من وصايا المرجع الشيرازي في الصديقة فاطمة سلام الله عليها

 لو عرفها العالم لتسابق إلى علمها وثقافتها

علم وثقافة فاطمة سلام الله عليها، وهي الثقافة نفسها التي أنزلها الله عزّ وجلّ على رسوله الأعظم صلّى الله عليه وآله بلا زيادة ولا نقصان (المرجع الشيرازي)

 

شبكة النبأ: يرى المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله ان نشر أهداف السيدة فاطمة صلوات الله عليها يؤدي الى تحقيق أهمّ أهداف الله عزّ وجلّ المذكورة في القرآن الكريم حيث قال تعالى: (ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة)، كما إن الامتثال لما قالته وقرّرته مولاتنا الزهراء صلوات الله عليها يكتسي بنوع من الخصوصية بالنسبة للنساء، ويتعيّن على كل امرأة أن تتخذها نماذج تطبّقها بحذافيرها على حياتها، وطريقتها، في العيش والتعامل مع ميادين الحياة، ويؤكد سماحته على إن الصديقة الزهراء سلام الله عليها رغم الظروف الصعبة والقاسية التي أحاطت ببيت النبوة قد أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر، مع علمها أن كلامها هذا لن يكون له تأثير فعلي على القوم وسيؤدي إلى استشهادها. ولكن مع ذلك كله تكلّمت سلام الله عليها بهذه الكلمات الحقّة لتكون حجّة على القوم وعلى الآتين من بعدهم، لذا يجب على المؤمنين كافة أن يتأسوا بمولاتنا فاطمة ويتعلّموا منها ما عملت به سلام الله عليها. ولاجل ذلك دعا سماحته جموع المؤمنين الى إحياء الشعائر الفاطمية المقدّسة وإيصال صوت مظلومية أهل البيت صلوات الله عليهم للعالمين أجمع، وأن يقوموا بتشجيع ودعوة الآخرين إلى العمل على إحياء وتعظيم الشعائر الفاطمية، كل حسب إمكاناته واستعداده، حتى تقام الشعائر الفاطمية المقدّسة بنحو أفضل، وأكثر، وأوسع، وأكثر تأثيراً وعمقاً، وأحسن، وحتى تنتشر القضية الفاطمية المقدّسة في العالم كلّه. إنّ العالم لا يعرف كلّ هذه الأمور، ولو أنّه عرف لتسابق إلى علم وثقافة فاطمة سلام الله عليها، وهي الثقافة نفسها التي أنزلها الله عزّ وجلّ على رسوله الأعظم صلّى الله عليه وآله بلا زيادة ولا نقصان.

هذه الكلمات القيمة التي ادلى بها سماحة المرجع الشيرازي في جموع العلماء والمثقفين وخدمة اهل البيت (عليهم السلام) من المؤمنين والمؤمنات ننقلها اليكم مقتبسة من موقع مؤسسة الرسول الاكرم الثقافية.

السيدة فاطمة صلوات الله عليها حجّة على العالمين

إن السيدة الزهراء سلام الله عليها، والنبيّ المصطفى صلى الله عليه وآله، والإمام عليّ سلام الله عليه يأتون في المرتبة الأولى. وإن من لوازم مقام السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها مسألة الولاية التشريعية والولاية التكوينية؛ فإذا ما قالت السيدة الزهراء سلام الله عليها شيئاً، يصبح من الواجب على جميع الأنبياء والأولياء والملائكة وسائر الخلق من الإنس والجان، الامتثال له، كما أكده حديث الإمام الباقر سلام الله عليه، فهي سلام الله عليها حجّة على النساء والرجال.

إن الامتثال لما قالته وقرّرته مولاتنا الزهراء صلوات الله عليها يكتسي بنوع من الخصوصية بالنسبة للنساء. فماذا تحبّ الزهراء سلام الله عليها، وماذا تريده للمرأة؟

ثم إنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فلتنظر المرأة كيف كانت الزهراء تعامل أباها صلى الله عليه وآله؟ والزهراء سلام الله عليها كانت زوجة الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه، فلتنظر المرأة كيف كان تعامل السيدة الزهراء مع الإمام عليّ سلام الله عليهما؟ كما أنها كانت أمّاً للإمامين الحسن والحسين سلام الله عليهما، والسيدة زينب الكبرى سلام الله عليها، والسيدة أم كلثوم سلام الله عليها، فكيف كانت تعامل أبناءها؟

إنّ كل ذلك هي دروس من السيرة العطرة لسيدة نساء العالمين سلام الله عليها، ويتعيّن على كل امرأة أن تتخذها نماذج تطبّقها بحذافيرها على حياتها، وطريقتها، في العيش والتعامل مع ميادين الحياة.. كما أنه هناك أمر أهم وهو الهدف الذي استشهدت لأجله السيدة الزهراء، فهي سلام الله عليها فدت الإسلام بنفسها الطاهرة.

الواجب على الجميع، بالأخص النساء، شيئان - كما يفهم من حديث ابن الزهراء الإمام عليّ بن موسى الرضا سلام الله عليه - هما: تعلّم علوم أهل البيت سلام الله عليهم، وتعليمها للناس.

خلاصة أهداف الزهراء سلام الله عليها

إنّ أهداف الصدّيقة الزهراء سلام الله عليها تتلخّص فيما يلي:

أولاً: اُصول الدين.

ثانياً: أحكام الإسلام.

ثالثاً: أخلاق وآداب الإسلام.

اسعوا جهد امكانكم أن تساهموا في نشر هذه الاُمور الثلاثة في العالم عبر وسائل الإعلام المختلفة كالكتب والصحف والإذاعات والفضائيات والانترنت ونحو ذلك، كلّ بقدر إمكانه وبما يقدر عليه من المساهمة.

قد لا يملك الإنسان شيئاً من المال إلاّ أنّه بتشجيعه يهيّئ المليارات في طريق الزهراء سلام الله عليها، وهذه هي سيرة الأنبياء والمراجع الكبار والعلماء الأعلام، فلنشجّع على نشر أهداف السيدة فاطمة صلوات الله عليها ليتحقّق أهمّ أهداف الله عزّ وجلّ المذكورة في القرآن الكريم حيث قال تعالى: (ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة)، وبذلك تتمّ البيّنة ويبلغ الأمر أن يعرف المصلّي لماذا يصلّي، وكذا الأمر بالنسبة لتارك الصلاة.

ممّا لا شكّ فيه أنّ الصلاة مهمّة وهي «قربان كلّ تقيّ» إلاّ أنّ الأهمّ من الصلاة هو معرفة الغرض منها والتي ذكرتها الصدّيقة في خطبتها، وكذا بالنسبة للصوم الذي هو «جنّة من النار»، فالأهمّ منه هو المعرفة والبيّنة في ذلك وهكذا ...

لا بأس أن تبحثوا إلى كم لغة ترجمت خطبة الصدّيقة الزهراء سلام الله عليها؟ وكم طُبع منها؟ وكم وصل منها إلى العالم؟

ورد في روايات أهل البيت سلام الله عليهم مكرّراً أنه: «من زار الحسين عارفاً بحقّه»، و«من زار عليّاً عارفاً بحقّه»، فما يعني عارفاً بحقّه؟

إن معنى ذلك ما يتمثّل في قوله تعالى: (ويحيى من حيّ عن بيّنة) .

لنسعَ جميعاً للاستفادة من الطاقات لأجل نشر ثقافة فاطمة سلام الله عليها، بدءاً بخطبتها وسائر آثارها وآثار أبيها وبعلها وبنيها سلام الله عليهم أجمعين. فكلّ ما نقدّمه في سبيل هذين الأمرين فهو من فضل الله تعالى وتوفيقه لنا، ولكن هذا الفضل يحتاج إلى السعي، وإليه يشير قوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى).

وأخيراً لابدّ من القول: إنّ مرقد رسول الله صلّى الله عليه وآله عَلَم (أي جبل) يزار وكذا الحال بالنسبة لأهل البيت سلام الله عليهم وذرّيتهم فإنّ مراقدهم ملاذ وموئل للمؤمنين، أمّا الصدّيقة الزهراء سلام الله عليها فليس لها مرقد يزار، فلماذا اُخفي قبرها؟

إنّ العالم لا يعرف كلّ هذه الأمور، ولو أنّه عرف لتسابق إلى علم وثقافة فاطمة سلام الله عليها، وهي الثقافة نفسها التي أنزلها الله عزّ وجلّ على رسوله الأعظم صلّى الله عليه وآله بلا زيادة ولا نقصان.

إذن فمن مسؤولية كلّ واحد منّا أن يسعى إلى ذلك وقد أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: (أقيموا الدين)، إلى هذه القضية، فهل الدين قائم في العالم؟ بالطبع لا، والدين المراد من إقامته هو ما ذكرت فاطمة سلام الله عليها خلاصته في خطبتها الشريفة.

التأسي بمولاتنا فاطمة في الدفاع عن اصول الإسلام

لما كانت مولاتنا فاطمة سلام الله عليها عليلة، بعد كل ما لاقته من الأذى والحيف من القوم، اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار لعيادتها وسألن منها: يا بنت رسول الله كيف أصبحت عن علّتك؟ وإذا بها سلام الله عليها عوضاً عن شكواها من مرضها ومصابها أخذت تأمرهنّ بالمعروف وتنهاهنّ عن المنكر. فكان مما قالت:

(أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الوحي الأمين، والطَّبين بأمور الدنيا والدين).

إن مراد الصديقة الشهيدة من هذه الكلمات هو: أن رجالكم غيّروا الرسالة، فهم بإعراضهم عن أمير المؤمنين سلام الله عليه قد أعرضوا عمّا جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وخرّبوا دنياهم وآخرتهم حيث عبّرت سلام الله عليها عن الإمامة برواسي الرسالة وقواعد النبوّة.

إن الصديقة الزهراء سلام الله عليها رغم الظروف الصعبة والقاسية التي أحاطت ببيت النبوة قد أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر، مع علمها أن كلامها هذا لن يكون له تأثير فعلي على القوم وسيؤدي إلى استشهادها. ولكن مع ذلك كله تكلّمت سلام الله عليها بهذه الكلمات الحقّة لتكون حجّة على القوم وعلى الآتين من بعدهم.وقد جاء في قوله تعالى:

(وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذّبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربّكم ولعلهم يتّقون).

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضمن شرائط خاصة أحياناً يكون واجباً وإن استلزم التضحية بالنفس ومن ذلك عندما توشك أصول الدين على الاضمحلال، وهذا ما قامت به مولاتنا الزهراء وكان ثمنه استشهادها صلوات الله وسلامه عليها وسقوط جنينها المحسن سلام الله عليه.

يجب على المؤمنين كافة أن يتأسوا بمولاتنا فاطمة ويتعلّموا منها ما عملت به سلام الله عليها، ومنها:

أولاً: الدفاع عن أصول الإسلام وإن استوجب التضحية بالنفس والمال والأولاد.

ثانياً: الزهد في الحياة الدنيا. فقد عاشت سلام الله عليها حياة الزهد، حيث جاء في الروايات أنها سلام الله عليها كان لها خمار رُقّع إثنا عشر مرة وكان أبوها رسول الله صلى الله عليه وآله في حينها رئيساً للحكومة الإسلامية.

ثالثاً: أن نفضّل حفظ الإسلام وأصوله على بلوغ المنصب والجاه.

كل ما جاء عن لسان الصديقة الكبرى سلام الله عليها، أو قامت به فهو حجّة، وحجيّته كحجيّة القرآن الكريم يجب الإمتثال له.

عمّموا الشعائر الفاطمية واجعلوها عالمية

قال الله  تعالى في كتابه الكريم: «ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ»

إنّ النعمة التي سنُسأل عنها يوم القيامة هي نعمة ولاية أهل البيت صلوات الله عليهم، كما صرّحت بذلك روايات المعصومين صلوات الله عليهم، وذلك لأن الله تعالى بعد أن منّ على الخلق بنعمة الولاية نزل قوله عزّ من قائل: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً». وهذا يعني ان الله تعالى سيسأل الإنسان يوم القيامة عن النعمة التي أكلمها له.

إذن فإنّ الأموال والأولاد والبيت والسيارة وغيرها، هي من النعم التي أنعمها الله تعالى على الإنسان كي يسلك بها الطريق الصحيح. وإنّ الله تعالى أكمل هذه النعم على الإنسان بأن بيّن له السبيل والطريق الصحيح الذي عليه أن يسلكه.

لاشكّ إنّ المقصود من النعيم في الآية الكريمة التي افتتحنا بها الحديث هو: مولانا رسول الله وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم، وهذه النعمة هي النعمة الحقيقية، وخارجة عن دائرة المجاز. وعليه فإن كل من يتنعّم بالدنيا من نِعَم الله، سيُسأل يوم القيامة: هل عرفت قدر هذه النعمة؟ وما الذي أدّيته قبال هذه النعمة؟ وأكثر ما يُسأل عليه الإنسان يوم القيامة هي نعمة ولاية أهل البيت صلوات الله عليهم، وانه ما الذي قدّمه تجاه هذه النعمة؟ وهل عرف أهل البيت صلوات الله عليهم حقّ المعرفة؟ وهل امتثل لتعاليمهم وعمل بما أمروا به؟

نعم، سيُسأل الإنسان عن باقي النعم أيضاً، حيث يُسأل بأن الله تعالى قد منّ عليك بالشرف، والقوة، وبموهبة التأليف، وغيرها من النعم، فكيف استفدت منها في سبيل أهل البيت صلوات الله عليهم؟

إنّ مولاتنا السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها هي محور أهل البيت صلوات الله عليهم، كما بيّن ذلك العديد من الروايات الشريفة، ومنها ما نقرأه في حديث الكساء الشريف: «فقال الأمين جبرائيل ياربّ ومن تحت الكساء؟ فقال عزّ وجلّ هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها».

يوجد في هذه الدنيا الكثير من الناس ممن لايعرفون رسول الله ولايعرفون أهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم، أي إنّ الكثير من الناس محرومين من هذه النعمة. فمن الذي يعرّف الناس بهذه النعمة؟

إن تعريف نعمة أهل البيت صلوات الله عليهم للناس هي مسؤوليتنا نحن جميعاً، فعلينا أن نقوم بتعريف الشعائر والثقافة الفاطمية، وتعريف مولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها للناس جميعاً، كي يتنعّموا بالنعمة الكبرى، وهي النعمة الفاطمية صلوات الله عليها.

ولأجل إحياء الشعائر الفاطمية المقدّسة، أدعو شيعة مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه كافّة، أن يقوموا بإيصال صوت مظلومية أهل البيت صلوات الله عليهم للعالمين أجمع، وأن يقوموا بتشجيع ودعوة الآخرين من الأرحام والأقارب والأصدقاء، في القرى والأرياف، والمدن والمحافظات، القريبة والبعيدة، أن يدعوهم إلى العمل على إحياء وتعظيم الشعائر الفاطمية، كل حسب إمكاناته واستعداده.

اعلموا أنه إن لم يكن لكم أموال تصرفونها في سبيل إحياء الشعائر الفاطمية فاستعينوا باللسان، وإن لم تتمكنوا باللسان فاستعينوا بشخصيتكم ومنزلتكم، وإن لم يتيسّر لكم ذلك فاستعينوا بمن عنده ذلك وبأقاربكم ومعارفكم، حتى تقام الشعائر الفاطمية المقدّسة بنحو أفضل، وأكثر، وأوسع، وأكثر تأثيراً وعمقاً، وأحسن، وحتى تنتشر القضية الفاطمية المقدّسة في العالم كلّه.

إن مولاتنا السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها هي الشفيعة في يوم المحشر، فأسأل الله تبارك وتعالى أن تكون صلوات الله عليها شفيعتكم، وأن تعينكم في عملكم الذي تبذلونه في سبيل إحياء ونشر وتعميم الشعائر الفاطمية المقدّسة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/نيسان/2012 - 3/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م