الفقر في الوطن العربي وندرة الخدمات
المصرفية المقدمة للفقراء:-
يعاني عدد ليس بالقليل من سكان الوطن العربي من لدغات الفقر حيث
وصل عدد الفقراء إلى 39 مليون عربي منهم 6.8 مليون عربي يعيشون بدخل
أقل من 1.25 دولار يوميا حسب ما جاء به تقرير التنمية البشرية
العالمى2010 للأمم المتحدة الذي كان تحت عنوان الثروة الحقيقية للأمم:
مسارات الى التنمية البشرية.
كما كشفت دراسة مسحية جديدة للبنك الدولي أن ثلاثة أرباع فقراء
العالم لا يملكون حسابات بنكية، ولا يرجع السبب في ذلك إلى فقرهم فحسب،
بل أيضا إلى ارتفاع التكلفة وبُعد المسافة والأعمال الإدارية التي
يتطلبها فتح الحساب ووفقاً لهذه الدراسة المسحية التي أجراها البنك
الدولي عام 2011 وشملت نحو150 ألف شخص في 148 بلدا، فإن حوالي 25 في
المائة من البالغين الذين يكسبون أقل من دولارين في اليوم للفرد قد
أودعوا مدخرات في إحدى المؤسسات المالية الرسمية.
وأكدت الدراسة أن ظاهرة عدم التعامل مع البنوك ترتبط بانعدام
المساواة في الدخل: فأغنى 20 في المائة من البالغين في البلدان النامية
تزيد فرصتهم في فتح حساب بنكي رسمي عن ضعفي الفرص المتاحة لأفقر 20 في
المائة من السكان، وذلك حسب البيانات التي جمعتها مؤسسة غالوب لصالح
قاعدة بيانات المؤشر العالمي للاشتمال المالي للبنك الدولي.
ومن أبرز الملامح القطرية التي تضمنها الدراسة المسحية عن منطقة
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: يقل تعامل أصحاب الحسابات البنكية في
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع حساباتهم البنكية عن نظرائهم في
المناطق الأخرى: يفيد 17 في المائة من البالغين ممن لديهم حسابات بنكية
رسمية بأنهم لم يودعوا أي أموال أو يجروا أي عمليات سحب خلال شهر وذلك
بالمقارنة بنحو8 في المائة على مستوى العالم.
وضع صناعة التمويل الأصغر في الوطن العربي:-
حسب ما جاء بالتقرير الإقليمي والتي أصدرته شبكة التمويل الأصغر
للبلدان العربية سنابل بلغ الانتشار الإجمالي لمؤسسات التمويل الأصغر
في المنطقة 3,067,964 مقترض حتى ديسمبر/كانون أول 2009بمحفظة قروض
إجمالية بلغت 1.59 بليون دولاراً أمريكياً ولا تزال منتجات التمويل
الأصغر المتاحة في المنطقة العربية محدودة، حيث تشكل قروض المشروعات
الصغيرة التجارية نسبة 90 % من التمويل الأصغر.
ملخص النتائج الرئيسية بالتقرير:-
1- بلغ الانتشار الإجمالي لمؤسسات التمويل الأصغر في المنطقة
3,067,964 مقترض حتى ديسمبر/كانون أول 2009 بمحفظة قروض إجمالية بلغت
1.59 بليون دولاراً أمريكياً.
2- حافظ الطلب على ارتفاعه في المنطقة العربية، حيث تشير التقديرات
المتحفظة لوجود فجوة انتشار مقدارها 19 مليون شخصاً مؤهلين للحصول على
خدمات التمويل الأصغر ويسعون للوصول إليه.
3- سجلت المنطقة العربية أعلى وسيط حسابي إقليمي للعائد على الأصول
3.4 % مقارنةً مع المناطق الأخرى في العالم،إلا أن وسيط العائد على
الملكية 10.2 % يشير إلى اقتران انخفاض قاعدة حقوق الملكية بارتفاع
هامش الربح إلى 18%
4- تواصل جودة محفظة القروض تحسنها، حيث سجلت نسبة التأخير في
السداد أكثر من 30 يوماً 2.8 % وهى أقل من لمقياس العالمي للأداء
المقارن بنسبة 1.8 %.
5- تشير مقاييس الأداء المقارن لعام 2009 أن البنوك المحلية في
الدول العربية تلعب دوراً مهماً في قطاع التمويل الأصغر، حيث تمول 70 %
من أنشطته. ومع ذلك مازال نقص التمويل عائقاً يحول دون التوسع في محافظ
القروض بالمؤسسات، خاصة المؤسسات المتوسطة والصغيرة. ومن المتوقع أن
يلعب التوسع في مصادر التمويل بإضافة الديون شبه التجارية دوراً حاسماً
في المستقبل.
6- برغم تقلص الانتشار في المغرب، فإنه مازال الانتشار يتركز تركيزاً
كبيراً في مصر والمغرب، حيث مثلت الدولتان 76 %من إجمإلى المقترضين و61
% من إجمالي محفظة القروض حتى ديسمبر/كانون أول 3.2009
7- لا تزال منتجات التمويل الأصغر المتاحة في المنطقة العربية
محدودة، حيث تشكل قروض المشروعات الصغيرة)التجارية(نسبة 90 % من
التمويل الأصغر.
8- في ضوء مقاييس الأداء المقارن لعام 2009، لاتزال المنظمات غير
الحكومية تمثل غالبية مؤسسات التمويل الأصغر في المنطقة 73% تليها
المؤسسات المالية غير المصرفية 18%.
9- إدخال التعديلات على الأُطر القانونية والتنظيمية لا تزال تعزز
الأسواق، حيث أصبح وجود بنوك ومؤسسات مالية متخصصة في التمويل الأصغر
في سورية واليمن أمراً ممكناً، وقد تم التصديق على قانون جديد لتنظيم
قطاع التمويل الأصغر في فلسطين، كما طرحت مصر مشروع ميثاق عمل شركات
الإقراض متناهي الصغر للنقاش والتشاور مع الأطراف المعنية لإبداء الرأي.
فجوة التغطية للصناعة على مستوى الوطن العربي:-
استناداً إلى بيانات سنابل عن انتشار التمويل الأصغر لعام 2009،
توجد فجوة في التغطية قيمتها 19 مليون مقترض تقريباً، مما يستلزم ضخ 17
مليار دولار أمريكي في محفظة القروض الإجمالية، كما يظهر من خلال نطاق
واسع من معدلات التغلغل عبر القطاع.
لذا يحتاج الوطن العربي الي 213 بنك جديد للفقراء/مؤسسة تمويل أصغر
لإشباع سوق التمويل الأصغر العربي حيث ان فجوة التغطية في صناعة
التمويل الأصغر العربية تقدر بحوالي 19 مليون عميل محتمل قادر على
الحصول على خدمات التمويل الأصغر وغير مخدوم مما يستلزم ضخ 16.6 مليار
دولار أمريكي في محفظة القروض الإجمالية وبحسب تقديرات التقرير العربي
الإقليمي للتمويل الأصغر فإن متوسط عدد المقترضين للمنشآت الأكثر
إنتشاراً في الوطن العربي لعام 2009 هو89 ألف عميل (وبإفتراض أن بنوك
الفقر الجديدة سوف تحقق نفس إنتشار المؤسسات الأكثر إنتشاراً على
المستوى العربي فإننا نحتاج في مصر الي 54 بنك جديد للفقراء/ مؤسسة
تمويل أصغر حيث ان فجوة التغطية في مصر تقدر بحوالي 4.8 مليون عميل
ونحتاج في السودان 47 بنك جديد للفقراء حيث ان فجوة التغطية في السودان
تقدر بحوالي 4.2 مليون عميل ونحتاج في اليمن 27 بنك جديد للفقراء جديد
حيث ان فجوة التغطية في اليمن تقدر بحوالي 2.4 مليون عميل ونحتاج في
الوطن العربي ككل الي213 بنك جديد للفقراء.
لماذا يجب أن نستثمر في صناعة التمويل الأصغر
؟
بمقارنة الأداء المالي للمنطقة العربية بباقي أقاليم العالم، نجد أن
المنطقة العربية سجلت أعلى اكتفاء ذاتي تشغيلي واكتفاء ذاتي مالي في
العالم بنسبة 124 % و121 % على التوالي، تليها منطقة أسيا والمحيط
الهادئ بنسبة 115 % و112 % على التوالي. وفي المنطقة العربية نفسها
حققت مصر أعلى مستويات الاكتفاء الذاتي. وبما أن الاكتفاء الذاتي يتضمن
تغطية جميع التكاليف التشغيلية والمالية فإنه يعطي مؤشراً أيضاً لتحقيق
الربحبة في المنطقة العربية في 2009.
إن الإستثمار في مجال التمويل الأصغر هو إستثمار مزدوج الهدف حيث
يعمل على تحقيق عوائد إجتماعية في الوقت الذي يسعي فيه إلى تحقيق
العوائد المالية وبالنسبة للعوائد المالية للصناعة في العالم العربي
فإنها تحقق عائد حقيقي على إجمالي محفظة القروض يصل إلى 25% وبهامش ربح
يصل إلى 18% كما أن صناعة التمويل الأصغر العربية تتمتع بمحفظة قروض
ذات جودة عالية مما يعزز مركزها المالي كما أنها تتمتع بوجود خبرات
بشرية عربية ممتازة وبنية فنية داعمة لا بأس بها حيث توجد شبكات
إقليمية متخصصة في التمويل الأصغر في الوطن العربي في كل من اليمن
وفلسطين والعراق ومصر بالإضافة إلى شبكة البلدان العربية للتمويل
الأصغر – سنابل علاوة على ذلك فإن معدل التغلغل للصناعة في المنطقة
العربية ما زال منخفضا ويقدر بحوالي 13.92% مما سبق فيمكن للمستثمر أن
يحقق عوائد مالية مستقرة على مدى دورة رأس المال وبالتعرض لأقل المخاطر
في فقدان الأصول، هذا بالإضافة إلى العوائد الإجتماعية التي يمكن أن
يحصل عليها المستثمر في صناعة التمويل الأصغر العربية.
كما يمكن توضيح الأداء التشغيلي للصناعة في المنطقة العربية رغم أن
نفقات التشغيل إلى محفظة القروض سجلت 21.4 % وهي أعلى من مناطق أخرى في
العالم، لكن لا يزال هناك مجال لتحسين هذه النسبة، حيث أن مؤسسات
التمويل ألأصغر في مرحلة نموها وبالتالي فإن جميع تكاليفها التشغيلية
تنسّب إلى حجم أصول أصغر. وقد سجلت المنطقة تكلفة 86 سنتاً أمريكياً
للمقترض، ويمكن أن تعزى هذه الزيادة إلى ارتفاع التكلفة في فلسطين
والسودان، نظراً لأن الأخيرة حتى الآن في مرحلة النمو التي ترتفع فيها
التكلفة/المقترض، قبل أن تتحقق فعالية التكلفة مع زيادة الحجم.
كما بلغ متوسط المعدل الإقليمي للقروض لكل موظف في المنطقة العربية
115 قرض لكل موظف في 2009، مع نجاح المؤسسات الأقدم في تجاوز المتوسط
العالمي بفاصل كبير. بالرغم من ذلك فإن معدل الإنتاجية العالي يتطلب
سياسات وإجراءات اقوى لضمان أنها لن تؤدي إلى ممارسات متساهلة في
الإقراض وارتفاع معدل مخاطر محافظ القروض.
وضع الصناعة في السعودية:-
حسب التقرير الإقليمي والمعد من الشبكة العربية للتمويل الاصغر في
البلدان العربية فإن العدد التقديري للمقترضين المحتملين للصناعة في
المملكة العربية السعودية يقدر بأكثر من مليون مقترض محتمل تم خدمه ما
يقارب من العشرة آلاف مقترض منهم حسب إحصائيات عام 2009 بمعدل تغلغل لا
يتعدي 0.71% وبذلك تصبح فجوة التغطية تقارب من مليون عميل محتمل بمحفظة
يمكن ضخها في سوق صناعة التمويل الأصغر تتعدي مليار دولار إمريكي.
وضع الصناعة في مصر:-
حسب ما جاء به تقرير هيئة الرقابة المالية المصدر في ابريل 2010 عن
صناعة التمويل الأصغر في مصر يوجد أكثر من 400 مؤسسة تمويل أصغر في مصر
بإجمالي محفظة نشطة 1.4 مليون عميل بقيمة 2.2 مليار جنية مصري بتاريخ
31 ديسمبر 2009 ويوجد ضمن تلك المؤسسات ستة مؤسسات كبيرة تلك المؤسسات
جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية والذي أحتفل بالأمس القريب بإصدارة
قروض تجاوزت الثلاث مليارات جنية منذ بداية نشاطه منذ أكثر من عشرين
عام وتمتلك الآن محفظة نشطة تقدر بحوالي 175 ألف عميل بقيمة 280 مليون
جنية مصري وجمعية رجال الأعمال والمستثمرين بالدقهلية والذي قام بإصدار
ما يقارب المليار ونصف مليار جنية مصري منذ بداية النشاط منذ أكثر من
ثلاث عشرة عام وتمتلك الآن محفظة نشطة تقارب 106 ألف عميل بقيمة 150
مليون جنية وجمعية رجال الأعمال بأسيوط والذي يتجاوز عدد عملائه
النشطين 300 ألف عميل بمحفظة نشطة قيمتها تقارب من 350 مليون جنية
ويوجد أيضاً مؤسستي الليد والتضامن للتمويل الأصغر.
صناعة التمويل الأصغر الإسلامي في الوطن
العربي:-
نما التمويل الإسلامي خلال الثلاثين عام الماضية نموا ملحوظا ليصبح
صناعة عالمية تمشي جنباً الى جنب مع أنواع التمويل التقليدية الأخرى
حيث اتجهت المصارف التقليدية نحو تقديم خدمات التمويل الإسلامي
المختلفة ويري أحد الباحثين أن التمويل الإسلامي هو تقديم تمويل عيني
أو معنوي إلي المنشآت المختلفة بالصيغ التي تتفق مع أحكام ومبادئ
الشريعة الإسلامية ووفق معايير وضوابط شرعية وفنية لتساهم بدور فعال في
تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. من الجدير ذكره أن حجم الأموال
التي تديرها المصارف الإسلامية اليوم بلغ ما يزيد على 400 مليار دولار
موزعة على ما يقارب 270 مؤسسة مالية إسلامية.
وهناك العديد من الصيغ التمويلية المستخدمة بالمصارف الإسلامية
المتوافقة مع أحكام الشريعة ومنها (المرابحة، والمشاركة، والمضاربة،
والاستصناع، والسلم، والإجارة، والبيع بالتقسيط، والبيع بالوكالة،
والبيع بالعمولة، وغيرها.) ولكل صيغة من تلك الصيغ طبيعة تختلف عن
الصيغ الأخرى ويتيح الشرع للإبتكار في وجود صيغ جديده شريطة إلتزام تلك
الصيغ بمبادئ الشريعة الإسلامية ووفق معايير وضوابط شرعية وهي:-
• تحريم الفائدة الربوية التقليدية على القروض أو المدخرات بوصفها
عائدا ثابتا أومحددا بدون المشاركة في التعرض للمخاطرة ومن ثم فإنها
ممارسة غير عادلة.
• عدم جواز حصول المسلم على أية أرباح ناشئة من أنشطة فاسدة وغير
أخلاقية. فعلى سبيل المثال، لا يجوز للمسلم شرعاً الاستثمار في الملاهي
الموبوءة وكازينوهات لعب القمار، أو الأنشطة الإباحية، أو أسلحة الدمار
الشامل.
• عدم جواز قيام المسلم ببيع ما لا يملك ـ ولهذا فإنه لا يجوز
للمسلم البيع على المكشوف (البيع المدين وكذا البيع بشرط التسليم الآجل)
لأنه من المحرمات الشرعية.
• وجوب أن تكون المُنتجات أو الخدمات في عقود البيع واضحة تماما في
ظل انتفاء الجهالة والغرر بالنسبة للطرفين المتعاقدين.
ومما سبق يتضح أن التمويل الإسلامي والتمويل الأصغر يتفقان في
جوهرهما فكلاهما يعنيه في المقام الأول الخدمة الاجتماعية وتقديم العون
للفئات الأكثر احتياجا ويتفقان أيضا بعدم استغلال الحاجه عند الناس
والتربح منها بل يدعوان إلي التكافؤ الإجتماعي والحث على مساعدة
الفقراء للتقارب بين طبقات المجتمع الواحد وعدم اتساع الفجوات بين
طبقات نفس المجتمع.
إن التمويل الأصغر الإسلامي يتم تنفيذه في عده دول عربيه مثل اليمن
والأردن وفلسطين والسودان ولكن هل هويفي بإشباع إحتياجات عملاء التمويل
الأصغر هذا هو السؤال الذي يحتاج الي إجابه فعند سؤال الأستاذة رانيا
عبد الباقي المدير التنفيذي لشبكه البلدان العربية للتمويل الأصغر عن
التمويل الصغير الاسلامي في المنطقة العربية لحوار لها مع موقع التمويل
الأصغر في بؤرة التركيز أجابت (في بعض بلدان المنطقة، هناك حاجة إلى
المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية للوصول إلى السكان الذين لا
تشملهم الخدمات، وقد وضِعَت بعض المنتجات المتوافقة مع مبادئ الشريعة
الإسلامية في فلسطين، والأردن، ولبنان، واليمن، أما آلية التمويل
الإسلامي في السودان فهي آلية الإقراض المهيمنة، ومع ذلك، لا يوجد
نموذج لأفضل الممارسات في مجال التمويل الأصغر الإسلامي في المنطقة
والذي يضمن استدامة مؤسسات التمويل الأصغر مع الامتثال الدقيق لقواعد
الشريعة الإسلامية، وتعمل سنابل حاليًا على تحديد التدريب المناسب،
وأنشطة بناء القدرات في مجال التمويل الأصغر الإسلامي للمساهمة في بناء
المعرفة في هذا المجال داخل المنطقة).
وايضا عن سؤال الاستاذ محمد اللاعي المدير التنفيذي لبنك الامل
باليمن عن التمويل الاسلامي وهل هو بديل للتمويل التقليدي أجاب (نما
التمويل الإسلامي بصورة ملحوظة ليصبح صناعة عالمية جنباً إلى جنب مع
أنواع التمويل التقليدية الأخرى. وقد تبنت العديد من البنوك التقليدية
مبدأ التمويل الإسلامي كبديل أساسي وذلك بسبب انه أكثر تقبلا في
المجتمعات العربية وخاصة عند الفئات المستهدفة من قبل صناعة التمويل
الأصغر إلا أن هناك عدد كبير من المعوقات تصاحب عملية تقديم التمويل
الإسلامي أهمها في الكلفة العالية للتمويل الإسلامي فضلاً عن الصعوبة
التي تظهر أحياناً في شراء ما يحتاج إليه العميل من احتياجات كما أن
اقتصار التمويل الإسلامي في صناعة التمويل الأصغر على منتج وحيد (مرابحة)
وعدم تنوع المنتجات المقدمة ساهم وبشكل كبير على عدم انتشار التمويل
الأصغر الإسلامي في العديد من البلدان العربية).
إن التمويل الأصغر الإسلامي في البلدان العربية مازال لا يغني من
جوع في مقابلة الاحتياج الي صيغه تمويلية تقابل احتياجات الفئات الأكثر
احتياجا كما أنه مرتفع التكاليف بالمقارنة بالتمويل التقليدي والخوف هو
إستعمال كلمة التمويل الاسلامي لمجرد الراحة النفسية للعملاء وإقبالهم
على التمويل وإستغلال الميول الطبيعي لمشاعرهم تجاه الدين فيصبح كلمة
تمويل إسلامي مرادف لكلمة إستغلال.
ما ينقص التمويل الأصغر الإسلامي في الوطن
العربي:-
إن صناعة التمويل الأصغر صناعة مستورة قام بنشرها في الوطن العربي
بعض الجهات المانحة ومازالت تلك الصناعة تعتمد إعتماد كبير على تلك
الجهات لتوفير نفقات التدريب وعمل الدراسات المتعلقه بالصناعة وهي ايضا
مصدر مهم جدا من مصادر التمويل، وعمر صناعة التمويل الأصغر في الوطن
العربي صغير نسبياً وفي تقديري الشخصي أن عمر الصناعة الحقيقي يمكن
احتسابه مع بداية إنطلاق شبكة التمويل الأصغر للبلدان العربية، صحيح أن
بعض المنظمات بدأت نشاطها قبل عشرين عام مثل منظمة أندا الوطن العربي
في تونس ولكن تطور حجم المحفظة في أندا يدل على أن الصناعة في السنوات
القليلة الأخيرة تطورت جدا وأصبحت فعلا قطاع لا يستهان به من قطاعات
التمويل ففي عام 2003 كان حجم محفظة منظمة أندا 16 ألف عميل وفي عام
2005 وصل الي 25 الف عميل وفي عام 2008 وصل الي 100 الف عميل ليصبح
الآن 160 الف عميل. أريد أن أقول من العرض السابق أن صناعة التمويل
الأصغر في الوطن العربي نمت صحيح في السنوات القليلة الأخيرة ولكنها
قامت على القواعد التي أرستها الجهات المانحة وهي قواعد التمويل الأصغر
التقليدي المبنية على شقي الإقراض الجماعي والفردي بطريقة التمويل
التقليدي والصناعة في وقتنا هذا مازالت غير قادرة على التحرر من تلك
الصورة التقليدية في الإقراض فهي في طور النمو الناجح الذي أعتقد أنه
سوف يعقبه طور التطوير ولكن متى ؟ فإجابة هذا السؤال تتوقف على رغبات
القائمين على الصناعة في سرعة التطوير في تقديري الشخصي أن أهم أسباب
عدم إنتشار التمويل الأصغر الإسلامي في الوطن العربي هو عدم الرغبة
الجدية للمؤسسات العربية الكبيرة الأساسية العاملة في صناعة التمويل
الأصغر وهم لا يتعدى عددهم على 15 مؤسسة تقريبا والتي تمثل محافظهم
أكثر من 75% من محفظة الوطن العربي كله لتقديم هذا المنتج كمنتج أساسي
مع المنتج التقليدي الناجح، كما أنني بالحديث مع بعض القائمين على
الصناعة إكتشفت عدم إقتناعهم بصيغ التمويل الأصغر الإسلامي المطبقة
ووجهه كثير منهم إنتقاضات لاذعة لصيغ التمويل الأصغر الإسلامي المطبقة
في الوطن العربي فنحن في الوطن العربي نفتقد أساسا الي تلك الصيغة
المناسبة التي يمكن أن يطبق بها التمويل الأصغر الإسلامي فما زيلنا
نبحث عن تلك الصيغة في حقيقة الأمر إن التمويل الأصغر الإسلامي في
الوطن العربي يظل غير واضح المعالم أرقامه هزيلة واعتقد أن ما ينقص
إنتشار التمويل الأصغر الإسلامي هو ايجاد صيغة مناسبة يقتنع بها
القائمين على الصناعة مما يجعلهم أكثر إقداماً وتصميماً على تطبيقها.
المسؤولية الإجتماعية لشركات التمويل الأصغر
ومتناهي الصغر:-
المساهمة في توفير الاحتياجات الأساسية للمجتمع، ومحاربة الفقر
والبطالة من خلال تمويل المشروعات الحقيقية الإنتاجية التي تخلق فرص
العمل وتحقق قيمة مضافة، سواء كانت هذه المشروعات كبيرة أم صغيرة أم
متوسطة. والمساهمة في تمويل مشروعات الرعاية الصحية والاجتماعية،
وزيادة الوعي الادخاري لدى أفراد المجتمع، من خلال سهولة الوصول إلى
الأوعية والأدوات الادخارية، خاصة لصغار المدخرين، والمساهمة في
التأهيل العلمي والقضاء على الأمية، وزيادة الوعي المصرفي لأبناء
المجتمع.
وسوف نعرض تجربة بنك جرامين كأحد المؤسسات التي قامت في الأساس
لتحقيق الأهداف الإجتماعية:-
تم انشاء البنك في عام 1976 ومع تطور الخدمات التي يقدمها البنك
للفقراء قام بإنشاء عدة مؤسسات تنموية تابعة له ليستطيع تقديم خدمات
متكاملة للفقراء ومن تلك المؤسسات مؤسسة جرامين كريشي وتهدف إلى تحسين
نظام الري ومؤسسة جرامين أدوج التي تهتم بالمنسوجات اليدوية وأسس البنك
بالتعاون مع اليونسكو في إطار مبادرة التعليم للجميع مؤسسة جرامين
للتعليم وقام البنك أيضا بإنشاء مؤسسة جرامين كاليان وهي مؤسسة
للرفاهية الريفية ومؤسسة جرامين شاموجرى التي تهتم بالمنتجات الريفية
ومؤسسة جرامين تيليكوم المتخصصة في وسائل نقل المعلومات إلى الفقراء
الريفيين وكذلك مؤسسة جرامين شاكتي التي تعمل في مجال توفير الطاقة
المتجددة في القرى المحرومة من الكهرباء ومؤسسة جرامين ترست التي تعمل
على تقديم الدعم المالي من خلال المانحين الي مؤسسات التمويل الأصغر في
دول العالم الأخرى وايضا قام بتأسيس مؤسسة جرامين دانون للأغذية بهدف
تقديم غذاء صحي يومي للفقراء ومؤسسة جرامين فيوليا المحدودة للمياه من
أجل جعل المياه النظيفة والآمنة متاحة لسكان القرى ومؤسسة باسف جرامين
وتهدف الي تحسين صحة الفقراء من خلال تحسين مستوى التغذية ومن خلال
الحماية من الأمراض الناتجة عن الحشرات وقد بلغ عدد المؤسسات الملحقة
بالبنك أكثر من 20 مؤسسة.
ليس الغرض من ممارسة التمويل الأصغر منح وتحصيل النقود ولكن الغرض
من ممارسة التمويل الأصغر هو العمل على تنمية الفقراء فمثلا مؤسسة مثل
جمعية الأمانة لإنعاش المقاولات الصغرى المغربية وهي تخدم أكثر من 360
ألف عميل (وبإفتراض أن الأسرة الواحدة لا يحصل فيها أكثر من فردين على
قروض) فإنها تخدم أكثر من 180 ألف أسرة تستطيع مؤسسة الأمانة أن تقدم
لهم الخدمات التنموية المختلفة كما تقدم لهم خدمات الاقراض واذا كانت
لا تمتلك القوة البشرية والتنظيمية لتقديم الخدمات التنموية المتكاملة
الآن فهل كانت تمتلك تلك الكفاءة والهيكل الإداري المتكامل لتقديم
خدمات الإقراض لتلك الأعداد الكبيرة من العملاء قبل عشرين عام، بالطبع
لم تكن تمتلك هذا في ذلك الوقت ولكنها قامت بالتخطيط والعمل على تحقيق
ذلك وبالفعل حازت ما خططت إليه.
الأهداف التي سوف تسعى الشركة الى تحقيقها:-
1- تفعيا آلية التمويل الأصغر والمتناهي الصغر الإسلامي.
2- إتاحة الفرصة للفئات المهمشة التي لا تستطيع الحصول على الخدمات
المالية من القطاع المصرفي للحصول على مصدر تمويلي لهم.
3- العمل على خلق فرص عمل عن طريق تقديم الخدمات المالية اللازمة
لإنشاء المشروعات الصغيرة وتدعيمها المادي لرفع رؤوس الأموال الخاصة
بها.
4- تقديم الدعم الفني والتقني للعملاء.
الملخص النهائي:-
هو إنشاء شركة لتقديم خدمات التمويل الأصغر الإسلامي ليست ساعية
للربح إنما تسعى لتحقيق أهداف ذو مسئولية إجتماعية ويمكن لها في خطوة
تالية للإنشاء ان تقود ركب صناعة التمويل الأصغر الإسلامي على مستوى
العالم بدعم تحول مؤسسات التمويل الأصغر التقليدية الي المصرفية
الإسلامية ويكون لها السبق في إنتشار خدمات التمويل الأصغر الإسلامي
على مستوى العالم إن شاء الله. |