شبكة النبأ: تترقب دوائر القرار
الغربي والكثير من المجتمع الدولي بحذر، ما ستؤول اليه الاحداث في بلاد
الحرمين مع اقتراب الملك السعودي من الموت، سيما مع اتساع دائرة
النزاعات داخل العائلة المالكة من جهة وتنامي دور الجماعات الدينية
المطرفة من جهة أخرى والتي باتت تطالب بسلطة أكبر في حكم البلاد.
وكما لعب الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح دورا في تعزيز المخاوف من
انقسام تلك الدولة وتفتتها، وظهور امارات صغيرة تتقاسم حكم حسب
الجغرافيا والقوة التي سوف تطالها بعد انهيار السلطة المركزية المرتقب.
فالاعتقاد السائد بان الملك الحالي، البالغ من العمر 88 عاما، لن
يستمر طويلا في العرش، وسيكون الاستنتاج ان الامير نايف هو الذي سيتولى
العرش، لكنه هل يستمر على الحالة التي وسمت حال المُلك في السعودية
خلال العقدين الماضين، وهي الافتقار للحركة والنشاط والديناميكية.
وكان الملك عبد الله قد شكل ما عرف بـ "هيئة البيعة" بمرسوم ملكي في
أكتوبر/ تشرين الاول من عام 2006، اوكل اليها مهمة التأكد من اهلية
الملك وولي عهده لادارة الحكم. وبموجب القرار يعرض الملك على "هيئة
البيعة" اسما او اسمين او ثلاثة اسماء لمنصب ولي العهد.
ويمكن للجنة أن ترفض هذه الأسماء وتعين مرشحا لم يقترحه الملك. وفي
حال لم يحصل مرشح الهيئة على موافقة الملك فان "هيئة البيعة" تحسم
الأمر بأغلبية الأصوات من خلال عملية تصويت يشارك فيها مرشحها ومرشح
يعينه الملك في غضون شهر.
الا ان هيئة البيعة ينظر اليها على انها ستضع ختمها على قرارات
الملك من دون مناقشة، ولن تدخل في جدل حول من سيخلف الامير سلمان في
اخذ دوره في طابور المنتظرين من باقي الامراء. وخلف الكواليس سيكون
القرار عائدا الى الامير سلمان، كما هو حال التقاليد الملكية في البلاد.
وبعد الامير سلمان هناك مجموعة من الامراء المرشحين ينتمون الى جيل
جديد ربما سيكونون قريبين من الترشح لاخذ دورهم، لكن هؤلاء ليسوا
راسخين على الارض. اما من يفضلهم الملك عبد الله حاليا قد لن يجدوا
حظوظهم كبيرة بعد رحيله.
الثورة المحتملة
من جانبها حاولت «مؤسسة هيريتدج» اليمينية الأميركية، وضع "الخطط
لما بعد انهيار إنتاج النفط السعودي"، واقترحت على الإدارة الأميركية
بعض "إجراءات الطوارئ" في حال وقوع "ما لا يمكن تصوّره"، مشيرة إلى أن
روسيا وإيران ستسعدان لاستغلال الأزمة وإحكام نفوذهما على العالم، فيما
يتضاءل النفوذ الأميركي، وخصوصاً في الشرق الأوسط.
ووصف الباحثون في "هيريتدج"، أرييل كوهين وديفيد كروتزر وجيمس
فيليبس وميكاييلا بنديكوفا، في تقريرهم الذي يقع في ثماني صفحات، هذا
السيناريو بأنه "أكثر خطراً من إغلاق إيران مضيق هرمز"، الذي سيسبب
ارتفاعاً في أسعار النفط، لكن "على مدى قصير"، إذا ما تمكنت الضربة
العسكرية ضد طهران سريعاً "من إعادة ترميم الممرات البحرية".
واستندت "هيريتدج" إلى تجارب محاكاة كانت قد أجرتها في 2006 و2008
و2010 «لتقويم الأثر الاستراتيجي والاقتصادي على إمدادات النفط في حال
تعرُّض ايران لضربة عسكرية».
لكن هذه المرة درست حالة إصابة إنتاج النفط السعودي في العمق، إن
طالت الثورة المملكة، «ما قد يسبّب توقف إنتاج النفط بالكامل لمدة عام،
وانخفاض الإنتاج بنحو 8.4 ملايين برميل يومياً، يليه عامان من التعافي».
وكالة الجزيرة العربية للأنباء.
ومن بين إجراءات «الطوارئ»، يقترح الباحثون على واشنطن «إطلاق بعض
الاحتياطات النفطية الاستراتيجية بالتنسيق مع الدول الأخرى»، إضافة إلى
«استغلال موارد شركة أميركا الشمالية للطاقة»، و«ترشيد الاستهلاك
المحلي للطاقة للحدّ من تبعات الأزمة وتسهيل عملية التعافي».
وخلص معِدّو التقرير إلى ضرورة «استخدام واشنطن نفوذها ومواردها
لمساندة الحلفاء والأصدقاء خلال الأزمة». وبحسب المصدر نفسه، سيتعين
على الولايات المتحدة أن تضع في الحسبان، احتمال نشر قوات عسكرية في
السعودية ودول خليجية أخرى، «بناءً على طلب هذه الدول».
ويبدو السيناريو الذي رسمه الباحثون لـ «الثورة» السعودية أقرب إلى
فيلم سينمائي، إذ يبدأ بمطالب حقوقية لليبراليين، قبل أن ينضم إلى
الثورة رجال الدين «الراديكاليين» من السنّة والشيعة.
تردّ الرياض بيد من حديد، وتطلق النيران على الشيعة في المحافظة
الشرقية الغنية بالنفط، فيستولي هؤلاء على المنشآت النفطية. فتتدخل
إيران وتزوِّد الشيعة بالسلاح والمال والتدريب والدعاية.
عندها يسقط آل سعود، بحسب السيناريو، ويفر الأمراء من البلاد أو
يُعتقلون أو يُقتلون. على أثر ذلك، يقوم ائتلاف من الوهّابيين والعناصر
المرتبطة بتنظيم «القاعدة» بالاستيلاء على الحكم، ويطردون كل العمال
غير المسلمين.
ويتابع رجال «مؤسسة هيريتدج» تصوّراتهم، فيعتقدون أن النظام
الإسلامي الجديد سيتردّد في بيع الذهب الأسود للأميركيين والأوروبيين،
مفضّلين بيعه للصينيين. وبطبيعة الحال، يعود الإنتاج، لكن مخفوضاً إلى
4 أو 5 ملايين برميل يومياً، وهو المستوى الذي بلغه الإنتاج الإيراني
بعد سقوط الشاه.
وبحسب التقرير نفسه، سيكون لهذه «الثورة السعودية» تبعات اقتصادية
على الولايات المتحدة، إذ يُتوقع أن «ترتفع أسعار الوقود إلى أكثر من
6.5 دولارات للغالون الواحد»، فضلاً عن «ارتفاع أسعار النفط من 100 إلى
أكثر من 220 دولاراً للبرميل».
وبعد عرض ما سيتعين على الحلفاء والخصوم القيام به لمواجهة تداعيات
مثل هذا السيناريو، يقترح الباحثون، إذا قررت واشنطن أنّ «التدخل
العسكري حتمي لحماية مصالحها»، دعم السلطات المدنية، وشن عمليات
لمكافحة الإرهاب، وضمان بقاء مضيق هرمز مفتوحاً، وردع إيران عن سد
الفراغ في السلطة السعودية، وضمان عدم استيلاء نظام إسلامي راديكالي
معادٍ على البنى التحتية النفطية في المملكة أو الخليج عموماً.
نصيحة أخرى مفادها أنّ على واشنطن أن «تستعد لاحتمال فقدان القدرة
على الوصول إلى قواعدها في المنطقة»، بالتالي عليها «تعزيز دفاعاتها
الباليستية لمواجهة تهديدات صاروخية محتملة تمثلها إيران أو أنظمة أخرى».
ارباك السلطة
وكثيرا ما تبرز تداعيات الانهيار كما يرى المراقبون من خلال
التصريحات المرتبكة التي يطلقها بعض افراد العائلة، وكان ولي العهد
السعودي نايف بن عبد العزيز دعا ما وصفهم بقادة الامة الاسلامية
وشعوبها الى اختيار "طريق الوحدة لا الفوضى" محذرا من "تصدع البيت
الاسلامي الكبير".
ونقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية عن نايف قوله خلال لقائه كبار
المسؤولين الاجانب ورؤساء البعثات الرسمية الى الحج "اناشد قادة الامة
الاسلامية وشعوبها ان يتصدوا لدورهم التاريخي في زمن تقاطعت فيه الطرق
وتشابهت في ظاهرها واختلفت في باطنها". واضاف "ليكن الوعي سبيلنا بعد
الله لنختار طريق الوحدة والهدف لا الفوضى".
ويشير الامير نايف على ما يبدو الى حركات الاحتجاج والعنف في بعض
الدول العربية، وخصوصا سوريا واليمن.
ودعا الى "الادراك بأن عوامل الخلاف والفرقة والتصدع في البيت
الاسلامي الكبير لن يحمل في طياته غير الشتات والفوضى والضعف ولن
يستفيد من ذلك غير اعداء الامة الذين تربصوا بها ولا زالوا". واعتبر
ولي العهد ان "ما تمر به امتنا الاسلامية من تحديات متسارعة يستدعي منا
جميعا ان نعي مخاطر المستقبل".
وشكلت السياسة الطائفية والعنصرية للعائلة الحاكمة منذ بداية
هيمنتها على السلطة محورا رئيسيا لتنامي الصراع الاجتماعية والطبقية
بين افراد المجتمع هناك. فيما كان للفساد المستشري واتئثار الامراء
بالثروة أثره في تنامي الضغينة لدى السكان.
حيث كشف عن قيام شركة انظمة اتصالات تقوم بتحديث انظمة الاتصالات
الفضائية والانترنت للحرس الوطني السعودي، الذي يعرف بالجيش الابيض،
والقصور الملكية بدفع رشاوى تزيد عن 11 مليون جنيه استرليني لشركتين في
جزر كانيان، حولت الى حسابات خاصة في سويسرا، كي تسهل عملها في المشروع
الذي تبلغ قيمته ملياري دولار ومدته عشرة اعوام.
وتم تهديد الشخص الذي كشف التجاوزات المالية في تحويلات شركة جي بي
تي وهي واحدة من شركات متعددة، وفرع لشركة 'اي اي دي اس' ومقرها
هولندا، وتعتبر من اكبر الشركات في اوروبا في مجال انتاج انظمة الدفاع
الجوي.
واضطر ايان فوكسلي للهرب من السعودية وابلغ دائرة مكافحة الرشاوى في
وزارة الدفاع التي حولت الملف الى مكتب الاحتيالات الخطيرة.
وتم الكشف عن الرشاوى للعائلة المالكة في السعودية بعد ان لاحق مكتب
الاحتيالات تحويل اموال من شركة دفاع بريطانية الى حسابات سعوديين في
سويسرا.
واظهرت رسائل الكترونية اطلعت عليها صحيفة 'صاندي تايمز' التي كشفت
عن الفضيحة ان موظفين في الشركة عبروا عن قلقهم لمديريهم في الشركة
وقالوا ان تحويل اموال الى شركة خارجية يعتبر غير قانوني.
وتذكر الفضيحة بالفضيحة التي اوقفها رئيس الوزراء السابق توني بلير
بناء على المصالح القومية، واستجابة للضغوط السعودية التي هددت بوقف
العقد الذي يقدر بستين مليارا لتزويد المملكة بطائرات عسكرية، وتركزت
حول رشاوى دفعتها شركة لامير سعودي.
ودعم شخص اخر اتهامات فوكسلي الذي ابلغ في وقت مبكر 2008 قائلا ان
تحويلات مالية لشركات وراء البحار تعتبر غير قانونية. وبحسب رسالة
الكترونية اخرى فقد تلقى هذا الشخص تحذيرا من زميل له طالبه بالسكوت
وحذره من ان الشركة قد تخسر 34 مليار دولار امريكي عن عقد انتاج 170
عربة مصفحة مع الولايات المتحدة وذكره بان شركة 'بي اي اي' واجهت مصاعب
مع السعوديين ولكن الملف اغلق لحماية الامن القومي كما قال بلير.
وحذره بالقول ان الوضع مع اي اي دي اس مختلف فهي متعددة ومملوكة من
جهات اجنبية وفي حالة شمت الولايات المتحدة رائحة تجاوزات فهذا يعني
نهاية فرع الشركة في امريكا وهذا لن يكون جيدا على مناقصة الـ170 عربة
مصفحة.
ونقل عن مسؤول في الحكومة قوله ان مكتب الاحتيالات الخطيرة كشف عن
شبكة معقدة من حركة الاموال الى البنوك السويسرية ولحساب واحد من
الامراء، واضاف ان التحقيق يتسم بحساسية شديدة. وتقول الصحيفة ان
المكتب سيقرر ان كان سيواصل تحقيقه وان الامر مرهون بقرار النائب العام
الذي سيقرر ان كان الضرر للعلاقات مع السعوديين في الصالح القومي ام
لا.
وجاء في التحقيق ان العقيد فوكسلي وهو محارب سابق عمل في البوسنة
وشمال ايرلندا، وكان يعمل في الرياض واجبر في كانون الثاني (يناير)
العام الماضي على الهروب بعد كشفه الفضيحة. وكان فوكسلي قبل ان يهرب
مديرا للمشروع السري لتحديث انظمة الاتصالات للقصور الملكية وللحرس
الوطني.
ويشمل العقد على تحديث نظام الانترنت وتزويد الحرس الوطني والقصور
بانظمة تقوم باعتراض الرسائل وكشف المخاطر الداخلية والخارجية والهجمات
التي تشكل تهديدا على المملكة. ونظام خاص للموجات الهوائية التي تساعد
العائلة المالكة وهي تقوم برحلات الصيد التي تستمر لاشهر.
ولكن فوكسلي اكتشف تحويل مبالغ الى شركات وراء البحار في جزر
كانيان، بدون اية توضيح وتوصل الى انها رشاوى لمسؤولين سعوديين كي
تواصل الشركة عملها في الرياض بدون مشاكل.
واعتقد فوكسلي ان هناك امورا غير صحيحة في الشركة ولهذا سارع وبلغ
مسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية يعملون في الرياض، ولما رجع الى
مقر الشركة في برج الفيصلية ووجه من قبل المدير التنفيذي للشركة بانه
قام بتسريب اسرار الشركة وهدد بالاعتقال والسجن، وعندها نصحته وزارة
الدفاع البريطانية بمغادرة البلاد حالا.
وحال وصوله بريطانيا ذهب في صباح اليوم التالي الى فرقة التحقيق في
الرشاوى بوزارة الدفاع وبلغ عن القضية وقامت الفرقة بتحويل الامر لمكتب
الاحتيالات الخطيرة.
وتقول الصحيفة ان التحقيق في بداياته ونقل عن مصدر قوله ان 'اتهامات
قدمت ويتم التحقيق فيها' ولكن مجرد الحديث عن رشاوى اثار مخاوف داخل
الحكومة التي بلغت بانعكاسات الامر على العلاقات الدبلوماسية وتم اخطار
النائب العام بالقضية.
وبحسب الصحيفة فان القضية الحالية تختلف عن الفضيحة التي طالت شركة
بي اي اي البريطانية واغلق ملف التحقيق فيها عام 2006 بعد ان قامت
الحكومة السعودية بابتزاز الحكومة البريطانية وتهديدها، مشيرة الى ان
شركة اي اي دي اس مملوكة من جهات اجنبية ولن يستجيب النائب العام
للضغوط.
وتظهر الوثائق التي قدمها فوكسلي الى مكتب الاحتيالات الخطيرة ان جي
بي تي حولت في الفترة ما بين 2007 2010 مبلغ 11.378.000 جنيه لشركة '
سيمك' الدولية في جزر كانيان، وهناك مبلغ اخر تم تحويله لشركة درانتون
في الجزر نفسها وقيمته 142 الف جنيه ووصف بانه لقاء خدمات. وتعتبر
الاتهامات محرجة للشركة التي توظف 120 الف شخص وتملك شركات اخرى مثل
ايرباص.
وتشير الارقام الرسمية الى ان نسبة البطالة في السعودية تصل الى
10%، الا ان هذه النسبة ترتفع الى حوالى 30% بين النساء اللواتي يتعذر
عليهن العمل في قطاعات كثيرة بحكم منع الاختلاط بين الجنسين في المملكة
المحافظة. وبلغ عدد السكان العام الماضي 27 مليون نسمة بينهم ثمانية
ملايين من الوافدين.
وكان تقرير لصحيفة "الاقتصادية" ذكر أن محمد ناصر أبو شريفة حرس
مقبرة منفوحة (وسط الرياض) "اضطر لقبول العمل بألفي ريال مقابل بقائه
في مكان مغطى بسقف خشبي ويفتقد جميع مكونات الحياة الكريمة، لكنه خسر
في المقابل تعليم أبنائه الذين تركوا المدرسة". وأضافت أن العائلة
تستنشق هواء ملوثا بمياه الصرف الصحي.
ونقلت عن أبو شريفة قوله "اضطررت للبقاء في هذا المكان حتى لا أخسر
دخلي الوحيد الذي أتقاضاه من أمانة مدينة الرياض والبالغ ألفي ريال،
لكنني خسرت في المقابل تعليم أبنائي الذين ترك أغلبهم المدرسة نظرا
لتأثر نفسياتهم بالكلام الذي يسمعونه من زملائهم كونهم يسكنون داخل
المقبرة".
وكانت تقارير صحافية ذكرت أن أسرة سعودية مكونة من 18 شخصاً مُجبرة
على "الصيام" بسبب الفقر في المجاردة بجنوب المملكة. ويفيد التقرير
السنوي لوزارة الشؤون الاجتماعية السعودية بأن 22% من سكان السعودية
فقراء، مشيرا إلى وجود 3 ملايين سعودي تحت خط الفقر. |