قضايا فنية تجمع بين الارث والتطور

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تشكل قضايا الثقافة العالمية من خلال ما تقدمه من آفاق ثقافية وفنية عديدة، مزيجا يجسد بالفنون وينتقل بين تاريخ الحضارات وعصر الحداثة الذي يقدم في صالات المعارض الفنية والثقافية والمتاحف.

وفي هذا الصدد صور معرض جديد في واشنطن التاريخ الأميركي من خلال القطع المعروضة عن حياة مواطنين في القرون الماضية المتمثلة بعصا بنجامين فرانكلين وسجل لنقل العبيد والضفدع الدمية كرميت وسترة جلدية ارتداها بوب ديلان. وعلى الصعيد نفسه تنظم "ناشونال جيوغرافيك" معرضا في واشنطن يستذكر اشهر حادث غرق في العالم ويلقي الضوء على مهمات الاستكشاف التي قادها روبرت بالارد والمخرج الكندي جيمس كامرون بحثا عن حطام سفينة "تايتانيك" في اعماق المحيط، هيكل سفينة تايتانيك لا يزال صلبا بعد مئة عام على الكارثة وهو يرقد على عمق حوالى اربعة الاف متر في مياه، في حين قدمت الرسامة  الشابة في موسكو معرضا نادرا بهدف إلقاء الضوء على فوائد العلاج بالفنون بالنسبة إلى ذوي الحاجات الخاصة واعتبر الفن كوسيلة للتعبير، كما عاد الرسام والنحات الكولومبي فرناندو بوتيرو الى مسقط رأسه ميديين للاشراف على معرض حول درب الجلجلة وهو الاول له ينظم في مسقط رأسه منذ 13 عاما، وقد انجز الفنان هذه الاعمال في العام 2010، حيث شكلت عودته بعد خمس سنوات على عرض لوحاته حول سجن ابو غريب في العراق.

من جهة اخرى تم افتتاح معرض ضخم في باريس يستعيد ماضي الصحافة الفرنسية المكتوبة، من الصحف الأولى في القرن السابع عشر إلى المقالات حول الربيع العربي على الانترنت ومرورا بالأخبار الأولى، ويطرح تساؤلات حول مصيرها ومستقبلها.

من جانب أخر يعكس معرض آرت دبي الذي تحتضنه الامارة الخليجية للسنة السادسة على التوالي والذي يعد اكبر تظاهرة للفنون المعاصرة في الشرق الاوسط، ازدهارا كبيرا في سوق الفنون الاقليمية... وقد بدأ يعكس في مضمونه تداعيات الربيع العربي الذي يغير وجه المنطقة. كما اقيم معرض عام للفن الحديث لاول مرة في السعودية التي تعاني من تقييد للحريات والإبداع من قبل الرقابة السلطة المتشدد بحسب فنايين سعوديين.

حطام "تايتانيك"

في سياق متصل قدم المعرض الجديد وهو بعنوان "تايتانيك: مئة عام من الشغف" نموذج مصغر انجز علميا لمقدم السفينة. ويلقي المعرض الضوء على كيفية انشطار السفنية التي كانت تعتبر الاكبر في تلك الفترة الى قسمين في المحيط المجلد ويحاول ان يفهم كيف ان كارثة الغرق هذه لا تزال تستحوذ على الاذهان، وقد غرقت سفينة "تايتانيك" خلال رحلتها الاولى بين ساوثمبتون (انكلترا) ونيويورك بعدما اصطدمت ليل 14-15 نيسان/ابريل 1912 بجبل جليد وغرقت قبالة كندا. وقضى في الكارثة اكثر من 1500 شخص من اصل 2200 راكب، ويقول جايمي شريف رئيس تحرير مجلة "ناشونال جيوغرافيك" التي تعنى بالطبيعة والعلوم "يقولون ان السفينة تصدأ وانه لن يكون لها وجود في غضون 20 الى 30 سنة. لكن الخبراء الذين تحدثت اليهم يؤكدون ان الامر لن يحدث بهذه السرعة. انها عملية تحتاج الى وقت"، حطام السفينة المنشطر الى قسمين تفصل بينهما مسافة 600 متر يرقد على عمق 3780 مترا تحت مياه المحيط الاطلسي، ويؤكد جيمس ديلغادو مدير التراث البحري في الوكالة الفدرالية الاميركية للمحيطات والاجواء (نوا) ان "الهيكل صلب جدا. وفي الداخل لا يزال ثمة خشب واقمشة صامدة". بحسب فرانس برس.

وقد تمكن ديلغادو من الاقتراب من تايتانيك على متن الغواصة الروسية "مير" خلال مهمة في آب/اغسطس 2010. لكن نفايات السفن التي تجوب المياه المجاورة، تنتشر في هذه المنطقة، ويقول ديلغادو "انها عبوات جعة واكواب بلاستيكية.. هذا النوع من الامور. لقد عثرنا حتى على قارورة لمسحوق لغسل الثياب في مكان غرق السفينة وهذه النفايات ستبقى هنا لفترة طويلة جدا"، والرحلات البحرية المنظمة (45 الف يورو للشخص) تركت ايضا اثارا سلبية اذ ان الزوار ارادوا ان يتركوا اثرا لمرورهم على ما يقول شريف، ويؤكد باسف "كل الذين يغوصون (بغواصة) يتركون ازهارا بلاستيكية ولوحات تذكارية.. اي شيء. ان المكان اشبه بموقع شهد حادث سير على الطرقات السريعة. انه موقع اثري لم يعد محفوظا"، الغواصات تترك ايضا في القاع بعض الاثقال على ما يقول ديلغادو الذي يسعى الى انشاء تجمع للمحافظة على مكان غرق السفينة في المياه الاقليمية لتحويله الى نصب بحري، وهذه السنة طلبت المنظمة البحرية الدولية من السفن التي تجوب هذه المياه العزوف عن رمي نفاياتها في مساحة قطرها 35 كيلومترا مربعا فوق الحطام، ويقول روبرت بالارد في فيلم وثائقي تبثه محطة "ناشونال جيوغرافيك" التلفزيونية اعتبارا من التاسع من نيسان/ابريل ان "تايتانيك في خطر"، ومن بين المناسبات الكثيرة التي تقام في ذكرى غرق السفينة، مزاد علني في نيويورك في 11 نيسان/ابريل يشمل 5500 قطعة عثر عليها في الحطام تراوح بين جزء من هيكل السفنية وزنه 17 طنا الى مكبر للصوت.

ماضي الصحافة المكتوبة ومستقبلها

ففي المعرض الذي يأتي تحت عنوان "لا برس أ لا أون" (الصحافة تتصدر العناوين) حتى الخامس عشر من تموز/يوليو في مكتبة فرنسا الوطنية ويغوص في قلب صناعة الخبر. ويثير المعرض أيضا تساؤلات حول مصير هذه الصحافة، ولا سيما في هذا العصر الذي أحدث فيه الانترنت والتكنولوجيات الجديدة ثورة في هذا القطاع وفي المجتمع ككل، ولا شك في أن الممارسة الصحافية والمحتوى والنماذج الاقتصادية كلها تتغير، لكن "أيا كانت الأداة، تبقى الحاجة إلى الخبر موجودة"، على حد قول فيليب ميزاسالما أحد منظمي المعرض الثلاثة، ويضيف "في ظل الدفق المستمر للمعلومات، ينبغي أن نتوصل إلى الانتقاء والغربلة. فعلى المتخصصين أن يثبتوا مكانتهم وعلى الصحافيين أن يحافظوا على دور مركزي"، ويحاول المعرض أن يسلط الضوء على هذه الفكرة بالذات وأن يثير تساؤلات حول هذا الموضوع بناء على أمثلة عدة، منها الربيع العربي "الذي قدم خلاله أشخاص غير متخصصين صورا وأخبارا، ما يطرح نقاط استفهام حول احتكار المعلومة والطريقة الصحيحة في نقلها"، بحسب ما يوضح ميزاسالما، وبما أن المعلومات تصبح اليوم غير محسوسة، يسلط المعرض الضوء على الطريقة الملموسة التي كانت تسود صناعة الخبر في العصور الماضية، من جمع الوقائع إلى طرح الصحف للبيع في الأكشاك، ويضم المعرض ما مجموعه 500 قطعة (جرائد رسمية وصحف ومذكرات ومخطوطات وصور ورسوم) تفصل حياة الصحافيين في عهد الامبراطورية الفرنسية الثانية مثلا وخلال حرب اكتوبر أو عند اغتيال الرئيس الأميركي جون أف. كينيدي أو خلال قضية "كليرستريم"، وفي المعرض، يتعرف الزائرون إلى وسائل بث المعلومات في تلك الحقبة وإلى وسائل أخرى أكثر قدما، مثل التلغرافات والمبرقات الكاتبة التي قدمها كل من متحف الفنون والمهن ووكالة فرانس برس، وبغية شرح "تاريخ الكتابة الصحافية" و"التزام الصحافيين في كل محطة من محطات ذلك التاريخ، ولا سيما خلال النزاعات المسلحة"، اختار منظمو المعرض "خمسة مواضيع رئيسية هي الحرب والأخبار الاجتماعية والمتفرقات والأخبار القضائية وأخبار المشاهير وأخبار الرياضة. بحسب فرانس برس.

ويسلط المعرض الضوء أيضا على الصور التي برزت في الصحافة ابتداء من القرن التاسع عشر، فيضم رسوما صحافية وصورا وكليشيهات محفورة تعكس الأهمية المتزايدة التي تكتسبها الصورة، وبغية تنظيم المعرض، لجأت مكتبة فرنسا الوطنية إلى مجموعاتها الخاصة بما أنها تحتفظ بالصحف من مصادرها الأصلية. كذلك زودتها وكالة فرانس برس بصور طبق الأصل عن أخبار قديمة جدا سيتم بث جزء منها ومن الصور التابعة لها على شاشة كبيرة طوال أيام المعرض.

التاريخ الأميركي

على صعيد أخر روت عصا بنجامين فرانكلين وسجل لنقل العبيد والضفدع الدمية كرميت وسترة جلدية ارتداها بوب ديلان هي بعض "قصص اميركية" يرويها معرض جديد في واشنطن، ويقترح معرض "رحلة عبر القرون" الذي يضم حوالى مئة قطعة في المتحف الوطني للتاريخ الاميركي في واشنطن على الزوار "مسارا بحسب التسلسل الزمني لحياتنا المشتركة" على ما قال بيل ينغست احد مسؤولي المعرض، هذا الجزء من التاريخ الاميركي الذي يروي عبر القطع المعروضة حياة مواطنين مشهورين او مغمورين، يراوح بين جزء من صخرة داسها المستعمرون الطهريون العام 1620 الى بزة ارتداها في باريس الدبلوماسي والمخترع بنجامين فرانكلين في العام 1778 الى شارات للحملة الانتخابية العام 2008، وقال ينغست "نحن حضارة مؤلفة من اناس من العالم باسره نحن امة امم" مضيفا ان معرض "قصص اميركية" هو "عرض لحياتنا في اميركا مع مآسيها مثل العبودية لكنه يظهر ايضا كيف ان الحكومة حاولت تصحيح اخطائها وتوفير التمثيل للجميع"، ويظهر التقدم التقني المحرز من خلال آلة طابعة من طراز "ريمنغتون" عائدة الى العام 1873 وهاتف "بل" يعود الى العام 1876 ودولاب لسيارة "فورد تي" وجهاز كمبيوتر "آبل" يعود الى ثمانينات القرن الماضي. بحسب فرانس برس.

ويجاور قفازا ملاكمة عائدين لمحمد علي وضعها خلال مباراته على اللقب العالمي للوزن لثقيل مع جورج فورمان العام 1974، سترة جلدية سوداء ارتداها بوب ديلان في مهرج نيوبورت فولك العام 1965 عندما استخدم المغني للمرة الاولى الات كهربائية، ويستقبل الزوار حذاء احمر للمغنية والممثلة جودي غارلاند ارتدته في فيلم "ويزرد اوف اودز" وكاميرا الشقيقين نوديه التي صورت اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر في نيويورك.

الفن كوسيلة للتعبير

بهدف إلقاء الضوء على فوائد العلاج بالفنون بالنسبة إلى ذوي الحاجات الخاصة، تقدم موسكو معرضا نادرا لرسامة شابة تعاني من تثلث الصبغية 21 أو ما يعرف بمتلازمة داون، فتعرض أكثر من 80 لوحة للرسامة الأذربيدجانية مريم الأكبرلي البالغة من العمر 21 عاما، في معرض الفنون الحديثة في موسكو، وتشرح أولغا سفيبلوفا أمينة المعرض قائلة "نحاول عدم رؤية هؤلاء الأشخاص وعدم ملاحظتهم. لكنهم بحاجة إلى إيصال صوتهم. وليس هناك من وسيلة أفضل من العلاج بالفنون لمساعدتهم"، وقالت فاطمة الأكبرلي والدة مريم "بحثنا عن وسيلة تمكنها من التعبير عن آرائها كي تجد مكانها في الحياة وتخرج من عزلتها"، ومريم التي تتميز بقامتها القصيرة التي تتجاوز المتر الواحد بقليل بسبب مرضها والتي تتكلم ببطء، تنسى إعاقتها عندما تحمل بيدها ريشة وتقضي ساعات وهي تبتدع رسوماتها، على ما تقول إينا كوستينا مدرسة الرسم، وتؤكد كوستينا أن لوحات مريم التي تتضمن ورودا حمراء وببغاء فرحا وطيور بطريق تحت الضوء القمر، تبعث "حيوية مذهلة تشبه تلك الخاصة بمعلمي الفن الطليعي الروسي"، وكانت مريم قد لفتت انتباه ناقدي فنون أجانب بعد عرض لوحات لها في باكو. بحسب فرانس برس.

في العام 2011، دخلت الشابة إلى الكلية الوطنية العليا للفنون الزخرفية في باريس، "فراحت ترتادها كأية طالبة أخرى"، بحسب ما يشير ذووها، وتشدد أولغا سفيبلوفا على أن "متلازمة داون ليست عيبا. آمل أن يتمكن هذا المعرض من مساعدة الناس على فهم ذلك"، وتثلث الصبغية 21 الذي تحدث عنه للمرة الأولى الطبيب البريطاني لاندون داون في العام 1866، هو كناية عن إعاقة جينية بحيث يحمل المصابون بها صبغية 21 إضافية، اي ثلاثة بدلا من اثنتين. فيعانون من تراجع ذهني يختلف بحسب الأشخاص ويمكن التخفيف منه بشكل كبير بواسطة التعلم.

درب الجلجلة

الى ذلك عاد الرسام والنحات الكولومبي فرناندو بوتيرو الى ميديين للاشراف على معرض حول درب الجلجلة وهو الاول له ينظم في مسقط رأسه منذ 13 عاما، وقد بدا الارتياح الكبير على الفنان الذي يحتفل في 19 نيسان/ابريل بعيد ميلاده الثمانين وقد اشرف في متحف انتوكيا على تعليق 27 لوحة زيتية له و23 رسما في اطار معرض "فياكروسيس" الذي يفتتح للمرة الاولى في بلاده، وقال بوتيرو خلال مؤتمر صحافي "اني سعيد جدا بالعودة الى ميديين بعد 62 عاما، العودة هنا مع لوحاتي الى ارضي"، وقد انجز الفنان هذه الاعمال في العام 2010 وقد عرضت في تشرين الاول/اكتوبر الماضي في نيويورك حيث شكلت عودته بعد خمس سنوات على عرض لوحاته حول سجن ابو غريب في العراق. وتعرض هذه اللوحات حتى آب/اغسطس في كولومبيا قبل ان تنطلق بجولة اوروبية، وحاول الفنان الشهير ان يظهر درب الالام للسيد المسيح من "خلال نظرة فنان حديث" موضحا ان هذا "الموضوع غاب تدريجا من تاريخ الرسم" مشددا على انه عمل "بروح من الاحترام الكبير"، واكد الرسام المعروف بشخصيات لوحاته المكتنزة "لا تتضمن هذه الاعمال اي عنصر ساخر كما هي الحال في اعمال اخرى". بحسب فرانس برس.

واعرب عن تأثره ب"الحب" الذي تكنه له مدينة ميديين ثاني مدن البلاد الواقعة على بعد 400 كيلومتر شمال غرب بوغوتا وقرر التبرع للبلدية بمنحوتات عملاقة عدة ستنصب في متنزه عام، واوضح "هكذا يتمكن الناس من لمس فني والاستحواذ عليه والاقتراب منه كما لم يسبق لهم ان فعلوا"، ويضم متحف اخر يحمل اسمه في بوغوتا جزءا من اعماله ومجموعته الخاصة وهي هبة من الفنان في مقابل مجانية الدخول اليه على الدوام، اما بالنسبة للاعمال التي لا يزال يحتفظ بها بعيدا عن اسواق الفن فيقر فرناندو بوتيرو بانها لاولاده الثلاثة "فينبغي ان اترك لهم مستقبلا ايضا".

مقتنيات جمال عبد الناصر

في حين افتتح وزير الثقافة المصري شاكر عبد الحميد معرض مقتنيات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في دار الكتب في باب خلق وسط العاصمة المصرية، بحضور أفراد من عائلة عبد الناصر بمناسبة مرور 60 عاما على انتصار ثورة 23 تموز/يوليو 1952، وحضر الافتتاح الى جانب قيادات وزارة الثقافة ابناء عبد الناصر هدى ومنى وعبد الحكيم وعبدالحميد وحفيده جمال ابن نجله الراحل خالد، وكذلك وزير الصحة السابق ابراهيم بدران والاعلامية فريدة الشوباشي، ويضم المعرض 60 قطعة من مقتنيات الرئيس الراحل من اصل 1000 قطعة تملكها دار الكتب، بالإضافة الى 6000 ورقة مكتوبة بخط يده، وتقوم دار الكتب بالعمل على ترميمها تمهيدا لنقلها في ما بعد الى منزل عبد الناصر في منشية البكري الذي تقرر ان يتم تحويله الى متحف خاص بالزعيم المصري الراحل، ومن بين القطع المعروضة مقتنيات شخصية لعبد الناصر مثل نظارة وجهاز راديو وكاميرا ومصحف وميداليات ونياشين وأوسمة وسيوف وخناجر وخوذة الامن الصناعي وإطار خشبي بداخله نسر كتب عليه بقش الارز "جمال عبد الناصر"، بالإضافة إلى علبة خشبية تحتوي على قطعة غرانيت على شكل مسلة من السد العالي. بحسب فرانس برس.

كذلك نجد بعض الملابس وهدايا من الفضة والذهب مقدمة من مختلف دول العالم، توزع في 12 خزانة عرض الى جانب تمثاليين لعبد الناصر وقطعة سجاد تحمل صورته، وألقى وزير الثقافة كلمة اكد فيها على ان "عبد الناصر زعيم خالد في تاريخنا وفي وجداننا بمنجزاته، ليس على المستوى السياسى فقط وإنما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والثقافي"، كذلك أشارت هدى جمال عبد الناصر في كلمتها إلى انها "تقوم بجمع كل الوثائق الخاصة بثورة 23 تموز/يوليو لتضعها بين ايدي ثوار 25 يناير، حتى لا يقعوا في الاخطاء التي وقعت فيها ثورة 23 يوليو"، وكشفت عن "ثلاثة ملايين جنيه تم جمعها من الشعب المصري لإقامة تمثال للرئيس الراحل في ميدان التحرير بناء على اقتراح من قبل الكاتب الكبير الراحل توفيق الحكيم". لكنها لفتت إلى انه "حتى الان لا نعرف اين ذهبت هذه الاموال".

ربيع ثقافي" يلاقي الربيع العربي

فقد لا تشكل الاعمال المستوحاة من الربيع العربي قسما كبيرا من الاعمال المعروضة في هذا المعرض الضخم، الا انها من دون شك عنصر الجذب الاول، وذلك بالرغم من منع الرقابة عملين مرتبطين بالربيع العربي، وتشارك في المعرض هذه السنة 75 صالة فنية أو غاليري من 32 دولة، تعرض اعمالا من اللوحات والمنحوتات والتراكيب الفنية والفيديو لاكثر من 500 فنان معاصر، وتقاطرت هذه الغاليريهات من أبرز مدن العالم على الصعيد الفني مثل باريس ولندن ونيويورك وزيوريخ وبرلين، بالإضافة الى طهران وبيروت ودمشق ودبي وغيرها.

وقالت المديرة العامة للمعرض انتونيا كارفر للصحافيين "انه ربيع ثقافي في الخليج"، فيما لفتت المسؤولة الاعلامية فرح عطوي إلى ان "الدورة السادسة اضخم دورة" منذ انطلاق المعرض في 2007. من مصر الى سوريا مرورا بتونس وليبيا، لم تغب الحركة الشعبية العارمة التي اطاحت باربعة انظمة عربية حتى الآن عن الابداع الفني المقدم بعد اكثر من سنة على انطلاقها، لكن الرقابة قامت بحجب عدد صغير من الاعمال على اسس دينية واخلاقية، لا سيما مشاهد او تماثيل تتضمن اشكال من العري او تفاصيل اعتبرت انها تمس ببعض مبادئ الاسلام، من هذه الاعمال بحسب مصادر من العارضين تمثال للبناني نديم كرم على شكل رجل عار في حين يظهر عضوه الذكري، بالاضافة إلى آخر للفنان الايراني خورو حسن زاده اعتبر مسيئا للامام علي، وذكرت مصادر من بين العارضين ايضا ان الرقابة منعت عملين مرتبطين بالربيع العربي، الاول للفنان الليبي شادي الزقزوق يظهر متظاهرة تحمل بيديها ثيابا داخلية لرجل وقد مهرت بعبارة "إرحل"، كما منعت عملا ثانيا للفنان المغربي زكريا رمحاني تظهر فيه صورة الفتاة التي تمت تعريتها وسحلها من قبل الجيش خلال تظاهرة في مصر، لكن الرقابة ظلت ظاهرة هامشية في هذا المعرض، وقد قدم الفنان السوري ثائر هلال عملا قام فيه بصف تماثيل صغيرة من الجنود هي كناية عن لعب للصغار، على لوحة ضخمة، وقال هلال ان عمله متصل بما يجري حاليا من سوريا، وشرح "لقد تربينا على فكرة الجيش الوطني الذي يحمي الشعب. والآن مع ما يحصل نتساءل هل هذا هو الجيش كما كنا نراه في ذهننا او هو يقتل الناس. هل هو حائط امامنا؟"، وتابع "هل الجيش في بلدي كناية عن دمى وهل ما زال يدفع الاطفال الى اللعب والحلم؟ كل هذه التساؤلات احملها في هذا العمل الذي اقدمه هنا في دبي"، واشار الى انه لن يتمكن من العودة إلى سوريا "للاسف"، خصوصا بعد التغطية الاعلامية لعمله على حد قوله، من جانبه، قدم الفنان العراقي المقيم في هولندا صادق الفراجي عملا هو كناية عن رسوم متحركة على 16 جهاز تلفزيون صغير تشكل لوحة واحد، تحت عنوان "سيزيس ينزل للتظاهر"، استوحى الفنان عمله من الشخصة الميثولوجية سيزيس الذي لعن بالعذاب الابدي من خلال دفع حجر الى اعلى الجبل، وما ان يصل الى الاعلى حتى يتدحرج الحجر ويبدأ سيزيس من جديد، وتظهر الشاشات سيزيس في وضعيات مختلفة تظهر جهاده المستمر، الا ان سيزيس يقرر في عمل الفراجي ان يحتج فيتظاهر و"يصرخ في وجه القدر". بحسب فرانس برس.

وقال الفراجي ان سيزيس "هو مثال العذاب الانساني واعتبرت ان جميع المتظاهرين في الربيع العربي نموذج للعذاب الوجودي"، واضاف "ببساطة شديدة، هناك انسان تعذب لدرجة عدم الاحتمال، فخرج ليصرخ"، ويعرض العمل مع خلفية صوتية لهتافات متظاهرين من دون ان يظهر أي شعار محدد من أية قضية محددة، وقال الفراجي ان العمل "مزج الشعارات وابقى الصراخ الانساني"، متسائلا "هل سيزول العذاب او العذاب هو قدر الانسان؟ فالوعي مرتبط مباشرة بالعذاب"، اما السوري عمار البيك فعاد في عملين قدمهمها الى "مجزرة الحمير" في ريف منطقة حمص، وهي حادثة تم فيها قتل عدد كبير من الحمير من قبل مناصرين للنظام السوري بحسب روايات متطابقة، والعمل الاول هو كناية عن رسم لحمار، هو في الواقع شاشة تعرض وميضا، اما العمل الثاني، فهو لوحة مؤلفة من صفوف من الات التحكم عن بعد تتوسطها شاشة تعرض صور "مجزرة الحمير" التي تم تناقلها بشكل واسع عبر الانترنت، باعت غاليري "الايام" العملين بسرعة قياسية ورفعا من المعرض، وقدم الفنان المصري محمد عبلة عملا ضخما قام فيه بلصق صحف تحمل اخبارا من الثورة المصرية وتتخلها لوحات ذات طابع تقليدي لشخصيات من المجتمع المصري.

فن ألعاب الفيديو

على صعيد مختلف هل يجوز اعتبار ألعاب الفيديو من الفنون؟ يجيب عن هذا السؤال بالإيجاب، القيمون على معرض افتتح منذ فترة وجيزة في متحف "أميريكان آرت ميوزيم" في واشنطن لتسليط الضوء على الحس الإبداعي الذي تتحلى به هذه الألعاب ومصمموها في قطاع يتوسع، يحمل هذا المعرض عنوان "فن ألعاب الفيديو" ويستعرض 40 عاما من حياة هذه الالعاب الترفيهية التي انتقلت من كونها ألعابا يلهو بها محبوها في أماكن مخصصة إلى ترفيه يمارس في البيوت، وذلك من خلال رسومات وعمليات تفاعلية وقصص، وقال كريس ميليسينوس القيم على هذا المعرض لوكالة فرانس برس "هذا ليس المعرض الاول الذي يستخدم ألعاب الفيديو لكنه من دون شك المعرض الأول الذي يقدمها على أنها نوع من أنواع الفنون".

وميليسينوس يهوى منذ كان طفلا في نيويورك، هذه الألعاب. فأضاف "لا يتمحور هذا المعرض على التفنن في العاب الفيديو بل على العاب الفيديو كفن قائم بحد ذاته، تحت أضواء حمراء وزرقاء وإلى جانب تجهيز فيديوي من تصميم الفنان نام يون بايك، يقدم المعرض 80 لعبة كانت قد أعدت لعشرين نظاما مختلفا، من جهاز "أتاري في سي اس" في السبعينات إلى النسخة الثالثة من جهاز "بلايستايشن" اليوم.. "وكل واحد منها يرمز إلى جيل معين"، على حد قول القيم على هذا المعرض ،وتظهر على الشاشات خمسة ألعاب مع مقابضها الأصلية هي "باك مان" و"سوبر ماريو براذيرز" و"مانكي آيلاند" و"ميست" و"فلاوير". ويستطيع الزائر اللعب بها، بما أن الصور تعرض على الجدران، وقد وضعت الاجهزة القديمة التي بقيت طويلا طي النسيان، من قبيل جهاز "كوليكوفيجن" مع لعبة "دانكي كونغ" وجهاز "كومودور 64" مع لعبة "ريفنج أوف ذي ميوتنت كاميلز"، في علب زجاجية كأنها كنوز أثرية ثمينة من أزمنة غابرة، وقال كريس كوهلير رئيس تحرير مجلة "وايرد" التي قدمت المشورة للقيمين على هذا المعرض، "يتعرف اللاعبون على الألعاب الخاصة بكل فترة زمنية، أما الآخرين فسيدركون أنها من الفنون ويتعرفون على كيفية تطورها"، ويعرض الموقع الإلكتروني التابع للمتحف أشرطة فيديو عن مقابلات مع متخصصين معروفين في هذا المجال، فيخبر جينوفا تشان في أحد تلك الأشرطة كيف استلهم من ريف كاليفورنيا لعبة "فلاوير" التي ينتقل فيها اللاعب في مشاهد تشبه رسومات فان غوخ ليقطف الأزهار، ويقول "نشأت في شنغهاي ولم أر يوما تلالا. وعندما قدمت إلى كاليفورنيا، رأيت المزارع والطواحين فرغبت في نقل هذه المشاهد التي أثرت بي كثيرا". بحسب فرانس برس.

وفي مقابلة أخرى، تكشفت المصممة جينيفر ماكلين أن "الألعاب لا تقتصر على نقل الشخصيات من جهة إلى أخرى"، مشيرة إلى أن غالبية مصممي الألعاب هم من النساء اللواتي تخطين الخامسة والثلاثين من العمر، وتختم قائلة "أريد أن أحسن حياة الافراد من خلال إرشادهم على تطوير أحاسيس أكثر والحب بشكل أكبر والشعور بالعالم المحيط بهم"، وقد نشر دليل عن هذا المعرض الذي أطلقت فعالياته بالتزامن مع مهرجان "غييمفيست!"، فتتخله ألعاب ومؤتمرات حول الموضوع على مدى يومين، على أن ينظم لاحقا ولغاية أواخر أيلول/سبتمبر في عشر مدن أميركية.

معرض عام للفن الحديث

وعلى خريطة كبيرة مرسومة في الأرض داخل معرض للفنون في جدة يضع الفنان السعودي حمزة الصيرفي علامة صفراء مكتوب عليها "تحذير .. ثورة" في موقع مصر بالخريطة ثم يتحول صوب موقع السعودية، لافتة مكتوب عليها "تطور لا ثورة" هي التي سيضعها الصيرفي فوق موقع السعودية على الخريطة، المعرض يحمل شعار "يجب أن نتحدث عن الحاضر" ويقول منظموه انه أول معرض عام للفن الحديث يفتح أبوابه في المملكة، ويختبر الصيرفي حدود حرية التعبير في بلده المحافظ بتناول التغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة العام الماضي في عمله، ووصف أحد المنظمين أسلوب الصيرفي في تسليط الضوء في عمله على المشاكل والصراعات في العالم. وقال الشاب نادر الذي شارك في تنظيم المعرض "اللوحة هذه تعبر عن.. الفنان حمزة الصيرفي مسميها فرشة العالم.. أنه فيه ناس بتستخدم الارض بطريقة خاطئة وكل ما استخدمناها بطريقة خاطئة تظهر لنا تحذيرات. طبعا في استراليا تظهر لنا طريقة الطاقة تشكل زيادة عن اللزوم. فيه مشاكل في روسيا من انتخابات ومشاكل. في الوطن العربي عندك المظاهرات واعادة الانتخابات اللي (التي) حصلت حاليا والمظاهرات. في السعودية بيتكلم أنه يجب أن نتحاور عشان (لكي) يكون فيه تطور بشكل ايجابي أحسن ما يكون.. بدون مظاهرات وبدون مشاكل.. بطريقة ايجابية وبحوار مفيد. في أفريقيا بيتكلموا عن النفايات السامة اللي بيدفنوها فيها. بتكلموا عن أمريكا.. أمريكا الجنوبية.. عن العصابات والمخدرات والمشاكل زي (مثل) المافيا.. بتكلموا عنها، فلا تزال لجنة مرتبطة بالحكومة تراجع أي عمل فني تشكيلي أو مرئي قبل نشره، وأبدت مرشدة في المعرض اعجابها بعمل فني يعبر عن وضع المرأة. بحسب رويترز.

ويقول الفنانون السعوديون انهم يبحثون طوال الوقت عن طرق للالتفاف على الرقابة الصارمة التي تفرضها المملكة على كل المصنفات الفنية، يضم المعرض عملا فنيا بعنوان "غذاء الفكر" عبارة عن صواني مليئة بمئات الشرائط الصوتية المسجلة عليها خطب دينية كانت توزع في السعودية في الثمانينات. ورصت الشرائط بحيث اكون كلمتي "حرام" و"باطل"، عمل اخر يضمه المعرض للفنان أحمد العنقاوي يتكون من مئات الميكروفونات ويحمل عنوان "تبض الشارع". وكان الفنان قد وضع الميكروفونات في شوارع جدة ليسجل من خلالها المارة ما يشاؤون. ويستطيع الزائر للمعرض أن يسجل كلمة من خلال العمل الفني وأن يستمع الى ما سجله الاخرون، وذكر العنقاوي أنه لم يستطع الاحتفاظ بكل الكلام الذي سجله الناس وقال انه واجه صعوبة في تحقيق التوازن بين حرية التعبير ومقتضيات مجتمع ديني محافظ، وسقدم المعرض أعمال الفنانين السعوديين للناس في أنحاء العالم منذ عام 2008 حيث أقيم في العديد المدن منها لندن ودبي والبندقية واسطنبول وبرلين، ويضم المعرض أكثر من 50 عملا فنيا لاثنين وعشرين فنانا سعوديا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/نيسان/2012 - 1/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م