أزمة المياه وصراعات المستقبل... مؤشرات قوية لحروب استراتيجية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: مع التزايد السريع للطلب على المياه العذبة، يصبح المخزون المائي على الكرة الأرضية غير مستقر. فموارد المياه العذبة في العالم مهددة نتيجة لارتفاع الطلب عليها من جهات متعددة: وتحتاج الأعداد المتزايدة من السكان إلى المياه لأغراض تتعلق بمياه الشرب والنظافة والصحة العامة وإنتاج الغذاء والصناعة. ومن المتوقع في الوقت الحاضر أن يسهم التغير المناخي في زيادة فترات الجفاف. ناهيك عن النمو السكاني المتزايد الذي يؤدي إلى إحداث تغييرات في مدى توافر المياه، وكذلك الحال بالنسبة لاستخداماتها، على المستوى العالمي، إذ أخذت مصادر المياه العذبة في التقلص بشكل خطير.

وهذا ينذر بنشوب "حرب مياه"  في السنوات المقبلة من القرن الحالي، إذ سيزداد خطر الصراع على المياه، لانه من المحتمل ان يفوق الطلب العالمي على المياه الامدادات الحالية بنسبة 40 بالمئة بحلول عام 2030.

بينما تشهد الدول النامية تحسنا في الحصول على المياه تُنسب الى الصين ومعها الهند، إذ أن تقدمهما يمثل ما يقرب من نصف التقدم العالمي نحو هدف مياه الشرب.

في حين تأتي المنطقة العربية في صدارة الأقاليم المتضررة من أزمة المياه، فكثير من القراءات الاستراتيجية ترجح انفجار أكثر من أزمة وحرب خلال الأربعين عاما المقبلة، حيث ستفقد الارض العربية كل سمات الخصوبة بحلول العام 2025 بسبب تدهور الإمدادات المائية في الأنهار الرئيسية، كما أن ارتفاع منسوب البحار سيؤثر في حال وصوله إلى متر واحد بشكل مباشر على أكثر من 41 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الساحلية العربية، لاسيما مصر وتونس والمغرب والجزائر والكويت وقطر والبحرين والإمارات.

اذن في ظل أزمة المياه يبقى العالم بحاجة إلى تعاملات جديدة مع المياه، إذ تتحمل البلدان الصناعية جزءا من المسؤولية في هذه الازمة العالمية وذلك بسبب عادات الاستهلاك السلبية المتبعة فيها. لذلك ينصح الخبراء بهذا الشأن بسن الكثير من القوانين والتشريعات الحازمة للمحاولة في الحد من تلوث المياه، الى جانب بناء الحكومات محطات لتنقية المياه ومعالجتها من المخلفات والنفايات، كذلك وضع حد أعلى لتركيز الملوثات في المياه ليضمن حد أدنى لسلامتها. كل هذا الى جانب التوعية في وسائل الإعلام المختلفة وشبكة المعلومات الدولية ودور العبادة من أجل الحفاظ على المياه العذبة كي تلبي الحاجة الانسانية.

صراع عالمي

فقد قال تقرير للمخابرات الأمريكية إن امدادات المياه العذبة لن تواكب على الارجح الطلب العالمي بحلول عام،2040 الامر الذي ينذر بالمزيد من عدم الاستقرار السياسي ويعوق النمو الاقتصادي ويعرض أسواق الغذاء العالمية للخطر، وقال التقرير الصادر من مكتب مدير المخابرات القومية الأمريكية إن مناطق منها جنوب آسيا والشرق الاوسط وشمال أفريقيا ستواجه تحديات كبيرة في معالجة مشاكل المياه التي قد تعوق القدرة على انتاج الغذاء وتوليد الطاقة، وقال التقرير إن نشوب "حرب مياه" غير محتمل في السنوات العشر المقبلة لكن خطر الصراع سيزداد لانه من المحتمل ان يفوق الطلب العالمي على المياه الامدادات الحالية المستدامة منها بنسبة 40 بالمئة بحلول عام 2030، وقال مسؤول كبير في المخابرات الأمريكية للصحفيين "بعد عشر سنوات سنشهد تزايد الخطر... ذلك رهن بما تفعله كل دولة والاجراءات الفورية التي ستتخذ لحل قضايا ادارة المياه بين الدول، ورفض المسؤول مناقشة المخاطر على بلدان معينة لكن في الماضي ساهمت النزاعات على المياه في التوتر بين المتنافسين بما في ذلك الهند وباكستان واسرائيل والفلسطينيين وسوريا والعراق.

وقال التقرير الذي صاغته في الاساس وكالة مخابرات الدفاع بناء على تقديرات سرية للمخابرات القومية ان المياه في الاحواض المشتركة ستستخدمها الدول على نحو متزايد للضغط على جيرانها، واضاف التقرير "استخدام المياه كسلاح أو لاهداف ارهابية جديدة سيصبح أيضا أكثر احتمالا" مشيرا الى ان البنية التحتية للمياه المعرضة للهجوم هدف مغر، وطلبت وزارة الخارجية الامريكية التقرير كجزء من محاولة حكومة الرئيس الامريكي باراك أوباما لتقييم الى أي مدى قد تؤثر قضايا مثل تغير المناخ على الامن القومي الامريكي، ومن المتوقع أن تعلن وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون مبادرة جديدة للقطاعين الخاص والعام لمعالجة قضايا المياه، وقال التقرير انه خلال السنوات العشر المقبلة سيشكل الافراط في ضخ المياه الجوفية في بعض المناطق الزراعية خطرا على أسواق المواد الغذائية ويسبب اضطرابات اجتماعية ما لم تتخذ خطوات لتخفيف اثر ذلك مثل الري بالتنقيط والتكنولوجيا الزراعية المحسنة، وأضاف أنه حتى عام 2040 سيضر نقص المياه وتلوثها على الارجح بالاداء الاقتصادي لشركاء تجاريين للولايات المتحدة عن طريق الحد من استخدام وتطوير الطاقة المائية وهي مصدر مهم للكهرباء للبلدان النامية. بحسب رويترز.  

وصنف التقرير ادارة العديد من الاحواض المائية الرئيسية وقال ان المخاطر تبلغ أشدها بالنسبة لنهر براهمابوترا الذي يتدفق عبر الهند وبنجلاديش ولنهر أمو داريا في اسيا الوسطى، وقال إن المحركات الرئيسية لتزايد الطلب على المياه خلال السنوات العشر المقبلة سيكون النمو السكاني والتنمية الاقتصادية رغم أن اثار تغير المناخ ستلعب دورا متزايدا لا سيما بعد عام 2040، وتعتقد أجهزة المخابرات انه لا يوجد "حل سهل" تكنولوجيا في الافق لتحسين ادارة المياه لكن التقرير قال ان اهم خطوة لمعالجة هذه المشكلة ستكون استخداما أكثر كفاءة لاغراض الزراعة التي تستحوذ على 70 بالمئة من استخدامات المياه العذبة عالميا، وقال ايضا إن الولايات المتحدة التي تمتلك خبرة في مجال ادارة المياه في القطاعين العام والخاص يمكن أن تساعد على القيام بدور رائد في وضع سياسات لتحسين استخدام المياه في العالم والتعاون الدولي، وقال مسؤول المخابرات "الولايات المتحدة لديها فرص للقيام بدور قيادي لكننا نرى أيضا خطرا يتمثل في أنه اذا لم تبادر الولايات المتحدة بالاضطلاع بذلك الدور فان دولا أخرى ستقوم بذلك.

المنتدى العالمي للمياه

في سياق متصل تعهد مئة وثلاثون بلدا في المنتدى العالمي للمياه في مرسيليا (جنوب شرق فرنسا) بتسريع تطبيق القانون العالمي بالحصول على مياه الشرب والصرف الصحي الذي اعترفت به الامم المتحدة رسميا في تموز/يوليو 2010، وفي "اعلان مرسيليا الوزاري" الذي تبنته بالاجماع، شددت البلدان على "الاسراع في تطبيق هذا الحق الانساني". وفي المنتدى السابق الذي عقد في 2009 في اسطنبول، كان عدد من الوفود لا يزال يحتج على هذا الحق، وقال وزير التعاون الفرنسي هنري دي رينكور في تصريح صحافي "كنا في السابق نعتبر ان الحصول على المياه رهان بين رهانات اخرى. بحسب فرانس برس.

اما اليوم فيعلن الجميع ان ثمة ضرورة ملحة للتحرك، وقد اطلقت صفارة الانذار"، اما وزير الماء والبيئة البوليفي فيليب كويسبي كوانتا، فاحتج على الموافقة الاجماعية على نص الاعلان الوزاري الذي كان نتيجة تسوية، وقال في تصريح صحافي "لقد عبرنا عن اعتراضنا لدى صياغة الاعلان ولم يستمع الينا احد، ولن تطبق بوليفيا هذا الاعلان الوزاري". واضاف ان اخرين عبروا ايضا عن اعتراضهم ومنهم الاكوادور، من جانبه، ذكر السكرتير التنفيذي للمجلس الوزاري الافريقي للمياه، الغامبي باي-ماس تان، "بأن من المتعذر حصول تنمية اذا لم تتوافر المياه". وقال "سنجتمع الان مع كل الوفود الواحد تلو الاخر" للتأكد "من ان الحق في حصول الجميع على المياه قد وضع موضع التطبيق".

مياه اكثر امنا

من جهتها قالت الامم المتحدة ان الدول النامية حققت بالفعل هدفها لعام 2015 بتقليل عدد الناس المحرومين من الحصول بطريقة منتظمة على مياه شرب محسنة بشكل جذري لكن الكثير من الجهود في ذلك المجال تحققت في الهند والصين، وقال صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية التابعة للامم المتحدة في تقرير مشترك انه على الرغم من ان هدف المنظمة الدولية بخفض عدد الاشخاص المحرومين من مياه انظف الى النصف تحقق مبكرا الا ان هدف الوصول الى تحسن مماثل على صعيد الصرف الصحي بحلول 2015 لن يتحقق على الارجح، وقال الامين العام للامم المتحدة بان جي مون في التقرير "بعض المناطق خاصة افريقيا جنوبي الصحراء تتخلف عن الركب، واضاف "غالبا ما يفتقد الكثير من سكان الريف والفقراء التحسينات على صعيد مياه الشرب والصرف الصحي، وتابع "تقليل هذه الفوارق ينبغي أن يكون اولوية، وهدفا تحسين الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي جزء من اهداف تنمية الالفية وهي حزمة من الاهداف التي تبناها زعماء العالم في الامم المتحدة عام 2000 لمكافحة الفقر والجوع والمرض في الدول الفقيرة، وذكر التقرير ان اكثر من ملياري شخص اصبح متاحا لهم الحصول على ما تصفها الامم المتحدة بمصادر المياه "المحسنة" من 1990 الى 2010 بينما اصبحت نسبة سكان العالم الذين لا يزالون يستخدمون مصادر مياه غير امنة حاليا 11 بالمئة فقط انخفاضا من 24 بالمئة في 1990، وعلى الرغم من ذلك يحمل التقرير تحذيرا بين طياته. فبينما تتحدث اهداف تنمية الالفية عن الحصول على مياه شرب امنة يشير تقرير الامم المتحدة الى الحصول على مصادر مياه "محسنة" وهناك اختلاف جوهري بين الامرين. بحسب رويترز.

ويعرف التقرير مصادر المياه المحسنة على انها تلك المصادر المحمية من التلوث الخارجي خاصة مخلفات الصرف الصحي لكن ربما لا تكون المياه التي تحتويها تلك المصادر امنة للشرب، وحذر التقرير ان "من المرجح ان عدد الناس الذين يستخدمون امدادات مياه امنة مبالغا فيه، وهناك ايضا فوارق كبيرة جغرافيا اذ يحصل 90 بالمئة او اكثر على مياه شرب محسنة في امريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي وشمال افريقيا ومعظم انحاء اسيا بينما يحصل 61 بالمئة فقط على مصادر مياه اكثر امنا في منطقة افريقيا جنوب الصحراء، وبشكل عام في العالم النامي فان 86 بالمئة يحصلون بشكل منتظم على مياه اكثر امنا. لكن في الدول الافقر التي توصف بأنها "الاقل نموا" فان 63 بالمئة فقط ليهم مياه افضل، ويعني ذلك حسبما ورد في التقرير ان هدف مياه الشرب لم يتحقق لاكثر من 780 مليون شخص، وقال البنك الدولي ان الدول النامية حققت بالفعل فيما يبدو هدف الامم المتحدة بخفض نسب الفقر المدقع الى النصف في الدول الاكثر فقرا بحلول 2015 وذلك بفضل الازدهار الاقتصادي في الصين بشكل رئيسي، وبالمثل فان كثيرا من التحسينات على صعيد الحصول على المياه تنسب الى الصين ومعها الهند، وقال التقرير "تقدم الهند والصين... يمثل ما يقرب من نصف التقدم العالمي نحو هدف مياه الشرب، واضاف "اذا كان العالم النامي هو المعني فقط فان الصين والهند تمثلان اكثر من نصف الناس الذين حصلوا (على مصادر للمياه)، واشار التقرير الى عدم وجود غرابة في ذلك لان البلدين بهما 46 بالمئة من سكان العالم النامي، وعلى الرغم من ظهور تحسن على صعيد هدف متصل لتحسين الحصول على صرف صحي ملائم فان العالم النامي لا يسير على مسار تحقيق هذا الهدف، وذكر التقرير "عالميا فان 63 بالمئة من الناس يستخدمون مرافق صرف صحي محسنة بزيادة قدرها 1.8 مليار شخص تقريبا منذ 1990، ووفقا لمعدل التقدم الحالي يقول التقريران 67 بالمئة من العالم سيحصل على صرف صحي افضل وهو ما يقل عن الهدف المتفق عليه لعام 2015 وهو 75 بالمئة، وقالت باربره فروست مديرة جماعة النشطاء "ووتر ايد" في بيان بشأن تقرير الامم المتحدة "في ظل ان امراض الاسهال الناتجة عن الصرف الصحي غير الملائم هي اكبر قاتل للاطفال في افريقيا حاليا فانه ينبغي تحسين التقدم.

السكان والتغير المناخي

من جانب أخر يهدد النمو السكاني العالمي والاحترار المناخي الذي يفاقم من الفياضانات والجفاف، موارد المياه العذبة في حال لم تتخذ اي اجراءات لتحسين ادارتها على ما حذر التقرير العالمي الرابع للامم المتحدة حول المسألة، وشدد التقرير الذي شاركت في اعداده اليونسكو ونشر في افتتاح المنتدى العالمي السادس للمياه في مرسيليا ان استخراج المياه من الطبقات الجوفية "تضاعف ثلاث مرات على الاقل في السنوات الخمسين الاخيرة"، واضاف البيان "مهما كانت ضخامة كميات المياه التي تحويها هذه الخزانات، الا انها ستنضب في النهاية في حال لم تتم ادارة استخدامها بشكل صحيح لانها غير قابلة للتجدد". بحسب فرانس برس.

مع تجاوز عدد سكان العالم السبعة مليارات نسمة يتوقع ان ترتفع الحاجات الغذائية بنسبة 70 % بحلول العام 2050 مع طلب متزايد على المنتجات الحيوانية التي تتطلب كميات كبيرة من المياه، واشار التقرير الى ان "هذا الارتفاع في الطلب الغذائي سينكعس ارتفاعا بنسبة 19 % في المياه المستخدمة في القطاع الزراعي الذي يمثل راهنا 70 % من الاستهلاك العام للمياه". وقد تكون هذه الارقام اعلى بكثير في غياب اصلاحات عميقة لانماط الانتاج والمحاصيل الزراعية على ما افاد معدو التقرير، واعرب التقرير عن قلقه من الارتفاع الكبير في شراء الاراضي الزراعية في دول اخرى الذي انتقل من 20 مليون هكتار في العام 2009 الى اكثر من 70 مليونا اليوم. واشار الى ان الاتفاقات الموقعة بين الدول لا تلحظ المياه صراحة ،على صعيد الطلب على المياه للاستهلاك البشري فان الزيادة الكبيرة ستأتي من المدن خصوصا. فعدد سكان المدن سيتضاعف ليصل الى 6,3 مليارات نسمة بحلول العام 2050 مقارنة بالعام 2009، ويقول معدو التقرير "لا تلبى من الان حاجات عدد من سكان المدن على صعيد الحصول على المياه والمرافق الصحية المناسبة" مشيرين الى ان اكثر من 80 % من المياه المبتذلة في العالم لا تجمع او تعالج، والنوعية السيئة للمياه تؤذي الصحة وتفرض كلفة عالية على المجتمع. ويدعو التقرير الى مقاربة وقائية واشراك الاطراف الملوثة (صناعيون ومزارعون ومستهلكون) واصحاب القرار المحليين والمسؤولين عن توزيع المياه، في خطة لادارة سلامة المياه الصحية.

وينبغي كذلك بذل المزيد من اجل مواجهة التسارع المتوقع في الكوارث الطبيعية الناجمة عن الاحترار المناخي. فالمخاطر المرتبطة بالمياه باتت تشكل 90 % من المخاطر الطبيعية ولا سيما في جنوب آسيا وافريقيا الجنوبية مع انعاكسات مضرة جدا على الزراعة. وبحلول العام 2070 قد يطال ذلك اوروبا الوسطى والجنوبية، وهذه الضغوط قد تفاقم التباين الاقتصادي بين الدول على حساب الفقراء. ويشدد ريتشارد كونر المعد الرئيسي للتقرير ان "المياه هي الاساس الذي يستند اليه التطور الاجتماعي والاقتصادي، وبحسب توقعات معدي التقرير فان زيادة الحرارة بدرجتين في معدل وسطي عالمي قد يكلف 70 الى مئة مليار دولار سنويا في اطار عملية التكيف بين 2020 و2050 من بينها حوالى 20 مليارا لقطاع المياه.

الزراعة العربية

 حذر تقرير للامم المتحدة من ان الزراعة في المنطقة العربية تستهلك ما يصل الى 90 في المئة من موارد المياه ورغم ذلك يستورد العالم العربي نصف احتياجاته الغذائية بل وربما 70 في المئة من تلك الاحتياجات في بعض الدول، واكد تقرير الامم المتحدة الرابع عن تنمية المياه في العالم على الضرورة القصوى للتعاون في المنطقة العربية بشأن الموارد المائية المشتركة، وقالت خولة مطر مديرة مركز الامم المتحدة للاعلام بالقاهرة اثناء الاصدار العربي للتقرير ان الكلفة الاقتصادية لنوعية المياه السيئة في المنطقة العربية تتراوح بين 0.5 في المئة و2.5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، واضافت ان الزراعة تستهلك ما بين 70 في المئة الى 90 في المئة من المياه في المنطقة العربية لكنها تعجز عن توفير الاحتياجات الغذائية اذ تستورد المنطقة ما بين 40 في المئة الى 50 في المئة من تلك الاحتياجات. وتصل النسبة الى 70 في المئة في العراق واليمن،  وحذر التقرير الذي تصدره الامم المتحدة كل ثلاث سنوات من ان استهلاك المياه في الزراعة على مستوى العالم قد يزداد بنسبة 19 في المئة بحلول عام 2050 وقد تزيد النسبة على ذلك ما لم تتحسن جودة الانتاج الزراعي. بحسب رويترز.

وقالت مطر ان التقرير الرابع يركز على مسألة ادارة المياه في ظل "المخاطر وعدم اليقين" محليا وعالميا في ظرف دولي يتميز بأزمات الاقتصاد والمال والطاقة والغذاء وتلوح في افقه مخاطر التغير المناخي، وقال عبد العزيز زكي منسق برنامج علوم المياه في مكتب اليونسكو بالقاهرة ان من المتوقع ان يشهد العالم العربي ارتفاعا في درجة الحرارة يتراوح بين درجتين واربع درجات خلال الاعوام الخمسين القادمة، وحذر التقرير الذي جاء اصداره الدولي اثناء المنتدى العالمي السادس للمياه في مرسيليا بفرنسا من ان ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة العربية يهدد "بازدياد القحولة وتناقص رطوبة التربة ونسب بخر اعلى وتغيرات في التساقطات" بالنسبة للمطر، وقال ان ازدياد تكرر فترات الجفاف يمثل احد ابرز التحديات في المنطقة، واشار الى ان المغرب والجزائر والصومال وسوريا وتونس شهدت فترات جفاف مهمة خلال الاعوام العشرين الماضية، وقال ان دورة الجفاف في المغرب كانت سنة واحدة كل خمس سنين قبل عام 1990 لكنها اصبحت بعد ذلك العام سنة واحدة كل سنتين، وقال زكي ان المنطقة العربية تعتبر الافقر في موارد المياه على مستوى العالم، واشارت مطر الى ان المنطقة تعتبر اكثر منطقة بها نزاعات على مستوى العالم سواء في صورة حروب اهلية او نزاعات بين دول او احتلال، وقالت ان المنطقة العربية لديها ضرورة ملحة للنهوض "باطر الادارة المندمجة للمياه" التي تتكامل فيها الطرق التقليدية وغير التقليدية بالاضافة لضرورة توافر الارادة السياسية في هذا الشأن.

تحلية المياه

أكد عدد من الخبراء والمحللين في الشؤون المائية، أهمية مشاريع تحلية المياه باعتبارها ركيزة أساسية في تحقيق الأمن القومي للدول، من خلال صلتها الوثيقة بالزراعة والأمن الغذائي، بالإضافة إلى الاستقلال السياسي، وقال وزير المياه والري الأردني الأسبق، حازم الناصر، إن "أهمية مشاريع تحلية المياه في تحقيق الأمن الغذائي من خلال تحويل المياه إلى الاستخدامات الزراعية القائمة على أنظمة الري الدوري والدائم، وبالتالي دعم النمو الاقتصادي والأمن الغذائي، وأشار الناصر إلى أن "مشاريع تحلية المياه تعتبر ذات جدوى اقتصادية كبيرة، حيث أنها تخلق مياه عذبة جديدة، دون الضغط على الموارد الطبيعية واستنفاذ المقدرات البيئية في الدولة، وأضاف الناصر: "أثبتت مشاريع تحلية المياه جدواها في العديد من الدول وعلى رأسها الدول الخليجية، الأمر الذي يثبته قيام المملكة العربية السعودية بتخصيص 133 مليار دولار لدعم المشاريع المائية في السنوات العشر القادمة، من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي، حسام عايش، على أهمية مشاريع تحلية المياه في تحقيق الأمن القومي بقوله: "إن ثلثي مصادر المياه في العالم العربي تأتي من خارج أراضيه، وهو أمر يعتبر ضاغطاً على صانعي القرارات السياسية، وعدم القدرة على تحقيق الاستقلال لهذه السياسات. بحسب السي ان ان.

وأضاف عايش،"لابد من مناقشة المشاريع المائية بشكل عام ومشاريع تحلية المياه بشكل خاص على مستوى الدول العربية بشكل عام، من خلال مؤتمرات القمة وتبادل الوفود الاقتصادية وغيرها، وخصوصاً في الظروف الحالية التي تشهد فيها معظم الدول العربية مواسم جفاف قاحلة وتقلبات مناخية انعكست على معدلات الأمطار المتساقطة، وبين عايش "أن مشاريع تحلية المياه تعتبر باهظة جداً، حيث تكلف حولي المليار دولار للمشروع الواحد، الأمر الذي لا تستطيع عدد من الدول الفقيرة اقتصادياً تحملها، الأمر الذي يستدعي من الدول الغنية دعم هذه المشاريع في تلك الدول وتحقيق الأمن القومي واستقلالية السياسات التي ستصب في تحقيق المصلحة العامة للجميع.

حماية الموارد المائية

على صعيد أخر سواء كان الأمر يتعلق برصد تدفق المياه في نهر اليانغتسى فى الصين، أو تقييم مدى توفّر موارد المياه المتاحة في كابُل، أو توقع احتمالات حدوث الفيضانات والجفاف في المملكة العربية السعودية، فإن علماء من هيئة المسح الجيولوجي الأميركية ينتهجون شتى السبل في العديد من الأماكن لضمان أفضل استخدام لموارد المياه العذبة.

وفي هذا السياق، أصدرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية ملخصًا لأنشطتها الدولية في 6 نيسان/أبريل، مع توقّع بأن نطاق عملها خارج البلاد سيتوسع من خلال الشراكة العالمية للمياه التي أعلنت عنها وزيرة الخارجية هيلاري رودام كلينتون في اليوم العالمي للمياه، الموافق يوم 22 آذار/مارس، وقد أعلنت كلينتون التي وصفت الماء بأنه "عنصر أساسي للسلام والاستقرار والأمن في العالم"، عن الشراكة الجديدة للمنظمات، والتي تأهبت للتصدي للتحديات المائية التي تواجهها دول كثيرة في مختلف أنحاء العالم، وصرحت كلينتون قائلة "إننا نعتقد أن هذا سيساعد على رسم خريطة طريق تقودنا إلى عالم يتوفر فيه الماء بشكل يدعو للاطمئنان. عالم لا يموت فيه أحد بسبب الأمراض المتعلقة بالمياه، وحيث لا تعيق المياه التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وحيث لا تُخاض حروب في أي وقت بسبب الماء، وقد تعزز قرار الولايات المتحدة لتنظيم الشراكة من خلال التقييم العالمي الذي أجرته أجهزة الاستخبارات التي وجدت أن ندرة المياه يمكن أن تصبح أمرًا على قدر من الخطورة يكفي لتهديد استقرار بعض الدول ذات الأهمية الاستراتيجية في العقود القادمة، وتشجع الشراكة المائية التعاون بين الوكالات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات التي لا تبغي الربح والهيئات الأكاديمية والعلمية في الولايات المتحدة. وهذه الشراكات سوف تحشد المعرفة والخبرة والموارد اللازمة لتوفير المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي وتحسين إدارة الموارد المائية حول العالم وتحسين الأمن المائي في جميع أنحاء العالم.

وسوف تقوم هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، على وجه الخصوص، بتوفير الموارد التقنية للعلماء في الدول الأخرى للقيام بأنشطة من قبيل جمع البيانات واستحداث نماذج مائية (هيدرولوجية). ولدى علماء هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بالفعل تاريخ في تقديم المساعدة الدولية، وعلى الأرجح سيفعلون ذلك على أساس أشمل في الوقت الذي تقوم فيه الشراكة العالمية للمياه بزيادة أنشطتها.

وأفاد البيان الصادر في 6 نيسان/أبريل بأن "هيئة المسح الجيولوجي الأميركية تتوقع زيادة تواجدها الدولي، والمساهمة بعلوم الأرض لدعم الدول النامية والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وفيما يلي أبرز الأنشطة الدولية الراهنة التي تقوم بها هيئة المسح الجيولوجي الأميركية:

تقوم هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بتقييم مدى توافر المياه في أفغانستان، وتحليل أثر تنمية الموارد المعدنية على الموارد المائية. كما قامت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أيضا بتقييم توافر المياه في المواقع المحتملة لإعادة توطين اللاجئين العائدين، تساعد هيئة المسح الجيولوجي الأميركية البنك الدولي وحكومة المملكة العربية السعودية في عملية تقييم مخاطر الفيضانات والجفاف، تساعد هيئة المسح الجيولوجي الأميركية الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مجال التخطيط الاستراتيجي لإدارة موارد المياه في الأردن، مع التركيز على حالة إمدادات المياه الجوفية في الأردن، يعمل علماء هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بالاشتراك مع مكتب شؤون المياه التابع لوزارة الموارد المائية الصينية على مقارنة واختبار أجهزة لرصد تدفق التيارات المائية، وأدوات تصميم النماذج، وتحليل البيانات، وفي السلفادور، يقوم علماء هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بتقديم المساعدة التقنية من أجل إعادة بناء المحطات التالفة لرصد تدفق التيارات المائية في أحواض الأنهار الرئيسية قبل حلول موسم الأعاصير المقبل.

إن مساعدة الدول على توفير المياه النظيفة الصالحة للشرب لمواطنيها كان ومازال أحد أهداف السياسة الخارجية الأميركية منذ عام 2005. وفي كلمتها بمناسبة اليوم العالمي للمياه، قالت كلينتون إن توفير المياه النظيفة أمر أساسي وضروري لتحقيق الكثير من أهداف السياسة الخارجية. وأضافت قائلة إن التطلعات الرامية لإدخال تحسينات واسعة النطاق في مجال الصحة العالمية لا يمكن أن تتحقق دون توفر مصادر المياه النظيفة لمرافق الرعاية، ودون الحد من الأمراض التي تنقلها المياه. فلا يمكن القيام بتحسين الفرص للنساء والفتيات في مجالي التعليم والعمل عندما يتوجب عليهن تكريس الكثير من الوقت كل يوم من أجل السعي إلى، والحصول على، ونقل المياه اللازمة للاحتياجات المنزلية، بوصفها عضوًا في الشراكة العالمية للمياه التي تأسست مؤخرًا، تتهيأ هيئة المسح الجيولوجي الأميركية لتوسيع نطاق أعمالها الدولية – المتمثلة في مساعدة الدول على تقييم سبل توفر المياه وإمداداتها، ومن أين يمكن الحصول عليها، وكيف يتم استخدامها.

تحويل مياه المرحاض إلى مياه صالحة للشرب

على صعيد مختلف ابتكر جهاز لتحويل مياه المرحاض إلى مياه صالحة للشرب بيل غيتس الأكثر ثراءً من بين من انقطعوا عن جامعة هارفارد، يساعد الملياردير الأمريكي "بيل غيتس" في تمويل جهاز جديد يحول مياه المرحاض على مياه صالحة للشرب، تقول إحدى العاملين على الجهاز الجديد من جامعة مانشستر "إن الجهاز الجديد سيساعد الدول الفقيرة التي يجتاحها الجفاف على مدار العام على تامين مياه الشرب من المياه الملوثة لديهم".

 وتضيف : "طرحت الفكرة في بادئ الأمر من قبل "بيل غيتس" ونحن نقوم هنا بالأبحاث اللازمة التي ستساعدنا على تطبيقها سريعاً، ويعمل الجهاز الجديد على فصل المواد الموجودة في الفضلات البشرية واستخدام المفيد منها من خلال تقنية النانو كما يساعد على استخلاص الهيدروجين الموجود وتحويله إلى هيدرازين المستخدم في وقود الصواريخ، ويقول العديد من العلماء أن الجهاز الجديد سيكون الخط الرفيع بين الموت والحياة لدى العديد من ادول التي يصيبها الجفاف بشكر مستمر، قدمت مؤسسة بيل ومليندا غيتس للأعمال الخيرية 100 ألف دولار لدعم الأبحاث والتطوير على الجهاز الجديد، كما يتوقع فريق العلماء أن يتلقوا مليون دولار إضافية العام المقبل في حال استطاعوا تحديد المواد الكيماوية التي يجب استخلاصها بشكل تام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 15/نيسان/2012 - 24/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م