حكومة إسرائيلية.. عاقر، وإنذارات فلسطينية تحت السيطرة !

د. عادل محمد عايش الأسطل

أخيراً، وبعد انتظار دام طويلاً، وصلت الرسالة الرئاسية الفلسطينية، ليد رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" وانتهى أيضاً ذلك اللقاء المرتقب، في أعقاب عملية التسليم بمدينة القدس، الذي ضم بين كلٍ من كبير المفاوضين الفلسطينيين، د. "صائب عريقات"، واللواء "ماجد فرج" مدير المخابرات الفلسطينية، و"نتانياهو" ومبعوثه الشخصي المحامي "إسحق مولخو".

وكان صدر في نهاية اللقاء، إعلاناً "مهماً" وهو الذي اعتاد عليه الطرفان من حيث أنهما " يلتزمان بتحقيق السلام"، ويأملان بأن يساعد تبادل هذه الرسائل بحروفها القليلة، على إيجاد الطريق لدفع السلام، والعثور على وسيلة لتعزيزه. وكان ألمح "نتانياهو" بأنه عازمٌ على الرد على الرسالة، ولكن بعد أسبوعين من تاريخ تسلمها، وذلك بغية دراستها، وعرضها خلال جلسة الثمانية، التي مهمتها التعامل مع مثل هذه الرسائل، بالرغم من أن رد الفعل الإسرائيلي، كان معلوماً ومفهوماً، من غير كتابة إلى حد كبير، حتى قبل فحص الفلسطينيين، تلك الرسالة التي ستصلهم فيما بعد.

 لاسيما وأن مصادر قريبة من "نتانياهو" كانت ألمحت، بأنه يستشف من الرسالة الفلسطينية، تهديدات مبطنة، وخاصةً في شأن أن تتولد الخشية، حول عدم قابلية السلطة الفلسطينية، لأدائها أعمالها المنوطة بها، وسواءً كان سياسية أو أمنية أو اقتصادية، لا سيما وأن الرئيس "عباس" ألمح، بأن هناك العديد من الأسباب، التي تساهم في إضعافها، وأيضاً فإن هناك خشية، من أن تكون وقعت على الأذن الفلسطينية، ما تضمنته الرسالة الخاصة، التي كان أرسلها الوزير السابق وأحد مهندسي اتفاق "أوسلو" يوسي بيلين" حيث جاءت إسناداً لخيار، نادت به السلطة في وقتً سابق، يحثه فيها على تفكيك السلطة، بعد تعداده مزاياها، كخيار أمثل ضد حكومة "نتانياهو" حيث أعرب الرئيس "عباس" عن تقديره لها، ولكنه في نفس الوقت أكد بأن حل السلطة غير وارد.

وكانت إسرائيل دوماً، تشكك في أقوال الرئيس "عباس" وفي نيّته بعدم لجوئه إلى تفكيك السلطة، فهو وإن لم يذهب في ذلك مباشرةً، فإنه سيسمح لها بأن تنهار من تلقاء نفسها، باعتماده آليات تسهل انهيارها، حيث سيواجه الفلسطينيون وحدهم، تبعات وخيمة، لا يمكن تقدير أضرارها بسهولة.

وبالمقابل فإن هناك في إسرائيل، من يقول بأن الرئيس "أبو مازن" سوف يسعى في محاولة لتعزيز السلطة الفلسطينية، وفقاً لعوامل سياسية، ولكنهم لا يعرفون بالضبط، ما التكتيكات التي يتم اختيارها في هذا الصدد، ولكن هناك أمور تحدث، ويتم إجراء تقييم بشأن الإجراءات اللازمة لتعزيز السلطة على حساب إسرائيل.

ولذلك وفي كلا الحالين، فقد أصرّ "نتانياهو" بأنه لا يتوجب على الفلسطينيين توقع مفاجآت لصالحهم، ضمن الرسالة المنوي إرسالها، لأنها ستتضمن "فقط" الخطوط العريضة للموقف الإسرائيلي، وأهمها الذي كان كُتِب بالفعل وإن "بالحبر السري"، وهو واحد من الخطوط المثيرة للاهتمام، والمتمثل في ضرورة الاعتراف الفلسطيني "بيهودية الدولة" باعتبارها الوطن القومي للشعب اليهودي، وحتى نهاية العملية السياسية، الذي وإن كان تخلف عنه "نتانياهو" بأنه لا توجد نيّة لتقديم أي شروط مسبقة، بغية بدء المفاوضات المباشرة، فإنه سيعاود الكرّة إذا لم يكن الآن، أي في الرسالة، فيما بعد ولن يكون بعيداً، لاسيما وأن هذا المطلب يمثل عنصراً هاماً، يرتبط بمصير الدولة وبالشعب اليهودي ككل.

وهذا من وجهة النظر الإسرائيلية، أمر واجب التطبيق، حتى من قِبل الخصم "لنتانياهو" الزعيم الجديد لحزب كاديما "شاؤول موفاز" الذي نادى بإعطاء الفلسطينيين 100% من متطلباتهم، سيكون له نفس المطلب، ولا يعني ذلك وغيره بالضرورة، تجاهل حقيقة أن الفلسطينيين لديهم مقترحات مطروحة للبحث على الطاولة، بغض النظر عن حديثهم للتوجهات الانفرادية، والتي تأتي تحت عناوين، إجراءات أحادية الجانب، أو فيما يتعلق بانهيار السلطة بسببٍ أو بآخر.

وكي لا يفوته الفوت، فقد سارع وزير الخارجية الإسرائيلي "أفيغدور ليبرمان، ليوجه انتقاداته للرئيس الفلسطيني، وملقياً باللائمة عليه، كونه – حسب رأيه- لا يبالي بالعملية السلمية وإحلال السلام، وما يريده فقط، هو تكثير الشروط، واتهام إسرائيل بإثارة المتاعب، وإعادة سيناريو التهديدات، سواء باللجوء إلى تفكيك السلطة أو اللجوء إلى مجلس الأمن.

وحذر من محاولة إقدام الرئيس"عباس" إلى رمي المفاتيح، لدى الطرف الإسرائيلي، بغية قلب المجتمع الدولي ضد إسرائيل، ومن أن أي تهديد، بما في ذلك التدابير الفلسطينية أحادية الجانب، هي لديه من الأمور الغير مقبولة، لأنه وبحسب اعتقاده، ينبغي مناقشة كل المسائل والقضايا، مباشرة خلال محادثات ثنائية، ودون شروط مسبقة.

وبناءً على ما سبق فإن جُل المعطيات الأولية والدلائل المتلاحقة، التي سيطرت على بيئة مركز اللقاء العامة، وحتى المدة السابقة أو اللاحقة له، لا تفيد بشيء ذا معنى، سواء من جهة التقدم في شأن العملية السلمية، أو حتى الطريق الموصلة إليها، وبات من المرجح أن الرسائل، الصادرة والواردة، التي يتم تبادلها بين الطرفين، ستكون من غير أثر يُذكر، على الصعيد السياسي بشكلٍ عام.

ومن ناحيةٍ أخرى فقد أشارت الوقائع وبقوة، إلى مجموعة من التباينات الواضحة، من حيث النوايا والأفكار، وما هو مطلوب كل من الآخر، ومن جهةٍ أخرى الحالة المشككة، التي بدا عليها كل طرف باتجاه الآخر، حيث تبيّن ذلك بوضوح، وذلك في أعقاب التصريحات الإسرائيلية، المتعنتة التي تختص بمواصلة السلام، سواء كان ذلك ضد الاتفاقيات الموقعة والتفاهمات، والمرجعيات الدولية، أو فيما يختص بالتحدي، في تنشيط وتيرة العمليات الاستيطانية، وخاصةً فيما يتعلق بتشريع بؤر استيطانية "قانونياً"، عندما أصر الرئيس "أبو مازن" على اللجوء إلى الإجراءات القانونية ضد إسرائيل، في حال لم يفٍ "نتانياهو" بالمتطلبات الفلسطينية الأربعة "المعروفة"، التي تضمنتها رسالته، أيضاً كان جدد د. "عريقات" التأكيد على خطة تحرك دبلوماسية فلسطينية، في حال تلقّت القيادة رداً إسرائيلياً سلبياً وغير مرغوبٍ فيه، على الرسالة الرئاسية. وهنا، ومن وجهة النظر الإسرائيلية، ستظهر المشكلات من جديد، لكن على ما يبدو فإن "نتانياهو" الذي يرأس حكومة يمينية "عاقراً" ليس لديها شيئاً تقدمه لأجل السلام، وبالتالي لم يعد يبالي من مثل تلك الأمور، التي ينذر بها ويحذر منها الفلسطينيون، لأنها تبدو لديه ثانوية وتحت السيطرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/نيسان/2012 - 30/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م