، ينبغي أن يمر
القانون بمرحلة ثانية من التصويت عليه بعد مرور أسبوعين على فترة
التصويت الأولى، ومن ثم قيام الحكومة بالموافقة عليه قبل أن يصادق عليه
أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح.
وقالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو
الدولية، آن هاريسون: "نود أن نحث مجلس الأمة الكويتي على أن يبادر إلى
رفض تمرير مثل هذا التشريع الذي من شأنه أن يشكل انتهاكاً صارخاً
للالتزامات الدولية المترتبة على الكويت في مجال حقوق الإنسان".
وأردفت هاريسون قائلةً: "تتوجه جميع الأنظار اليوم إلى المشرّعين
الكويتيين (أعضاء مجلس الأمة المنتخبين حديثاً). ويتعين عليهم
المبادرة فوراً إلى إلغاء أية خطط بحوزتهم تتعلق بإقرار القانون الذي
يفرض عقوبة الإعدام على مرتكبي تهمة التجديف".
ومن الجدير ذكره هنا أن المادة 111 من قانون الجزاء (العقوبات)
الكويتي تحظر تحقير الدين أو تصغيره أو السخرية منه، وتعاقب مرتكب هذا
الفعل بالحبس مدة تصل في أقصاها إلى عام واحد مع فرض غرامة مالية أيضاً.
وبموجب القانون الدولي، فلا تندرج الجرائم "الدينية" ضمن فئة "الجرائم
الأكثر خطورة"، التي تشكل معياراً مطلوباً لشمول الجريمة ضمن فئة
الجرائم التي يُعاقب مرتكبوها بالإعدام.
وفي نوفمبر، تشرين الثاني من عام 2011، دعت اللجنة الأممية المعنية
بحقوق الإنسان الكويت إلى "مراجعة تشريعاتها الخاصة بتهمة التجديف
والقوانين ذات الصلة بغية ضمان اتساق تلك القوانين والتشريعات لنصوص
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي وقّعت عليه الكويت
بوصفها إحدى الدول الأطراف فيه".
وتحظر المادة 15 من العهد الدولي المذكور على الدول فرض عقوبات أشد
من تلك التي كانت نافذة لديها وقت ارتكاب الفعل الجرمي. واختتمت
هاريسون تعليقها بالقول بأنه "إذا ما اتضح تعرض حساب حمد النقي على
موقع تويتر إلى القرصنة بالفعل ، فليس ثمة من قضية يمكن تحريكها ضده
أصلاً؛ وإن استمر احتجازه بعد ذلك، فسوف يُعتبر النقي حينها محتجزاً لا
لشيء سوى لممارسته حقه في حرية التعبير عن الرأي، وفيما عدا ذلك فينبغي
أن يُصار إلى إطلاق سراحه فوراً ما لم توجه إليه تهم بارتكاب جريمة
معترف بها دولياً". مضيفةً بأنه "لا ينبغي وبأي حال من الأحوال الحكم
عليه بالإعدام بغض النظر عن التهم الموجه إليه".
ويُذكر بأن منظمة العفو الدولية تناهض فرض عقوبة الإعدام في كافة
الحالات دون استثناء، وذلك نظراً لأنها عقوبة تنتهك الحق في الحياة
الذي أقر به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولكونها أقسى أشكال
العقوبة الممكنة، وأكثرها إهانةً ولاإنسانيةً.
اعتداء مدبر
الى ذلك نفت وزارة الداخلية الكويتية أن يكون الاعتداء الذي تعرض له
أحد الموقوفين بتهمة "الإساءة" إلى النبي محمد، جريمة "مدبرة"، في
الوقت الذي كشف فيه محامي المجني عليه أن موكله تم نقله من السجن
العمومي، المخصص للموقوفين على خلفية قضايا أمنية وسياسية، إلى السجن
المركزي، الذي يضم سجناء بقضايا إرهابية وجنائية، قبل ثلاثة أيام من
تعرضه للاعتداء.
ووصف مدير الإعلام الأمني بالإنابة في وزارة الداخلية الكويتية،
العقيد عادل الحشاش، في تصريحات لـCNN بالعربية، عبر الهاتف من الكويت،
تلك الاتهامات بأنها "مجرد أقاويل"، مشدداً على أن الحادث، الذي تعرض
له المتهم حمد النقي، أواخر الأسبوع الماضي، لا يتجاوز كونه "مشاجرة
عادية بين المساجين، تحدث بشكل معتاد بين حين وآخر"، واصفاً الإصابات
التي لحقت به بأنها "طفيفة للغاية."
وجدد المسؤول الكويتي التأكيد على ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية
"كونا"، بأن وزارة الداخلية اتخذت جميع الإجراءات القانونية حيال
السجين الآخر، الذي قام بالاعتداء على النقي، بينما أشارت تقارير
إعلامية إلى أنه تم وضع منفذ الاعتداء، الذي عرفته باسم "م.م"، في
الحبس الانفرادي.
من جانبه، وصف خالد الشطي، محامي الدفاع عن النقي، بيان الداخلية
بأنه الكويتية "جاء من أجل التهدئة، ولكنه لا يعكس الحقيقة"، على حد
تعبيره، وقال إن القصة بدأت مع نقل موكله، قبل ثلاثة أيام، من السجن
العمومي، إلى السجن المركزي، حيث تم إيداعه قرب "عنبر أمن الدولة"،
الذي يضم مجموعة من السجناء على خلفية اتهامهم بالانضمام لتنظيم
"القاعدة."
وأضاف الشطي أنه خلال جلوس النقي في العنبر، قام أحد السجناء من
ذلك التنظيم، بمهاجمته بسكين حديدي، هُرب إليه داخل السجن، وأضاف أن
المهاجم جثم على صدر موكله، وكان يعتزم ذبحه من الوريد إلى الوريد، كما
يحصل في تسجيلات تنظيم القاعدة، وقد قاوم حمد محاولات ذبحه، ولكن هناك
تسع طعنات، بعضها في رقبته وهي غائرة، وقد كانت الأنباء الأولية تشير
إلى احتمال مقتله.
كما انتقد المحامي إجراءات الأمن داخل السجن، الذي وصفه بأنه
"مخترق"، مما سمح بتهريب السكين إلى السجين، ووصف مدير السجن بأنه "شخص
متعاطف مع التيارات المتطرفة"، واتهم إدارة السجن أيضاً بأنها مكونة من
"عناصر قريبة من هذا التوجه"، مشيراً إلى أن "سائر السجناء يضطرون
للتمثل بالعناصر المتشددة، والانكباب على حفظ القرآن، وأداء الصلاة، كي
يحصلوا على عفو."
وفيما أكد الشطي، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن لديه "تقارير من
عدة جهات، تشير إلى أن السجن بات مرتعاً لتربية المتطرفين"، فقد أشار
إلى أن لديه أيضاً معلومات تفيد بأن نقل موكله "كان بأمر من ضابط السجن،
وهناك من سهل إدخال السكين إلى السجين المتطرف، وسهل له الوصول إلى
مكان وجود حمد النقي"، وشدد على قوله إن "الأمر مدبر ومخطط."
كما اتهم المحامي مسؤولي السجن بأنهم "يسعون الآن إلى ضرب (فبركة)
التقرير الطبي، وجعل الموضوع يبدو وكأنه مجرد مشاجرة، كي تضيع التفاصيل"،
واعتبر أن "القضية الأساسية هنا هي قضية التطرف في الكويت، لأن النقي
كان يتعرض لحملة كراهية، وكان يتوجب على آمر السجن عزله، وليس وضعه مع
سائر المساجين، في ظل الاحتقان الطائفي والمذهبي في الكويت والمنطقة
ككل."
وأشار الشطي إلى أنه بعد الحادثة توجه إلى مستشفى "الفروانية"، إلا
أن مسؤولي المستشفى أبلغوه بأن حمد غير موجود، ليتوجه بعد ذلك إلى
السجن المركزي، "لكن الحراس رفضوا إدخالي، فأجريت اتصالات بالداخلية،
ولوحت بالاعتصام، فوافقوا على إدخال والد حمد واثنين من إخوته لرؤيته،
وهم من أطلعوني على ما جرى معه."
وأشار المحامي إلى أن موكله ينكر التغريدات المنسوبة إليه على صفحته
بموقع "تويتر"، وأضاف: "حتى لو صحت فهي لا تحمل إساءة إلى النبي، غير
أن الجو العام، والخطب في المساجد، دفعت السلطات إلى الوقوع فريسة سهلة
للمتطرفين."
وتابع: "السلطات طلبت من حمد تسليمها هاتفه الآي فون، للتحقيق في ما
إذا كانت التغريدات قد صدرت منه أم لا، ونحن ننتظر تقرير الأدلة
الجنائية لمعرفة النتيجة، ويمكن أن يحصل هذا خلال أسبوع، وإذا ثبت أنه
هو الذي دون التغريدات، فسيحال عندها للمحاكمة."
كما اتهم المباحث الجنائية بأنها "تقوم منذ وضع يدها على هاتف النقي،
بأخذ أشياء من خصوصياته، ومن محادثاته الشخصية، مع أشخاص لا صلة لهم
بالقضية، وهي تستبيح بذلك حياته الخاصة وتحاسبه عليها."
وأضاف أن النقي قال، في التغريدات المنسوبة إليه، إنه "لا يقبل بأن
يكون نبيه هو نبي تضرب أمامه الدفوف، أو تستحي الملائكة من عثمان بن
عفان ولا تستحي منه"، معتبراً أن "هذا ليس إساءة من وجهة نظري، بل طعن
بالرواية، وإذا اعتبر البعض أن الأمر فيه إساءة لمعتقدات الآخرين، فنحن
نقبل محاسبته على هذا الأساس، ولكن ليس على أساس الإساءة للنبي"، بحسب
قوله.
يُذكر أن الكويت شهدت مؤخراً مظاهرات احتجاجية، خرجت تطالب بإعدام
المدون حمد النقي، وكل من تسول له نفسه القيام بهذه الأعمال، "التي
تسيء للرسول وللإسلام، ورموزه والذات الإلهية"، أعقبها موافقة مجلس
الأمة على مشروع تعديل بقانون "الجزاء"، يتضمن معاقبة كل من تثبت
إدانته بتهمة "المساس بالذات الإلهية"، أو "الطعن في مقام الرسول
الكريم، وعرض أزواجه"، بعقوبة الإعدام.
عقد توني بلير
من جهة أخرى تنشر الاندندنت تقريرا حول استعداد عدد من نواب مجلس
الامة الكويتي استجواب وزير المالية حول عقد مثير للجدل مع شركة توني
بلير بملايين الجنيهات الاسترلينية.
ويقدر ان شركة الاستشارات الخاصة برئيس الحكومة البريطانية السابق
حصلت على 27 مليون جنيه استرليني عام 2009 مقابل تقديم النصح لحكام
البلاد حول "الاتجاهات السياسية والاقتصادية والاصلاح الحكومي". وتقول
الصحيفة ان عددا من نواب البرلمان يجمعون المعلومات الان لاستجواب وزير
المالية مصطفى جاسم في وقت لاحق.
وكان متحدث باسم توني بلير قال وقتها ان مبلغ 27 مليون مبالغ فيه.
وكان العقد سريا في البداية حسب طلب الحكومة الكويتية الى ان كشفت لجنة
مراجعة اعمال الوزراء ان توني بلير تلقى مليون جنيه استرليني مقابل
تقديمه النصيحة للاسرة الحاكمة في الكويت.
وكان النائب فيصل المسلم كتب لوزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح
الخالد مستفسرا عما اذا كان بلير تم التعاقد معه بصفة شخصية ام عبر
شركته "توني بلير اسوشييتس".
ويضيف تقرير الاندبندنت ان نائبين معارضين اخرين هما مسلم البراك
ود. عبيد الوسمي سينضمان للمطالبين بالكشف عن تفاصيل عقد توني بلير.
وتختم الصحيفة تقريرها بالقول ان مكتب توني بلير رفض الرد على
استفساراتها حول الموضوع. |